صفحة جزء
[ عصا ]

عصا : العصا : العود ، أنثى . وفي التنزيل العزيز : هي عصاي أتوكأ عليها . وفلان صلب العصا وصليب العصا ، إذا كان يعنف بالإبل فيضربها بالعصا ، وقوله :


فأشهد لا آتيك ما دام تنضب بأرضك أو صلب العصا من رجالك

، أي : صليب العصا .

قال الأزهري : ويقال للراعي إذا كان قويا على إبله ضابطا لها : إنه لصلب العصا وشديد العصا ، ومنه قول عمر بن لجإ :


صلب العصا جاف عن التغزل

قال ابن بري : ويقال : إنه لصلب العصا ، أي صلب في نفسه وليس ثم عصا ، وأنشد بيت عمر بن لجإ ونسبه إلى أبي النجم . ويقال : عصا وعصوان ، والجمع أعص وأعصاء وعصي وعصي ، وهو فعول ، وإنما كسرت العين لما بعدها من الكسرة ، وأنكر سيبويه أعصاء ، قال : جعلوا أعصيا بدلا منه . ورجل لين العصا : رفيق حسن السياسة لما يلي ، يكنون بذلك عن قلة الضرب بالعصا . وضعيف العصا ، أي قليل الضرب للإبل بالعصا ، وذلك مما يحمد به ، حكاه ابن الأعرابي . وأنشد الأزهري لمعن بن أوس المزني :


عليه شريب وادع لين العصا     يساجلها جماته وتساجله

، قال الجوهري : موضع الجمات نصب ، وجعل شربها للماء مساجلة ، وأنشد غيره قول الراعي يصف راعيا :


ضعيف العصا بادي العروق ترى له     عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا

، وقولهم : إنه لضعيف العصا ، أي ترعية . قال ابن الأعرابي : والعرب تعيب الرعاء بضرب الإبل ; لأن ذلك عنف بها وقلة رفق ، وأنشد :


لا تضرباها واشهرا لها العصي


فرب بكر ذي هباب عجرفي


فيها وصهباء نسول بالعشي

يقول : أخيفاها بشهركما العصي لها ولا تضرباها ، وأنشد :


دعها من الضرب وبشرها بري     ذاك الذياد لا ذياد بالعصي

، وعصاه بالعصا فهو يعصوه عصوا إذا ضربه بالعصا . وعصى بها : أخذها . وعصى بسيفه وعصا به يعصو عصا : أخذه أخذ العصا أو ضرب به ضربه بها ، قال جرير :


تصف السيوف وغيركم يعصى بها      [ ص: 179 ] يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل

، والعصا - مقصور - : مصدر قولك عصي بالسيف يعصى إذا ضرب به ، وأنشد بيت جرير أيضا . وقالوا : عصوته بالعصا وعصيته وعصيته بالسيف والعصا وعصيت وعصيت بهما عليه عصا ، قال الكسائي : يقال عصوته بالعصا ، قال : وكرهها بعضهم ، وقال : عصيت بالعصا ثم ضربته بها فأنا أعصى ، حتى قالوها في السيف تشبيها بالعصا ، وأنشد ابن بري لمعبد بن علقمة :


ولكننا نأبى الظلام ونعتصي     بكل رقيق الشفرتين مصمم

، وقال أبو زيد : عصي الرجل في القوم بسيفه وعصاه فهو يعصى فيهم ، إذا عاث فيهم عيثا ، والاسم العصا .

قال ابن الأعرابي : يقال عصاه يعصوه إذا ضربه بالعصا . وعصي يعصى إذا لعب بالعصا كلعبه بالسيف . قال ابن سيده في المعتل بالياء : عصيته بالعصا وعصيته ، ضربته ، كلاهما لغة في عصوته ، وإنما حكمنا على ألف العصا في هذا الباب أنها ياء لقولهم عصيته ، بالفتح ، فأما عصيته فلا حجة فيه ; لأنه قد يكون من باب شقيت وغبيت ، فإذا كان كذلك فلامه واو ، والمعروف في كل ذلك عصوته . واعتصى الشجرة : قطع منها عصا ، قال جرير :


ولا نعتصي الأرطى ولكن سيوفنا     حداد النواحي لا يبل سليمها

، وهو يعتصي على عصا جيدة ، أي يتوكأ . واعتصى فلان بالعصا إذا توكأ عليها فهو معتص بها . وفي التنزيل : هي عصاي أتوكأ عليها وفلان يعتصي بالسيف ، أي يجعله عصا . قال الأزهري : ويقال للعصا عصاة - بالهاء - يقال أخذت عصاته ، قال : ومنهم من كره هذه اللغة ، روى الأصمعي عن بعض البصريين قال : سميت العصا عصا ; لأن اليد والأصابع تجتمع عليها ، مأخوذ من قول العرب عصوت القوم أعصوهم إذا جمعتهم على خير أو شر ، قال : ولا يجوز مد العصا ولا إدخال التاء معها ، وقال الفراء : أول لحن سمع بالعراق هذه عصاتي - بالتاء . وفي الحديث أنه حرم شجر المدينة إلا عصا حديدة أي : عصا تصلح أن تكون نصابا لآلة من الحديد . وفي الحديث : ألا إن قتيل الخطإ قتيل السوط والعصا ; لأنهما ليسا من آلات القتل ، فإذا ضرب بهما أحد فمات كان قتله خطأ . وعاصاني فعصوته أعصوه ، عن اللحياني لم يزد على ذلك ، وأراه أراد خاشنني بها أو عارضني بها فغلبته ، وهذا قليل في الجواهر ، إنما بابه الأعراض ككرمته وفخرته ، من الكرم والفخر . وعصاه العصا : أعطاه إياها ، قال طريح :


حلاك خاتمها ومنبر ملكها     وعصا الرسول كرامة عصاكها

، وألقى المسافر عصاه إذا بلغ موضعه وأقام ; لأنه إذا بلغ ذلك ألقى عصاه فخيم أو أقام وترك السفر ، قال معقر بن حمار البارقي يصف امرأة كانت لا تستقر على زوج ، كلما تزوجت رجلا فارقته واستبدلت آخر به ، وقال ابن سيده : كلما تزوجها رجل لم تواته ، ولم تكشف عن رأسها ، ولم تلق خمارها ، وكان ذلك علامة إبائها وأنها لا تريد الزوج ، ثم تزوجها رجل فرضيت به وألقت خمارها وكشفت قناعها :


فألقت عصاها واستقر بها النوى     كما قر عينا بالإياب المسافر

، وقال ابن بري : هذا البيت لعبد ربه السلمي ، ويقال لسليم بن ثمامة الحنفي ، وكان هذا الشاعر سير امرأته من اليمامة إلى الكوفة ، وأول الشعر :


تذكرت من أم الحويرث بعدما     مضت حجج عشر وذو الشوق ذاكر

، قال : وذكر الآمدي أن البيت لمعقر بن حمار البارقي ، وقبله :


وحدثها الرواد أن ليس بينها     وبين قرى نجران والشام كافر

، كافر أي مطر ، وقوله :


فألقت عصاها واستقر بها النوى



يضرب هذا مثلا لكل من وافقه شيء فأقام عليه ، وقال آخر :


فألقت عصا التسيار عنها وخيمت     بأرجاء عذب الماء بيض محافره

، وقيل : ألقى عصاه أثبت أوتاده في الأرض ثم خيم ، والجمع كالجمع ، قال زهير :


وضعن عصي الحاضر المتخيم

وقوله أنشده ابن الأعرابي :


أظنك لما حضحضت بطنك العصا     ذكرت من الأرحام ما لست ناسيا

، قال : العصا عصا البين هاهنا .

الأصمعي في " باب تشبيه الرجل بأبيه " : العصا من العصية ، قال أبو عبيد : هكذا قال وأنا أحسبه العصية من العصا ، إلا أن يراد به أن الشيء الجليل إنما يكون في بدئه صغيرا ، كما قالوا : إن القرم من الأفيل ، فيجوز على هذا المعنى أن يقال العصا من العصية ، قال الجوهري : أي بعض الأمر من بعض ، وقوله أنشده ثعلب :


ويكفيك أن لا يرحل الضيف مغضبا     عصا العبد والبئر التي لا تميهها

، يعني بعصا العبد العود الذي تحرك به الملة وبالبئر التي لا تميهها حفرة الملة ، وأراد أن يرحل الضيف مغضبا فزاد " لا " ، كقوله تعالى : ما منعك ألا تسجد أي : أن تسجد . وأعصى الكرم : خرجت عيدانه أو عصيه ولم يثمر . قال الأزهري : ويقال للقوم إذا استذلوا : ما هم إلا عبيد العصا ، قال ابن سيده : وقولهم عبيد العصا ، أي يضربون بها ، قال :


قولا لدودان عبيد العصا     ما غركم بالأسد الباسل

، وقرعته بالعصا : ضربته ، قال يزيد بن مفرغ :


العبد يضرب بالعصا     والحر تكفيه الملامه

، قال الأزهري : ومن أمثالهم إن العصا قرعت لذي الحلم ، وذلك أن بعض حكام العرب أسن وضعف عن الحكم ، فكان إذا احتكم إليه [ ص: 180 ] خصمان وزل في الحكم قرع له بعض ولده العصا يفطنه بقرعها للصواب فيفطن له .

وأما ما ورد في حديث أبي جهم : فإنه لا يضع عصاه عن عاتقه فقيل : أراد أنه يؤدب أهله بالضرب ، وقيل : أراد به كثرة الأسفار . يقال : رفع عصاه إذا سار ، وألقى عصاه إذا نزل وأقام . وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل : لا ترفع عصاك عن أهلك أي : لا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله تعالى . روي عن الكسائي وغيره أنه لم يرد العصا التي يضرب بها ولا أمر أحدا قط بذلك ، ولم يرد الضرب بالعصا ، ولكنه أراد الأدب وجعله مثلا يعني لا تغفل عن أدبهم ومنعهم من الفساد . قال أبو عبيد : وأصل العصا الاجتماع والائتلاف ، ومنه الحديث : إن الخوارج قد شقوا عصا المسلمين وفرقوا جماعتهم . أي : شقوا اجتماعهم وأتلافهم ، ومنه حديث صلة : إياك وقتيل العصا ، معناه إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شق عصا المسلمين . وانشقت العصا ، أي وقع الخلاف ، قال الشاعر :


إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا     فحسبك والضحاك سيف مهند

، أي : يكفيك ويكفي الضحاك ، قال ابن بري : الواو في قوله والضحاك بمعنى الباء ، وإن كانت معطوفة على المفعول ، كما تقول بعت الشاء شاة ودرهما ; لأن المعنى أن الضحاك نفسه هو السيف المهند وليس المعنى يكفيك ويكفي الضحاك سيف مهند كما ذكر . ويقال للرجل إذا أقام بالمكان واطمأن واجتمع إليه أمره : قد ألقى عصاه وألقى بوانيه . أبو الهيثم : العصا تضرب مثلا للاجتماع ، ويضرب انشقاقها مثلا للافتراق الذي لا يكون بعده اجتماع ، وذلك لأنها لا تدعى عصا إذا انشقت ، وأنشد :


فلله شعبا طية صدعا العصا     هي اليوم شتى وهي أمس جميع

، قوله : فلله له معنيان : أحدهما أنها لام تعجب ، تعجب مما كانا فيه من الأنس واجتماع الشمل ، والثاني أن ذلك مصيبة موجعة ، فقال : ذلك يفعل ما يشاء ولا حيلة فيه للعباد إلا التسليم كالاسترجاع .

والعصي : العظام التي في الجناح ، وقال :


وفي حقها الأدنى عصي القوادم

وعصا الساق : عظمها على التشبيه بالعصا ، قال ذو الرمة :


ورجل كظل الذئب ألحق سدوها     وظيف أمرته عصا الساق أروح

، ويقال : قرع فلان فلانا بعصا الملامة ، إذا بالغ في عذله ، ولذلك قيل : للتوبيخ تقريع . وقال أبو سعيد : يقال فلان يصلي عصا فلان أي : يدبر أمره ويليه ، وأنشد :

وما صلى عصاك كمستديم قال الأزهري : والأصل في تصلية العصا أنها إذا اعوجت ألزمها مقومها حر النار حتى تلين وتجيب التثقيف . يقال : صليت العصا النار إذا ألزمتها حرها حتى تلين لغامزها . وتفاريق العصا عند العرب : أن العصا إذا انكسرت جعلت أشظة ، ثم تجعل الأشظة أوتادا ، ثم تجعل الأوتاد توادي للصرار ، يقال : هو خير من تفاريق العصا . ويقال : فلان يعصي الريح إذا استقبل مهبها ولم يتعرض لها . ويقال : عصا ، إذا صلب ، قال الأزهري : كأنه أراد عسا بالسين فقلبها صادا . وعصوت الجرح : شددته . قال ابن بري : العنصوة الخصلة من الشعر ، قال : وعصوا البئر عرقوتاها ، وأنشد لذي الرمة :


فجاءت بنسج العنكبوت كأنه     على عصويها سابري مشبرق

، والذي ورد في الحديث : أن رجلا قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : بئس الخطيب أنت ! قل : ومن يعص الله ورسوله فقد غوى .

إنما ذمه لأنه جمع في الضمير بين الله تعالى ورسوله في قوله ومن يعصهما ، فأمره أن يأتي بالمظهر ليترتب اسم الله تعالى في الذكر قبل اسم الرسول ، وفيه دليل على أن الواو تفيد الترتيب . والعصيان : خلاف الطاعة . عصى العبد ربه ، إذا خالف أمره . وعصى فلان أميره يعصيه عصيا وعصيانا ومعصية ، إذا لم يطعه ، فهو عاص وعصي . قال سيبويه : لا يجيء هذا الضرب على مفعل إلا وفيه الهاء ; لأنه إن جاء على مفعل ، بغير هاء ، اعتل فعدلوا إلى الأخف . وعاصاه أيضا : مثل عصاه . ويقال للجماعة إذا خرجت عن طاعة السلطان : قد استعصت عليه . وفي الحديث : لولا أن نعصي الله ما عصانا أي : لم يمتنع عن إجابتنا إذا دعوناه ، فجعل الجواب بمنزلة الخطاب فسماه عصيانا كقوله تعالى : ومكروا ومكر الله ، وفي الحديث أنه غير اسم العاصي إنما غيره لأن شعار المؤمن الطاعة ، والعصيان ضدها . وفي الحديث : لم يكن أسلم من عصاة قريش غير مطيع بن الأسود يريد من كان اسمه العاصي . واستعصى عليه الشيء : اشتد كأنه من العصيان ، أنشد ابن الأعرابي :


علق الفؤاد بريق الجهل     فأبر واستعصى على الأهل

، والعاصي : الفصيل إذا لم يتبع أمه ; لأنه كأنه يعصيها وقد عصى أمه . والعاصي : العرق الذي لا يرقأ . وعرق عاص : لا ينقطع دمه ، كما قالوا : عاند ونعار ، كأنه يعصي في الانقطاع الذي يبغى منه ، ومنه قول ذي الرمة :


وهن من واطئ تثنى حويته     وناشج وعواصي الجوف تنشخب

، يعني عروقا تقطعت في الجوف فلم يرقأ دمها ، وأنشد الجوهري :


صرت نظرة لو صادفت جوز دارع     غدا والعواصي من دم الجوف تنعر

، وعصى الطائر يعصي : طار ، قال الطرماح :


تعير الريح منكبها وتعصي     بأحوذ غير مختلف النبات

، وابن أبي عاصية : من شعرائهم ، ذكره ثعلب ، وأنشد له شعرا في معن بن زائدة وغيره ، قال ابن سيده : وإنما حملناه على الياء لأنهم قد [ ص: 181 ] سموا بضده وهو قولهم في الرجل مطيع ، وهو مطيع بن إياس ، قال : ولا عليك من اختلافهما بالذكرية والإناثية ; لأن العلم في المذكر والمؤنث سواء في كونه علما . واعتصت النواة أي : اشتدت . والعصا : اسم فرس عوف بن الأحوص ، وقيل : فرس قصير بن سعد اللخمي ، ومن كلام قصير : يا ضل ما تجري به العصا . وفي المثل : ركب العصا قصير قال الأزهري : كانت العصا لجذيمة الأبرش ، وهو فرس كانت من سوابق خيل العرب . وعصية : قبيلة من سليم .

التالي السابق


الخدمات العلمية