صفحة جزء
[ عشر ]

عشر : العشرة : أول العقود ، والعشر : عدد المؤنث ، والعشرة : عدد المذكر . تقول : عشر نسوة وعشرة رجال ، فإذا جاوزت العشرين استوى المذكر والمؤنث فقلت : عشرون رجلا وعشرون امرأة ، وما كان من الثلاثة إلى العشرة فالهاء تلحقه فيما واحده مذكر ، وتحذف فيما واحده مؤنث ، فإذا جاوزت العشرة أنثت المذكر وذكرت المؤنث وحذفت الهاء في المذكر في العشرة وألحقتها في الصدر فيما بين ثلاثة عشر إلى تسعة عشر ، وفتحت الشين وجعلت الاسمين اسما واحدا مبنيا على الفتح ، فإذا صرت إلى المؤنث ألحقت الهاء في العجز وحذفتها من الصدر ، وأسكنت الشين من عشرة ، وإن شئت كسرتها ، ولا ينسب إلى الاسمين جعلا اسما واحدا ، وإن نسبت إلى أحدهما لم يعلم أنك تريد الآخر ، فمن اضطر إلى ذلك نسبته إلى أحدهما ثم نسبته إلى الآخر ، ومن قال : أربع عشرة قال : أربعي عشري - بفتح الشين - ومن الشاذ في القراءة : " فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا " ، بفتح الشين .

ابن جني : وجه ذلك أن ألفاظ العدد تغير كثيرا في حد التركيب ; ألا تراهم قالوا في البسيط : إحدى عشرة ، وقالوا : عشرة وعشرة ، ثم قالوا في التركيب : عشرون ؟ ومن ذلك قولهم " ثلاثون " فما بعدها من العقود إلى التسعين ، فجمعوا بين لفظ المؤنث والمذكر في التركيب ، والواو للتذكير وكذلك أختها ، وسقوط [ ص: 156 ] الهاء للتأنيث ، وتقول : إحدى عشرة امرأة - بكسر الشين - وإن شئت سكنت إلى تسع عشرة ، والكسر لأهل نجد والتسكين لأهل الحجاز . قال الأزهري : وأهل اللغة والنحو لا يعرفون فتح الشين في هذا الموضع ، وروي عن الأعمش أنه قرأ قوله تعالى : " وقطعناهم اثنتي عشرة " بفتح الشين ، قال : وقد قرأ القراء بفتح الشين وكسرها ، وأهل اللغة لا يعرفونه ، وللمذكر أحد عشر لا غير . وعشرون : اسم موضوع لهذا العدد ، وليس بجمع العشرة ; لأنه لا دليل على ذلك ، فإذا أضفت أسقطت النون قلت : هذه عشروك وعشري بقلب الواو ياء للتي بعدها فتدغم .

قال ابن السكيت : ومن العرب من يسكن العين فيقول : أحد عشر ، وكذلك يسكنها إلى تسعة عشر ، إلا اثني عشر فإن العين لا تسكن ; لسكون الألف والياء قبلها . وقال الأخفش : إنما سكنوا العين لما طال الاسم وكثرت حركاته ، والعدد منصوب ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر في الرفع والنصب والخفض ، إلا اثني عشر ، فإن اثني واثنتي يعربان ; لأنهما على هجاءين ، قال : وإنما نصب أحد عشر وأخواتها لأن الأصل أحد وعشرة ، فأسقطت الواو وصيرا جميعا اسما واحدا ، كما تقول : هو جاري بيت بيت وكفة كفة ، والأصل بيت لبيت وكفة لكفة ، فصيرتا اسما واحدا . وتقول : هذا الواحد والثاني والثالث إلى العاشر في المذكر ، وفي المؤنث : الواحدة والثانية والثالثة والعاشرة ، وتقول : هو عاشر عشرة وغلبت المذكر ، وتقول : هو ثالث ثلاثة عشر ، أي هو أحدهم ، وفي المؤنث هي ثالثة ثلاث عشرة لا غير - الرفع في الأول - وتقول : هو ثالث عشر يا هذا ، وهو ثالث عشر بالرفع والنصب ، وكذلك إلى تسعة عشر ، فمن رفع قال : أردت هو ثالث ثلاثة عشر فألقيت الثلاثة وتركت ثالث على إعرابه ، ومن نصب قال : أردت ثالث ثلاثة عشر فلما أسقطت الثلاثة ألزمت إعرابها الأول ليعلم أن هاهنا شيئا محذوفا ، وتقول في المؤنث : هي ثالثة عشرة وهي ثالثة عشرة ، وتفسيره مثل تفسير المذكر ، وتقول : هو الحادي عشر ، وهذا الثاني عشر والثالث عشر . . . إلى العشرين مفتوح كله ، وفي المؤنث : هذه الحادية عشرة والثانية عشرة . . . إلى العشرين تدخل الهاء فيها جميعا .

قال الكسائي : إذا أدخلت في العدد الألف واللام فأدخلهما في العدد كله فتقول : ما فعلت الأحد العشر الألف درهم ، والبصريون يدخلون الألف واللام في أوله فيقولون : ما فعلت الأحد عشر ألف درهم . وقوله تعالى : وليال عشر ، أي عشر ذي الحجة . وعشر القوم يعشرهم - بالكسر - عشرا : صار عاشرهم ، وكان عاشر عشرة . وعشر : أخذ واحدا من عشرة . وعشر : زاد واحدا على تسعة . وعشرت الشيء تعشيرا : كان تسعة فزدت واحدا حتى تم عشرة . وعشرت بالتخفيف : أخذت واحدا من عشرة فصار تسعة . والعشور : نقصان ، والتعشير زيادة وتمام . وأعشر القوم : صاروا عشرة . وقوله تعالى : تلك عشرة كاملة . قال ابن عرفة : مذهب العرب إذا ذكروا عددين أن يجملوهما ، قال النابغة :


توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع

، وقال الفرزدق :


ثلاث واثنتان فهن خمس     وثالثة تميل إلى السهام

، وقال آخر :


فسرت إليهم عشرين شهرا     وأربعة فذلك حجتان

، وإنما تفعل ذلك لقلة الحساب فيهم . وثوب عشاري : طوله عشر أذرع . وغلام عشاري : ابن عشر سنين ، والأنثى بالهاء . وعاشوراء وعشوراء ، ممدودان : اليوم العاشر من المحرم ، وقيل : التاسع . قال الأزهري : ولم يسمع في أمثلة الأسماء اسما على فاعولاء إلا أحرف قليلة . قال ابن بزرج : الضاروراء الضراء ، والساروراء السراء ، والدالولاء الدلال . وقال ابن الأعرابي : الخابوراء موضع ، وقد ألحق به تاسوعاء . وروي عن ابن عباس أنه قال في صوم عاشوراء : لئن سلمت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع . قال الأزهري : ولهذا الحديث عدة من التأويلات ; أحدها : أنه كره موافقة اليهود ; لأنهم يصومون اليوم العاشر ، وروي عن ابن عباس أنه قال : صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود . قال : والوجه الثاني : ما قاله المزني يحتمل أن يكون التاسع هو العاشر ، قال الأزهري : كأنه تأول فيه عشر الورد أنها تسعة أيام ، وهو الذي حكاه الليث عن الخليل وليس ببعيد عن الصواب . والعشرون : عشرة مضافة إلى مثلها وضعت على لفظ الجمع وكسروا أولها لعلة . وعشرنت الشيء : جعلته عشرين ، نادر للفرق الذي بينه وبين عشرت . والعشر والعشير : جزء من عشرة ، يطرد هذان البناءان في جميع الكسور ، والجمع أعشار ، وعشور وهو المعشار ، وفي التنزيل : وما بلغوا معشار ما آتيناهم أي : ما بلغ مشركو أهل مكة معشار ما أوتي من قبلهم من القدرة والقوة . والعشير : الجزء من أجزاء العشرة ، وجمع العشير أعشراء مثل نصيب وأنصباء ، ولا يقولون هذا في شيء سوى العشر . وفي الحديث : تسعة أعشراء الرزق في التجارة وجزء منها في السابياء ، أراد تسعة أعشار الرزق . والعشير والعشر : واحد مثل الثمين والثمن والسديس والسدس . والعشير في مساحة الأرضين : عشر القفيز ، والقفيز : عشر الجريب . والذي ورد في حديث عبد الله : لو بلغ ابن عباس أسناننا ما عاشره منا رجل ، أي لو كان في السن مثلنا ما بلغ أحد منا عشر علمه . وعشر القوم يعشرهم عشرا - بالضم - وعشورا وعشرهم : أخذ عشر أموالهم . وعشر المال نفسه وعشره : كذلك ، وبه سمي العشار ، ومنه العاشر .

والعشار : قابض العشر ، ومنه قول عيسى بن عمر لابن هبيرة وهو يضرب بين يديه بالسياط :

تالله إن كنت إلا أثيابا     في أسيفاط قبضها عشاروك

. وفي الحديث : إن لقيتم عاشرا فاقتلوه أي : إن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مقيما على دينه فاقتلوه لكفره أو لاستحلاله لذلك إن كان مسلما وأخذه مستحلا وتاركا فرض الله ، وهو ربع العشر ، فأما من يعشرهم على ما فرض الله سبحانه فحسن جميل . وقد عشر جماعة من الصحابة للنبي والخلفاء بعده ، فيجوز أن يسمى آخذ ذلك عاشرا ; لإضافة ما يأخذه إلى العشر كربع العشر ونصف العشر ، كيف [ ص: 157 ] وهو يأخذ العشر جميعه ؟ وهو ما سقته السماء . وعشر أموال أهل الذمة في التجارات . يقال : عشرت ماله أعشره عشرا ، فأنا عاشر ، وعشرته فأنا معشر وعشار إذا أخذت عشره . وكل ما ورد في الحديث من عقوبة العشار محمول على هذا التأويل . وفي الحديث : ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصارى ، العشور : جمع عشر ، يعني ما كان من أموالهم للتجارات دون الصدقات ، والذي يلزمهم من ذلك عند الشافعي ما صولحوا عليه وقت العهد ، فإن لم يصالحوا على شيء فلا يلزمهم إلا الجزية . وقال أبو حنيفة : إن أخذوا من المسلمين إذا دخلوا بلادهم أخذنا منهم إذا دخلوا بلادنا للتجارة . وفي الحديث : احمدوا الله إذ رفع عنكم العشور يعني ما كانت الملوك تأخذه منهم . وفي الحديث : إن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا أي : لا يؤخذ عشر أموالهم ، وقيل : أرادوا به الصدقة الواجبة ، وإنما فسح لهم في تركها ; لأنها لم تكن واجبة يومئذ عليهم ، إنما تجب بتمام الحول .

وسئل جابر عن اشتراط ثقيف : أن لا صدقة عليهم ولا جهاد ، فقال : علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ، وأما حديث بشير بن الخصاصية حين ذكر له شرائع الإسلام ، فقال : أما اثنان منها فلا أطيقهما : أما الصدقة فإنما لي ذود هن رسل أهلي وحمولتهم ، وأما الجهاد فأخاف إذا حضرت خشعت نفسي ، فكف يده وقال : لا صدقة ولا جهاد فبم تدخل الجنة ، فلم يحتمل لبشير ما احتمل لثقيف ، ويشبه أن يكون إنما لم يسمح له لعلمه أنه يقبل إذا قيل له ، وثقيف كانت لا تقبله في الحال ، وهو واحد وهم جماعة ، فأراد أن يتألفهم ويدرجهم عليه شيئا فشيئا .

ومنه الحديث : النساء لا يعشرن ولا يحشرن أي : لا يؤخذ عشر أموالهن ، وقيل : لا يؤخذ العشر من حليهن ، وإلا فلا يؤخذ عشر أموالهن ولا أموال الرجال . والعشر : ورد الإبل اليوم العاشر . وفي حسابهم : العشر التاسع فإذا جاوزوها بمثلها فظمؤها عشران ، والإبل في كل ذلك عواشر ، أي ترد الماء عشرا ، وكذلك الثوامن والسوابع والخوامس . قال الأصمعي : إذا وردت الإبل كل يوم قيل : قد وردت رفها ، فإذا وردت يوما ويوما لا قيل : وردت غبا ، فإذا ارتفعت عن الغب فالظمء الربع ، وليس في الورد ثلث ثم الخمس إلى العشر ، فإذا زادت فليس لها تسمية ورد ، ولكن يقال : هي ترد عشرا وغبا وعشرا وربعا إلى العشرين ، فيقال حينئذ : ظمؤها عشران ، فإذا جاوزت العشرين فهي جوازئ ، وقال الليث : إذا زادت على العشرة قالوا : زدنا رفها بعد عشر . قال الليث : قلت للخليل : ما معنى العشرين ؟ قال : جماعة عشر ، قلت : فالعشر كم يكون ؟ قال : تسعة أيام ، قلت : فعشرون ليس بتمام ، إنما هو عشران ويومان ، قال : لما كان من العشر الثالث يومان جمعته بالعشرين ، قلت : وإن لم يستوعب الجزء الثالث ؟ قال : نعم ، ألا ترى قول أبي حنيفة : إذا طلقها تطليقتين وعشر تطليقة فإنه يجعلها ثلاثا ، وإنما من الطلقة الثالثة فيه جزء ، فالعشرون هذا قياسه ، قلت : لا يشبه العشر التطليقة ; لأن بعض التطليقة تطليقة تامة ، ولا يكون بعض العشر عشرا كاملا ، ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق نصف تطليقة أو جزءا من مائة تطليقة كانت تطليقة تامة ، ولا يكون نصف العشر وثلث العشر عشرا كاملا ؟ قال الجوهري : والعشر ما بين الوردين ، وهي ثمانية أيام ; لأنها ترد اليوم العاشر ، وكذلك الأظماء ، كلها بالكسر ، وليس لها بعد العشر اسم إلا في العشرين ، فإذا وردت يوم العشرين قيل : ظمؤها عشران ، وهو ثمانية عشر يوما ، فإذا جاوزت العشرين فليس لها تسمية ، وهي جوازئ . وأعشر الرجل إذا وردت إبله عشرا ، وهذه إبل عواشر . ويقال : أعشرنا مذ لم نلتق ، أي أتى علينا عشر ليال . وعواشر القرآن : الآي التي يتم بها العشر . والعاشرة : حلقة التعشير من عواشر المصحف ، وهي لفظة مولدة .

وعشار - بالضم - : معدول من عشرة ، وجاء القوم عشار عشار ، ومعشر معشر ، وعشار ومعشر ، أي عشرة عشرة ، كما تقول : جاءوا أحاد أحاد ، وثناء ثناء ، ومثنى مثنى ، قال أبو عبيد : ولم يسمع أكثر من أحاد وثناء وثلاث ورباع ، إلا في قول الكميت :


ولم يستريثوك حتى رمي     ت فوق الرجال خصالا عشارا

قال ابن السكيت : ذهب القوم عشاريات وعساريات ، إذا ذهبوا أيادي سبا متفرقين في كل وجه . وواحد العشاريات : عشارى مثل حبارى وحباريات . والعشارة : القطعة من كل شيء ، قوم عشارة وعشارات ، قال حاتم طيء يذكر طيئا وتفرقهم :


فصاروا عشارات بكل مكان

. وعشر الحمار : تابع النهيق عشر نهقات ، ووالى بين عشر ترجيعات في نهيقه ، فهو معشر ، ونهيقه يقال له : التعشير ، يقال : عشر يعشر تعشيرا ، قال عروة بن الورد :


وإني وإن عشرت من خشية الردى     نهاق حمار إنني لجزوع

ومعناه : أنهم يزعمون أن الرجل إذا ورد أرض وباء وضع يده خلف أذنه فنهق عشر نهقات نهيق الحمار ثم دخلها أمن من الوباء ، وأنشد بعضهم : " في أرض مالك " مكان قوله : من خشية الردى ، وأنشد : " نهاق الحمار " مكان : نهاق حمار . وعشر الغراب : نعب عشر نعبات . وقد عشر الحمار : نهق ، وعشر الغراب : نعق ، من غير أن يشتقا من العشرة . وحكى اللحياني : اللهم عشر خطاي أي : اكتب لكل خطوة عشر حسنات . والعشير : صوت الضبع ، غير مشتق أيضا ، قال :


جاءت به أصلا إلى أولادها     تمشي به معها لهم تعشير

. الأزهري : والعرب يسمونها عشارا بعدما تضع ما في بطونها ; للزوم الاسم بعد الوضع كما يسمونها لقاحا ، وقيل : العشراء من الإبل كالنفساء من النساء ، ويقال : ناقتان عشراوان . وفي الحديث : قال صعصعة بن ناجية : اشتريت موءودة بناقتين عشراوين ، قال ابن الأثير : قد اتسع في هذا حتى قيل لكل حامل . وناقة عشراء : مضى لحملها عشرة أشهر ، وقيل : ثمانية ، والأول أولى لمكان لفظه ، فإذا [ ص: 158 ] وضعت لتمام سنة فهي عشراء أيضا على ذلك كالرائب من اللبن . وقيل : إذا وضعت فهي عائد وجمعها عود ، قال : عشراء ، وأكثر ما يطلق على الخيل والإبل ، والجمع عشراوات ، يبدلون من همزة التأنيث واوا ، وعشار كسروه على ذلك كما قالوا : ربعة وربعات ورباع ، أجروا فعلاء مجرى فعلة كما أجروا فعلى مجرى فعلة ، شبهوها بها لأن البناء واحد ; ولأن آخره علامة التأنيث ، وقال ثعلب : العشار من الإبل التي قد أتى عليها عشرة أشهر ، وبه فسر قوله تعالى : وإذا العشار عطلت ، قال الفراء : لقح الإبل عطلها أهلها لاشتغالهم بأنفسهم ولا يعطلها قومها إلا في حال القيامة ، وقيل : العشار اسم يقع على النوق حتى ينتج بعضها ، وبعضها ينتظر نتاجها ، قال الفرزدق :


كم عمة لك يا جرير وخالة     فدعاء قد حلبت علي عشاري

قال بعضهم : وليس للعشار لبن ، وإنما سماها عشارا لأنها حديثة العهد بالنتاج وقد وضعت أولادها . وأحسن ما تكون الإبل وأنفسها عند أهلها إذا كانت عشارا . وعشرت الناقة تعشيرا وأعشرت : صارت عشراء ، وأعشرت أيضا : أتى عليها عشرة أشهر من نتاجها . وامرأة معشر : متم - على الاستعارة . وناقة معشار : يغزر لبنها ليالي تنتج . ونعت أعرابي ناقة فقال : إنها معشار مشكار مغبار . معشار ما تقدم ، ومشكار تغزر في أول نبت الربيع ، ومغبار لبنة بعدما تغزر اللواتي ينتجن معها . وأما قول لبيد يذكر مرتعا :


همل عشائره على أولادها     من راشح متقوب وفطيم

. فإنه أراد بالعشائر هنا الظباء الحديثات العهد بالنتاج ، قال الأزهري : كأن العشائر هنا في هذا المعنى جمع عشار ، وعشائر هو جمع الجمع ، كما يقال : جمال وجمائل وحبال وحبائل . والمعشر : الذي صارت إبله عشارا ، قال مقاس بن عمرو :


ليختلطن العام راع مجنب     إذا ما تلاقينا براع معشر

، والعشر : النوق التي تنزل الدرة القليلة من غير أن تجتمع ، قال الشاعر :


حلوب لعشر الشول في ليلة الصبا     سريع إلى الأضياف قبل التأمل

، وأعشار الجزور : الأنصباء . والعشر : قطعة تنكسر من القدح أو البرمة كأنها قطعة من عشر قطع والجمع أعشار . وقدح أعشار ، وقدر أعشار ، وقدور أعاشير : مكسرة على عشر قطع ، قال امرؤ القيس في عشيقته :


وما ذرفت عيناك إلا لتقدحي     بسهميك في أعشار قلب مقتل

أراد أن قلبه كسر ثم شعب كما تشعب القدر ، قال الأزهري : وفيه قول آخر وهو أعجب إلي من هذا القول ، قال أبو العباس أحمد بن يحيى : أراد بقوله " بسهميك " هاهنا سهمي قداح الميسر ، وهما المعلى والرقيب ، فللمعلى سبعة أنصباء وللرقيب ثلاثة ، فإذا فاز الرجل بهما غلب على جزور الميسر كلها ولم يطمع غيره في شيء منها ، وهي تقسم على عشرة أجزاء ، فالمعنى أنها ضربت بسهامها على قلبه ، فخرج لها السهمان فغلبته على قلبه كله وفتنته فملكته ، ويقال : أراد بسهميها عينيها ، وجعل أبو الهيثم اسم السهم الذي له ثلاثة أنصباء الضريب ، وهو الذي سماه ثعلب الرقيب ، وقال اللحياني : بعض العرب يسميه الضريب ، وبعضهم يسميه الرقيب ، قال : وهذا التفسير في هذا البيت هو الصحيح . ومقتل : مذلل . وقلب أعشار : جاء على بناء الجمع كما قالوا : رمح أقصاد . وعشر الحب قلبه : إذا أضناه . وعشرت القدح تعشيرا إذا كسرته فصيرته أعشارا ، وقيل : قدر أعشار عظيمة ، كأنها لا يحملها إلا عشر أو عشرة ، وقيل : قدر أعشار متكسرة فلم يشتق من شيء ، قال اللحياني : قدر أعشار من الواحد الذي فرق ثم جمع كأنهم جعلوا كل جزء منه عشرا .

والعواشر : قوادم ريش الطائر ، وكذلك الأعشار ، قال الأعشى :


وإذا ما طغا بها الجري فالعق     بان تهوي كواسر الأعشار

وقال ابن بري إن البيت :


إن تكن كالعقاب في الجو فالعق     بان تهوي كواسر الأعشار

، والعشرة : المخالطة ، عاشرته معاشرة ، واعتشروا وتعاشروا : تخالطوا ، قال طرفة :


ولئن شطت نواها مرة     لعلى عهد حبيب معتشر

جعل الحبيب جمعا كالخليط والفريق . وعشيرة الرجل : بنو أبيه الأدنون ، وقيل : هم القبيلة ، والجمع عشائر . قال أبو علي : قال أبو الحسن : ولم يجمع جمع السلامة . قال ابن شميل : العشيرة العامة مثل بني تميم وبني عمرو بن تميم ، والعشير القبيلة ، والعشير المعاشر ، والعشير : القريب والصديق ، والجمع عشراء . وعشير المرأة : زوجها ; لأنه يعاشرها وتعاشره كالصديق والمصادق ، قال ساعدة بن جؤية :


رأته على يأس وقد شاب رأسها     وحين تصدى للهوان عشيرها

، أراد لإهانتها وهي عشيرته .

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنكن أكثر أهل النار ، فقيل : لم يا رسول الله ؟ قال : لأنكن تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، العشير : الزوج . وقوله تعالى : لبئس المولى ولبئس العشير أي : لبئس المعاشر . ومعشر الرجل : أهله . والمعشر : الجماعة ، متخالطين كانوا أو غير ذلك ، قال ذو الإصبع العدواني :


وأنتم معشر زيد على مائة     فأجمعوا أمركم طرا فكيدوني

، والمعشر والنفر والقوم والرهط معناهم : الجمع ، لا واحد لهم من لفظهم ، للرجال دون النساء . قال : والعشيرة أيضا الرجال والعالم ، أيضا للرجال دون النساء . وقال الليث : المعشر كل جماعة أمرهم [ ص: 159 ] واحد نحو معشر المسلمين ومعشر المشركين . والمعاشر : جماعات الناس . والمعشر : الجن والإنس . وفي التنزيل : يامعشر الجن والإنس . والعشر : شجر له صمغ وفيه حراق مثل القطن يقتدح به .

قال أبو حنيفة : العشر من العضاه وهو من كبار الشجر ، وله صمغ حلو ، وهو عريض الورق ينبت صعدا في السماء ، وله سكر يخرج من شعبه ومواضع زهره ، يقال : له سكر العشر ، وفي سكره شيء من مرارة ، ويخرج له نفاخ كأنها شقاشق الجمال التي تهدر فيها ، وله نور مثل نور الدفلى مشرب مشرق حسن المنظر وله ثمر . وفي حديث مرحب : أن محمد بن سلمة بارزه فدخلت بينهما شجرة من شجر العشر . وفي حديث ابن عمير : وقرص بري بلبن عشري ، أي لبن إبل ترعى العشر ، وهو هذا الشجر ، قال ذو الرمة يصف الظليم :


كأن رجليه مما كان من عشر     صقبان لم يتقشر عنهما النجب

، الواحدة عشرة ولا يكسر ، إلا أن يجمع بالتاء لقلة فعلة في الأسماء . ورجل أعشر ، أي أحمق ، قال الأزهري : لم يروه لي ثقة أعتمده . ويقال لثلاث من ليالي الشهر : عشر ، وهي بعد التسع ، وكان أبو عبيدة يبطل التسع والعشر إلا أشياء منه معروفة ، حكى ذلك عنه أبو عبيد . والطائفيون يقولون : من ألوان البقر الأهلي أحمر ، وأصفر ، وأغبر ، وأسود ، وأصدأ ، وأبرق ، وأمشر ، وأبيض ، وأعرم ، وأحقب ، وأصبغ ، وأكلف ، وعشر ، وعرسي ، وذو الشرر ، والأعصم ، والأوشح ; فالأصدأ : الأسود العين والعنق والظهر وسائر جسده أحمر ، والعشر : المرقع بالبياض والحمرة ، والعرسي : الأخضر ، وأما ذو الشرر فالذي على لون واحد ، في صدره وعنقه لمع على غير لونه .

وسعد العشيرة : أبو قبيلة من اليمن ، وهو سعد بن مذحج . وبنو العشراء : قوم من العرب . وبنو عشراء : قوم من بني فزارة . وذو العشيرة : موضع بالصمان معروف ينسب إلى عشرة نابتة فيه ، قال عنترة :


صعل يعود بذي العشيرة بيضه     كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم

، شبهه بالأصلم وهو المقطوع الأذن ; لأن الظليم لا أذنين له ، وفي الحديث ذكر غزوة العشيرة . ويقال : العشير وذات العشيرة ، وهو موضع من بطن ينبع . وعشار وعشوراء : موضع . وتعشار : موضع بالدهناء ، وقيل : هو ماء ، قال النابغة :


غلبوا على خبت إلى تعشار

وقال الشاعر :


لنا إبل لم تعرف الذعر بينها     بتعشار مرعاها قسا فصرائمه

التالي السابق


الخدمات العلمية