صفحة جزء
[ عضه ]

عضه : العضه والعضه والعضيهة : البهيتة

وهي الإفك والبهتان والنميمة ، وجمع العضه عضاه وعضات وعضون . وعضه يعضه عضها وعضها وعضيهة وأعضه : جاء بالعضيهة . وعضهه يعضهه عضها وعضيهة : قال فيه ما لم يكن . الأصمعي : العضه القالة القبيحة . ورجل عاضه وعضه ، وهي العضيهة . وفي الحديث : أنه قال : إياكم والعضه أتدرون ما العضه ؟ هي النميمة ; وقال ابن الأثير : هي النميمة القالة بين الناس ، هكذا روي في كتب الحديث ، والذي جاء في كتب الغريب : ألا أنبئكم ما العضة ؟ بكسر العين وفتح الضاد . وفي حديث آخر : إياكم والعضة . قال الزمخشري : أصلها العضهة ، فعلة من العضه ، وهو البهت ، فحذف لامه كما حذفت من السنة والشفة ، ويجمع على عضين . يقال : بينهم عضة قبيحة من العضيهة . وفي الحديث : من تعزى بعزاء الجاهلية فاعضهوه ; هكذا جاء في رواية أي اشتموه صريحا ، من العضيهة : البهت . وفي حديث عبادة بن الصامت في البيعة : أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ، ولا يعضه بعضنا بعضا أي لا يرميه بالعضيهة ، وهي البهتان والكذب ، معناه أن يقول فيه ما ليس فيه ويعضهه ، وقد عضهه يعضهه عضها . والعضه : الكذب . ويقال : يا للعضيهة ويا للأفيكة ويا للبهيتة ، كسرت هذه اللام على معنى اعجبوا لهذه العضيهة فإذا نصبت اللام فمعناه الاستغاثة ; يقال ذلك عند التعجب من الإفك العظيم . قال ابن بري : قال الجوهري قال الكسائي : العضه الكذب والبهتان ; قال ابن بري : قال الطوسي هذا تصحيف ، وإنما الكذب العضه ، وكذلك العضيهة ، قال : وقول الجوهري بعد وأصله عضهة ، قال : صوابه عضهة ; لأن الحركة لا يقدم عليها إلا بدليل . والعضه : السحر والكهانة . والعاضه : الساحر ، والفعل كالفعل والمصدر كالمصدر ; قال :


أعوذ بربي من النافثا ت في عضه العاضه المعضه

، ويروى : في عقد العاضه . وفي الحديث : إن الله لعن العاضهة والمستعضهة ; قيل : هي الساحرة والمستسحرة ، وسمي السحر عضها ; لأنه كذب وتخييل لا حقيقة له . الأصمعي وغيره : العضه السحر ، بلغة قريش ، وهم يقولون للساحر عاضه . وعضه الرجل يعضهه عضها : بهته ورماه بالبهتان . وحية عاضه وعاضهة : تقتل من ساعتها إذا نهشت ، وأما قوله تعالى : الذين جعلوا القرآن عضين فقد اختلف أهل العربية في اشتقاق أصله وتفسيره ، فمنهم من قال : واحدتها عضة وأصلها عضوة من عضيت الشيء إذا فرقته ، جعلوا النقصان الواو ، المعنى أنهم فرقوا يعني المشركين أقاويلهم في القرآن فجعلوه كذبا وسحرا وشعرا وكهانة ، ومنهم من جعل نقصانه الهاء وقال : أصل العضه عضهة ، فاستثقلوا الجمع بين هاءين فقالوا عضة ، كما قالوا شفة والأصل شفهة ، وسنة وأصلها سنهة . وقال الفراء : العضون في كلام العرب السحر ، وذلك أنه جعله من العضه . والعضاه من الشجر : كل شجر له شوك ، وقيل : العضاه أعظم الشجر ، وقيل : هي الخمط ، والخمط كل شجرة ذات شوك ، وقيل : العضاه اسم يقع على ما عظم من شجر الشوك وطال واشتد شوكه ، فإن لم تكن طويلة فليست من العضاه ، وقيل : عظام الشجر كلها عضاه ، وإنما جمع هذا الاسم ما يستظل به فيها كلها ; وقال بعض الرواة : العضاه من شجر الشوك كالطلح والعوسج مما له أرومة تبقى على الشتاء ، والعضاه على هذا القول الشجر ذو الشوك مما جل أو دق ، والأقاويل الأول أشبه ، والواحدة عضاهة وعضهة وعضه وعضة ، وأصلها عضهة . قال الجوهري : في عضة تحذف الهاء الأصلية كما تحذف من الشفة ; وقال :


ومن عضة ما ينبتن شكيرها



قال : ونقصانها الهاء ; لأنها تجمع على عضاه مثل شفاه ، فترد الهاء في الجمع وتصغر على عضيهة ، وينسب إليها فيقال بعير عضهي للذي يرعاها ، وبعير عضاهي وإبل عضاهية ، وقالوا في القليل عضون وعضوات ، فأبدلوا مكان الهاء الواو ، وقالوا في الجمع عضاه ; هذا تعليل أبي حنيفة ، وليس بذلك القول ، فأما الذي ذهب إليه الفارسي فإن عضة المحذوفة يصلح أن تكون من الهاء ، وأن تكون من الواو ، أما استدلاله على أنها تكون من الهاء فبما نراه من تصاريف هذه الكلمة كقولهم عضاه وإبل عاضهة ، وأما استدلاله على كونها من الواو فبقولهم عضوات ; قال : وأنشد سيبويه :


هذا طريق يأزم المآزما     وعضوات تقطع اللهازما

قال : ونظيره سنة ، تكون مرة من الهاء لقولهم سانهت ، ومرة من الواو لقولهم سنوات ، وأسنتوا لأن التاء في أسنتوا ، وإن كانت بدلا من الياء ، فأصلها الواو إنما انقلبت ياء للمجاوزة ، وأما عضاه فيحتمل أن يكون من الجمع الذي يفارق واحده بالهاء كقتادة وقتاد ، ويحتمل أن [ ص: 189 ] يكون مكسرا كأن واحدته عضهة ، والنسب إلى عضه عضوي وعضهي ، فأما قولهم عضاهي فإن كان منسوبا إلى عضة فهو من شاذ النسب ، وإن كان منسوبا إلى العضاه فهو مردود إلى واحدها ، وواحدها عضاهة ، ولا يكون منسوبا إلى العضاه الذي هو الجمع ; لأن هذا الجمع وإن أشبه الواحد فهو في معناه جمع ، ألا ترى أن من أضاف إلى تمر فقال : تمري لم ينسب إلى تمر إنما نسب إلى تمرة ، وحذف الهاء ; لأن ياء النسب وهاء التأنيث تتعاقبان ؟ والنحويون يقولون : العضاه الذي فيه الشوك ، قال : والعرب تسمي كل شجرة عظيمة وكل شيء جاز البقل العضاه . وقال : السرح كل شجرة لا شوك لها ، وقيل : العضاه كل شجرة جازت البقول كان لها شوك أو لم يكن ، والزيتون من العضاه ، والنخل من العضاه . أبو زيد : العضاه يقع على شجر من شجر الشوك ، وله أسماء مختلفة يجمعها العضاه ، وإنما العضاه الخالص منه ما عظم واشتد شوكه . قال : وما صغر من شجر الشوك فإنه يقال له : العض والشرس . قال : والعض والشرس لا يدعيان عضاها . وفي الصحاح : العضاه كل شجر يعظم وله شوك ; أنشد ابن بري للشماخ :


يبادرن العضاه بمقنعات     نواجذهن كالحدإ الوقيع

، وهو على ضربين : خالص وغير خالص ، فالخالص الغرف والطلح والسلم والسدر والسيال والسمر والينبوت والعرفط والقتاد الأعظم والكنهبل والغرب والعوسج ، وما ليس بخالص فالشوحط والنبع والشريان والسراء والنشم والعجرم والعجرم والتألب ، فهذه تدعى عضاه القياس من القوس ، وما صغر من شجر الشوك فهو العض ، وما ليس بعض ولا عضاه من شجر الشوك فالشكاعى والحلاوى والحاذ والكب والسلج . وفي الحديث : إذا جئتم أحدا فكلوا من شجره أو من عضاهه ; العضاه : شجر أم غيلان وكل شجر عظم له شوك ، الواحدة عضة - بالتاء - وأصلها عضهة . وعضهت الإبل - بالكسر - تعضه عضها إذا رعت العضاه . وأعضه القوم : رعت إبلهم العضاه . وبعير عاضه وعضه : يرعى العضاه . وفي حديث أبي عبيدة : حتى إن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العضه ; هو الذي يرعى العضاه ، وقيل : هو الذي يشتكي من أكل العضاه ، فأما الذي يأكل العضاه فهو العاضه ، وناقة عاضهة وعاضه كذلك ، وجمال عواضه وبعير عضه يكون الراعي العضاه والشاكي من أكلها ; قال هميان بن قحافة السعدي :


وقربوا كل جمالي عضه     قريبة ندوته من محمضه
أبقى السناف أثرا بأنهضه



قوله : كل جمالي عضه ; أراد كل جمالية ولا يعني به الجمل ; لأن الجمل لا يضاف إلى نفسه ، وإنما يقال في الناقة جمالية تشبيها لها بالجمل كما قال ذو الرمة :

جمالية حرف سناد يشلها

ولكنه ذكره على لفظ " كل " فقال : كل جمالي عضه . قال الفارسي : هذا من معكوس التشبيه ، إنما يقال في الناقة جمالية تشبيها لها بالجمل لشدته وصلابته وفضله في ذلك على الناقة ، ولكنهم ربما عكسوا فجعلوا المشبه به مشبها والمشبه مشبها به ، وذلك لما يريدون من استحكام الأمر في الشبه ، فهم يقولون للناقة جمالية ، ثم يشعرون باستحكام الشبه فيقولون للذكر جمالي ، ينسبونه إلى الناقة الجمالية ، وله نظائر في كلام العرب وكلام سيبويه ; أما كلام العرب فكقول ذي الرمة :


ورمل كأوراك النساء اعتسفته     إذا لبدته الساريات الركائك

، فشبه الرمل بأوراك النساء والمعتاد عكس ذلك ، وأما من كلام سيبويه فكقوله في باب اسم الفاعل : وقالوا هو الضارب الرجل كما قالوا الحسن الوجه ، قال : ثم دار فقال : وقالوا هو الحسن الوجه كما قالوا الضارب الرجل . وقال أبو حنيفة : ناقة عضهة تكسر عيدان العضاه ، وقد عضهت عضها . وأرض عضيهة : كثيرة العضاه ومعضهة : ذات عضاه كمعضة وهي مذكورة في موضعها . الجوهري : وتقول بعير عضوي وإبل عضوية بفتح العين على غير قياس . وعضهت العضاه إذا قطعتها . وروى ابن بري عن علي بن حمزة قال : لا يقال بعير عاضه للذي يرعى العضاه ، وإنما يقال له عضه ، وأما العاضه فهو الذي يشتكي عن أكل العضاه . والتعضيه : قطع العضاه واحتطابه . وفي الحديث : ما عضهت عضاه إلا بتركها التسبيح . ويقال : فلان ينتجب غير عضاهه إذا انتحل شعر غيره ; وقال :


يا أيها الزاعم أني أجتلب     وأنني غير عضاهي أنتجب
كذبت إن شر ما قيل الكذب



وكذلك : فلان ينتجب عضاه فلان أي أنه ينتحل شعره ، والانتجاب أخذ النجب من الشجر ، وهو قشره ; ومن أمثالهم السائرة :


ومن عضة ما ينبتن شكيرها

، وهو مثل قولهم : العصا من العصية ; وقال الشاعر :


إذا مات منهم سيد سرق ابنه     ومن عضة ما ينبتن شكيرها

، يريد : أن الابن يشبه الأب ، فمن رأى هذا ظنه هذا ، فكأن الابن مسروق ، والشكير : ما ينبت في أصل الشجرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية