صفحة جزء
[ عزل ]

عزل : عزل الشيء يعزله عزلا ، وعزله فاعتزل وانعزل وتعزل : نحاه جانبا فتنحى . وقوله تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون معناه أنهم لما رموا بالنجوم منعوا من السمع . واعتزل الشيء وتعزله - ويتعديان بعن - : تنحى عنه . وقوله تعالى : وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون أراد : إن لم تؤمنوا بي فلا تكونوا علي ولا معي ، وقول الأخوص :


يا بيت عاتكة الذي أتعزل حذر العدى وبه الفؤاد موكل

يكون على الوجهين . وتعازل القوم : انعزل بعضهم عن بعض . والعزلة : الانعزال نفسه ، يقال : العزلة عبادة . وكنت بمعزل عن كذا وكذا ، أي كنت بموضع عزلة منه . واعتزلت القوم ، أي فارقتهم وتنحيت عنهم ، قال تأبط شرا :


ولست بجلب جلب ريح وقرة     ولا بصفا صلد عن الخير معزل

وقوم من القدرية يلقبون المعتزلة ; زعموا أنهم اعتزلوا فئتي الضلالة عندهم - يعنون أهل السنة والجماعة والخوارج الذين يستعرضون الناس قتلا . ومر قتادة بعمرو بن عبيد بن باب ، فقال : ما هذه المعتزلة ؟ فسموا المعتزلة ، وفي عمرو بن عبيد هذا يقول القائل :


برئت من الخوارج لست منهم     من العزال منهم وابن باب

وعزل عن المرأة واعتزلها : لم يرد ولدها . وفي الحديث : سأله رجل من الأنصار عن العزل يعني عزل الماء عن النساء حذر الحمل . قال الأزهري : العزل عزل الرجل الماء عن جاريته إذا جامعها ; لئلا تحمل . [ ص: 138 ] وفي حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : بينا أنا جالس عند سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، إنا نصيب سبيا فنحب الأثمان ، فكيف ترى في العزل ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا عليكم أن لا تفعلوا ذلك ، فإنها ما من نسمة كتب الله أن تخرج إلا وهي خارجة وفي حديث آخر : ما عليكم أن لا تفعلوا قال : من رواه " لا عليكم أن لا تفعلوا " فمعناه عند النحويين : لا بأس عليكم أن لا تفعلوا ، حذف منه بأس لمعرفة المخاطب به ، ومن رواه ما عليكم أن لا تفعلوا فمعناه أي شيء عليكم أن لا تفعلوا ، كأنه كره لهم العزل ولم يحرمه ، قال : وفي قوله : نصيب سبيا فنحب الأثمان فكيف ترى في العزل - كالدلالة على أن أم الولد لا تباع . وفي الحديث : أنه كان يكره عشر خلال ، منها عزل الماء لغير محله ، أي يعزله عن إقراره في فرج المرأة وهو محله ، وفي قوله لغير محله تعريض بإتيان الدبر . ويقال : اعزل عنك ما يشينك ، أي نحه عنك . والمعزال : الذي ينزل ناحية من السفر ينزل وحده ، وهو ذم عند العرب بهذا المعنى . والمعزال : الراعي المنفرد ، قال الأعشى :


تخرج الشيخ عن بنيه وتلوي     بلبون المعزابة المعزال

وهذا المعنى ليس بذم عندهم ; لأن هذا من فعل الشجعان وذوي البأس والنجدة من الرجال ، ويكون المعزال الذي يستبد برأيه في رعي أنف الكلإ ، ويتتبع مساقط الغيث ويعزب فيها ، فيقال له : معزابة ومعزال ، وأنشد الأصمعي :


إذا الهدف المعزال صوب رأسه     وأعجبه ضفو من الثلة الخطل

ويروى " المعزاب " وهو الذي قد عزب بإبله . والهدف : الثقيل الوخم ، والضفو : كثرة المال واتساعه ، والجمع : المعازيل ، قال عبدة بن الطبيب :


إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته     إلى الصباح وهم قوم معازيل

قال ابن بري : المعازيل هنا الذين لا سلاح معهم ، وأراد بقوله وهم قوم الدجاج . والأعزل : الرمل المنفرد المنقطع المنعزل . والعزل في ذنب الدابة : أن يعزل ذنبه في أحد الجانبين ، وذلك عادة لا خلقة وهو عيب . ودابة أعزل : مائل الذنب عن الدبر عادة لا خلقة ، وقيل : هو الذي يعزل ذنبه في شق ، وقد عزل عزلا ، وكله من التنحي والتنحية ، ومنه قول امرئ القيس :


بضاف فويق الأرض ليس بأعزل

وقال النضر : الكشف أن ترى ذنبه زائلا عن دبره ، وهو العزل . ويقال لسائق الحمار : اقرع عزل حمارك ، أي مؤخره . والعزلة : الحرقفة . والأعزل : الناقص إحدى الحرقفتين ، وأنشد :


قد أعجلت ساقتها قرع العزل

والعزل والأعزل : الذي لا سلاح معه فهو يعتزل الحرب ، حكى الأول الهروي في الغريبين ، وربما خص به الذي لا رمح معه ، وأنشد أبو عبيد :


وأرى المدينة حين كنت أميرها     أمن البريء بها ونام الأعزل

وجمعهما أعزال وعزل وعزلان وعزل ، قال أبو كبير الهذلي :


سجراء نفسي غير جمع أشابة     حشدا ولا هلك المفارش عزل

وقال الأعشى :


غير ميل ولا عواوير في الهي     جا ولا عزل ولا أكفال

قال أبو منصور : الأعزال جمع العزل على فعل ، كما يقال : جنب وأجناب ، ومياه أسدام ، جمع سدم . وفي حديث سلمة : رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية عزلا أي ليس معي سلاح . وفي الحديث : من رأى مقتل حمزة ؟ فقال رجل أعزل : أنا رأيته ومنه حديث الحسن : إذا كان الرجل أعزل فلا بأس أن يأخذ من سلاح الغنيمة . وفي حديث خيفان : مساعير غير عزل ، بالتسكين ، وفي قصيد كعب :


زالوا فما زال أنكاس ولا كشف     عند اللقاء ولا ميل معازيل

أي ليس معهم سلاح ، واحدهم معزال ، ويقال في جمعه أيضا : معازيل - عن ابن جني .

والاسم من ذلك كله : العزل . والمعازيل أيضا : القوم الذين لا رماح معهم ، قال الكميت :


ولكنكم حي معازيل حشوة     ولا يمنع الجيران باللوم والعذل

وأما قول أبي خراش الهذلي :


فهل هو إلا ثوبه وسلاحه     فما بكم عري إليه ولا عزل

فإنما أراد : ولا أنتم عزل ، فخفف ، وإن كان سيبويه قد نفاه ، وقد جاءت له نظائر ، وروي : " ولا عزل " أراد ولا أنتم عزل ، وقد يكون العزل لغة في العزل ، كالشغل والشغل والبخل والبخل . والسماك الأعزل : كوكب على المجرة ، سمي بذلك لعزله مما تشكل به السماك الرامح من شكل الرمح ، قال الأزهري : وفي نجوم السماء سماكان : أحدهما السماك الأعزل ، والآخر السماك الرامح ، فأما الأعزل فهو من منازل القمر به ينزل وهو شآم ، وسمي أعزل لأنه لا شيء بين يديه من الكواكب كالأعزل الذي لا سلاح معه كما كان مع الرامح ، ويقال : سمي أعزل لأنه إذا طلع لا يكون في أيامه ريح ولا برد ، وقال أوس بن حجر :


كأن قرون الشمس عند ارتفاعها     وقد صادفت قرنا من النجم أعزلا
تردد فيه ضوءها وشعاعها     فأحصن وأزين لامرئ إن تسربلا

أراد : إن تسربل بها ، يصف الدرع أنك إذا نظرت إليها وجدتها صافية براقة كأن شعاع الشمس وقع عليها في أيام طلوع الأعزل والهواء صاف ، وقوله : تردد فيه ، يعني في الدرع ، فذكره للفظ ، والغالب [ ص: 139 ] عليها التأنيث ، وقال الطرماح :


محاهن صيب نوء الربيع     من الأنجم العزل والرامحه

وقوله :

رأيت الفتية الأعزال مثل الأينق الرعل إنما الأعزال فيه جمع الأعزل ، هكذا رواه علي بن حمزة ، بالعين والزاي ، والمعروف الأرعال . والعزال : الضعف . ابن الأعرابي : الأعزل من اللحم يكون نصيب الرجل الغائب ، والجمع : عزل . والعزل : ما يورده بيت المال تقدمة غير موزون ولا منتقد إلى محل النجم . والعزلاء : مصب الماء من الراوية والقربة في أسفلها حيث يستفرغ ما فيها من الماء ، سميت عزلاء لأنها في أحد خصمي المزادة لا في وسطها ولا هي كفمها الذي منه يستقى فيها ، والجمع العزالي ، بكسر اللام . وفي الحديث : وأرسلت السماء عزاليها كثر مطرها على المثل ، وإن شئت فتحت اللام مثل الصحاري والصحارى والعذاري والعذارى ، يقال للسحابة إذا انهمرت بالمطر الجود : قد حلت عزاليها وأرسلت عزاليها ، قال الكميت :


مرته الجنوب فلما اكفهر     حلت عزاليه الشمأل

وفي حديث الاستسقاء :

دفاق العزائل جم البعاق

العزائل : أصله العزالي ، مثل الشائك والشاكي ، والعزالي جمع العزلاء ، وهو فم المزادة الأسفل ، فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة . وفي حديث عائشة : كنا ننبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سقاء له عزلاء . والأعزل : سحاب لا مطر فيه . والعزل وعزيلة : موضعان . والأعزلة : موضع . والأعازل : مواضع في بني يربوع ، قال جرير :


تروي الأجارع والأعازل كلها     والنعف حيث تقابل الأحجار

والأعزلان : واديان لبني كليب وبني العدوية ، يقال لأحدهما الريان وللآخر الظمآن . وعزله عن العمل أي نحاه فعزل . وعزيل : اسم . وعزله أي أفرزه . والمعزال : الضعيف الأحمق . والمعزال : الذي يعتزل أهل الميسر لؤما ، وعازلة : اسم ضيعة كانت لأبي نخيلة الحماني ، وهو القائل فيها :


عازلة عن كل خير تعزل     يابسة بطحاؤها تفلفل
للجن بين قارتيها أفكل     أقبل بالخير عليها مقبل

، مقبل : اسم جبل أعلى عازلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية