صفحة جزء
[ عرس ]

عرس : العرس بالتحريك : الدهش ، وعرس الرجل وعرش بالكسر والسين والشين عرسا فهو عرس : بطر ، وقيل : أعيا ودهش ، وقول أبي ذؤيب :


حتى إذا أدرك الرامي وقد عرست عنه الكلاب فأعطاها الذي يعد

عداه بعن ; لأن فيه معنى جبنت وتأخرت وأعطاها ، أي : أعطى الثور الكلاب ما وعدها من الطعن ووعده إياها كأن يتهيأ ، ويتحرف إليها ليطعنها ، وعرس الشيء عرسا : اشتد ، وعرس الشر بينهم : لزم ودام ، وعرس به عرسا : لزمه ، وعرس عرسا فهو عرس : لزم القتال فلم يبرحه ، وعرس الصبي بأمه عرسا : ألفها ولزمها .

والعرس والعرس : مهنة الإملاك والبناء ، وقيل : طعامه خاصة ، أنثى تؤنثها العرب ، وقد تذكر ، قال الراجز :


إنا وجدنا عرس الحناط     لئيمة مذمومة الحواط
ندعى مع النساج والخياط

وتصغيرها بغير هاء وهو نادر ; لأن حقه الهاء إذ هو مؤنث على ثلاثة أحرف ، وفي حديث ابن عمر : أن امرأة قالت له : إن ابنتي عريس وقد تمعط شعرها ، هي تصغير العروس ولم تلحقه تاء التأنيث ، وإن كان مؤنثا لقيام الحرف الرابع مقامه ، والجمع أعراس وعرسات ، من قولهم : عرس الصبي بأمه على التفاؤل ، وقد أعرس فلان ، أي : اتخذ عرسا ، وأعرس بأهله إذا بنى بها ، وكذلك إذا غشيها ولا تقل عرس ، والعامة تقوله ، قال الراجز يصف حمارا :


يعرس أبكارا بها وعنسا     أكرم عرس باءة إذ أعرسا

وفي حديث عمر : أنه نهى عن متعة الحج ، وقال : قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، ولكني كرهت أن يظلوا معرسين بهن تحت الأراك ثم يلبون بالحج تقطر رءوسهم ، قوله معرسين ، أي : ملمين بنسائهم وهو بالتخفيف ، وهذا يدل على أن إلمام الرجل بأهله يسمى إعراسا أيام بنائه عليها وبعد ذلك ; لأن تمتع الحاج بامرأته يكون بعد بنائه عليها ، وفي حديث أبي طلحة وأم سليم : فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعرستم الليلة ؟ قال : نعم ، قال ابن الأثير : أعرس الرجل فهو معرس إذا دخل بامرأته عند بنائها ، وأراد بها هاهنا الوطء فسماه إعراسا ; لأنه من توابع الإعراس ، قال : ولا يقال فيه عرس ، والعروس : نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ، وفي الصحاح : ما داما في إعراسهما ، ويقال : رجل عروس في رجال أعراس وعرس ، وامرأة عروس في نسوة [ ص: 95 ] عرائس ، وفي المثل : كاد العروس يكون أميرا ، وفي الحديث : فأصبح عروسا ، يقال للرجل عروس كما يقال للمرأة ، وهو اسم لهما عند دخول أحدهما بالآخر ، وفي حديث حسان بن ثابت : أنه كان إذا دعي إلى طعام قال : أفي خرس أو عرس أم إعذار ؟ قال أبو عبيد في قوله عرس : يعني طعام الوليمة وهو الذي يعمل عند العرس يسمى عرسا باسم سببه ، قال الأزهري : العرس اسم من إعراس الرجل بأهله إذا بنى عليها ودخل بها ، وكل واحد من الزوجين عروس ، يقال للرجل : عروس وعروس وللمرأة كذلك ، ثم تسمى الوليمة عرسا ، وعرس الرجل : امرأته ، قال :


وحوقل قربه من عرسه     سوقي وقد غاب الشظاظ في استه

.

أراد أن هذا المسن كان على الرحل فنام فحلم بأهله ، فذلك معنى قوله : قربه من عرسه ; لأن هذا المسافر لولا نومه لم ير أهله ، وهو أيضا عرسها ; لأنهما اشتركا في الاسم لمواصلة كل واحد منهما صاحبه وإلفه إياه ، قال العجاج :


أزهر لم يولد بنجم نحس     أنجب عرس جبلا وعرس

.

أي : أنجب بعل وامرأة ، وأراد أنجب عرس وعرس جبلا ، وهذا يدل على أن ما عطف بالواو بمنزلة ما جاء في لفظ واحد فكأنه قال : أنجب عرسين جبلا ، لولا إرادة ذلك لم يجز هذا ; لأن جبلا وصف لهما جميعا ومحال تقديم الصفة على الموصوف ، وكأنه قال : أنجب رجل وامرأة ، وجمع العرس التي هي المرأة والذي هو الرجل أعراس والذكر والأنثى عرسان ، قال علقمة يصف ظليما :


حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع     أدحي عرسين فيه البيض مركوم

قال ابن بري : تلافى تدارك ، والأدحي : موضع بيض النعامة ، وأراد بالعرسين الذكر والأنثى ; لأن كل واحد منهما عرس لصاحبه ، والمركوم : الذي ركب بعضه بعضا ، ولبوءة الأسد : عرسه ، وقد استعاره الهذلي للأسد فقال :


ليث هزبر مدل حول غابته     بالرقمتين له أجر وأعراس

قال ابن بري : البيت لمالك بن خويلد الخناعي ، وقبله :


يا مي لا يعجز الأيام مجترئ     في حومة الموت رزام وفراس

الرزام : الذي له رزيم وهو الزئير ، والفراس : الذي يدق عنق فريسته ، ويسمى كل قتل فرسا ، والهزبر : الضخم الزبرة ، وذكر الجوهري عوض حول غابته : عند خيسته وخيسة الأسد : أجمته ، ورقمة الوادي : حيث يجتمع الماء ، ويقال : الرقمة الروضة ، وأجر : جمع جرو وهو عرسها أيضا ، واستعاره بعضهم للظليم والنعامة ، فقال :


كبيضة الأدحي بين العرسين

وقد عرس وأعرس : اتخذها عرسا ودخل بها ، وكذلك عرس بها وأعرس ، والمعرس : الذي يغشي امرأته ، يقال : هي عرسه وطلته وقعيدته والزوجان لا يسميان عروسين إلا أيام البناء واتخاذ العرس ، والمرأة تسمى عرس الرجل في كل وقت ، ومن أمثال العرب : لا مخبأ لعطر بعد عروس ، قال المفضل : عروس هاهنا اسم رجل تزوج امرأة ، فلما أهديت له وجدها تفلة ، فقال : أين عطرك ؟ فقالت : خبأته ، فقال : لا مخبأ لعطر بعد عروس ، وقيل : إنها قالته بعد موته ، وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب ، والعريسة والعريس : الشجر الملتف وهو مأوى الأسد في خيسه ، قال رؤبة :


أغياله والأجم العريسا

وصف به كأنه قال : والأجم الملتف أو أبدله ; لأنه اسم ، وفي المثل :

كمبتغي الصيد في عريسة الأسد وقال طرفة :


كليوث وسط عريس الأجم

فأما قول جرير :


مستحصد أجمي فيهم وعريسي

فإنه عنى منبت أصله في قومه ، والمعرس : الذي يسير نهاره ويعرس ، أي : ينزل أول الليل ، وقيل : التعريس النزول في آخر الليل ، وعرس المسافر : نزل في وجه السحر ، وقيل : التعريس النزول في المعهد ، أي حين كان من ليل أو نهار قال زهير :


وعرسوا ساعة في كثب أسنمة     ومنهم بالقسوميات معترك

ويروى :


ضحوا قليلا قفا كثبان أسنمة

وقال غيره : والتعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ، ثم ينيخون وينامون نومة خفيفة ثم يثورون مع انفجار الصبح سائرين ، ومنه قول لبيد :


قلما عرس حتى هجته     بالتباشير من الصبح الأول

وأنشدت أعرابية من بني نمير :


قد طلعت حمراء فنطليس     ليس لركب بعدها تعريس

وفي الحديث : كان إذا عرس بليل توسد لبنة ، وإذا عرس عند الصبح نصب ساعده نصبا ووضع رأسه في كفه ، وأعرسوا : لغة فيه قليلة ، والموضع : معرس ومعرس ، والمعرس : موضع التعريس ، وبه سمي معرس ذي الحليفة ، عرس به وصلى فيه الصبح ثم رحل ، والعراس والمعرس والمعرس بائع الأعراس وهي الفصلان الصغار ، واحدها عرس وعرس ، قال : وقال أعرابي بكم البلهاء وأعراسها ؟ أي : أولادها ، والمعرس : السائق الحاذق بالسياق فإذا نشط القوم سار بهم فإذا كسلوا عرس بهم ، والمعرس : الكثير التزويج ، والعرس : الإقامة في الفرح ، والعراس بائع العرس وهي الحبال ، واحدها [ ص: 96 ] عريس ، والعرس : الحبل ، والعرس : عمود في وسط الفسطاط ، واعترسوا عنه : تفرقوا ، وقال الأزهري : هذا حرف منكر لا أدري ما هو ، والبيت المعرس : الذي عمل له عرس بالفتح ، والعرس : الحائط يجعل بين حائطي البيت لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف ذلك الحائط الداخل إلى أقصى البيت ويسقف البيت كله فما كان بين الحائطين فهو سهوة ، وما كان تحت الجائز فهو المخدع ، والصاد فيه لغة وسيذكر ، وعرس البيت : عمل له عرسا ، وفي الصحاح : العرس بالفتح حائط يجعل بين حائطي البيت الشتوي لا يبلغ به أقصاه ثم يسقف ليكون البيت أدفأ ، وإنما يفعل ذلك في البلاد الباردة ، ويسمى بالفارسية بيجه ، قال : وذكر أبو عبيدة في تفسيره شيئا غير هذا لم يرتضه أبو الغوث ، وعرس البعير يعرسه ويعرسه عرسا : شد عنقه مع يديه جميعا وهو بارك ، والعراس : ما عرس به ، فإذا شد عنقه إلى إحدى يديه فهو العكس ، واسم ذلك الحبل العكاس ، واعترس الفحل الناقة : أبركها للضراب ، والإعراس : وضع الرحى على الأخرى ، قال ذو الرمة :


كأن على إعراسه وبنائه     وئيد جياد قرح ضبرت ضبرا

أراد على موضع إعراسه ، وابن عرس : دويبة معروفة دون السنور أشتر أصلم أصك له ناب ، والجمع بنات عرس ذكرا كان أو أنثى معرفة ونكرة ، تقول : هذا ابن عرس مقبلا ، وهذا ابن عرس آخر مقبل ، ويجوز في المعرفة الرفع ، ويجوز في النكرة النصب ، قاله المفضل والكسائي ، قال الجوهري : وابن عرس دويبة تسمى بالفارسية راسو ، ويجمع على بنات عرس ، وكذلك ابن آوى وابن مخاض وابن لبون وابن ماء تقول : بنات آوى وبنات مخاض وبنات لبون وبنات ماء ، وحكى الأخفش : بنات عرس وبنو عرس ، وبنات نعش وبنو نعش ، والعرسي : ضرب من الصبغ سمي به للونه كأنه يشبه لون ابن عرس الدابة ، والعروسي : ضرب من النخل ، حكاه أبو حنيفة ، والعريساء : موضع ، والمعرسانيات : أرض ، قال الأخطل :


وبالمعرسانيات حل وأرزمت     بروض القطا منه مطافيل حفل

وذات العرائس : موضع ، قال الأزهري : ورأيت بالدهناء جبالا من نقيان رمالها يقال لها العرائس ، ولم أسمع لها بواحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية