صفحة جزء
[ عطا ]

عطا : العطو : التناول ، يقال منه : عطوت أعطو . وفي حديث أبي هريرة : أربى الربا عطو الرجل عرض أخيه بغير حق أي : تناوله بالذم ونحوه . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : لا تعطوه الأيدي أي : لا تبلغه فتتناوله . وعطا الشيء وعطا إليه عطوا : تناوله ; قال الشاعر يصف ظبية :


وتعطو البرير إذا فاتها بجيد ترى الخد منه أسيلا

وظبي عطو : يتطاول إلى الشجر ليتناول منه ، وكذلك الجدي ، ورواه كراع ظبي عطو وجدي عطو ، كأنه وصفهما بالمصدر . وعطا بيده إلى الإناء : تناوله وهو محمول قبل أن يوضع على الأرض ; وقول بشر بن أبي خازم :


أو الأدم الموشحة العواطي     بأيديهن من سلم النعاف

يعني الظباء وهي تتطاول إذا رفعت أيديها لتتناول الشجر ، والإعطاء مأخوذ من هذا . قال الأزهري : وسمعت غير واحد من العرب يقول لراحلته إذا انفسح خطمه عن مخطمه : أعط فيعوج رأسه إلى راكبه فيعيد الخطم على مخطمه . ويقال : أعطى البعير إذا انقاد ولم يستصعب . والعطاء : نول للرجل السمح . والعطاء والعطية : اسم لما يعطى ، والجمع عطايا وأعطية ، وأعطيات جمع الجمع ; سيبويه : لم يكسر على فعل كراهية الإعلال ، ومن قال أزر لم يقل عطي لأن الأصل عندهم الحركة . ويقال : إنه لجزيل العطاء ، وهو اسم جامع ، فإذا أفرد قيل العطية ، وجمعها العطايا ، وأما الأعطية فهو جمع العطاء . يقال : ثلاثة أعطية ، ثم أعطيات جمع الجمع . وأعطاه مالا ، والاسم العطاء ، وأصله عطاو - بالواو - لأنه من عطوت ، إلا أن العرب تهمز الواو والياء إذا جاءتا بعد الألف ؛ لأن الهمزة أحمل للحركة منهما ، ولأنهم يستثقلون الوقف على الواو ، وكذلك الياء مثل الرداء وأصله رداي ، فإذا ألحقوا فيها الهاء فمنهم من يهمزها بناء على الواحد فيقول عطاءة ورداءة ، ومنهم من يردها إلى الأصل [ ص: 197 ] فيقول عطاوة ورداية ، وكذلك في التثنية عطاءان وعطاوان ورداءان وردايان ، قال ابن بري في قول الجوهري : إلا أن العرب تهمز الواو والياء إذا جاءتا بعد الألف لأن الهمزة أحمل للحركة منهما ، قال : هذا ليس سبب قلبها ، وإنما ذلك لكونها متطرفة بعد ألف زائدة ، وقال في قوله في تثنية رداء ردايان ، قال : هذا وهم منه ، وإنما هو رداوان بالواو ، فليست الهمزة ترد إلى أصلها كما ذكر ، وإنما تبدل منها واو في التثنية والنسب والجمع بالألف والتاء . ورجل معطاء : كثير العطاء ، والجمع معاط ، وأصله معاطيي ، استثقلوا الياءين وإن لم يكونا بعد ألف يليانها ، ولا يمتنع معاطي كأثافي ; هذا قول سيبويه . وقوم معاطي ومعاط ; قال الأخفش : هذا مثل قولهم : مفاتيح ومفاتح وأماني وأمان . وقولهم : ما أعطاه للمال كما قالوا ما أولاه للمعروف وما أكرمه لي ! وهذا شاذ لا يطرد لأن التعجب لا يدخل على أفعل ، وإنما يجوز من ذلك ما سمع من العرب ولا يقاس عليه . قال الجوهري : ورجل معطاء كثير العطاء ، وامرأة معطاء كذلك ، ومفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث . والإعطاء والمعاطاة جميعا : المناولة ، وقد أعطاه الشيء . وعطوت الشيء : تناولته باليد . والمعاطاة : المناولة . وفي المثل : عاط بغير أنواط أي : يتناول ما لا مطمع فيه ولا متناول ، وقيل : يضرب مثلا لمن ينتحل علما لا يقوم به ; وقولالقطامي :


أكفرا بعد رد الموت عني     وبعد عطائك المائة الرتاعا

ليس على حذف الزيادة ، ألا ترى أن في عطاء ألف فعال الزائدة ، ولو كان على حذف الزيادة لقال : وبعد عطوك ليكون كوحده ؟ وعاطاه إياه معاطاة وعطاء ; قال :


مثل المناديل تعاطى الأشربا

أراد تعاطاها الأشرب فقلب . وتعاطى الشيء : تناوله . وتعاطوا الشيء : تناوله بعضهم من بعض وتنازعوه ، ولا يقال أعطى به ; فأما قول جرير :


ألا ربما لم نعط زيقا بحكمه     وأدى إلينا الحق والغل لازب

فإنما أراد لم نعطه حكمه ، فزاد الباء . وفلان يتعاطى كذا أي : يخوض فيه . وتعاطينا فعطوته أي : غلبته . الأزهري : الإعطاء المناولة . والمعاطاة : أن يستقبل رجل رجلا ومعه سيف فيقول أرني سيفك ، فيعطيه فيهزه هذا ساعة وهذا ساعة وهما في سوق أو مسجد ، وقد نهي عنه . واستعطى وتعطى : سأل العطاء . واستعطى الناس بكفه وفي كفه استعطاء : طلب إليهم وسألهم . وإذا أردت من زيد أن يعطيك شيئا تقول : هل أنت معطيه ؟ بياء مفتوحة مشددة ، وكذلك تقول للجماعة : هل أنتم معطيه ؟ لأن النون سقطت للإضافة ، وقلبت الواو ياء وأدغمت وفتحت ياءك لأن قبلها ساكنا ، وللاثنين هل أنتما معطيايه ، بفتح الياء فقس على ذلك . وإذا صغرت عطاء حذفت اللام فقلت عطي ، وكذلك كل اسم اجتمعت فيه ثلاث ياءات ، مثل علي وعدي ، حذفت منه اللام إذا لم يكن مبنيا على فعل ، فإن كان مبنيا على فعل ثبتت نحو محيي من حيا يحيي تحية ; قال ابن بري : إن المحيي في آخره ثلاث ياءات ولم تحذف واحدة منها حملا على فعله يحيي ، إلا أنك إذا نكرتها حذفتها للتنوين كما تحذفها من قاض . والتعاطي : تناول ما لا يحق ولا يجوز تناوله ، يقال : تعاطى فلان ظلمك . وتعاطى أمرا قبيحا وتعطاه ، كلاهما : ركبه . قال أبو زيد : فلان يتعاطى معالي الأمور ورفيعها . قال سيبويه : تعاطينا وتعطينا فتعاطينا ، من اثنين وتعطينا بمنزلة غلقت الأبواب ، وفرق بعضهم بينهما فقال : هو يتعاطى الرفعة ويتعطى القبيح ، وقيل : هما لغتان فيهما جميعا . وفي التنزيل : فتعاطى فعقر أي : فتعاطى الشقي عقر الناقة فبلغ ما أراد ، وقيل : بل تعاطيه جرأته ، وقيل : قام على أطراف أصابع رجليه ثم رفع يديه فضربها . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم : فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد أي : أنه كان من أحسن الناس خلقا مع أصحابه ، ما لم ير حقا يتعرض له بإهمال أو إبطال أو إفساد ، فإذا رأى ذلك شمر وتغير حتى أنكره من عرفه ، كل ذلك لنصرة الحق . والتعاطي : التناول والجراءة على الشيء ، من عطا الشيء يعطوه إذا أخذه وتناوله . وعاطى الصبي أهله : عمل لهم وناولهم ما أرادوا . وهو يعاطيني ويعطيني بالتشديد ، أي : ينصفني ويخدمني . ويقال : عطيته وعاطيته أي : خدمته وقمت بأمره كقولك نعمته وناعمته تقول : من يعطيك أي من يتولى خدمتك ؟ ويقال للمرأة : هي تعاطي خلمها أي تناوله قبلها وريقها ; قال ذو الرمة :


تعاطيه أحيانا إذا جيد جودة     رضابا كطعم الزنجبيل المعسل

وفلان يعطو في الحمض : يضرب يده فيما ليس له . وقوس معطية : لينة ليست بكزة ولا ممتنعة على من يمد وترها ; قال أبو النجم :


وهتفى معطية طروحا

أراد بالهتفى قوسا لوترها رنين . وقوس عطوى ، على فعلى : مواتية سهلة بمعنى المعطية ، ويقال : هي التي عطفت فلم تنكسر ; قال ذو الرمة يصف صائدا :


له نبعة عطوى كأن رنينها     بألوى تعاطتها الأكف المواسح

أراد بالألوى الوتر . وقد سموا عطاء وعطية ، وقول البعيث يهجو جريرا :


أبوك عطاء ألأم الناس كلهم     فقبح من فحل وقبحت من نجل

إنما عنى عطية أباه ، واحتاج فوضع عطاء موضع عطية ، والنسبة إلى عطية عطوي ، وإلى عطاء عطائي .

التالي السابق


الخدمات العلمية