صفحة جزء
[ عسس ]

عسس : عس يعس عسسا وعسا ، أي طاف بالليل ، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه كان يعس بالمدينة ، أي يطوف بالليل يحرس الناس ، ويكشف أهل الريبة ، والعسس : اسم منه كالطلب ، وقد يكون جمعا لعاس ، كحارس وحرس ، والعس : نفض الليل عن أهل الريبة . عس يعس عسا واعتس . ورجل عاس ، والجمع عساس وعسسة ، ككافر وكفار وكفرة . والعسس : اسم للجمع كرائح وروح ، وخادم وخدم ، وليس بتكسير ; لأن فعلا ليس مما يكسر عليه فاعل ، وقيل : العسس جمع عاس ، وقد قيل : إن العاس أيضا يقع على الواحد والجمع ، فإن كان كذلك فهو اسم للجمع أيضا ، كقولهم الحاج والداج ، ونظيره من غير المدغم : الجامل والباقر ، وإن كان على وجه الجنس فهو غير متعدى به ; لأنه مطرد كقوله :


إن تهجري يا هند أو تعتلي أو تصبحي في الظاعن المولي

وعس يعس إذا طلب . واعتس الشيء : طلبه ليلا أو قصده . واعتسسنا الإبل فما وجدنا عساسا ولا قساسا ، أي أثرا . والعسوس والعسيس : الذئب الكثير الحركة . والذئب العسوس : الطالب للصيد . ويقال للذئب : العسعس والعسعاس ; لأنه يعس الليل ويطلب ، وفي الصحاح : العسوس الطالب للصيد ، قال الراجز :


واللعلع المهتبل العسوس

، وذئب عسعس وعسعاس وعساس : طلوب للصيد بالليل . وقد عسعس الذئب : طاف بالليل ، وقيل : إن هذا الاسم يقع على كل السباع إذا طلب الصيد بالليل ، وقيل : هو الذي لا يتقار ، أنشد ابن الأعرابي :


مقلقة للمستنيح العسعاس

يعني الذئب يستنيح الذئاب ، أي يستعويها ، وقد تعسعس . والتعسعس : طلب الصيد بالليل ، وقيل : العسعاس الخفيف من كل شيء . وعسعس الليل عسعسة : أقبل بظلامه ، وقيل : عسعسته قبل السحر . وفي التنزيل : والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس قيل : هو إقباله ، وقيل : هو إدباره . قال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى عسعس أدبر ، قال : وكان بعض أصحابنا يزعم أن عسعس معناه دنا من أوله وأظلم ، وكان أبو البلاد النحوي ينشد :


عسعس حتى لو يشاء ادنا     كان له من ضوئه مقبس

وقال : ادنا إذ دنا فأدغم ، قال : وكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع ، وكان أبو حاتم وقطرب يذهبان إلى أن هذا الحرف من الأضداد . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : أنه قام من جوف الليل ليصلي فقال : والليل إذا عسعس عسعس الليل إذا أقبل بظلامه وإذا أدبر ، فهو من الأضداد . ومنه حديث قس : حتى إذا الليل عسعس . وكان أبو عبيدة يقول : عسعس الليل أقبل ، وعسعس أدبر ، وأنشد :


مدرعات الليل لما عسعسا

أي : أقبل وقال الزبرقان :


وردت بأفراس عتاق وفتية     فوارط في أعجاز ليل معسعس

أي : مدبر مول . وقال أبو إسحاق بن السري : عسعس الليل إذا أقبل وعسعس إذا أدبر ، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد وهو ابتداء الظلام في أوله وإدباره في آخره ، وقال ابن الأعرابي : العسعسة ظلمة الليل كله ، ويقال : إدباره وإقباله . وعسعس فلان الأمر إذا لبسه وعماه ، وأصله من عسعسة الليل . وعسعست السحابة : دنت من الأرض ليلا ، لا يقال ذلك إلا بالليل إذا كان في ظلمة وبرق . وأورد ابن سيده هنا ما أورده الأزهري عن أبي البلاد النحوي ، وقال في موضع قوله : " يشاء ادنا " - : لو يشاء إذ دنا ، ولم يدغم ، وقال : يعني سحابا فيه برق وقد دنا من الأرض ، والمعس : المطلب ، قال : والمعنيان متقاربان . وكلب عسوس : طلوب لما يأكل ، والفعل كالفعل ، وأنشد للأخطل :


معفرة لا ينكر السيف وسطها     إذا لم يكن فيها معس لحالب

وفي المثل في الحث على الكسب : كلب اعتس خير من كلب ربض ، وقيل : كلب عاس خير من كلب رابض ، وقيل : كلب عس خير من كلب ربض ، والعاس : الطالب ، يعني أن من تصرف خير ممن عجز .

أبو عمرو : الاعتساس والاعتسام الاكتساب والطلب . وجاء بالمال من عسه وبسه ، وقيل : من حسه وعسه ، وكلاهما إتباع ولا ينفصلان ، أي من جهده وطلبه ، وحقيقتهما الطلب . وجئ به من عسك وبسك ، أي من حيث كان ، وقال اللحياني : من حيث كان ولم يكن . وعس علي يعس عسا : أبطأ ، وكذلك عس علي خبره ، أي أبطأ ، وإنه لعسوس بين العسس ، أي بطيء ، وفيه عسس - بضمتين - أي بطء . أبو عمرو : العسوس من الرجال إذا قل خيره ، وقد عس علي بخيره . والعسوس من الإبل : التي ترعى وحدها مثل القسوس ، وقيل : هي التي لا تدر حتى تتباعد عن الناس ، وقيل : هي التي تضجر ويسوء خلقها ، وتتنحى عن الإبل عند الحلب أو في المبرك . وقيل : العسوس التي تعتس أبها لبن أم لا ، تراز ويلمس ضرعها ، وأنشد أبو عبيد لابن أحمر الباهلي :


وراحت الشول ولم يحبها     فحل ولم يعتس فيها مدر

قال الهجيمي : لم يعتسها ، أي لم يطلب لبنها ، وقد تقدم أن المعس [ ص: 148 ] المطلب ، وقيل : العسوس التي تضرب برجلها وتصب اللبن ، وقيل : هي التي إذا أثيرت للحلب مشت ساعة ثم طوفت ثم درت . ووصف أعرابي ناقة فقال : إنها لعسوس ضروس شموس نهوس ، فالعسوس : ما قد تقدم ، والضروس والنهوس : التي تعض ، وقيل : العسوس التي لا تدر وإن كانت مفيقا ، أي قد اجتمع فواقها في ضرعها ، وهو ما بين الحلبتين ، وقد عست تعس في كل ذلك . أبو زيد : عسست القوم أعسهم إذا أطعمتهم شيئا قليلا ، ومنه أخذ العسوس من الإبل . والعسوس من النساء : التي لا تبالي أن تدنو من الرجال . والعس : القدح الضخم ، وقيل : هو أكبر من الغمر ، وهو إلى الطول ، يروي الثلاثة والأربعة والعدة ، والرفد أكبر منه ، والجمع عساس وعسسة . والعسس : الآنية الكبار ، وفي الحديث : أنه كان يغتسل في عس حزر ثمانية أرطال أو تسعة ، وقال ابن الأثير في جمعه : أعساس أيضا ، وفي حديث المنحة : تغدو بعس وتروح بعس والعسعس والعسعاس : الخفيف من كل شيء ، قال رؤبة يصف السراب :


وبلد يجري عليه العسعاس     من السراب والقتام المسماس

أراد السمسام وهو الخفيف فقلبه . وعسعس - غير مصروف - : بلدة ، وفي " التهذيب " : عسعس موضع بالبادية معروف . والعسس : التجار الحرصاء . والعس : الذكر ، وأنشد أبو الوازع :


لاقت غلاما قد تشظى عسه     ما كان إلا مسه فدسه

قال : عسه ذكره . ويقال : اعتسست الشيء ، واحتششته ، واقتسسته ، واشتممته ، واهتممته ، واختششته ، والأصل في هذا أن تقول : شممت بلد كذا وخششته ، أي وطئته فعرفت خبره ، قال أبو عمرو : التعسعس الشم ، وأنشد :


كمنخر الذئب إذا تعسعسا

وعسعس : اسم رجل ، قال الراجز :


وعسعس نعم الفتى تبياه

أي : تعتمده ، وعساعس : جبل أنشد ابن الأعرابي :


قد صبحت من ليلها عساعسا     عساعسا ذاك العليم الطامسا
يترك يربوع الفلاة فاطسا

أي : ميتا ، وقال امرؤ القيس :


ألما على الربع القديم بعسعسا     كأني أنادي أو أكلم أخرسا

ويقال للقنافذ : العساعس ; لكثرة ترددها بالليل .

التالي السابق


الخدمات العلمية