صفحة جزء
[ عفر ]

عفر : العفر والعفر : ظاهر التراب ، والجمع أعفار . وعفره في التراب يعفره عفرا وعفره تعفيرا فانعفر وتعفر : مرغه فيه أو دسه . والعفر : التراب ; وفي حديث أبي جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ يريد به سجوده في التراب ، ولذلك قال في آخره : لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب ; يريد إذلاله ; ومنه قول جرير :


وسار لبكر نخبة من مجاشع فلما رأى شيبان والخيل عفرا

قيل في تفسيره : أراد تعفر . قال ابن سيده : ويحتمل عندي أن يكون أراد عفر جنبه ، فحذف المفعول . وعفره واعتفره : ضرب به الأرض ; وقول أبي ذؤيب :


ألفيت أغلب من أسد المسد حدي     د الناب أخذته عفر فتطريح

قال السكري : عفر أي : يعفره في التراب . وقال أبو نصر : عفر جذب ; قال ابن جني : قول أبي نصر هو المعمول به ، وذلك أن الفاء مرتبة ، وإنما يكون التعفير في التراب بعد الطرح لا قبله ، فالعفر إذا هاهنا هو الجذب ، فإن قلت : فكيف جاز أن يسمي الجذب عفرا ؟ قيل : جاز ذلك لتصور معنى التعفير بعد الجذب ، وأنه إنما يصير إلى العفر الذي هو التراب بعد أن يجذبه ويساوره ; ألا ترى ما أنشده الأصمعي :


وهن مدا غضن الأفيق

فسمى جلودها ، وهي حية ، أفيقا ; وإنما الأفيق الجلد ما دام في الدباغ ، وهو قبل ذلك جلد وإهاب ونحو ذلك ، ولكنه لما كان قد يصير إلى الدباغ سماه أفيقا وأطلق ذلك عليه قبل وصوله إليه على وجه تصور الحال المتوقعة . ونحو منه قوله تعالى : إني أراني أعصر خمرا وقول الشاعر :


إذا ما مات ميت من تميم     فسرك أن يعيش فجئ بزاد

فسماه ميتا وهو حي لأنه سيموت لا محالة ; وعليه قوله تعالى أيضا : إنك ميت وإنهم ميتون أي : إنكم ستموتون ; قال الفرزدق :


قتلت قتيلا لم ير الناس مثله     أقلبه ذا تومتين مسورا

وإذا جاز أن يسمى الجذب عفرا لأنه يصير إلى العفر ، وقد يمكن أن لا يصير الجذب إلى العفر ، كان تسمية الحي ميتا لأنه ميت لا محالة أجدر بالجواز . واعتفر ثوبه في التراب كذلك . ويقال : عفرت فلانا في التراب إذا مرغته فيه تعفيرا . وانعفر الشيء : تترب ، واعتفر مثله ، وهو منعفر الوجه في التراب ومعفر الوجه . ويقال : اعتفرته اعتفارا إذا ضربت به الأرض فمغثته ; قال المرار يصف امرأة طال شعرها وكثف حتى مس الأرض :


تهلك المدراة في أكنافه     وإذا ما أرسلته يعتفر

أي : سقط شعرها على الأرض ; جعله من عفرته فاعتفر . وفي الحديث : أنه مر على أرض تسمى عفرة فسماها خضرة ; هو من العفرة لون الأرض ، ويروى بالقاف والثاء والدال ; وفي قصيد كعب :


يعدو فيلحم ضرغامين عيشهما     لحم من القوم معفور خراذيل

[ ص: 203 ] المعفور : المترب المعفر بالتراب . وفي الحديث : العافر الوجه في الصلاة ; أي : المترب . والعفرة : غبرة في حمرة ، عفر عفرا ، وهو أعفر . والأعفر من الظباء : الذي تعلو بياضه حمرة ، وقيل : الأعفر منها الذي في سراته حمرة وأقرابه بيض ; قال أبو زيد : من الظباء العفر ، وقيل : هي التي تسكن القفاف وصلابة الأرض . وهي حمر ، والعفر من الظباء : التي تعلو بياضها حمرة ، قصار الأعناق ، وهي أضعف الظباء عدوا ; قال الكميت :


وكنا إذا جبار قوم أرادنا     بكيد حملناه على قرن أعفرا

يقول : نقتله ونحمل رأسه على السنان ، وكانت الأسنة فيما مضى من القرون . ويقال : رماني عن قرن أعفر أي : رماني بداهية ; ومنه قول ابن أحمر :


وأصبح يرمي الناس عن قرن أعفرا

وذلك أنهم كانوا يتخذون القرون مكان الأسنة فصار مثلا عندهم في الشدة تنزل بهم . ويقال للرجل إذا بات ليلته في شدة تقلقه : كنت على قرن أعفر ; ومنه قول امرئ القيس :


كأني وأصحابي على قرن أعفرا

وثريد أعفر : مبيض ، وقد تعافر . ومن كلامهم . . . هم ووصف الحروقة فقال : حتى تعافر من نفثها أي : تبيض . والأعفر : الرمل الأحمر ; وقول بعض الأغفال :


وجردبت في سمل عفير

يجوز أن يكون تصغير أعفر على تصغير الترخيم أي : مصبوغ بصبغ بين البياض والحمرة : والأعفر : الأبيض وليس بالشديد البياض . وماعزة عفراء : خالصة البياض . وأرض عفراء : بيضاء لم توطأ كقولهم فيها هجان اللون . وفي الحديث : يحشر الناس يوم القيامة على أرض عفراء . والعفر من ليالي الشهر : السابعة والثامنة والتاسعة ، وذلك لبياض القمر . وقال ثعلب : العفر منها البيض ، ولم يعين ; وقال أبو رزمة :


ما عفر الليالي كالدآدي     ولا توالي الخيل كالهوادي

تواليها : أواخرها . وفي الحديث : ليس عفر الليالي كالدآدي ; أي : الليالي المقمرة كالسود ، وقيل : هو مثل . وفي الحديث : أنه كان إذا سجد جافى عضديه حتى يرى من خلفه عفرة إبطيه ; أبو زيد والأصمعي : العفرة بياض ولكن ليس بالبياض الناصع الشديد ، ولكنه كلون عفر الأرض وهو وجهها ; ومنه الحديث : كأني أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنه قيل للظباء عفر إذا كانت ألوانها كذلك ، وإنما سميت بعفر الأرض . ويقال : ما على عفر الأرض مثله أي : ما على وجهها . وعفر الرجل : خلط سود غنمه وإبله بعفر . وفي حديث أبي هريرة في الضحية : لدم عفراء أحب إلي من دم سوداوين . والتعفير : التبييض . وفي الحديث : أن امرأة شكت إليه قلة نسل غنمها وإبلها ورسلها وأن مالها لا يزكو ، فقال : ما ألوانها ؟ قالت : سود . فقال : عفري أي : اخلطيها بغنم عفر ، وقيل : أي استبدلي أغناما بيضا فإن البركة فيها . والعفراء من الليالي : ليلة ثلاث عشرة . والمعفورة : الأرض التي أكل نبتها . واليعفور واليعفور : الظبي الذي لونه كلون العفر وهو التراب ، وقيل : هو الظبي عامة ، والأنثى يعفورة ، وقيل : اليعفور الخشف ، سمي بذلك لصغره وكثرة لزوقه بالأرض ، وقيل : اليعفور ولد البقرة الوحشية ، وقيل : اليعافير تيوس الظباء . وفي الحديث : ما جرى اليعفور ; قال ابن الأثير : هو الخشف ، وهو ولد البقرة الوحشية ، وقيل : تيس الظباء ، والجمع اليعافر ، والياء زائدة . واليعفور أيضا : جزء من أجزاء الليل الخمسة التي يقال لها : سدفة وستفة وهجمة ويعفور وخدرة ; وقول طرفة :


جازت البيد إلى أرحلنا     آخر الليل بيعفور خدر

أراد بشخص إنسان مثل اليعفور ، فالخدر على هذا المتخلف عن القطيع ، وقيل : أراد باليعفور الجزء من أجزاء الليل ، فالخدر على هذا المظلم . وعفرت الوحشية ولدها تعفره : قطعت عنه الرضاع يوما أو يومين ، فإن خافت أن يضره ذلك ردته إلى الرضاع أياما ثم أعادته إلى الفطام ، تفعل ذلك مرات حتى يستمر عليه ، فذلك التعفير ، والولد معفر ، وذلك إذا أرادت فطامه ; وحكاه أبو عبيد في المرأة والناقة ، قال أبو عبيد : والأم تفعل مثل ذلك بولدها الإنسي ; وأنشد بيت لبيد يذكر بقرة وحشية وولدها :


لمعفر قهد تنازع شلوه     غبس كواسب ما يمن طعامها

قال الأزهري : وقيل في تفسير المعفر في بيت لبيد إنه ولدها الذي افترسته الذئاب الغبس فعفرته في التراب أي : مرغته . قال : وهذا عندي أشبه بمعنى البيت . قال الجوهري : والتعفير في الفطام أن تمسح المرأة ثديها بشيء من التراب تنفيرا للصبي . ويقال : هو من قولهم لقيت فلانا عن عفر - بالضم - أي بعد شهر ونحوه لأنها ترضعه بين اليوم واليومين تبلو بذلك صبره ، وهذا المعنى أراد لبيد بقوله : لمعفر قهد . أبو سعيد : تعفر الوحشي تعفرا إذا سمن ; وأنشد :


ومجر منتحر الطلي تعفرت     فيه الفراء بجزع واد ممكن

قال : هذا سحاب يمر مرا بطيئا لكثرة مائه كأنه قد انتحر لكثرة مائه . وطليه : مناتح مائه ، بمنزلة أطلاء الوحش . وتعفرت : سمنت . والفراء : حمر الوحش . والممكن : الذي أمكن مرعاه ; وقال ابن الأعرابي : أراد بالطلي نوء الحمل ، ونوء الطلي والحمل واحد عنده . قال : ومنتحر أراد به نحره فكان النوء بذلك المكان من الحمل . قال : وقوله واد ممكن ينبت المكنان ، وهو نبت من أحرار البقول . واعتفره الأسد إذا افترسه . ورجل عفر وعفرية ونفرية وعفارية وعفريت بين العفارة : خبيث منكر داه ، والعفارية مثل العفريت ، وهو واحد ; وأنشد لجرير :


قرنت الظالمين بمرمريس     يذل لها العفارية المريد

قال الخليل : شيطان عفرية وعفريت ، وهم العفارية والعفاريت ، إذا سكنت الياء صيرت الهاء تاء ، وإذا حركتها فالتاء هاء في الوقف ; [ ص: 204 ] قال ذو الرمة :


كأنه كوكب في إثر عفرية     مسوم في سواد الليل منقضب

والعفرية : الداهية . وفي الحديث : أول دينكم نبوة ورحمة ثم ملك أعفر ; أي : ملك يساس بالدهاء والنكر ، من قولهم للخبيث المنكر : عفر . والعفارة : الخبث والشيطنة ; وامرأة عفرة . وفي التنزيل : قال عفريت من الجن أنا آتيك به وقال الزجاج : العفريت من الرجال النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء ، وقد تعفرت ، وهذا مما تحملوا فيه تبقية الزائد مع الأصل في حال الاشتقاق توفية للمعنى ودلالة عليه . وحكى اللحياني : امرأة عفريتة ورجل عفرين وعفرين كعفريت . قال الفراء : من قال عفرية فجمعه عفاري كقولهم في جمع الطاغوت طواغيت وطواغ ، ومن قال عفريت فجمعه عفاريت . وقال شمر : امرأة عفرة ورجل عفر ، بتشديد الراء ; وأنشد في صفة امرأة غير محمودة الصفة :


وضبرة مثل الأتان عفرة     ثجلاء ذات خواصر ما تشبع

قال الليث : ويقال للخبيث عفرنى أي : عفر ، وهم العفرنون . والعفريت من كل شيء : المبالغ . يقال : فلان عفريت نفريت وعفرية نفرية . وفي الحديث : إن الله يبغض العفرية النفرية الذي لا يرزأ في أهل ولا مال ; قيل : هو الداهي الخبيث الشرير ، ومنه العفريت ، وقيل : هو الجموع المنوع ، وقيل : الظلوم . وقال الزمخشري : العفر والعفرية والعفريت والعفارية القوي المتشيطن الذي يعفر قرنه ، والياء في عفرية وعفارية للإلحاق بشرذمة وعذافرة ، والهاء فيهما للمبالغة ، والتاء في عفريت للإلحاق بقنديل . وفي كتاب أبي موسى : غشيهم يوم بدر ليثا عفريا أي : قويا داهيا . يقال : أسد عفر وعفر بوزن طمر أي : قوي عظيم . والعفرية المصحح والنفرية إتباع ; الأزهري : التاء زائدة وأصلها هاء ، والكلمة ثلاثية أصلها عفر وعفرية ، وقد ذكرها الأزهري في الرباعي أيضا ، ومما وضع به ابن سيده من أبي عبيد القاسم بن سلام قوله في المصنف : العفرية مثال فعللة ، فجعل الياء أصلا ، والياء لا تكون أصلا في بنات الأربعة . والعفر : الشجاع الجلد ، وقيل : الغليظ الشديد ، والجمع أعفار وعفار ; قال :


خلا الجوف من أعفار سعد فما به     لمستصرخ يشكو التبول نصير

والعفرنى : الأسد ، وهو فعلنى ، سمي بذلك لشدته . ولبوة عفرنى أيضا أي : شديدة ، والنون للإلحاق بسفرجل . وناقة عفرناة أي : قوية ; قال عمر بن لجأ التيمي يصف إبلا :


حملت أثقالي مصمماتها     غلب الذفارى وعفرنياتها

الأزهري : ولا يقال جمل عفرنى ; قال ابن بري وقبل هذه الأبيات :


فوردت قبل إنى ضحائها     تفرش الحيات في خرشائها
تجر بالأهون من إدنائها     جر العجوز جانبي خفائها

قال : ولما سمعه جرير ينشد هذه الأرجوزة إلى أن بلغ هذا البيت قال له : أسأت وأخفقت ! قال له عمر : فكيف أقول ؟ قال : قل :


جر العروس الثني من ردائها

فقال له عمر : أنت أسوأ حالا مني حيث تقول :


لقومي أحمى للحقيقة منكم     وأضرب للجبار والنقع ساطع
وأوثق عند المردفات عشية     لحاقا إذا ما جرد السيف لامع

والله إن كن ما أدركن إلا عشاء ما أدركن حتى نكحن ، والذي قاله جرير : عند المرهفات ، فغيره عمر ، وهذا البيت هو سبب التهاجي بينهما ; هذا ما ذكره ابن بري وقد ترى قافية هذه الأرجوزة كيف هي ، والله تعالى أعلم . وأسد عفر وعفرية وعفارية وعفريت وعفرنى : شديد قوي ، ولبؤة عفرناة إذا كانا جريئين ، وقيل : العفرناة الذكر والأنثى ; إما أن يكون من العفر الذي هو التراب ، وإما أن يكون من العفر الذي هو الاعتفار ، وإما أن يكون من القوة والجلد . ويقال : اعتفره الأسد إذا فرسه . وليث عفرين تسمي به العرب دويبة مأواها التراب السهل في أصول الحيطان ، تدور دوارة ثم تندس في جوفها ، فإذا هيجت رمت بالتراب صعدا ، وهي من المثل التي لم يجدها سيبويه . قال ابن جني : أما عفرين فقد ذكر سيبويه فعلا كطمر وحبر فكأنه ألحق علم الجمع كالبرحين والفتكرين إلا أن بينهما فرقا ، وذلك أن هذا يقال فيه البرحون والفتكرون ، ولم يسمع عفرين في الرفع بالياء ، وإنما سمع في موضع الجر ، وهو قولهم : ليث عفرين ، فيجوز أن يقال فيه في الرفع هذا عفرون ، لكن لو سمع في موضع الرفع بالياء لكان أشبه بأن يكون فيه النظر ، فأما وهو في موضع الجر فلا تستنكر فيه الياء . وليث عفرين : الرجل الكامل ابن الخمسين ، ويقال : ابن عشر لعاب بالقلين ، وابن عشرين باغي نسين وابن الثلاثين أسعى الساعين ، وابن الأربعين أبطش الأبطشين ، وابن الخمسين ليث عفرين ، وابن الستين مؤنس الجليسين ، وابن السبعين أحكم الحاكمين ، وابن الثمانين أسرع الحاسبين ، وابن التسعين واحد الأرذلين ، وابن المائة لا جا ولا سا ; يقول : لا رجل ولا امرأة ولا جن ولا إنس . ويقال : إنه لأشجع من ليث عفرين ، وهكذا قال الأصمعي وأبو عمرو في حكاية المثل واختلفا في التفسير ، فقال أبو عمرو : هو الأسد وقال الأصمعي : هو دابة مثل الحرباء تتعرض للراكب ، قال : وهو منسوب إلى عفرين اسم بلد ; وروى أبو حاتم عن الأصمعي أنه دابة مثل الحرباء يتصدى للراكب ويضرب بذنبه . وعفرين : مأسدة ، وقيل لكل ضابط قوي : ليث عفرين ، بكسر العين ، والراء مشددة . وقال الأصمعي : عفرين اسم بلد . قال ابن سيده : وعفرون بلد . وعفرية الديك : ريش عنقه ، وعفرية الرأس ، خفيفة على مثال فعللة ، وعفراة الرأس : شعره ، وقيل : هي من الإنسان شعر الناصية ، ومن الدابة شعر القفا ; وقيل : العفرية والعفراة الشعرات النابتات في وسط الرأس يقشعررن عند الفزع ; وذكر ابن سيده في خطبة كتابه فيما قصد به الوضع من أبي [ ص: 205 ] ‌‌‌عبيد القاسم بن سلام قال : وأي شيء أدل على ضعف المنة وسخافة الجنة من قول أبي عبيد في كتابه المصنف : العفرية مثال فعللة ، فجعل الياء أصلا ، والياء لا تكون أصلا في بنات الأربعة . والعفرة ، بالضم : شعرة القفا من الأسد والديك وغيرهما وهي التي يرددها إلى يافوخه عند الهراش ; قال : وكذلك العفرية والعفراة ، فيهما بالكسر . يقال : جاء فلان نافشا عفريته إذا جاء غضبان . قال ابن سيده : يقال جاء ناشرا عفريته وعفراته أي : ناشرا شعره من الطمع والحرص . والعفر ، بالكسر : الذكر الفحل من الخنازير . والعفر : البعد . والعفر : قلة الزيارة . يقال : ما تأتينا إلا على عفر أي : بعد قلة زيارة . والعفر : طول العهد . يقال : ما ألقاه إلا عن عفر وعفر أي : بعد حين ، وقيل : بعد شهر ونحوه ; قال جرير :


ديار جميع الصالحين بذي السدر     أبيني لنا إن التحية عن عفر

وقول الشاعر أنشده ابن الأعرابي :


فلئن طأطأت في قتلهم     لتهاضن عظامي عن عفر

عن عفر أي : عن بعد من أخوالي ، لأنهم وإن كانوا أقرباء ، فليسوا في القرب مثل الأعمام ; ويدل على أنه عنى أخواله قوله قبل هذا :


إن أخوالي جميعا من شقر     لبسوا لي عمسا جلد النمر

العمس هاهنا كالحمس : وهي الشدة . قال ابن سيده : وأرى البيت لضباب بن واقد الطهوي ; وأما قول المرار :


على عفر من عن تناء وإنما‌‌     تداني الهوى من عن تناء وعن عفر

وكان هجر أخاه في الحبس بالمدينة فيقول : هجرت أخي على عفر ، أي : على بعد من الحي والقرابات أي : وعن غيرنا ولم يكن ينبغي لي أن أهجره ونحن على هذه الحالة . ويقال : دخلت الماء فما انعفرت قدماي أي : لم تبلغا الأرض ; ومنه قول امرئ القيس :


ثانيا برثنه ما ينعفر

ووقع في عافور شر كعاثور شر ، وقيل هي على البدل أي : في شدة . والعفار ، بالفتح : تلقيح النخل وإصلاحه . وعفر النخل : فرغ من تلقيحه . والعفر : أول سقية سقيها الزرع . وعفر الزرع : أن يسقى سقية ينبت عنه ثم يترك أياما لا يسقى فيها حتى يعطش ، ثم يسقى فيصلح على ذلك ، وأكثر ما يفعل ذلك بخلف الصيف وخضراواته . وعفر النخل والزرع : سقاهما أول سقية ; يمانية . وقال أبو حنيفة : عفر الناس يعفرون عفرا إذا سقوا الزرع بعد طرح الحب . وفي حديث هلال : ما قربت أهلي مذ عفرن النخل . وروي أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني ما قربت أهلي مذ عفار النخل وقد حملت ، فلاعن بينهما ; عفار النخل تلقيحها وإصلاحها ; يقال : عفروا نخلهم يعفرون ، وقد روي بالقاف ; قال ابن الأثير : وهو خطأ . ابن الأعرابي : العفار أن يترك النخل بعد السقي أربعين يوما لا يسقى لئلا ينتفض حملها ، ثم يسقى ثم يترك إلى أن يعطش ، ثم يسقى ، قال : وهو من تعفير الوحشية ولدها إذا فطمته ، وقد ذكرناه آنفا . والعفار : لقاح النخيل . ويقال : كنا في العفار ، وهو بالفاء أشهر منه بالقاف . والعفار : شجر يتخذ منه الزناد وقيل في قوله تعالى :أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها إنها المرخ والعفار وهما شجرتان فيهما نار ليس في غيرهما من الشجر ، ويسوى من أغصانها الزناد فيقتدح بها . قال الأزهري : وقد رأيتهما في البادية والعرب تضرب بهما المثل في الشرف العالي فتقول : في كل الشجر نار ، واستمجد المرخ والعفار أي : كثرت فيهما على ما في سائر الشجر . واستمجد : استكثر ، وذلك أن هاتين الشجرتين من أكثر الشجر نارا ، وزنادهما أسرع الزناد وريا ، والعناب من أقل الشجر نارا . وفي المثل : اقدح بعفار أو مرخ ثم اشدد إن شئت أو أرخ ; قال أبو حنيفة : أخبرني بعض أعراب السراة أن العفار شبيهة بشجرة الغبيراء الصغيرة ، إذا رأيتها من بعيد لم تشك أنها شجرة غبيراء ، ونورها أيضا كنورها ، وهو شجر خوار ولذلك جاد للزناد ، واحدته عفارة . وعفارة : اسم امرأة ، منه ; قال الأعشى :


باتت لتحزننا عفاره     يا جارتا ما أنت جاره

والعفير : لحم يجفف على الرمل في الشمس ، وتعفيره : تجفيفه كذلك . والعفير : السويق الملتوت بلا أدم . وسويق عفير وعفار : لا يلت بأدم ، وكذلك خبز عفير وعفار ; عن ابن الأعرابي . يقال : أكل خبزا قفارا وعفارا وعفيرا أي : لا شيء معه . والعفار : لغة في القفار ، وهو الخبز بلا أدم . والعفير : الذي لا يهدي شيئا ، المذكر والمؤنث فيه سواء ; قال الكميت :


وإذا الخرد اغبررن من الم     حل وصارت مهداؤهن عفيرا

قال الأزهري : العفير من النساء التي لا تهدي شيئا ; عن الفراء ، وأورد بيت الكميت . وقال الجوهري : العفير من النساء التي لا تهدي لجارتها شيئا . وكان ذلك في عفرة البرد والحر وعفرتهما أي : في أولهما . يقال : جاءنا فلان في عفرة الحر ، بضم العين ، والفاء لغة في أفرة الحر وعفرة الحر أي : في شدته . ونصل عفاري : جيد . ونذير عفير : كثير ، إتباع . وحكى ابن الأعرابي : عليه العفار والدبار وسوء الدار ، ولم يفسره . ومعافر : قبيلة ; قال سيبويه : معافر بن مر فيما يزعمون أخو تميم بن مر ، يقال : رجل معافري ، قال : ونسب على الجمع لأن معافر اسم لشيء واحد ، كما تقول لرجل من بني كلاب أو من الضباب كلابي وضبابي ، فأما النسب إلى الجماعة فإنما توقع النسب على واحد كالنسب إلى مساجد تقول مسجدي وكذلك ما أشبهه . ومعافر : بلد باليمن ، وثوب معافري لأنه نسب إلى رجل اسمه معافر ، ولا يقال بضم الميم وإنما هو معافر غير منسوب ، وقد جاء في الرجز الفصيح منسوبا . قال الأزهري : برد معافري منسوب إلى معافر اليمن ثم صار اسما لها بغير نسبة ، فيقال : معافر . وفي الحديث : أنه بعث معاذا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله من المعافري ، وهي برود باليمن منسوبة إلى معافر ، وهي قبيلة باليمن ، والميم زائدة ; ومنه حديث ابن عمر : أنه دخل المسجد [ ص: 206 ] وعليه بردان معافريان . ورجل معافري : يمشي مع الرفق فينال فضلهم . قال ابن دريد : لا أدري أعربي هو أم لا ; وفي الصحاح : هو المعافر بضم الميم ، ومعافر ، بفتح الميم : حي من همدان لا ينصرف في معرفة ولا نكرة لأنه جاء على مثال ما لا ينصرف من الجمع ، وإليهم تنسب الثياب المعافرية . يقال : ثوب معافري فتصرفه لأنك أدخلت عليه ياء النسبة ولم تكن في الواحد . وعفير وعفار ويعفور ويعفر : أسماء . وحكى السيرافي : الأسود بن يعفر ويعفر ويعفر ، فأما يعفر ويعفر فأصلان ، وأما يعفر فعلى إتباع الياء ضمة الفاء ، وقد يكون على إتباع الفاء من يعفر ضمة الياء من يعفر ، والأسود بن يعفر الشاعر ، إذا قلته بفتح الياء لم تصرفه ، لأنه مثل يقتل . وقال يونس : سمعت رؤبة يقول أسود بن يعفر ، بضم الياء ، وهذا ينصرف لأنه قد زال عنه شبه الفعل . ويعفور : حمار النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي حديث سعد بن عبادة : أنه خرج على حماره يعفور ليعوده ; قيل : سمي يعفورا لكونه من العفرة ، كما يقال في أخضر يخضور ، وقيل : سمي به تشبيها في عدوه باليعفور ، وهو الظبي . وفي الحديث : أن اسم حمار النبي - صلى الله عليه وسلم - عفير ، وهو تصغير ترخيم لأعفر من العفرة ، وهي الغبرة ولون التراب ، كما قالوا في تصغير أسود سويد ، وتصغيره غير مرخم : أعيفر كأسيود . وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي : يقال للحمار الخفيف فلو ويعفور وهنبر وزهلق . وعفراء وعفيرة وعفارى : من أسماء النساء . وعفر وعفرى : موضعان ; قال أبو ذؤيب :


لقد لاقى المطي بنجد عفر     حديث إن عجبت له عجيب

وقال عدي بن الرقاع :


غشيت بعفرى أو برجلتها ربعا     رمادا وأحجارا بقين بها سفعا

التالي السابق


الخدمات العلمية