صفحة جزء
[ عقب ]

عقب : عقب كل شيء ، وعقبه ، وعاقبته ، وعاقبه وعقبته ، وعقباه ، وعقبانه : آخره ; قال خالد بن زهير الهذلي :


فإن كنت تشكو من خليل مخافة فتلك الجوازي عقبها ونصورها

يقول : جزيتك بما فعلت بابن عويمر . والجمع : العواقب والعقب . والعقبان ، والعقبى : كالعاقبة ، والعقب . وفي التنزيل : ولا يخاف عقباها قال ثعلب : معناه لا يخاف الله - عز وجل - عاقبة ما عمل أن يرجع عليه في العاقبة ، كما نخاف نحن . والعقب والعقب : العاقبة ، مثل عسر وعسر . ومنه قوله تعالى : هو خير ثوابا وخير عقبا أي : عاقبة . وأعقبه بطاعته أي : جازاه . والعقبى جزاء الأمر . وقالوا : العقبى لك في الخير أي : العاقبة . وجمع العقب والعقب : أعقاب ، لا يكسر على غير ذلك . الأزهري : وعقب القدم وعقبها : مؤخرها ، مؤنثة ، منه ; وثلاث أعقب ، وتجمع على أعقاب . وفي الحديث : أنه بعث أم سليم لتنظر له امرأة ، فقال : انظري إلى عقبيها ، أو عرقوبيها ; قيل : لأنه إذا اسود عقباها ، اسود سائر جسدها . وفي الحديث : نهى عن عقب الشيطان ، وفي رواية : عقبة الشيطان في الصلاة ; وهو أن يضع أليتيه على عقبيه ، بين السجدتين ، وهو الذي يجعله بعض الناس الإقعاء . وقيل : أن يترك عقبيه غير مغسولين في الوضوء ، وجمعها أعقاب ، وأعقب ; أنشد ابن الأعرابي :


فرق المقاديم قصار الأعقب

وفي حديث علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول - صلى الله عليه وسلم : يا علي إني أحب لك ما أحب لنفسي ، وأكره لك ما أكره لنفسي ; لا تقرأ وأنت راكع ، ولا تصل عاقصا شعرك ، ولا تقع على عقبيك في الصلاة ، فإنها عقب الشيطان ، ولا تعبث بالحصى وأنت في الصلاة ، ولا تفتح على الإمام . وعقبه يعقبه عقبا : ضرب عقبه . وعقب عقبا : شكا عقبه . وفي الحديث : ويل للعقب من النار ، وويل للأعقاب من النار ; وهذا يدل على أن المسح على القدمين غير جائز ; وأنه لا بد من غسل الرجلين إلى الكعبين ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يوعد بالنار ، إلا في ترك العبد ما فرض عليه ، وهو قول أكثر أهل العلم . قال ابن الأثير : وإنما خص العقب بالعذاب ، لأنه العضو الذي لم يغسل ، وقيل : أراد صاحب العقب ، فحذف المضاف ; وإنما قال ذلك لأنهم كانوا لا يستقصون غسل أرجلهم في الوضوء . وعقب النعل : مؤخرها ، أنثى . ووطئوا عقب فلان : مشوا في أثره . وفي الحديث : أن نعله كانت معقبة ، مخضرة ، ملسنة . المعقبة : التي لها عقب . وولى على عقبه ، وعقبيه إذا أخذ في وجه ثم انثنى . والتعقيب : أن ينصرف من أمر أراده . وفي الحديث : لا تردهم على أعقابهم أي : إلى حالتهم الأولى من ترك الهجرة . وفي الحديث : ما زالوا مرتدين على أعقابهم أي : راجعين إلى الكفر ، كأنهم رجعوا إلى ورائهم . وجاء معقبا أي : في آخر النهار . وجئتك في عقب الشهر ، وعقبه ، وعلى عقبه أي : لأيام بقيت منه عشرة أو أقل . وجئت في عقب الشهر ، وعلى عقبه ، وعقبه ، وعقبانه أي : بعد مضيه كله . وحكى اللحياني : جئتك عقب رمضان أي : آخره . وجئت فلانا على عقب ممره ، وعقبه ، وعقبه ، وعقبه ، وعقبانه أي : بعد مروره . وفي حديث عمر : أنه سافر في عقب رمضان أي : في آخره وقد بقيت منه بقية ; وقال اللحياني : أتيتك على عقب ذاك وعقب ذاك ، وعقب ذاك ، وعقب ذاك ، وعقبان ذاك ، وجئتك عقب قدومه أي : بعده . وعقب فلان على فلانة إذا تزوجها بعد زوجها الأول ، فهو عاقب لها أي : آخر أزواجها . والمعقب : الذي أغير عليه فحرب ، فأغار على الذي كان أغار عليه ، فاسترد ماله ; وأنشد ابن الأعرابي في صفة فرس :


يملأ عينيك بالفناء وير     ضيك عقابا إن شيت أو نزقا

قال : عقابا يعقب عليه صاحبه أي : يغزو مرة بعد أخرى ; قال : وقالوا عقابا أي : جريا بعد جري ; وقال الأزهري : هو جمع عقب . وعقب فلان في الصلاة تعقيبا إذا صلى ، فأقام في موضعه ينتظر صلاة أخرى .

[ ص: 215 ] وفي الحديث : من عقب في صلاة ، فهو في الصلاة أي : أقام في مصلاه ، بعدما يفرغ من الصلاة ; ويقال : صلى القوم وعقب فلان . وفي الحديث : التعقيب في المساجد انتظار الصلوات بعد الصلوات . وحكى اللحياني : صلينا عقب الظهر ، وصلينا أعقاب الفريضة تطوعا أي : بعدها . وعقب هذا هذا إذا جاء بعده ، وقد بقي من الأول شيء ; وقيل : عقبه إذا جاء بعده . وعقب هذا هذا إذا ذهب الأول كله ، ولم يبق منه شيء . وكل شيء جاء بعد شيء ، وخلفه ، فهو عقبه ، كماء الركية ، وهبوب الريح ، وطيران القطا ، وعدو الفرس . والعقب - بالتسكين : الجري يجيء بعد الجري الأول ; تقول : لهذا الفرس عقب حسن ; وفرس ذو عقب وعقب أي : له جري بعد جري ; قال امرؤ القيس :


على العقب جياش كأن اهتزامه‌‌     إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

وفرس يعقوب : ذو عقب ، وقد عقب يعقب عقبا . وفرس معقب في عدوه : يزداد جودة . وعقب الشيب يعقب ويعقب عقوبا ، وعقب : جاء بعد السواد ; ويقال : عقب في الشيب بأخلاق حسنة . والعقب ، والعقب ، والعاقبة : ولد الرجل ، وولد ولده الباقون بعده . وذهب الأخفش إلى أنها مؤنثة . وقولهم : ليست لفلان عاقبة أي : ليس له ولد ; وقول العرب : لا عقب له أي : لم يبق له ولد ذكر ; وقوله تعالى : وجعلها كلمة باقية في عقبه أراد عقب إبراهيم - عليه السلام - يعني : لا يزال من ولده من يوحد الله . والجمع : أعقاب . وأعقب الرجل إذا مات وترك عقبا أي : ولدا ; يقال : كان له ثلاثة أولاد ، فأعقب منهم رجلان أي : تركا عقبا ، ودرج واحد ; وقول طفيل الغنوي :


كريمة حر الوجه لم تدع هالكا‌‌     من القوم هلكا في غد غير معقب

يعني : أنه إذا هلك من قومها سيد ، جاء سيد ، فهي لم تندب سيدا واحدا لا نظير له أي : إن له نظراء من قومه . وذهب فلان فأعقبه ابنه إذا خلفه ، وهو مثل عقبه . وعقب مكان أبيه يعقب عقبا وعاقبة ، وعقب إذا خلف ; وكذلك عقبه يعقبه عقبا ، الأول لازم ، والثاني متعد ، وكل من خلف بعد شيء فهو عاقبة ، وعاقب له ; قال : وهو اسم جاء بمعنى المصدر ، كقوله تعالى : ليس لوقعتها كاذبة وذهب فلان فأعقبه ابنه إذا خلفه ، وهو مثل عقبه ; ويقال لولد الرجل : عقبه وعقبه ، وكذلك آخر كل شيء عقبه ، وكل ما خلف شيئا ، فقد عقبه ، وعقبه . وعقبوا من خلفنا ، وعقبونا : أتوا . وعقبونا من خلفنا ، وعقبونا أي : نزلوا بعدما ارتحلنا . وأعقب هذا هذا إذا ذهب الأول ، فلم يبق منه شيء ، وصار الآخر مكانه . والمعقب : نجم يعقب نجما أي : يطلع بعده . وأعقبه ندما وغما : أورثه إياه ; قال أبو ذؤيب :


أودى بني وأعقبوني حسرة‌‌     بعد الرقاد وعبرة ما تقلع

ويقال : فعلت كذا فاعتقبت منه ندامة أي : وجدت في عاقبته ندامة . ويقال : أكل أكلة فأعقبته سقما أي : أورثته . ويقال : لقيت منه عقبة الضبع ، كما يقال : لقيت منه است الكلب أي : لقيت منه الشدة . وعاقب بين الشيئين إذا جاء بأحدهما مرة ، وبالآخر أخرى . ويقال : فلان عقبة بني فلان أي : آخر من بقي منهم . ويقال للرجل إذا كان منقطع الكلام : لو كان له عقب لتكلم أي : لو كان له جواب . والعاقب : الذي دون السيد ; وقيل : الذي يخلفه . وفي الحديث : قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - نصارى نجران : السيد والعاقب ; فالعاقب : من يخلف السيد بعده . والعاقب والعقوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير . والعاقب : الآخر . وقيل : السيد والعاقب هما من رؤسائهم ، وأصحاب مراتبهم ، والعاقب يتلو السيد . وفي الحديث : أنا العاقب أي : آخر الرسل ; وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، والماحي يمحو الله بي الكفر ، والحاشر أحشر الناس على قدمي ، والعاقب ; قال أبو عبيد : العاقب آخر الأنبياء ; وفي المحكم : آخر الرسل . وفلان يستقي على عقب آل فلان أي : في إثرهم ; وقيل : على عقبتهم أي : بعدهم . والعاقب والعقوب : الذي يخلف من كان قبله في الخير . والمعقب : المتبع حقا له يسترده . وذهب فلان وعقب فلان بعد ، وأعقب . والمعقب : الذي يتبع عقب الإنسان في حق ; قال لبيد يصف حمارا وأتانه :


حتى تهجر في الرواح وهاجه‌‌     طلب المعقب حقه المظلوم

وهذا البيت استشهد به الجوهري على قوله : عقب في الأمر إذا تردد في طلبه مجدا ، وأنشده ; وقال : رفع المظلوم ، وهو نعت للمعقب ، على المعنى ، والمعقب خفض في اللفظ ومعناه أنه فاعل . ويقال أيضا : المعقب الغريم المماطل . عقبني حقي أي : مطلني ، فيكون المظلوم فاعلا ، والمعقب مفعولا . وعقب عليه : كر ورجع . وفي التنزيل : ولى مدبرا ولم يعقب . وأعقب عن الشيء : رجع . وأعقب الرجل : رجع إلى خير . وقول الحارث بن بدر : كنت مرة نشبه وأنا اليوم عقبه ; فسره ابن الأعرابي فقال : معناه كنت مرة إذا نشبت أو علقت بإنسان لقي مني شرا ، فقد أعقبت اليوم ورجعت أي : أعقبت منه ضعفا . وقالوا : العقبى إلى الله أي : المرجع . والعقب : الرجوع ; قال ذو الرمة :


كأن صياح الكدر ينظرن عقبنا     تراطن أنباط عليه طغام

معناه : ينتظرن صدرنا ليردن بعدنا . والمعقب : المنتظر . والمعقب : الذي يغزو غزوة بعد غزوة ، ويسير سيرا بعد سير ، ولا يقيم في أهله بعد القفول . وعقب بصلاة بعد صلاة ، وغزاة بعد غزاة : والى . وفي الحديث : وإن كل غازية غزت يعقب بعضها بعضا أي : يكون الغزو بينهم نوبا ، فإذا خرجت طائفة ثم عادت ، لم تكلف أن تعود ثانية ، حتى تعقبها أخرى غيرها . ومنه حديث عمر : أنه كان يعقب الجيوش في كل عام . وفي الحديث : ما كانت صلاة الخوف إلا سجدتين ; إلا أنها كانت عقبا ، أي : تصلي طائفة بعد طائفة ، فهم يتعاقبونها تعاقب [ ص: 216 ] الغزاة . ويقال للذي يغزو غزوا بعد غزو ، وللذي يتقاضى الدين ، فيعود إلى غريمه في تقاضيه : معقب ; وأنشد بيت لبيد :


طلب المعقب حقه المظلوم

والمعقب : الذي يكر على الشيء ، ولا يكر أحد على ما أحكمه الله ، وهو قول سلامة بن جندل :


إذا لم يصب في أول الغزو عقبا

أي : غزا غزوة أخرى . وعقب في النافلة بعد الفريضة كذلك . وفي حديث أبي هريرة : كان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا أي : يتناوبونه في القيام إلى الصلاة . وفي حديث أنس بن مالك : أنه سئل عن التعقيب في رمضان ، فأمرهم أن يصلوا في البيوت . وفي التهذيب : فقال : إنهم لا يرجعون إلا لخير يرجونه ، أو شر يخافونه . قال ابن الأثير : التعقيب هو أن تعمل عملا ، ثم تعود فيه ; وأراد به هاهنا صلاة النافلة ، بعد التراويح ، فكره أن يصلوا في المسجد ، وأحب أن يكون ذلك في البيوت . وحكى الأزهري عن إسحاق بن راهويه : إذا صلى الإمام في شهر رمضان بالناس ترويحة ، أو ترويحتين ، ثم قام الإمام من آخر الليل ، فأرسل إلى قوم فاجتمعوا فصلى بهم بعدما ناموا ، فإن ذلك جائز إذا أراد به قيام ما أمر أن يصلى من الترويح ، وأقل ذلك خمس ترويحات ، وأهل العراق عليه . قال : فأما أن يكون إمام صلى بهم أول الليل الترويحات ، ثم رجع آخر الليل ليصلي بهم جماعة ، فإن ذلك مكروه ، لما روي عن أنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التعقيب ; وكان أنس يأمرهم أن يصلوا في بيوتهم . وقال شمر : التعقيب أن يعمل عملا من صلاة أو غيرها ، ثم يعود فيه من يومه ; يقال : عقب بصلاة بعد صلاة ، وغزوة بعد غزوة ; قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : هو الذي يفعل الشيء ثم يعود إليه ثانية . يقال : صلى من الليل ثم عقب ، أي : عاد في تلك الصلاة . وفي حديث عمر : أنه كان يعقب الجيوش في كل عام ; قال شمر : معناه أنه يرد قوما ويبعث آخرين يعاقبونهم . يقال : عقب الغازية بأمثالهم ، وأعقبوا إذا وجه مكانهم غيرهم . والتعقيب : أن يغزو الرجل ، ثم يثني من سنته ; قال طفيل يصف الخيل :


طوال الهوادي والمتون صليبة‌‌     مغاوير فيها للأمير معقب

والمعقب : الرجل يخرج من حانة الخمار إذا دخلها من هو أعظم منه قدرا ; ومنه قوله :


وإن تبغني في حلقة القوم تلقني‌‌     وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد

أي : لا أكون معقبا . وعقب وأعقب إذا فعل هذا مرة ، وهذا مرة . والتعقيب في الصلاة : الجلوس بعد أن يقضيها لدعاء أو مسألة . وفي الحديث : من عقب في صلاة ، فهو في الصلاة . وتصدق فلان بصدقة ليس فيها تعقيب أي : استثناء . وأعقبه الطائف إذا كان الجنون يعاوده في أوقات ; قال امرؤ القيس يصف فرسا :


ويخضد في الآري حتى كأنه‌‌     به عرة أو طائف غير معقب

وإبل معاقبة : ترعى مرة في حمض ، ومرة في خلة . وأما التي تشرب الماء ، ثم تعود إلى المعطن ، ثم تعود إلى الماء ، فهي العواقب ; عن ابن الأعرابي . وعقبت الإبل من مكان إلى مكان تعقب عقبا ، وأعقبت : كلاهما تحولت منه إليه ترعى . ابن الأعرابي : إبل عاقبة تعقب في مرتع بعد الحمض ، ولا تكون عاقبة إلا في سنة جدبة ، تأكل الشجر ثم الحمض . قال : ولا تكون عاقبة في العشب . والتعاقب : الورد مرة بعد مرة . والمعقبات : اللواتي يقمن عند أعجاز الإبل المعتركات على الحوض ، فإذا انصرفت ناقة دخلت مكانها أخرى ، وهي الناظرات العقب . والعقب : نوب الواردة ترد قطعة فتشرب ، فإذا وردت قطعة بعدها فشربت ، فذلك عقبتها . وعقبة الماشية في المرعى : أن ترعى الخلة عقبة ، ثم تحول إلى الحمض ، فالحمض عقبتها ; وكذلك إذا حولت من الحمض إلى الخلة ، فالخلة عقبتها ; وهذا المعنى أراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم :


ألهاه آء وتنوم وعقبته     من لائح المرو والمرعى له عقب

وقد تقدم . والمعقاب : المرأة التي من عادتها أن تلد ذكرا ثم أنثى . ونخل معاقبة : تحمل عاما وتخلف آخر . وعقبة القمر : عودته - بالكسر . ويقال : عقبة - بالفتح - وذلك إذا غاب ثم طلع . ابن الأعرابي : عقبة القمر - بالضم - نجم يقارن القمر في السنة مرة ; قال :


لا تطعم المسك والكافور لمته‌‌     ولا الذريرة إلا عقبة القمر

هو لبعض بني عامر ، يقول : يفعل ذلك في الحول مرة ; ورواية اللحياني عقبة - بالكسر - وهذا موضع نظر ، لأن القمر يقطع الفلك في كل شهر مرة . وما أعلم ما معنى قوله : يقارن القمر في كل سنة مرة . وفي الصحاح يقال : ما يفعل ذلك إلا عقبة القمر إذا كان يفعله في كل شهر مرة . والتعاقب والاعتقاب : التداول . والعقيب : كل شيء أعقب شيئا . وهما يتعاقبان ويعتقبان أي : إذا جاء هذا ، ذهب هذا ، وهما يتعاقبان كل الليل والنهار ، والليل والنهار يتعاقبان ، وهما عقيبان ، كل واحد منهما عقيب صاحبه . وعقيبك : الذي يعاقبك في العمل ، يعمل مرة وتعمل أنت مرة . وفي حديث شريح : أنه أبطل النفح إلا أن تضرب فتعاقب أي : أبطل نفح الدابة برجلها ، وهو رفسها ، كان لا يلزم صاحبها شيئا إلا أن تتبع ذلك رمحا . وعقب الليل النهار : جاء بعده . وعاقبه أي : جاء بعقبه ، فهو معاقب وعقيب أيضا ; والتعقيب مثله . وذهب فلان وعقبه فلان بعد ، واعتقبه أي : خلفه . وهما يعقبانه ويعتقبان عليه ويتعاقبان : يتعاونان عليه . وقال أبو عمرو : النعامة تعقب في مرعى بعد مرعى ، فمرة تأكل الآء ، ومرة التنوم ، وتعقب بعد ذلك في حجارة المرو ، وهي عقبته ، ولا يغث عليها شيء من المرتع ، وهذا معنى قول ذي الرمة :


. . . . . . . . . وعقبته‌‌     من لائح المرو والمرعى له عقب

[ ص: 217 ] وقد ذكر في صدر هذه الترجمة . واعتقب بخير ، وتعقب : أتى به مرة بعد مرة . وأعقبه الله بإحسانه خيرا ; والاسم منه العقبى ، وهو شبه العوض ، واستعقب منه خيرا أو شرا : اعتاضه ، فأعقبه خيرا أي : عوضه وأبدله . وهو بمعنى قوله :


ومن أطاع فأعقبه بطاعته     كما أطاعك وادلله على الرشد

وأعقب الرجل إعقابا إذا رجع من شر إلى خير . واستعقبت الرجل ، وتعقبته إذا طلبت عورته وعثرته . وتقول : أخذت من أسيري عقبة إذا أخذت منه بدلا . وفي الحديث : سأعطيك منها عقبى أي : بدلا عن الإبقاء والإطلاق . وفي حديث الضيافة : فإن لم يقروه ، فله أن يعقبهم بمثل قراه أي : يأخذ منهم عوضا عما حرموه من القرى . وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاما ، ويخاف على نفسه التلف . يقال : عقبهم وعقبهم - مشددا ومخففا - وأعقبهم إذا أخذ منهم عقبى وعقبة ، وهو أن يأخذ منهم بدلا عما فاته . وتعقب من أمره : ندم ; وتقول : فعلت كذا فاعتقبت منه ندامة أي : وجدت في عاقبته ندامة . وأعقب الرجل : كان عقيبه ; وأعقب الأمر إعقابا وعقبانا وعقبى حسنة أو سيئة . وفي الحديث : ما من جرعة أحمد عقبى من جرعة غيظ مكظومة ، وفي رواية : أحمد عقبانا أي : عاقبة . وأعقب عزه ذلا : أبدل ; قال :


كم من عزيز أعقب الذل عزه‌‌     فأصبح مرحوما وقد كان يحسد

ويقال : تعقبت الخبر إذا سألت غير من كنت سألته أول مرة . ويقال : أتى فلان إلي خيرا فعقب بخير منه ; وأنشد :


فعقبتم بذنوب غير مر

ويقال : رأيت عاقبة من طير إذا رأيت طيرا يعقب بعضها بعضا ، تقع هذه فتطير ، ثم تقع هذه موقع الأولى . وأعقب طي البئر بحجارة من ورائها : نضدها . وكل طريق بعضه خلف بعض : أعقاب ، كأنها منضودة عقبا على عقب ; قال الشماخ في وصف طرائق الشحم على ظهر الناقة :


إذا دعت غوثها ضراتها فزعت‌‌     أعقاب ني على الأثباج منضود

والأعقاب : الخزف الذي يدخل بين الآجر في طي البئر ، لكي يشتد ; قال كراع : لا واحد له . وقال ابن الأعرابي : العقاب الخزف بين السافات ; وأنشد في وصف بئر :


ذات عقاب هرش وذات جم

ويروى : " وذات حم " أراد وذات حمء ، ثم اعتقد إلقاء حركة الهمزة على ما قبلها ، فقال : وذات حم . وأعقاب الطي : دوائره إلى مؤخره . وقد عقبنا الركية أي : طويناها بحجر من وراء حجر . والعقاب : حجر يستنثل على الطي في البئر أي : يفضل . وعقبت الرجل : أخذت من ماله مثل ما أخذ مني ، وأنا أعقب - بضم القاف - ويقال : أعقب عليه يضربه . وعقب الرجل في أهله : بغاه بشر وخلفه . وعقب في أثر الرجل بما يكره يعقب عقبا : تناوله بما يكره ووقع فيه . والعقبة : قدر فرسخين ; والعقبة أيضا : قدر ما تسيره ، والجمع عقب ; قال :


خودا ضناكا لا تسير العقبا

أي : إنها لا تسير مع الرجال ، لأنها لا تحتمل ذلك لنعمتها وترفها ; كقول ذي الرمة :


فلم تستطع مي مهاواتنا السرى‌‌     ولا ليل عيس في البرين خواضع

والعقبة : الدولة ; والعقبة : النوبة ; تقول : تمت عقبتك ; والعقبة أيضا : الإبل يرعاها الرجل ، ويسقيها عقبته أي : دولته ، كأن الإبل سميت باسم الدولة ; أنشد ابن الأعرابي :


إن علي عقبة أقضيها‌     لست بناسيها ولا منسيها

أي : أنا أسوق عقبتي ، وأحسن رعيها . وقوله : لست بناسيها ولا منسيها يقول : لست بتاركها عجزا ولا بمؤخرها ; فعلى هذا إنما أراد : ، ولا منسئها ، فأبدل الهمزة ياء ; لإقامة الردف . والعقبة : الموضع الذي يركب فيه . وتعاقب المسافران على الدابة : ركب كل واحد منهما عقبة . وفي الحديث : فكان الناضح يعتقبه منا الخمسة أي : يتعاقبونه في الركوب واحدا بعد واحد . يقال : جاءت عقبة فلان أي : جاءت نوبته ووقت ركوبه . وفي الحديث : من مشى عن دابته عقبة ، فله كذا ، أي : شوطا . ويقال : عاقبت الرجل ، من العقبة ، إذا راوحته في عمل ، فكانت لك عقبة وله عقبة ; وكذلك أعقبته . ويقول الرجل لزميله : أعقب وعاقب أي : انزل حتى أركب عقبتي ; وكذلك كل عمل . ولما تحولت الخلافة إلى الهاشميين عن بني أمية ، قال سديف شاعر بني العباس :


أعقبي آل هاشم يا أميا

يقول : انزلي عن الخلافة حتى يركبها بنو هاشم ، فتكون لهم العقبة عليكم . واعتقبت فلانا من الركوب أي : نزلت فركب . وأعقبت الرجل وعاقبته في الراحلة إذا ركب عقبة ، وركبت عقبة ، مثل المعاقبة . والمعاقبة في الزحاف : أن تحذف حرفا لثبات حرف ، كأن تحذف الياء من مفاعيلن وتبقي النون ، أو تحذف النون وتبقي الياء ، وهو يقع في جملة شطور من شطور العروض . والعرب تعقب بين الفاء والثاء وتعاقب ؛ مثل جدث وجدف . وعاقب : راوح بين رجليه . وعقبة الطائر : مسافة ما بين ارتفاعه وانحطاطه ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


وعروب غير فاحشة‌‌     قد ملكت ودها حقبا
ثم آلت لا تكلمنا     كل حي معقب عقبا

معنى قوله : معقب أي : يصير إلى غير حالته التي كان عليها . وقدح معقب : وهو المعاد في الربابة مرة بعد مرة ، تيمنا بفوزه ; وأنشد :


بمثنى الأيادي والمنيح المعقب

وجزور سحوف المعقب إذا كان سمينا ; وأنشد :


بجلمة عليان سحوف المعقب

[ ص: 218 ] وتعقب الخبر : تتبعه . ويقال : تعقبت الأمر إذا تدبرته . والتعقب : التدبر والنظر ، ثانية ; قال طفيل الغنوي :


فلن يجد الأقوام فينا مسبة‌‌     إذا استدبرت أيامنا بالتعقب

يقول : إذا تعقبوا أيامنا ، لم يجدوا فينا مسبة .

ويقال : لم أجد عن قولك متعقبا أي : رجوعا أنظر فيه أي : لم أرخص لنفسي التعقب فيه ، لأنظر آتيه أم أدعه . وفي الأمر معقب أي : تعقب ; قال طفيل :


مغاوير من آل الوجيه ولاحق‌‌     عناجيج فيها للأريب معقب

وقوله : لا معقب لحكمه أي : لا راد لقضائه . وقوله تعالى : ولى مدبرا ولم يعقب أي : لم يعطف ولم ينتظر . وقيل : لم يمكث ، وهو من كلام العرب ; وقال قتادة : لم يلتفت ; وقال مجاهد : لم يرجع . قال شمر : وكل راجع معقب ; وقال الطرماح :


وإن تونى التاليات عقبا

أي : رجع . واعتقب الرجل خيرا أو شرا بما صنع : كافأه به . والعقاب والمعاقبة أن تجزي الرجل بما فعل سوءا ; والاسم العقوبة . وعاقبه بذنبه معاقبة وعقابا : أخذه به . وتعقبت الرجل إذا أخذته بذنب كان منه . وتعقبت عن الخبر إذا شككت فيه ، وعدت للسؤال عنه ; قال طفيل :


تأوبني هم مع الليل منصب     وجاء من الأخبار ما لا أكذب
تتابعن حتى لم تكن لي ريبة‌‌     ولم يك عما خبروا متعقب

وتعقب فلان رأيه إذا وجد عاقبته إلى خير . وقوله تعالى : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم هكذا قرأها مسروق بن الأجدع ، وفسرها : فغنمتم . وقرأها حميد : فعقبتم - بالتشديد : قال الفراء : وهي بمعنى عاقبتم ، قال : وهي كقولك : تصعر وتصاعر ، وتضعف وتضاعف ، في ماضي فعلت وفاعلت ; وقرئ " فعقبتم " ، خفيفة . وقال أبو إسحاق النحوي : من قرأ " فعاقبتم " ، فمعناه أصبتموهم في القتال بالعقوبة حتى غنمتم ; ومن قرأ " فعقبتم " ، فمعناه فغنمتم ; وعقبتم أجودها في اللغة ; وعقبتم جيد أيضا أي : صارت لكم عقبى ، إلا أن التشديد أبلغ ; وقال طرفة :


فعقبتم بذنوب غير مر

قال : والمعنى أن من مضت امرأته منكم إلى من لا عهد بينكم وبينه ، أو إلى من بينكم وبينه عهد ، فنكث في إعطاء المهر ، فغلبتم عليه ، فالذي ذهبت امرأته يعطى من الغنيمة المهر من غير أن ينقص من حقه في الغنائم شيء ، يعطى حقه كملا ، بعد إخراج مهور النساء . والعقب والمعاقب : المدرك بالثأر . وفي التنزيل العزيز : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وأنشد ابن الأعرابي :


ونحن قتلنا بالمخارق فارسا‌‌     جزاء العطاس لا يموت المعاقب

أي : لا يموت ذكر ذلك المعاقب بعد موته . وقوله : جزاء العطاس أي : عجلنا إدراك الثأر ، قدر ما بين التشميت والعطاس . وعن الأصمعي : العقب : العقاب ; وأنشد :


لين لأهل الحق ذو عقب ذكر

ويقال : إنه لعالم بعقمى الكلام ، وعقبى الكلام ، وهو غامض الكلام الذي لا يعرفه الناس ، وهو مثل النوادر . وأعقبه على ما صنع : جازاه . وأعقبه بطاعته أي : جازاه ، والعقبى جزاء الأمر . وعقب كل شيء ، وعقباه ، وعقبانه ، وعاقبته : خاتمته . والعقبى : المرجع . وعقب الرجل يعقب عقبا : طلب مالا أو غيره . ابن الأعرابي : المعقب الخمار ; وأنشد :


كمعقب الريط إذ نشرت هدابه

قال : وسمي الخمار معقبا ; لأنه يعقب الملاءة ، يكون خلفا منها . والمعقب : القرط . والمعقب : السائق الحاذق بالسوق . والمعقب : بعير العقب . والمعقب : الذي يرشح للخلافة بعد الإمام . والمعقب : النجم الذي يطلع ، فيركب بطلوعه الزميل المعاقب ; ومنه قول الراجز :


كأنها بين السجوف معقب     أو شادن ذو بهجة مربب

أبو عبيدة : المعقب نجم يتعاقب به الزميلان في السفر ، إذا غاب نجم وطلع آخر ، ركب الذي كان يمشي . وعقبة القدر : ما التزق بأسفلها من تابل وغيره . والعقبة : مرقة ترد في القدر المستعارة - بضم العين - وأعقب الرجل : رد إليه ذلك ; قال الكميت :


وحاردت النكد الجلاد ولم يكن‌‌     لعقبة قدر المستعيرين معقب

وكان الفراء يجيزها بالكسر ، بمعنى البقية . ومن قال عقبة - بالضم - جعله من الاعتقاب . وقد جعلها الأصمعي والبصريون - بضم العين . وقرارة القدر : عقبتها . والمعقبات : الحفظة ، من قوله عز وجل : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه . والمعقبات : ملائكة الليل والنهار ; لأنهم يتعاقبون ، وإنما أنثت لكثرة ذلك منها ، نحو نسابة وعلامة ، وهو ذكر . وقرأ بعض الأعراب : له معاقيب . قال الفراء : المعقبات الملائكة ، ملائكة الليل تعقب ملائكة النهار ، وملائكة النهار تعقب ملائكة الليل . قال الأزهري : جعل الفراء عقب بمعنى عاقب ، كما يقال : عاقد وعقد ، وضاعف وضعف ، فكأن ملائكة النهار تحفظ العباد ، فإذا جاء الليل جاء معه ملائكة الليل ، وصعد ملائكة النهار ، فإذا أقبل النهار عاد من صعد ; وصعد ملائكة الليل ، كأنهم جعلوا حفظهم عقبا أي : نوبا . وكل من عمل عملا ثم عاد إليه فقد عقب . وملائكة معقبة ، ومعقبات جمع الجمع ; وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : معقبات لا يخيب قائلهن ، وهو أن يسبح في دبر صلاته ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، ويحمده ثلاثا وثلاثين تحميدة ، ويكبره أربعا وثلاثين تكبيرة ; سميت معقبات ، لأنها عادت مرة بعد مرة ، أو لأنها تقال عقيب الصلاة . وقال شمر : أراد بقوله معقبات تسبيحات تخلف بأعقاب الناس ; [ ص: 219 ] قال : والمعقب من كل شيء : ما خلف بعقب ما قبله ; وأنشد ابن الأعرابي للنمر بن تولب :


ولست بشيخ قد توجه دالف     ولكن فتى من صالح القوم عقبا

يقول : عمر بعدهم وبقي .

والعقبة : واحدة عقبات الجبال . والعقبة : طريق - في الجبل - وعر ، والجمع عقب وعقاب . والعقبة : الجبل الطويل ، يعرض للطريق فيأخذ فيه ، وهو طويل صعب شديد ، وإن كانت خرمت بعد أن تسند وتطول في السماء ، في صعود وهبوط أطول من النقب ، وأصعب مرتقى ، وقد يكون طولهما واحدا . سند النقب فيه شيء من اسلنقاء ، وسند العقبة مستو كهيئة الجدار . قال الأزهري : وجمع العقبة عقاب وعقبات . ويقال : من أين كانت عقبك أي : من أين أقبلت ؟ والعقاب : طائر من العتاق مؤنثة ; وقيل : العقاب يقع على الذكر والأنثى ، إلا أن يقولوا هذا عقاب ذكر ; والجمع : أعقب وأعقبة ; عن كراع ; وعقبان وعقابين : جمع الجمع ; قال :


عقابين يوم الدجن تعلو وتسفل

وقيل : جمع العقاب أعقب ; لأنها مؤنثة . وأفعل بناء يختص به جمع الإناث ، مثل عناق وأعنق ، وذراع وأذرع . وعقاب عقنباة ; ذكره ابن سيده في الرباعي . وقال ابن الأعرابي : عتاق الطير العقبان ، وسباع الطير التي تصيد ، والذي لم يصد الخشاش . وقال أبو حنيفة : من العقبان عقبان تسمى عقبان الجرذان ، ليست بسود ، ولكنها كهب ، ولا ينتفع بريشها ، إلا أن يرتاش به الصبيان الجماميح . والعقاب : الراية . والعقاب : الحرب عن كراع . والعقاب : علم ضخم . وفي الحديث : أنه كان اسم رايته - عليه السلام - العقاب وهي العلم الضخم . والعرب تسمي الناقة السوداء عقابا ، على التشبيه . والعقاب الذي يعقد للولاة شبه بالعقاب الطائر ، وهي مؤنثة أيضا ; قال أبو ذؤيب :


ولا الراح راح الشام جاءت سبيئة‌‌     لها غاية تهدي الكرام عقابها

عقابها : غايتها ، وحسن تكراره لاختلاف اللفظين ، وجمعها عقبان . والعقاب : فرس مرداس بن جعونة . والعقاب : صخرة ناتئة ناشزة في البئر ، تخرق الدلاء ، وربما كانت من قبل الطي ; وذلك أن تزول الصخرة عن موضعها ، وربما قام عليها المستقي ; أنثى ، والجمع كالجمع . وقد عقبها تعقيبا : سواها . والرجل الذي ينزل في البئر فيرفعها ، يقال له : المعقب . ابن الأعرابي : القبيلة صخرة على رأس البئر ، والعقابان من جنبتيها يعضدانها . وقيل : العقاب صخرة ناتئة في عرض جبل ، شبه مرقاة . وقيل : العقاب مرقى في عرض الجبل . والعقابان : خشبتان يشبح الرجل بينهما الجلد . والعقاب : خيط صغير ، يدخل في خرتي حلقة القرط ، يشد به . وعقب القرط : شده بعقب خشية أن يزيغ ; قال سيار الأباني :


كأن خوق قرطها المعقوب‌‌     على دباة أو على يعسوب

جعل قرطها كأنه على دباة ، لقصر عنق الدباة ، فوصفها بالوقص . والخوق : الحلقة . واليعسوب : ذكر النحل . والدباة : واحدة الدبى ، نوع من الجراد . قال الأزهري : العقاب الخيط الذي يشد طرفي حلقة القرط . والمعقب : القرط ; عن ثعلب . واليعقوب : الذكر من الحجل والقطا ، وهو مصروف لأنه عربي لم يغير ، وإن كان مزيدا في أوله ، فليس على وزن الفعل ; قال الشاعر :


عال يقصر دونه اليعقوب

والجمع : اليعاقيب . قال ابن بري : هذا البيت ذكره الجوهري على أنه شاهد على اليعقوب ، لذكر الحجل ، والظاهر في اليعقوب هذا أنه ذكر العقاب ، مثل اليرخوم ذكر الرخم ، واليحبور ذكر الحبارى ; لأن الحجل لا يعرف لها مثل هذا العلو في الطيران ; ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق :


يوما تركن لإبراهيم عافية     من النسور عليه واليعاقيب

فذكر اجتماع الطير على هذا القتيل من النسور واليعاقيب ، ومعلوم أن الحجل لا يأكل القتلى . وقال اللحياني : اليعقوب ذكر القبج . قال ابن سيده : فلا أدري ما عنى بالقبج : ألحجل ، أم القطا ، أم الكروان ؟ والأعرف أن القبج الحجل . وقيل اليعاقيب من الخيل ، سميت بذلك تشبيها بيعاقيب الحجل لسرعتها ; قال سلامة بن جندل :


ولى حثيثا وهذا الشيب يتبعه‌‌     لو كان يدركه ركض اليعاقيب

قيل : يعني اليعاقيب من الخيل ; وقيل : ذكور الحجل . والاعتقاب : الحبس والمنع والتناوب . واعتقب الشيء : حبسه عنده . واعتقب البائع السلعة أي : حبسها عن المشتري حتى يقبض الثمن ; ومنه قول إبراهيم النخعي : المعتقب ضامن لما اعتقب ; الاعتقاب : الحبس والمنع . يريد أن البائع إذا باع شيئا ثم منعه المشتري حتى يتلف عند البائع فقد ضمن . وعبارة الأزهري : حتى تلف عند البائع هلك من ماله ، وضمانه منه . وعن ابن شميل : يقال باعني فلان سلعة ، وعليه تعقبة إن كانت فيها ، وقد أدركتني في تلك السلعة تعقبة . ويقال : ما عقب فيها ، فعليك في مالك أي : ما أدركني فيها من درك فعليك ضمانه . وقوله - عليه السلام : لي الواجد يحل عقوبته وعرضه ; عقوبته : حبسه ، وعرضه : شكايته ; حكاه ابن الأعرابي وفسره بما ذكرناه . واعتقبت الرجل : حبسته . وعقبة السرو ، والجمال ، والكرم ، وعقبته ، وعقبه : كله أثره وهيئته ، وقال اللحياني : أي : سيماه وعلامته ; قال : والكسر أجود . ويقال : على فلان عقبة السرو والجمال - بالكسر - إذا كان عليه أثر ذلك . والعقبة : الوشي كالعقمة ، وزعم يعقوب أن الباء بدل من الميم . وقال اللحياني : العقبة ضرب من ثياب الهودج موشى . ويقال : عقبة وعقمة - بالفتح . والعقب العصب الذي تعمل منه الأوتار ، الواحدة عقبة . وفي الحديث : أنه مضغ عقبا وهو صائم ; قال ابن الأثير : هو - بفتح القاف - العصب والعقب من كل شيء : عصب المتنين ، والساقين ، [ ص: 220 ] والوظيفين ، يختلط باللحم يمشق منه مشقا ، ويهذب وينقى من اللحم ، ويسوى منه الوتر ; واحدته عقبة ، وقد يكون في جنبي البعير . والعصب : العلباء الغليظ ، ولا خير فيه ، والفرق بين العقب والعصب : أن العصب يضرب إلى الصفرة ، والعقب يضرب إلى البياض ، وهو أصلبها وأمتنها . وأما العقب ، مؤخر القدم : فهو من العصب لا من العقب . وقال أبو حنيفة : قال أبو زياد : العقب عقب المتنين من الشاة والبعير والناقة والبقرة . وعقب الشيء يعقبه ويعقبه عقبا ، وعقبه : شده بعقب . وعقب الخوق ، وهو حلقة القرط ، يعقبه عقبا : خاف أن يزيغ فشده بعقب ، وقد تقدم أنه من العقاب . وعقب السهم والقدح والقوس عقبا إذا لوى شيئا من العقب عليه ; قال دريد بن الصمة :


وأسمر من قداح النبع فرع     به علمان من عقب وضرس

قال ابن بري : صواب هذا البيت : وأصفر من قداح النبع ; لأن سهام الميسر توصف بالصفرة ; كقول طرفة :


وأصفر مضبوح نظرت حواره‌‌     على النار واستودعته كف مجمد

وعقب قدحه يعقبه عقبا : انكسر فشده بعقب ، وكذلك كل ما انكسر فشد بعقب . وعقب فلان يعقب عقبا إذا طلب مالا أو شيئا غيره . وعقب النبت يعقب عقبا : دق عوده واصفر ورقه ; عن ابن الأعرابي . وعقب العرفج إذا اصفرت ثمرته ، وحان يبسه . وكل شيء كان بعد شيء ، فقد عقبه ; وقال :


عقب الرذاذ خلافهم فكأنما‌‌     بسط الشواطب بينهن حصيرا

والعقيب ، مخفف الياء : موضع . وعقب : موضع أيضا ; وأنشد أبو حنيفة :


حوزها من عقب إلى ضبع‌‌     في ذنبان ويبيس منقفع

ومعقب : موضع ; قال :


رعت بمعقب فالبلق نبتا     أطار نسيلها عنها فطارا

والعقيب : طائر ، لا يستعمل إلا مصغرا . وكفرتعقاب ، وكفرعاقب : موضعان . ورجل عقبان : غليظ ; عن كراع ; قال : والجمع عقبان ; قال : ولست من هذا الحرف على ثقة . ويعقوب : اسم إسرائيل أبي يوسف - عليهما السلام - لا ينصرف في المعرفة ، للعجمة والتعريف ، لأنه غير عن جهته ، فوقع في كلام العرب غير معروف المذهب . وسمي يعقوب بهذا الاسم ; لأنه ولد مع عيصو في بطن واحد . ولد عيصو قبله ، ويعقوب متعلق بعقبه ، خرجا معا ، فعيصو أبو الروم . قال الله تعالى في قصة إبراهيم وامرأته - عليهما السلام : فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قرئ ( يعقوب ) ، بالرفع ، وقرئ ( يعقوب ) بفتح الباء ، فمن رفع ، فالمعنى : ومن وراء إسحاق يعقوب مبشر به ; ومن فتح " يعقوب " ، فإن أبا زيد والأخفش زعما أنه منصوب ، وهو في موضع الخفض عطفا على قوله بإسحاق ، والمعنى : بشرناها بإسحاق ، ومن وراء إسحاق بيعقوب ; قال الأزهري : وهذا غير جائز عند حذاق النحويين من البصريين والكوفيين . وأما أبو العباس أحمد بن يحيى فإنه قال : نصب يعقوب بإضمار فعل آخر ، كأنه قال : فبشرناها بإسحاق ووهبنا لها من وراء إسحاق يعقوب ، ويعقوب عنده في موضع النصب ، لا في موضع الخفض ، بالفعل المضمر ; وقال الزجاج : عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها ، كأنه قال : وهبنا لها إسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب أي : وهبناه لها أيضا ; قال الأزهري : وهكذا قال ابن الأنباري ، وقول الفراء قريب منه ; وقول الأخفش وأبي زيد عندهم خطأ . ونيق العقاب : موضع بين مكة والمدينة . ونجد العقاب : موضع بدمشق ; قال الأخطل :


ويامن عن نجد العقاب وياسرت     بنا العيس عن عذراء دار بني السحب

التالي السابق


الخدمات العلمية