صفحة جزء
طوع

طوع : الطوع : نقيض الكره . طاعه يطوعه وطاوعه ، والاسم الطواعة والطواعية . ورجل طيع أي طائع . ورجل طائع وطاع مقلوب ، كلاهما : مطيع كقولهم : عاقني عائق وعاق ، ولا فعل لطاع ; قال :


حلفت بالبيت ، وما حوله من عائذ بالبيت أو طاع



وكذلك مطواع ومطواعة ، قال المتنخل الهذلي :

إذا سدته سدت مطواعة ومهما وكلت إليه كفاه

اللحياني : أطعته وأطعت له . ويقال أيضا : وطعت له وأنا أطيع طاعة . ولتفعلنه طوعا أو كرها ، وطائعا أو كارها . وجاء فلان طائعا غير مكره ، والجمع طوع . قال الأزهري : من العرب من يقول : طاع له يطوع طوعا ، فهو طائع ، بمعنى أطاع ، وطاع يطاع لغة جيدة . قال ابن سيده : وطاع يطاع أطاع لان وانقاد ، وأطاعه إطاعة وانطاع له كذلك . وفي التهذيب : وقد طاع له يطوع إذا انقاد له ، بغير ألف ، فإذا مضى لأمره فقد أطاعه ، فإذا وافقه فقد طاوعه ; وأنشد ابن بري للرقاص الكلبي :


سنان معد في الحروب أداتها     وقد طاع منهم سادة ودعائم



وأنشد للأحوص :

وقد قادت فؤادي في هواها     وطاع لها الفؤاد وما عصاها

وفي الحديث : فإن هم طاعوا لك بذلك . ورجل طيع أي طائع . قال : والطاعة اسم من أطاعه طاعة ، والطواعية اسم لما يكون مصدرا لطاوعه ، وطاوعت المرأة زوجها طواعية . قال ابن السكيت : يقال : طاع له وأطاع سواء ، فمن قال : طاع يقال : يطاع ، ومن قال : أطاع قال : يطيع ، فإذا جئت إلى الأمر فليس إلا أطاعه ، يقال : أمره فأطاعه ، بالألف ، طاعة لا غير . وفي الحديث : هوى متبع وشح مطاع ، هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله . وفي الحديث : لا طاعة في معصية الله ; يريد طاعة ولاة الأمر إذا أمروا بما فيه معصية كالقتل والقطع أو نحوه ، وقيل : معناه أن الطاعة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية ، وإنما تصح الطاعة وتخلص مع اجتناب المعاصي ، قال : الأول أشبه بمعنى الحديث ، لأنه قد جاء مقيدا في غيره ، كقوله : لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، وفي رواية : وفي معصية الخالق . والمطاوعة : الموافقة ، والنحويون ربما سموا الفعل اللازم مطاوعا . ورجل مطواع ، أي مطيع . وفلان حسن الطواعية لك مثل الثمانية ، أي حسن الطاعة لك . ولسانه لا يطوع بكذا ، أي لا يتابعه . وأطاع النبت وغيره : لم يمتنع على آكله . وأطاع له المرتع إذا اتسع له المرتع وأمكنه الرعي ، قال الأزهري : وقد يقال : في هذا الموضع طاع ، قال أوس بن حجر :


كأن جيادهن ، برعن زم     جراد قد أطاع له الوارق



أنشده أبو عبيد ، وقال : الوراق خضرة الأرض من الحشيش والنبات وليس من الورق . وأطاع له المرعى : اتسع وأمكن الرعي منه ، قال الجوهري : وقد يقال : في هذا المعنى طاع له المرتع . وأطاع التمر : حان صرامه وأدرك ثمره وأمكن أن يجتنى . وأطاع النخل والشجر إذا أدرك . وأنا طوع يدك ، أي منقاد لك . وامرأة طوع الضجيج : منقادة له ، قال النابغة :


فارتاع من صوت كلاب ، فبات له     طوع الشوامت ، من خوف ومن صرد



يعني بالشوامت الكلاب ، وقيل : أراد بها القوائم ، وفي التهذيب : يقال : فلان طوع المكاره إذا كان معتادا لها ملقى إياها ، وأنشد بيت النابغة ، وقال : طوع الشوامت بنصب العين ورفعها ، فمن رفع أراد بات له ما أطاع شامته من البرد والخوف ; أي بات له ما اشتهى شامته وهو طوعه ; ومن ذلك تقول : اللهم لا تطيعن بنا شامتا ; أي لا تفعل بي ما يشتهيه ويحبه ، ومن نصب أراد بالشوامت قوائمه ، واحدتها شامتة ، يقول : فبات الثور طوع قوائمه أي بات قائما . وفرس طوع العنان : سلسه .

وناقة طوعة القياد وطوع القياد وطيعة القياد : لينة لا تنازع قائدها . وتطوع للشيء وتطوعه ، كلاهما : حاوله ، والعرب تقول : علي أمرة مطاعة . وطوعت له نفسه قتل أخيه ، قال [ ص: 159 ] الأخفش : مثل طوقت له ومعناه رخصت وسهلت ، حكى الأزهري عن الفراء : معناه فتابعت نفسه ، وقال المبرد : فطوعت له نفسه فعلت من الطوع ، وروي عن مجاهد أنها فطوعت له نفسه شجعته ، قال أبو عبيد : عنى مجاهد أنها أعانته على ذلك وأجابته إليه ، قال : ولا أدري أصله إلا من الطواعية ; قال الأزهري : والأشبه عندي أن يكون معنى طوعت سمحت وسهلت له نفسه قتل أخيه ; أي جعلت نفسه بهواها المردي ، قتل أخيه سهلا وهويته ، قال : وأما على قول الفراء والمبرد : فانتصاب قوله : قتل أخيه على إفضاء الفعل إليه ، كأنه قال : فطوعت له نفسه ; أي انقادت في قتل أخيه ولقتل أخيه ; فحذف الخافض وأفضى الفعل إليه فنصبه . قال الجوهري : والاستطاعة الطاقة ، قال ابن بري : هو كما ذكر ، إلا أن الاستطاعة للإنسان خاصة ، والإطاقة عامة ، تقول : الجمل مطيق لحمله ، ولا تقل مستطيع ، فهذا الفرق ما بينهما ، قال : ويقال الفرس صبور على الحضر . والاستطاعة : القدرة على الشيء ، وقيل : هي استفعال من الطاعة ، قال الأزهري : والعرب تحذف التاء فتقول : استطاع يسطيع ، قال : وأما قوله تعالى : فما اسطاعوا أن يظهروه ; فإن أصله استطاعوا بالتاء ، ولكن التاء والطاء من مخرج واحد ، فحذفت التاء ليخف اللفظ ، ومن العرب من يقول : استاعوا بغير طاء ; قال : ولا يجوز في القراءة ، ومنهم من يقول : أسطاعوا بألف مقطوعة ، والمعنى فما أطاعوا فزادوا السين ، قال : قال ذلك الخليل وسيبويه ; عوضا من ذهاب حركة الواو ، لأن الأصل في أطاع أطوع ، ومن كانت هذه لغته قال في المستقبل : يسطيع ، بضم الياء ، وحكي عن ابن السكيت ; قال : يقال : ما أسطيع وما أسطيع وما أستيع ، وكان حمزة الزيات يقرأ : فما اسطاعوا بإدغام الطاء والجمع بين ساكنين ، وقال أبو إسحاق الزجاج : من قرأ بهذه القراءة فهو لاحن مخطئ ، زعم ذلك الخليل ، ويونس ، وسيبويه ، وجميع من يقول : بقولهم ، وحجتهم في ذلك أن السين ساكنة ، وإذا أدغمت التاء في الطاء صارت طاء ساكنة ، ولا يجمع بين ساكنين ، قال : ومن قال أطرح حركة التاء على السين ، فأقرأ فما أسطاعوا ، فخطأ أيضا لأن سين استفعل لم تحرك قط . قال ابن سيده : واستطاعه واسطاعه وأسطاعه واستاعه وأستاعه أطاقه ، فاستطاع على قياس التصريف ، وأما اسطاع موصولة ; فعلى حذف التاء لمقارنتها الطاء في المخرج ، فاستخف بحذفها كما استخف بحذف أحد اللامين في ظلت ، وأما أسطاع مقطوعة ; فعلى أنهم أنابوا السين مناب حركة العين في أطاع ، التي أصلها أطوع ، وهي مع ذلك زائدة ; فإن قال قائل : إن السين عوض ليست بزائدة ; قيل : إنها وإن كانت عوضا من حركة الواو فهي زائدة ، لأنها لم تكن عوضا من حرف قد ذهب ، كما تكون الهمزة في عطاء ونحوه ، قال ابن جني : وتعقب أبو العباس على سيبويه هذا القول ، فقال : إنما يعوض من الشيء إذا فقد وذهب ، فأما إذا كان موجودا في اللفظ فلا وجه للتعويض منه ، وحركة العين التي كانت في الواو قد نقلت إلى الطاء التي في الفاء ، ولم تعدم وإنما نقلت ، فلا وجه للتعويض من شيء موجود غير مفقود ، قال : وذهب عن أبي العباس ما في قول سيبويه ، هذا من الصحة ، فإما غالط وهي من عادته معه ، وإما زل في رأيه هذا ، والذي يدل على صحة قول سيبويه في هذا ، وأن السين عوض من حركة عين الفعل ، أن الحركة التي هي الفتحة ، وإن كانت كما قال أبو العباس : موجودة ، منقولة إلى الفاء ، إما فقدتها العين ، فسكنت بعدما كانت متحركة ، فوهنت بسكونها ، ولما دخلها من التهيؤ للحذف عند سكون اللام ، وذلك لم يطع وأطع ، ففي كل هذا قد حذف العين لالتقاء الساكنين ، ولو كانت العين متحركة لما حذفت ; لأنه لم يك هناك التقاء ساكنين ، ألا ترى أنك لو قلت أطوع يطوع ولم يطوع وأطوع زيدا لصحت العين ولم تحذف ؟ فلما نقلت عنها الحركة وسكنت سقطت ، لاجتماع الساكنين فكان هذا توهينا وضعفا لحق العين ; فجعلت السين عوضا من سكون العين الموهن لها ، المسبب لقلبها وحذفها ، وحركة الفاء بعد سكونها لا تدفع عن العين ما لحقها من الضعف بالسكون ، والتهيؤ للحذف عند سكون اللام ، ويؤكد ما قال سيبويه : من أن السين عوض من ذهاب حركة العين ; أنهم قد عوضوا من ذهاب حركة هذه العين حرفا آخر غير السين ، وهو الهاء ، في قول من قال : أهرقت ، فسكن الهاء وجمع بينها وبين الهمزة ، فالهاء هنا عوض من ذهاب فتحة العين ، لأن الأصل أروقت ، أو أريقت ، والواو عندي أقيس ، لأمرين : أحدهما أن كون عين الفعل واوا ، أكثر من كونها ياء ، فيما اعتلت عينه ، والآخر أن الماء إذا هريق ظهر جوهره وصفا ، فراق رائيه ، فهذا أيضا يقوي كون العين منه واوا ، على أن الكسائي قد حكى راق الماء يريق ، إذا انصب وهذا قاطع بكون العين ياء ، ثم إنهم جعلوا الهاء عوضا من نقل فتحة العين عنها إلى الفاء ، كما فعلوا ذلك في أسطاع ، فكما لا يكون أصل أهرقت استفعلت ، كذلك ينبغي أن لا يكون أصل أسطعت استفعلت ، وأما من قال : استعت ، فإنه قلب الطاء تاء ، ليشاكل بها السين ، لأنها أختها في الهمس ، وأما ما حكاه سيبويه من قولهم : يستيع ، فإما أن يكونوا أرادوا يستطيع ، فحذفوا الطاء كما حذفوا لام ظلت ، وتركوا الزيادة كما تركوها في يبقى ، وإما أن يكونوا أبدلوا التاء مكان الطاء ، ليكون ما بعد السين مهموسا مثلها ، وحكى سيبويه ما أستتيع بتاءين ، وما أستيع ، وعد ذلك في البدل ، وحكى ابن جني استاع يستيع ، فالتاء بدل من الطاء لا محالة ، قال سيبويه : زادوا السين عوضا من ذهاب حركة العين من أفعل . وتطاوع للأمر وتطوع به وتطوعه : تكلف استطاعته . وفي التنزيل : فمن تطوع خيرا فهو خير له ، قال الأزهري : ومن يطوع خيرا ، والأصل فيه يتطوع ، فأدغمت التاء في الطاء ، وكل حرف أدغمته في حرف نقلته إلى لفظ المدغم فيه ، ومن قرأ : ومن تطوع خيرا ، على لفظ الماضي فمعناه للاستقبال ، قال : وهذا قول حذاق النحويين . ويقال : تطاوع لهذا الأمر حتى تستطيعه . والتطوع : ما تبرع به من ذات نفسه مما لا يلزمه فرضه ، كأنهم جعلوا التفعل هنا اسما كالتنوط . والمطوعة : الذين يتطوعون بالجهاد ، أدغمت التاء في الطاء كما قلناه في قوله : ومن يطوع خيرا ، ومنه قوله تعالى : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين وأصله المتطوعين فأدغم . وحكى أحمد بن يحيى [ ص: 160 ] " المطوعة " ، بتخفيف الطاء وشد الواو ، ورد عليه أبو إسحاق ذلك . وفي حديث أبي مسعود البدري في ذكر المطوعين من المؤمنين : قال ابن الأثير : أصل المطوع المتطوع ، فأدغمت التاء في الطاء ، وهو الذي يفعل الشيء تبرعا من نفسه ، وهو تفعل من الطاعة ، وطوعة : اسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية