صفحة جزء
[ عتق ]

عتق : العتق : خلاف الرق وهو الحرية ، وكذلك العتاق بالفتح والعتاقة عتق العبد يعتق عتقا وعتقا وعتاقا وعتاقة فهو عتيق وعاتق ، وجمعه عتقاء وأعتقته أنا فهو معتق وعتيق ، والجمع [ ص: 27 ] كالجمع وأمة عتيق وعتيقة في إماء عتائق ، وفي الحديث : لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ، قال ابن الأثير : وقوله : فيعتقه ليس معناه استئناف العتق فيه بعد الشراء ; لأن الإجماع منعقد أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال ، وإنما معناه أنه إذا اشتراه فدخل في ملكه عتق عليه ، فلما كان الشراء سببا لعتقه أضيف العتق إليه ، وإنما كان هذا جزاء له ; لأن العتق أفضل ما ينعم به أحد على أحد إذ خلصه بذلك من الرق ، وجبر به النقص الذي له وتكمل له أحكام الأحرار في جميع التصرفات ، وفلان مولى عتاقة ومولى عتيق ومولاة عتيقة وموال عتقاء ونساء عتائق : وذلك إذا أعتقن ، وحلف بالعتاق ، أي : الإعتاق ، وعتيق : اسم الصديق - رضي الله عنه - ، قيل : سمي بذلك ; لأن الله تبارك وتعالى أعتقه من النار ، واسمه عبد الله بن عثمان روت عائشة أن أبا بكر دخل على النبي ، فقال : يا أبا بكر أنت عتيق الله من النار فمن يومئذ سمي عتيقا ، وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : أنه سمي عتيقا ; لأنه أعتق من النار سماه به النبي ، وقيل : كان يقال له عتيق لجماله ، وعتقت عليه يمين تعتق : سبقت وتقدمت وكذلك عتقت بالضم ، أي : قدمت ووجبت كأنه حفظها فلم يحنث ، وعتقت مني يمين ، أي : سبقت وأنشد لأوس بن حجر :


علي ألية عتقت قديما فليس لها وإن طلبت مرام



أي : لزمتني ، وقيل : أي ليس لها حيلة وإن طلبت ، أبو زيد : أعتق يمينه ، أي : ليس لها كفارة ، وعتقت الفرس تعتق وعتقت عتقا : سبقت الخيل فنجت ، وفرس عاتق : سابق ، ورجل معتاق الوسيقة إذا طرد طريدة سبق بها ، وقيل : سبق بها وأنجاها ، قال أبو المثلم يرثي صخرا :


حامي الحقيقة نسال الوديقة مع     تاق الوسيقة لا نكس ولا واني



قال : ولا يقال معناق ، والعاتق : الناهض من فراخ القطا ، قال أبو عبيد : ونرى أنه من السبق على أنه يعتق ، أي : يسبق ، يقال : هذا فرخ قطاة عاتق إذا كان قد استقل وطار ، وعتاق الطير : الجوارح منها ، والأرحبيات العتاق : النجائب منها ، وقيل : العاتق من الطير فوق الناهض وهو في أول ما يتحسر ريشه الأول ، وينبت له ريش جلذي ، أي : شديد ، وقيل : العاتق من الحمام ما لم يسن ويستحكم والجمع عتق ، وجارية عاتق : شابة ، وقيل : العاتق البكر التي لم تبن عن أهلها ، وقيل : هي التي بين التي أدركت وبين التي عنست ، والعاتق : الجارية التي قد أدركت وبلغت فخدرت في بيت أهلها ، ولم تتزوج سميت بذلك ; لأنها عتقت عن خدمة أبويها ، ولم يملكها زوج بعد ، قال الفارسي : وليس بقوي ، قال الشاعر :


أقيدي دما يا أم عمرو هرقته     بكفيك يوم الستر إذ أنت عاتق



وقيل : العاتق الجارية التي قد بلغت أن تدرع وعتقت من الصبا والاستعانة بها في مهنة أهلها سميت عاتقا بها ، والجمع في ذلك كله عواتق ، قال زهير بن مسعود الضبي :


ولم تثق العواتق من غيور     بغيرته وخلين الحجالا



وفي الحديث : خرجت أم كلثوم بنت عقبة وهي عاتق قبل هجرتها ، قال ابن الأثير : العاتق الشابة أول ما تدرك ، وقيل : هي التي لم تبن من والديها ولم تتزوج ، وقد أدركت وشبت ، ويجمع على العتق ، ومنه حديث أم عطية : أمرنا أن نخرج في العيدين الحيض والعتق وفي رواية : العواتق ، يقال : عتقت الجارية فهي عاتق مثل حاضت فهي حائض ، وكل شيء بلغ إناه فقد عتق ، والعتيق : الكريم الرائع من كل شيء والخيار من كل شيء : التمر والماء والبازي والشحم ، والعتق : الكرم ، يقال : ما أبين العتق في وجه فلان يعني الكرم ، والعتق : الجمال ، وفرس عتيق : رائع كريم بين العتق ، وقد عتق عتاقة ، والاسم العتق والجمع العتاق ، وامرأة عتيقة : جميلة كريمة وقوله :


هجان المحيا عوهج الخلق سربلت     من الحسن سربالا عتيق البنائق



يعني حسن البنائق جميلها ، والعتق : الشجر التي يتخذ منها القسي العربية ، عن أبي حنيفة ، قال : يراد به كرم القوس لا العتق الذي هو القدم ، وقال مرة عن أبي زياد : العتق الشجر التي تعمل منها القسي ، قال : كذا بلغني عن أبي زياد والذي نعرفه العتق ، والعتيق : فحل من النخل معروف لا تنفض نخلته ، وعتيق الطير : البازي ، قال لبيد :


فانتضلنا وابن سلمى قاعد     كعتيق الطير يغضى ويجل



ابن سلمى : النعمان ، وإنما ذكر مقامته مع الربيع بين يدي النعمان ، ابن الأعرابي : كل شيء بلغ النهاية في جودة أو رداءة أو حسن أو قبح فهو عتيق وجمعه عتق ، والعاتقة من القوس : مثل العاتكة وهي التي قدمت واحمرت ، والعتيق : القديم من كل شيء حتى قالوا : رجل عتيق ، أي : قديم ، وفي الحديث : عليكم بالأمر العتيق ، أي : القديم الأول ، ويجمع على عتاق كشريف وشراف ، ومنه حديث ابن مسعود : إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي أراد بالعتاق الأول : السور اللاتي أنزلت أولا بمكة ، وأنها من أول ما تعلمه من القرآن ، وقد عتق عتقا وعتاقة ، أي : قدم وصار عتيقا ، وكذلك عتق يعتق مثل دخل يدخل فهو عاتق ودنانير عتق وعتقته أنا تعتيقا وفي التنزيل : وليطوفوا بالبيت العتيق ، وفي حديث ابن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إنما سمى الله البيت العتيق ; لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط والبيت العتيق بمكة لقدمه ; لأنه أول بيت وضع للناس ؛ قال الحسن : هو البيت القديم دليله قوله تعالى : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ، وقيل لأنه أعتق من الغرق أيام الطوفان ؛ دليله قوله تعالى : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ، وهذا دليل على أن البيت رفع وبقي مكانه ، وقيل : إنه أعتق من الجبابرة ولم يدعه منهم أحد ، وقيل : سمي عتيقا ; لأنه لم يملكه [ ص: 28 ] أحد والأول أولى ، وقال بعض حذاق اللغويين : العتق للموات كالخمر والتمر والقدم للموات والحيوان جميعا ، وخمر عتيقة : قديمة حبست زمانا في ظرفها فأما قول الأعشى :


وكأن الخمر العتيق من الإس     فنط ممزوجة بماء زلال



فإنه قد يوجه على تذكير الخمر ، فإما أن يكون تذكير الخمر معروفا ، وإما أن يكون وجهها على إرادة الشراب ، ومثله كثير أعني الحمل على المعنى قال أبو حنيفة : وإن شئت جعلت فعيلا هنا في معنى مفعول ، كما تقول : عين كحيل فتكون الخمر مؤنثة على اللغة المشهورة ، ويقال لجيد الشراب عاتق ، والعاتق : الخمر القديمة ، قال حسان :


كالمسك تخلطه بماء سحابة     أو عاتق كدم الذبيح مدام



وقد عتقت الخمر وعتقها ، والمعتقة : من أسماء الطلاء والخمر ، قال الأعشى :


وسبيئة مما تعتق بابل     كدم الذبيح سلبتها جريالها



والمعتقة : الخمر التي عتقت زمانا حتى عتقت ، والعاتق : كالعتيقة ، وقيل : هي التي لم يفض أحد ختامها كالجارية العاتق ، وقيل : هي لم تقتض ، قال لبيد :


أغلي السباء بكل أدكن عاتق     أو جونة قدحت وفض ختامها



وبكرة عتيقة إذا كانت نجيبة كريمة ، وقال أعرابي : لا نعد البكرة بكرة حتى تسلم من القرحة والعرة فإذا برئت منهما فقد عتقت وثبتت ويروى نبتت ، وعتقت : قدمت وكل ذلك عن ابن الأعرابي ، وقال ثعلب : قد عتقت بالفتح تعتق عتقا ، أي : نجت فسبقت ، وأعتقها صاحبها ، أي : أعجلها وأنجاها ، وعتق السمن وعتق : يعني قدم عن اللحياني ، والعتيق : الماء ، وقيل : الطلاء والخمر ، وقيل : اللبن ، وعتق بفيه يعتق إذا بزم وعض ، والعتق : صلاح المال ، وعتق المال عتقا : صلح وعتقه وأعتقه فعتق : أصلحه فصلح وعتق فلان بعد استعلاج يعتق فهو عتيق : رق وصار عتيقا وهو رقة الجلد ، أي : رقت بشرته بعد الغلظ والجفاء وعتق التمر وغيره وعتق فهو عتيق : رق جلده ، وعتق يعتق إذا صار قديما ، وقال أبو حنيفة : العتيق اسم للتمر علم وأنشد قول عنترة :


كذب العتيق وماء شن بارد     إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي



قيل : إنه أراد بالعتيق التمر الذي قد عتق خاطب امرأته حين عاتبته على إيثار فرسه بألبان إبله ، فقال لها : عليك بالتمر والماء البارد وذري اللبن لفرسي الذي أحميك على ظهره ، وقال : هو الماء نفسه ، وهذه الأبيات قيل إنها لعنترة ، وقال ابن خالويه : إنها لخزز بن لوذان السدوسي ، وهي :


كذب العتيق وماء شن بارد     إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي
لا تنكري فرسي وما أطعمته     فيكون لونك مثل لون الأجرب
إني لأخشى أن تقول حليلتي :     هذا غبار ساطع فتلبب
إن الرجال لهم إليك وسيلة     أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
ويكون مركبك القلوص وظله     وابن النعامة يوم ذلك مركبي



قال : والعتيق التمر الشهريز ، وجمعه عتق ، والعاتق : ما بين المنكب والعنق مذكر قد أنث وليس بثبت ، وزعموا أن هذا البيت مصنوع وهو :


لا نسب اليوم ولا خلة     اتسع الفتق على الراتق
لا صلح بيني فاعلموه ولا     بينكم ما حملت عاتقي
سيفي وما كنا بنجد وما     قرقر قمر الواد بالشاهق



قال ابن بري : والعاتق مؤنثة ، واستشهد بهذه الأبيات ، ونسبها لأبي عامر جد العباس بن مرداس ، وقال : ومن روى البيت الأول :


اتسع الخرق على الراقع



فهو لأنس بن العباس بن مرداس ، قال اللحياني : هو مذكر لا غير وهما عاتقان والجمع عتق وعتق وعواتق ، ورجل أميل العاتق : معوج موضع الرداء ، والعاتق : الزق الواسع الجيد ، وبه فسر بعضهم قول لبيد :


أغلى السباء بكل أدكن عاتق



وقد تقدم ؛ قال الأزهري : جعل العاتق زقا لما رآه نعتا للأدكن ، وإنما أراد بالعاتق جيد الخمر ، وهو كقوله : أو جونة قدحت ، وإنما قدح ما فيها ، والجونة : الخابية والقدح : الغرف ، وقال الجوهري : هو الزق الذي طابت رائحته ، وقوله بكل يعني من كل والسباء : اشتراء الخمر ، والعاتق أيضا : المزادة الواسعة ، والمعتقة : ضرب من العطر ، وأبو عتيق : كنية ، ومنه ابن أبي عتيق هذا الماجن المعروف وإنما قيل : قنطرة عتيقة بالهاء وقنطرة جديد بلا هاء ; لأن العتيقة بمعنى الفاعلة والجديد بمعنى المفعولة ليفرق بين ما له الفعل وبين ما الفعل واقع عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية