صفحة جزء
طير

طير : الطيران : حركة ذي الجناح في الهواء بجناحه ، طار الطائر يطير طيرا وطيرانا وطيرورة ، عن اللحياني ، وكراع ، وابن قتيبة ، وأطاره وطيره وطار به ، يعدى بالهمزة وبالتضعيف وبحرف الجر . الصحاح : وأطاره غيره وطيره وطايره بمعنى . والطير : معروف اسم لجماعة ما يطير ، مؤنث ، والواحد طائر والأنثى طائرة ، وهي قليلة ; التهذيب : وقلما يقولون طائرة للأنثى ; فأما قوله : أنشده الفارسي :


هم أنشبوا صم القنا في نحورهم وبيضا تقيض البيض من حيث طائر



فإنه عنى بالطائر الدماغ وذلك من حيث قيل له : فرخ ; قال :


ونحن كشفنا ، عن معاوية ، التي     هي الأم تغشى كل فرخ منقنق



عنى بالفرخ الدماغ كما قلنا . وقوله : " منقنق " إفراطا من القول ، ومثله قول ابن مقبل :

كأن نزو فراخ الهام ، بينهم ، نزو القلات ، زهاها قال قالينا وأرض مطارة : كثيرة الطير . فأما قوله تعالى : أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ; فإن معناه أخلق خلقا أو جرما ، وقوله : فأنفخ فيه ، الهاء عائدة إلى الطير ، ولا يكون منصرفا إلى الهيئة لوجهين : أحدهما أن الهيئة أنثى والضمير مذكر ، والآخر أن النفخ لا يقع في الهيئة لأنها نوع من أنواع العرض ، والعرض لا ينفخ فيه ، وإنما يقع النفخ في الجوهر ; قال : وجميع هذا قول الفارسي ، قال : وقد يجوز أن يكون الطائر اسما للجمع كالجامل والباقر ، وجمع الطائر أطيار . وهو أحد ما كسر على ما يكسر عليه مثله ; فأما الطيور فقد تكون جمع طائر كساجد وسجود ، وقد تكون جمع طير الذي هو اسم للجمع ، وزعم قطرب أن الطير يقع للواحد ; قال ابن سيده : ولا أدري كيف ذلك إلا أن يعني به المصدر ، وقرئ : فيكون طيرا بإذن الله ; وقال ثعلب : الناس كلهم يقولون للواحد طائر ، وأبو عبيدة معهم ، ثم انفرد فأجاز أن يقال : طير للواحد ، وجمعه على طيور ، قال الأزهري : وهو ثقة . الجوهري : الطائر جمعه طير مثل صاحب وصحب وجمع الطير طيور وأطيار مثل فرخ وأفراخ . وفي الحديث : الرؤيا لأول عابر وهي على رجل طائر ; قال : كل حركة من كلمة أو جار يجري ، فهو طائر مجازا ، أراد : على رجل قدر جار ، وقضاء ماض ، من خير أو شر ، وهي لأول عابر يعبرها ، أي أنها إذا احتملت تأويلين أو أكثر ، فعبرها من يعرف عباراتها ، وقعت على ما أولها ، وانتفى عنها غيره من التأويل ، وفي رواية أخرى : الرؤيا على رجل طائر ، ما لم تعبر ، أي لا يستقر تأويلها حتى تعبر ، يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت ، كما أن الطير لا يستقر في أكثر أحواله ، فكيف ما يكون على رجله ؟ وفي حديث أبي بكر والنسابة : فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء ; لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله أبي سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة بعير فرقها على رءوس الجبال فأكلتها الطير . وفي حديثأبي ذر : تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم ، يعني أنه استوفى بيان الشريعة وما يحتاج إليه من الدين حتى لم يبق مشكل ، فضرب ذلك مثلا ، وقيل : أراد أنه لم يترك شيئا إلا بينه ، حتى بين لهم أحكام الطير وما يحل منه وما يحرم ، وكيف يذبح ، وما الذي يفدي منه المحرم إذا أصابه ، وأشباه ذلك ، ولم يرد أن في الطير علما سوى ذلك علمهم إياه ورخص لهم أن يتعاطوا زجر الطير كما كان يفعله أهل الجاهلية . وقوله عز وجل : ولا طائر يطير بجناحيه ; قال ابن جني : هو من التطوع المشام للتوكيد لأنه قد علم أن الطيران لا يكون إلا بالجناحين ، وقد يجوز أن يكون قوله : بجناحيه مفيدا ، وذلك أنه قد قالوا :


طاروا علاهن فشل علاها



وقال العنبري :


طاروا إليه زرافات ووحدانا



ومن أبيات الكتاب :


وطرت بمنصلي في يعملات



فاستعملوا الطيران في غير ذي الجناح . فقوله تعالى : ولا طائر يطير بجناحيه ; على هذا مفيد ، أي ليس الغرض تشبيهه بالطائر ذي الجناحين بل هو الطائر بجناحيه ألبتة . والتطاير : التفرق والذهاب ، ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - : سمعت من يقول : إن الشؤم في الدار والمرأة فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض أي كأنها تفرقت وتقطعت قطعا من شدة الغضب . وفي حديث عروة حتى تطايرت شئون رأسه أي تفرقت فصارت قطعا . وفي حديث ابن مسعود : فقدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا اغتيل أو استطير أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته أو اغتاله أحد . والاستطارة : والتطاير : التفرق والذهاب . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : فأطرت الحلة بين نسائي أي فرقتها بينهن وقسمتها فيهن . قال ابن الأثير : وقيل : الهمزة أصلية ، وقد تقدم . وتطاير الشيء : طار وتفرق . ويقال للقوم إذا كانوا هادئين ساكنين : كأنما على رءوسهم الطير ، وأصله أن الطير لا يقع إلا على شيء ساكن من الموات فضرب مثلا للإنسان ووقاره وسكونه . وقال الجوهري : كأن على رءوسهم الطير إذا سكنوا من هيبة ، وأصله أن الغراب يقع على رأس البعير ; فيلتقط منه الحلمة والحمنانة ، فلا يحرك البعير رأسه لئلا ينفر عنه الغراب . ومن أمثالهم في الخضب وكثرة الخير ، قولهم : هو في شيء لا يطير غرابه . ويقال : أطير الغراب فهو مطار ، قال النابغة :

[ ص: 172 ]


ولرهط حراب وقد سورة     في المجد ، ليس غرابها بمطار



وفلان ساكن الطائر أي وقور لا حركة له من وقاره ، حتى كأنه لو وقع عليه لسكن ذلك الطائر ، وذلك أن الإنسان لو وقع عليه طائر فتحرك أدنى حركة لفر ذلك الطائر ولم يسكن ، ومنه قول بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكأن الطير فوق رءوسنا أي كأن الطير وقعت فوق رءوسنا فنحن نسكن ولا نتحرك خشية من نفار ذلك الطير . والطير : الاسم من التطير ، ومنه قولهم : لا طير إلا طير الله ، كما يقال : لا أمر إلا أمر الله ; وأنشد الأصمعي ، قال : أنشدناه الأحمر :


تعلم أنه لا طير إلا     على متطير ، وهو الثبور



بلى ! شيء يوافق بعض شيء ، أحايينا ، وباطله كثير

وفي صفة الصحابة ، رضوان الله عليهم : كأن على رءوسهم الطير ; وصفهم بالسكون والوقار وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة . وفي فلان طيرة وطيرورة أي خفة وطيش ; قال الكميت :


وحلمك عز ، إذا ما حلمت     وطيرتك الصاب والحنظل



ومنه قولهم : ازجر أحناء طيرك أي جوانب خفتك وطيشك . والطائر : ما تيمنت به أو تشاءمت ، وأصله في ذي الجناح . وقالوا للشيء يتطير به من الإنسان وغيره . طائر الله لا طائرك ، فرفعوه على إرادة : هذا طائر الله ، وفيه معنى الدعاء ، وإن شئت نصبت أيضا ، وقال ابن الأنباري : معناه فعل الله وحكمه لا فعلك وما تتخوفه ; وقال اللحياني : يقال : طير الله لا طيرك وطائر الله لا طائرك وصباح الله لا صباحك ، قال : يقولون هذا كله إذا تطيروا من الإنسان ، النصب على معنى نحب طائر الله ، وقيل بنصبهما على معنى أسأل الله طائر الله لا طائرك ; قال : والمصدر منه الطيرة ; وجرى له الطائر بأمر كذا ، وجاء في الشر ; قال الله عز وجل : ألا إنما طائرهم عند الله ; المعنى ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به في الآخرة لا ما ينالهم في الدنيا ، وقال بعضهم : طائرهم حظهم ; قال الأعشى :


جرت لهم طير النحوس بأشأم



وقال أبو ذؤيب :


زجرت لهم طير الشمال ، فإن تكن     هواك الذي تهوى ، يصبك اجتنابها



وقد تطير به ، والاسم الطيرة والطيرة والطورة . وقال أبو عبيد : الطائر عند العرب الحظ ، وهو الذي تسميه العرب البخت . وقال الفراء : الطائر معناه عندهم العمل ، وطائر الإنسان عمله الذي قلده ، وقيل رزقه ، والطائر الحظ من الخير والشر . وفي حديث أم العلاء الأنصارية : اقتسمنا المهاجرين فطار لنا عثمان بن مظعون أي حصل نصيبنا منهم عثمان ، ومنه حديث رويفع : إن كان أحدنا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليطير له النصل وللآخر القدح ، معناه أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه . وطائر الإنسان : ما حصل له في علم الله مما قدر له . ومنه الحديث : بالميمون طائره ، أي بالمبارك حظه ، ويجوز أن يكون أصله من الطير السانح والبارح . وقوله عز وجل : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ; وقيل حظه ، وقيل عمله ، وقال المفسرون : ما عمل من خير أو شر ألزمناه عنقه إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا ، والمعنى فيما يرى أهل النظر : أن لكل امرئ الخير والشر قد قضاه الله فهو لازم عنقه ، وإنما قيل للحظ من الخير والشر : طائر لقول العرب : جرى له الطائر بكذا من الشر ، على طريق الفأل والطيرة على مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سببا ، فخاطبهم الله بما يستعملون ، وأعلمهم أن ذلك الأمر الذي يسمونه بالطائر يلزمه ، وقرئ طائره وطيره ، والمعنى فيهما قيل : عمله خيره وشره ، وقيل : شقاؤه وسعادته ، قال أبو منصور : والأصل في هذا كله أن الله تبارك وتعالى لما خلق آدم ; علم قبل خلقه ذريته أنه يأمرهم بتوحيده وطاعته وينهاهم عن معصيته ، وعلم المطيع منهم والعاصي الظالم لنفسه ; فكتب ما علمه منهم أجمعين ، وقضى بسعادة من علمه مطيعا ، وشقاوة من علمه عاصيا ، فصار لكل من علمه ما هو صائر إليه عند حسابه ، فذلك قوله عز وجل : وكل إنسان ألزمناه طائره ; أي ما طار له بدءا في علم الله من الخير والشر ، وعلم الشهادة عند كونهم يوافق علم الغيب ، والحجة تلزمهم بالذي يعملون ; وهو غير مخالف لما علمه الله منهم قبل كونهم . والعرب تقول : أطرت المال وطيرته بين القوم فطار لكل منهم سهمه ; أي صار له وخرج لديه سهمه ، ومنه قول لبيد يذكر ميراث أخيه بين ورثته وحيازة كل ذي سهم منه سهمه :


تطير عدائد الأشراك شفعا     ووترا والزعامة للغلام

والأشراك : الأنصباء ، واحدها شرك . وقوله : شفعا ووترا ; أي قسم لهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وخلصت الرياسة والسلاح للذكور من أولاده . وقوله عز وجل : في قصة ثمود وتشاؤمهم بنبيهم المبعوث إليهم صالح عليه السلام : قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله ; معناه ما أصابكم من خير وشر فمن الله ، وقيل : معنى قولهم : اطيرنا تشاءمنا ، وهو في الأصل تطيرنا ، فأجابهم الله تعالى فقال : طائركم معكم ; أي شؤمكم معكم ، وهو كفرهم ، وقيل للشؤم طائر وطير وطيرة ؛ لأن العرب كان من شأنها عيافة الطير وزجرها ، والتطير ببارحها ونعيق غرابها وأخذها ذات اليسار إذا أثاروها ، فسموا الشؤم طيرا وطائرا وطيرة لتشاؤمهم بها ، ثم أعلم الله جل ثناؤه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن طيرتهم بها باطلة . وقال : لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ; وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتفاءل ولا يتطير ، وأصل الفأل الكلمة الحسنة يسمعها عليل فيتأول منها ما يدل على برئه كأن سمع مناديا نادى رجلا اسمه سالم ، وهو عليل ، فأوهمه [ ص: 173 ] سلامته من علته ، وكذلك المضل يسمع رجلا يقول : يا واجد فيجد ضالته ، والطيرة مضادة للفأل ، وكانت العرب مذهبها في الفأل والطيرة واحد ، فأثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - الفأل واستحسنه ، وأبطل الطيرة ونهى عنها . والطيرة من اطيرت وتطيرت ، ومثل الطيرة الخيرة . الجوهري : تطيرت من الشيء وبالشيء ، والاسم منه الطيرة ، بكسر الطاء وفتح الياء ، مثال العنبة وقد تسكن الياء ، وهو ما يتشاءم به من الفأل الرديء . وفي الحديث : أنه كان يحب الفأل ويكره الطيرة ، قال ابن الأثير : وهو مصدر تطير طيرة وتخير خيرة ، قال : ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما ، قال : وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الظباء والطير وغيرهما ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ولا دفع ضرر ، ومنه الحديث : ثلاثة لا يسلم منها أحد : الطيرة والحسد والظن ، قيل : فما نصنع ؟ قال : إذا تطيرت فامض وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تصحح . وقوله تعالى : قالوا اطيرنا بك وبمن معك ; أصله تطيرنا ، فأدغمت التاء في الطاء ، واجتلبت الألف ليصح الابتداء بها . وفي الحديث : الطيرة شرك وما منا إلا . . . ولكن الله يذهبه بالتوكل ، قال ابن الأثير : هكذا جاء الحديث مقطوعا ولم يذكر المستثنى ، أي إلا قد يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهة ، فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع ، وهذا كحديثه الآخر : ما فينا إلا من هم أو لم إلا يحيى بن زكريا ، فأظهر المستثنى ، وقيل : إن قوله : وما منا إلا من قول ابن مسعود أدرجه في الحديث ، وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن الطير تجلب لهم نفعا أو تدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله في ذلك ، وقوله : ولكن الله يذهبه بالتوكل ، معناه أنه إذا خطر له عارض التطير ، فتوكل على الله وسلم إليه ، ولم يعمل بذلك الخاطر غفره الله له ولم يؤاخذه به . وفي الحديث : إياك وطيرات الشباب ، أي زلاتهم وعثراتهم ، جمع طيرة . ويقال للرجل الحديد السريع الفيئة : إنه لطيور فيور . وفرس مطار : حديد الفؤاد ماض . والتطاير والاستطارة ، التفرق . واستطار الغبار ، إذا انتشر في الهواء . وغبار طيار ومستطير : منتشر . وصبح مستطير : ساطع منتشر ، وكذلك البرق والشيب والشر . وفي التنزيل العزيز : ويخافون يوما كان شره مستطيرا . واستطار الفجر وغيره ، إذا انتشر في الأفق ضوءه فهو مستطير ، وهو الصبح الصادق البين الذي يحرم على الصائم الأكل والشرب والجماع ، وبه تحل صلاة الفجر ، وهو الخيط الأبيض الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز ، وأما الفجر المستطيل باللام ; فهو المستدق الذي يشبه بذنب السرحان ، وهو الخيط الأسود ولا يحرم على الصائم شيئا . وهو الصبح الكاذب عند العرب . وفي حديث السجود والصلاة ذكر الفجر المستطير ; هو الذي انتشر ضوءه واعترض في الأفق ، خلاف المستطيل ، وفي حديث بني قريظة :


وهان على سراة بني لؤي     حريق بالبويرة ، مستطير



أي منتشر متفرق كأنه طار في نواحيها . ويقال للرجل إذا ثار غضبه : ثار ثائره ، وطار طائره ، وفار فائره . وقد استطار البلى في الثوب والصدع في الزجاجة : تبين في أجزائهما . واستطارت الزجاجة : تبين فيها الانصداع من أولها إلى آخرها . واستطار الحائط : انصدع من أوله إلى آخره واستطار فيه الشق : ارتفع . ويقال : استطار فلان سيفه ، إذا انتزعه من غمده مسرعا ، وأنشد :


إذا استطيرت من جفون الأغماد     فقأن بالصقع يرابيع الصاد



واستطار الصدع في الحائط إذا انتشر فيه . واستطار البرق إذا انتشر في أفق السماء . يقال : استطير فلان يستطار استطارة ، فهو مستطار إذا ذعر ، وقال عنترة :


متى ما تلقني ، فردين ، ترجف     روانف أليتيك وتستطارا



واستطير الفرس ، فهو مستطار إذا أسرع الجري ; وقول عدي :


كأن ريقه شؤبوب غادية     لما تقفى رقيب النقع مسطارا



قيل : أراد مستطارا فحذف التاء ، كما قالوا : اسطعت واستطعت . وتطاير الشيء : طال . وفي الحديث : خذ ما تطاير من شعرك ; وفي رواية : من شعر رأسك ; أي طال وتفرق . واستطير الشيء أي طير ; قال الراجز :


إذا الغبار المستطار انعقا



وكلب مستطير كما يقال : فحل هائج . ويقال : أجعلت الكلبة واستطارت إذا أرادت الفحل . وبئر مطارة : واسعة الفم ; قال الشاعر :


كأن حفيفها ، إذ بركوها     هوي الريح في جفر مطار



وطير الفحل الإبل : ألقحها كلها ، وقيل : إنما ذلك إذا أعجلت اللقح ، وقد طيرت هي لقحا ولقاحا كذلك أي عجلت باللقاح ، وقد طارت بآذانها إذا لقحت ، وإذا كان في بطن الناقة حمل ، فهي ضامن ، ومضمان وضوامن ومضامين ، والذي في بطنها ملقوحة وملقوح ; وأنشد :


طيرها تعلق الإلقاح     في الهيج قبل كلب الرياح



وطاروا سراعا أي ذهبوا . ومطار ومطار ، كلاهما : موضع ; واختار ابن حمزة مطارا ; بضم الميم ، وهكذا أنشد هذا البيت :


حتى إذا كان على مطار



والروايتان جائزتان مطار ومطار ، وسنذكر ذلك في مطر . وقال أبو حنيفة : مطار واد فيما بين السراة وبين الطائف . والمسطار من الخمر : أصله مستطار في قول بعضهم وتطاير السحاب في السماء إذا عمها . والمطير : ضرب من البرود ; وقول العجير السلولي :


إذا ما مشت ، نادى بما في ثيابها [ ص: 174 ]     ذكي الشذا ، والمندلي المطير



قال أبو حنيفة : المطير هنا ضرب من صنعته ، وذهب ابن جني إلى أن المطير العود ، فإذا كان كذلك كان بدلا من المندلي لأن المندلي العود الهندي أيضا ، وقيل : هو مقلوب عن المطرى ; قال ابن سيده : ولا يعجبني ; وقيل : المطير المشقق المكسر ، قال ابن بري : المندلي منسوب إلى مندل بلد بالهند يجلب منه العود ; قال ابن هرمة :


أحب الليل أن خيال سلمى     إذا نمنا ، ألم بنا فزارا
كأن الركب ، إذ طرقتك     باتوا بمندل أو بقارعتي قمارا



وقمار أيضا : موضع بالهند يجلب منه العود . وطار الشعر طال ; وقول الشاعر أنشده ابن الأعرابي :


طيري بمخراق أشم كأنه     سليم رماح ، لم تنله الزعانف



طيري أي اعلقي به . ومخراق : كريم ، لم تنله الزعانف أي النساء الزعانف ، أي لم يتزوج لئيمة قط . سليم رماح أي قد أصابته رماح مثل سليم الحية . والطائر : فرس قتادة بن جرير . وذو المطارة : جبل . وقوله في الحديث : رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه ; أي يجريه في الجهاد فاستعار له الطيران . وفي حديث وابصة : فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره أي مال إلى جهة يهواها وتعلق بها . والمطار : موضع الطيران .

التالي السابق


الخدمات العلمية