صفحة جزء
[ عرض ]

عرض : العرض : خلاف الطول ، والجمع أعراض عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


يطوون أعراض الفجاج الغبر طي أخي التجر برود التجر

وفي الكثير عروض وعراض قال أبو ذؤيب يصف برقا :


أمنك برق أبيت الليل أرقبه     كأنه في عراض الشام مصباح

وقال الجوهري : أي : في شقه وناحيته ، وقد عرض يعرض عرضا مثل صغر صغرا وعراضة ، بالفتح ، قال جرير :


إذا ابتدر الناس المكارم بذهم     عراضة أخلاق ابن ليلى وطولها

فهو عريض وعراض بالضم ، والجمع عرضان ، والأنثى عريضة وعراضة ، وعرضت الشيء : جعلته عريضا ، وقال الليث : أعرضته جعلته عريضا ، وتعريض الشيء : جعله عريضا ، والعراض أيضا : العريض كالكبار والكبير ، وفي حديث أحد : قال للمنهزمين لقد ذهبتم فيها عريضة ، أي : واسعة ، وفي الحديث : لئن أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ، أي : جئت بالخطبة قصيرة وبالمسألة واسعة كبيرة ، والعراضات : الإبل العريضات الآثار ، ويقال للإبل : إنها العراضات أثرا ، قال الساجع : إذا طلعت الشعرى سفرا ، ولم تر مطرا ، فلا تغذون إمرة ولا إمرا ، وأرسل العراضات أثرا يبغينك في الأرض معمرا ، السفر : بياض النهار ، والإمر : الذكر من ولد الضأن ، والإمرة : الأنثى ، وإنما خص المذكور من الضأن وإن كان أراد جميع الغنم ; لأنها أعجز عن الطلب من المعز والمعز تدرك ما لا تدرك الضأن ، والعراضات : الإبل ، والمعمر : المنزل بدار معاش ، أي : أرسل الإبل العريضة الآثار عليها ركبانها ليرتادوا لك منزلا تنتجعه ، ونصب أثرا على التمييز ، وقوله تعالى : فذو دعاء عريض ، أي : واسع ، وإن كان العرض إنما يقع في الأجسام والدعاء ليس بجسم ، وأعرضت بأولادها : ولدتهم عراضا ، وأعرض : صار ذا عرض ، وأعرض في الشيء : تمكن من عرضه ، قال ذو الرمة :


فعال فتى بنى وبنى أبوه     فأعرض في المكارم واستطالا

جاء به على المثل ; لأن المكارم ليس لها طول ولا عرض في الحقيقة ، وقوس عراضة : عريضة ، وقول أسماء بن خارجة أنشده ثعلب :


فعرضته في ساق أسمنها     فاجتاز بين الحاذ والكعب

لم يفسره ثعلب وأراه أراد : غيبت فيها عرض السيف‌ ، ورجل عريض البطان : مثر كثير المال ، وقيل في قوله تعالى : فذو دعاء عريض ، أراد " كثير " فوضع العريض موضع الكثير ; لأن كل واحد منهما مقدار ، وكذلك لو قال " طويل " لوجه على هذا ، فافهم ، والذي تقدم أعرف ، وامرأة عريضة أريضة : ولود كاملة ، وهو يمشي بالعرضية والعرضية عن اللحياني ، أي : بالعرض ، والعراض : من سمات الإبل وسم ، قيل : هو خط في الفخذ عرضا عن ابن حبيب من تذكرة أبي علي ، تقول منه : عرض بعيره عرضا ، والمعرض : نعم وسمه العراض ، قال الراجز :


سقيا بحيث يهمل المعرض

تقول منه : عرضت الإبل ، وإبل معرضة : سمتها العراض في عرض الفخذ لا في طوله ، يقال منه : عرضت البعير وعرضته تعريضا ، وعرض الشيء عليه يعرضه عرضا : أراه إياه ، وقول ساعدة بن جؤية :


وقد كان يوم الليث لو قلت أسوة     ومعرضة لو كنت قلت لقابل
. علي وكانوا أهل عز مقدم     ومجد إذا ما حوض المجد نائل
.



[ ص: 100 ] أراد : لقد كان لي في هؤلاء القوم الذين هلكوا ما آتسي به ، ولو عرضتهم علي مكان مصيبتي بابني لقبلت ، وأراد : ( ومعرضة علي ) ففصل ، وعرضت البعير على الحوض ، وهذا من المقلوب ، ومعناه عرضت الحوض على البعير ، وعرضت الجارية والمتاع على البيع عرضا ، وعرضت الكتاب ، وعرضت الجند عرض العين : إذا أمررتهم عليك ونظرت ما حالهم ، وقد عرض العارض الجند واعترضوا هم ، ويقال : اعترضت على الدابة : إذا كنت وقت العرض راكبا ، قال ابن بري : قال الجوهري وعرضت بالبعير على الحوض ، وصوابه عرضت البعير ، ورأيت عدة نسخ من الصحاح فلم أجد فيها إلا : وعرضت البعير ، ويحتمل أن يكون الجوهري قال ذلك وأصلح لفظه فيما بعد ، وقد فاته العرض والعرض ، الأخيرة أعلى ، قال يونس : فاته العرض بفتح الراء كما تقول قبض الشيء قبضا ، وقد ألقاه في القبض ، أي : فيما قبضه وقد فاته العرض وهو العطاء والطمع ، قال عدي بن زيد :


وما هذا بأول ما ألاقي من     الحدثان والعرض القريب

.

أي : الطمع القريب ، واعترض الجند على قائدهم ، واعترض الناس : عرضهم واحدا واحدا ، واعترض المتاع ونحوه واعترضه على عينه ، عن ثعلب ، ونظر إليه عرض عين ، عنه أيضا ، أي : اعترضه على عينه ، ورأيته عرض عين ، أي : ظاهرا عن قريب ، وفي حديث حذيفة : تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير ، قال ابن الأثير : أي : توضع عليها وتبسط كما تبسط الحصير ، وقيل : هو من عرض الجند بين يدي السلطان لإظهارهم واختبار أحوالهم ، ويقال : انطلق فلان يتعرض بجمله السوق : إذا عرضه على البيع ، ويقال : تعرض ، أي : أقمه في السوق ، وعارض الشيء بالشيء معارضة : قابله وعارضت كتابي بكتابه ، أي : قابلته ، وفلان يعارضني ، أي : يباريني ، وفي الحديث : إن جبريل - عليه السلام - كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة ، وإنه عارضه العام مرتين ، قال ابن الأثير : أي : كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن ، من المعارضة : المقابلة ، وأما الذي في الحديث : لا جلب ولا جنب ولا اعتراض ، فهو أن يعترض رجل بفرسه في السباق فيدخل مع الخيل ، ومنه حديث سراقة : أنه عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر الفرس ، أي : اعترض به الطريق يمنعهما من المسير ، وأما حديث أبي سعيد : كنت مع خليلي صلى الله عليه وسلم في غزوة إذا رجل يقرب فرسا في عراض القوم ، فمعناه : يسير حذاءهم معارضا لهم ، وأما حديث الحسن بن علي : أنه ذكر عمر فأخذ الحسين في عراض كلامه ، أي : في مثل قوله ومقابله ، وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عارض جنازة أبي طالب ، أي : أتاها معترضا من بعض الطريق ولم يتبعها من منزله ، وعرض من سلعته : عارض بها فأعطى سلعة وأخذ أخرى ، وفي الحديث : ثلاث فيهن البركة ، منهن البيع إلى أجل والمعارضة ، أي : بيع العرض بالعرض ، وهو بالسكون : المتاع بالمتاع لا نقد فيه ، يقال : أخذت هذه السلعة عرضا : إذا أعطيت في مقابلتها سلعة أخرى ، وعارضه في البيع فعرضه يعرضه عرضا : غبنه ، وعرض له من حقه ثوبا أو متاعا يعرضه عرضا وعرض به : أعطاه إياه مكان حقه ، و ( من ) في قولك : عرضت له من حقه بمعنى البدل ، كقول الله عز وجل : ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون ، يقول : لو نشاء لجعلنا بدلكم في الأرض ملائكة ، ويقال : عرضتك ، أي : عوضتك ، والعارض : ما عرض من الأعطية ، قال أبو محمد الفقعسي :


يا ليل أسقاك البريق الوامض     هل لك والعارض منك عائض
في هجمة يسئر منها القابض ؟

.

قاله يخاطب امرأة خطبها إلى نفسها ورغبها في أن تنكحه فقال : هل لك رغبة في مائة من الإبل أو أكثر من ذلك ; لأن الهجمة أولها الأربعون إلى ما زادت يجعلها لها مهرا ، وفيه تقديم وتأخير ، والمعنى : هل لك في مائة من الإبل أو أكثر يسئر منها قابضها الذي يسوقها ، أي : يبقي ; لأنه لا يقدر على سوقها لكثرتها وقوتها ; لأنها تفرق عليه ، ثم قال : والعارض منك عائض ، أي : المعطي بدل بضعك عرضا عائض ، أي : آخذ عوضا منك بالتزويج يكون كفاء لما عرض منك ، ويقال : عضت أعاض : إذا اعتضت عوضا ، وعضت أعوض : إذا عوضت عوضا ، أي : دفعت ، فقوله : عائض من ( عضت ) لا من ( عضت ) ومن روى يغدر أراد يترك من قولهم غادرت الشيء ، قال ابن بري : والذي في شعره : والعائض منك عائض ، أي : والعوض منك عوض ، كما تقول : الهبة منك هبة ، أي : لها موقع ، ويقال : كان لي على فلان نقد فأعسرته فاعترضت منه ، وإذا طلب قوم عند قوم دما فلم يقيدوهم ، قالوا : نحن نعرض منه فاعترضوا منه ، أي : اقبلوا الدية ، وعرض الفرس في عدوه : مر معترضا ، وعرض العود على الإناء والسيف على فخذه يعرضه عرضا ويعرضه ، قال الجوهري : هذه وحدها بالضم ، وفي الحديث : خمروا آنيتكم ولو بعود تعرضونه عليه ، أي : تضعونه معروضا عليه ، أي : بالعرض ، وعرض الرمح يعرضه عرضا وعرضه ، قال النابغة :


لهن عليهم عادة قد عرفنها     إذا عرضوا الخطي فوق الكواثب

.

وعرض الرامي القوس عرضا : إذا أضجعها ثم رمى عنها ، وعرض له عارض من الحمى وغيرها ، وعرضتهم على السيف قتلا ، وعرض الشيء يعرض واعترض : انتصب ومنع وصار عارضا كالخشبة المنتصبة في النهر والطريق ونحوها تمنع السالكين سلوكها ، ويقال : اعترض الشيء دون الشيء ، أي : حال دونه ، واعترض الشيء : تكلفه ، وأعرض لك الشيء من بعيد : بدا وظهر ، وأنشد :


إذا أعرضت داوية مدلهمة     وغرد حاديها فرين بها فلقا

.

أي : بدت ، وعرض له أمر كذا ، أي : ظهر ، وعرضت عليه أمر كذا وعرضت له الشيء ، أي : أظهرته له وأبرزته إليه ، وعرضت الشيء فأعرض ، أي : أظهرته فظهر ، وهذا كقولهم : كببته فأكب وهو من النوادر ، وفي حديث عمر : تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم ، [ ص: 101 ] هكذا روي بالفتح ، قال الحربي : والصواب بالكسر ، يقال : أعرض الشيء يعرض من بعيد : إذا ظهر ، أي : تدعونه وهو ظاهر لكم ، وفي حديث عثمان بن العاص : أنه رأى رجلا فيه اعتراض ، هو الظهور والدخول في الباطل والامتناع من الحق ، قال ابن الأثير : واعترض فلان الشيء : تكلفه ، والشيء معرض لك : موجود ظاهر لا يمتنع ، وكل مبد عرضه معرض ، قال عمرو بن كلثوم :


وأعرضت اليمامة واشمخرت     كأسياف بأيدي مصلتينا

.

وقال أبو ذؤيب :


بأحسن منها حين قامت فأعرضت     تواري الدموع حين جد انحدارها

.

واعترض له بسهم : أقبل قبله فرماه فقتله ، واعترض عرضه : نحا نحوه ، واعترض الفرس في رسنه ، وتعرض : لم يستقم لقائده ، قال الطرماح :


وأراني المليك رشدي وقد كن     ت أخا عنجهية واعتراض

.

وقال :


تعرضت لم تأل عن قتل لي     تعرض المهرة في الطول

.

والعرض من أحداث الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك ، قال الأصمعي : العرض : الأمر يعرض للرجل يبتلى به ، قال اللحياني : والعرض ما عرض للإنسان من أمر يحبسه من مرض أو لصوص ، والعرض : ما يعرض للإنسان من الهموم والأشغال ، يقال : عرض لي يعرض وعرض يعرض لغتان ، والعارضة : واحدة العوارض وهي الحاجات ، والعرض والعارض : الآفة تعرض في الشيء ، وجمع العرض أعراض وعرض له الشك ونحوه من ذلك ، وشبهة عارضة : معترضة في الفؤاد ، وفي حديث علي رضي الله عنه : يقدح الشك في قلبه بأول عارضة من شبهة ، وقد تكون العارضة هنا مصدرا كالعاقبة والعافية ، وأصابه سهم عرض وحجر عرض ، مضاف ، وذلك أن يرمى به غيره عمدا فيصاب هو بتلك الرمية ولم يرد بها ، وإن سقط عليه حجر من غير أن يرمي به أحد فليس بعرض ، والعرض في الفلسفة : ما يوجد في حامله ، ويزول عنه من غير فساد حامله ، ومنه ما لا يزول عنه ، فالزائل منه كأدمة الشحوب وصفرة اللون وحركة المتحرك ، وغير الزائل كسواد القار والسبج والغراب ، وتعرض الشيء : دخله فساد ، وتعرض الحب كذلك ، قال لبيد :


فاقطع لبانة من تعرض وصله     ولشر واصل خلة صرامها

.

وقيل : من تعرض وصله ، أي : تعوج وزاغ ولم يستقم كما يتعرض الرجل في عروض الجبل يمينا وشمالا ، قال امرؤ القيس يذكر الثريا :


إذا ما الثريا في السماء تعرضت     تعرض أثناء الوشاح المفصل

.

أي : لم تستقم في سيرها ومالت كالوشاح المعوج أثناؤه على جارية توشحت به ، وعرض الدنيا : ما كان من مال قل أو كثر ، والعرض : ما نيل من الدنيا ، يقال : الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ، وهو حديث مروي ، وفي التنزيل : يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا ، قال أبو عبيدة : جميع متاع الدنيا عرض بفتح الراء ، وفي الحديث : ليس الغنى عن كثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس ، العرض بالتحريك : متاع الدنيا وحطامها ، وأما العرض بسكون الراء فما خالف الثمنين الدراهم والدنانير من متاع الدنيا وأثاثها ، وجمعه عروض ، فكل عرض داخل في العرض ، وليس كل عرض عرضا ، والعرض : خلاف النقد من المال ، قال الجوهري : العرض : المتاع ، وكل شيء فهو عرض سوى الدراهم والدنانير فإنهما عين ، قال أبو عبيد : العروض : الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا يكون حيوانا ولا عقارا ، تقول : اشتريت المتاع بعرض ، أي : بمتاع مثله ، وعارضته بمتاع أو دابة أو شيء معارضة : إذا بادلته به ، ورجل عريض مثل فسيق : يتعرض الناس بالشر ، قال :


وأحمق عريض عليه غضاضة     تمرس بي من حينه وأنا الرقم

.

واستعرضه : سأله أن يعرض عليه ما عنده ، واستعرض : يعطي من أقبل ومن أدبر ، يقال : استعرض العرب ، أي : سل من شئت منهم عن كذا وكذا ، واستعرضته ، أي : قلت له : اعرض علي ما عندك ، وعرض الرجل : حسبه ، وقيل : نفسه ، وقيل : خليقته المحمودة ، وقيل : ما يمدح به ويذم ، وفي الحديث : إن أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، قال ابن الأثير : هو جمع العرض المذكور على اختلاف القول فيه ، قال حسان :


فإن أبي ووالده وعرضي     لعرض محمد منكم وقاء

.

قال ابن الأثير : هذا خاص للنفس ، يقال : أكرمت عنه عرضي ، أي : صنت عنه نفسي ، وفلان نقي العرض ، أي : بريء من أن يشتم أو يعاب ، والجمع أعراض ، وعرض عرضه يعرضه واعترضه : إذا وقع فيه وانتقصه وشتمه أو قاتله أو ساواه في الحسب ، أنشد ابن الأعرابي :


وقوما آخرين تعرضوا لي     ولا أجني من الناس اعتراضا

.

أي : لا أجتني شتما منهم ، ويقال : لا تعرض عرض فلان ، أي : لا تذكره بسوء ، وقيل في قوله شتم فلان عرض فلان : معناه ذكر أسلافه وآباءه بالقبيح ، ذكر ذلك أبو عبيد فأنكر ابن قتيبة أن يكون العرض الأسلاف والآباء ، وقال : العرض نفس الرجل ، وقال في قوله : " يجري من أعراضهم مثل ريح المسك " ، أي : من أنفسهم وأبدانهم ، قال أبو بكر : وليس احتجاجه بهذا الحديث حجة ; لأن الأعراض عند العرب المواضع التي تعرق من الجسد ، ودل على غلطه قول مسكين الدارمي :


رب مهزول سمين عرضه      [ ص: 102 ] وسمين الجسم مهزول الحسب

.

معناه : رب مهزول البدن والجسم كريم الآباء ، وقال اللحياني : العرض عرض الإنسان ذم أو مدح وهو الجسد ، وفي حديث عمر رضي الله عنه للحطيئة : كأني بك عند بعض الملوك تغنيه بأعراض الناس ، أي : تغني بذمهم وذم أسلافهم في شعرك وثلبهم ، قال الشاعر :


ولكن أعراض الكرام مصونة     إذا كان أعراض اللئام تفرفر

.

وقال آخر :


قاتلك الله ! ما أشد علي     ك البدل في صون عرضك الجرب !

.

يريد في صون أسلافك اللئام ، وقال في قول حسان :


فإن أبي ووالده وعرضي

.

أراد فإن أبي ووالده وآبائي وأسلافي فأتى بالعموم بعد الخصوص كقوله عز وجل : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ، أتى بالعموم بعد الخصوص ، وفي حديث أبي ضمضم : اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك ، أي : تصدقت على من ذكرني بما يرجع إلي عيبه ، وقيل : أي : بما يلحقني من الأذى في أسلافي ، ولم يرد إذا أنه تصدق بأسلافه وأحلهم له ، لكنه إذا ذكر آباءه لحقته النقيصة فأحله مما أوصله إليه من الأذى ، وعرض الرجل : حسبه ، ويقال : فلان كريم العرض ، أي : كريم الحسب ، وأعراض الناس : أعراقهم وأحسابهم وأنفسهم ، وفلان ذو عرض إذا كان حسيبا ، وفي الحديث : لي الواجد يحل عقوبته وعرضه ، أي : لصاحب الدين أن يذم عرضه ويصفه بسوء القضاء ; لأنه ظالم له بعدما كان محرما منه لا يحل له اقتراضه والطعن عليه ، وقيل : عرضه أن يغلظ له وعقوبته الحبس ، وقيل : معناه : أنه يحل له شكايته منه ، وقيل : معناه أن يقول : يا ظالم أنصفني ; لأنه إذا مطله وهو غني فقد ظلمه ، وقال ابن قتيبة : عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير ، وفي حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم : فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، أي : احتاط لنفسه ، لا يجوز فيه معنى الآباء والأسلاف ، وفي الحديث : كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ، قال ابن الأثير : العرض موضع المدح والذم من الإنسان ، سواء كان في نفسه أو سلفه أو من يلزمه أمره ، وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب ، وقال أبو العباس : إذا ذكر عرض فلان فمعناه أموره التي يرتفع أو يسقط بذكرها من جهتها بحمد أو بذم ; فيجوز أن تكون أمورا يوصف هو بها دون أسلافه ، ويجوز أن تذكر أسلافه لتلحقه النقيصة بعيبهم ، لا خلاف بين أهل اللغة فيه إلا ما ذكره ابن قتيبة من إنكاره أن يكون العرض الأسلاف والآباء ، واحتج أيضا بقول أبي الدرداء : " أقرض من عرضك ليوم فقرك " ، قال : معناه أقرض من نفسك ، أي : من عابك وذمك فلا تجازه ، واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة ، وقول الشاعر :


وأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي

أي : أفعالي الجميلة ، وقال النابغة :


ينبئك ذو عرضهم عني وعالمهم     وليس جاهل أمر مثل من علما

ذو عرضهم : أشرافهم ، وقيل : ذو عرضهم حسبهم ، والدليل على أن العرض ليس بالنفس ولا البدن قوله صلى الله عليه وسلم : دمه وعرضه ، فلو كان العرض هو النفس لكان دمه كافيا عن قوله عرضه ; لأن الدم يراد به ذهاب النفس ، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة : فاندفعت تغني بأعراض المسلمين ، معناه بأفعالهم وأفعال أسلافهم ، والعرض : بدن كل الحيوان ، والعرض : ما عرق من الجسد ، والعرض : الرائحة ما كانت وجمعها أعراض ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أهل الجنة فقال : لا يتغوطون ولا يبولون إنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل ريح المسك ، أي : من معاطف أبدانهم ، وهي المواضع التي تعرق من الجسد ، قال ابن الأثير : ومنه حديث أم سلمة لعائشة : غض الأطراف وخفر الأعراض ، أي : إنهن للخفر والصون يتسترن ، قال : وقد روي بكسر الهمزة ، أي : يعرضن كما كره لهن أن ينظرن إليه ولا يلتفتن نحوه ، والعرض ، بالكسر : رائحة الجسد وغيره طيبة كانت أو خبيثة ، والعرض والأعراض : كل موضع يعرق من الجسد ، يقال منه : فلان طيب العرض ، أي : طيب الريح ومنتن العرض ، وسقاء خبيث العرض إذا كان منتنا ، قال أبو عبيد : والمعنى في العرض في الحديث أنه كل شيء من الجسد من المغابن وهي الأعراض ، قال : وليس العرض في النسب من هذا في شيء ، ابن الأعرابي : العرض الجسد ، والأعراض الأجساد ، قال الأزهري : وقوله : عرق يجري من أعراضهم معناه من أبدانهم على قول ابن الأعرابي ، وهو أحسن من أن يذهب به إلى أعراض المغابن ، وقال اللحياني : لبن طيب العرض ، وامرأة طيبة العرض ، أي : الريح ، وعرضت فلانا لكذا فتعرض هو له ، والعرض : الجماعة من الطرفاء والأثل والنخل ولا يكون في غيرهن ، وقيل : الأعراض الأثل والأراك والحمض ، واحدها عرض ، وقال :


والمانع الأرض ذات العرض خشيته     حتى تمنع من مرعى مجانيها

والعروضاوات : أماكن تنبت الأعراض هذه التي ذكرناها ، وعارضت ، أي : أخذت في عروض وناحية ، والعرض : جو البلد وناحيته من الأرض ، والعرض : الوادي ، وقيل : جانبه ، وقيل : عرض كل شيء ناحيته ، والعرض : واد باليمامة ، قال الأعشى :


ألم تر أن العرض أصبح بطنه     نخيلا وزرعا نابتا وفصافصا ؟

وقال المتلمس :


فهذا أوان العرض جن ذبابه     زنابيره والأزرق المتلمس

الأزرق : الذباب ، وقيل : كل واد عرض ، وجمع كل ذلك أعراض لا يجاوز ، وفي الحديث : أنه رفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عارض اليمامة ، [ ص: 103 ] قال : هو موضع معروف ، ويقال للجبل : عارض ، قال أبو عبيدة : وبه سمي عارض اليمامة ، قال : وكل واد فيه شجر فهو عرض ، قال الشاعر شاهدا على النكرة :


لعرض من الأعراض يمسي حمامه     ويضحي على أفنانه الغين يهتف
أحب إلى قلبي من الديك رنة     وباب إذا ما مال للغلق يصرف

ويقال : أخصب ذلك العرض ، وأخصبت أعراض المدينة وهي قراها التي في أوديتها ، وقيل : هي بطون سوادها حيث الزرع والنخيل ، والأعراض : قرى بين الحجاز واليمن ، وقولهم : استعمل فلان على العروض ، وهي مكة والمدينة واليمن وما حولها ، قال لبيد :

نقاتل ما بين العروض وخثعما أي : ما بين مكة واليمن ، والعروض : الناحية ، يقال : أخذ فلان في عروض ما تعجبني ، أي : في طريق وناحية ، قال التغلبي :


لكل أناس من معد عمارة     عروض إليها يلجئون وجانب

يقول : لكل حي حرز إلا بني تغلب ، فإن حرزهم السيوف ، وعمارة خفض ; لأنه بدل من أناس ومن رواه عروض بضم العين ، جعله جمع عرض وهو الجبل ، وهذا البيت للأخنس بن شهاب ، والعروض : المكان الذي يعارضك إذا سرت ، وقولهم : فلان ركوض بلا عروض ، أي : بلا حاجة عرضت له ، وعرض الشيء بالضم : ناحيته من أي وجه جئته ، يقال : نظر إليه بعرض وجهه ، وقولهم : رأيته في عرض الناس ، أي : هو من العامة ، قال ابن سيده : والعروض مكة والمدينة مؤنث ، وفي حديث عاشوراء : فأمر أن يؤذنوا أهل العروض ، قيل : أراد من بأكناف مكة والمدينة ، ويقال للرساتيق بأرض الحجاز الأعراض ، واحدها عرض بالكسر وعرض الرجل إذا أتى العروض وهي مكة والمدينة وما حولهما ، قال عبد يغوث بن وقاص الحارثي :


فيا راكبا إما عرضت فبلغا     نداماي من نجران أن لا تلاقيا

قال أبو عبيد : أراد فيا راكباه للندبة فحذف الهاء كقوله تعالى : ياأسفى على يوسف ، ولا يجوز يا راكبا بالتنوين ; لأنه قصد بالنداء راكبا بعينه ، وإنما جاز أن تقول يا رجلا إذا لم تقصد رجلا بعينه وأردت يا واحدا ممن له هذا الاسم ، فإن ناديت رجلا بعينه قلت : يا رجل ، كما تقول يا زيد ; لأنه يتعرف بحرف النداء والقصد ، وقول الكميت :


فأبلغ يزيد إن عرضت ومنذرا     وعميهما والمستسر المنامسا

يعني إن مررت به ، ويقال : أخذنا في عروض منكرة يعني طريقا في هبوط ، ويقال : سرنا في عراض القوم إذا لم تستقبلهم ، ولكن جئتهم من عرضهم ، وقال ابن السكيت في قول البعيث :


مدحنا لها روق الشباب فعارضت     جناب الصبا في كاتم السر أعجما

قال : عارضت أخذت في عرض ، أي : ناحية منه ، جناب الصبا ، أي : جنبه ، وقال غيره : عارضت جناب الصبا ، أي : دخلت معنا فيه دخولا ليست بمباحتة ، ولكنها ترينا أنها داخلة معنا وليست بداخلة ، " في كاتم السر أعجما " ، أي : في فعل لا يتبينه من يراه ، فهو مستعجم عليه وهو واضح عندنا ، وبلد ذو معرض ، أي : مرعى يغني الماشية عن أن تعلف ، وعرض الماشية : أغناها به عن العلف ، والعرض والعارض : السحاب الذي يعترض في أفق السماء ، وقيل : العرض ما سد الأفق ، والجمع عروض ، قال ساعدة بن جؤية :


أرقت له حتى إذا ما عروضه     تحادت وهاجتها بروق تطيرها

والعارض : السحاب المطل يعترض في الأفق ، وفي التنزيل في قضية قوم عاد : فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ، أي : قالوا هذا الذي وعدنا به سحاب فيه الغيث ، فقال الله تعالى : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ، وقيل : أي : ممطر لنا ; لأنه معرفة لا يجوز أن يكون صفة لعارض وهو نكرة ، والعرب إنما تفعل مثل هذا في الأسماء المشتقة من الأفعال دون غيرها ، قال جرير :


يا رب غابطنا لو كان يعرفكم     لاقى مباعدة منكم وحرمانا

ولا يجوز أن تقول هذا رجل غلامنا ، وقال أعرابي بعد عيد الفطر : رب صائمه لن يصومه وقائمه لن يقومه ، فجعله نعتا للنكرة وأضافه إلى المعرفة ، ويقال : للرجل العظيم من الجراد : عارض ، والعارض : ما سد الأفق من الجراد والنحل ، قال ساعدة :


رأى عارضا يهوي إلى مشمخرة     قد احجم عنها كل شيء يرومها

ويقال : مر بنا عارض قد ملأ الأفق ، وأتانا جراد عرض ، أي : كثير ، وقال أبو زيد : العارض السحابة تراها في ناحية من السماء ، وهو مثل الجلب إلا أن العارض يكون أبيض والجلب إلى السواد ، والجلب يكون أضيق من العارض وأبعد ، ويقال : عروض عتود هو الذي يأكل الشجر بعرض شدقه ، والعريض من المعزى : ما فوق الفطيم ودون الجذع ، والعريض : الجدي إذا نزا ، وقيل : هو إذا أتى عليه نحو سنة وتناول الشجر والنبت ، وقيل : هو الذي رعى وقوي ، وقيل : الذي أجذع ، وفي كتابه لأقوال شبوة : ما كان لهم من ملك وعرمان ومزاهر وعرضان ، العرضان : جمع العريض وهو الذي أتى عليه من المعز سنة ، وتناول الشجر والنبت بعرض شدقه ، ويجوز أن يكون جمع العرض وهو الوادي الكثير الشجر والنخيل ، ومنه حديث سليمان عليه السلام : أنه حكم في صاحب الغنم أن يأكل من رسلها وعرضانها ، وفي الحديث : فتلقته امرأة معها عريضان أهدتهما له ، ويقال لواحدها عروض أيضا ، ويقال للعتود إذا نب وأراد السفاد : عريض ، والجمع عرضان وعرضان ، قال الشاعر :


عريض أريض بات ييعر حوله [ ص: 104 ]     وبات يسقينا بطون الثعالب

قال ابن بري : أي : يسقينا لبنا مذيقا كأنه بطون الثعالب ، وعنده عريض ، أي : جدي ، ومثله قول الآخر :


ما بال زيد لحية العريض

ابن الأعرابي : إذا أجذع العناق والجدي سمي عريضا وعتودا ، وعريض عروض إذا فاته النبت اعترض الشوك بعرض فيه ، والغنم تعرض الشوك : تناول منه وتأكله ، تقول منه : عرضت الشاة الشوك تعرضه ، والإبل تعرض عرضا ، وتعترض : تعلق من الشجر لتأكله ، واعترض البعير الشوك : أكله ، وبعير عروض : يأخذه كذلك ، وقيل : العروض الذي إن فاته الكلأ أكل الشوك ، وعرض البعير يعرض عرضا : أكل الشجر من أعراضه ، قال ثعلب : قال النضر بن شميل : سمعت أعرابيا حجازيا وباع بعيرا له فقال : يأكل عرضا وشعبا ، الشعب : أن يهتضم الشجر من أعلاه وقد تقدم ، والعريض من الظباء : الذي قد قارب الإثناء ، والعريض عند أهل الحجاز خاصة : الخصي ، وجمعه عرضان وعرضان ، ويقال : أعرضت العرضان إذا خصيتها ، وأعرضت العرضان إذا جعلتها للبيع ، ولا يكون العريض إلا ذكرا ، ولقحت الإبل عراضا إذا عارضها فحل من إبل أخرى ، وجاءت المرأة بابن عن معارضة وعراض إذا لم يعرف أبوه ، ويقال للسفيح : هو ابن المعارضة ، والمعارضة : أن يعارض الرجل المرأة فيأتيها بلا نكاح ولا ملك ، والعوارض من الإبل : اللواتي يأكلن العضاه عرضا ، أي : تأكله حيث وجدته ، وقول ابن مقبل :


مهاريق فلوج تعرضن تاليا

معناه يعرضهن تال يقرؤهن فقلب ، ابن السكيت : يقال ما يعرضك لفلان بفتح الياء وضم الراء ، ولا تقل ما يعرضك بالتشديد ، قال الفراء : يقال مر بي فلان فما عرضنا له ولا تعرض له ولا تعرض له لغتان جيدتان ويقال : هذه أرض معرضة يستعرضها المال ويعترضها ، أي : هي أرض فيها نبت يرعاه المال إذا مر فيها ، والعرض : الجبل والجمع كالجمع ، وقيل : العرض سفح الجبل وناحيته ، وقيل : هو الموضع الذي يعلى منه الجبل ، قال الشاعر :


كما تدهدى من العرض الجلاميد

ويشبه الجيش الكثيف به فيقال : ما هو إلا عرض ، أي : جبل ، وأنشد لرؤبة :


إنا إذا قدنا لقوم عرضا     لم نبق من بغي الأعادي عضا

والعرض : الجيش الضخم مشبه بناحية الجبل ، وجمعه أعراض ، يقال : ما هو إلا عرض من الأعراض ، ويقال : شبه بالعرض من السحاب ، وهو ما سد الأفق ، وفي الحديث : أن الحجاج كان على العرض ، وعنده ابن عمر ، كذا روي بالضم ، قال الحربي : أظنه أراد العروض جمع العرض وهو الجيش ، والعروض : الطريق في عرض الجبل ، وقيل : هو ما اعترض في مضيق منه ، والجمع عرض ، وفي حديث أبي هريرة : فأخذ في عروض آخر ، أي : في طريق آخر من الكلام ، والعروض من الإبل : التي لم ترض ، أنشد ثعلب لحميد :


فما زال سوطي في قرابي ومحجني     وما زلت منه في عروض أذودها

وقال شمر في هذا البيت ، أي : في ناحية أداريه وفي اعتراض ، واعترضها : ركبها أو أخذها ريضا ، وقال الجوهري : اعترضت البعير ركبته وهو صعب ، وعروض الكلام : فحواه ومعناه ، وهذه المسألة عروض هذه ، أي : نظيرها ، ويقال : عرفت ذلك في عروض كلامه ومعارض كلامه ، أي : في فحوى كلامه ومعنى كلامه ، والمعرض : الذي يستدين ممن أمكنه من الناس ، وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه خطب فقال : إن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال : سابق الحاج فادان معرضا فأصبح قد رين به ، قال أبو زيد : فادان معرضا يعني استدان معرضا وهو الذي يعرض للناس فيستدين ممن أمكنه ، وقال الأصمعي في قوله فادان معرضا ، أي : أخذ الدين ولم يبال أن لا يؤديه ولا ما يكون من التبعة ، وقال شمر : المعرض هاهنا بمعنى المعترض الذي يعترض لكل من يقرضه ، والعرب تقول : عرض لي الشيء وأعرض وتعرض واعترض بمعنى واحد ، قال ابن الأثير : وقيل : إنه أراد يعرض إذا قيل : له لا تستدن فلا يقبل من أعرض عن الشيء إذا ولاه ظهره ، وقيل : أراد معرضا عن الأداء موليا عنه ، قال ابن قتيبة : ولم نجد أعرض بمعنى اعترض في كلام العرب ، قال شمر : ومن جعل معرضا هاهنا بمعنى الممكن فهو وجه بعيد ; لأن معرضا منصوب على الحال من قولك فادان فإذا فسرته أنه يأخذه ممن يمكنه ، فالمعرض هو الذي يقرضه ; لأنه هو الممكن ، قال : ويكون معرضا من قولك أعرض ثوب الملبس ، أي : اتسع وعرض ، وأنشد لطائي في أعرض بمعنى اعترض :


إذا أعرضت للناظرين بدا لهم     غفار بأعلى خدها وغفار

قال : وغفار ميسم يكون على الخد ، وعرض الشيء : وسطه وناحيته ، وقيل : نفسه ، وعرض النهر والبحر وعرض الحديث وعراضه : معظمه ، وعرض الناس وعرضهم كذلك ، قال يونس : ويقول ناس من العرب : رأيته في عرض الناس يعنون في عرض ، ويقال : جرى في عرض الحديث ، ويقال في عرض الناس ، كل ذلك يوصف به الوسط ، قال لبيد :


فتوسطا عرض السري وصدعا     مسجورة متجاورا قلامها

وقول الشاعر :


ترى الريش عن عرضه طاميا     كعرضك فوق نصال نصالا

يصف ماء صار ريش الطير فوقه بعضه فوق بعض كما تعرض نصلا فوق نصل ، ويقال : اضرب بهذا عرض الحائط ، أي : ناحيته ، ويقال : ألقه في أي أعراض الدار شئت ، ويقال : خذه من عرض الناس وعرضهم ، أي : من أي شق شئت ، وعرض السيف : صفحه ، والجمع [ ص: 105 ] أعراض ، وعرضا العنق : جانباه ، وقيل : كل جانب عرض ، والعرض : الجانب من كل شيء ، وأعرض لك الظبي وغيره : أمكنك من عرضه ، ونظر إليه معارضة ، وعن عرض وعن عرض ، أي : جانب ، مثل عسر وعسر ، وكل شيء أمكنك من عرضه فهو معرض لك ، يقال : أعرض لك الظبي فارمه ، أي : ولاك عرضه ، أي : ناحيته ، وخرجوا يضربون الناس عن عرض ، أي : عن شق وناحية لا يبالون من ضربوا ، ومنه قولهم : اضرب به عرض الحائط ، أي : اعترضه حيث وجدت منه أي ناحية من نواحيه ، وفي الحديث : فإذا عرض وجهه منسح ، أي : جانبه ، وفي الحديث : فقدمت إليه الشراب فإذا هو ينش ، فقال : اضرب به عرض الحائط ، وفي الحديث : عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط ، العرض بالضم : الجانب والناحية من كل شيء ، وفي الحديث ، حديث الحج : فأتى جمرة الوادي فاستعرضها ، أي : أتاها من جانبها عرضا ، وفي حديث عمر رضي الله عنه : سأل عمرو بن معدي كرب عن علة بن جلد فقال : أولئك فوارس أعراضنا وشفاء أمراضنا ، الأعراض جمع عرض ، وهو الناحية ، أي : يحمون نواحينا وجهاتنا عن تخطف العدو ، أو جمع عرض وهو الجيش أو جمع عرض ، أي : يصونون ببلائهم أعراضنا أن تذم وتعاب ، وفي حديث الحسن : أنه كان لا يتأثم من قتل الحروري المستعرض ، هو الذي يعترض الناس يقتلهم ، واستعرض الخوارج الناس : لم يبالوا من قتلوه مسلما أو كافرا من أي وجه أمكنهم ، وقيل : استعرضوهم ، أي : قتلوا من قدروا عليه وظفروا به ، وأكل الشيء عرضا ، أي : معترضا ، ومنه الحديث حديث ابن الحنفية : كل الجبن عرضا ، أي : اعترضه يعني كله واشتره ممن وجدته كيفما اتفق ولا تسأل عنه ، أمن عمل أهل الكتاب هو أم من عمل المجوس أم من عمل غيرهم ؟ مأخوذ من عرض الشيء وهو ناحيته ، والعرض : كثرة المال ، والعراضة : الهدية يهديها الرجل إذا قدم من سفر ، وعرضهم عراضة وعرضها لهم : أهداها أو أطعمهم إياها ، والعراضة بالضم : ما يعرضه المائر ، أي : يطعمه من الميرة ، يقال : عرضونا ، أي : أطعمونا من عراضتكم ، قال الأجلح بن قاسط :


يقدمها كل علاة عليان     حمراء من معرضات الغربان

قال ابن بري : وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ ، يقول : إن هذه الناقة تتقدم الحادي والإبل فلا يلحقها الحادي فتسير وحدها ; فيسقط الغراب على حملها إن كان تمرا أو غيره فيأكله ، فكأنها أهدته له وعرضته ، وفي الحديث : أن ركبا من تجار المسلمين عرضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ثيابا بيضا ، أي : أهدوا لهما ، ومنه حديث معاذ : وقالت له امرأته وقد رجع من عمله أين ما جئت به مما يأتي به العمال من عراضة أهلهم ، تريد الهدية ، يقال : عرضت الرجل : إذا أهديت له ، وقال اللحياني عراضة القافل من سفره هديته التي يهديها لصبيانه إذا قفل من سفره ، ويقال : اشتر عراضة لأهلك ، أي : هدية وشيئا تحمله إليهم وهو بالفارسية " راه آورد " ، وقال أبو زيد في العراضة الهدية : التعريض ما كان من ميرة أو زاد بعد أن يكون على ظهر بعير ، يقال : عرضونا ، أي : أطعمونا من ميرتكم ، وقال الأصمعي : العراضة ما أطعمه الراكب من استطعمه من أهل المياه ، وقال هميان :


وعرضوا المجلس محضا ماهجا



أي : سقوهم لبنا رقيقا ، وفي حديث أبي بكر وأضيافه : وقد عرضوا فأبوا ، هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله ، ومعناه : أطعموا وقدم لهم الطعام ، وعرض فلان : إذا دام على أكل العريض وهو الإمر ، وتعرض الرفاق : سألهم العراضات ، وتعرضت الرفاق أسألهم ، أي : تصديت لهم أسألهم ، وقال اللحياني : تعرضت معروفهم ولمعروفهم ، أي : تصديت ، وجعلت فلانا عرضة لكذا ، أي : نصبته له ، والعارضة : الشاة أو البعير يصيبه الداء أو السبع أو الكسر فينحر ، ويقال : بنو فلان لا يأكلون إلا العوارض ، أي : لا ينحرون الإبل إلا من داء يصيبها يعيبهم بذلك ، ويقال : بنو فلان أكالون للعوارض : إذا لم ينحروا إلا ما عرض له مرض أو كسر ؛ خوفا أن يموت فلا ينتفعوا به ، والعرب تعير بأكله ، ومنه الحديث : أنه بعث بدنه مع رجل فقال : إن عرض لها فانحرها ، أي : إن أصابها مرض أو كسر ، قال شمر : ويقال عرضت من إبل فلان عارضة ، أي : مرضت ، وقال بعضهم : عرضت ، قال : وأجوده عرضت ، وأنشد :


إذا عرضت منها كهاة سمينة     فلا تهد منها واتشق وتجبجب

.

وعرضت الناقة ، أي : أصابها كسر أو آفة ، وفي الحديث : لكم في الوظيفة الفريضة ولكم العارض . العارض المريضة ، وقيل : هي التي أصابها كسر ، يقال : عرضت الناقة : إذا أصابها آفة أو كسر ، أي : إنا لا نأخذ ذات العيب فنضر بالصدقة ، وعرضت العارضة تعرض عرضا : ماتت من مرض ، وتقول العرب إذا قرب إليهم لحم : أعبيط أم عارضة ؟ فالعبيط الذي ينحر من غير علة ، والعارضة ما ذكرناه ، وفلانة عرضة للأزواج ، أي : قوية على الزوج ، وفلان عرضة للشر ، أي : قوي عليه ، قال كعب بن زهير :


من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت     عرضتها طامس الأعلام مجهول

وكذلك الاثنان والجمع ، قال جرير :

وتلقى حبالى عرضة للمراجم



ويروى : جبالى ، وفلان عرضة لكذا ، أي : معروض له ، أنشد ثعلب :


طلقتهن وما الطلاق بسنة     إن النساء لعرضة التطليق

وفي التنزيل : ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا ، أي : نصبا لأيمانكم ، الفراء : لا تجعلوا الحلف بالله معترضا مانعا لكم أن تبروا ، فجعل العرضة بمعنى المعترض ونحو ذلك ، قال الزجاج : معنى لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم ، أن موضع ( أن ) نصب بمعنى عرضة ، المعنى لا تعترضوا باليمين بالله في أن تبروا ، فلما سقطت ( في ) [ ص: 106 ] أفضى معنى الاعتراض فنصب أن ، وقال غيره : يقال هم ضعفاء عرضة لكل متناول : إذا كانوا نهزة لكل من أرادهم ، ويقال : جعلت فلانا عرضة لكذا وكذا ، أي : نصبته له ، قال الأزهري : وهذا قريب مما قاله النحويون ; لأنه إذا نصب فقد صار معترضا مانعا ، وقيل : معناه ، أي : نصبا معترضا لأيمانكم كالغرض الذي هو عرضة للرماة ، وقيل : معناه قوة لأيمانكم ، أي : تشددونها بذكر الله ، قال : وقوله عرضة ، فعلة من عرض يعرض ، وكل مانع منعك من شغل وغيره من الأمراض فهو عارض ، وقد عرض عارض ، أي : حال حائل ومنع مانع ، ومنه يقال : لا تعرض ولا تعرض لفلان ، أي : لا تعرض له بمنعك باعتراضك أن يقصد مراده ويذهب مذهبه ، ويقال : سلكت طريق كذا فعرض لي في الطريق عارض ، أي : جبل شامخ قطع علي مذهبي على صوبي ، قال الأزهري : وللعرضة معنى آخر وهو الذي يعرض له الناس بالمكروه ويقعون فيه ، ومنه قول الشاعر :


وإن تتركوا رهط الفدوكس عصبة     يتامى أيامى عرضة للقبائل

أي : نصبا للقبائل يعترضهم بالمكروه من شاء ، وقال الليث : فلان عرضة للناس : لا يزالون يقعون فيه ، وعرض له أشد العرض واعترض : قابله بنفسه ، وعرضت له الغول وعرضت بالكسر والفتح عرضا وعرضا : بدت ، والعرضية : الصعوبة ، وقيل : هو أن يركب رأسه من النخوة ، ورجل عرضي : فيه عرضية ، أي : عجرفية ونخوة وصعوبة ، والعرضية في الفرس : أن يمشي عرضا ، ويقال : عرض الفرس يعرض عرضا : إذا مر عارضا في عدوه ، قال رؤبة :


يعرض حتى ينصب الخيشوما



وذلك إذا عدا عارضا صدره ورأسه مائلا ، والعرض مثقل : السير في جانب ، وهو محمود في الخيل مذموم في الإبل ، ومنه قول حميد :


معترضات غير عرضيات     يصبحن في القفر أتاويات

أي : يلزمن المحجة ، وقيل في قوله في هذا الرجز : إن اعتراضهن ليس خلقة ، وإنما هو للنشاط والبغي ، وعرضي : يعرض في سيره ; لأنه لم تتم رياضته بعد ، وناقة عرضية : فيها صعوبة ، والعرضية : الذلول الوسط الصعب التصرف ، وناقة عرضية : لم تذل كل الذل ، وجمل عرضي ، كذلك ، وقال الشاعر :


واعرورت العلط العرضي تركضه



وفي حديث عمر وصف فيه نفسه وسياسته وحسن النظر لرعيته فقال رضي الله عنه : إني أضم العتود وألحق القطوف وأزجر العروض ، قال شمر : العروض : العرضية من الإبل الصعبة الرأس الذلول وسطها التي يحمل عليها ، ثم تساق وسط الإبل المحملة ، وإن ركبها رجل مضت به قدما ولا تصرف لراكبها ، قال : إنما أزجر العروض ; لأنها تكون آخر الإبل ، قال ابن الأثير : العروض بالفتح التي تأخذ يمينا وشمالا ولا تلزم المحجة ، يقول : أضربه حتى يعود إلى الطريق ، جعله مثلا لحسن سياسته للأمة ، وتقول : ناقة عروض وفيها عروض وناقة عرضية وفيها عرضية : إذا كانت ريضا لم تذلل ، وقال ابن السكيت : ناقة عروض : إذا قبلت بعض الرياضة ولم تستحكم ، وقال شمر في قول ابن أحمر يصف جارية :


ومنحتها قولي على عرضية     علط أداري ضغنها بتودد

قال ابن الأعرابي : شبهها بناقة صعبة في كلامه إياها ورفقه بها ، وقال غيره : منحتها أعرتها وأعطيتها ، وعرضية : صعوبة فكأن كلامه ناقة صعبة ، ويقال : كلمتها وأنا على ناقة صعبة فيها اعتراض ، والعرضي : الذي فيه جفاء واعتراض ، قال العجاج :


ذو نخوة حمارس عرضي



والمعراض بالكسر : سهم يرمى به بلا ريش ولا نصل ، يمضي عرضا فيصيب بعرض العود لا بحده ، وفي حديث عدي قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : أرمي بالمعراض فيخزق ، قال : إن خزق فكل ، وإن أصاب بعرضه فلا تأكل ، أراد بالمعراض سهما يرمى به بلا ريش ، وأكثر ما يصيب بعرض عوده دون حده ، والمعرض : المكان الذي يعرض فيه الشيء ، والمعرض : الثوب تعرض فيه الجارية وتجلى فيه ، والألفاظ معاريض المعاني ، من ذلك ; لأنها تجملها ، والعارض : الخد يقال : أخذ الشعر من عارضيه ، قال اللحياني : عارضا الوجه وعروضاه جانباه ، والعارضان : شقا الفم ، وقيل : جانبا اللحية ، قال عدي بن زيد :


لا تؤاتيك إن صحوت وإن أج     هد في العارضين منك القتير

والعوارض : الثنايا ، سميت عوارض ; لأنها في عرض الفم ، والعوارض : ما ولي الشدقين من الأسنان ، وقيل : هي أربع أسنان تلي الأنياب ، ثم الأضراس تلي العوارض ، قال الأعشى :


غراء فرعاء مصقول عوارضها     تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل

وقال اللحياني : العوارض من الأضراس ، وقيل : عارض الفم ما يبدو منه عند الضحك ، قال كعب :


تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت     كأنه منهل بالراح معلول

يصف الثنايا وما بعدها ، أي : تكشف عن أسنانها ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم لتنظر إلى امرأة فقال : شمي عوارضها ، قال شمر : هي الأسنان التي في عرض الفم وهي ما بين الثنايا والأضراس ، واحدها عارض ، أمرها بذلك لتبور به نكهتها وريح فمها ؛ أطيب أم خبيث ، وامرأة نقية العوارض ، أي : نقية عرض الفم ؛ قال جرير :


أتذكر يوم تصقل عارضيها     بفرع بشامة ، سقي البشام

قال أبو نصر : يعني به الأسنان ما بعد الثنايا ، والثنايا ليست من العوارض ، وقال ابن السكيت : العارض : الناب والضرس الذي يليه ، وقال بعضهم : العارض ما بين الثنية إلى الضرس واحتج بقول ابن مقبل :


هزئت مية أن ضاحكتها      [ ص: 107 ] فرأت عارض عود قد ثرم

قال : والثرم لا يكون في الثنايا ، وقيل : العوارض ما بين الثنايا والأضراس ، وقيل : العوارض ثمانية ، في كل شق أربعة فوق وأربعة أسفل ، وأنشد ابن الأعرابي في العارض بمعنى الأسنان :


وعارض كجانب العراق     أبنت براقا من البراق

.

العارض : الأسنان ، شبه استواءها باستواء أسفل القربة ، وهو العراق للسير الذي في أسفل القربة ، وأنشد أيضا :


لما رأين دردي وسني     وجبهة مثل عراق الشن
مت عليهن ومتن مني



قوله : مت عليهن : أسف على شبابه ، ومتن هن من بغضي ، وقال يصف عجوزا :


تضحك عن مثل عراق الشن



أراد بعراق الشن أنه أجلح ، أي : عن درادر استوت كأنها عراق الشن وهي القربة ، وعارضة الإنسان : صفحتا خديه ، وقولهم : فلان خفيف العارضين يراد به خفة شعر عارضيه ، وفي الحديث : من سعادة المرء خفة عارضيه ، قال ابن الأثير : العارض من اللحية ما ينبت على عرض اللحي فوق الذقن ، وعارضا الإنسان : صفحتا خديه ، وخفتهما كناية عن كثرة الذكر لله تعالى وحركتهما به كذا قال الخطابي ، وقال : قال ابن السكيت : فلان خفيف الشفة : إذا كان قليل السؤال للناس ، وقيل : أراد بخفة العارضين خفة اللحية ، قال : وما أراه مناسبا ، وعارضة الوجه : ما يبدو منه ، وعرضا الأنف ، وفي التهذيب : وعرضا أنف الفرس : مبتدأ منحدر قصبته في حافتيه جميعا ، وعارضة الباب : مساك العضادتين من فوق ، محاذية للأسكفة ، وفي حديث عمرو بن الأهتم قال للزبرقان : إنه لشديد العارضة ، أي : شديد الناحية ذو جلد وصرامة ، ورجل شديد العارضة ، منه على المثل ، وإنه لذو عارضة وعارض ، أي : ذو جلد وصرامة وقدرة على الكلام ، مفوه على المثل أيضا ، وعرض الرجل : صار ذا عارضة ، والعارضة : قوة الكلام وتنقيحه والرأي الجيد ، والعارض : سقائف المحمل ، وعوارض البيت : خشب سقفه المعرضة ، الواحدة عارضة ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها : نصبت على باب حجرتي عباءة مقدمه من غزاة خيبر أو تبوك فهتك العرض حتى وقع بالأرض ، حكى ابن الأثير عن الهروي قال : المحدثون يروونه بالضاد وهو بالصاد والسين ، وهو خشبة توضع على البيت عرضا إذا أرادوا تسقيفه ، ثم تلقى عليه أطراف الخشب القصار ، والحديث جاء في سنن أبي داود بالضاد المعجمة ، وشرحه الخطابي في المعالم وفي غريب الحديث بالصاد المهملة ، قال : وقال الراوي : العرص ، وهو غلط ، وقال الزمخشري : هو العرص بالصاد المهملة ، قال : وقد روي بالضاد المعجمة ; لأنه يوضع على البيت عرضا . والعرض : النشاط أو النشيط عن ابن الأعرابي ، وأنشد لأبي محمد الفقعسي :


إن لها لسانيا مهضا     على ثنايا القصد أو عرضا

الساني : الذي يسنو على البعير بالدلو ، يقول : يمر على منحاته بالغرب على طريق مستقيمة ، وعرضى من النشاط ، قال : أو يمر على اعتراض من نشاطه ، وعرضى فعلى من الاعتراض ؛ مثل الجيض والجيضى : مشي في ميل ، والعرضة والعرضنة : الاعتراض في السير من النشاط ، والفرس تعدو العرضنى والعرضنة والعرضناة ، أي : معترضة مرة من وجه ومرة من آخر ، وناقة عرضنة بكسر العين وفتح الراء : معترضة في السير للنشاط ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


ترد بنا في سمل لم ينضب     منها عرضنات عراض الأرنب

العرضنات هاهنا : جمع عرضنة ، وقال أبو عبيد : لا يقال ( ناقة ) عرضنة إنما العرضنة الاعتراض ، ويقال : فلان يعدو العرضنة وهو الذي يسبق في عدوه وهو يمشي العرضنى : إذا مشى مشية في شق فيها بغي من نشاطه ، وقول الشاعر :


عرضنة ليل في العرضنات جنحا



أي : من العرضنات كما يقال رجل من الرجال ، وامرأة عرضنة : ذهبت عرضا من سمنها ، ورجل عرض وامرأة عرضة وعرضن وعرضنة : إذا كان يعترض الناس بالباطل ، ونظرت إلى فلان عرضنة ، أي : بمؤخر عيني ، ويقال في تصغير العرضنى : عريضن ؛ تثبت النون ; لأنها ملحقة ، وتحذف الياء لأنها غير ملحقة ، وقال أبو عمرو : المعارض من الإبل : العلوق ، وهي التي ترأم بأنفها وتمنع درها ، وبعير معارض : إذا لم يستقم في القطار ، والإعراض عن الشيء : الصد عنه ، وأعرض عنه : صد ، وعرض لك الخير يعرض عروضا ، وأعرض : أشرف ، وتعرض معروفه وله : طلبه ، واستعمل ابن جني التعريض في قوله : كان حذفه أو التعريض لحذفه فسادا في الصنعة ، وعارضه في السير : سار حياله وحاذاه ، وعارضه بما صنعه : كافأه ، وعارض البعير الريح : إذا لم يستقبلها ولم يستدبرها ، وأعرض الناقة على الحوض وعرضها عرضا : سامها أن تشرب وعرض علي سوم عالة : بمعنى قول العامة عرض سابري ، وفي المثل : عرض سابري ; لأنه يشترى بأول عرض ولا يبالغ فيه ، وعرض الشيء يعرض : بدا ، وعرضى : فعلى من الإعراض حكاه سيبويه ، ولقيه عارضا ، أي : باكرا ، وقيل : هو بالغين معجمة ، وعارضات الورد أوله ، قال :


كرام ينال الماء قبل شفاههم     لهم عارضات الورد شم المناخر

لهم منهم ، يقول : تقع أنوفهم في الماء قبل شفاههم في أول ورود الورد ; لأن أوله لهم دون الناس ، وعرض لي بالشيء : لم يبينه ، وتعرض : تعوج ، يقال : تعرض الجمل في الجبل : أخذ منه في عروض فاحتاج أن يأخذ يمينا وشمالا لصعوبة الطريق ، قال عبد الله ذو البجادين المزني وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب ناقته وهو يقودها به صلى الله عليه وسلم على ثنية ركوبة ، وسمي ذا البجادين ; لأنه حين أراد المسير إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 108 ] قطعت له أمه بجادا باثنين فأتزر بواحد وارتدى بآخر :


تعرضي مدارجا وسومي     تعرض الجوزاء للنجوم
هو أبو القاسم فاستقيمي



ويروى : هذا أبو القاسم ، تعرضي : خذي يمنة ويسرة وتنكبي الثنايا الغلاظ تعرض الجوزاء ; لأن الجوزاء تمر على جنب معارضة ليست بمستقيمة في السماء ، قال لبيد :


أو رجع واشمة أسف نؤورها     كففا تعرض فوقهن وشامها

قال ابن الأثير : شبهها بالجوزاء ; لأنها تمر معترضة في السماء ; لأنها غير مستقيمة الكواكب في الصورة ، ومنه قصيد كعب :


مدخوسة قذفت بالنحض عن عرض



أي : أنها تعترض في مرتعها ، والمدارج : الثنايا الغلاظ ، وعرض لفلان وبه : إذا قال فيه قولا وهو يعيبه ، الأصمعي : يقال عرض لي فلان تعريضا : إذا رحرح بالشيء ولم يبين ، والمعاريض من الكلام : ما عرض به ولم يصرح ، وأعراض الكلام ومعارضه ومعاريضه : كلام يشبه بعضه بعضا في المعاني كالرجل تسأله : هل رأيت فلانا فيكره أن يكذب ، وقد رآه فيقول : إن فلانا ليرى ، ولهذا المعنى قال عبد الله بن العباس : ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم ، ولهذا قال عبد الله بن رواحة حين اتهمته امرأته في جارية له وقد كان حلف أن لا يقرأ القرآن وهو جنب ، فألحت عليه بأن يقرأ سورة فأنشأ يقول :

شهدت بأن وعد الله حق     وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف     وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد     ملائكة الإله مسومينا

قال : فرضيت امرأته ; لأنها حسبت هذا قرآنا فجعل ابن رواحة رضي الله عنه هذا عرضا ومعرضا فرارا من القراءة ، والتعريض : خلاف التصريح ، والمعاريض : التورية بالشيء عن الشيء ، وفي المثل وهو حديث مخرج عن عمران بن حصين مرفوع : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ، أي : سعة ، المعاريض جمع معراض من التعريض ، وفي حديث عمر رضي الله عنه : أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب ؟ وفي حديث ابن عباس : ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم ، ويقال : عرض الكاتب : إذا كتب مثبجا ولم يبين الحروف ولم يقوم الخط ، وأنشد الأصمعي للشماخ :


كما خط عبرانية بيمينه     بتيماء حبر ثم عرض أسطرا

والتعريض في خطبة المرأة في عدتها : أن يتكلم بكلام يشبه خطبتها ولا يصرح به ، وهو أن يقول لها : إنك لجميلة أو أن فيك لبقية ، أو إن النساء لمن حاجتي ، والتعريض قد يكون بضرب الأمثال وذكر الألغاز في جملة المقال ، وفي الحديث أنه قال لعدي بن حاتم : إن وسادك لعريض ، وفي رواية : إنك لعريض القفا ، كنى بالوساد عن النوم ; لأن النائم يتوسد ، أي : إن نومك لطويل كثير ، وقيل : كنى بالوساد عن موضع الوساد من رأسه وعنقه ، وتشهد له الرواية الثانية ؛ فإن عرض القفا كناية عن السمن ، وقيل : أراد من أكل مع الصبح في صومه أصبح عريض القفا ; لأن الصوم لا يؤثر فيه ، والمعرضة من النساء : البكر قبل أن تحجب ، وذلك أنها تعرض على أهل الحي عرضة ليرغبوا فيها من رغب ثم يحجبونها ، قال الكميت :


ليالينا إذ لا تزال تروعنا     معرضة منهن بكر وثيب

وفي الحديث : من عرض عرضنا له ، ومن مشى على الكلاء ألقيناه في النهر ، تفسيره : من عرض بالقذف عرضنا له بتأديب لا يبلغ الحد ، ومن صرح بالقذف بركوبه نهر الحد ألقيناه في نهر الحد فحددناه ، والكلاء : مرفأ السفن في الماء وضرب المشي على الكلاء مثلا للتعريض للحد بصريح القذف ، والعروض عروض الشعر وهي فواصل أنصاف الشعر وهو آخر النصف الأول من البيت أنثى ، وكذلك عروض الجبل وربما ذكرت ، والجمع أعاريض على غير قياس حكاه سيبويه ، وسمي عروضا ; لأن الشعر يعرض عليه فالنصف الأول عروض ; لأن الثاني يبنى على الأول ، والنصف الأخير الشطر قال : ومنهم من يجعل العروض طرائق الشعر وعموده مثل الطويل ، يقول : هو عروض واحد ، واختلاف قوافيه يسمى ضروبا ، قال : ولكل مقال ، قال أبو إسحاق : وإنما سمي وسط البيت عروضا ; لأن العروض وسط البيت من البناء ، والبيت من الشعر مبني في اللفظ على بناء البيت المسكون للعرب ، فقوام البيت من الكلام عروضه ، كما أن قوام البيت من الخرق ، العارضة التي في وسطه ، فهي أقوى ما في بيت الخرق ; فلذلك يجب أن تكون العروض أقوى من الضرب ، ألا ترى أن الضروب النقص فيها أكثر منه في الأعاريض ؟ والعروض : ميزان الشعر ; لأنه يعارض بها ، وهي مؤنثة ولا تجمع ; لأنها اسم جنس ، وفي حديث خديجة رضي الله عنها : أخاف أن يكون عرض له ، أي : عرض له الجن وأصابه منهم مس ، وفي حديث عبد الرحمن بن الزبير وزوجته : فاعترض عنها ، أي : أصابه عارض من مرض أو غيره منعه عن إتيانها ، ومضى عرض من الليل ، أي : ساعة ، وعارض وعريض ومعترض ومعرض ومعرض : أسماء ، قال :


لولا ابن حارثة الأمير لقد     أغضيت من شتمي على رغمي
إلا كمعرض المحسر بكره     عمدا يسببني على الظلم

الكاف فيه زائدة وتقديره إلا معرضا ، وعوارض بضم العين : جبل أو موضع ، قال عامر بن الطفيل :


فلأبغينكم قنا وعوارضا     ولأقبلن الخيل لابة ضرغد

[ ص: 109 ] أي : بقنا وبعوارض ، وهما جبلان ، قال الجوهري : هو ببلاد طيء وعليه قبر حاتم ، وقال فيه الشماخ :


كأنها وقد بدا عوارض     وفاض من أيديهن فائض
وأدبي في القتام غامض     وقطقط حيث يحوض الحائض
والليل بين قنوين رابض     بجلهة الوادي قطا نواهض



والعروض : جبل ، قال ساعدة بن جؤية :


ألم نشرهم شفعا وتترك منهم     بجنب العروض رمة ومزاحف ؟

والعريض بضم العين ، مصغر : واد بالمدينة به أموال لأهلها ، ومنه حديث أبي سفيان : أنه خرج من مكة حتى بلغ العريض ، ومنه الحديث الآخر : ساق خليجا من العريض ، والعرضي : جنس من الثياب ، قال النضر : ويقال : ما جاءك من الرأي عرضا خير مما جاءك مستكرها ، أي : ما جاءك من غير روية ولا فكر ، وقولهم : علقتها عرضا : إذا هوي امرأة ، أي : اعترضت فرآها بغتة من غير أن قصد لرؤيتها فعلقها من غير قصد ، قال الأعشى :


علقتها عرضا وعلقت رجلا     غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

وقال ابن السكيت في قوله علقتها عرضا ، أي : كانت عرضا من الأعراض اعترضني من غير أن أطلبه ، وأنشد :


وإما حبها عرض وإما     بشاشة كل علق مستفاد

يقول : إما أن يكون الذي من حبها عرضا لم أطلبه أو يكون علقا ، ويقال : أعرض فلان ، أي : ذهب عرضا وطولا ، وفي المثل : أعرضت القرفة ، وذلك إذا قيل للرجل : من تتهم ؟ فيقول : بني فلان للقبيلة بأسرها ، وقوله تعالى : وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ، قال الفراء : أبرزناها حتى نظر إليها الكفار ولو جعلت الفعل لها زدت ألفا ، فقلت : أعرضت هي ، أي : ظهرت واستبانت ، قال عمرو بن كلثوم :


فأعرضت اليمامة واشمخرت     كأسياف بأيدي مصلتينا

أي : أبدت عرضها ولاحت جبالها للناظر إليها عارضة ، وأعرض لك الخير : إذا أمكنك ، يقال : أعرض لك الظبي ، أي : أمكنك من عرضه إذا ولاك عرضه ، أي : فارمه ، قال الشاعر :


أفاطم أعرضي قبل المنايا     كفى بالموت هجرا واجتنابا

أي : أمكني ، ويقال : طأ معرضا حيث شئت ، أي : ضع رجليك حيث شئت ، أي : ولا تتق شيئا قد أمكن ذلك ، واعترضت البعير : ركبته وهو صعب ، واعترضت الشهر : إذا ابتدأته من غير أوله ، ويقال : تعرض لي فلان وعرض لي يعرض : يشتمني ويؤذيني ، وقال الليث : يقال : تعرض لي فلان بما أكره واعترض فلان فلانا ، أي : وقع فيه ، وعارضه ، أي : جانبه وعدل عنه ، قال ذو الرمة :


وقد عارض الشعرى سهيل كأنه     قريع هجان عارض الشول جافر

ويقال : ضرب الفحل الناقة عراضا ، وهو أن يقاد إليها ويعرض عليها إن اشتهت ضربها وإلا فلا وذلك لكرمها ، قال الراعي :


قلائص لا يلقحن إلا يعارة     عراضا ولا يشرين إلا غواليا

ومثله للطرماح : .

. . . . . .

. . . . . . . . . . . ونيلت     حين نيلت يعارة في عراض

أبو عبيد : يقال لقحت ناقة فلان عراضا ، وذلك أن يعارضها الفحل معارضة فيضربها من غير أن تكون في الإبل التي كان الفحل رسيلا فيها ، وبعير ذو عراض : يعارض الشجر ذا الشوك بفيه ، والعارض : جانب العراق ، والعريض الذي في شعر امرئ القيس اسم جبل ، ويقال اسم واد :


قعدت له وصحبتي بين ضارج     وبين تلاع يثلث فالعريض
أصاب قطيات فسال اللوى له     فوادي البدي فانتحى لليريض

وعارضته في المسير ، أي : سرت حياله وحاذيته ، ويقال : عارض فلان فلانا : إذا أخذ في طريق ، وأخذ في طريق آخر فالتقيا ، وعارضته بمثل ما صنع ، أي : أتيت إليه بمثل ما أتى وفعلت مثل ما فعل ، ويقال : لحم معرض ، للذي لم يبالغ في إنضاجه ، قال السليك بن السلكة السعدي :


سيكفيك ضرب القوم لحم معرض     وماء قدور في الجفان مشيب

ويروى بالضاد والصاد ، وسألته عراضة مال وعرض مال وعرض مال فلم يعطنيه ، وقوس عراضة ، أي : عريضة ، قال أبو كبير :


لما رأى أن ليس عنهم مقصر     قصر اليمين بكل أبيض مطحر
وعراضة السيتين توبع بريها     تأوي طوائفها بعجس عبهر

توبع بريها : جعل بعضه يشبه بعضا ، قال ابن بري : أورده الجوهري مفردا : وعراضة ، وصوابه : وعراضة بالخفض ، وعلله بالبيت الذي قبله وأما قول ابن أحمر :


ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     صحيح السرى والعيس تجري عروضها
بتيهاء قفر والمطي كأنها     قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها
وروحة دنيا بين حيين رحتها      [ ص: 110 ] أسير عسيرا أو عروضا أروضها

أسير ، أي : أسير ، يقال : معناه أنه ينشد قصيدتين : إحداهما قد ذللها ، والأخرى فيها اعتراض ، قال ابن بري : والذي فسره هذا التفسير روى الشعر :


أخب ذلولا أو عروضا أروضها



قال : وهكذا روايته في شعره ، ويقال : استعرضت الناقة باللحم فهي مستعرضة ، ويقال : قذفت باللحم ولدست : إذا سمنت ، قال ابن مقبل :


قباء قد لحقت خسيسة سنها     واستعرضت ببضيعها المتبتر

قال : خسيسة سنها حين بزلت وهي أقصى أسنانها ، وفلان معترض في خلقه : إذا ساءك كل شيء من أمره ، وناقة عرضة للحجارة ، أي : قوية عليها ، وناقة عرض أسفار ، أي : قوية على السفر ، وعرض هذا البعير السفر والحجارة ، وقال المثقب العبدي :


أو مائة تجعل أولادها لغوا     وعرض المائة الجلمد

قال ابن بري : صواب إنشاده أو مائة بالكسر ; لأن قبله :


إلا ببدرى ذهب خالص     كل صباح آخر المسند

قال : وعرض مبتدأ والجلمد خبره ، أي : هي قوية على قطعه وفي البيت إقواء ، ويقال : فلان عرضة ذاك أو عرضة لذلك ، أي : مقرن له قوي عليه ، والعرضة : الهمة ، قال حسان :


وقال الله : قد أعددت جندا     هم الأنصار عرضتها اللقاء

وقول كعب بن زهير :


عرضتها طامس الأعلام مجهول



قال ابن الأثير : هو من قولهم بعير عرضة للسفر ، أي : قوي عليه ، وقيل : الأصل في العرضة أنه اسم للمفعول المعترض مثل الضحكة ، والهزأة الذي يضحك منه كثيرا ويهزأ به ، فتقول : هذا الغرض عرضة للسهام ، أي : كثيرا ما تعترضه وفلان عرضة للكلام ، أي : كثيرا ما يعترضه كلام الناس فتصير العرضة بمعنى النصب ، كقولك هذا الرجل نصب لكلام الناس ، وهذا الغرض نصب للرماة : كثيرا ما تعترضه ، وكذلك فلان عرضة للشر ، أي : نصب للشر قوي عليه يعترضه كثيرا ، وقولهم : هو له دونه عرضة : إذا كان يتعرض له ، ولفلان عرضة يصرع بها الناس ، وهو ضرب من الحيلة في المصارعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية