صفحة جزء
[ عرف ]

عرف : العرفان : العلم ، قال ابن سيده : وينفصلان بتحديد لا يليق بهذا المكان ، عرفه يعرفه عرفة وعرفانا وعرفانا ومعرفة واعترفه ، قال أبو ذؤيب يصف سحابا :


مرته النعامى فلم يعترف خلاف النعامى من الشأم ريحا

ورجل عروف وعروفة : عارف يعرف الأمور ولا ينكر أحدا رآه مرة ، والهاء في عروفة للمبالغة ، والعريف والعارف بمعنى ؛ مثل عليم وعالم ، قال طريف بن مالك العنبري ، وقيل طريف بن عمرو :


أو كلما وردت عكاظ قبيلة     بعثوا إلي عريفهم يتوسم

أي : عارفهم ، قال سيبويه : هو فعيل بمعنى فاعل كقولهم ضريب قداح ، والجمع عرفاء ، وأمر عريف وعارف معروف فاعل بمعنى مفعول ، قال الأزهري : لم أسمع أمر عارف ، أي : معروف لغير الليث ، والذي حصلناه للأئمة رجل عارف ، أي : صبور ، قاله أبو عبيدة وغيره ، والعرف بالكسر : من قولهم ما عرف عرفي إلا بأخرة ، أي : ما عرفني إلا أخيرا ، ويقال : أعرف فلان فلانا وعرفه إذا وقفه على ذنبه ثم عفا عنه ، وعرفه الأمر : أعلمه إياه ، وعرفه بيته : أعلمه بمكانه ، وعرفه به : وسمه ، قال سيبويه : عرفته زيدا فذهب إلى تعدية عرفت [ ص: 111 ] بالتثقيل إلى مفعولين يعني أنك تقول عرفت زيدا فيتعدى إلى واحد ، ثم تثقل العين فيتعدى إلى مفعولين ، قال : وأما عرفته بزيد فإنما تريد عرفته بهذه العلامة وأوضحته بها ، فهو سوى المعنى الأول ، وإنما عرفته بزيد كقولك سميته بزيد ، وقوله أيضا إذا أراد أن يفضل شيئا من النحو أو اللغة على شيء : والأول أعرف ، قال ابن سيده : عندي أنه على توهم عرف ; لأن الشيء إنما هو معروف لا عارف ، وصيغة التعجب إنما هي من الفاعل دون المفعول ، وقد حكى سيبويه : ما أبغضه إلي ، أي : أنه مبغض فتعجب من المفعول كما يتعجب من الفاعل حتى قال : ما أبغضني له ، فعلى هذا يصلح أن يكون أعرف هنا مفاضلة وتعجبا من المفعول الذي هو المعروف ، والتعريف : الإعلام ، والتعريف أيضا : إنشاد الضالة ، وعرف الضالة : نشدها ، واعترف القوم : سألهم ، وقيل : سألهم عن خبر ليعرفه ، قال بشر بن أبي خازم :


أسائلة عميرة عن أبيها     خلال الجيش تعترف الركابا

قال ابن بري : ويأتي تعرف بمعنى اعترف ، قال طريف العنبري :


تعرفوني أنني أنا ذاكم     شاك سلاحي في الفوارس معلم

وربما وضعوا اعترف موضع عرف كما وضعوا عرف موضع اعترف ، وأنشد بيت أبي ذؤيب يصف السحاب ، وقد تقدم في أول الترجمة ، أي : لم يعرف غير الجنوب ; لأنها أبل الرياح وأرطبها ، وتعرفت ما عند فلان ، أي : تطلبت حتى عرفت ، وتقول : ائت فلانا فاستعرف إليه حتى يعرفك ، وقد تعارف القوم ، أي : عرف بعضهم بعضا ، وأما الذي جاء في حديث اللقطة : فإن جاء من يعترفها فمعناه معرفته إياها بصفتها وإن لم يرها في يدك ، يقال : عرف فلان الضالة ، أي : ذكرها وطلب من يعرفها فجاء رجل يعترفها ، أي : يصفها بصفة يعلم أنه صاحبها ، وفي حديث ابن مسعود : فيقال لهم : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون : إذا اعترف لنا عرفناه ، أي : إذا وصف نفسه بصفة نحققه بها عرفناه ، واستعرف إليه : انتسب له ليعرفه ، وتعرفه المكان وفيه : تأمله به أنشد سيبويه :

وقالوا تعرفها المنازل من منى     وما كل من وافى منى أنا عارف

. وقوله عز وجل : وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض ، وقرئ : " عرف بعضه " بالتخفيف ، قال الفراء : من قرأ عرف بالتشديد فمعناه أنه عرف حفصة بعض الحديث وترك بعضا ، قال : وكأن من قرأ بالتخفيف أراد غضب من ذلك ، وجازى عليه كما تقول للرجل يسيء إليك : وا لأعرفن لك ذلك ، قال : وقد لعمري جازى حفصة بطلاقها ، وقال الفراء : وهو وجه حسن قرأ بذلك أبو عبد الرحمن السلمي ، قال الأزهري : وقرأ الكسائي والأعمش عن أبي بكر عن عاصم ( عرف بعضه ) ، خفيفة وقرأ حمزة ونافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر اليحصبي عرف بعضه ، بالتشديد وفي حديث عوف بن مالك : لتردنه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : لأجازينك بها حتى تعرف سوء صنيعك وهي كلمة تقال عند التهديد والوعيد ، ويقال للحازي : عراف ، وللقناقن عراف وللطبيب عراف لمعرفة كل منهم بعلمه ، والعراف : الكاهن ، قال عروة بن حزام :


فقلت لعراف اليمامة داوني     فإنك إن أبرأتني لطبيب

وفي الحديث : من أتى عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد أراد بالعراف المنجم أو الحازي الذي يدعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه ، والمعارف : الوجوه ، والمعروف : الوجه ; لأن الإنسان يعرف به ، قال أبو كبير الهذلي :


متكورين على المعارف بينهم     ضرب كتعطاط المزاد الأثجل

والمعراف واحد ، والمعارف : محاسن الوجه وهو من ذلك ، وامرأة حسنة المعارف ، أي : الوجه وما يظهر منها واحدها معرف ، قال الراعي :


متلفمين على معارفنا     نثني لهن حواشي العصب

ومعارف الأرض : أوجهها وما عرف منها ، وعريف القوم : سيدهم ، والعريف : القيم والسيد لمعرفته بسياسة القوم ، وبه فسر بعضهم بيت طريف العنبري ، وقد تقدم وقد عرف عليهم يعرف عرافة ، والعريف : النقيب وهو دون الرئيس ، والجمع عرفاء ، تقول منه : عرف فلان بالضم عرافة مثل خطب خطابة ، أي : صار عريفا ، وإذا أردت أنه عمل ذلك قلت : عرف فلان علينا سنين يعرف عرافة مثال كتب يكتب كتابة ، وفي الحديث : العرافة حق والعرفاء في النار ، قال ابن الأثير : العرفاء ، جمع عريف وهو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ، ويتعرف الأمير منه أحوالهم فعيل بمعنى فاعل والعرافة عمله وقوله العرافة حق ، أي : فيها مصلحة للناس ورفق في أمورهم وأحوالهم ، وقوله العرفاء في النار تحذير من التعرض للرياسة لما في ذلك من الفتنة ، فإنه إذا لم يقم بحقه أثم واستحق العقوبة ، ومنه حديث طاوس : أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما : ما معنى قول الناس : أهل القرآن عرفاء أهل الجنة ؟ فقال : رؤساء أهل الجنة ، وقال علقمة بن عبدة :


بل كل حي وإن عزوا وإن كرموا     عريفهم بأثافي الشر مرجوم

والعرف بالضم والعرف بالكسر : الصبر ، قال أبو دهبل الجمحي :


قل لابن قيس أخي الرقيات :     ما أحسن العرف في المصيبات

وعرف للأمر واعترف : صبر ، قال قيس بن ذريح :


فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى     ويا حبها قع بالذي أنت واقع

[ ص: 112 ] والعارف والعروف والعروفة : الصابر ، ونفس عروف : حاملة صبور إذا حملت على أمر احتملته ، وأنشد ابن الأعرابي :


فآبوا بالنساء مردفات     عوارف بعد كن وابتجاح

أراد أنهن أقررن بالذل بعد النعمة ، ويروى وابتحاح من البحبوحة وهذا رواه ابن الأعرابي ، ويقال : نزلت به مصيبة فوجد صبورا عروفا ، قال الأزهري : ونفسه عارفة بالهاء مثله ، قال عنترة :


وعلمت أن منيتي إن تأتني     لا ينجني منها الفرار الأسرع
فصبرت عارفة لذلك حرة     ترسو إذا نفس الجبان تطلع

. ترسو : تثبت ولا تطلع إلى الخلق كنفس الجبان ، يقول : حبست نفسا عارفة ، أي : صابرة ، ومنه قوله تعالى : وبلغت القلوب الحناجر ، وأنشد ابن بري لمزاحم العقيلي :


وقفت بها حتى تعالت بي الضحى     ومل الوقوف المبريات العوارف

. المبريات : التي في أنوفها البرة ، والعوارف : الصبر ، ويقال : اعترف فلان إذا ذل وانقاد ، وأنشد الفراء :


أتضجرين والمطي معترف

أي : تعرف وتصبر وذكر ( معترف ) ; لأن لفظ المطي مذكر ، وعرف بذنبه عرفا واعترف : أقر ، وعرف له : أقر ، أنشد ثعلب :


عرف الحسان لها غليمة     تسعى مع الأتراب في إتب

وقال أعرابي : ما أعرف لأحد يصرعني ، أي : لا أقر به ، وفي حديث عمر : أطردنا المعترفين هم الذين يقرون على أنفسهم بما يجب عليهم فيه الحد والتعزير ، يقال : أطرده السلطان وطرده إذا أخرجه عن بلده وطرده إذا أبعده ، ويروى : اطردوا المعترفين كأنه كره لهم ذلك ، وأحب أن يستروه على أنفسهم ، والعرف : الاسم من الاعتراف ، ومنه قولهم : له علي ألف عرفا ، أي : اعترافا وهو توكيد ، ويقال : أتيت متنكرا ثم استعرفت ، أي : عرفته من أنا ، قال مزاحم العقيلي :


فاستعرفا ثم قولا : إن ذا رحم     هيمان كلفنا من شأنكم عسرا
فإن بغت آية تستعرفان بها     يوما فقولا لها العود الذي اختضرا

والمعروف : ضد المنكر ، والعرف : ضد النكر ، يقال : أولاه ، عرفا ، أي : معروفا ، والمعروف والعارفة : خلاف النكر ، والعرف والمعروف : الجود ، وقيل : هو اسم ما تبذله وتسديه وحرك الشاعر ثانيه ، فقال :


إن ابن زيد لا زال مستعملا     للخير يفشي في مصره العرفا

. والمعروف : كالعرف ، وقوله تعالى : وصاحبهما في الدنيا معروفا ، أي : مصاحبا معروفا ، قال الزجاج : المعروف هنا ما يستحسن من الأفعال ، وقوله تعالى : وأتمروا بينكم بمعروف ، قيل : في التفسير : المعروف الكسوة والدثار وأن لا يقصر الرجل في نفقة المرأة التي ترضع ولده إذا كانت والدته ; لأن الوالدة أرأف بولدها من غيرها وحق كل واحد منهما أن يأتمر في الولد بمعروف ، وقوله عز وجل : والمرسلات عرفا ، قال بعض المفسرين فيها : إنها أرسلت بالعرف والإحسان ، وقيل : يعني الملائكة أرسلوا للمعروف والإحسان ، والعرف والعارفة والمعروف واحد : ضد النكر ، وهو كل ما تعرفه النفس من الخير وتبسأ به وتطمئن إليه ، وقيل : هي الملائكة أرسلت متتابعة ، يقال : هو مستعار من عرف الفرس ، أي : يتتابعون كعرف الفرس ، وفي حديث كعب بن عجرة : جاؤوا كأنهم عرف ، أي : يتبع بعضهم بعضا ، وقرئت عرفا وعرفا والمعنى واحد ، وقيل : المرسلات هي الرسل ، وقد تكرر ذكر المعروف في الحديث وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس ، وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات ، وهو من الصفات الغالبة ، أي : أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه ، والمعروف : النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس ، والمنكر : ضد ذلك جميعه ، وفي الحديث : أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ، أي : من بذل معروفه للناس في الدنيا آتاه الله جزاء معروفه في الآخرة ، وقيل : أراد من بذل جاهه لأصحاب الجرائم التي لا تبلغ الحدود فيشفع فيهم شفعه الله في أهل التوحيد في الآخرة ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في معناه ، قال : يأتي أصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيغفر لهم بمعروفهم ، وتبقى حسناتهم جامة فيعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته فيغفر له ، ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة ، وقوله أنشده ثعلب :


وما خير معروف الفتى في شبابه     إذا لم يزده الشيب حين يشيب

قال ابن سيده : قد يكون من المعروف الذي هو ضد المنكر ومن المعروف الذي هو الجود ، ويقال للرجل إذا ولى عنك بوده : قد هاجت معارف فلان ، ومعارفه : ما كنت تعرفه من ضنه بك ، ومعنى هاجت ، أي : يبست ، كما يهيج النبات إذا يبس ، والعرف : الريح طيبة كانت أو خبيثة ، يقال : ما أطيب عرفه ، وفي المثل : لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء ، قال ابن سيده : العرف الرائحة الطيبة والمنتنة ، قال :


ثناء كعرف الطيب يهدى لأهله     وليس له إلا بني خالد أهل

وقال البريق الهذلي في النتن :


فلعمر عرفك ذي الصماح كما     عصب السفار بغضبة اللهم

. وعرفه : طيبه وزينه ، والتعريف : التطييب من العرف ، وقوله تعالى : [ ص: 113 ] ويدخلهم الجنة عرفها لهم ، أي : طيبها ، قال الشاعر يمدح رجلا :


عرفت كإتب عرفته اللطائم

. يقول : كما عرف الإتب ، وهو البقير ، قال الفراء : يعرفون منازلهم إذا دخلوها حتى يكون أحدهم أعرف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أهله ، قال الأزهري : هذا قول جماعة من المفسرين ، وقد قال بعض اللغويين : ( عرفها لهم ) أي : طيبها ، يقال : طعام معرف ، أي : مطيب ، قال الأصمعي في قول الأسود بن يعفر يهجو عقال بن محمد بن سفين :


فتدخل أيد في حناجر أقنعت     لعادتها من الخزير المعرف

. قال : أقنعت ، أي : مدت ورفعت للفم ، قال : وقال بعضهم في قوله ( تعالى ) : عرفها لهم ، قال : هو وضعك الطعام بعضه على بعض ، ابن الأعرابي : عرف الرجل : إذا أكثر من الطيب ، وعرف : إذا ترك الطيب ، وفي الحديث : من فعل كذا وكذا لم يجد عرف الجنة ، أي : ريحها الطيبة ، وفي حديث علي رضي الله عنه : حبذا أرض الكوفة أرض سواء سهلة معروفة ، أي : طيبة العرف ، فأما الذي ورد في الحديث : تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، فإن معناه : اجعله يعرفك بطاعته والعمل فيما أولاك من نعمته ، فإنه يجازيك عند الشدة والحاجة إليه في الدنيا والآخرة ، وعرف طعامه : أكثر أدمه ، وعرف رأسه بالدهن : رواه ، وطار القطا عرفا عرفا : بعضها خلف بعض ، وعرف الديك والفرس والدابة وغيرها : منبت الشعر والريش من العنق ، واستعمله الأصمعي في الإنسان فقال : جاء فلان مبرئلا للشر ، أي : نافشا عرفه ، والجمع أعراف وعروف ، والمعرفة بالفتح : منبت عرف الفرس من الناصية إلى المنسج ، وقيل : هو اللحم الذي ينبت عليه العرف ، وأعرف الفرس : طال عرفه واعرورف : صار ذا عرف ، وعرفت الفرس : جززت عرفه ، وفي حديث ابن جبير : ما أكلت لحما أطيب من معرفة البرذون ، أي : منبت عرفه من رقبته ، وسنام أعرف : طويل ذو عرف ، قال يزيد بن الأعور الشني :


مستحملا أعرف قد تبنى

.

وناقة عرفاء : مشرفة السنام ، وناقة عرفاء : إذا كانت مذكرة تشبه الجمال ، وقيل لها : عرفاء ؛ لطول عرفها ، والضبع يقال لها عرفاء لطول عرفها وكثرة شعرها ، وأنشد ابن بري للشنفرى :


ولي دونكم أهلون سيد عملس     وأرقط زهلول وعرفاء جيأل

.

وقال الكميت :


لها راعيا سوء مضيعان منهما     أبو جعدة العادي وعرفاء جيأل

. وضبع عرفاء : ذات عرف ، وقيل : كثيرة شعر العرف ، وشيء أعرف : له عرف ، واعرورف البحر والسيل : تراكم موجه وارتفع فصار له كالعرف ، واعرورف الدم : إذا صار له من الزبد شبه العرف ، قال الهذلي يصف طعنة فارت بدم غالب :


مستنة سنن الفلو مرشة     تنفي التراب بقاحز معرورف

. واعرورف فلان للشر كقولك اجثأل وتشذر ، أي : تهيأ ، وعرف الرمل والجبل وكل عال : ظهره وأعاليه ، والجمع أعراف وعرفة ، وقوله تعالى : وعلى الأعراف رجال ، الأعراف في اللغة : جمع عرف ، وهو كل عال مرتفع ، قال الزجاج : الأعراف أعالي السور ، قال بعض المفسرين : الأعراف أعالي سور بين أهل الجنة وأهل النار ، واختلف في أصحاب الأعراف ، فقيل : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات ، فكانوا على الحجاب الذي بين الجنة والنار ، قال : ويجوز أن يكون معناه والله أعلم : على الأعراف على معرفة أهل الجنة وأهل النار هؤلاء الرجال ، فقال قوم ما ذكرنا ، وإن الله تعالى يدخلهم الجنة ، وقيل : أصحاب الأعراف أنبياء ، وقيل : ملائكة ، ومعرفتهم كلا بسيماهم يعرفون أصحاب الجنة بأن سيماهم إسفار الوجوه والضحك والاستبشار ، كما قال تعالى : وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ، ويعرفون أصحاب النار بسيماهم وسيماهم سواد الوجوه وغبرتها ، كما قال تعالى : يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، وقال : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ، قال أبو إسحاق : ويجوز أن يكون جمعه على الأعراف على أهل الجنة وأهل النار ، وجبل أعرف : له كالعرف ، وعرف الأرض : ما ارتفع منها ، والجمع أعراف ، وأعراف الرياح والسحاب : أوائلها وأعاليها ، واحدها عرف ، وحزن أعرف : مرتفع ، والأعراف : الحرث الذي يكون على الفلجان والقوائد ، والعرفة : قرحة تخرج في بياض الكف ، وقد عرف وهو معروف : أصابته العرفة ، والعرف : شجر الأترج ، والعرف : النخل إذا بلغ الإطعام ، وقيل : النخلة أول ما تطعم ، والعرف والعرف : ضرب من النخل بالبحرين ، والأعراف : ضرب من النخل أيضا وهو البرشوم ، وأنشد بعضهم :


نغرس فيها الزاد والأعرافا     والنائحي مسدفا إسدافا

.

وقال أبو عمرو : إذا كانت النخلة باكورا فهي عرف ، والعرف : نبت ليس بحمض ولا عضاه وهو الثمام ، والعرفان والعرفان : دويبة صغيرة تكون في الرمل رمل عالج أو رمال الدهناء ، وقال أبو حنيفة : العرفان جندب ضخم مثل الجرادة له عرف ولا يكون إلا في رمثة أو عنظوانة ، وعرفان : جبل ، وعرفان والعرفان : اسم ، وعرفة وعرفات : موضع بمكة ، معرفة كأنهم جعلوا كل موضع منها عرفة ، ويوم عرفة غير منون ، ولا يقال العرفة ولا تدخله الألف واللام ، قال سيبويه : عرفات مصروفة في كتاب الله تعالى وهي معرفة ، والدليل على ذلك قول العرب : هذه عرفات مباركا فيها وهذه عرفات حسنة ، قال : ويدلك على معرفتها أنك لا تدخل فيها ألفا ولاما ، وإنما عرفات بمنزلة أبانين وبمنزلة جمع ، ولو كانت عرفات نكرة لكانت إذا عرفات في غير موضع ، قيل : سمي عرفة ; لأن الناس يتعارفون به ، وقيل : سمي عرفة ; لأن جبريل عليه السلام طاف بإبراهيم عليه السلام فكان يريه المشاهد فيقول له : أعرفت أعرفت ؟ فيقول إبراهيم : [ ص: 114 ] عرفت عرفت ، وقيل : لأن آدم صلى الله على نبينا وعليه وسلم لما هبط من الجنة ، وكان من فراقه حواء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عرفها وعرفته ، والتعريف : الوقوف بعرفات ، ومنه قول ابن دريد :


ثم أتى التعريف يقرو مخبتا

. تقديره : ثم أتى موضع التعريف فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، وعرف القوم : وقفوا بعرفة ، قال أوس بن مغراء :


ولا يريمون للتعريف موقفهم     حتى يقال أجيزوا آل صفوانا

. وهو المعرف للموقف بعرفات ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ثم محلها إلى البيت العتيق ، وذلك بعد المعرف يريد بعد الوقوف بعرفة ، والمعرف في الأصل : موضع التعريف ويكون بمعنى المفعول ، قال الجوهري : وعرفات موضع بمنى ، وهو اسم في لفظ الجمع فلا يجمع ، قال الفراء : ولا واحد له بصحة ، وقول الناس : نزلنا بعرفة شبيه بمولد وليس بعربي محض وهي معرفة وإن كان جمعا ; لأن الأماكن لا تزول فصار كالشيء الواحد وخالف الزيدين ، تقول : هؤلاء عرفات حسنة تنصب النعت ; لأنه نكرة وهي مصروفة ، قال الله تعالى : فإذا أفضتم من عرفات ، قال الأخفش : إنما صرفت ; لأن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون ; لأنه تذكيره وصار التنوين بمنزلة النون ، فلما سمي به ترك على حاله كما ترك مسلمون إذا سمي به على حاله ، وكذلك القول في أذرعات وعانات وعريتنات ، والعرف : مواضع منها عرفة ساق وعرفة الأملح وعرفة صارة ، والعرف : موضع ، وقيل : جبل ، قال الكميت :


أهاجك بالعرف المنزل     وما أنت والطلل المحول ؟

واستشهد الجوهري بهذا البيت على قوله العرف ، والعرف : الرمل المرتفع ، قال : وهو مثل عسر وعسر ، وكذلك العرفة ، والجمع عرف وأعراف ، والعرفتان : ببلاد بني أسد ، وأما قوله أنشده يعقوب في البدل :


وما كنت ممن عرف الشر بينهم     ولا حين جد الجد ممن تغيبا

. فليس عرف فيه من هذا الباب إنما أراد أرث ، فأبدل الألف لمكان الهمزة عينا وأبدل الثاء فاء ، ومعروف : اسم فرس الزبير بن العوام شهد عليه حنينا ، ومعروف أيضا : اسم فرس سلمة بن هند الغاضري من بني أسد ، وفيه يقول :


أكفئ معروفا عليهم كأنه     إذا ازور من وقع الأسنة أحرد

. ومعروف : واد لهم ، أنشد أبو حنيفة :


وحتى سرت بعد الكرى في لويه     أساريع معروف وصرت جنادبه

. وذكر في ترجمة عزف : أن جاريتين كانتا تغنيان بما تعازفت الأنصار يوم بعاث ، قال : وتروى بالراء المهملة ، أي : تفاخرت .

التالي السابق


الخدمات العلمية