صفحة جزء
[ عصب ]

عصب : العصب : عصب الإنسان والدابة . والأعصاب : أطناب المفاصل التي تلائم بينها وتشدها ، وليس بالعقب . يكون ذلك للإنسان وغيره ، كالإبل ، والبقر ، والغنم ، والنعم ، والظباء ، والشاء ، حكاه أبو حنيفة ، الواحدة عصبة . وسيأتي ذكر الفرق بين العصب والعقب .

وفي الحديث أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج قال الخطابي في " المعالم " : إن لم تكن الثياب اليمانية فلا أدري ما هو ، وما أدري أن القلادة تكون منها . وقال أبو موسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي العصب بفتح الصاد ، وهي أطناب مفاصل الحيوانات ، وهو شيء مدور ، فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة ، فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز ، فإذا يبس يتخذون منه القلائد ، فإذا جاز وأمكن أن يتخذ من عظام السلحفاة وغيرها الأسورة جاز وأمكن [ ص: 166 ] أن يتخذ من عصب أشباهها خرز تنظم منه القلائد ، قال : ثم ذكر لي بعض أهل اليمن أن العصب سن دابة بحرية تسمى فرس فرعون ، يتخذ منها الخرز وغير الخرز ، من نصاب سكين وغيره ، ويكون أبيض . ولحم عصب : صلب شديد كثير العصب . وعصب اللحم بالكسر ، أي كثر عصبه . وانعصب : اشتد . والعصب : الطي الشديد . وعصب الشيء يعصبه عصبا : طواه ولواه ، وقيل : شده . والعصاب والعصابة : ما عصب به . وعصب رأسه وعصبه تعصيبا : شده ، واسم ما شد به : العصابة . وتعصب ، أي شد العصابة . والعصابة : العمامة ، منه . والعمائم يقال لها العصائب ، قال الفرزدق :


وركب كأن الريح تطلب منهم لها سلبا من جذبها بالعصائب

، أي : تنقض لي عمائمهم من شدتها ، فكأنها تسلبهم إياها ، وقد اعتصب بها . والعصابة : العمامة ، وكل ما يعصب به الرأس ، وقد اعتصب بالتاج والعمامة . والعصبة : هيئة الاعتصاب ، وكل ما عصب به كسر أو قرح ، من خرقة أو خبيبة ، فهو عصاب له . وفي الحديث : أنه رخص في المسح على العصائب والتساخين وهي كل ما عصبت به رأسك من عمامة أو منديل أو خرقة . والذي ورد في حديث بدر قال عتبة بن ربيعة : ارجعوا ولا تقاتلوا ، واعصبوها برأسي . قال ابن الأثير : يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى السلم ، فأضمرها اعتمادا على معرفة المخاطبين ، أي اقرنوا هذه الحال بي وانسبوها إلي وإن كانت ذميمة . وعصب الشجرة يعصبها عصبا : ضم ما تفرق منها بحبل ، ثم خبطها ليسقط ورقها . وروي عن جرير أنه خطب الناس بالكوفة فقال : لأعصبنكم عصب السلمة . السلمة : شجرة من العضاه ذات شوك ، وورقها القرظ الذي يدبغ به الأدم ، ويعسر خرط ورقها لكثرة شوكها ، فتعصب أغصانها بأن تجمع ويشد بعضها إلى بعض بحبل شدا شديدا ، ثم يهصرها الخابط إليه ، ويخبطها بعصاه ، فيتناثر ورقها للماشية ، ولمن أراد جمعه ، وقيل : إنما يفعل بها ذلك إذا أرادوا قطعها حتى يمكنهم الوصول إلى أصلها .

وأصل العصب : اللي ، ومنه عصب التيس والكبش وغيرهما من البهائم ، وهو أن تشد خصياه شدا شديدا حتى تندرا من غير أن تنزعا نزعا ، أو تسلا سلا ، يقال : عصبت التيس أعصبه فهو معصوب . ومن أمثال العرب : فلان لا تعصب سلماته ، يضرب مثلا للرجل الشديد العزيز الذي لا يقهر ولا يستذل ، ومنه قول الشاعر :


ولا سلماتي في بجيلة تعصب

وعصب الناقة يعصبها عصبا وعصابا : شد فخذيها ، أو أدنى منخريها بحبل لتدر . وناقة عصوب : لا تدر إلا على ذلك ، قال الشاعر :


فإن صعبت عليكم فاعصبوها     عصابا تستدر به شديدا

، وقال أبو زيد : العصوب الناقة التي لا تدر حتى تعصب أداني منخريها بخيط ثم تثور ، ولا تحل حتى تحلب . وفي حديث عمر ومعاوية أن العصوب يرفق بها حالبها فتحلب العلبة . قال : العصوب الناقة التي لا تدر حتى يعصب فخذاها ، أي يشدا بالعصابة . والعصاب : ما عصبها به . وأعطى على العصب ، أي على القهر ، مثل بذلك ، قال الحطيئة :


تدرون إن شد العصاب عليكم     ونأبى إذا شد العصاب فلا ندر

، ويقال للرجل إذا كان شديد أسر الخلق ، غير مسترخي اللحم : إنه لمعصوب ما حفضج . ورجل معصوب الخلق : شديد اكتناز اللحم ، عصب عصبا ، قال حسان :


دعوا التخاجؤ وامشوا مشية سجحا     إن الرجال ذوو عصب وتذكير

، وجارية معصوبة : حسنة العصب أي اللي ، مجدولة الخلق ، ورجل معصوب : شديد . والعصوب من النساء : الزلاء الرسحاء - عن كراع .

قال أبو عبيدة : والعصوب ، والرسحاء ، والمسحاء ، والرصعاء ، والمصواء ، والمزلاق ، والمزلاج ، والمنداص . وتعصب بالشيء واعتصب : تقنع به ورضي . والمعصوب : الجائع الذي كادت أمعاؤه تيبس جوعا . وخص الجوهري هذيلا بهذه اللغة . وقد عصب يعصب عصوبا . وقيل : سمي معصوبا ; لأنه عصب بطنه بحجر من الجوع . وعصب القوم : جوعهم . ويقال للرجل الجائع يشتد عليه سخفة الجوع فيعصب بطنه بحجر : معصب ، ومنه قوله :


ففي هذا فنحن ليوث حرب     وفي هذا غيوث معصبينا

، وفي حديث المغيرة : فإذا هو معصوب الصدر قيل : كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشد جوفه بعصابة ، وربما جعل تحتها حجرا . والمعصب : الذي عصبته السنون ، أي أكلت ماله . وعصبتهم السنون : أجاعتهم ، والمعصب : الذي يتعصب بالخرق من الجوع . وعصب الدهر ماله : أهلكه . ورجل معصب : فقير . وعصبهم الجهد ، وهو من قوله : يوم عصيب . وعصب الرجل : دعاه معصبا ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


يدعى المعصب من قلت حلوبته     وهل يعصب ماضي الهم مقدام

، ويقال : عصب الرجل بيته ، أي أقام في بيته لا يبرحه لازما له . ويقال : عصب القين صدع الزجاجة بضبة من فضة ، إذا لأمها محيطة به . والضبة : عصاب الصدع . ويقال لأمعاء الشاة إذا طويت وجمعت ثم جعلت في حوية من حوايا بطنها : عصب ، واحدها عصيب . والعصيب من أمعاء الشاء : ما لوي منها ، والجمع أعصبة وعصب . والعصيب : الرئة تعصب بالأمعاء فتشوى ، قال حميد بن ثور - وقيل : هو للصمة بن عبد الله القشيري - :

[ ص: 167 ]

أولئك لم يدرين ما سمك القرى     ولا عصب فيها رئات العمارس

، والعصب : ضرب من برود اليمن ، سمي عصبا لأن غزله يعصب ، أي يدرج ثم يصبغ ثم يحاك ، وليس من برود الرقم ، ولا يجمع ، إنما يقال : برد عصب ، وبرود عصب ; لأنه مضاف إلى الفعل . وربما اكتفوا بأن يقولوا : عليه العصب ; لأن البرد عرف بذلك الاسم ، قال :


يبتذلن العصب والخز     ز معا والحبرات

ومنه قيل : للسحاب كاللطخ : عصب . وفي الحديث : المعتدة لا تلبس المصبغة إلا ثوب عصب العصب : برود يمنية يعصب غزلها ، أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج ، فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض ، لم يأخذه صبغ ، وقيل : هي برود مخططة . والعصب : الفتل . والعصاب : الغزال . فيكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسج . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه أراد أن ينهى عن عصب اليمن وقال : نبئت أنه يصبغ بالبول ، ثم قال : نهينا عن التعمق .

والعصب : غيم أحمر تراه في الأفق الغربي يظهر في سني الجدب ، قال الفرزدق :


إذا العصب أمسى في السماء كأنه     سدى أرجوان واستقلت عبورها

، وهو العصابة أيضا ، قال أبو ذؤيب :


أعيني لا يبقى على الدهر فادر     بتيهورة تحت الطخاف العصائب

، وقد عصب الأفق يعصب ، أي احمر . وعصبة الرجل : بنوه وقرابته لأبيه . والعصبة : الذين يرثون الرجل عن كلالة ، من غير والد ولا ولد . فأما في الفرائض فكل من لم تكن له فريضة مسماة فهو عصبة ، إن بقي شيء بعد الفرائض أخذ . قال الأزهري : عصبة الرجل أولياؤه الذكور من ورثته ، سموا عصبة لأنهم عصبوا بنسبه ، أي استكفوا به ، فالأب طرف ، والابن طرف ، والعم جانب ، والأخ جانب ، والجمع العصبات . والعرب تسمي قرابات الرجل أطرافه ، ولما أحاطت به هذه القرابات ، وعصبت بنسبه سموا عصبة . وكل شيء استدار بشيء فقد عصب به . والعمائم يقال لها : العصائب ، واحدتها عصابة ، من هذا قال : ولم أسمع للعصبة بواحد ، والقياس أن يكون عاصبا ، مثل طالب وطلبة وظالم وظلمة . ويقال : عصب القوم بفلان ، أي استكفوا حوله .

وعصبت الإبل بعطنها إذا استكفت به ، قال أبو النجم :


إذ عصبت بالعطن المغربل

يعني المدقق ترابه . والعصبة والعصابة : جماعة ما بين العشرة إلى الأربعين . وفي التنزيل العزيز : ونحن عصبة ، قال الأخفش : والعصبة والعصابة جماعة ليس لها واحد . قال الأزهري : وذكر ابن المظفر في كتابه حديثا : أنه يكون في آخر الزمان رجل يقال له : أمير العصب قال ابن الأثير : هو جمع عصبة . قال الأزهري : وجدت تصديق هذا الحديث ، في حديث مروي عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : وجدت في بعض الكتب يوم اليرموك : أبو بكر الصديق أصبتم اسمه ، عمر الفاروق قرنا من حديد أصبتم اسمه ، عثمان ذو النورين كفلين من الرحمة ; لأنه يقتل مظلوما أصبتم اسمه ، قال : ثم يكون ملك الأرض المقدسة وابنه ، قال عقبة : قلت لعبد الله : سمهما ، قال : معاوية وابنه ، ثم يكون سفاح ، ثم يكون منصور ، ثم يكون جابر ، ثم مهدي ، ثم يكون الأمين ، ثم يكون سين ولام ، يعني صلاحا وعاقبة ، ثم يكون أمراء العصب : ستة منهم من ولد كعب بن لؤي ، ورجل من قحطان ، كلهم صالح لا يرى مثله . قال أيوب : فكان ابن سيرين إذا حدث بهذا الحديث قال : يكون على الناس ملوك بأعمالهم . قال الأزهري : هذا حديث عجيب وإسناده صحيح ، والله علام الغيوب .

وفي حديث الفتن قال : فإذا رأى الناس ذلك أتته أبدال الشام وعصائب العراق فيتبعونه . العصائب : جمع عصابة ، وهي ما بين العشرة إلى الأربعين . وفي حديث علي : الأبدال بالشام ، والنجباء بمصر ، والعصائب بالعراق أراد أن التجمع للحروب يكون بالعراق . وقيل : أراد جماعة من الزهاد ، سماهم بالعصائب ; لأنه قرنهم بالأبدال والنجباء . وكل جماعة رجال وخيل بفرسانها ، أو جماعة طير أو غيرها : عصبة وعصابة ، ومنه قول النابغة :


عصابة طير تهتدي بعصائب

واعتصبوا : صاروا عصبة ، قال أبو ذؤيب :


هبطن بطن رهاط واعتصبن كما     يسقي الجذوع خلال الدور نضاح

، والتعصب : من العصبية . والعصبية : أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته ، والتألب معهم على من يناويهم ، ظالمين كانوا أم مظلومين . وقد تعصبوا عليهم إذا تجمعوا ، فإذا تجمعوا على فريق آخر ، قيل : تعصبوا . وفي الحديث : العصبي من يعين قومه على الظلم . العصبي هو الذي يغضب لعصبته ويحامي عنهم . والعصبة : الأقارب من جهة الأب ; لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم ، أي يحيطون به ويشتد بهم . وفي الحديث : ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية . العصبية والتعصب : المحاماة والمدافعة . وتعصبنا له ومعه : نصرناه . وعصبة الرجل : قومه الذين يتعصبون له ، كأنه على حذف الزائد . وعصب القوم : خيارهم . وعصبوا به : اجتمعوا حوله ، قال ساعدة :


ولكن رأيت القوم قد عصبوا به     فلا شك أن قد كان ثم لحيم

، واعصوصبوا : استجمعوا ، فإذا تجمعوا على فريق آخر ، قيل : تعصبوا . واعصوصبوا : استجمعوا وصاروا عصابة وعصائب . وكذلك إذا جدوا في السير . واعصوصبت الإبل وأعصبت : جدت في السير . واعصوصبت وعصبت وعصبت : اجتمعت . وفي الحديث : أنه كان في مسير ، فرفع صوته ، فلما سمعوا صوته اعصوصبوا أي : اجتمعوا وصاروا عصابة واحدة ، وجدوا في السير . واعصوصب [ ص: 168 ] الشر : اشتد كأنه من الأمر العصيب ، وهو الشديد . ويقال للرجل الذي سوده قومه : قد عصبوه ، فهو معصب وقد تعصب ، ومنه قول المخبل في الزبرقان :


رأيتك هريت العمامة بعدما     أراك زمانا حاسرا لم تعصب

، وهو مأخوذ من العصابة وهي العمامة . وكانت التيجان للملوك ، والعمائم الحمر للسادة من العرب ، قال الأزهري : وكان يحمل إلى البادية من هراة عمائم حمر يلبسها أشرافهم . ورجل معصب ومعمم ، أي مسود ، قال عمرو بن كلثوم :


وسيد معشر قد عصبوه     بتاج الملك يحمي المحجزينا

، فجعل الملك معصبا أيضا ; لأن التاج أحاط برأسه كالعصابة التي عصبت برأس لابسها . ويقال : اعتصب التاج على رأسه إذا استكف به ، ومنه قول قيس الرقيات :


يعتصب التاج فوق مفرقه على جبين كأنه الذهب

، وفي الحديث : أنه شكا إلى سعد بن عبادة عبد الله بن أبي ، فقال : اعف عنه يا رسول الله ; فقد كان اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يعصبوه بالعصابة ، فلما جاء الله بالإسلام شرق لذلك يعصبوه ، أي يسودوه ويملكوه ، وكانوا يسمون السيد المطاع : معصبا ; لأنه يعصب بالتاج ، أو تعصب به أمور الناس ، أي ترد إليه وتدار به . والعمائم تيجان العرب ، وتسمى العصائب واحدتها عصابة . واعصوصب اليوم والشر : اشتد وتجمع . وفي التنزيل : هذا يوم عصيب ، قال الفراء : يوم عصيب وعصبصب : شديد ، وقيل : هو الشديد الحر ، وليلة عصيب كذلك . ولم يقولوا : عصبصبة . قال كراع : هو مشتق من قولك : عصبت الشيء إذا شددته ، وليس ذلك بمعروف ، أنشد ثعلب في صفة إبل سقيت :


يا رب يوم لك من أيامها     عصبصب الشمس إلى ظلامها

وقال الأزهري : هو مأخوذ من قولك : عصب القوم أمر يعصبهم عصبا ، إذا ضمهم واشتد عليهم ، قال ابن أحمر :


يا قوم ما قومي على نأيهم     إذ عصب الناس شمال وقر

، وقوله : " ما قومي على نأيهم " تعجب من كرمهم . وقال : نعم القوم هم في المجاعة إذ عصب الناس شمال وقر ، أي أطاف بهم وشملهم بردها .

وقال أبو العلاء : يوم عصبصب بارد ذو سحاب كثير لا يظهر فيه من السماء شيء . وعصب الفم يعصب عصبا وعصوبا . اتسخت أسنانه من غبار أو شدة عطش ، أو خوف ، وقيل : يبس ريقه . وفوه عاصب ، وعصب الريق بفيه - بالفتح - يعصب عصبا وعصب : جف ويبس عليه ، قال ابن أحمر :


يصلي على من مات منا عريفنا     ويقرأ حتى يعصب الريق بالفم

ورجل عاصب : عصب الريق بفيه ، قال أشرس بن بشامة الحنظلي :


وإن لقحت أيدي الخصوم وجدتني     نصورا إذا ما استيبس الريق عاصبه

، لقحت : ارتفعت ، شبه الأيدي بأذناب اللواقح من الإبل . وعصب الريق فاه يعصبه عصبا : أيبسه ، قال أبو محمد الفقعسي :


يعصب فاه الريق أي عصب     عصب الجباب بشفاه الوطب

الجباب : شبه الزبد في ألبان الإبل . وفي حديث بدر : لما فرغ منها أتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار أي : ركبه وعلق به ، من عصب الريق فاه إذا لصق به ، وروى بعض المحدثين أن جبريل جاء يوم بدر على فرس أنثى ، وقد عصم بثنيتيه الغبار . فإن لم يكن غلطا من المحدث فهي لغة في عصب ، والباء والميم يتعاقبان في حروف كثيرة ; لقرب مخرجيهما . يقال : ضربة لازب ولازم ، وسبد رأسه وسمده . وعصب الماء : لزمه ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


وعصب الماء طوال كبد

وعصبت الإبل بالماء إذا دارت به ، قال الفراء : عصبت الإبل ، وعصبت بالكسر ، إذا اجتمعت . والعصبة والعصبة والعصبة - الأخيرة عن أبي حنيفة - : كل ذلك شجرة تلتوي على الشجر وتكون بينها ، ولها ورق ضعيف ، والجمع عصب وعصب ، قال :


إن سليمى علقت فؤادي     تنشب العصب فروع الوادي

، وقال مرة : العصبة ما تعلق بالشجر فرقي فيه وعصب به ، قال : وسمعت بعض العرب يقول : العصبة هي اللبلاب . وفي حديث الزبير بن العوام لما أقبل نحو البصرة وسئل عن وجهه فقال :


علقتهم إني خلقت عصبه     قتادة تعلقت بنشبه

، قال شمر : وبلغني أن بعض العرب قال :


غلبتهم إني خلقت عصبه     قتادة ملوية بنشبه

، قال : والعصبة نبات يلتوي على الشجر ، وهو اللبلاب . والنشبة من الرجال : الذي إذا علق بشيء لم يكد يفارقه . ويقال للرجل الشديد المراس : قتادة لويت بعصبة . والمعنى : خلقت علقة لخصومي ، فوضع العصبة موضع العلقة ، ثم شبه نفسه في فرط تعلقه وتشبثه بهم بالقتادة إذا استظهرت في تعلقها واستمسكت بنشبة ، أي شيء شديد النشوب ، والباء التي في قوله : بنشبة ، للاستعانة ، كالتي في كتبت بالقلم ، وأما قول كثير :


بادي الربع والمعارف منها     غير رسم كعصبة الأغيال

، فقد روي عن ابن الجراح أنه قال : العصبة هنة تلتف على القتادة ، لا تنزع عنها إلا بعد جهد ، وأنشد :

[ ص: 169 ]

تلبس حبها بدمي ولحمي     تلبس عصبة بفروع ضال

، وعصب الغبار بالجبل وغيره : أطاف . والعصاب : الغزال ، قال رؤبة :


طي القسامي برود العصاب

القسامي : الذي يطوي الثياب في أول طيها ، حتى يكسرها على طيها . وعصب الشيء : قبض عليه . والعصاب : القبض ، أنشد ابن الأعرابي :


وكنا يا قريش إذا عصبنا     تجيء عصابنا بدم عبيط

، عصابنا : قبضنا على من يغادي بالسيوف . والعصب في عروض الوافر : إسكان لام مفاعلتن ، ورد الجزء بذلك إلى مفاعيلن ، وإنما سمي عصبا ; لأنه عصب أن يتحرك ، أي قبض . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : فروا إلى الله ، وقوموا بما عصبه بكم ، أي بما افترضه عليكم وقرنه بكم من أوامره ونواهيه ، وفي حديث المهاجرين إلى المدينة : فنزلوا العصبة ، موضع بالمدينة عند قباء ، وضبطه بعضهم بفتح العين والصاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية