صفحة جزء
طوف

طوف : طاف به الخيال طوفا : ألم به في النوم ، وسنذكره في طيف أيضا ; لأن الأصمعي يقول : طاف الخيال يطيف طيفا ، وغيره يطوف . وطاف بالقوم وعليهم طوفا وطوفانا ومطافا وأطاف : استدار وجاء من نواحيه . وأطاف فلان بالأمر إذا أحاط به ، وفي التنزيل العزيز : يطاف عليهم بآنية من فضة ، وقيل : طاف به حام حوله . وأطاف به وعليه : طرقه ليلا . وفي التنزيل العزيز : فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ، ويقال أيضا : أطاف وقال الفراء في قوله - عز وجل - : فطاف عليها طائف ، قال : لا يكون الطائف إلا ليلا ، ولا يكون نهارا ، وقد تتكلم به العرب ; فيقولون أطفت به نهارا ، وليس موضعه بالنهار ، ولكنه بمنزلة قولك لو ترك القطا ليلا لنام لأن القطا لا يسري ليلا ، وأنشد أبو الجراح :


أطفت بها نهارا غير ليل وألهى ربها طلب الرجال



وطاف بالنساء لا غير . وطاف حول الشيء يطوف طوفا وطوفانا وتطوف واستطاف كله بمعنى . ورجل طاف : كثير الطواف . وتطوف الرجل أي طاف ، وطوف أي أكثر الطواف ، وطاف بالبيت وأطاف عليه : دار حوله ; قال أبو خراش :


تطيف عليه الطير ، وهو ملحب     خلاف البيوت عند محتمل الصرم



وقوله عز وجل : وليطوفوا بالبيت العتيق ، هو دليل على أن الطواف بالبيت يوم النحر فرض . واستطافه : طاف به . ويقال : طاف بالبيت طوافا واطوف اطوافا ، والأصل تطوف تطوفا وطاف طوفا وطوفانا . والمطاف : موضع المطاف حول الكعبة . وفي الحديث ذكر الطواف بالبيت ، وهو الدوران حوله ، تقول : طفت أطوف طوفا وطوافا ، والجمع الأطواف . وفي الحديث : كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة تقول : من يعيرني تطوافا ؟ تجعله على فرجها . قال : هذا على حذف المضاف أي ذا تطواف ، ورواه بعضهم بكسر التاء ، قال : وهو الثوب الذي يطاف به ، قال : ويجوز أن يكون مصدرا . والطائف : مدينة بالغور ، يقال : إنما سميت طائفا للحائط الذي كانوا بنوا حولها في الجاهلية المحدق بها الذي حصنوها به . والطائف : بلاد ثقيف . والطائفي : زبيب عناقيده متراصفة الحب كأنه منسوب إلى الطائف . وأصابه طوف من الشيطان وطائف وطيف ، وطيف الأخيرة على التخفيف ، أي مس . وفي التنزيل العزيز : إذا مسهم طائف من الشيطان ، وطيف ، وقال الأعشى :


وتصبح عن غب السرى ، وكأنما     أطاف بها من طائف الجن أولق



قال الفراء : الطائف والطيف سواء ، وهو ما كان كالخيال ، والشيء يلم بك ، قال أبو العيال الهذلي :


ومنحتني جداء ، حين منحتني     فإذا بها ، وأبيك ، طيف جنون



وأطاف به أي ألم به وقاربه ، قال بشر :


أبو صبية شعث يطيف بشخصه     كوالح ، أمثال اليعاسيب ، ضمر



وروي عن مجاهد في قوله تعالى : إذا مسهم طائف ، قال : الغضب ، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس . قال أبو منصور : الطيف في كلام العرب الجنون ، رواه أبو عبيد عن الأحمر ، قال : وقيل للغضب طيف لأن عقل من استفزه الغضب يعزب حتى يصير في صورة المجنون الذي زال عقله ، قال : وينبغي للعاقل إذا أحس من نفسه إفراطا في الغضب أن يذكر غضب الله على المسرفين ، فلا يقدم على ما يوبقه ، ويسأل الله توفيقه للقصد في جميع الأحوال إنه الموفق له . وقال الليث : كل شيء يغشى البصر من وسواس الشيطان فهو طيف ، وسنذكر عامة ذلك في طيف ؛ لأن الكلمة يائية وواوية . وطاف في البلاد طوفا وتطوافا ، وطوف : سار فيها . والطائف : العاس بالليل . والطائف العسس ، والطوافون : الخدم والمماليك . وقال الفراء في قوله عز وجل : طوافون عليكم بعضكم على بعض ، قال : هذا كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم ، قال : فلو كان نصبا كان صوابا مخرجه من عليهم . وقال أبو الهيثم : الطائف هو الخادم الذي يخدمك برفق وعناية ، وجمعه الطوافون . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهرة : إنما هي من الطوافات في البيت ، أي من خدم البيت ، وفي طريق آخر : إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات ، والطواف فعال ، شبهها بالخادم الذي يطوف على مولاه ويدور حوله ، أخذا من قوله - عز وجل - : ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم ، ولما كان فيهم ذكور وإناث ، قال : الطوافين والطوافات ، قال : ومنه الحديث : لقد طوفتما بي الليلة ، يقال : طوف تطويفا وتطوافا . والطائفة من الشيء : جزء منه . وفي التنزيل العزيز : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ، قال مجاهد : الطائفة الرجل الواحد إلى الألف ، وقيل : [ ص: 161 ] الرجل الواحد فما فوقه ، وروي عنه أيضا أنه قال : أقله رجل ، وقال عطاء : أقله رجلان . يقال : طائفة من الناس وطائفة من الليل . وفي الحديث : لا تزال طائفة من أمتي على الحق ، الطائفة : الجماعة من الناس ، وتقع على الواحد كأنه أراد نفسا طائفة ; وسئل إسحاق بن راهويه عنه فقال : الطائفة دون الألف وسيبلغ هذا الأمر إلى أن يكون عدد المتمسكين بما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ألفا يسلي بذلك أن لا يعجبهم كثرة أهل الباطل . وفي حديث عمران بن حصين وغلامه الآبق : لأقطعن منه طائفا ; هكذا جاء في رواية ، أي بعض أطرافه ، ويروى بالباء والقاف . والطائفة : القطعة من الشيء ; وقول أبي كبير الهذلي :


تقع السيوف على طوائف منهم     فيقام منهم ميل من لم يعدل



قيل : عنى بالطوائف النواحي ، الأيدي والأرجل . والطوائف من القوس : ما دون السية ، يعني بالسية ما اعوج من رأسها وفيها طائفان ، وقال أبو حنيفة : طائف القوس ما جاوز كليتها من فوق وأسفل إلى منحنى تعطيف القوس من طرفها . قال ابن سيده : وقضينا على هاتين الكلمتين بالواو لكونها عينا مع أن ط و ف أكثر من ط ي ف . وطائف القوس : ما بين السية والأبهر ، وجمعه طوائف ; وأنشد ابن بري :


ومصونة دفعت ، فلما أدبرت     دفعت طوائفها على الأقيال



وطاف يطوف طوفا . وأطاف اطيافا : تغوط وذهب إلى البزار . والطوف : النجو . وفي الحديث : لا يتناجى اثنان على طوفهما . ومنه : نهي عن متحدثين على طوفهما أي عند الغائط . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : لا يصلين أحدكم وهو يدافع الطوف ما كان من ذلك بعد الرضاع الأحمر . يقال : لأول ما يخرج من بطن الصبي : عقي فإذا رضع فما كان بعد ذلك قيل : طاف يطوف طوفا ، وزاد ابن الأعرابي ; فقال : اطاف يطاف اطيافا إذا ألقى ما في جوفه ، وأنشد :


عشيت جابان حتى استد مغرضه     وكاد ينقد إلا أنه اطافا



جابان : اسم جمل . وفي حديث لقيط : ما يبسط أحدكم يده إلا وقع عليها قدح مطهرة من الطوف والأذى ، الطوف : الحدث من الطعام ، المعنى من شرب تلك الشربة طهر من الحدث والأذى ، وأنث القدح لأنه ذهب بها إلى الشربة . والطوف : قرب ينفخ فيها ويشد بعضها ببعض فتجعل كهيئة سطح فوق الماء يحمل عليها الميرة والناس ، ويعبر عليها ويركب عليها في الماء ويحمل عليها ، وهو الرمث ، قال : وربما كان من خشب . والطوف : خشب يشد ويركب عليه في البحر ، والجمع أطواف ، وصاحبه طواف . قال أبو منصور : الطوف التي يعبر عليها في الأنهار الكبار تسوى من القصب والعيدان يشد بعضها فوق بعض ثم تقمط بالقمط حتى يؤمن انحلالها ، ثم تركب ويعبر عليها ، وربما حمل عليها الجمل على قدر قوته وثخانته ، وتسمى العامة ، بتخفيف الميم . ويقال : أخذه بطوف رقبته وبطاف رقبته مثل صوف رقبته . والطوف : القلد . وطوف القصب : قدر ما يسقاه . والطوف والطائف : الثور الذي يدور حوله البقر في الدياسة . والطوفان : الماء الذي يغشى كل مكان ، وقيل : المطر الغالب الذي يغرق من كثرته ، وقيل : الطوفان الموت العظيم . وفي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الطوفان الموت ، وقيل : الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا محيطا مطيفا بالجماعة كلها كالغرق الذي يشتمل على المدن الكثيرة . والقتل الذريع والموت الجارف يقال له : طوفان ، وبذلك كله فسر قوله تعالى : فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ، وقال :


غير الجدة من آياتها     خرق الريح ، وطوفان المطر



وفي حديث عمرو بن العاص : وذكر الطاعون فقال لا أراه إلا رجزا أو طوفانا ، أراد بالطوفان البلاء ، وقيل الموت . قال ابن سيده : وقال الأخفش الطوفان جمع طوفانة ، والأخفش ثقة ; قال : وإذا حكى الثقة شيئا لزم قبوله ، قال أبو العباس : وهو من طاف يطوف ، قال : والطوفان مصدر مثل الرجحان والنقصان ولا حاجة به إلى أن يطلب له واحدا . ويقال لشدة سواد الليل : طوفان . والطوفان : ظلام الليل ; قال العجاج :


حتى إذا ما يومها تصبصبا     وعم طوفان الظلام الأثأبا



عم : ألبس ، والأثأب : شجر شبه الطرفاء إلا أنه أكبر منه . وطوف الناس والجراد إذا ملئوا الأرض كالطوفان ; قال الفرزدق :


على من وراء الردم لو دك عنهم     لماجوا كما ماج الجراد وطوفوا



التهذيب في قوله تعالى : فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد ، قال الفراء : أرسل الله عليهم السماء سبتا فلم تقلع ليلا ولا نهارا ، فضاقت بهم الأرض فسألوا موسى أن يرفع عنهم فرفع فلم يتوبوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية