صفحة جزء
[ عطن ]

عطن : العطن للإبل : كالوطن للناس ، وقد غلب على مبركها حول الحوض ، والمعطن كذلك ، والجمع أعطان . وعطنت الإبل عن الماء تعطن وتعطن عطونا ، فهي عواطن وعطون إذا رويت ثم بركت ، فهي إبل عاطنة وعواطن ، ولا يقال إبل عطان . وعطنت أيضا وأعطنها : سقاها ثم أناخها وحبسها عند الماء فبركت بعد الورود لتعود فتشرب ; قال لبيد :


عافتا الماء فلم نعطنهما إنما يعطن أصحاب العلل

والاسم العطنة . وأعطن القوم : عطنت إبلهم . وقوم عطان وعطون وعطنة وعاطنون إذا نزلوا في أعطان الإبل . وفي حديث الرؤيا : رأيتني أنزع على قليب ، فجاء أبو بكر فاستقى ، وفي نزعه ضعف والله يغفر له ، فجاء عمر فنزع فاستحالت الدلو في يده غربا ، فأروى الظمئة حتى ضربت بعطن ; يقال : ضربت الإبل بعطن إذا رويت ثم بركت حول الماء ، أو عند الحياض ، لتعاد إلى الشرب مرة أخرى لتشرب عللا بعد نهل ، فإذا استوفت ردت إلى المراعي والأظماء ; ضرب ذلك مثلا لاتساع الناس في زمن عمر وما فتح عليهم من الأمصار . وفي حديث الاستسقاء : فما مضت سابعة حتى أعطن الناس في العشب ; أراد أن المطر طبق وعم البطون والظهور حتى أعطن الناس إبلهم في المراعي ; ومنه حديث أسامة : وقد عطنوا مواشيهم أي أراحوا ; سمي المراح ، وهو مأواها ، عطنا ; ومنه الحديث : استوصوا بالمعزى خيرا وانقشوا له عطنه أي : مراحه . وقال الليث : كل مبرك يكون مألفا للإبل فهو عطن له بمنزلة الوطن للغنم والبقر ، قال : ومعنى معاطن الإبل في الحديث مواضعها ; وأنشد :


ولا تكلفني نفسي ولا هلعي     حرصا أقيم به في معطن الهون

[ ص: 196 ] وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن الصلاة في أعطان الإبل . وفي الحديث : صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل ; قال ابن الأثير : لم ينه عن الصلاة فيها من جهة النجاسة فإنها موجودة في مرابض الغنم ، وقد أمر بالصلاة فيها ، والصلاة مع النجاسة لا تجوز ، وإنما أراد أن الإبل تزدحم في المنهل ، فإذا شربت رفعت رؤوسها ، ولا يؤمن من نفارها وتفرقها في ذلك الموضع ، فتؤذي المصلي عندها أو تلهيه عن صلاته أو تنجسه برشاش أبوالها . قال الأزهري : أعطان الإبل ومعاطنها لا تكون إلا مباركها على الماء ، وإنما تعطن العرب الإبل على الماء حين تطلع الثريا ويرجع الناس من النجع إلى المحاضر ، وإنما يعطنون النعم يوم وردها ، فلا يزالون كذلك إلى وقت مطلع سهيل في الخريف ، ثم لا يعطنونها بعد ذلك ، ولكنها ترد الماء فتشرب شربتها وتصدر من فورها ; وقول أبي محمد الحذلمي :


وعطن الذبان في قمقامها

لم يفسره ثعلب ، وقد يجوز أن يكون عطن اتخذ عطنا كقولك : عشش الطائر اتخذ عشا . والعطون : أن تراح الناقة بعد شربها ثم يعرض عليها الماء ثانية ، وقيل : هو إذا رويت ثم بركت ; قال كعب بن زهير يصف الحمر :


ويشربن من بارد قد علمن     بأن لا دخال وأن لا عطونا

وقد ضربت بعطن أي : بركت ; وقال عمر بن لجأ :


تمشي إلى رواء عاطناتها

قال ابن السكيت : وتقول هذا عطن الغنم ومعطنها لمرابضها حول الماء . وأعطن الرجل بعيره : وذلك إذا لم يشرب فرده إلى العطن ينتظر به ; قال لبيد :


فهرقنا لهما في داثر     لضواحيه نشيش بالبلل
راسخ الدمن على أعضاده     ثلمته كل ريح وسبل
عافتا الماء فلم نعطنهما     إنما يعطن من يرجو العلل

ورجل رحب العطن وواسع العطن أي : رحب الذراع كثير المال واسع الرحل . والعطن : العرض ; وأنشد شمر لعدي بن زيد :


طاهر الأثواب يحمي عرضه     من خنى الذمة أو طمث العطن

الطمث : الفساد . والعطن : العرض ، ويقال : منزله وناحيته . وعطن الجلد - بالكسر - يعطن عطنا ، فهو عطن وانعطن : وضع في الدباغ وترك حتى فسد وأنتن ، وقيل : هو أن ينضح عليه الماء ويلف ويدفن يوما وليلة ليسترخي صوفه أو شعره فينتف ويلقى بعد ذلك في الدباغ ، وهو حينئذ أنتن ما يكون ، وقيل : العطن - بسكون الطاء - في الجلد أن تؤخذ غلقة ، وهو نبت ، أو فرث أو ملح فيلقى الجلد فيه حتى ينتن ثم يلقى بعد ذلك في الدباغ ، والذي ذكره الجوهري في هذا الموضع قال : أن يؤخذ الغلقى فيلقى الجلد فيه ويغم لينفسخ صوفه ويسترخي ، ثم يلقى في الدباغ . قال ابن بري : قال علي بن حمزة : الغلقى لا يعطن به الجلد ، وإنما يعطن بالغلقة نبت معروف . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : أخذت إهابا معطونا فأدخلته عنقي ; المعطون : المنتن المنمرق الشعر ، وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت أهب عطنة ; قال أبو عبيد : العطنة المنتنة الريح . ويقال للرجل الذي يستقذر : ما هو إلا عطنة من نتنه . قال أبو زيد : عطن الأديم إذا أنتن وسقط صوفه في العطن ، والعطن : أن يجعل في الدباغ . وقال أبو زيد : موضع العطن العطنة . وقال أبو حنيفة : انعطن الجلد استرخى شعره وصوفه من غير أن يفسد ، وعطنه يعطنه عطنا ، فهو معطون وعطين ، وعطنه : فعل به ذلك . والعطان : فرث أو ملح يجعل في الإهاب كيلا ينتن . ورجل عطين : منتن البشرة . ويقال : إنما هو عطينة إذا ذم في أمر أي : منتن كالإهاب المعطون .

التالي السابق


الخدمات العلمية