صفحة جزء
[ عقل ]

عقل : العقل : الحجر والنهى ضد الحمق ، والجمع عقول . وفي [ ص: 233 ] حديث عمرو بن العاص : تلك عقول كادها بارئها أي : أرادها بسوء ، عقل يعقل عقلا ومعقولا ، وهو مصدر ; قال سيبويه : هو صفة ، وكان يقول إن المصدر لا يأتي على وزن مفعول ألبتة ، ويتأول المعقول فيقول : كأنه عقل له شيء أي : حبس عليه عقله وأيد وشدد ، قال : ويستغنى بهذا عن المفعل الذي يكون مصدرا ; وأنشد ابن بري :


فقد أفادت لهم حلما وموعظة لمن يكون له إرب ومعقول

وعقل ، فهو عاقل وعقول من قوم عقلاء . ابن الأنباري : رجل عاقل ، وهو الجامع لأمره ورأيه ، مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه ، وقيل : العاقل الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها ، أخذ من قولهم قد اعتقل لسانه إذا حبس ومنع الكلام والمعقول : ما تعقله بقلبك . والمعقول : العقل ، يقال : ما له معقول أي : عقل ، وهو أحد المصادر التي جاءت على مفعول كالميسور والمعسور . وعاقله فعقله يعقله - بالضم : كان أعقل منه . والعقل : التثبت في الأمور . والعقل : القلب ، والقلب العقل ، وسمي العقل عقلا ; لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي : يحبسه ، وقيل : العقل هو التمييز الذي به يتميز الإنسان من سائر الحيوان ، ويقال : لفلان قلب عقول ، ولسان سؤول ، وقلب عقول فهم ; وعقل الشيء يعقله عقلا : فهمه . ويقال أعقلت فلانا أي : ألفيته عاقلا . وعقلته أي : صيرته عاقلا . وتعقل : تكلف العقل كما يقال تحلم وتكيس . وتعاقل : أظهر أنه عاقل فهم وليس بذاك . وفي حديث الزبرقان : أحب صبياننا إلينا الأبله العقول ; قال ابن الأثير : هو الذي يظن به الحمق فإذا فتش وجد عاقلا ، والعقول فعول منه للمبالغة . وعقل الدواء بطنه يعقله ويعقله عقلا : أمسكه ، وقيل : أمسكه بعد استطلاقه ، واسم الدواء العقول . ابن الأعرابي : يقال عقل بطنه واعتقل ، ويقال : أعطني عقولا ، فيعطيه ما يمسك بطنه . ابن شميل : إذا استطلق بطن الإنسان ثم استمسك فقد عقل بطنه ، وقد عقل الدواء بطنه سواء . واعتقل لسانه : امتسك . الأصمعي : مرض فلان فاعتقل لسانه إذا لم يقدر على الكلام ; قال ذو الرمة :


ومعتقل اللسان بغير خبل     يميد كأنه رجل أميم

واعتقل : حبس . وعقله عن حاجته يعقله وعقله وتعقله واعتقله : حبسه . وعقل البعير يعقله عقلا وعقله واعتقله : ثنى وظيفه مع ذراعه وشدهما جميعا في وسط الذراع ، وكذلك الناقة ، وذلك الحبل هو العقال ، والجمع عقل . وعقلت الإبل من العقل ، شدد للكثرة ; وقال بقيلة الأكبر وكنيته أبو المنهال :


يعقلهن جعد شيظمي     وبئس معقل الذود الظؤار

وفي الحديث : القرآن كالإبل المعقلة أي : المشدودة بالعقال ، والتشديد فيه للتكثير ; وفي حديث عمر : كتب إليه أبيات في صحيفة ، منها :


فما قلص وجدن معقلات     قفا سلع بمختلف التجار

يعني نساء معقلات لأزواجهن كما تعقل النوق عند الضراب ; ومن الأبيات أيضا :


يعقلهن جعدة من سليم

أراد أنه يتعرض لهن فكنى بالعقل عن الجماع أي : أن أزواجهن يعقلونهن ، وهو يعقلهن أيضا ، كأن البدء للأزواج والإعادة له ، وقد يعقل العرقوبان . والعقال : الرباط الذي يعقل به ، وجمعه عقل . قال أبو سعيد : ويقال عقل فلان فلانا وعكله إذا أقامه على إحدى رجليه ، وهو معقول منذ اليوم ، وكل عقل رفع . والعقل في العروض : إسقاط الياء من مفاعيلن بعد إسكانها في مفاعلتن فيصير مفاعلن ; وبيته :


منازل لفرتنى قفار     كأنما رسومها سطور

والعقل : الدية . وعقل القتيل يعقله عقلا : وداه ، وعقل عنه : أدى جنايته ، وذلك إذا لزمته دية فأعطاها عنه ، وهذا هو الفرق بين عقلته وعقلت عنه وعقلت له ; فأما قوله :


فإن كان عقل فاعقلا عن أخيكما     بنات المخاض والفصال المقاحما

فإنما عداه لأن في قوله اعقلوا معنى أدوا وأعطوا حتى كأنه قال فأديا وأعطيا عن أخيكما . ويقال : اعتقل فلان من دم صاحبه ومن طائلته إذ أخذ العقل . وعقلت له دم فلان إذا تركت القود للدية ; قالت كبشة أخت عمرو بن معدي كرب :


وأرسل عبد الله إذ حان يومه     إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي

والمرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية أي : توازيه ، معناه أن موضحتها وموضحته سواء ، فإذا بلغ العقل إلى ثلث الدية صارت دية المرأة على النصف من دية الرجل . وفي حديث ابن المسيب : المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث ديتها ، فإن جاوزت الثلث ردت إلى نصف دية الرجل ، ومعناه أن دية المرأة في الأصل على النصف من دية الرجل كما أنها ترث نصف ما يرث الذكر ، فجعلها سعيد بن المسيب تساوي الرجل فيما يكون دون ثلث الدية ، تأخذ كما يأخذ الرجل إذا جني عليها ، فلها في إصبع من أصابعها عشر من الإبل كإصبع الرجل ، وفي إصبعين من أصابعها عشرون من الإبل ، وفي ثلاث من أصابعها ثلاثون كالرجل ، فإن أصيب أربع من أصابعها ردت إلى عشرين ; لأنها جاوزت الثلث فردت إلى النصف مما للرجل ; وأما الشافعي وأهل الكوفة فإنهم جعلوا في إصبع المرأة خمسا من الإبل ، وفي إصبعين لها عشرا ، ولم يعتبروا الثلث كما فعله ابن المسيب . وفي حديث جرير : فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر لهم بنصف العقل ; إنما أمر لهم بالنصف بعد علمه بإسلامهم ، لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار ، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره فتسقط حصة جنايته من الدية ، وإنما قيل للدية عقل لأنهم كانوا يأتون بالإبل فيعقلونها بفناء ولي المقتول ، ثم كثر ذلك حتى قيل لكل دية عقل ، وإن كانت دنانير أو دراهم . وفي الحديث : أن امرأتين من هذيل اقتتلتا [ ص: 234 ] فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنها فقتلها ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديتها على عاقلة الأخرى . وفي الحديث : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدية شبه العمد والخطأ المحض على العاقلة يؤدونها في ثلاث سنين إلى ورثة المقتول ; العاقلة : هم العصبة ، وهم القرابة من قبل الأب الذين يعطون دية قتل الخطأ ، وهي صفة جماعة عاقلة ، وأصلها اسم فاعلة من العقل وهي من الصفات الغالبة ، قال : ومعرفة العاقلة أن ينظر إلى إخوة الجاني من قبل الأب فيحملون ما تحمل العاقلة ، فإن احتملوها أدوها في ثلاث سنين ، وإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جده ، فإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جد أبيه ، فإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جد أبي جده ، ثم هكذا لا ترفع عن بني أب حتى يعجزوا . قال : ومن في الديوان ومن لا ديوان له في العقل سواء ، وقال أهل العراق : هم أصحاب الدواوين ; قال إسحاق بن منصور : قلت لأحمد بن حنبل من العاقلة ؟ فقال : القبيلة إلا أنهم يحملون بقدر ما يطيقون ، قال : فإن لم تكن عاقلة لم تجعل في مال الجاني ولكن تهدر عنه ، وقال إسحاق : إذا لم تكن العاقلة أصلا فإنه يكون في بيت المال ولا تهدر الدية ; قال الأزهري : والعقل في كلام العرب الدية ، سميت عقلا لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلا لأنها كانت أموالهم ، فسميت الدية عقلا ; لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل ويسلمها إلى أوليائه ، وأصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا ، وهو حبل تثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به ; قال ابن الأثير : وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها ; قال الأزهري : وقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في دية الخطأ المحض وشبه العمد أن يغرمها عصبة القاتل ويخرج منها ولده وأبوه ، فأما دية الخطأ المحض فإنها تقسم أخماسا : عشرين ابنة مخاض ، وعشرين ابنة لبون ، وعشرين ابن لبون ، وعشرين حقة ، وعشرين جذعة ; وأما دية شبه العمد فإنها تغلظ وهي مائة بعير أيضا : منها ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة ، فعصبة القاتل إن كان القتل خطأ محضا غرموا الدية لأولياء القتيل أخماسا كما وصفت ، وإن كان القتل شبه العمد غرموها مغلظة كما وصفت في ثلاث سنين ، وهم العاقلة . ابن السكيت : يقال عقلت عن فلان إذا أعطيت عن القاتل الدية ، وقد عقلت المقتول أعقله عقلا ; قال الأصمعي : وأصله أن يأتوا بالإبل فتعقل بأفنية البيوت ، ثم كثر استعمالهم هذا الحرف حتى يقال : عقلت المقتول إذا أعطيت ديته دراهم أو دنانير ، ويقال : عقلت فلانا إذا أعطيت ديته ورثته بعد قتله وعقلت عن فلان إذا لزمته جناية فغرمت ديتها عنه . وفي الحديث : لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا أي : أن كل جناية عمد فإنها في مال الجاني خاصة ، ولا يلزم العاقلة منها شيء ، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطأ ، وكذلك إذا اعترف الجاني بالجناية من غير بينة تقوم عليه ، وإن ادعى أنها خطأ لا يقبل منه ولا يلزم بها العاقلة ; وروي : لا تعقل العاقلة العمد ولا العبد ; قال ابن الأثير : وأما العبد فهو أن يجني على حر فليس على عاقلة مولاه شيء من جناية عبده ، وإنما جنايته في رقبته ، وهو مذهب أبي حنيفة ; وقيل : هو أن يجني حر على عبد خطأ فليس على عاقلة الجاني شيء ، إنما جنايته في ماله خاصة ، وهو قول ابن أبي ليلى ، وهو موافق لكلام العرب ، إذ لو كان المعنى على الأول لكان الكلام : لا تعقل العاقلة على عبد ، ولم يكن لا تعقل عبدا ، واختاره الأصمعي وصوبه وقال : كلمت أبا يوسف القاضي في ذلك بحضرة الرشيد فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه حتى فهمته ، قال : ولا يعقل حاضر على باد ، يعني أن القتيل إذا كان في القرية فإن أهلها يلتزمون بينهم الدية ولا يلزمون أهل الحضر منها شيئا . وفي حديث عمر : أن رجلا أتاه فقال : إن ابن عمي شج موضحة ، فقال : أمن أهل القرى أم من أهل البادية ؟ فقال : من أهل البادية فقال عمر - رضي الله عنه : إنا لا نتعاقل المضغ بيننا ; معناه أن أهل القرى لا يعقلون عن أهل البادية ، ولا أهل البادية عن أهل القرى في مثل هذه الأشياء ، والعاقلة لا تحمل السن والإصبع والموضحة وأشباه ذلك ، ومعنى لا نتعاقل المضغ أي : لا نعقل بيننا ما سهل من الشجاج بل نلزمه الجاني . وتعاقل القوم دم فلان : عقلوه بينهم .

والمعقلة : الدية ، يقال : لنا عند فلان ضمد من معقلة أي : بقية من دية كانت عليه . ودمه معقلة على قومه أي : غرم يؤدونه من أموالهم . وبنو فلان على معاقلهم الأولى من الدية أي : على حال الديات التي كانت في الجاهلية يؤدونها كما كانوا يؤدونها في الجاهلية ، وعلى معاقلهم أيضا أي : على مراتب آبائهم ، وأصله من ذلك ، واحدتها معقلة . وفي الحديث : كتب بين قريش والأنصار كتابا فيه : المهاجرون من قريش على رباعتهم يتعاقلون بينهم معاقلهم الأولى أي : يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الديات وإعطائها ، وهو تفاعل من العقل . والمعاقل : الديات ، جمع معقلة . والمعاقل : حيث تعقل الإبل . ومعاقل الإبل : حيث تعقل فيها . وفلان عقال المئين : وهو الرجل الشريف إذا أسر فدي بمئين من الإبل . ويقال : فلان قيد مائة وعقال مائة إذا كان فداؤه إذا أسر مائة من الإبل ; قال يزيد بن الصعق :


أساور بيض الدارعين وأبتغي     عقال المئين في الصياع وفي الدهر

واعتقل رمحه : جعله بين ركابه وساقه . وفي حديث أم زرع : واعتقل خطيا ; اعتقال الرمح : أن يجعله الراكب تحت فخذه ويجر آخره على الأرض وراءه . واعتقل شاته : وضع رجلها بين ساقه وفخذه فحلبها . وفي حديث عمر : من اعتقل الشاة وحلبها وأكل مع أهله فقد برئ من الكبر . ويقال : اعتقل فلان الرحل إذا ثنى رجله فوضعها على المورك ; قال ذو الرمة :


أطلت اعتقال الرحل في مدلهمة     إذا شرك الموماة أودى نظامها

أي : خفيت آثار طرقها . ويقال : تعقل فلان قادمة رحله بمعنى اعتقلها ; ومنه قول النابغة :

[ ص: 235 ]

متعقلين قوادم الأكوار

قال الأزهري : سمعت أعرابيا يقول لآخر : تعقل لي بكفيك حتى أركب بعيري ، وذلك أن البعير كان قائما مثقلا ، ولو أناخه لم ينهض به وبحمله ، فجمع له يديه وشبك بين أصابعه حتى وضع فيهما رجله وركب . والعقل : اصطكاك الركبتين ، وقيل التواء في الرجل ، وقيل : هو أن يفرط الروح في الرجلين حتى يصطك العرقوبان ، وهو مذموم ; قال الجعدي يصف ناقة :


وحاجة مثل حر النار داخلة     سليتها بأمون ذمرت جملا
مطوية الزور طي البئر دوسرة     مفروشة الرجل فرشا لم يكن عقلا

وبعير أعقل وناقة عقلاء بينة العقل : وهو التواء في رجل البعير واتساع ، وقد عقل . والعقال : داء في رجل الدابة إذا مشى ظلع ساعة ثم انبسط ، وأكثر ما يعتري في الشتاء ، وخص أبو عبيد بالعقال الفرس ، وفي الصحاح : العقال ظلع يأخذ في قوائم الدابة ; وقال أحيحة بن الجلاح :


يا بني التخوم لا تظلموها     إن ظلم التخوم ذو عقال

وداء ذو عقال : لا يبرأ منه . وذو العقال : فحل من خيول العرب ينسب إليه ; قال حمزة عم النبي - صلى الله عليه وسلم :


ليس عندي إلا سلاح وورد     قارح من بنات ذي العقال
أتقي دونه المنايا بنفسي وهو     دوني يغشى صدور العوالي

قال : وذو العقال هو ابن أعوج لصلبه ابن الديناري بن الهجيسي بن زاد الركب ، قال جرير :


إن الجياد يبتن حول قبابنا     من نسل أعوج أو لذي العقال

وفي الحديث : أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - فرس يسمى ذا العقال ; قال : العقال - بالتشديد - داء في رجل الدواب ، وقد يخفف ، سمي به لدفع عين السوء عنه ; وفي الصحاح : وذو عقال اسم فرس ; قال ابن بري : والصحيح ذو العقال بلام التعريف . والعقيلة من النساء : الكريمة المخدرة ، واستعاره ابن مقبل للبقرة فقال :


عقيلة رمل دافعت في حقوفه     رخاخ الثرى والأقحوان المديما

وعقيلة القوم : سيدهم . وعقيلة كل شيء : أكرمه . وفي حديث علي - رضي الله عنه : المختص بعقائل كراماته ; جمع عقيلة ، وهي في الأصل المرأة الكريمة النفيسة ثم استعمل في الكريم من كل شيء من الذوات والمعاني ، ومنه عقائل الكلام . وعقائل البحر : درره ، واحدته عقيلة . والدرة الكبيرة الصافية : عقيلة البحر . قال ابن بري : العقيلة الدرة في صدفتها . وعقائل الإنسان : كرائم ماله . قال الأزهري : العقيلة الكريمة من النساء والإبل وغيرهما ، والجمع العقائل . وعاقول البحر : معظمه ، وقيل : موجه . وعواقيل الأودية : دراقيعها في معاطفها ، واحدها عاقول . وعواقيل الأمور : ما التبس منها . وعاقول النهر والوادي والرمل : ما اعوج منه ; وكل معطف واد عاقول ، وهو أيضا ما التبس من الأمور . وأرض عاقول : لا يهتدى لها . والعقنقل : ما ارتكم من الرمل وتعقل بعضه ببعض ، ويجمع عقنقلات وعقاقل ، وقيل : هو الحبل منه فيه حقفة وجرفة وتعقد ; قال سيبويه : هو من التعقيل ، فهو عنده ثلاثي . والعقنقل أيضا ، من الأودية : ما عظم واتسع ; قال :


إذا تلقته الدهاس خطرفا     وإن تلقته العقاقيل طفا

والعقنقل : الكثيب العظيم المتداخل الرمل ، والجمع عقاقل ، قال : وربما سموا مصارين الضب عقنقلا ; وعقنقل الضب : قانصته ، وقيل : كشيته في بطنه . وفي المثل : أطعم أخاك من عقنقل الضب ; يضرب هذا عند حثك الرجل على المواساة ، وقيل : إن هذا موضوع على الهزء . والعقل : ضرب من المشط ، يقال : عقلت المرأة شعرها عقلا ; وقال :


أنخن القرون فعقلنها     كعقل العسيف غرابيب ميلا

والقرون : خصل الشعر . والماشطة يقال لها : العاقلة . والعقل : ضرب من الوشي ، وفي المحكم : من الوشي الأحمر ، وقيل : هو ثوب أحمر يجلل به الهودج ; قال علقمة :


عقلا ورقما تكاد الطير تخطفه     كأنه من دم الأجواف مدموم

ويقال : هما ضربان من البرود . وعقل الرجل يعقله عقلا واعتقله : صرعه الشغزبية ، وهو أن يلوي رجله على رجله . ولفلان عقلة يعقل بها الناس : يعني أنه إذا صارعهم عقل أرجلهم ، وهو الشغزبية والاعتقال . ويقال أيضا : به عقلة من السحر ، وقد عملت له نشرة . والعقال : زكاة عام من الإبل والغنم ; وفي حديث معاوية : أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب فاعتدى عليهم فقال عمرو بن العداء الكلبي :


سعى عقالا فلم يترك لنا     سبدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
لأصبح الحي أوبادا ولم يجدوا     عند التفرق في الهيجا جمالين

قال ابن الأثير : نصب عقالا على الظرف ; أراد مدة عقال . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - حين امتنعت العرب عن أداء الزكاة إليه : لو منعوني عقالا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه ; قال الكسائي : العقال صدقة عام ; يقال : أخذ منهم عقال هذا العام إذا أخذت منهم صدقته ; وقال بعضهم : أراد أبو بكر - رضي الله عنه - بالعقال الحبل الذي كان يعقل به الفريضة التي كانت تؤخذ في الصدقة إذا قبضها المصدق ، وذلك أنه كان على صاحب الإبل أن يؤدي مع كل فريضة عقالا تعقل به ، ورواء أي : حبلا ، وقيل : أراد ما يساوي عقالا من حقوق الصدقة ، وقيل : إذا أخذ المصدق أعيان الإبل [ ص: 236 ] قيل أخذ عقالا ، وإذا أخذ أثمانها قيل أخذ نقدا ، وقيل : أراد بالعقال صدقة العام ; يقال : بعث فلان على عقال بني فلان إذا بعث على صدقاتهم ، واختاره أبو عبيد وقال : هو أشبه عندي ، قال الخطابي : إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقل لا بالأكثر ، وليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام ، وفي أكثر الروايات : لو منعوني عناقا ، وفي أخرى : جديا ; وقد جاء في الحديث ما يدل على القولين ، فمن الأول حديث عمر أنه كان يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواء ، فإذا جاءت إلى المدينة باعها ثم تصدق بها ، وحديث محمد بن مسلمة : أنه كان يعمل على الصدقة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يأمر الرجل إذا جاء بفريضتين أن يأتي بعقاليهما وقرانيهما ، ومن الثاني حديث عمر أنه أخر الصدقة عام الرمادة ، فلما أحيا الناس بعث عامله فقال : اعقل عنهم عقالين ، فاقسم فيهم عقالا ، وأتني بالآخر ; يريد صدقة عامين . وعلى بني فلان عقالان أي : صدقة سنتين . وعقل المصدق الصدقة إذا قبضها ويكره أن تشترى الصدقة حتى يعقلها الساعي ; يقال : لا تشتر الصدقة حتى يعقلها المصدق أي : يقبضها . والعقال : القلوص الفتية . وعقل إليه يعقل عقلا وعقولا : لجأ . وفي حديث ظبيان : إن ملوك حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها ; المعاقل : الحصون ، واحدها معقل . وفي الحديث : ليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل أي : ليتحصن ويعتصم ويلتجئ إليه كما يلتجئ الوعل إلى رأس الجبل . والعقل : الملجأ . والعقل : الحصن ، وجمعه عقول ; قال أحيحة :


وقد أعددت للحدثان عقلا     لو أن المرء ينفعه العقول

وهو المعقل ; قال الأزهري : أراه أراد بالعقول التحصن في الجبل ; يقال : وعل عاقل إذا تحصن بوزره عن الصياد ; قال : ولم أسمع العقل بمعنى المعقل لغير الليث . وفلان معقل لقومه أي : ملجأ على المثل ; قال الكميت :


لقد علم القوم أنا     لهم إزاء وأنا لهم معقل

وعقل الوعل أي : امتنع في الجبل العالي يعقل عقولا ، وبه سمي الوعل عاقلا على حد التسمية بالصفة . وعقل الظبي يعقل عقلا وعقولا : صعد وامتنع ، ومنه المعقل ، وهو الملجأ ، وبه سمي الرجل . ومعقل بن يسار : من الصحابة - رضي الله عنهم - وهو من مزينة مضر ينسب إليه نهر بالبصرة ، والرطب المعقلي . وأما معقل بن سنان من الصحابة أيضا ، فهو من أشجع . وعقل الظل يعقل إذا قام قائم الظهيرة . وأعقل القوم : عقل بهم الظل أي : لجأ وقلص عند انتصاف النهار . وعقاقيل الكرم : ما غرس منه ; أنشد ثعلب :


نجذ رقاب الأوس من كل جانب     كجذ عقاقيل الكروم خبيرها

ولم يذكر لها واحدا . وفي حديث الدجال : ثم يأتي الخصب فيعقل الكرم ; يعقل الكرم معناه يخرج العقيلي ، وهو الحصرم ، ثم يمجج أي : يطيب طعمه . وعقال الكلأ : ثلاث بقلات يبقين بعد انصرامه ، وهن السعدانة والحلب والقطبة . وعقال وعقيل وعقيل : أسماء . وعاقل : جبل ; وثناه الشاعر للضرورة فقال :


يجعلن مدفع عاقلين أيامنا     وجعلن أمعز رامتين شمالا

قال الأزهري : وعاقل اسم جبل بعينه ; وهو في شعر زهير في قوله :


لمن طلل كالوحي عاف منازله     عفا الرس منه فالرسيس فعاقله

وعقيل ، مصغر : قبيلة . ومعقلة : خبراء بالدهناء تمسك الماء ; حكاه الفارسي عن أبي زيد ; قال الأزهري : وقد رأيتها وفيها حوايا كثيرة تمسك ماء السماء دهرا طويلا ، وإنما سميت معقلة ; لأنها تمسك الماء كما يعقل الدواء البطن ; قال ذو الرمة :


حزاوية أو عوهج معقلية     ترود بأعطاف الرمال الحرائر

قال الجوهري : وقولهم : ما أعقله عنك شيئا أي : دع عنك الشك ، وهذا حرف رواه سيبويه في باب الابتداء يضمر فيه ما بني على الابتداء كأنه قال : ما أعلم شيئا مما تقول فدع عنك الشك ، ويستدل بهذا على صحة الإضمار في كلامهم للاختصار ، وكذلك قولهم : خذ عنك وسر عنك ; وقال بكر المازني : سألت أبا زيد والأصمعي وأبا مالك والأخفش عن هذا الحرف فقالوا جميعا : ما ندري ما هو ، وقال الأخفش : أنا منذ خلقت أسأل عن هذا ، قال الشيخ ابن بري الذي رواه سيبويه : ما أغفله عنك ، بالغين المعجمة والفاء ، والقاف تصحيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية