صفحة جزء
[ عثر ]

عثر : عثر يعثر ويعثر عثرا وعثارا وتعثر : كبا وأرى اللحياني حكى عثر في ثوبه يعثر عثارا وعثر وأعثره وعثره ، وأنشد ابن الأعرابي :


فخرجت أعثر في مقادم جبتي لولا الحياء أطرتها إحضارا



هكذا أنشده أعثر على صيغة ما لم يسم فاعله ، قال : ويروى أعثر ، والعثرة : الزلة ، ويقال : عثر به فرسه فسقط ، وتعثر لسانه : تلعثم ، وفي الحديث : لا حليم إلا ذو عثرة ، أي : لا يحصل له الحلم ويوصف به حتى يركب الأمور وتنخرق عليه ويعثر فيها فيعتبر بها ، ويستبين مواضع الخطإ فيجتنبها ويدل عليه قوله بعده : ولا حليم إلا ذو تجربة ، والعثرة : المرة من العثار في المشي ، وفي الحديث : لا تبدأهم بالعثرة ، أي : بالجهاد والحرب ; لأن الحرب كثيرة العثار فسماها بالعثرة نفسها أو على حذف المضاف ، أي : بذي العثرة يعني ادعهم إلى الإسلام أولا أو الجزية فإن لم يجيبوا فبالجهاد ، وعثر جده يعثر ويعثر : تعس على المثل ، وأعثره الله : أتعسه ؛ قال الأزهري : عثر الرجل يعثر عثرة وعثر الفرس عثارا ، قال : وعيوب الدواب تجيء على فعال مثل العضاض والعثار والخراط والضراح والرماح وما شاكلها ، ويقال : لقيت منه عاثورا ، أي : شدة ، والعثار والعاثور : ما عثر به ، ووقعوا في عاثور شر ، أي : في اختلاط من شر وشدة على المثل أيضا ، والعاثور : ما أعده ليوقع فيه آخر ، والعاثور من الأرضين : المهلكة قال ذو الرمة :


ومرهوبة العاثور ترمي بركبها     إلى مثله حرف بعيد مناهله



وقال العجاج :


وبلدة كثيرة العاثور



يعني المتالف ، ويروى : مرهوبة العاثور ، وهذا البيت نسبه الجوهري لرؤبة قال ابن بري : هو للعجاج وأول القصيدة :


جاري لا تستنكري عذيري



وبعده :


زوراء تمطو في بلاد زور



والزوراء : الطريق المعوجة ، وذهب يعقوب إلى أن الفاء في عافور بدل من الثاء في عاثور وللذي ذهب إليه وجه ، قال : إلا أنا إذا وجدنا للفاء وجها نحملها فيه على أنه أصل لم يجز الحكم بكونها بدلا فيه إلا على قبح وضعف تجويز ، وذلك أنه يجوز أن يكون قولهم وقعوا في عافور ، فاعولا من العفر ; لأن العفر من الشدة أيضا ، ولذلك قالوا عفريت لشدته ، والعاثور : حفرة تحفر للأسد ليقع فيها للصيد أو غيره ، والعاثور : البئر وربما وصف به قال بعض الحجازيين :


ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     وذكرك لا يسري إلي كما يسري ؟



[ ص: 34 ]

وهل يدع الواشون إفساد بيننا     وحفر الثأى العاثور من حيث لا ندري ؟



وفي الصحاح : وحفرا لنا العاثور ، قال ابن سيده : يكون صفة ويكون بدلا ، الأزهري : يقول هل أسلو عنك حتى لا أذكرك ليلا إذ خلوت وأسلمت لما بي ؟ والعاثور ضربه مثلا لما يوقعه فيه الواشي من الشر ، وأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


فهل تفعل الأعداء إلا كفعلهم     هوان السراة وابتغاء العواثر ؟



فقد يكون جمع عاثور وحذف الياء للضرورة ، ويكون جمع جد عاثر ، والعثر : الاطلاع على سر الرجل ، وعثر على الأمر يعثر عثرا وعثورا : اطلع ، وأعثرته عليه : أطلعته ، وفي التنزيل العزيز : وكذلك أعثرنا عليهم ، أي : أعثرنا عليهم غيرهم فحذف المفعول ؛ وقال تعالى : فإن عثر على أنهما استحقا إثما ، معناه فإن اطلع على أنهما قد خانا ، وقال الليث : عثر الرجل يعثر عثورا إذا هجم على أمر لم يهجم عليه غيره ، وعثر العرق بتخفيف الثاء : ضرب عن اللحياني ، والعثير بتسكين الثاء ، والعثيرة : العجاج الساطع ، قال :


ترى لهم حول الصقعل عثيره



يعني الغبار ، والعثيرات : التراب ، حكاه سيبويه ، ولا تقل في العثير التراب عثيرا ; لأنه ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء إلا ضهيد ، وهو مصنوع معناه الصلب الشديد ، والعيثر كالعثير ، وقيل : هو كل ما قلبت من تراب أو مدر أو طين بأطراف أصابع رجليك إذا مشيت لا يرى من القدم أثر غيره ، فيقال : ما رأيت له أثرا ولا عيثرا ، والعيثر والعثير : الأثر الخفي مثال الغيهب ، وفي المثل : ما له أثر ولا عثير ، ويقال : ولا عيثر مثال فيعل ، أي : لا يعرف راجلا فيتبين أثره ولا فارسيا فيثير الغبار فرسه ، وقيل : العيثر أخفى من الأثر ، وعيثر الطير : رآها جارية فزجرها قال المغيرة بن حبناء التميمي :


لعمر أبيك يا صخر بن ليلى     لقد عيثرت طيرك لو تعيف



يريد : لقد أبصرت وعاينت ، وروى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال : بنيت سلحون مدينة باليمن في ثمانين أو سبعين سنة ، وبنيت براقش ومعين بغسالة أيديهم فلا يرى لسلحين أثر ولا عيثر وهاتان قائمتان ، وأنشد قول عمرو بن معديكرب :


دعانا من براقش أو معين     فأسمع واتلأب بنا مليع



ومليع : اسم طريق ، وقال الأصمعي : العيثر تبع لأثر ، ويقال : العيثر عين الشيء وشخصه في قوله : ما له أثر ولا عيثر ، ويقال : كانت بين القوم عيثرة وغيثرة وكأن العيثرة دون الغيثرة ، وتركت القوم في عيثرة وغيثرة ، أي : في قتال دون قتال ، والعثر : العقاب وقد ورد في حديث الزكاة : ما كان بعلا أو عثريا ففيه العشر ، قال ابن الأثير : هو من النخل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة ، وقيل : هو العذي ، وقيل : ما يسقى سيحا والأول أشهر قال الأزهري : والعثر والعثري العذي وهو ما سقته السماء من النخل ، وقيل : هو من الزرع ما سقي بماء السيل والمطر ، وأجري إليه الماء من المسايل وحفر له عاثور ، أي : أتي يجري فيه الماء إليه ، وجمع العاثور عواثير ، وقال ابن الأعرابي : هو العثري بتشديد الثاء ورد ذلك ثعلب ، فقال : إنما هو بتخفيفها وهو الصواب قال الأزهري : ومن هذا يقال : فلان وقع في عاثور شر وعافور شر إذا وقع في ورطة لم يحتسبها ولا شعر بها ، وأصله الرجل يمشي في ظلمة الليل فيتعثر بعاثور المسيل أو في خد خده سيل المطر فربما أصابه منه وثء أو عنت أو كسر ، وفي الحديث : إن قريشا أهل أمانة من بغاها العواثير كبه الله لمنخريه ويروى : العواثر ، أي : بغى لها المكايد التي يعثر بها كالعاثور الذي يخد في الأرض فيتعثر به الإنسان إذا مر ليلا وهو لا يشعر به فربما أعنته ، والعواثير : جمع عاثور وهو المكان الوعث الخشن ; لأنه يعثر فيه ، وقيل : هو الحفرة التي تحفر للأسد واستعير هنا للورطة والخطة المهلكة ، قال ابن الأثير : وأما عواثر فهي جمع عاثر وهي حبالة الصائد أو جمع عاثرة ، وهي الحادثة التي تعثر بصاحبها من قولهم : عثر بهم الزمان إذا أخنى عليهم ، والعثر والعثر : الكذب الأخيرة عن ابن الأعرابي ، وعثر عثرا : كذب ؛ عن كراع ، يقال : فلان في العثر والبائن يريد في الحق والباطل ، والعاثر : الكذاب ، والعثري : الذي لا يجد في طلب دنيا ولا آخرة ، وقال ابن الأعرابي : هو العثري على لفظ ما تقدم عنه ، وفي الحديث : أبغض الناس إلى الله تعالى العثري ، قيل : هو الذي ليس في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة ، يقال : جاء فلان عثريا إذا جاء فارغا وجاء عثريا أيضا بشد الثاء ، وقيل : هو من عثري النخل سمي به ; لأنه لا يحتاج في سقيه إلى تعب بدالية وغيرها كأنه عثر على الماء عثرا بلا عمل من صاحبه فكأنه نسب إلى العثر وحركة الثاء من تغييرات النسب ، وقال مرة : جاء رائقا عثريا ، أي : فارغا دون شيء ، قال أبو العباس : وهو غير العثري الذي جاء في الحديث مخفف الثاء وهذا مشدد الثاء ، وفي الحديث : أنه مر بأرض تسمى عثرة فسماها خضرة ، العثرة من العثير وهو الغبار ، والياء زائدة والمراد بها الصعيد الذي لا نبات فيه ، وورد في الحديث : هي أرض عثيرة ، وعثر : موضع باليمن ، وقيل : هي أرض مأسدة بناحية تبالة على فعل ولا نظير لها إلا خضم وبقم وبذر وفي قصيد كعب بن زهير :


من خادر من ليوث الأسد مسكنه     ببطن عثر غيل دونه غيل



وقال زهير بن أبي سلمى :


ليث بعثر يصطاد الرجال إذا     ما الليث كذب عن أقرانه صدقا



وعثر مخففة : بلد باليمن ، وأنشد الأزهري في آخر هذه الترجمة للأعشى :


فباتت وقد أورثت في الفؤا     د صدعا يخالط عثارها



[ ص: 35 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية