صفحة جزء
[ عدا ]

عدا : العدو : الحضر ، عدا الرجل والفرس وغيره يعدو عدوا وعدوا وعدوانا وتعداء ، وعدى : أحضر ، قال رؤبة :


من طول تعداء الربيع في الأنق



وحكى سيبويه : أتيته عدوا ، وضع فيه المصدر على غير الفعل ، وليس في كل شيء قيل ذلك إنما يحكى منه ما سمع ، وقالوا : هو مني عدوة الفرس ، رفع ، تريد أن تجعل ذلك مسافة ما بينك وبينه ، وقد أعداه إذا حمله على الحضر ، وأعديت فرسي : استحضرته ، وأعديت في منطقك أي جرت ، ويقال : للخيل المغيرة : عادية ، قال الله تعالى : والعاديات ضبحا ، قال ابن عباس : هي الخيل ، وقال علي رضي الله عنه : هي الإبل هاهنا ، والعدوان والعداء كلاهما : الشديد العدو ، قال :


ولو أن حيا فائت الموت فاته     أخو الحرب فوق القارح العدوان

وأنشد ابن بري شاهدا عليه قول الشاعر :


وصخر بن عمرو بن الشريد فإنه     أخو الحرب فوق السابح العدوان

وقال الأعشى :


والقارح العدا وكل طمرة     لا تستطيع يد الطويل قذالها

أراد العداء فقصر للضرورة ، وأراد نيل قذالها فحذف للعلم بذلك ، وقال بعضهم : فرس عدوان إذا كان كثير العدو وذئب عدوان إذا كان يعدو على الناس والشاء ، وأنشد :


تذكر إذ أنت شديد القفز     نهد القصيرى عدوان الجمز
وأنت تعدو بخروف مبزي

والعداء والعداء : الطلق الواحد وفي التهذيب : الطلق الواحد للفرس ، وأنشد :


يصرع الخمس عداء في طلق

وقال : فمن فتح العين ، قال جاز هذا إلى ذاك ، ومن كسر العداء فمعناه أنه يعادي الصيد من العدو وهو الحضر حتى يلحقه ، وتعادى القوم : تباروا في العدو ، والعدي : جماعة القوم يعدون لقتال ونحوه ، وقيل : العدي أول من يحمل من الرجالة ، وذلك لأنهم يسرعون العدو والعدي أول ما يدفع من الغارة ، وهو منه ، قال مالك بن خالد الخناعي الهذلي :


لما رأيت عدي القوم يسلبهم      [ ص: 67 ] طلح الشواجن والطرفاء والسلم

يسلبهم : يعني يتعلق بثيابهم فيزيلها عنهم ، وهذا البيت استشهد به الجوهري على العدي الذين يعدون على أقدامهم ، قال : وهو جمع عاد ؛ مثل غاز وغزي وبعده :


كفت ثوبي لا ألوي إلى أحد     إني شنئت الفتى كالبكر يختطم

والشواجن : أودية كثيرة الشجر الواحدة شاجنة ، يقول : لما هربوا تعلقت ثيابهم بالشجر فتركوها ، وفي حديث لقمان : أنا لقمان بن عاد لعادية لعاد ، العادية : الخيل تعدو ، والعادي الواحد : أي أنا للجمع والواحد ، وقد تكون العادية الرجال يعدون ، ومنه حديث خيبر : فخرجت عاديتهم أي الذين يعدون على أرجلهم ، قال ابن سيده : والعادية كالعدي ، وقيل : هو من الخيل خاصة وقيل : العادية أول ما يحمل من الرجالة دون الفرسان ، قال أبو ذؤيب :


وعادية تلقي الثياب كأنما     تزعزعها تحت السمامة ريح

ويقال : رأيت عدي القوم مقبلا أي من حمل من الرجالة دون الفرسان ، وقال أبو عبيد : العدي جماعة القوم بلغة هذيل ، وقوله تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم وقرئ : عدوا مثل جلوس ، قال المفسرون : نهوا قبل أن أذن لهم في قتال المشركين أن يلعنوا الأصنام التي عبدوها ، وقوله : فيسبوا الله عدوا بغير علم ، أي فيسبوا الله عدوانا وظلما وعدوا منصوب على المصدر ، وعلى إرادة اللام لأن المعنى فيعدون عدوا أي يظلمون ظلما ، ويكون مفعولا له أي فيسبوا الله للظلم ، ومن قرأ : " فيسبوا الله عدوا " فهو بمعنى عدوا أيضا ، يقال في الظلم : قد عدا فلان عدوا وعدوا وعدوانا وعداء أي ظلم ظلما جاوز فيه القدر وقرئ : " فيسبوا الله عدوا " ، بفتح العين وهو هاهنا في معنى جماعة كأنه قال : فيسبوا الله أعداء ، وعدوا منصوب على الحال في هذا القول ، وكذلك قوله تعالى : وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن " عدوا " في معنى " أعداء " المعنى كما جعلنا لك ولأمتك شياطين الإنس والجن أعداء كذلك جعلنا لمن تقدمك من الأنبياء وأممهم ، " وعدوا " هاهنا منصوب لأنه مفعول به وشياطين الإنس منصوب على البدل ، ويجوز أن يكون عدوا منصوبا على أنه مفعول ثان وشياطين الإنس المفعول الأول ، والعادي : الظالم يقال : لا أشمت الله بك عاديك أي عدوك الظالم لك ، قال أبو بكر : قول العرب فلان عدو فلان معناه فلان يعدو على فلان بالمكروه ويظلمه ، ويقال : فلان عدوك وهم عدوك وهما عدوك ، وفلانة عدوة فلان وعدو فلان ، فمن قال : فلانة عدوة فلان ، قال : هو خبر المؤنث فعلامة التأنيث لازمة له ، ومن قال : فلانة عدو فلان ، قال : ذكرت عدوا لأنه بمنزلة قولهم امرأة ظلوم وغضوب وصبور ، قال الأزهري : هذا إذا جعلت ذلك كله في مذهب الاسم والمصدر فإذا جعلته نعتا محضا قلت : هو عدوك وهي عدوتك وهم أعداؤك وهن عدواتك ، وقوله تعالى : فلا عدوان إلا على الظالمين ، أي فلا سبيل ، وكذلك قوله : فلا عدوان علي أي فلا سبيل علي ، وقولهم : عدا عليه فضربه بسيفه لا يراد به عدو على الرجلين ولكن من الظلم ، وعدا عدوا : ظلم وجار ، وفي حديث قتادة بن النعمان : أنه عدي عليه أي سرق ماله وظلم ، وفي الحديث : ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم ، العادي : الظالم ، وأصله من تجاوز الحد في الشيء ، وفي الحديث : ما يقتله المحرم كذا وكذا والسبع العادي أي الظالم الذي يفترس الناس ، وفي حديث علي رضي الله عنه : لا قطع على عادي ظهر ، وفي حديث ابن عبد العزيز : أتي برجل قد اختلس طوقا فلم ير قطعه ، وقال : تلك عادية الظهر ، العادية : من عدا يعدو على الشيء إذا اختلسه ، والظهر : ما ظهر من الأشياء ولم ير في الطوق قطعا لأنه ظاهر على المرأة والصبي ، وقوله تعالى : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ، قال يعقوب : هو فاعل من عدا يعدو إذا ظلم وجار ، قال : وقال الحسن أي غير باغ ولا عائد فقلب ، والاعتداء والتعدي ، والعدوان : الظلم ، وقوله تعالى : ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، يقول : لا تعاونوا على المعصية والظلم ، وعدا عليه عدوا وعداء وعدوا وعدوانا وعدوانا وعدوى وتعدى واعتدى ؛ كله : ظلمه ، وعدا بنو فلان على بني فلان أي ظلموهم ، وفي الحديث : كتب ليهود تيماء أن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء ، العداء بالفتح والمد : الظلم وتجاوز الحد . وقوله تعالى : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ، قيل : معناه لا تقاتلوا غير من أمرتم بقتاله ولا تقتلوا غيرهم ، وقيل : ولا تعتدوا أي لا تجاوزوا إلى قتل النساء والأطفال ، وعدا الأمر يعدوه وتعداه كلاهما : تجاوزه ، وعدا طوره وقدره : جاوزه على المثل ، ويقال : ما يعدو فلان أمرك أي ما يجاوزه ، والتعدي : مجاوزة الشيء إلى غيره ، يقال : عديته فتعدى أي تجاوز ، وقوله ( عز وجل ) : فلا تعتدوها ، أي لا تجاوزوها إلى غيرها وكذلك قوله ( عز وجل ) : ومن يتعد حدود الله ، أي يجاوزها ، وقوله عز وجل : فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ، أي المجاوزون ما حد لهم وأمروا به وقوله عز وجل : فمن اضطر غير باغ ولا عاد أي غير مجاوز لما يبلغه ويغنيه من الضرورة وأصل هذا كله مجاوزة الحد والقدر والحق ، يقال : تعديت الحق واعتديته وعدوته أي جاوزته ، وقد قالت العرب : اعتدى فلان عن الحق واعتدى فوق الحق كأن معناه جاز عن الحق إلى الظلم ، وعدى عن الأمر : جازه إلى غيره وتركه ، وفي الحديث : المعتدي في الصدقة كمانعها ، وفي رواية : في الزكاة هو أن يعطيها غير مستحقها ، وقيل : أراد أن الساعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في السنة الأخرى ؛ فيكون الساعي سبب ذلك فهما في الإثم سواء ، وفي الحديث : سيكون قوم يعتدون في الدعاء هو الخروج فيه عن الوضع الشرعي والسنة المأثورة . وقوله تعالى : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ، سماه اعتداء لأنه مجازاة اعتداء فسمي بمثل اسمه ; لأن صورة الفعلين واحدة وإن كان أحدهما طاعة والآخر معصية ، والعرب تقول : ظلمني فلان فظلمته أي جازيته بظلمه لا وجه للظلم أكثر من هذا ، والأول ظلم [ ص: 68 ] والثاني جزاء ليس بظلم ، وإن وافق اللفظ اللفظ ، مثل قوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها السيئة الأولى سيئة والثانية مجازاة وإن سميت سيئة ، ومثل ذلك في كلام العرب كثير ، يقال : أثم الرجل يأثم إثما وأثمه الله على إثمه أي جازاه عليه يأثمه أثاما ، قال الله تعالى : ومن يفعل ذلك يلق أثاما أي جزاء لإثمه ، وقوله : إنه لا يحب المعتدين المعتدون : المجاوزون ما أمروا به ، والعدوى : الفساد والفعل كالفعل ، وعدا عليه اللص عداء وعدوانا وعدوانا : سرقه عن أبي زيد ، وذئب عدوان : عاد ، وذئب عدوان : يعدو على الناس ، ومنه الحديث : السلطان ذو عدوان وذو بدوان ، قال ابن الأثير : أي سريع الانصراف والملال ، من قولك : ما عداك أي ما صرفك ، ورجل معدو عليه ومعدي عليه ، على قلب الواو ياء طلب الخفة ، حكاها سيبويه ، وأنشد لعبد يغوث بن وقاص الحارثي :


وقد علمت عرسي مليكة أنني     أنا الليث معديا عليه وعاديا

أبدلت الياء من الواو استثقالا ، وعدا عليه : وثب عن ابن الأعرابي ، وأنشد لأبي عارم الكلابي :


لقد علم الذئب الذي كان عاديا     على الناس أني مائر السهم نازع

وقد يكون العادي هنا من الفساد والظلم ، وعداه عن الأمر عدوا وعدوانا وعداه كلاهما : صرفه وشغله ، والعداء والعدواء والعادية كله : الشغل يعدوك عن الشيء ، قال محارب : العدواء عادة الشغل وعدواء الشغل موانعه ، ويقال : جئتني وأنا في عدواء عنك أي في شغل ، قال الليث : العادية شغل من أشغال الدهر يعدوك عن أمورك أي يشغلك ، وجمعها عواد ، وقد عداني عنك أمر فهو يعدوني أي صرفني ، وقول زهير :


وعادك أن تلاقيها العداء

قالوا : معنى عادك عداك فقلبه ويقال : معنى قوله عادك عاد لك وعاودك ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


عداك عن ريا وأم وهب     عادي العوادي واختلاف الشعب

فسره فقال : عادي العوادي أشدها أي أشد الأشغال ، وهذا كقوله : زيد رجل الرجال أي أشد الرجال ، والعدواء : إناخة قليلة ، وتعادى المكان : تفاوت ولم يستو ، وجلس على عدواء أي على غير استقامة ، ومركب ذو عدواء أي ليس بمطمئن ، قال ابن سيده : وفي بعض نسخ المصنف جئت على مركب ذي عدواء ، مصروف ، وهو خطأ من أبي عبيد إن كان قائله ; لأن فعلاء بناء لا ينصرف في معرفة ولا نكرة ، والتعادي : أمكنة غير مستوية ، وفي حديث ابن الزبير وبناء الكعبة : وكان في المسجد جراثيم وتعاد أي أمكنة مختلفة غير مستوية ، وأما قول الشاعر :


منها على عدواء الدار تسقيم

قال الأصمعي : عدواؤه صرفه واختلافه ، وقال المؤرج : عدواء على غير قصد ، وإذا نام الإنسان على موضع غير مستو فيه ارتفاع وانخفاض ، قال : نمت على عدواء ، وقالالنضر : العدواء من الأرض المكان المشرف يبرك عليه البعير فيضطجع عليه وإلى جنبه مكان مطمئن فيميل فيه البعير فيتوهن ، فالمشرف العدواء ، وتوهنه أن يمد جسمه إلى المكان الوطيء فتبقى قوائمه على المشرف ، ولا يستطيع أن يقوم حتى يموت ، فتوهنه اضطجاعه ، أبو عمرو : العدواء المكان الذي بعضه مرتفع وبعضه متطأطئ وهو المتعادي ، ومكان متعاد : بعضه مرتفع وبعضه متطامن ليس بمستو ، وأرض متعادية : ذات جحرة ولخافيق ، والعدواء على وزن الغلواء : المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه ، وقد عاديت القدر : وذلك إذا طامنت إحدى الأثافي ورفعت الأخريين لتميل القدر على النار ، وتعادى ما بينهم : تباعد ، قال الأعشى يصف ظبية وغزالها :


وتعادى عنه النهار فما تع     جوه إلا عفافة أو فواق

يقول : تباعد عن ولدها في المرعى لئلا يستدل الذئب بها على ولدها ، والعدواء : بعد الدار ، والعداء : البعد وكذلك العدواء ، وقوم عدى : متباعدون ، وقيل : غرباء مقصور ، يكتب بالياء والمعنيان متقاربان وهم الأعداء أيضا ; لأن الغريب بعيد ، قال الشاعر :


إذا كنت في قوم عدى لست منهم     فكل ما علفت من خبيث وطيب

قال ابن بري : هذا البيت يروى لزرارة بن سبيع الأسدي ، وقيل : هو لنضلة بن خالد الأسدي ، وقال ابن السيرافي : هو لدودان بن سعد الأسدي ، قال : ولم يأت فعل صفة إلا قوم عدى ، ومكان سوى وماء روى وماء صرى وملامة ثنى وواد طوى ، وقد جاء الضم في سوى وثنى وطوى ، قال : وجاء على فعل من غير المعتل لحم زيم وسبي طيبة ، وقال علي بن حمزة : قوم عدى أي غرباء بالكسر لا غير ، فأما في الأعداء فيقال عدى وعدى وعداة ، وفي حديث حبيب بن مسلمة لما عزله عمر رضي الله عنه عن حمص ، قال : رحم الله عمر ينزع قومه ويبعث القوم العدى ، العدى بالكسر : الغرباء أراد أنه يعزل قومه من الولايات ويولي الغرباء والأجانب ، قال : وقد جاء في الشعر العدى بمعنى الأعداء ، قال بشر بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري :


فأمتنا العداة من كل حي     فاستوى الركض حين مات العداء

قال : وهذا يتوجه على أنه جمع عاد أو يكون مد عدى ضرورة ، وقال ابن الأعرابي في قول الأخطل :


ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر     وإن كان حيانا عدى آخر الدهر

قال : العدى التباعد ، وقوم عدى إذا كانوا متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف ، وقوم عدى إذا كانوا حربا ، وقد روي هذا البيت بالكسر والضم مثل سوى وسوى ، الأصمعي : يقال هؤلاء قوم عدى [ ص: 69 ] مقصور يكون للأعداء وللغرباء ، ولا يقال قوم عدى إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة في وزن قضاة ، قال أبو زيد : طالت عدواؤهم أي تباعدهم وتفرقهم ، والعدو : ضد الصديق ، يكون للواحد والاثنين والجمع والأنثى والذكر بلفظ واحد ، قال الجوهري : العدو ضد الولي وهو وصف ولكنه ضارع الاسم ، قال ابن السكيت : فعول إذا كان في تأويل فاعل كان مؤنثه بغير هاء نحو : رجل صبور وامرأة صبور ، إلا حرفا واحدا جاء نادرا ، قالوا : هذه عدوة لله ، قال الفراء : وإنما أدخلوا فيها الهاء تشبيها بصديقة ; لأن الشيء قد يبنى على ضده ومما وضع به ابن سيده من أبي عبد الله بن الأعرابي ما ذكره عنه في خطبة كتابه المحكم فقال : وهل أدل على قلة التفصيل والبعد عن التحصيل من قول أبي عبد الله بن الأعرابي في كتابه النوادر : العدو يكون للذكر والأنثى بغير هاء ، والجمع أعداء وأعاد وعداة وعدى وعدى فأوهم أن هذا كله لشيء واحد ؟ وإنما أعداء جمع عدو أجروه مجرى فعيل صفة كشريف وأشراف ونصير وأنصار لأن فعولا وفعيلا متساويان في العدة والحركة والسكون وكون حرف اللين ثالثا فيهما إلا بحسب اختلاف حرفي اللين ، وذلك لا يوجب اختلافا في الحكم في هذا ، ألا تراهم سووا بين نوار وصبور في الجمع ، فقالوا : نور وصبر ، وقد كان يجب أن يكسر عدو على ما كسر عليه صبور لكنهم لو فعلوا ذلك لأجحفوا ، إذ لو كسروه على فعل للزم عدو ، ثم لزم إسكان الواو كراهية الحركة عليها فإذا سكنت ، وبعدها التنوين التقى ساكنان فحذفت الواو فقيل عد ، وليس في الكلام اسم آخره واو قبلها ضمة ، فإن أدى إلى ذلك قياس رفض فقلبت الضمة كسرة ، ولزم لذلك انقلاب الواو ياء فقيل عد فتنكبت العرب ذلك في كل معتل اللام على فعول أو فعيل أو فعال أو فعال أو فعال على ما قد أحكمته صناعة الإعراب ، وأما أعاد فجمع الجمع كسروا عدوا على أعداء ، ثم كسروا أعداء على أعاد وأصله أعادي كأنعام وأناعيم ; لأن حرف اللين إذا ثبت رابعا في الواحد ثبت في الجمع ، وكان ياء إلا أن يضطر إليه شاعر كقوله أنشده سيبويه :


والبكرات الفسج العطامسا

ولكنهم قالوا أعاد كراهة الياءين مع الكسرة كما حكى سيبويه في جمع معطاء معاط ، قال : ولا يمتنع أن يجيء على الأصل معاطي كأثافي فكذلك لا يمتنع أن يقال أعادي ، وأما عداة فجمع عاد ، حكى أبو زيد عن العرب : أشمت الله عاديك أي عدوك وهذا مطرد في باب فاعل مما لامه حرف علة يعني أن يكسر على فعلة كقاض وقضاة ورام ورماة ، وهو قول سيبويه في باب تكسير ما كان من الصفة عدته أربعة أحرف ، وهذا شبيه بلفظ أكثر الناس في توهمهم أن كماة جمع كمي ، وفعيل ليس مما يكسر على فعلة ، وإنما جمع كمي أكماء حكاه‌ أبو زيد ، فأما كماة فجمع كام من قولهم كمى شجاعته وشهادته كتمها ، وأما عدى وعدى فاسمان للجمع ; لأن فعلا وفعلا ليسا بصيغتي جمع إلا لفعلة أو فعلة وربما كانت لفعلة ، وذلك قليل كهضبة وهضب وبدرة وبدر و‌الله أعلم ، والعداوة : اسم عام من العدو يقال عدو بين العداوة وفلان يعادي بني فلان ، قال الله عز وجل : عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ، وفي التنزيل العزيز : فإنهم عدو لي ، قال سيبويه : عدو وصف ولكنه ضارع الاسم وقد يثنى ويجمع ويؤنث والجمع أعداء ، قال سيبويه : ولم يكسر على فعل وإن كان كصبور كراهية الإخلال والاعتلال ولم يكسر على فعلان كراهية الكسرة قبل الواو ; لأن الساكن ليس بحاجز حصين ، والأعادي جمع الجمع ، والعدى والعدى : اسمان للجمع ، قال الجوهري : العدى بكسر العين الأعداء وهو جمع لا نظير له ، وقالوا في جمع عدوة عدايا لم يسمع إلا في الشعر ، وقوله تعالى : هم العدو فاحذرهم ، قيل : معناه هم العدو الأدنى ، وقيل : معناه هم العدو الأشد ؛ لأنهم كانوا أعداء النبي ويظهرون أنهم معه ، والعادي : العدو وجمعه عداة قالت امرأة من العرب : أشمت رب العالمين عاديك ، وقال الخليل في جماعة العدو عدى وعدى ، قال : وكان حد الواحد عدو بسكون الواو ففخموا آخره بواو وقالوا عدو لأنهم لم‌ يجدوا في كلام العرب اسما في آخره واو ساكنة ، قال : ومن العرب من يقول قوم عدى ، وحكى أبو العباس : قوم عدى بضم العين إلا أنه قال : الاختيار إذا كسرت العين أن لا تأتي بالهاء والاختيار إذا ضممت العين أن تأتي بالهاء ، وأنشد :


معاذة وجه الله أن أشمت العدى     بليلى وإن لم تجزني ما أدينها

وقد عاداه معاداة وعداء ، والاسم العداوة وهو الأشد عاديا . قال أبو العباس : العدى جمع عدو والرؤى جمع رؤية والذرى ‌جمع ذروة ، وقال الكوفيون : إنما هو مثل قضاة وغزاة ودعاة فحذفوا الهاء فصارت عدى وهو جمع عاد ، وتعادى القوم : عادى بعضهم بعضا ، وقوم عدى : يكتب بالياء وإن كان أصله الواو لمكان الكسرة التي في أوله وعدى مثله ، وقيل : العدى الأعداء والعدى الأعداء الذين لا قرابة بينك وبينهم ، قال : والقول هو الأول ، وقولهم : أعدى من الذئب ، قال ثعلب : يكون من العدو ويكون من العداوة ، وكونه من العدو أكثر ، وأراه إنما ذهب إلى أنه لا يقال أفعل من فاعلت ، فلذلك جاز أن يكون من العدو لا من العداوة ، وتعادى ما بينهم : اختلف ، وعديت له : أبغضته عن ابن الأعرابي ، ابن شميل : رددت عني عادية فلان أي حدته وغضبه ، ويقال : كف عنا عاديتك أي ظلمك وشرك وهذا مصدر جاء على فاعلة كالراغية والثاغية ، يقال : سمعت راغية البعير وثاغية الشاة أي رغاء البعير وثغاء الشاة ، وكذلك عادية الرجل عدوه عليك بالمكروه .

والعدواء : أرض يابسة صلبة وربما جاءت في البئر إذا حفرت ، قال : وقد تكون حجرا يحاد عنه في الحفر ، قال العجاج يصف ثورا يحفر كناسا :


وإن أصاب عدواء احرورفا     عنها وولاها الظلوف الظلفا

[ ص: 70 ] أكد بالظلف كما يقال نعاف نعف وبطاح بطح ، وكأنه جمع ظلفا ظالفا وهذا الرجز أورده الجوهري شاهدا على عدواء الشغل موانعه ، قال ابن بري : هو للعجاج وهو شاهد على العدواء الأرض ذات الحجارة لا على العدواء الشغل ، وفسره ابن بري أيضا ، قال : ظلف جمع ظالف أي ظلوفه تمنع الأذى عنه ، قال الأزهري : وهذا من قولهم أرض ذات عدواء إذا لم تكن مستقيمة وطيئة وكانت متعادية ، ابن الأعرابي : العدواء المكان الغليظ الخشن ، وقال ابن السكيت : زعم أبو عمرو أن العدى الحجارة والصخور ، وأنشد قول كثير :


وحال السفى بيني وبينك والعدى     ورهن السفى غمر النقيبة ماجد

أراد بالسفى تراب القبر وبالعدى ما يطبق على اللحد من الصفائح ، وأعداء الوادي وأعناؤه : جوانبه ، قال عمرو بن بدر‌ الهذلي فمد العدى وهي الحجارة والصخور :


أو استمر لمسكن أثوى به     بقرار ملحدة العداء شطون

وقال أبو عمرو : العداء ممدود ما عاديت على الميت حين تدفنه من لبن أو حجارة أو خشب أو ما أشبهه الواحدة عداءة ، ويقال أيضا : العدى والعداء حجر رقيق يستر به الشيء ، ويقال لكل حجر يوضع على شيء يستره فهو عداء ، قال أسامة الهذلي :


تالله ما حبي عليا بشوى     قد ظعن الحي وأمسى قد ثوى
مغادرا تحت العداء والثرى

معناه : ما حبي عليا بخطإ ، ابن الأعرابي : الأعداء حجارة المقابر ، قال : والأدعاء آلام النار ، ويقال : جئتك على فرس ذي عدواء غير مجرى إذا لم يكن ذا طمأنينة وسهولة ، وعدواء الشوق : ما برح بصاحبه ، والمتعدي من الأفعال ما يجاوز صاحبه إلى غيره ، والتعدي في القافية : حركة الهاء التي للمضمر المذكر الساكنة في الوقف ، والمتعدي الواو التي تلحقه من بعدها كقوله :


تنفش منه الخيل ما لا يغز لهو

فحركة الهاء هي التعدي والواو بعدها هي المتعدي ، وكذلك قوله :

وامتد عرشا عنقه للمقتهي حركة الهاء هي التعدي والياء بعدها هي المتعدي ، وإنما سميت هاتان الحركتان تعديا والياء والواو بعدهما متعديا ; لأنه تجاوز للحد وخروج عن الواجب ، ولا يعتد به في الوزن ; لأن الوزن قد تناهى قبله ، جعلوا ذلك في آخر البيت بمنزلة الخزم في أوله ، وعداه إليه : أجازه وأنفذه ، ورأيتهم عدا أخاك وما عدا أخاك أي ما خلا ، وقد يخفض بها دون ما ، قال الجوهري : وعدا فعل يستثنى به مع ما وبغير ما ؛ تقول جاءني القوم ما عدا زيدا وجاءوني عدا زيدا تنصب ما بعدها بها والفاعل مضمر فيها ، قال الأزهري : من حروف الاستثناء قولهم : ما رأيت أحدا ما عدا زيدا كقولك ما خلا زيدا ، وتنصب زيدا في هذين فإذا أخرجت " ما " خفضت ونصبت ؛ فقلت : ما رأيت أحدا عدا زيدا وعدا زيد وخلا زيدا وخلا زيد النصب بمعنى " إلا " والخفض بمعنى " سوى " ، وعد عنا حاجتك أي اطلبها عند غيرنا فإنا لا نقدر لك عليها ؛ هذه عن ابن الأعرابي ، ويقال : تعد ما أنت فيه إلى غيره أي تجاوزه ، وعد عما أنت فيه أي اصرف همك وقولك إلى غيره ، وعديت عني الهم أي نحيته ، وتقول لمن قصدك : عد عني إلى غيري ، ويقال : عاد رجلك عن الأرض أي جافها وما عدا فلان أن صنع كذا وما لي عن فلان معدى ؛ أي لا تجاوز لي إلى غيره ولا قصور دونه ، وعدوته عن الأمر صرفته عنه ، وعد عما ترى أي اصرف بصرك عنه ، وفي حديث عمر رضي الله عنه : أنه أتي بسطيحتين فيهما نبيذ فشرب من إحداهما وعدى عن الأخرى أي تركها لما رابه منها ، يقال : عد عن هذا الأمر أي تجاوزه إلى غيره ، ومنه حديثه الآخر : أنه أهدي له لبن بمكة فعداه أي صرفه عنه ، والإعداء : إعداء الجرب ، وأعداه الداء يعديه إعداء : جاوز غيره إليه ، وقيل : هو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء ، وأعداه من علته وخلقه وأعداه به ، جوزه إليه والاسم من كل ذلك العدوى ، وفي الحديث : لا عدوى ولا هامة ولا صفر ولا طيرة ولا غول أي لا يعدي شيء شيئا ، وقد تكرر ذكر العدوى في الحديث ، وهو اسم من الإعداء كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء ، والعدوى : أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بإبل أخرى حذار أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه ، فقد أبطله الإسلام لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمر ليس كذلك ، وإنما الله تعالى هو الذي يمرض وينزل الداء ، ولهذا قال في بعض الأحاديث ، وقد قيل له صلى الله عليه وسلم : إن النقبة تبدو بمشفر البعير فتعدي الإبل كلها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي خاطبه : فمن الذي أعدى البعير الأول أي من أين صار فيه الجرب ؟ قال الأزهري : العدوى أن يكون ببعير جرب أو بإنسان جذام أو برص فتتقي مخالطته أو مؤاكلته حذار أن يعدوه ما به إليك أي يجاوزه فيصيبك مثل ما أصابه ، ويقال : إن الجرب ليعدي أي يجاوز ذا الجرب إلى من قاربه حتى يجرب ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم مع إنكاره العدوى أن يورد مصح على مجرب لئلا يصيب الصحاح الجرب فيحقق صاحبها العدوى ، والعدوى : اسم من أعدى يعدي فهو معد ، ومعنى أعدى أي أجاز الجرب الذي به إلى غيره ، أو أجاز جربا بغيره إليه ، وأصله من عدا يعدو إذا جاوز الحد ، وتعادى القوم أي أصاب هذا مثل داء هذا ، والعدوى : طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك أي ينتقم منه ، قال ابن سيده : العدوى النصرة والمعونة ، وأعداه عليه : نصره وأعانه ، واستعداه : استنصره واستعانه ، واستعدى عليه السلطان أي استعان به فأنصفه منه ، وأعداه عليه : قواه وأعانه عليه ، قال يزيد بن خذاق :


ولقد أضاء لك الطريق وأنهجت     سبل المكارم والهدى يعدي

أي إبصارك الطريق يقويك على الطريق ويعينك وقال آخر :


وأنت امرؤ لا الجود منك سجية      [ ص: 71 ] فتعطي وقد يعدي على النائل الوجد

ويقال : استأداه بالهمز فآداه أي أعانه وقواه ، وبعض أهل اللغة يجعل الهمزة في هذا أصلا ويجعل العين بدلا منها ، ويقال آديتك وأعديتك من العدوى وهي المعونة ، وعادى بين اثنين فصاعدا معاداة وعداء : والى ، قال امرؤ القيس :


فعادى عداء بين ثور ونعجة     وبين شبوب كالقضيمة قرهب

ويقال : عادى الفارس بين صيدين وبين رجلين إذا طعنهما طعنتين متواليتين ، والعداء بالكسر ، والمعاداة : الموالاة والمتابعة بين الاثنين يصرع أحدهما على إثر الآخر في طلق واحد ، وأنشد لامرئ القيس :


فعادى عداء بين ثور ونعجة     دراكا ولم ينضح بماء فيغسل

يقال : عادى بين عشرة من الصيد أي والى بينها قتلا ورميا ، وتعادى القوم على نصرهم أي توالوا وتتابعوا ، وعداء كل شيء وعداؤه وعدوته وعدوته وعدوه‌ : طواره وهو ما انقاد معه من عرضه وطوله ، قال ابن بري : شاهده ما أنشده أبو عمرو بن العلاء :


بكت عيني وحق لها البكاء     وأحرقها المحابش والعداء

وقال ابن أحمر يخاطب ناقته :


خبي فليس إلى عثمان مرتجع     إلا العداء وإلا مكنع ضرر

ويقال : لزمت عداء النهر وعداء الطريق والجبل أي طواره ، ابن شميل : يقال الزم عداء الطريق وهو أن تأخذه لا تظلمه ، ويقال : خذ عداء الجبل أي خذ في سنده تدور فيه حتى تعلوه وإن استقام فيه أيضا فقد أخذ عداءه . وقال ابن بزرج : يقال الزم عدو أعداء الطريق والزم أعداء الطريق أي وضحه ، وقال رجل من العرب لآخر : ألبنا نسقيك أم ماء ؟ فأجاب : أيهما كان ولا عداء معناه لا بد من أحدهما ولا يكونن ثالث ، ويقال : الأكحل عرق عداء الساعد ، قال الأزهري : والتعداء التفعال من كل ما مر جائز ، والعدى والعدا : الناحية ، الأخيرة عن كراع والجمع أعداء ، والعدوة : المكان المتباعد عن كراع ، والعدى والعدوة والعدوة والعدوة كله : شاطئ الوادي حكى اللحياني هذه الأخيرة عن يونس ، والعدوة : سند الوادي ، قال : ومن الشاذ قراءة قتادة : إذ أنتم بالعدوة الدنيا ، والعدوة والعدوة أيضا : المكان المرتفع ، قال الليث : العدوة صلابة من شاطئ الوادي ويقال عدوة ، وفي التنزيل : إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى ، قال الفراء : العدوة شاطئ الوادي الدنيا مما يلي المدينة ، والقصوى مما يلي مكة ، قال ابن السكيت : عدوة الوادي وعدوته جانبه وحافته والجمع عدى وعدى ، قال الجوهري : والجمع عداء مثل برمة وبرام ورهمة ورهام ، وعديات قال ابن بري : قال الجوهري الجمع عديات قال : وصوابه عدوات ولا يجوز عدوات على حد كسرات ، قال سيبويه : لا يقولون في جمع جروة جريات ، كراهة قلب الواو ياء فعلى هذا يقال جروات وكليات بالإسكان لا غير ، وفي حديث الطاعون : لو كانت لك إبل فهبطت واديا له عدوتان العدوة بالضم والكسر : جانب الوادي ، قيل : العدوة المكان المرتفع شيئا على ما هو منه ، وعداء الخندق وعداء الوادي : بطنه ، وعادى شعره : أخذ منه ، وفي حديث حذيفة : أنه خرج وقد طم رأسه فقال : إن تحت كل شعرة لا يصيبها الماء جنابة ، فمن ثم عاديت رأسي كما ترون ، التفسير لشمر : معناه أنه طمه واستأصله ليصل الماء إلى أصول الشعر ، وقال غيره : عاديت رأسي أي جفوت شعره ولم أدهنه ، وقيل : عاديت رأسي أي : عاودته بوضوء وغسل ، وروى أبو عدنان عن أبي عبيدة : عادى شعره رفعه حكاه الهروي في الغريبين ، وفي التهذيب : رفعه عند الغسل ، وعاديت الوسادة أي ثنيتها ، وعاديت الشيء : باعدته ، وتعاديت عنه أي تجافيت ، وفي النوادر : فلان ما يعاديني ولا يواديني ، قال : لا يعاديني أي : لا يجافيني ولا يواديني أي لا يواتيني ، والعدوية : الشجر يخضر بعد ذهاب الربيع ، قال أبو حنيفة : قال أبو زياد : العدوية : الربل ، يقال : أصاب المال عدوية ، وقال أبو حنيفة : لم أسمع هذا من غير أبي زياد ، الليث : العدوية من نبات الصيف بعد ذهاب الربيع أن تخضر صغار الشجر فترعاه الإبل ، تقول : أصابت الإبل عدوية ، قال الأزهري : العدوية الإبل التي ترعى العدوة وهي الخلة ، ولم يضبط الليث تفسير العدوية فجعله نباتا ، وهو غلط ، ثم خلط فقال : والعدوية أيضا سخال الغنم يقال : هي بنات أربعين يوما فإذا جزت عنها عقيقتها ذهب عنها هذا الاسم ، قال الأزهري : وهذا غلط بل تصحيف منكر ، والصواب في ذلك الغدوية بالغين أو الغذوية بالذال ، والغذاء : صغار الغنم واحدها غذي ، قال الأزهري : وهي كلها مفسرة في معتل العين ، ومن قال العدوية سخال الغنم فقد أبطل وصحف ، وقد ذكره ابن سيده في محكمه أيضا ، فقال : والعدوية صغار الغنم ، وقيل : هي بنات أربعين يوما ، أبو عبيد عن أصحابه : تقادع القوم تقادعا وتعادوا تعاديا وهو أن يموت بعضهم في إثر بعض ، قال ابن سيده : وتعادى القوم وتعادت الإبل جميعا أي موتت وقد تعادت بالقرحة ، وتعادى القوم : مات بعضهم إثر بعض في شهر واحد وعام واحد ، قال :


فما لك من أروى تعاديت بالعمى     ولاقيت كلابا مطلا وراميا

يدعو عليها بالهلاك ، والعدوة : الخلة من النبات فإذا نسب إليها أو رعتها الإبل ، قيل : إبل عدوية على القياس ، وإبل عدوية على غير القياس ، وعواد على النسب بغير ياء النسب ، كل ذلك عن ابن الأعرابي ، وإبل عادية وعواد : ترعى الحمض ، قال كثير :


وإن الذي ينوي من المال أهلها     أوارك لما تأتلف وعوادي

ويروى : يبغي ، ذكر امرأة وأن أهلها يطلبون في مهرها من المال ما لا يمكن ولا يكون كما لا تأتلف هذه الأوارك والعوادي ، فكأن هذا [ ص: 72 ] ضد لأن العوادي على هذين القولين هي التي ترعى الخلة والتي ترعى الحمض ، وهما مختلفا الطعمين لأن الخلة ما حلا من المرعى ، والحمض منه ما كانت فيه ملوحة ، والأوارك التي ترعى الأراك وليس بحمض ولا خلة ، إنما هو شجر عظام ، وحكى الأزهري عن ابن السكيت : وإبل عادية ترعى الخلة ولا ترعى الحمض وإبل آركة وأوارك مقيمة في الحمض ، وأنشد بيت كثير أيضا وقال : وكذلك العاديات ، وقال :


رأى صاحبي في العاديات نجيبة     وأمثالها في الواضعات القوامس

قال : وروى الربيع عن الشافعي في باب السلم ألبان إبل عواد وأوارك ، قال : والفرق بينهما ما ذكر ، وفي حديث أبي ذر : فقربوها إلى الغابة تصيب من أثلها وتعدو في الشجر يعني الإبل أي : ترعى العدوة ، وهي الخلة ضرب من المرعى محبوب إلى الإبل ، قال الجوهري : والعادية من الإبل المقيمة في العضاه لا تفارقها وليست ترعى الحمض ، وأما الذي في حديث قس : فإذا شجرة عادية أي قديمة كأنها نسبت إلى عاد ، وهم قوم هود النبي صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم ، وكل قديم ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم ، وفي كتاب علي إلى معاوية : لم يمنعنا قديم عزنا وعادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا ، وتعدى القوم : وجدوا لبنا يشربونه فأغناهم عن اشتراء اللحم ، وتعدوا أيضا : وجدوا مراعي لمواشيهم فأغناهم ذلك عن اشتراء العلف لها ، وقول سلامة بن جندل :


يكون محبسها أدنى لمرتعها     ولو تعادى ببكء كل محلوب

معناه لو ذهبت ألبانها كلها ، وقول الكميت :


يرمي بعينيه عدوة الأمد ال     أبعد هل في مطافه ريب ؟

قال : عدوة الأمد مد بصره ينظر هل يرى ريبة تريبه ، وقال الأصمعي : عداني منه شر أي بلغني وعداني فلان من شره بشر يعدوني عدوا وفلان قد أعدى الناس بشر أي ألزق بهم منه شرا ، وقد جلست إليه فأعداني شرا أي أصابني بشره ، وفي حديث علي رضي الله عنه أنه قال لطلحة يوم الجمل : عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا ؟ وذلك أنه كان بايعه بالمدينة ، وجاء يقاتله بالبصرة أي ما الذي صرفك ومنعك وحملك على التخلف بعد ما ظهر منك من التقدم في الطاعة والمتابعة ، وقيل : معناه ما بدا لك مني فصرفك عني ، وقيل معنى قوله ما عدا مما بدا أي ما عداك مما كان بدا لنا من نصرك أي : ما شغلك ، وأنشد :


عداني أن أزورك أن بهمي     عجايا ، كلها إلا قليلا

وقال الأصمعي في قول العامة : ما عدا من بدا هذا خطأ ، والصواب أما عدا من بدا على الاستفهام ، يقول : ألم يعد الحق من بدأ بالظلم ، ولو أراد الإخبار قال : قد عدا من بدانا بالظلم أي : قد اعتدى أو إنما عدا من بدا ، قال أبو العباس : ويقال فعل فلان ذلك الأمر عدوا بدوا أي ظاهرا جهارا ، وعوادي الدهر : عواقبه ، قال الشاعر :


هجرت غضوب وحب من يتجنب     وعدت عواد دون وليك تشعب

وقال المازني : عدا الماء يعدو إذا جرى ، وأنشد :


وما شعرت أن ظهري ابتلا     حتى رأيت الماء يعدو شلا

وعدي : قبيلة ، قال الجوهري : وعدي من قريش رهط عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وهو عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، والنسبة إليه عدوي وعديي ، وحجة من أجاز ذلك أن الياء في عدي لما جرت مجرى الصحيح في اعتقاب حركات الإعراب عليها فقالوا : عدي وعديا وعدي جرى مجرى حنيف فقالوا : عديي كما قالوا : حنفي فيمن نسب إلى حنيف ، وعدي بن عبد مناة : من الرباب رهط ذي الرمة ، والنسبة إليهم أيضا عدوي وعدي في بني حنيفة وعدي في فزارة ، وبنو العدوية : قوم من حنظلة وتميم ، وعدوان بالتسكين : قبيلة ، وهو عدوان بن عمرو بن قيس عيلان ، قال الشاعر :


عذير الحي من عدوا     ن كانوا حية الأرض

أراد : كانوا حيات الأرض ، فوضع الواحد موضع الجمع ، وبنو عدى : حي من بني مزينة النسب إليه عداوي نادر ، قال :


عداوية هيهات منك محلها !     إذا ما هي احتلت بقدس وآرة

ويروى : بقدس أوارة ، ومعدي كرب : من جعله مفعلا كان له مخرج من الياء والواو ، قال الأزهري : معدي كرب اسمان جعلا اسما واحدا فأعطيا إعرابا واحدا وهو الفتح ، وبنو عداء : قبيلة عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


ألم تر أننا وبني عداء     توارثنا من الآباء داء ؟

وهم غير بني عدى من مزينة ، وسموأل بن عادياء - ممدود - ، قال النمر بن تولب :


هلا سألت بعادياء وبيته     والخل والخمر التي لم تمنع

وقد قصره المرادي في شعره فقال :


بنى لي عاديا حصنا حصينا     إذا ما سامني ضيم أبيت



التالي السابق


الخدمات العلمية