صفحة جزء
[ عصف ]

عصف : العصف والعصفة والعصيفة والعصافة - عن اللحياني - : ما كان على ساق الزرع من الورق الذي ييبس فيتفتت ، وقيل : هو ورقه من غير أن يعين بيبس ولا غيره ، وقيل : ورقه وما لا يؤكل . وفي التنزيل : والحب ذو العصف والريحان ، يعني بالعصف ورق الزرع وما لا يؤكل منه ، وأما الريحان فالرزق وما أكل منه ، وقيل : العصف والعصيفة والعصافة التبن ، وقيل : هو ما على حب الحنطة ونحوها من قشور التبن . وقال النضر : العصف القصيل ، [ ص: 173 ] وقيل : العصف بقل الزرع ; لأن العرب تقول خرجنا نعصف الزرع إذا قطعوا منه شيئا قبل إدراكه ، فذلك العصف . والعصف والعصيفة : ورق السنبل . وقال بعضهم : ذو العصف يريد المأكول من الحب ، والريحان الصحيح الذي يؤكل ، والعصف والعصيف : ما قطع منه ، وقيل : هما ورق الزرع الذي يميل في أسفله فتجزه ليكون أخف له ، وقيل : العصف ما جز من ورق الزرع وهو رطب فأكل . والعصيفة : الورق المجتمع الذي يكون فيه السنبل . والعصف : السنبل ، وجمعه عصوف . وأعصف الزرع : طال عصفه . والعصيفة : رءوس سنبل الحنطة . والعصف والعصيفة : الورق الذي ينفتح عن الثمرة . والعصافة : ما سقط من السنبل كالتبن ونحوه . أبو العباس : العصفان التبنان ، والعصوف الأتبان . قال أبو عبيدة : العصف الذي يعصف من الزرع فيؤكل وهو العصيفة ، وأنشد لعلقمة بن عبدة :


تسقي مذانب قد مالت عصيفتها

، ويروى : زالت عصيفتها ، أي جز ثم يسقى ليعود ورقه . ويقال : أعصف الزرع حان أن يجز . وعصفنا الزرع نعصفه ، أي جززنا ورقه الذي يميل في أسفله ليكون أخف للزرع ، وقيل : جززنا ورقه قبل أن يدرك ، وإن لم يفعل مال بالزرع .

وذكر الله تعالى في أول هذه السورة ما دل على وحدانيته من خلقه الإنسان وتعليمه البيان ، ومن خلق الشمس والقمر والسماء والأرض وما أنبت فيها من رزق من خلق فيها من إنسي وبهيمة ، تبارك الله أحسن الخالقين . واستعصف الزرع : قصب . وعصفه يعصفه عصفا : صرمه من أقصابه . وقوله تعالى : كعصف مأكول ، له معنيان : أحدهما أنه جعل أصحاب الفيل كورق أخذ ما فيه من الحب وبقي هو لا حب فيه ، والآخر أنه أراد أنه جعلهم كعصف قد أكله البهائم . وروي عن سعيد بن جبير أنه قال في قوله تعالى : كعصف مأكول ، قال : هو الهبور وهو الشعير النابت بالنبطية . وقال أبو العباس في قوله : كعصف قال : يقال : فلان يعتصف إذا طلب الرزق ، وروي عن الحسن أنه الزرع الذي أكل حبه وبقي تبنه ، وأنشد أبو العباس محمد بن يزيد :


فصيروا مثل كعصف مأكول

أراد مثل عصف مأكول ، فزاد الكاف لتأكيد الشبه كما أكده بزيادة الكاف في قوله تعالى : ليس كمثله شيء إلا أنه في الآية أدخل الحرف على الاسم وهو سائغ ، وفي البيت أدخل الاسم وهو " مثل " على الحرف وهو " الكاف " ، فإن قال قائل : بماذا جر عصف ; أبالكاف التي تجاوره أم بإضافة " مثل " إليه على أنه فصل بين المضاف والمضاف إليه ؟

فالجواب أن العصف في البيت لا يجوز أن يكون مجرورا بغير الكاف وإن كانت زائدة ، يدلك على ذلك أن الكاف في كل موضع تقع فيه زائدة لا تكون إلا جارة ، كما أن " من " وجميع حروف الجر في أي موضع وقعن زوائد فلا بد من أن يجررن ما بعدهن كقولك : ما جاءني من أحد ، ولست بقائم ، فكذلك الكاف في كعصف مأكول هي الجارة للعصف وإن كانت زائدة على ما تقدم ، فإن قال قائل : فمن أين جاز للاسم أن يدخل على الحرف في قوله : مثل كعصف مأكول ؟ فالجواب أنه إنما جاز ذلك لما بين الكاف ومثل من المضارعة في المعنى ، فكما جاز لهم أن يدخلوا الكاف على الكاف في قوله :


وصاليات ككما يؤثفين

لمشابهته لمثل حتى كأنه قال : كمثل ما يؤثفين ، كذلك أدخلوا أيضا " مثلا " على الكاف في قوله : مثل كعصف ، وجعلوا ذلك تنبيها على قوة الشبه بين الكاف ومثل .

ومكان معصف : كثير الزرع ، وقيل : كثير التبن - عن اللحياني ، وأنشد :


إذا جمادى منعت قطرها     زان جنابي عطن معصف

، هكذا رواه ، وروايتنا " مغضف " بالضاد المعجمة ، ونسب الجوهري هذا البيت لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري . قال ابن بري : هو لأحيحة بن الجلاح لا لأبي قيس .

وعصفت الريح تعصف عصفا وعصوفا ، وهي ريح عاصف وعاصفة ومعصفة وعصوف ، وأعصفت في لغة أسد ، وهي معصف من رياح معاصف ومعاصيف إذا اشتدت ، والعصوف للرياح . وفي التنزيل : فالعاصفات عصفا يعني الرياح ، والريح تعصف ما مرت عليه من جولان التراب تمضي به ، وقد قيل : إن العصف الذي هو التبن مشتق منه ; لأن الريح تعصف به ، قال ابن سيده : وهذا ليس بقوي . وفي الحديث : كان إذا عصفت الريح ، أي إذا اشتد هبوبها . وريح عاصف : شديدة الهبوب . والعصافة : ما عصفت به الريح على لفظ عصافة السنبل . وقال الفراء في قوله تعالى : أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف قال : فجعل العصوف تابعا لليوم في إعرابه ، وإنما العصوف للرياح ، قال : وذلك جائز على جهتين : إحداهما أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به ; لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف كما يقال : يوم بارد ويوم حار والبرد والحر فيهما ، والوجه الآخر أن يريد في يوم عاصف الريح ، فتحذف الريح ; لأنها قد ذكرت في أول كلمة كما قال :


إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف

يريد كاسف الشمس ، فحذفه لأنه قدم ذكره .

وقال الجوهري : يوم عاصف ، أي تعصف فيه الريح ، وهو فاعل بمعنى مفعول فيه ، مثل قولهم : ليل نائم وهم ناصب ، وجمع العاصف عواصف . والمعصفات : الرياح التي تثير السحاب والورق وعصف الزرع . والعصف والتعصف : السرعة ، على التشبيه بذلك . وأعصفت الناقة في السير : أسرعت ، فهي معصفة ، وأنشد :


ومن كل مسحاج إذا ابتل ليتها     تحلب منها ثائب متعصف

يعني العرق . وأعصف الفرس إذا مر مرا سريعا ، لغة في أحصف .

وحكى أبو عبيدة : أعصف الرجل ، أي هلك . والعصيفة : الورق المجتمع الذي يكون فيه السنبل . والعصوف : السريعة من الإبل . قال شمر : ناقة عاصف وعصوف سريعة ، قال الشماخ :


فأضحت بصحراء البسيطة عاصفا

[ ص: 174 ]

توالي الحصى سمر العجايات مجمرا

وتجمع الناقة العصوف عصفا ، قال رؤبة :


بعصف المر خماص الأقصاب

يعني الأمعاء . وقال النضر : إعصاف الإبل استدارتها حول البئر حرصا على الماء وهي تطحن التراب حوله وتثيره . ونعامة عصوف : سريعة ، وكذلك الناقة وهي التي تعصف براكبها فتمضي به . والإعصاف : الإهلاك . وأعصف الرجل : هلك . والحرب تعصف بالقوم : تذهب بهم وتهلكهم ، قال الأعشى :


في فيلق جأواء ملمومة     تعصف بالدارع والحاسر

، أي : تهلكهما . وأعصف الرجل : جار عن الطريق . قال المفضل : إذا رمى الرجل غرضا فصاف نبله قيل : إن سهمك لعاصف ، قال : وكل مائل عاصف ، وقال كثير :


فمرت بليل وهي شدفاء عاصف     بمنخرق الدوداة مر الخفيدد

، قال اللحياني : هو يعصف ويعتصف ويصرف ويصطرف ، أي يكسب . وعصف يعصف عصفا واعتصف : كسب وطلب واحتال ، وقيل : هو كسبه لأهله . والعصف : الكسب ، ومنه قول العجاج :


قد يكسب المال الهدان الجافي     بغير ما عصف ولا اصطراف

، والعصوف : الكد ، والعصوف : الخمور .

التالي السابق


الخدمات العلمية