[ عشا ]
عشا : العشا - مقصور - : سوء البصر بالليل والنهار ، يكون في الناس والدواب والإبل والطير ، وقيل : هو ذهاب البصر ، حكاه
ثعلب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : وهذا لا يصح إذا تأملته ، وقيل : هو أن لا يبصر بالليل ، وقيل : العشا يكون سوء البصر من غير عمى ، ويكون الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار ، وقد عشا يعشو عشوا ، وهو أدنى بصره ، وإنما يعشو بعدما يعشى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : أمالوا العشا ، وإن كان من ذوات الواو ; تشبيها بذوات الواو من الأفعال كغزا ونحوها ، قال : وليس يطرد في الأسماء ، إنما يطرد في الأفعال ، وقد عشي يعشى عشى ، وهو عش وأعشى ، والأنثى عشواء ، والعشو جمع
الأعشى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : العشو من الشعراء سبعة : أعشى
بني قيس أبو بصير ، وأعشى
باهلة أبو قحافة ، وأعشى
بني نهشل الأسود بن يعفر ، وفي الإسلام أعشى
بني ربيعة من
بني شيبان ، وأعشى
همدان ، وأعشى
تغلب ابن جاوان ، وأعشى
طرود من
سليم ، وقال غيره : وأعشى
بني مازن من
تميم ، ورجلان أعشيان وامرأتان عشواوان ، ورجال عشو وأعشون .
وعشى الطير : أوقد لها نارا لتعشى منها فيصيدها . وعشا يعشو إذا ضعف بصره ، وأعشاه الله . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب :
أنه ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى ، أي يبصر بها بصرا ضعيفا . وعشا عن الشيء يعشو : ضعف بصره عنه ، وخبطه خبط عشواء : لم يتعمده . وفلان خابط خبط عشواء ، وأصله من الناقة العشواء ; لأنها لا تبصر ما أمامها فهي تخبط بيديها ، وذلك أنها ترفع رأسها فلا تتعهد مواضع أخفافها ، قال
زهير :
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومن تخطئ يعمر فيهرم
. ومن أمثالهم السائرة : هو يخبط خبط عشواء ، يضرب مثلا للسادر الذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته ، كالناقة العشواء التي لا تبصر ، فهي تخبط بيديها كل ما مرت به ، وشبه
زهير المنايا بخبط عشواء ; لأنها تعم الكل ولا تخص .
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : العقاب العشواء التي لا تبالي كيف خبطت وأين ضربت بمخالبها ، كالناقة العشواء لا تدري كيف تضع يدها . وتعاشى : أظهر العشا ، وأرى من نفسه أنه أعشى وليس به . وتعاشى الرجل في أمره إذا تجاهل ، على المثل . وعشا يعشو إذا أتى نارا للضيافة وعشا إلى النار وعشاها عشوا وعشوا واعتشاها واعتشى بها - كله : رآها ليلا على بعد فقصدها مستضيئا بها ، قال
الحطيئة :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
، أي : متى تأته لا تتبين ناره من ضعف بصرك ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي :
وجوها لو أن المدلجين اعتشوا بها صدعن الدجى حتى ترى الليل ينجلي
، وعشوته : قصدته ليلا ، هذا هو الأصل ، ثم صار كل قاصد عاشيا . وعشوت إلى النار أعشو إليها عشوا ، إذا استدللت عليها ببصر ضعيف ، وينشد بيت
الحطيئة أيضا ، وفسره فقال : المعنى متى تأته عاشيا ، وهو مرفوع بين مجزومين ; لأن الفعل المستقبل إذا وقع موقع الحال يرتفع ، كقولك : إن تأت زيدا تكرمه يأتك ، جزمت تأت بإن ، وجزمت يأتك بالجواب ، ورفعت تكرمه بينهما وجعلته حالا ، وإن صدرت عنه إلى غيره قلت : عشوت عنه . ومنه قوله تعالى :
[ ص: 163 ] ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين . قال
الفراء : معناه : من يعرض عن ذكر الرحمن ، قال : ومن قرأ :
ومن يعش عن ذكر الرحمن فمعناه من يعم عنه ، وقال
القتيبي : معنى قوله :
ومن يعش عن ذكر الرحمن أي : يظلم بصره ، قال : وهذا قول
أبي عبيدة ، ثم ذهب يرد قول
الفراء ، ويقول : لم أر أحدا يجيز عشوت عن الشيء أعرضت عنه ، إنما يقال تعاشيت عن الشيء ، أي تغافلت عنه كأني لم أره ، وكذلك تعاميت ، قال : وعشوت إلى النار ، أي استدللت عليها ببصر ضعيف .
قال
الأزهري : أغفل
القتيبي موضع الصواب واعترض مع غفلته على
الفراء يرد عليه ، فذكرت قوله لأبين عواره فلا يغتر به الناظر في كتابه . والعرب تقول : عشوت إلى النار أعشو عشوا ، أي قصدتها مهتديا بها ، وعشوت عنها ، أي أعرضت عنها ، فيفرقون بين إلى وعن موصولين بالفعل . وقال
أبو زيد : يقال : عشا فلان إلى النار يعشو عشوا إذا رأى نارا في أول الليل فيعشو إليها يستضيء بضوئها . وعشا الرجل إلى أهله يعشو : وذلك من أول الليل إذا علم مكان أهله فقصد إليهم . وقال
أبو الهيثم : عشي الرجل يعشى إذا صار أعشى لا يبصر ليلا ، وقال
مزاحم العقيلي : فجعل الاعتشاء بالوجوه كالاعتشاء بالنار يمدح قوما بالجمال :
يزين سنا الماوي كل عشية على غفلات الزين والمتجمل
وجوه لو ان المدلجين اعتشوا بها سطعن الدجى حتى ترى الليل ينجلي
، وعشا عن كذا وكذا يعشو عنه إذا مضى عنه . وعشا إلى كذا وكذا يعشو إليه عشوا وعشوا إذا قصد إليه مهتديا بضوء ناره . ويقال : استعشى فلان نارا إذا اهتدى بها ، وأنشد :
يتبعن حروبا إذا هبن قدم كأنه بالليل يستعشي ضرم
يقول : هو نشيط صادق الطرف جريء على الليل كأنه مستعش ضرمة ، وهي النار ، وهو الرجل الذي قد ساق الخارب إبله فطردها ، فعمد إلى ثوب فشقه وفتله فتلا شديدا ، ثم غمره في زيت أو دهن فرواه ، ثم أشعل في طرفه النار ، فاهتدى بها واقتص أثر الخارب ليستنقذ إبله ، قال
الأزهري : وهذا كله صحيح ، وإنما أتى
القتيبي في وهمه الخطأ من جهة أنه لم يفرق بين عشا إلى النار وعشا عنها ، ولم يعلم أن كل واحد منهما ضد الآخر من باب الميل إلى الشيء والميل عنه ، كقولك : عدلت إلى بني فلان إذا قصدتهم ، وعدلت عنهم إذا مضيت عنهم ، وكذلك ملت إليهم ، وملت عنهم ، ومضيت إليهم ، ومضيت عنهم وهكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبو إسحاق الزجاج في قوله عز وجل :
ومن يعش عن ذكر الرحمن أي : يعرض عنه ، كما قال
الفراء قال
أبو إسحاق : ومعنى الآية أن من أعرض عن القرآن وما فيه من الحكمة إلى أباطيل المضلين ، نعاقبه بشيطان نقيضه له حتى يضله ويلازمه قرينا له فلا يهتدي ; مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين ، قال
الأزهري :
وأبو عبيدة صاحب معرفة بالغريب وأيام العرب ، وهو بليد النظر في باب النحو ومقاييسه .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن رجلا أتاه فقال له : كما لا ينفع مع الشرك عمل هل يضر مع الإيمان ذنب ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : عش ولا تغتر ، ثم سأل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقال مثل ذلك ، هذا مثل للعرب تضربه في التوصية بالاحتياط والأخذ بالحزم ، وأصله أن رجلا أراد أن يقطع مفازة بإبله ولم يعشها ; ثقة على ما فيها من الكلإ ، فقيل له : عش إبلك قبل أن تفوز وخذ بالاحتياط ، فإن كان فيها كلأ لم يضرك ما صنعت ، وإن لم يكن فيها شيء كنت قد أخذت بالثقة والحزم ، فأراد
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بقوله هذا اجتنب الذنوب ولا تركبها اتكالا على الإسلام ، وخذ في ذلك بالثقة والاحتياط ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : معناه تعش إذا كنت في سفر ولا تتوان ثقة منك أن تتعشى عند أهلك ، فلعلك لا تجد عندهم شيئا . وقال
الليث : العشو إتيانك نارا ترجو عندها هدى أو خيرا ، تقول : عشوتها أعشوها عشوا وعشوا ، والعاشية : كل شيء يعشو بالليل إلى ضوء نار من أصناف الخلق كالفراش وغيره ، وكذلك الإبل العواشي تعشو إلى ضوء نار ، وأنشد :
وعاشية حوش بطان ذعرتها بضرب قتيل وسطها يتسيف
، قال
الأزهري : غلط في تفسير الإبل العواشي أنها التي تعشو إلى ضوء النار ، والعواشي جمع العاشية وهي التي ترعى ليلا وتتعشى ، وسنذكرها في هذا الفصل . والعشوة والعشوة : النار يستضاء بها . والعاشي : القاصد ، وأصله من ذلك ; لأنه يعشو إليه كما يعشو إلى النار ، قال
ساعدة بن جؤية :
شهابي الذي أعشو الطريق بضوئه ودرعي فليل الناس بعدك أسود
، والعشوة : ما أخذ من نار ليقتبس أو يستضاء به .
أبو عمرو : العشوة كالشعلة من النار ، وأنشد :
حتى إذا اشتال سهيل بسحر كعشوة القابس ترمي بالشرر
قال
أبو زيد : ابغونا عشوة ، أي نارا نستضيء بها . قال
أبو زيد : عشي الرجل عن حق أصحابه يعشى عشى شديدا ، إذا ظلمهم ، وهو كقولك : عمي عن الحق ، وأصله من العشا ، وأنشد :
ألا رب أعشى ظالم متخمط جعلت بعينيه ضياء فأبصرا
، وقال : عشي علي فلان يعشى عشى - منقوص - ظلمني . وقال
الليث : يقال للرجال يعشون ، وهما يعشيان ، وفي النساء هن يعشين ، قال : لما صارت الواو في عشي ياء لكسرة الشين ، تركت في يعشيان ياء على حالها ، وكان قياسه يعشوان فتركوا القياس ، وفي تثنية الأعشى : هما يعشيان ، ولم يقولوا : يعشوان ; لأن الواو لما صارت في الواحد ياء لكسرة ما قبلها تركت في التثنية على حالها ، والنسبة إلى أعشى أعشوي ، وإلى العشية عشوي .
والعشوة والعشوة والعشوة : ركوب الأمر على غير بيان . وأوطأني عشوة وعشوة وعشوة : لبس علي ، والمعنى فيه أنه حمله على أن يركب أمرا غير مستبين الرشد
[ ص: 164 ] فربما كان فيه عطبه ، وأصله من عشواء الليل وعشوته ، مثل ظلماء الليل وظلمته ، تقول : أوطأتني عشوة ، أي أمرا ملتبسا ، وذلك إذا أخبرته بما أوقعته به في حيرة أو بلية . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري عن
ابن قتيبة : أوطأته عشوة ، أي غررته وحملته على أن يطأ ما لا يبصره فربما وقع في بئر . وفي حديث
علي - كرم الله وجهه - : خباط عشوات ، أي يخبط في الظلام والأمر الملتبس فيتحير . وفي الحديث :
يا معشر العرب ، احمدوا الله الذي رفع عنكم العشوة ، يريد ظلمة الكفر ، كلما ركب الإنسان أمرا بجهل لا يبصر وجهه فهو عشوة من عشوة الليل ، وهو ظلمة أوله . يقال : مضى من الليل عشوة - بالفتح - وهو ما بين أوله إلى ربعه . وفي الحديث :
حتى ذهب عشوة من الليل . ويقال : أخذت عليهم بالعشوة ، أي بالسواد من الليل . والعشوة بالضم والفتح والكسر : الأمر الملتبس . وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة . وعشوة الليل والسحر وعشواؤه : ظلمته .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=119ابن الأكوع :
فأخذ عليهم بالعشوة ، أي بالسواد من الليل ، ويجمع على عشوات . وفي الحديث :
أنه - عليه السلام - كان في سفر فاعتشى في أول الليل أي : سار وقت العشاء كما يقال : استحر وابتكر . والعشاء : أول الظلام من الليل ، وقيل : هو من صلاة المغرب إلى العتمة . والعشاءان : المغرب والعتمة ، قال
الأزهري : يقال لصلاتي المغرب والعشاء العشاءان ، والأصل العشاء فغلب على المغرب ، كما قالوا الأبوان وهما الأب والأم ، ومثله كثير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15409ابن شميل : العشاء حين يصلي الناس العتمة ، وأنشد :
ومحول ملث العشاء دعوته والليل منتشر السقيط بهيم
، قال
الأزهري : صلاة العشاء هي التي بعد صلاة المغرب ، ووقتها حين يغيب الشفق ، وهو قوله تعالى :
ومن بعد صلاة العشاء . وأما العشي فقال
أبو الهيثم : إذا زالت الشمس دعي ذلك الوقت العشي ، فتحول الظل شرقيا وتحولت الشمس غربية ، قال
الأزهري : وصلاتا العشي هما الظهر والعصر . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10372435صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي وأكبر ظني أنها العصر ، وساقه
ابن الأثير فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10372435صلى بنا إحدى صلاتي العشي ، فسلم من اثنتين يريد صلاة الظهر أو العصر . وقال
الأزهري : يقع العشي على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها ، كل ذلك عشي ، فإذا غابت الشمس فهو العشاء ، وقيل : العشي من زوال الشمس إلى الصباح ، ويقال لما بين المغرب والعتمة : عشاء ، وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، وأنشدوا في ذلك :
غدونا غدوة سحرا بليل عشاء بعدما انتصف النهار
، وجاء عشوة ، أي عشاء ، لا يتمكن ، لا تقول مضت عشوة . والعشي والعشية : آخر النهار ، يقال : جئته عشية وعشية ، حكى الأخيرة
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
وأتيته العشية : ليومك ، وآتيه عشي غد - بغير هاء - إذا كان للمستقبل ، وأتيتك عشيا ، غير مضاف ، وآتيه بالعشي والغد ، أي كل عشية وغداة ، وإني لآتيه بالعشايا والغدايا . وقال
الليث : العشي ، بغير هاء ، آخر النهار ، فإذا قلت عشية فهو ليوم واحد ، يقال : لقيته عشية يوم كذا وكذا ، ولقيته عشية من العشيات ، وقال
الفراء في قوله تعالى :
لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها يقول القائل : وهل للعشية ضحى ؟ قال : وهذا جيد من كلام العرب ، يقال : آتيك العشية أو غداتها ، وآتيك الغداة أو عشيتها ، فالمعنى لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى العشية ، فأضاف الضحى إلى العشية ، وأما ما أنشده
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي :
ألا ليت حظي من زيارة أميه غديات قيظ أو عشيات أشتيه
فإنه قال : الغدوات في القيظ أطول وأطيب ، والعشيات في الشتاء أطول وأطيب ، وقال : غدية وغديات مثل عشية وعشيات ، وقيل : العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة ، وتقول : أتيته عشي أمس وعشية أمس .
وقوله تعالى :
ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وليس هناك بكرة ولا عشي ، وإنما أراد : لهم رزقهم في مقدار ما بين الغداة والعشي ، وقد جاء في التفسير أن معناه : ولهم رزقهم كل ساعة ، وتصغير العشي عشيشيان - على غير القياس - وذلك عند شفى وهو آخر ساعة من النهار ، وقيل : تصغير العشي عشيان ، على غير قياس مكبره ، كأنهم صغروا عشيانا ، والجمع عشيانات . ولقيته عشيشية وعشيشيات وعشيشيانات وعشيانات ، كل ذلك نادر ، ولقيته مغيربان الشمس ومغيربانات الشمس . وفي حديث
جندب الجهني :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10372436فأتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية قال : هي تصغير عشية على غير قياس ، أبدل من الياء الوسطى شين ، كأن أصله عشيية . وحكي عن
ثعلب : أتيته عشيشة وعشيشيانا وعشيانا ، قال : ويجوز في تصغير عشية : عشية وعشيشية . قال
الأزهري : كلام العرب في تصغير عشية عشيشية جاء نادرا على غير قياس ، ولم أسمع عشية في تصغير عشية ; وذلك أن عشية تصغير العشوة وهو أول ظلمة الليل ، فأرادوا أن يفرقوا بين تصغير العشية وبين تصغير العشوة ، وأما ما أنشده
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي من قوله :
هيفاء عجزاء خريد بالعشي تضحك عن ذي أشر عذب نقي
فإنه أراد بالليل ، فإما أن يكون سمى الليل عشيا لمكان العشاء الذي هو الظلمة ، وإما أن يكون وضع العشي موضع الليل لقربه منه من حيث كان العشي آخر النهار ، وآخر النهار متصل بأول الليل ، وإنما أراد الشاعر أن يبالغ بتخردها واستحيائها ; لأن الليل قد يعدم فيه الرقباء والجلساء ، وأكثر من يستحيا منه ، يقول : فإذا كان ذلك مع عدم هؤلاء فما ظنك بتخردها نهارا إذا حضروا ؟ وقد يجوز أن يعني به استحياءها عند المباعلة ; لأن المباعلة أكثر ما تكون ليلا .
والعشي : طعام العشي والعشاء ، قلبت فيه الواو ياء لقرب الكسرة . والعشاء : كالعشي ، وجمعه أعشية . وعشي الرجل يعشى وعشا وتعشى ، كله : أكل العشاء فهو عاش . وعشيت الرجل إذا أطعمته العشاء ، وهو الطعام الذي يؤكل بعد العشاء . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
[ ص: 165 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=10372437إذا حضر العشاء والعشاء فابدءوا بالعشاء العشاء بالفتح والمد : الطعام الذي يؤكل عند العشاء ، وهو خلاف الغداء وأراد بالعشاء صلاة المغرب ، وإنما قدم العشاء لئلا يشتغل قلبه به في الصلاة ، وإنما قيل : إنها المغرب ; لأنها وقت الإفطار ولضيق وقتها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : وفي المثل سقط العشاء به على سرحان ، يضرب للرجل يطلب الأمر التافه فيقع في هلكة ، وأصله أن دابة طلبت العشاء فهجمت على أسد . وفي حديث الجمع
بعرفة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10372438صلى الصلاتين كل صلاة وحدها والعشاء بينهما أي : أنه تعشى بين الصلاتين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : ومن كلامهم : لا يعشى إلا بعدما يعشو ، أي لا يعشى إلا بعدما يتعشى . وإذا قيل : تعش قلت : ما بي من تعش ، أي احتياج إلى العشاء ، ولا تقل ما بي عشاء . وعشوت ، أي تعشيت . ورجل عشيان : متعش ، والأصل عشوان ، وهو من باب أشاوى في الشذوذ وطلب الخفة . قال
الأزهري : رجل عشيان وهو من ذوات الواو ; لأنه يقال : عشيته وعشوته فأنا أعشوه أي عشيته ، وقد عشي يعشى إذا تعشى .
وقال
أبو حاتم : يقال من الغداء والعشاء رجل غديان وعشيان ، والأصل غدوان وعشوان ; لأن أصلهما الواو ، ولكن الواو تقلب إلى الياء كثيرا ; لأن الياء أخف من الواو . وعشاه عشوا وعشيا فتعشى : أطعمه العشاء ، الأخيرة نادرة ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي :
قصرنا عليه بالمقيظ لقاحنا فعيلنه من بين عشي وتقييل
وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري لقرط بن التؤام اليشكري :
كان ابن أسماء يعشوه ويصبحه من هجمة كفسيل النخل درار
، وعشاه تعشية وأعشاه كعشاه ، قال
أبو ذؤيب :
فأعشيته من بعد ما راث عشيه بسهم كسير التابرية لهوق
، عداه بالباء ; لأنه في معنى غذيته . وعشيت الرجل : أطعمته العشاء . ويقال : عش إبلك ولا تغتر ، وقوله :
بات يعشيها بعضب باتر يقصد في أسؤقها وجائر
أي : أقام لها السيف مقام العشاء .
الأزهري : العشي ما يتعشى به ، وجمعه أعشاء ، قال
الحطيئة :
وقد نظرتكم أعشاء صادرة للخمس طال بها حوزي وتنساسي
قال
شمر : يقول انتظرتكم انتظار إبل خوامس ; لأنها إذا صدرت تعشت طويلا وفي بطونها ماء كثير ، فهي تحتاج إلى بقل كثير ، وواحد الأعشاء عشي . وعشي الإبل : ما تتعشاه ، وأصله الواو . والعواشي : الإبل والغنم التي ترعى بالليل ، صفة غالبة والفعل كالفعل ، قال
أبو النجم :
يعشى إذا أظلم عن عشائه ثم غدا يجمع من غدائه
يقول : يتعشى في وقت الظلمة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12988ابن بري : ويقال عشي بمعنى تعشى . وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر :
ما من عاشية أشد أنقا ولا أطول شبعا من عالم من علم . العاشية : التي ترعى بالعشي من المواشي وغيرها . يقال : عشيت الإبل وتعشت ، المعنى : أن طالب العلم لا يكاد يشبع منه ، كالحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10372440منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا . وفي كتاب
أبي موسى : ما من عاشية أدوم أنقا ولا أبعد ملالا من عاشية علم . وفسره فقال : العشو إتيانك نارا ترجو عندها خيرا .
يقال : عشوته أعشوه ، فأنا عاش من قوم عاشية ، وأراد بالعاشية هاهنا طالبي العلم الراجين خيره ونفعه . وفي المثل : العاشية تهيج الآبية ، أي إذا رأت التي تأبى الرعي التي تتعشى هاجتها للرعي فرعت معها ، وأنشد :
ترى المصك يطرد العواشيا جلتها والأخر الحواشيا
، وبعير عشي : يطيل العشاء ، قال أعرابي ووصف بعيره :
عريض عروض عشي عطو
وعشا الإبل وعشاها : أرعاها ليلا . وعشيت الإبل إذا رعيتها بعد غروب الشمس . وعشيت الإبل تعشى عشا إذا تعشت ، فهي عاشية . وجمل عش وناقة عشية : يزيدان على الإبل في العشاء ، كلاهما على النسب دون الفعل ، وقول
كثير يصف سحابا :
خفي تعشى في البحار ودونه من اللج خضر مظلمات وسدف
، إنما أراد أن السحاب تعشى من ماء البحر ، جعله كالعشاء له ، وقول
أحيحة بن الجلاح :
تعشى أسافلها بالجبوب وتأتي حلوبتها من عل
يعني بها النخل ، يعني أنها تتعشى من أسفل ، أي تشرب الماء ويأتي حملها من فوق ، وعنى بحلوبتها : حملها ، كأنه وضع الحلوبة موضع المحلوب . وعشي عليه عشى : ظلمه . وعشى عن الشيء : رفق به كضحى عنه . والعشوان : ضرب من التمر أو النخل . والعشواء ممدود : ضرب من متأخر النخل حملا .