صفحة جزء
[ عرب ]

عرب : العرب والعرب : جيل من الناس معروف خلاف العجم ، وهما واحد مثل العجم والعجم ، مؤنث ، وتصغيره بغير هاء نادر ، الجوهري : العريب تصغير العرب ، قال أبو الهندي واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس :


فأما البهط وحيتانكم فما زلت فيها كثير السقم     وقد نلت منها كما نلتم
فلم أر فيها كضب هرم     وما في البيوض كبيض الدجاج
وبيض الجراد شفاء القرم .     ومكن الضباب طعام العري
ب لا تشتهيه نفوس العجم

.

صغرهم تعظيما كما قال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، والعرب العاربة : هم الخلص منهم ، وأخذ من لفظه فأكد به كقولك : ليل لائل ، تقول : عرب عاربة وعرباء : صرحاء ، ومتعربة ومستعربة : دخلاء ليسوا بخلص ، والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدويا ، والأعرابي : البدوي وهم الأعراب ، والأعاريب : جمع الأعراب ، وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب ، وقيل : ليس الأعراب جمعا لعرب كما كان الأنباط جمعا لنبط ، وإنما العرب اسم جنس ، والنسب إلى الأعراب : أعرابي ، قال سيبويه : إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي ; لأنه لا واحد له على هذا المعنى ، ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى ؟ فهذا يقويه ، وعربي : بين العروبة والعروبية ، وهما من المصادر التي لا أفعال لها ، وحكى الأزهري : رجل عربي : إذا كان نسبه في العرب ثابتا ، وإن لم يكن فصيحا ، وجمعه العرب كما يقال : رجل مجوسي ويهودي ، والجمع بحذف ياء النسبة : اليهود والمجوس ، ورجل معرب : إذا كان فصيحا ، وإن كان عجمي النسب ، ورجل أعرابي بالألف : إذا كان بدويا صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ وتتبع لمساقط الغيث ، وسواء كان من العرب أو من مواليهم ، ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب ، والأعرابي إذا قيل له : يا عربي ! فرح بذلك وهش له ، والعربي إذا قيل له : يا أعرابي ! غضب له ، فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ، ومن نزل بلاد الريف واستوطن المدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب : فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء ، وقول الله عز وجل : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ، فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة طمعا في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم الله تعالى الأعراب ، ومثلهم الذين ذكرهم في سورة التوبة ، فقال : الأعراب أشد كفرا ونفاقا الآية ، قال الأزهري : والذي لا يفرق بين العرب والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية ، وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار أعراب ؛ إنما هم عرب ; لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ، ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة ، فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعما ورعوا مساقط الغيث بعدما كانوا حاضرة أو مهاجرة ؛ قيل : قد تعربوا ، أي : صاروا أعرابا بعدما كانوا عربا ، وفي الحديث : تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي جعل المهاجر ضد الأعرابي ، قال : والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة ، والعرب : هذا الجيل لا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية والمدن والنسبة إليهما أعرابي وعربي ، وفي الحديث : ثلاث من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ، ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا ، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد ، ومنه حديث ابن الأكوع : لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ثم إنه دخل على الحجاج يوما فقال له : يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك وتعربت ، قال : ويروى بالزاي وسنذكره في موضعه ، قال : والعرب : أهل الأمصار ، والأعراب منهم : سكان البادية خاصة ، وتعرب ، أي : تشبه بالعرب ، وتعرب بعد هجرته ، أي : صار أعرابيا ، والعربية : هي هذه اللغة ، واختلف الناس في العرب لم سموا عربا ، فقال بعضهم : أول من أنطق الله لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم ، وهم العرب العاربة ، ونشأ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلم بلسانهم ، فهو وأولاده العرب المستعربة ، وقيل : إن أولاد إسماعيل نشئوا بعربة ، وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خمسة أنبياء من العرب وهم : محمد وإسماعيل وشعيب وصالح وهود صلوات الله عليهم ، وهذا يدل على أن لسان العرب قديم ، وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب ، فكان شعيب وقومه [ ص: 83 ] بأرض مدين ، وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر ، وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال اليمن ، وكانوا أهل عمد وكان إسماعيل بن إبراهيم والنبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم من سكان الحرم ، وكل من سكن بلاد العرب وجزيرتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدهم ، قال الأزهري : والأقرب عندي أنهم سموا عربا باسم بلدهم العربات ، وقال إسحاق بن الفرج : عربة : باحة العرب ، وباحة دار أبي الفصاحة ، إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ، وفيها يقول قائلهم :


وعربة أرض ما يحل حرامها     من الناس إلا اللوذعي الحلاحل

.

يعني النبي صلى الله عليه وسلم أحلت له مكة ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، قال : واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة فسكنها ، وأنشد قول الآخر :


ورجت باحة العربات رجا     ترقرق في مناكبها الدماء

.

قال : وأقامت قريش بعربة فتنخت بها ، وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة ; لأن أباهم إسماعيل صلى الله عليه وسلم بها نشأ وربل أولاده فيها فكثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا وأقامت قريش بها ، وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : قريش هم أوسط العرب في العرب دارا ، وأحسنه جوارا ، وأعربه ألسنة ، وقال قتادة : كانت قريش تجتبي ، أي : تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها ، قال الأزهري : وجعل الله عز وجل القرآن المنزل على النبي المرسل محمد صلى الله عليه وسلم عربيا ; لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم ، وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب - في باديتها وقراها - العربية ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عربيا ; لأنه من صريح العرب ، ولو أن قوما من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها سموا عربا ولم يسموا أعرابا ، وتقول : رجل عربي اللسان : إذا كان فصيحا ، وقال الليث : يجوز أن يقال : رجل عرباني اللسان ، قال : والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا ، قال الأزهري : المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم ، وقال الليث : تعربوا مثل استعربوا ، قال الأزهري : ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيما بالحضر فيلحق بالأعراب ، ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر :


تعرب آبائي فهلا وقاهم     من الموت رملا عالج وزرود

.

يقول : أقام آبائي بالبادية ، ولم يحضروا القرى ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الثيب تعرب عن نفسها ، أي : تفصح ، وفي حديث آخر : الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها ، وقال أبو عبيد : هذا الحرف جاء في الحديث يعرب بالتخفيف ، وقال الفراء : إنما هو يعرب بالتشديد ، يقال : عربت عن القوم : إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم ، وقيل : إن أعرب معنى عرب ، وقال الأزهري : الإعراب والتعريب معناهما واحد ، وهو الإبانة ؛ يقال : أعرب عنه لسانه وعرب ، أي : أبان وأفصح ، وأعرب عن الرجل : بين عنه ، وعرب عنه : تكلم بحجته ، وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة : الصواب يعرب عنها بالتخفيف ، وإنما سمي الإعراب إعرابا لتبيينه وإيضاحه ؛ قال : وكلا القولين لغتان متساويتان بمعنى الإبانة والإيضاح ، ومنه الحديث الآخر : فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه ، ومنه حديث التيمي : كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب أن يقول : لا إله إلا الله سبع مرات ، أي : حين ينطق ويتكلم ، وفي حديث السقيفة : أعربهم أحسابا ، أي : أبينهم وأوضحهم ، ويقال : أعرب عما في ضميرك ، أي : أبن ، ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام : أعرب ، وقال أبو زيد الأنصاري : يقال : أعرب الأعجمي إعرابا وتعرب تعربا واستعرب استعرابا : كل ذلك للأغتم دون الصبي ، قال : وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم ، وأفصح الأغتم إفصاحا ؛ مثله ، ويقال للعربي : أفصح لي ، أي : أبن لي كلامك ، وأعرب الكلام وأعرب به : بينه ، أنشد أبو زياد :


وإني لأكني عن قذور بغيرها     وأعرب أحيانا بها فأصارح

.

وعربه كأعربه ، وأعرب بحجته ، أي : أفصح بها ولم يتق أحدا ، قال الكميت :


وجدنا لكم في آل حم آية     تأولها منا تقي معرب

.

هكذا أنشده سيبويه كمكلم ، وأورد الأزهري هذا البيت " تقي ومعرب " ، وقال : تقي يتوقى إظهاره ، حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ومعرب ، أي : مفصح بالحق لا يتوقاهم ، وقال الجوهري : معرب مفصح بالتفصيل وتقي ساكت عنه للتقية ، قال الأزهري : والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أمية والآية قوله عز وجل : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، وعرب منطقه ، أي : هذبه من اللحن ، والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ ، وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب ، ويقال : عربت له الكلام تعريبا وأعربت له إعرابا : إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة ، وعرب الرجل يعرب عربا وعروبا عن ثعلب وعروبة وعرابة وعروبية كفصح ، وعرب : إذا فصح بعد لكنة في لسانه ، ورجل عريب معرب ، وعربه : علمه العربية ، وفي حديث الحسن أنه قال له البتي : ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ ; فقال الحسن : إن هذا يعرب الناس وهو يقول رعف ، أي : يعلمهم العربية ويلحن إنما هو رعف ، وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها تقول : عربته العرب وأعربته أيضا وأعرب الأغتم وعرب لسانه بالضم عروبة ، أي : صار عربيا ، [ ص: 84 ] وتعرب واستعرب أفصح ، قال الشاعر :


ماذا لقينا من المستعربين ، ومن     قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا

وأعرب الرجل ، أي : ولد له ولد عربي اللون ، وفي الحديث : لا تنقشوا في خواتمكم عربيا ، أي : لا تنقشوا فيها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه كان نقش خاتم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنه حديث عمر رضي الله عنه : لا تنقشوا في خواتمكم العربية ، وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن ، وعربية الفرس : عتقه وسلامته من الهجنة ، وأعرب : صهل فعرف عتقه بصهيله ، والإعراب : معرفتك بالفرس العربي من الهجين إذا صهل ، وخيل عراب معربة ، قال الكسائي : والمعرب من الخيل : الذي ليس فيه عرق هجين والأنثى معربة وإبل عراب كذلك ، وقد قالوا : خيل أعرب وإبل أعرب ، قال :


ما كان إلا طلق الإهماد     وكرنا بالأعرب الجياد
حتى تحاجزن عن الرواد     تحاجز الري ولم تكاد

.

حول الإخبار إلى المخاطبة ، ولو أراد الإخبار فاتزن له لقال : ولم تكد ، وفي حديث سطيح : تقود خيلا عرابا ، أي : عربية منسوبة إلى العرب ، وفرقوا بين الخيل والناس فقالوا في الناس : عرب وأعراب ، وفي الخيل : عراب ، والإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين ، وأعرب الرجل : ملك خيلا عرابا أو إبلا عرابا أو اكتسبها فهو معرب ، قال الجعدي :


ويصهل في مثل جوف الطوي     صهيلا تبين للمعرب

يقول : إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي ، والتعريب : أن يتخذ فرسا عربيا ، ورجل معرب : معه فرس عربي ، وفرس معرب : خلصت عربيته ، وعرب الفرس : بزغه ، وذلك أن تنسف أسفل حافره ، ومعناه أنه قد بان بذلك ما كان خفيا من أمره لظهوره إلى مرآة العين بعدما كان مستورا ، وبذلك تعرف حاله أصلب هو أم رخو ، وصحيح هو أم سقيم ، قال الأزهري : والتعريب تعريب الفرس وهو أن يكوى على أشاعر حافره في مواضع ثم يبزغ بمبزغ بزغا رفيقا لا يؤثر في عصبه ليشتد أشعره ، وعرب الدابة : بزغها على أشاعرها ثم كواها ، والإعراب والتعريب : الفحش ، والتعريب والإعراب والإعرابة والعرابة بالفتح والكسر : ما قبح من الكلام ، وأعرب الرجل : تكلم بالفحش ، وقال ابن عباس في قوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ، هو العرابة في كلام العرب ، قال : والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب وهو ما قبح من الكلام ، يقال منه : عربت وأعربت ، ومنه حديث عطاء : أنه كره الإعراب للمحرم ، وهو الإفحاش في القول والرفث ، ويقال أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام ، وفي حديث ابن الزبير : لا تحل العرابة للمحرم ، وفي الحديث : أن رجلا من المشركين كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رجل من المسلمين : والله لتكفن عن شتمه أو لأرحلنك بسيفي هذا فلم يزدد إلا استعرابا فحمل عليه فضربه وتعاوى عليه المشركون فقتلوه ، الاستعراب : الإفحاش في القول ، وقال رؤبة يصف نساء : جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج ، وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع ، فقال :


والعرب في عفافة وإعراب

وهذا كقولهم : خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها ، وعرب عليه : قبح قوله وفعله ، وغيره عليه ورده عليه ، والإعراب كالتعريب ، والإعراب : ردك الرجل عن القبيح ، وعرب عليه : منعه ، وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أن لا تعربوا عليه ، فليس من التعريب الذي جاء في الخبر ، وإنما هو من قولك : عربت على الرجل قوله إذا قبحته عليه ، وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله : أن لا تعربوا عليه ، معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه وتقبحوه ، ومنه قول أوس بن حجر :


ومثل ابن عثم إن ذحول تذكرت     وقتلى تياس عن صلاح تعرب

ويروى : يعرب يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ولم نثئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا عنها ، والصلاح : المصالحة ، ابن الأعرابي : التعريب التبيين والإيضاح في قوله : الثيب تعرب عن نفسها ، أي : ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار والرد عليه ولا تستأثروا ، قال : والتعريب المنع والإنكار في قوله أن لا تعربوا ، أي : لا تمنعوا ، وكذلك قوله عن صلاح تعرب ، أي : تمنع ، وقيل : الفحش والتقبيح من عرب الجرح إذا فسد ، ومنه الحديث : أن رجلا أتاه فقال : إن ابن أخي عرب بطنه ، أي : فسد فقال : اسقه عسلا ، وقال شمر : التعريب أن يتكلم الرجل بالكلمة فيفحش فيها أو يخطئ فيقول له الآخر : ليس كذا ، ولكنه كذا للذي هو أصوب ، أراد معنى حديث عمر أن لا تعربوا عليه ، قال : والتعريب مثل الإعراب من الفحش في الكلام ، وفي حديث بعضهم : ما أوتي أحد من معاربة النساء ما أوتيته أنا ، كأنه أراد أسباب الجماع ومقدماته ، وعرب الرجل عربا فهو عرب : اتخم ، وعربت معدته بالكسر عربا : فسدت ، وقيل : فسدت مما يحمل عليها مثل ذربت ذربا فهي عربة وذربة ، وعرب الجرح عربا وحبط حبطا : بقي فيه أثر بعد البرء ونكس وعفر ، وعرب السنام عربا إذا ورم وتقيح ، والتعريب : تمريض العرب وهو الذرب المعدة ، قال الأزهري : ويحتمل أن يكون التعريب على من يقول بلسانه المنكر من هذا ; لأنه يفسد عليه كلامه كما فسدت معدته ، قال أبو زيد الأنصاري : فعلت كذا وكذا فما عرب علي أحد ، أي : ما غير علي أحد ، والعرابة والإعراب : النكاح ، وقيل : التعريض به ، والعربة والعروب : كلتاهما المرأة الضحاكة ، وقيل : هي المتحببة إلى زوجها المظهرة له ذلك ، وبذلك فسر قوله عز وجل : عربا أترابا ، [ ص: 85 ] وقيل : هي العاشقة له ، وفي حديث عائشة : فاقدروا قدر الجارية العربة ، قال ابن الأثير : هي الحريصة على اللهو ، فأما العرب : فجمع عروب وهي المرأة الحسناء المتحببة إلى زوجها ، وقيل : العرب الغنجات ، وقيل : المغتلمات ، وقيل : العواشق ، وقيل : هي الشكلات بلغة أهل مكة والمغنوجات بلغة أهل المدينة ، والعروبة : مثل العروب في صفة النساء ، وقال اللحياني : هي العاشق الغلمة وهي العروب أيضا ، ابن الأعرابي قال : العروب المطيعة لزوجها المتحببة إليه ، قال : والعروب أيضا العاصية لزوجها الخائنة بفرجها الفاسدة في نفسها ، وأنشد :


فما خلف من أم عمران سلفع     من السود ورهاء العنان عروب

قال ابن سيده : وأنشد ثعلب هذا البيت ولم يفسره ، قال : وعندي أن عروب في هذا البيت الضحاكة ، وهم يعيبون النساء بالضحك الكثير ، وجمع العربة : عربات ، وجمع العروب : عرب ، قال :


أعدى بها العربات البدن

العرب وتعربت المرأة للرجل : تغزلت ، وأعرب الرجل : تزوج امرأة عروبا ، والعرب : النشاط والأرن ، وعرب عرابة : نشط ، قال :


كل طمر غذوان عربه

ويروى : عدوان ، وماء عرب : كثير ، والتعريب : الإكثار من شرب العرب وهو الكثير من الماء الصافي ، ونهر عرب : غمر ، وبئر عربة : كثيرة الماء والفعل من كل ذلك عرب عربا فهو عارب وعاربة ، والعربة بالتحريك : النهر الشديد الجري ، والعربة أيضا : النفس ، قال ابن ميادة :


لما أتيتك أرجو فضل نائلكم     نفحتني نفحة طابت لها العرب

والعربات : سفن رواكد كانت في دجلة ، واحدتها على لفظ ما تقدم ، عربة . والتعريب : قطع سعف النخل وهو التشذيب ، والعرب : يبيس البهمى خاصة ، وقيل : يبيس كل بقل ، الواحدة عربة ، وقيل : عرب البهمى شوكها ، والعربي : شعير أبيض وسنبله حرفان عريض ، وحبه كبار أكبر من شعير العراق وهو أجود الشعير ، وما بالدار عريب ومعرب ، أي : أحد ، الذكر والأنثى فيه سواء ، ولا يقال في غير النفي ، وأعرب سقي القوم إذا كان مرة غبا ، ومرة خمسا ثم قام على وجه واحد ، ابن الأعرابي : العراب الذي يعمل العرابات واحدتها عرابة ، وهي شمل ضروع الغنم ، وعرب الرجل إذا غرق في الدنيا ، والعربان والعربون والعربون : كله ما عقد به البيعة من الثمن ، أعجمي أعرب ، قال الفراء : أعربت إعرابا وعربت تعريبا إذا أعطيت العربان ، وروي عن عطاء أنه كان ينهى عن الإعراب في البيع ، قال شمر : الإعراب في البيع أن يقول الرجل للرجل : إن لم آخذ هذا البيع بكذا فلك كذا وكذا من مالي ، وفي الحديث أنهنهى عن بيع العربان ؛ هو أن يشتري السلعة ، ويدفع إلى صاحبها شيئا على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن ، وإن لم يمض البيع كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري ، يقال : أعرب في كذا وعرب وعربن وهو عربان وعربون وعربون ، وقيل : سمي بذلك ; لأن فيه إعرابا لعقد البيع ، أي : إصلاحا وإزالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه ، وهو بيع باطل عند الفقهاء لما فيه من الشرط والغرر ، وأجازه أحمد ، وروي عن ابن عمر إجازته ، قال ابن الأثير : وحديث النهي منقطع ، وفي حديث عمر : أن عامله بمكة اشترى دارا للسجن بأربعة آلاف وأعربوا فيها أربعمائة ، أي : أسلفوا وهو من العربان ، وفي حديث عطاء : أنه كان ينهى عن الإعراب في البيع ، ويقال : ألقى فلان عربونه إذا أحدث ، وعروبة والعروبة : كلتاهما الجمعة ، وفي الصحاح : يوم العروبة بالإضافة ، وهو من أسمائهم القديمة قال :


أؤمل أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار
أو التالي دبار فإن أفته     فمؤنس أو عروبة أو شيار

أراد : فبمؤنس وترك صرفه على اللغة العادية القديمة ، وإن شئت جعلته على لغة من رأى ترك صرف ما ينصرف ، ألا ترى أن بعضهم قد وجه قول الشاعر : .

. . . . . . . .

وممن ولدوا :     عامر ذو الطول وذو العرض

على ذلك ، قال أبو موسى الحامض : قلت لأبي العباس : هذا الشعر موضوع ، قال : لم ؟ قلت : لأن مؤنسا وجبارا ودبارا وشيارا تنصرف وقد ترك صرفها ، فقال : هذا جائز في الكلام فكيف في الشعر ؟ وفي حديث الجمعة : كانت تسمى عروبة هو اسم قديم لها ، وكأنه ليس بعربي ، يقال : يوم عروبة ويوم العروبة ، والأفصح أن لا يدخلها الألف واللام ، قال السهيلي في الروض الأنف : كعب بن لؤي جد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من جمع يوم العروبة ، ولم تسم العروبة إلا مذ جاء الإسلام ، وهو أول من سماها الجمعة ، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخطبهم ويذكرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أنه من ولده ، ويأمرهم باتباعه والإيمان به ، وينشد في هذا أبياتا منها :


يا ليتني شاهد فحواء دعوته     إذا قريش تبغي الخلق خذلانا

قال ابن الأثير : وعروبا اسم السماء السابعة ، والعبرب : السماق ، وقدر عربربية وعبربية ، أي : سماقية ، وفي حديث الحجاج قال لطباخه : اتخذ لنا عبربية وأكثر فيجنها ، العبرب : السماق والفيجن : السذاب ، والعراب : حمل الخزم وهو شجر يفتل من لحائه الحبال الواحدة عرابة تأكله القرود ، وربما أكله الناس في المجاعة ، والعربات : طريق في جبل بطريق مصر ، وعريب : حي من اليمن ، وابن العروبة : رجل معروف ، وفي الصحاح : ابن أبي العروبة بالألف واللام ، ويعرب : اسم ، وعرابة بالفتح : اسم رجل من الأنصار من الأوس ، قال الشماخ :

[ ص: 86 ] إذا

ما راية رفعت لمجد     تلقاها عرابة باليمين



التالي السابق


الخدمات العلمية