صفحة جزء
[ علا ]

علا : علو كل شيء وعلوه وعلوه وعلاوته وعاليه وعاليته : أرفعه ، يتعدى إليه الفعل بحرف وبغير حرف كقولك قعدت علوه وفي علوه . قال ابن السكيت : سفل الدار وعلوها وسفلها وعلوها ، وعلا الشيء علوا فهو علي ، وعلي وتعلى ؛ وقال بعض الرجاز :


وإن تقل يا ليته استبلا


من مرض أحرضه وبلا


تقل لأنفيه ولا تعلى

وفي حديث ابن عباس : فإذا هو يتعلى عني . أي : يترفع علي . وعلاه علوا واستعلاه واعلولاه ، وعلا به وأعلاه وعلاه وعالاه وعالى به ؛ قال :


كالثقل إذ عالى به المعلي

[ ص: 268 ] ويقال : علا فلان الجبل إذا رقيه يعلوه علوا ، وعلا فلان فلانا إذا قهره . والعلي : الرفيع . وتعالى : ترفع ؛ وقول أبي ذؤيب :


    علوناهم بالمشرفي وعريت
نصال السيوف تعتلي بالأماثل

تعتلي : تعتمد ، وعداه بالباء ؛ لأنه في معنى تذهب بهم . وأخذه من عل ومن عل ؛ قال سيبويه : حركوه كما حركوا أول حين قالوا ابدأ بهذا أول ، وقالوا : من علا وعلو ، ومن عال ومعال ؛ قال أعشى باهلة :

إني أتتني لسان لا أسر بها من علو لا عجب منها ولا سخر ويروى : من علو وعلو . أي : أتاني خبر من أعلى ؛ وأنشد يعقوب لدكين بن رجاء في أتيته من عال :


ينجيه من مثل حمام الأغلال


وقع يد عجلى ورجل شملال


ظمأى النسا من تحت ريا من عال

يعني فرسا ؛ وقال ذو الرمة في من معال :


فرج عنه حلق الأغلال


جذب العرى وجرية الجبال


ونغضان الرحل من معال

أراد فرج عن جنين الناقة حلق الأغلال - يعني : حلق الرحم - سيرنا ، وقيل : رمى به من عل الجبل أي : من فوقه ؛ وقول العجلي :


أقب من تحت عريض من علي

إنما هو محذوف المضاف إليه لأنه معرفة وفي موضع المبني على الضم ، ألا تراه قابل به ما هذه حاله ، وهو قوله : من تحت ، وينبغي أن تكتب علي في هذا الموضع بالياء ، وهو فعل في معنى فاعل ، أي : أقب من تحته ، عريض من عاليه : بمعنى أعلاه . والعالي والسافل : بمنزلة الأعلى والأسفل ؛ قال :


ما هو إلا الموت يغلي غاليه


مختلطا سافله بعاليه


لابد يوما أنني ملاقيه

وقولهم : جئت من عل أي : من أعلى كذا . قال ابن السكيت : يقال أتيته من عل ، بضم اللام ، وأتيته من علو ، بضم اللام وسكون الواو ، وأتيته من علي بياء ساكنة ، وأتيته من علو ، بسكون اللام وضم الواو ، ومن علو ومن علو .

قال الجوهري : ويقال أتيته من عل الدار بكسر اللام أي : من عال ؛ قال امرؤ القيس :


مكر مفر مقبل مدبر     معا كجلمود صخر حطه السيل من عل

وأتيته من علا ؛ قال أبو النجم :

باتت تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الفلا وأتيته من عل بضم اللام ؛ أنشد يعقوب لعدي بن زيد :

في كناس ظاهر يستره من عل الشفان هداب الفنن وأما قول أوس :

فملك بالليط الذي تحت قشرها كغرقئ بيض كنه القيض من علو فإن الواو زائدة ، وهي لإطلاق القافية ولا يجوز مثله في الكلام .

وقال الفراء في قوله تعالى : عاليهم ثياب سندس خضر قرئ عاليهم بفتح الياء ، وعاليهم بسكونها ، قال : فمن فتحها جعلها كالصفة فوقهم ، قال : والعرب تقول قومك داخل الدار ، فينصبون داخل لأنه محل ، فعاليهم من ذلك ، وقال الزجاج : لا نعرف عالي في الظروف ، قال : ولعل الفراء سمع ب " عالي " في الظروف ، قال : ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء ، ولكنه نصبه على الحال من شيئين : أحدهما من الهاء والميم في قوله تعالى : يطوف عليهم ثم قال : عاليهم ثياب سندس أي : في حال علو الثياب إياهم ، قال : ويجوز أن يكون حالا من الولدان ، قال : والنصب في هذا بين ، قال : ومن قرأ عاليهم فرفعه بالابتداء والخبر ثياب سندس ، قال : وقد قرئ عاليتهم ، بالنصب ، وعاليتهم ، بالرفع ، والقراءة بهما لا تجوز لخلافهما المصحف ، وقرئ : عليهم ثياب سندس ، وتفسير نصب عاليتهم ورفعها كتفسير عاليهم وعاليهم . والمستعلي من الحروف سبعة وهي : الخاء والغين والقاف والضاد والصاد والطاء والظاء ، وما عدا هذه الحروف فمنخفض ، ومعنى الاستعلاء أن تتصعد في الحنك الأعلى ، فأربعة منها مع استعلائها إطباق ، وأما الخاء والغين والقاف فلا إطباق مع استعلائها . والعلاء : الرفعة . والعلاء : اسم سمي بذلك ، وهو معرفة بالوضع دون اللام ، وإنما أقرت اللام بعد النقل ، وكونه علما مراعاة لمذهب الوصف فيها قبل النقل ، ويدل على تعرفه بالوضع قولهم أبو عمرو بن العلاء ، فطرحهم التنوين من عمرو إنما هو لأن ابنا مضاف إلى العلم ، فجرى مجرى قولك أبو عمرو بن بكر ، ولو كان العلاء معرفا باللام لوجب ثبوت التنوين كما تثبته مع ما تعرف باللام ، نحو جاءني أبو عمرو ابن الغلام وأبو زيد ابن الرجل ، وقد ذهب علاء وعلوا . وعلا النهار واعتلى واستعلى : ارتفع .

والعلو : العظمة والتجبر . وقال الحسن البصري ومسلم البطين في قوله تعالى : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا قال : العلو التكبر في الأرض ، وقال الحسن : الفساد المعاصي ، وقال مسلم : الفساد أخذ المال بغير حق ، وقال تعالى : إن فرعون علا في الأرض جاء في التفسير أن معناه طغى في الأرض . يقال : علا فلان في الأرض إذا استكبر وطغى . وقوله تعالى : ولتعلن علوا كبيرا معناه لتبغن ولتتعظمن . ويقال لكل متجبر : قد علا وتعظم . والله عز وجل هو العلي المتعالي العالي الأعلى ذو العلا والعلاء والمعالي ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، وهو الأعلى سبحانه بمعنى العالي ، وتفسير تعالى : جل ونبا عن كل ثناء فهو أعظم وأجل وأعلى مما يثنى عليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ قال الأزهري : وتفسير هذه الصفات لله سبحانه يقرب بعضها من بعض ، فالعلي الشريف [ ص: 269 ] فعيل من علا يعلو ، وهو بمعنى العالي ، وهو الذي ليس فوقه شيء .

ويقال : هو الذي علا الخلق فقهرهم بقدرته . وأما المتعالي : فهو الذي جل عن إفك المفترين وتنزه عن وساوس المتحيرين ، وقد يكون المتعالي بمعنى العالي . والأعلى : هو الله الذي هو أعلى من كل عال واسمه الأعلى أي : صفته أعلى الصفات ، والعلاء : الشرف ، وذو العلا : صاحب الصفات العلا ، والعلا : جمع العليا أي : جمع الصفة العليا والكلمة العليا ، ويكون العلى جمع الاسم الأعلى ، وصفة الله العليا شهادة أن لا إله إلا الله ، فهذه أعلى الصفات ، ولا يوصف بها غير الله وحده لا شريك له ، ولم يزل الله عليا عاليا متعاليا ، تعالى الله عن إلحاد الملحدين ، وهو العلي العظيم . وعلا في الجبل والمكان وعلى الدابة وكل شيء وعلاه علوا واستعلاه واعتلاه مثله ، وتعلى أي : علا في مهلة . وعلي بالكسر في المكارم والرفعة والشرف يعلى علاء ، ويقال أيضا : علا بالفتح يعلى ؛ قال رؤبة فجمع بين اللغتين :


لما علا كعبك لي عليت     دفعك دأداني وقد جويت

قال ابن سيده : كذا أنشده يعقوب وأبو عبيد :

علا كعبك لي ؛ ووجهه     عندي علا كعبك بي

أي : أعلاني ؛ لأن الهمزة والباء يتعاقبان ، وحكى اللحياني علا في هذا المعنى . ويقال : فلان تعلو عنه العين بمعنى تنبو عنه العين ، وإذا نبا الشيء عن الشيء ولم يلصق به فقد علا عنه . وفي الحديث : تعلو عنه العين أي : تنبو عنه ولا تلصق به ؛ ومنه حديث النجاشي : وكانوا بهم أعلى عينا أي : أبصر بهم وأعلم بحالهم . وفي حديث قيلة : لا يزال كعبك عاليا أي : لا تزالين شريفة مرتفعة على من يعاديك . وفي حديث حمنة بنت جحش : كانت تجلس في المركن ثم تخرج وهي عالية الدم . أي : يعلو دمها الماء . واعل على الوسادة ، أي : اقعد عليها . وأعل عنها ، أي : انزل عنها ؛ أنشد أبو بكر الإيادي لامرأة من العرب عنن عنها زوجها :


فقدتك من بعل علام تدكني بصدرك     لا تغني فتيلا ولا تعلي

أي : لا تنزل وأنت عاجز عن الإيلاج .

وعال عني وأعل عني : تنح .

وعال عنا أي : اطلب حاجتك عند غيرنا فإنا نحن لا نقدر لك عليها ، كأنك تقول : تنح عنا إلى من سوانا . وفي حديث ابن مسعود : فلما وضعت رجلي على مذمر أبي جهل قال : أعل عنج . أي : تنح عني ، وأراد بعنج : عني ، وهي لغة قوم يقلبون الياء في الوقف جيما . وعال علي أي : احمل ؛ وقول أمية بن أبي الصلت :


سلع ما ومثله عشر     ما عائل ما وعالت البيقورا

أي أن السنة الجدبة أثقلت البقر بما حملت من السلع والعشر .

ورجل عالي الكعب : شريف ثابت الشرف عالي الذكر . وفي حديث أحد : قال أبو سفيان لما انهزم المسلمون وظهروا عليهم : اعل هبل ، فقال عمر رضي الله عنه : الله أعلى وأجل ، فقال لعمر : أنعمت ، فعال عنها .

كان الرجل من قريش إذا أراد ابتداء أمر عمد إلى سهمين فكتب على أحدهما نعم ، وعلى الآخر لا ، ثم يتقدم إلى الصنم ويجيل سهامه ، فإن خرج سهم نعم أقدم ، وإن خرج سهم لا امتنع ، وكان أبو سفيان لما أراد الخروج إلى أحد استفتى هبل فخرج له سهم الإنعام ، فذلك قوله لعمر رضي الله عنه : أنعمت فعال أي : تجاف عنها ، ولا تذكرها بسوء ، يعني آلهتهم . وفي حديث : اليد العليا خير من اليد السفلى .

العليا المتعففة ، والسفلى السائلة ؛ روي ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما وروي عنه أنها المنفقة ، وقيل : العليا المعطية والسفلى الآخذة ، وقيل : السفلى المانعة . والمعلاة : كسب الشرف ؛ قال الأزهري : المعلاة مكسب الشرف ، وجمعها المعالي .

قال ابن بري : ويقال في واحدة المعالي : معلوة . ورجل علي أي : شريف ، وجمعه علية . يقال : فلان من علية الناس أي : من أشرافهم وجلتهم لا من سفلتهم ، أبدلوا من الواو ياء لضعف حجز اللام الساكنة ، ومثله صبي وصبية ، وهو جمع رجل علي أي : شريف رفيع . وفلان من علية قومه وعليهم وعليهم أي : في الشرف والكثرة . قال ابن بري : ويقال رجل علي أي : صلب ؛ قال الشاعر :


وكل علي قص أسفل ذيله فشمر     عن ساق وأوظفة عجر

ويقال : فرس علي .

والعلية والعلية جميعا : الغرفة ، على بناء حرية ، قال : وهي في التصريف فعولة ، والجمع العلالي ؛ قال الجوهري : هي فعيلة مثل مريقة ، وأصله عليوة ، فأبدلت الواو ياء وأدغمت ؛ لأن هذه الواو إذا سكن ما قبلها صحت ، كما ينسب إلى الدلو دلوي ، قال : وبعضهم يقول : هي العلية بالكسر على فعيلة ، وبعضهم يجعلها من المضاعف ، قال : وليس في الكلام فعيلة . وقال الأصمعي : العلي جمع الغرف ، واحدتها علية ؛ قال العجاج :


وبيعة لسورها علي

وقال أبو حاتم : العلالي من البيوت واحدتها علية ، قال : ووزن علية فعيلة ، العين شديدة . قال الأزهري : وعلية أكثر من علية . وفي حديث عمر رضي الله عنه : فارتقى علية . هو من ذلك ، بضم العين وكسرها . وعلا به وأعلاه وعلاه : جعله عاليا .

والعالية : أعلى القناة ، وأسفلها السافلة ، وجمعها العوالي ، وقيل : العالية القناة المستقيمة ، وقيل : هو النصف الذي يلي السنان ، وقيل : عالية الرمح رأسه ؛ وبه فسر السكري قول أبي ذؤيب :

أقبا الكشوح أبيضان كلاهما كعالية الخطي واري الأزاند أي : كل واحد منهما كرأس الرمح في مضيه . وفي حديث ابن عمر : أخذت بعالية رمح ، قال : وهي ما يلي السنان من القناة .

وعوالي الرماح : أسنتها ، واحدتها عالية ؛ ومنه قول الخنساء حين خطبها دريد بن الصمة : أترونني تاركة بني عمي كأنهم عوالي الرماح ومرتثة شيخ بني جشم . شبهتهم بعوالي الرماح لطراءة شبابهم وبريق سحنائهم وحسن وجوههم ، وقيل : عالية الرمح ما دخل في السنان إلى ثلثه ، والعالية : ما فوق أرض نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة ، وهي الحجاز وما والاها ، وفي الحديث ذكر العالية والعوالي في [ ص: 270 ] غير موضع من الحديث ، وهي أماكن بأعلى أراضي المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال ، وأبعدها من جهة نجد ثمانية ، والنسب إليها عالي على القياس ، وعلوي نادر على غير قياس ؛ وأنشد ثعلب :


أأن هب علوي يعلل فتية     بنخلة وهنا فاض منك المدامع

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : وجاء أعرابي علوي جاف . وعالوا : أتوا العالية .

قال الأزهري : عالية الحجاز أعلاها بلدا وأشرفها موضعا ، وهي بلاد واسعة ، وإذا نسبوا إليها قيل علوي ، والأنثى علوية .

ويقال : عالى الرجل وأعلى إذا أتى عالية الحجاز ونجد ؛ قال بشر بن أبي خازم :

معالية لا هم إلا محجر وحرة ليلى السهل منها فلوبها وحرة ليلى وحرة شوران وحرة بني سليم في عالية الحجاز ، وعلى السطح عليا وعليا . وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : ظلما وعليا . كل هذا عن اللحياني .

وعلى : حرف جر ، ومعناه استعلاء الشيء ، تقول : هذا على ظهر الجبل وعلى رأسه ، ويكون أيضا أن يطوي مستعليا كقولك : مر الماء عليه وأمررت يدي عليه ، وأما مررت على فلان فجرى هذا كالمثل . وعلينا أمير كقولك : عليه مال ؛ لأنه شيء اعتلاه ، وهذا كالمثل كما يثبت الشيء على المكان كذلك يثبت هذا عليه ، فقد يتسع هذا في الكلام ، ولا يريد سيبويه بقوله : عليه مال ؛ لأنه شيء اعتلاه أن اعتلاه من لفظ على ، إنما أراد أنها في معناها وليست من لفظها ، وكيف يظن ب سيبويه ذلك ، وعلى من ع ل ي واعتلاه من ع ل و ؟ وقد تأتي على بمعنى في ؛ قال أبو كبير الهذلي :


ولقد سريت على الظلام بمغشم     جلد من الفتيان غير مهبل

أي : في الظلام . ويجيء على في الكلام وهو اسم ، ولا يكون إلا ظرفا ، ويدلك على أنه اسم قول بعض العرب نهض من عليه ؛ قال مزاحم العقيلي :


غدت من عليه بعدما تم ظمؤها     تصل وعن قيض بزيزاء مجهل

وهو بمعنى عند ؛ وهذا البيت معناه غدت من عنده . وقوله في الحديث : فإذا انقطع من عليها رجع إليه الإيمان .

أي : من فوقها ، وقيل من عندها . وقالوا : رميت على القوس ورميت عنها ، ولا يقال رميت بها ؛ قال :


أرمي عليها وهي فرع أجمع

وفي الحديث : من صام الدهر ضيقت عليه جهنم .

قال ابن الأثير : حمل بعضهم هذا الحديث على ظاهره وجعله عقوبة لصائم الدهر ، كأنه كره صوم الدهر ، ويشهد لذلك منعه عبد الله بن عمرو عن صوم الدهر وكراهيته له ، وفيه بعد ؛ لأن صوم الدهر بالجملة قربة ، وقد صامه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله فما يستحق فاعله تضييق جهنم عليه ؛ وذهب آخرون إلى أن على هنا بمعنى عن . أي : ضيقت عنه فلا يدخلها ، وعن وعلى يتداخلان ؛ ومنه حديث أبي سفيان : لولا أن يأثروا علي الكذب لكذبت .

أي : يرووا عني . وقالوا : ثبت عليه مال أي : كثر ، وكذلك يقال : عليه مال ، يريدون ذلك المعنى ، ولا يقال له مال إلا من العين كما لا يقال عليه مال إلا من غير العين .

قال ابن جني : وقد يستعمل على في الأفعال الشاقة المستثقلة ، تقول : قد سرنا عشرا وبقيت علينا ليلتان ، وقد حفظت القرآن وبقيت علي منه سورتان ، وقد صمنا عشرين من الشهر وبقيت علينا عشر ، كذلك يقال في الاعتداد على الإنسان بذنوبه وقبح أفعاله ، وإنما اطردت على في هذه الأفعال من حيث كانت على في الأصل للاستعلاء والتفرع ، فلما كانت هذه الأحوال كلفا ، ومشاق تخفض الإنسان وتضعه وتعلوه وتتفرعه حتى يخنع لها ويخضع لما يتسداه منها ، كان ذلك من مواضع على ، ألا تراهم يقولون هذا لك وهذا عليك ، فتستعمل اللام فيما تؤثره وعلى فيما تكرهه ؟ وقالت الخنساء :


سأحمل نفسي على آلة     فإما عليها وإما لها وعليك

: من أسماء الفعل المغرى به ، تقول عليك زيدا أي : خذه ، وعليك بزيد كذلك ؛ قال الجوهري : لما كثر استعماله صار بمنزلة هلم ، وإن كان أصله الارتفاع ، وفسر ثعلب معنى قوله عليك بزيد فقال : لم يجئ بالفعل وجاء بالصفة فصارت كالكناية عن الفعل ، فكأنك إذا قلت عليك بزيد قلت افعل بزيد مثل ما تكني عن ضربت فتقول فعلت به . وفي الحديث : عليكم بكذا أي : افعلوه ، وهو اسم للفعل بمعنى خذ ، يقال : عليك زيدا وعليك بزيد أي : خذه . قال ابن جني : ليس زيدا من قولك عليك زيدا منصوبا بخذ الذي دلت عليه عليك ، إنما هو منصوب بنفس عليك من حيث كان اسما لفعل متعد . قال الأزهري : على لها معان والقراء كلهم يفخمونها ؛ لأنها حرف أداة .

قال أبو العباس في قوله تعالى : على رجل منكم جاء في التفسير : مع رجل منكم كما تقول جاءني الخير على وجهك ومع وجهك . وفي حديث زكاة الفطر : على كل حر وعبد صاع .

قال : على بمعنى مع ؛ لأن العبد لا تجب عليه الفطرة وإنما تجب على سيده . قال ابن كيسان : عليك ودونك وعندك إذا جعلن أخبارا فعن الأسماء ، كقولك : عليك ثوب وعندك مال ودونك مال ، ويجعلن إغراء فتجرى مجرى الفعل فينصبن الأسماء ، كقولك : عليك زيدا ودونك وعندك خالدا أي : الزمه وخذه ، وأما الصفات سواهن فيرفعن إذا جعلت أخبارا ولا يغرى بها . ويقولون : عليه دين ، ورأيته على أوفاز كأنه يريد النهوض . وتجيء على بمعنى عن ؛ قال الله عز وجل : إذا اكتالوا على الناس يستوفون معناه إذا اكتالوا عنهم . قال الجوهري : على لها ثلاثة مواضع ؛ قال المبرد : هي لفظة مشتركة للاسم والفعل والحرف لا أن الاسم هو الحرف أو الفعل ، ولكن يتفق الاسم والحرف في اللفظ ، ألا ترى أنك تقول على زيد ثوب ، فعلى هذه حرف ، وتقول علا زيدا ثوب ، فعلا هذه فعل من علا يعلو ؛ قالطرفة :

[ ص: 271 ] وتساقى القوم كأسا مرة وعلا الخيل دماء كالشقر ويروى : على الخيل .

قال سيبويه : ألف علا زيدا ثوب منقلبة من واو ، إلا أنها تقلب مع المضمر ياء ، تقول عليك ، وبعض العرب يتركها على حالها ؛ قال الراجز :


أي قلوص راكب تراها     فاشدد بمثني حقب حقواها
نادية وناديا أباها طاروا     علاهن فطر علاها

ويقال : هي بلغة بلحارث بن كعب .

قال ابن بري : أنشده أبو زيد :


ناجية وناجيا أباها

قال : وكذلك أنشده الجوهري في ترجمة نجا .

وقال أبو حاتم : سألت أبا عبيدة عن هذا الشعر فقال لي : انقط عليه ، هذا من قول المفضل . وعلى : حرف خافض ، وقد تكون اسما يدخل عليه حرف ؛ قال يزيد بن الطثرية :


غدت من عليه تنقض الطل بعدما     رأت حاجب الشمس استوى فترفعا

أي : غدت من فوقه ؛ لأن حرف الجر لا يدخل على حرف الجر ، وقولهم : كان كذا على عهد فلان . أي : في عهده ، وقد يوضع موضع من كقوله تعالى : إذا اكتالوا على الناس يستوفون أي : من الناس . وتقول : علي زيدا وعلي بزيد ؛ معناه أعطني زيدا ؛ قال ابن بري : وتكون على بمعنى الباء ؛ قال أبو ذؤيب :


    وكأنهن ربابة وكأنه يسر
يفيض على القداح ويصدع

أي : بالقداح . وعلى : صفة من الصفات ، وللعرب فيها لغتان : كنت على السطح وكنت أعلى السطح ؛ قال الزجاج في قوله عليهم وإليهم : الأصل علاهم وإلاهم كما تقول إلى زيد وعلى زيد ، إلا أن الألف غيرت مع المضمر فأبدلت ياء لتفصل بين الألف التي في آخر المتمكنة وبين الألف في آخر غير المتمكنة التي الإضافة لازمة لها ، ألا ترى أن على ولدى وإلى لا تنفرد من الإضافة ؟ ولذلك قالت العرب في كلا في حال النصب والجر : رأيت كليهما وكليكما ومررت بكليهما ، ففصلت بين الإضافة إلى المظهر والمضمر لما كانت كلا لا تنفرد ، ولا تكون كلاما إلا بالإضافة .

والعلاوة : أعلى الرأس ، وقيل : أعلى العنق . يقال : ضربت علاوته أي : رأسه وعنقه . والعلاوة أيضا : رأس الإنسان ما دام في عنقه .

والعلاوة : ما يحمل على البعير وغيره ، وهو ما وضع بين العدلين ، وقيل : علاوة كل شيء ما زاد عليه .

يقال : أعطاه ألفا ودينارا علاوة ، وأعطاه ألفين وخمسمائة علاوة ، وجمع العلاوة علاوى مثل هراوة وهراوى .

وفي حديث معاوية : قال للبيد الشاعر : كم عطاؤك ؟ فقال : ألفان وخمسمائة فقال : ما بال العلاوة بين الفودين ؟ العلاوة : ما عولي فوق الحمل وزيد عليه ، والفودان : العدلان .

ويقال : عل علاواك على الأحمال وعالها .

والعلاوة : كل ما عليت به على البعير بعد تمام الوقر أو علقته عليه نحو السقاء والسفود ، والجمع العلاوى مثل إداوة وأداوى . والعلياء : رأس الجبل ، وفي التهذيب : رأس كل جبل مشرف ، وقيل : كل ما علا من الشيء ؛ قال زهير :


تبصر خليلي هل ترى من ظعائن     تحملن بالعلياء من فوق جرثم

والعلياء : السماء اسم لها ، وليس بصفة ، وأصله الواو إلا أنه شذ . والسماوات العلى : جمع السماء العليا ، والثنايا العليا والثنايا السفلى .

يقال للجماعة : عليا وسفلى ، لتأنيث الجماعة ؛ ومنه قوله تعالى : لنريك من آياتنا الكبرى ولم يقل الكبر ، وهو بمنزلة الأسماء الحسنى ، وبمنزلة قوله تعالى : ولي فيها مآرب أخرى . والعلياء : كل مكان مشرف وفي شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم :


حتى احتوى بيتك المهيمن     من خندف علياء تحتها النطق

قال : علياء اسم المكان المرتفع كاليفاع ، وليست بتأنيث الأعلى ؛ لأنها جاءت منكرة ، وفعلاء أفعل يلزمها التعريف .

والعليا : اسم للمكان العالي ، وللفعلة العالية على المثل ، صارت الواو فيها ياء ؛ لأن فعلى إذا كانت اسما من ذوات الواو أبدلت واوه ياء ، كما أبدلوا الواو مكان الياء في فعلى إذا كانت اسما فأدخلوها عليها في فعلى لتتكافآ في التغير ؛ قال ابن سيده : هذا قول سيبويه . ويقال : نزل فلان بعالية الوادي وسافلته ، فعاليته حيث ينحدر الماء منه ، وسافلته حيث ينصب إليه .

وعلا حاجته واستعلاها : ظهر عليها ، وعلا قرنه واستعلاه كذلك .

ورجل علو للرجال على مثال عدو ؛ عن ابن الأعرابي ، ولم يستثنها يعقوب في الأشياء التي حصرها كحسو وفسو ، وكل من قهر رجلا أو عدوا فإنه يقال علاه واعتلاه واستعلاه ، واستعلى عليه ، واستعلى على الناس : غلبهم وقهرهم وعلاهم .

قال الله عز وجل : وقد أفلح اليوم من استعلى قال الليث : الفرس إذا بلغ الغاية في الرهان يقال قد استعلى على الغاية . وعلوت الرجل : غلبته ، وعلوته بالسيف : ضربته . والعلو : ارتفاع أصل البناء . وقالوا في النداء : تعال أي : اعل ، ولا يستعمل في غير الأمر .

والتعالي : الارتفاع .

قال الأزهري : تقول العرب في النداء للرجل تعال بفتح اللام ، وللاثنين تعاليا ، وللرجال تعالوا ، وللمرأة تعالي ، وللنساء تعالين ، ولا يبالون أين يكون المدعو في مكان أعلى من مكان الداعي أو مكان دونه ، ولا يجوز أن يقال منه تعاليت ، ولا ينهى عنه . وتقول : تعاليت وإلى أي شيء أتعالى . وعلا بالأمر : اضطلع به واستقل ؛ قال كعب بن سعد الغنوي يخاطب ابنه علي بن كعب ، وقيل هو لعلي بن عدي الغنوي المعروف بابن الغدير :

اعمد لما تعلو فما لك بالذي لا تستطيع من الأمور يدان هكذا أورده الجوهري ؛ قال ابن بري : صوابه فاعمد بالفاء ؛ لأن قبله :

وإذا رأيت المرء يشعب أمره شعب العصا ويلج في العصيان يقول : إذا رأيت المرء يسعى في فساد حاله ويلج في عصيانك ومخالفة أمرك فيما يفسد حاله فدعه واعمد لما تستقل به من الأمر وتضطلع [ ص: 272 ] به ، إذ لا قوة لك على من لا يوافقك . وعلا الفرس : ركبه . وأعلى عنه : نزل . وعلى المتاع عن الدابة : أنزله ، ولا يقال أعلاه في هذا المعنى إلا مستكرها .

وعالوا نعيه : أظهروه ؛ عن ابن الأعرابي ، قال : ولا يقال أعلوه ولا علوه .

ابن الأعرابي : تعلى فلان إذا هجم على قوم بغير إذن ، وكذلك دمق ودمر . ويقال : عاليته على الحمار وعليته عليه ؛ وأنشد ابن السكيت :


عاليت أنساعي وجلب الكور     على سراة رائح ممطور

وقال :

فإلا تجللها يعالوك فوقها وكيف توقى ظهر ما أنت راكبه أي : يعلوك فوقها ؛ وقال رؤبة :


وإن هوى العاثر قلنا دعدعا     له وعالينا بتنعيش لعا

أبو سعيد : علوت على فلان الريح . أي : كنت في علاوتها .

ويقال : لا تعل الريح على الصيد فيراح ريحك وينفر . ويقال : كن في علاوة الريح وسفالتها ، فعلاوتها أن تكون فوق الصيد ، وسفالتها أن تكون تحت الصيد لئلا يجد الوحش رائحتك .

ويقال : أتيت الناقة من قبل مستعلاها أي : من قبل إنسيها .

والمعلى بفتح اللام : القدح السابع في الميسر ، وهو أفضلها ، إذا فاز حاز سبعة أنصباء من الجزور .

وقال اللحياني : وله سبعة قروض وله غنم سبعة أنصباء إن فاز ، وعليه غرم سبعة أنصباء إن لم يفز . والعلاة : الصخرة ، وقيل : صخرة يجعل لها إطار من الأخثاء ومن اللبن والرماد ثم يطبخ فيها الأقط ، وتجمع علا ؛ وأنشد أبو عبيد :


وقالوا عليكم عاصما     نستغث به رويدك حتى
يصفق البهم عاصم     وحتى ترى أن العلاة
تمدها جخادية والرائحات الرواسم

يريد : أن تلك العلاة يزيد فيها جخادية ، وهي قربة ملأى لبنا أو غرارة ملأى تمرا أو حنطة ، يصب منها في العلاة للتأقيط ، فذلك مدها فيها . قال الجوهري : والعلاة حجر يجعل عليه الأقط ؛ قال مبشر بن هذيل الشمجي :


لا ينفع الشاوي فيها شاته     ولا حماراه ولا علاته

والعلاة : الزبرة التي يضرب عليها الحداد الحديد . والعلاة : السندان .

وفي حديث عطاء في مهبط آدم : هبط بالعلاة .

وهي السندان ، والجمع العلا . ويقال للناقة : علاة ، تشبه بها في صلابتها ، يقال : ناقة علاة الخلق ؛ قال الشاعر :

ومتلف بين موماة بمهلكة جاوزتها بعلاة الخلق عليان أي : طويلة جسيمة . وذكر ابن بري عن الفراء أنه قال : ناقة عليان بكسر العين وذكر أبو علي أنه يقال : رجل عليان وعليان ، وأصل الياء واو انقلبت ياء كما قالوا صبية وصبيان ؛ وعليه قول الأجلح :


تقدمها كل علاة عليان

ويقال : رجل عليان مثل عطشان ، وكذلك المرأة ، يستوي فيه المذكر والمؤنث . وفي التنزيل : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد قيل في تفسيره : أنزل العلاة والمر . وعلى الحبل : أعاده إلى موضعه من البكرة يعليه ، ويقال للرجل الذي يرد حبل المستقي بالبكرة إلى موضعه منها إذا مرس المعلي والرشاء المعلى . وقال أبو عمرو : التعلية أن ينتأ بعض الطي أسفل البئر فينزل رجل في البئر يعلي الدلو عن الحجر الناتئ ؛ وأنشد لعدي :


كهوي الدلو نزاها المعل

أراد المعلي وقال :


لو أن سلمى أبصرت مطلي     تمتح أو تدلج أو تعلي

وقيل : المعلي الذي يرفع الدلو مملوءة إلى فوق يعين المستقي بذلك . وعلوان الكتاب : سمته كعنوانه ، وقد عليته ، هذا أقيس .

ويقال : علونته علونة وعلوانا وعنونته عنونة وعنوانا . قال أبو زيد : علوان كل شيء ما علا منه ، وهو العنوان ؛ وأنشد :


وحاجة دون أخرى قد سمحت     بها جعلتها للذي أخفيت عنوانا

أي : أظهرت حاجة وكتمت أخرى ، وهي التي أريغ فصارت هذه عنوانا لما أردت .

قال الأزهري : العرب تبدل اللام من النون في حروف كثيرة مثل لعلك ولعنك ، وعتله إلى السجن وعتنه ، وكأن علوان الكتاب اللام فيه مبدلة من النون ، وقد مضى تفسيره .

ورجل عليان وعليان : ضخم طويل ، والأنثى بالهاء . وناقة عليان : طويلة جسيمة ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


أنشد من خوارة عليان     مضبورة الكاهل كالبنيان

وقال اللحياني : ناقة علاة وعلية وعليان مرتفعة السير لا ترى أبدا إلا أمام الركاب .

والعليان : الطويل من الضباع ، وقيل : الذكر من الضباع ، قال الأزهري : هذا تصحيف وإنما يقال لذكر الضباع عثيان بالثاء فصحفه الليث وجعل بدل الثاء لاما ، وقد تقدم ذكره . وبعير عليان : ضخم ؛ وقال اللحياني : هو القديم الضخم . وصوت عليان : جهير ؛ عنه أيضا ، والياء في كل ذلك منقلبة عن واو لقرب الكسرة وخفاء اللام بمشابهتها النون مع السكون . والعلاية : موضع ؛ قال أبو ذؤيب :


فما أم خشف بالعلاية فارد تنوش     البرير حيث نال اهتصارها

قال ابن جني : الياء في العلاية بدل عن واو ، وذلك أنا لا نعرف في الكلام تصريف ع ل ي ، إنما هو ع ل و ، فكأنه في الأصل علاوة ، إلا أنه غير إلى الياء من حيث كان علما ، والأعلام مما يكثر فيها التغيير والخلاف كموهب وحيوة ومحبب ، وقد قالوا : الشكاية ، فهذه نظير العلاية ، إلا أن هذا ليس بعلم . وفي الحديث ذكر العلا بالضم والقصر : هو موضع من ناحية وادي القرى نزله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك وبه مسجد . واعتلى الشيء : قوي عليه وعلاه ؛ قال :

[ ص: 273 ]

إني إذا ما لم تصلني خلتي     وتباعدت مني اعتليت بعادها

أي : علوت بعادها ببعاد أشد منه ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي لبعض ولد بلال بن جرير :


لعمرك إني يوم فيد لمعتل بما     ساء أعدائي على كثرة الزجر

فسره فقال : معتل عال قادر قاهر . والعلي : الصلب الشديد القوي . وعالية تميم : هم بنو عمرو بن تميم ، وهم بنو الهجيم والعنبر ومازن . وعليا مضر : أعلاها ، وهم قريش وقيس . والعلية من الإبل والمعتلية والمستعلية : القوية على حملها . وللناقة حالبان : أحدهما يمسك العلبة من الجانب الأيمن ، والآخر يحلب من الجانب الأيسر ، فالذي يحلب يسمى المعلي والمستعلي ، والذي يمسك يسمى البائن ؛ قال الأزهري : المستعلي هو الذي يقوم على يسار الحلوبة ، والبائن الذي يقوم على يمينها ، والمستعلي يأخذ العلبة بيده اليسرى ويحلب باليمنى ؛ وقال الكميت في المستعلي والبائن :

يبشر مستعليا بائن من الحالبين بأن لا غرارا والمستعلي الذي يحلبها من شقها الأيسر ، والبائن من الأيمن . قال الجوهري : المعلي بكسر اللام الذي يأتي الحلوبة من قبل يمينها . والعلاة أيضا : شبيه بالعلبة يجعل حواليها الخثي ، يحلب بها . وناقة علاة : عالية مشرفة ؛ قال :


حرف علنداة علاة ضمعج

ويقال : علية حلية أي : حلوة المنظر والسير علية فائقة . والعلاة : فرس عمرو بن جبلة ، صفة غالبة .

وعولي السمن والشحم في كل ذي سمن : صنع حتى ارتفع في الصنعة ؛ عن اللحياني ؛ وأنشد غيره قول طرفة :


لها عضدان عولي النحض فيهما     كأنهما بابا منيف ممرد

وحكى اللحياني عن العامرية : كان لي أخ هني علي أي : يتأنث للنساء . وعلي : اسم ، فإما أن يكون من القوة ، وإما أن يكون من علا يعلو . وعليون : جماعة علي في السماء السابعة إليه يصعد بأرواح المؤمنين . وقوله تعالى : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين أي : في أعلى الأمكنة . يقول القائل : كيف جمعت عليون بالنون وهذا من جمع الرجال ؟ قال : والعرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين ، وقالوا في المذكر والمؤنث بالنون من ذلك عليون ، وهو شيء فوق شيء غير معروف واحده ولا اثناه . قال : وسمعت العرب تقول أطعمنا مرقة مرقين ؛ تريد اللحمان إذا طبخت بماء واحد ؛ وأنشد :

قد رويت إلا دهيدهينا قليصات وأبيكرينا فجمع بالنون ؛ لأنه أراد العدد الذي لا يحد آخره ؛ وكذلك قول الشاعر :


فأصبحت المذاهب قد أذاعت     بها الإعصار بعد الوابلينا

أراد المطر بعد المطر غير محدود ، وكذلك عليون ارتفاع بعد ارتفاع .

قال أبو إسحاق في قوله جل وعز : لفي عليين أي : في أعلى الأمكنة وما أدراك ما عليون قال : وإعراب هذا الاسم كإعراب الجمع ؛ لأنه على لفظ الجمع كما تقول هذه قنسرون ورأيت قنسرين ، وعليون السماء السابعة ؛ قال الأزهري : ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن أهل الجنة ليتراءون أهل عليين كما تراءون الكوكب الدري في أفق السماء .

قال ابن الأثير : عليون اسم للسماء السابعة ، وقيل : هو اسم لديوان الملائكة الحفظة يرفع إليه أعمال الصالحين من العباد ، وقيل : أراد أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله في الدار الآخرة ، ويعرب بالحروف والحركات كقنسرين وأشباهها ، على أنه جمع أو واحد ؛ قال أبو سعيد : هذه كلمة معروفة عند العرب أن يقولوا لأهل الشرف في الدنيا والثروة والغنى : أهل عليين ، فإذا كانوا متضعين قالوا سفليون . والعليون في كلام العرب : الذين ينزلون أعالي البلاد ، فإذا كانوا ينزلون أسافلها فهم سفليون . ويقال : هذه الكلمة تستعلي لساني إذا كانت تعتره وتجري عليه كثيرا . وتقول العرب : ذهب الرجل علاء وعلوا ولم يذهب سفلا إذا ارتفع . وتعلت المرأة : طهرت من نفاسها . وفي حديث سبيعة : أنها لما تعلت من نفاسها أي : خرجت من نفاسها وسلمت ، وقيل : تشوفت لخطابها ، ويروى : تعالت أي : ارتفعت وظهرت ، قال : ويجوز أن يكون من قولهم تعلى الرجل من علته إذا برأ ؛ ومنه قول الشاعر :


ولا ذات بعل من نفاس تعلت

وتعلى المريض من علته : أفاق منها . ويعلى : اسم ؛ فأما قوله :


قد عجبت مني ومن يعيليا     لما رأتني خلقا مقلوليا

فإنه أراد من يعيلي فرده إلى أصله بأن حرك الياء ضرورة ، وأصل الياءات الحركة ، وإنما لم ينون ؛ لأنه لا ينصرف . قال الجوهري : ويعيلي مصغر : اسم رجل ، قال ابن بري : صوابه يعيل ، وإذا نسب الرجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا علوي ، وإذا نسبوا إلى بني علي وهم قبيلة من كنانة قالوا هؤلاء العليون ؛ وروي عن ابن الأعرابي في قوله :


بنو علي كلهم سواء

قال : بنو علي من بني العبلات من بني أمية الأصغر ، كان ولي من بعد طلحة الطلحات ؛ لأن أمهم عبلة بنت حادل من البراجم ، وهي أم ولد ابن أمية الأصغر . وعلوان ومعلى : اسمان ، والنسب إلى معلى معلوي . وتعلى : اسم امرأة . وأخذ مالي علوة أي : عنوة ؛ حكاها اللحياني عن الرؤاسي . وحكى أيضا أنه يقال للكثير المال : اعل به أي : ابق بعده ، قال ابن سيده : وعندي أنه دعاء له بالبقاء ؛ وقول طفيل الغنوي :


ونحن منعنا يوم حرس نساءكم     غداة دعانا عامر غير معتل

إنما أراد مؤتلي ، فحول الهمزة عينا . يقال : فلان غير مؤتل في الأمر وغير معتل أي : غير مقصر . والمعتلي : فرس عقبة بن مدلج .

والمعلي [ ص: 274 ] أيضا : اسم فرس الأشعر الشاعر . وعلوى : اسم فرس سليك . وعلوى : اسم فرس خفاف بن ندبة ، وهي التي يقول فيها :


وقفت له علوى وقد خام صحبتي     لأبني مجدا أو لأثأر هالكا

وقيل : علوى فرس خفاف بن عمير . قال الأزهري : وعلوى اسم فرس كانت من سوابق خيل العرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية