صفحة جزء
[ عقق ]

عقق : عقه يعقه عقا ، فهو معقوق وعقيق : شقه . والعقيق : واد بالحجاز كأنه عق أي : شق ، غلبت الصفة عليه غلبة الاسم ولزمته الألف واللام ، لأنه جعل الشيء بعينه على ما ذهب إليه الخليل في الأسماء الأعلام التي أصلها الصفة كالحارث والعباس . والعقيقان : بلدان في بلاد بني عامر من ناحية اليمن ، فإذا رأيت هذه اللفظة مثناة فإنما يعنى بها ذانك البلدان ، وإذا رأيتها مفردة فقد يجوز أن يعنى بها العقيق الذي هو واد بالحجاز ، وأن يعنى بها أحد هذين البلدين لأن مثل هذا قد يفرد كأبانين ; قال امرؤ القيس فأفرد اللفظ به :


كأن أبانا في أفانين ودقه كبير أناس في بجاد مزمل

قال ابن سيده : وإن كانت التثنية في مثل هذا أكثر من الإفراد ، أعني فيما تقع عليه التثنية من أسماء المواضع لتساويهما في الثبات والخصب والقحط ، وأنه لا يشار إلى أحدهما دون الآخر ، ولهذا ثبت فيه [ ص: 230 ] التعريف في حال تثنيته ولم يجعل كزيدين ، فقالوا هذان أبانان بينين ، ونظير هذا إفرادهم لفظ عرفات ، فأما ثبات الألف واللام في العقيقين فعلى حد ثباتهما في العقيق ، وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق ; قال أبو منصور : ويقال لكل ما شقه ماء السيل في الأرض فأنهره ووسعه عقيق ، والجمع أعقة وعقائق ، وفي بلاد العرب أربعة أعقة ، وهي أودية شقتها السيول ، عادية : فمنها عقيق عارض اليمامة وهو واد واسع مما يلي العرمة تتدفق فيه شعاب العارض وفيه عيون عذبة الماء ، ومنها عقيق بناحية المدينة فيه عيون ونخيل . وفي الحديث : أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان العقيق ؟ قال ابن الأثير : هو واد من أودية المدينة مسيل للماء وهو الذي ورد ذكره في الحديث أنه واد مبارك ، ومنها عقيق آخر يدفق ماؤه في غورى تهامة ، وهو الذي ذكره الشافعي فقال : ولو أهلوا من العقيق كان أحب إلي ; وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق بطن العقيق ; قال أبو منصور : أراد العقيق الذي بالقرب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين وهو الذي ذكره الشافعي في المناسك ، ومنها عقيق القنان تجري إليه مياه قلل نجد وجباله ; وأما قول الفرزدق :


قفي ودعينا يا هنيد فإنني     أرى الحي قد شاموا العقيق اليمانيا

فإن بعضهم قال : أراد شاموا البرق من ناحية اليمن . والعق : حفر في الأرض مستطيل سمي بالمصدر . والعقة : حفرة عميقة في الأرض ، وجمعها عقات . وانعق الوادي : عمق . والعقائق : النهاء والغدران في الأخاديد المنعقة ; حكاه أبو حنيفة ; وأنشد لكثير بن عبد الرحمن الخزاعي يصف امرأة :


إذا خرجت من بيتها راق عينها     معوذه وأعجبتها العقائق

يعني أن هذه المرأة إذا خرجت من بيتها راقها معوذ النبت حول بيتها ، والمعوذ من النبت : ما ينبت في أصل شجر أو حجر يستره ، وقيل : العقائق هي الرمال الحمر . ويقال : عقت الريح المزن تعقه عقا إذا استدرته كأنها تشقه شقا ; قال الهذلي يصف غيثا :


حار وعقت مزنه الريح وان     قار به العرض ولم يشمل

حار : تحير وتردد واستدرته ريح الجنوب ولم تهب به الشمال فتقشعه ، وانقار به العرض أي : كأن عرض السحاب انقار به أي : وقعت منه قطعة ، وأصله من قرت جيب القميص فانقار ، وقرت عينه إذا قلعتها . وسحابة معقوقة إذا عقت فانعقت أي : تبعجت بالماء . وسحابة عقاقة إذا دفعت ماءها وقد عقت ; قال عبد بني الحسحاس يصف غيثا :


فمر على الأنهاء فانثج مزنه     فعق طويلا يسكب الماء ساجيا

واعتقت السحابة بمعنى ; قال أبو وجزة :


واعتق منبعج بالوبل مبقور

ويقال للمعتذر إذا أفرط في اعتذاره : قد اعتق اعتقاقا . ويقال : سحابة عقاقة منشقة بالماء . وروى شمر أن المعقر بن حمار البارقي قال لبنته وهي تقوده وقد كف بصره وسمع صوت رعد : أي بنية ما ترين ؟ قالت : أرى سحابة سحماء عقاقة ، كأنها حولاء ناقة ، ذات هيدب دان ، وسير وان ! قال : أي بنية وائلي إلى قفلة فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السيل ; شبه السحابة بحولاء الناقة في تشققها بالماء كتشقق الحولاء ، وهو الذي يخرج منه الولد ، والقفلة الشجرة اليابسة ; كذلك حكاه ابن الأعرابي بفتح الفاء ، وأسكنها سائر أهل اللغة . وفي نوادر الأعراب : اهتلب السيف من غمده وامترقه واعتقه واختلطه إذا استله ; قال الجرجاني : الأصل اخترطه ، وكأن اللام مبدل منه وفيه نظر . وعق والده يعقه عقا وعقوقا ومعقة : شق عصا طاعته . وعق والديه : قطعهما ولم يصل رحمه منهما ، وقد يعم بلفظ العقوق جميع الرحم ، فالفعل كالفعل والمصدر كالمصدر . ورجل عقق وعقق وعق : عاق ; أنشد ابن الأعرابي للزفيان :


أنا أبو المقدام عقا فظا     بمن أعادي ملطسا ملظا
أكظه حتى يموت كظا     ثمت أعلي رأسه الملوظا
صاعقة من لهب تلظى

والجمع عققة مثل كفرة ، وقيل : أراد بالعق المر من الماء العقاق ، وهو القعاع ، الملوظ : سوط أو عصا يلزمها رأسه ; كذا حكاه ابن الأعرابي ، والصحيح الملوظ ، وإنما شدد ضرورة . والمعقة : العقوق ; قال النابغة :


أحلام عاد وأجساد مطهرة     من المعقة والآفات والأثم

وأعق فلان إذا جاء بالعقوق . وفي المثل : أعق من ضب ; قال ابن الأعرابي : إنما يريد به الأنثى ، وعقوقها أنها تأكل أولادها ; عن غير ابن الأعرابي ; وقال ابن السكيت في قول الأعشى :


فإني وما كلفتوني بجهلكم     ويعلم ربي من أعق وأحوبا

قال : أعق جاء بالعقوق ، وأحوب جاء بالحوب . وفي الحديث : قال أبو سفيان بن حرب لحمزة سيد الشهداء - رضي الله عنه - يوم أحد حين مر به ، وهو مقتول : ذق عقق أي : ذق جزاء فعلك يا عاق ، وذق القتل كما قتلت من قتلت يوم بدر من قومك ، يعني كفار قريش ، وعقق : معدول عن عاق للمبالغة كغدر من غادر وفسق من فاسق . والعقق : البعداء من الأعداء . والعقق أيضا : قاطعو الأرحام . ويقال : عاققت فلانا أعاقه عقاقا إذا خالفته . قال ابن بري : عق والده يعق عقوقا ومعقة ; قال هنا : وعقاق مبنية على الكسر مثل حذام ورقاش ; قالت عمرة بنت دريد ترثيه :


لعمرك ما خشيت على دريد     ببطن سميرة جيش العناق
جزى عنا الإله بني سليم     وعقتهم بما فعلوا عقاق

وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن عقوق الأمهات ، وهو ضد البر ، [ ص: 231 ] وأصله من العق الشق والقطع ، وإنما خص الأمهات وإن كان عقوق الآباء وغيرهم من ذوي الحقوق عظيما لأن لعقوق الأمهات مزية في القبح . وفي حديث الكبائر : وعد منها عقوق الوالدين . وفي الحديث : مثلكم ومثل عائشة مثل العين في الرأس تؤذي صاحبها ، ولا يستطيع أن يعقها إلا بالذي هو خير لها ; هو مستعار من عقوق الوالدين . وعق البرق وانعق : انشق . والانعقاق : تشقق البرق ، والتبوج : تكشف البرق ، وعقيقته : شعاعه ; ومنه قيل للسيف كالعقيقة ، وقيل : العقيقة والعقق البرق إذا رأيته في وسط السحاب كأنه سيف مسلول . وعقيقة البرق : ما انعق منه أي : تسرب في السحاب ، يقال منه : انعق البرق ، وبه سمي السيف ; قال عنترة :


وسيفي كالعقيقة فهو كمعي     سلاحي لا أفل ولا فطارا

وانعق الغبار : انشق وسطع ; قال رؤبة :


إذا العجاج المستطار انعقا

وانعق الثوب : انشق ; عن ثعلب . والعقيقة : الشعر الذي يولد به الطفل لأنه يشق الجلد ; قال امرؤ القيس :


يا هند لا تنكحي بوهة     عليه عقيقته أحسبا

وكذلك الوبر لذي الوبر . والعقة : كالعقيقة ، وقيل : العقة في الناس والحمر خاصة ولم تسمع في غيرهما كما قال أبو عبيدة ; قال رؤبة :


طير عنها اللس حولي العقق

ويقال للشعر الذي يخرج على رأس المولود في بطن أمه عقيقة لأنها تحلق ، وجعل الزمخشري الشعر أصلا والشاة المذبوحة مشتقة منه . وفي الحديث : إن انفرقت عقيقته فرق أي : شعره ، سمي عقيقة تشبيها بشعر المولود . وأعقت الحامل : نبتت عقيقة ولدها في بطنها . وأعقت الفرس والأتان ، فهي معق وعقوق : وذلك إذا نبتت العقيقة في بطنها على الولد الذي حملته ; وأنشد لرؤبة :


قد عتق الأجدع بعد رق     بقارح أو زولة معق

وأنشد أيضا في لغة من يقول أعقت فهي عقوق وجمعها عقق :


سرا وقد أون تأوين العقق

أون : شربن حتى انتفخت بطونهن فصار كل حمار منهن كالأتان العقوق ، وهي التي تكامل حملها وقرب ولادها ، ويروى أون على وزن فعلن يريد بذلك الجماعة من الحمير ، ويروى أون على وزن فعل ، يريد الواحد منها . والعقاق - بالفتح : الحمل ، وكذلك العقق ; قال عدي بن زيد :


وتركن العير يدمى نحره     ونحوصا سمحجا فيها عقق

وقال أبو عمرو : أظهرت الأتان عقاقا - بفتح العين - إذا تبين حملها ، ويقال للجنين عقاق ; وقال :


جوانح يمزعن مزع الظبا     ء لم يتركن لبطن عقاقا

أي : جنينا ; هكذا قال الشافعي : العقاق ، بهذا المعنى في آخر كتاب الصرف ، وأما الأصمعي فإنه يقول : العقاق مصدر العقوق ، وكان أبو عمرو يقول : عقت فهي عقوق . وأعقت فهي معق ، واللغة الفصيحة أعقت فهي عقوق . وعق عن ابنه يعق ويعق : حلق عقيقته أو ذبح عنه شاة ، وفي التهذيب : يوم أسبوعه ، فقيده بالسابع ، واسم تلك الشاة العقيقة . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : في العقيقة عن الغلام شاتان مثلان ، وعن الجارية شاة ; وفيه : أنه عق عن الحسن والحسين - رضوان الله عليهما - وروي عنه أنه قال : مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى . وفي الحديث : الغلام مرتهن بعقيقته ; قيل : معناه أن أباه يحرم شفاعة ولده إذا لم يعق عنه ، وأصل العقيقة الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد ، وإنما سميت تلك الشاة التي تذبح في تلك الحال عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح ، ولهذا قال في الحديث : أميطوا عنه الأذى ، يعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه ، وهذا من الأشياء التي ربما سميت باسم غيرها إذا كانت معها أو من سببها فسميت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر . وفي الحديث : أنه سئل عن العقيقة فقال : لا أحب العقوق ، ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لها ، وإنما كره الاسم وأحب أن تسمى بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة ، جريا على عادته في تغيير الاسم القبيح . والعقيقة : صوف الجذع ، والجنيبة : صوف الثني ; قال أبو عبيد : وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة وعقيق وعقة ، بالكسر ; وأنشد لابن الرقاع يصف العير :


تحسرت عقة عنه فأنسلها     واجتاب أخرى جديدا بعدما ابتقلا
مولع بسواد في أسافله     منه احتذى وبلون مثله اكتحلا

فجعل العقيقة الشعر لا الشاة ، يقول : لما تربع وأكل بقول الربيع أنسل الشعر المولود معه وأنبت الآخر ، فاجتابه أي : اكتساه ، قال أبو منصور : ويقال لذلك الشعر عقيق ، بغير هاء ; ومنه قول الشماخ :


أطار عقيقه عنه نسالا     وأدمج دمج ذي شطن بديع

أراد شعره الذي يولد عليه أنه أنسله عنه . قال : والعق في الأصل الشق والقطع ، وسميت الشعرة التي يخرج المولود من بطن أمه وهي عليه عقيقة ; لأنها إن كانت على رأس الإنسي حلقت فقطعت ، وإن كانت على البهيمة فإنها تنسلها ، وقيل للذبيحة عقيقة لأنها تذبح فيشق حلقومها ومريئها وودجاها قطعا كما سميت ذبيحة بالذبح ، وهو الشق . ويقال للصبي إذا نشأ مع حي حتى شب وقوي فيهم . عقت تميمته في بني فلان ، والأصل في ذلك أن الصبي ما دام طفلا تعلق أمه عليه التمائم ، وهي الخرز ، تعوذه من العين ، فإذا كبر قطعت عنه ; ومنه قول الشاعر :


بلاد بها عق الشباب تميمتي     وأول أرض مس جلدي ترابها

وقال أبو عبيدة : عقيقة الصبي غرلته إذا ختن . والعقوق من البهائم : الحامل ، وقيل : هي من الحافر خاصة ، والجمع عقق وعقاق ، وقد [ ص: 232 ] أعقت ، وهي معق وعقوق ، فمعق على القياس وعقوق على غير القياس ، ولا يقال معق إلا في لغة رديئة ، وهو من النوادر . وفرس عقوق إذا انعق بطنها واتسع للولد ; وكل انشقاق فهو انعقاق ; وكل شق وخرق في الرمل وغيره فهو عق ، ومنه قيل للبرق إذا انشق عقيقة . وقال أبو حاتم في الأضداد : زعم بعض شيوخنا أن الفرس الحامل يقال لها عقوق ويقال أيضا للحائل عقوق ; وفي الحديث : أتاه رجل معه فرس عقوق أي : حائل ، قال : وأظن هذا على التفاؤل كأنهم أرادوا أنها ستحمل إن شاء الله . وفي الحديث : من أطرق مسلما فعقت له فرسه كان كأجر كذا ; عقت أي : حملت . والإعقاق بعد الإقصاص فالإقصاص في الخيل والحمر أول الحمل ثم الإعقاق بعد ذلك . والعقيقة : المزادة . والعقيقة : النهر . والعقيقة : العصابة ساعة تشق من الثوب . والعقيقة : نواة رخوة كالعجوة تؤكل . ونوى العقوق : نوى هش لين رخو الممضغة تأكله العجوز أو تلوكه تعلفه الناقة العقوق إلطافا لها ، فلذلك أضيف إليها ، وهو من كلام أهل البصرة ولا تعرفه الأعراب في باديتها . وفي المثل : أعز من الأبلق العقوق ; يضرب لما لا يكون ، وذلك أن الأبلق من صفات الذكور ، والعقوق الحامل ، والذكر لا يكون حاملا ، وإذا طلب الإنسان فوق ما يستحق قالوا : طلب الأبلق العقوق ، فكأنه طلب أمرا لا يكون أبدا ; ويقال : إن رجلا سأل معاوية أن يزوجه أمه هندا فقال : أمرها إليها وقد قعدت عن الولد وأبت أن تتزوج ، فقال : فولني مكان كذا ، فقال معاوية متمثلا :


طلب الأبلق العقوق فلما     لم ينله أراد بيض الأنوق

والأنوق : طائر يبيض في قنن الجبال ، فبيضه في حرز إلا أنه مما لا يطمع فيه ، فمعناه أنه طلب ما لا يكون ، فلما لم يجد ذلك طلب ما يطمع في الوصول إليه ، وهو مع ذلك بعيد . ومن أمثال العرب السائرة في الرجل يسأل ما لا يكون وما لا يقدر عليه : كلفتني الأبلق العقوق ، ومثله : كلفتني بيض الأنوق ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


فلو قبلوني بالعقوق أتيتهم     بألف أؤديه من المال أقرعا

يقول : لو أتيتهم بالأبلق العقوق ما قبلوني ، وقال ثعلب : لو قبلوني بالأبيض العقوق لأتيتهم بألف ، وقيل : العقوق موضع ; وأنشد ابن السكيت هذا البيت الذي أنشده ابن الأعرابي وقال : يريد ألف بعير . والعقيقة : سهم الاعتذار ; قالت الأعراب : إن أصل هذا أن يقتل رجل من القبيلة ، فيطالب القاتل بدمه ، فتجتمع جماعة من الرؤساء إلى أولياء القتيل ويعرضون عليهم الدية ويسألون العفو عن الدم ، فإن كان وليه قويا حميا أبى أخذ الدية ، وإن كان ضعيفا شاور أهل قبيلته فيقول للطالبين : إن بيننا وبين خالقنا علامة للأمر والنهي ، فيقول لهم الآخرون : ما علامتكم ؟ فيقولون : نأخذ سهما فنركبه على قوس ثم نرمي به نحو السماء فإن رجع إلينا ملطخا بالدم فقد نهينا عن أخذ الدية ، ولم يرضوا إلا بالقود ، وإن رجع نقيا كما صعد فقد أمرنا بأخذ الدية ، وصالحوا ، قال : فما رجع هذا السهم قط إلا نقيا ، ولكن لهم بهذا عذر عند جهالهم ; وقال شاعر من أهل القتيل ، وقيل من هذيل ، وقال ابن بري : هو للأشعر الجعفي وكان غائبا عن هذا الصلح :


عقوا بسهم ثم قالوا صالحوا     يا ليتني في القوم إذ مسحوا اللحى

قال : وعلامة الصلح مسح اللحى ; قال أبو منصور : وأنشد الشافعي للمتنخل الهذلي :


عقوا بسهم ولم يشعر به أحد     ثم استفاؤوا وقالوا حبذا الوضح

أخبر أنهم آثروا إبل الدية وألبانها على دم قاتل صاحبهم ، والوضح هاهنا اللبن ، ويروى : عقوا بسهم - بفتح القاف - وهو من باب المعتل . وعق بالسهم : رمى به نحو السماء . وماء عق مثل قع وعقاق : شديد المرارة ، الواحد والجمع فيه سواء . وأعقت الأرض الماء : أمرته ; وقول الجعدي :


بحرك بحر الجود ما أعقه     ربك والمحروم من لم يسقه

معناه ما أمره ، وأما ابن الأعرابي فقال : أراد ما أقعه من الماء القع وهو المر أو الملح فقلب ، وأراه لم يعرف ماء عقا لأنه لو عرفه لحمل الفعل عليه ولم يحتج إلى القلب . ويقال : ماء قعاع وعقاق إذا كان مرا غليظا ، وقد أقعه الله وأعقه . والعقيق : خرز أحمر يتخذ منه الفصوص ، الواحدة عقيقة ; ورأيت في حاشية بعض نسخ التهذيب الموثوق بها : قال أبو القاسم : سئل إبراهيم الحربي عن الحديث : " لا تختموا بالعقيق " فقال : هذا تصحيف إنما هو " لا تخيموا بالعقيق " أي : لا تقيموا به لأنه كان خرابا . والعقة : التي يلعب بها الصبيان . وعقعق الطائر بصوته : جاء وذهب . والعقعق : طائر معروف من ذلك وصوته العقعقة . قال ابن بري : وروى ثعلب عن إسحاق الموصلي أن العقعق يقال له الشججى . وفي حديث النخعي : يقتل المحرم العقعق ; قال ابن الأثير : هو طائر معروف ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب ، قال : وإنما أجاز قتله لأنه نوع من الغربان . وعقة : بطن من النمر بن قاسط ; قال الأخطل :


وموقع أثر السفار بخطمه     من سود عقة أو بني الجوال

الموقع : الذي أثر القتب في ظهره ، وبنو الجوال : في بني تغلب . ويقال للدلو إذا طلعت من البئر ملأى : قد عقت عقا ، ومن العرب من يقول : عقت تعقية ، وأصلها عققت ، فلما اجتمعت ثلاث قافات قلبوا إحداها ياء كما قالوا تظنيت من الظن ; وأنشد ابن الأعرابي :


عقت كما عقت دلوف العقبان

شبه الدلو وهي تشق هواء البئر طالعة بسرعة بالعقاب تدلف في طيرانها نحو الصيد . وعقان النخيل والكروم : ما يخرج من أصولها ، وإذا لم تقطع العقان فسدت الأصول . وقد أعقت النخلة والكرمة : أخرجت عقانها . وفي ترجمة قعع : القعقعة والعقعقة حركة القرطاس والثوب الجديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية