صفحة جزء
[ عسب ]

عسب : العسب : طرق الفحل ، أي ضرابه . يقال : عسب الفحل الناقة يعسبها ، ويقال : إنه لشديد العسب ، وقد يستعار للناس ، قال زهير في عبد له يدعى يسارا أسره قوم فهجاهم :


ولولا عسبه لرددتموه وشر منيحة أير معار

وقيل : العسب ماء الفحل ، فرسا كان أو بعيرا ، ولا يتصرف منه فعل . وقطع الله عسبه وعسبه ، أي ماءه ونسله ، ويقال للولد : عسب ، قال كثير يصف خيلا ، أزلقت ما في بطونها من أولادها من التعب :


يغادرن عسب الوالقي وناصح     تخص به أم الطريق عيالها

العسب : الولد ، أو ماء الفحل . يعني : أن هذه الخيل ترمي بأجنتها من هذين الفحلين ، فتأكلها الطير والسباع ، وأم الطريق هنا : الضبع ، وأم الطريق أيضا : معظمه . وأعسبه جمله : أعاره إياه - عن اللحياني . واستعسبه إياه : استعاره منه ، قال أبو زبيد :


أقبل يردي مغار ذي الحصان إلى     مستعسب أرب منه بتمهين

، والعسب : الكراء الذي يؤخذ على ضرب الفحل . وعسب الرجل يعسبه عسبا : أعطاه الكراء على الضراب . وفي الحديث : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل تقول : عسب فحله يعسبه ، أي أكراه . عسب الفحل : ماؤه ، فرسا كان أو بعيرا أو غيرهما . وعسبه : ضرابه ، ولم ينه عن واحد منهما ، وإنما أراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه ، فإن إعارة الفحل مندوب إليها .

وقد جاء في الحديث : ومن حقها إطراق فحلها ووجه الحديث : أنه نهى عن كراء عسب الفحل ، فحذف المضاف ، وهو كثير في الكلام . وقيل : يقال لكراء الفحل : عسب ، وإنما نهى عنه للجهالة التي فيه ، ولا بد في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره . وفي حديث أبي معاذ : كنت تياسا ، فقال لي البراء بن عازب : لا يحل لك عسب الفحل . وقال أبو عبيد : معنى العسب في الحديث الكراء . والأصل فيه الضراب ، والعرب تسمي الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه ، كما قالوا للمزادة راوية ، وإنما الراوية البعير الذي يستقى عليه . والكلب يعسب ، أي يطرد الكلاب للسفاد . واستعسبت الفرس إذا استودقت . والعرب تقول : استعسب فلان استعساب الكلب ، وذلك إذا ما هاج واغتلم ، وكلب مستعسب . والعسيب والعسيبة : عظم الذنب ، وقيل : مستدقه ، وقيل : منبت الشعر منه ، وقيل : عسيب الذنب منبته من الجلد والعظم . وعسيب القدم : ظاهرها طولا . وعسيب الريشة : ظاهرها طولا أيضا ، والعسيب : جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها ، أنشد أبو حنيفة :


وقل لها مني على بعد دارها     قنا النخل أو يهدى إليك عسيب

قال : إنما استهدته عسيبا - وهو القنا - لتتخذ منه نيرة وحفة ، والجمع أعسبة وعسب وعسوب ، عن أبي حنيفة وعسبان وعسبان ، وهي العسيبة أيضا . وفي التهذيب : العسيب جريد النخل ، إذا نحي عنه خوصه . والعسيب من السعف : فويق الكرب لم ينبت عليه الخوص ، وما نبت عليه الخوص فهو السعف ، وفي الحديث : أنه خرج وفي يده عسيب قال ابن الأثير : أي : جريدة من النخل ، هي السعفة ، مما لا ينبت عليه الخوص . ومنه حديث قيلة : وبيده عسيب نخلة مقشو كذا يروى مصغرا ، وجمعه : عسب بضمتين . ومنه حديث زيد بن ثابت : فجعلت أتتبع القرآن من العسب واللخاف . ومنه حديث الزهري : قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن في العسب والقضم ، وقوله أنشده ثعلب :


على مثاني عسب مساط

، فسره فقال : عنى قوائمه .

والعسبة والعسبة والعسيب : شق يكون في الجبل . قال المسيب بن علس ، وذكر العاسل وأنه صب العسل في طرف هذا العسيب إلى صاحب له دونه ، فتقبله منه :


فهراق في طرف العسيب إلى

[ ص: 143 ] متقبل لنواطف صفر وعسيب : اسم جبل . وقال الأزهري : هو جبل بعالية نجد معروف ، يقال : لا أفعل كذا ما أقام عسيب ، قال امرؤ القيس :


أجارتنا إن الخطوب تنوب     وإني مقيم ما أقام عسيب

واليعسوب : أمير النحل وذكرها ، ثم كثر ذلك حتى سموا كل رئيس يعسوبا . ومنه حديث الدجال : فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، جمع يعسوب ، أي تظهر له وتجتمع عنده ، كما تجتمع النحل على يعاسيبها . وفي حديث علي يصف أبا بكر - رضي الله عنهما : كنت للدين يعسوبا أولا حين نفر الناس عنه . اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم ، وأصله فحل النحل . وفي حديث علي - رضي الله عنه - أنه ذكر فتنة ، فقال : إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه ، فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف ، قال الأصمعي : أراد بقوله : يعسوب الدين ، أنه سيد الناس في الدين يومئذ . وقيل : ضرب يعسوب الدين بذنبه ، أي فارق الفتنة وأهلها ، وضرب في الأرض ذاهبا في أهل دينه ، وذنبه : أتباعه الذين يتبعونه على رأيه ، ويجتنبون اجتنابه من اعتزال الفتن . ومعنى قوله : ضرب أي : ذهب في الأرض ، يقال : ضرب في الأرض مسافرا أو مجاهدا ، وضرب فلان الغائط إذا أبعد فيها للتغوط . وقوله : بذنبه ، أي في ذنبه وأتباعه أقام الباء مقام " في " أو مقام " مع " ، وكل ذلك من كلام العرب . وقال الزمخشري : الضرب بالذنب هاهنا مثل للإقامة والثبات ، يعني أنه يثبت هو ومن تبعه على الدين . وقال أبو سعيد : أراد بقوله : ضرب يعسوب الدين بذنبه : أراد بيعسوب الدين ضعيفه ومحتقره وذليله ، فيومئذ يعظم شأنه حتى يصير عين اليعسوب . قال : وضربه بذنبه ، أن يغرزه في الأرض إذا باض كما تسرأ الجراد ، فمعناه : أن القائم يومئذ يثبت حتى يثوب الناس إليه ، وحتى يظهر الدين ويفشو ، ويقال للسيد : يعسوب قومه ، وفي حديث علي : أنا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الكفار . وفي رواية : المنافقين ، أي يلوذ بي المؤمنون ويلوذ بالمال الكفار أو المنافقون ، كما يلوذ النحل بيعسوبها وهو مقدمها وسيدها ، والباء زائدة . وفي حديث علي - رضي الله عنه - أنه مر بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد مقتولا يوم الجمل ، فقال : لهفي عليك يعسوب قريش ، جدعت أنفي ، وشفيت نفسي . يعسوب قريش : سيدها ، شبهه في قريش بالفحل في النحل . قال أبو سعيد : وقوله في عبد الرحمن بن أسيد على التحقير له والوضع من قدره ، لا على التفخيم لأمره . قال الأزهري : وليس هذا القول بشيء ، وأما ما أنشده المفضل :


وما خير عيش لا يزال كأنه     محلة يعسوب برأس سنان

فإن معناه : أن الرئيس إذا قتل جعل رأسه على سنان ، يعني أن العيش إذا كان هكذا ، فهو الموت . وسمى في حديث آخر الذهب يعسوبا ، على المثل لقوام الأمور به . واليعسوب : طائر أصغر من الجرادة - عن أبي عبيد . وقيل : أعظم من الجرادة طويل الذنب ، لا يضم جناحيه إذا وقع ، تشبه به الخيل في الضمر ، قال بشر :


أبو صبية شعث يطيف بشخصه     كوالح أمثال اليعاسيب ضمر

والياء فيه زائدة ; لأنه ليس في الكلام فعلول غير صعقوق .

وفي حديث معضد : لولا ظمأ الهواجر ما باليت أن أكون يعسوبا . قال ابن الأثير : هو هاهنا فراشة مخضرة تطير في الربيع ، وقيل : إنه طائر أعظم من الجراد ، قال : ولو قيل : إنه النحلة لجاز . واليعسوب : غرة في وجه الفرس مستطيلة تنقطع قبل أن تساوي أعلى المنخرين ، وإن ارتفع أيضا على قصبة الأنف ، وعرض واعتدل حتى يبلغ أسفل الخليقاء ، فهو يعسوب أيضا قل أو كثر ما لم يبلغ العينين .

واليعسوب : دائرة في مركض الفارس حيث يركض برجله من جنب الفرس ، قال الأزهري : هذا غلط . اليعسوب عند أبي عبيدة وغيره : خط من بياض الغرة ينحدر حتى يمس خطم الدابة ثم ينقطع . واليعسوب : اسم فرس سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واليعسوب أيضا : اسم فرس الزبير بن العوام - رضي الله تعالى عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية