صفحة جزء
[ بعل ]

بعل : البعل : الأرض المرتفعة التي لا يصيبها مطر إلا مرة واحدة في السنة ، وقال الجوهري : لا يصيبها سيح ولا سيل ; قال سلامة بن جندل :


إذا ما علونا ظهر بعل عريضة تخال عليها قيض بيض مفلق .



أنثها على معنى الأرض ، وقيل : البعل كل شجر أو زرع لا يسقى ، وقيل : البعل والعذي واحد ، وهو ما سقته السماء ، وقد استبعل الموضع . والبعل من النخل : ما شرب بعروقه من غير سقي ولا ماء سماء ، وقيل : هو ما اكتفى بماء السماء ، وبه فسر ابن دريد ما في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكيدر بن عبد الملك : " لكم الضامنة من النخل ولنا الضاحية من البعل " ، الضامنة : ما أطاف به سور المدينة ، والضاحية : ما كان خارجا أي التي ظهرت وخرجت عن العمارة من هذا النخيل ; وأنشد :


أقسمت لا يذهب عني بعلها     أو يستوي جثيثها وجعلها .



وفي حديث صدقة النخل : ما سقي منه بعلا ففيه العشر ، هو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها . قال الأصمعي : البعل ما شرب بعروقه من الأرض بغير سقي من سماء ولا غيرها . والبعل : ما أعطي من الإتاوة على سقي النخل ، قال عبد الله بن رواحة الأنصاري :


هنالك لا أبالي نخل بعل     ولا سقي ، وإن عظم الإتاء .



قال الأزهري : وقد ذكره القتيبي في الحروف التي ذكر أنه أصلح الغلط الذي وقع فيها وألفيته يتعجب من قول الأصمعي : البعل ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي من سماء ولا غيرها ، وقال : ليت شعري ! أنى يكون هذا النخل الذي لا يسقى من سماء ولا غيرها ؟ وتوهم أنه يصلح غلطا فجاء بأطم غلط ، وجهل ما قاله الأصمعي ، وحمله جهله على التخبط فيما لا يعرفه ; قال : فرأيت أن أذكر أصناف النخيل لتقف عليها فيتضح لك ما قاله الأصمعي : فمن النخيل : السقي ويقال المسقوي وهو الذي يسقى بماء الأنهار والعيون الجارية ، ومن السقي ما يسقى نضحا بالدلاء والنواعير وما أشبهها فهذا صنف ، ومنها العذي وهو ما نبت منها في الأرض السهلة ، فإذا مطرت نشفت السهولة ماء المطر فعاشت عروقها بالثرى الباطن تحت الأرض ، ويجيء ثمرها قعقاعا ; لأنه لا يكون ريان كالسقي ، ويسمى التمر إذا جاء كذلك قسبا وسحا ، والصنف الثالث من النخيل ما نبت وديه في أرض يقرب ماؤها الذي خلقه الله تعالى تحت الأرض في رقات الأرض ذات النز ، فرسخت عروقها في ذلك الماء الذي تحت الأرض ، واستغنت عن سقي السماء وعن إجراء ماء الأنهار وسقيها نضحا بالدلاء ، وهذا الضرب هو البعل الذي فسره الأصمعي ، وتمر هذا الضرب من التمر أن لا يكون ريان ولا سحا ، ولكن يكون بينهما ، وهكذا فسر الشافعي البعل في باب القسم فقال : البعل ما رسخ عروقه في الماء فاستغنى عن أن يسقى ، قال الأزهري : وقد رأيت بناحية البيضاء من بلاد جذيمة عبد القيس نخلا كثيرا عروقها راسخة في الماء ، وهي مستغنية عن السقي وعن ماء السماء تسمى بعلا . واستبعل الموضع والنخل : صار بعلا راسخ العروق في الماء مستغنيا عن السقي وعن إجراء الماء في نهر أو عاثور إليه . وفي الحديث : العجوة شفاء من السم ونزل بعلها من الجنة أي أصلها ، قال الأزهري : أراد ببعلها قسبها الراسخة عروقه في الماء لا يسقى بنضح ولا غيره ويجيء تمره يابسا له صوت . واستبعل النخل إذا صار بعلا وقد ورد في حديث عروة : فما زال وارثه بعليا حتى مات أي غنيا ذا نخل ومال ، قال الخطابي : لا أدري ما هذا إلا أن يكون منسوبا إلى بعل النخل يريد أنه اقتنى نخلا كثيرا فنسب إليه ، أو يكون من البعل : المالك والرئيس ، أي ما زال رئيسا متملكا . والبعل : الذكر من النخل . قال الليث : البعل من النخل ما هو من الغلط الذي ذكرناه عن القتبي ، زعم أن البعل الذكر من النخل والناس يسمونه الفحل ، قال الأزهري : وهذا غلط فاحش وكأنه اعتبر هذا التفسير من لفظ البعل الذي معناه الزوج ; قال : قلت وبعل النخل التي تلقح فتحمل ، وأما الفحال فإن تمره ينتفض ، وإنما يلقح بطلعه طلع الإناث إذا انشق . والبعل : الزوج . قال الليث : بعل يبعل بعولة ، فهو باعل أي مستعلج ، قال الأزهري : وهذا من أغاليط الليث أيضا وإنما سمي زوج المرأة بعلا لأنه سيدها ومالكها وليس من الاستعلاج في شيء ، وقد بعل يبعل بعلا إذا صار بعلا لها . وقوله تعالى : وهذا بعلي [ ص: 116 ] شيخا ; قال الزجاج : نصب ( شيخا ) على الحال ; قال : والحال هاهنا نصبها من غامض النحو ، وذلك إذا قلت : هذا زيد قائما ، فإن كنت تقصد أن تخبر من لم يعرف زيدا أنه زيد لم يجز أن تقول هذا زيد قائما ; لأنه يكون زيدا ما دام قائما فإذا زال عن القيام فليس بزيد ، وإنما تقول للذي يعرف زيدا هذا زيد قائما ، فيعمل في الحال التنبيه ، المعنى : انتبه لزيد في حال قيامه أو أشير إلى زيد في حال قيامه ; لأن هذا إشارة إلى من حضر ، والنصب الوجه كما ذكرنا ، ومن قرأ : هذا بعلي شيخ ، ففيه وجوه : أحدها التكرير كأنك قلت : هذا بعلي هذا شيخ ، ويجوز أن يجعل شيخ مبينا عن هذا ، ويجوز أن يجعل بعلي وشيخ جميعا خبرين عن هذا فترفعهما جميعا بهذا ، كما تقول : هذا حلو حامض ، وجمع البعل ، الزوج بعال وبعول وبعولة ، قال الله - عز وجل - : وبعولتهن أحق بردهن . وفي حديث ابن مسعود : إلا امرأة يئست من البعولة ، قال ابن الأثير : الهاء فيها لتأنيث الجمع ; قال : ويجوز أن تكون البعولة مصدر بعلت المرأة أي صارت ذات بعل ، قال سيبويه : ألحقوا الهاء لتأكيد التأنيث ، والأنثى بعل وبعلة مثل زوج وزوجة ، قال الراجز :


شر قرين للكبير بعلته     تولغ كلبا سؤره أو تكفته .



وبعل يبعل بعولة وهو بعل : صار بعلا ; قال :


يا رب بعل ساء ما كان بعل .



واستبعل : كبعل . وتبعلت المرأة : أطاعت بعلها ، وتبعلت له : تزينت . وامرأة حسنة التبعل إذا كانت مطاوعة لزوجها محبة له . وفي حديث أسماء الأشهلية : إذا أحسنتن تبعل أزواجكن ، أي مصاحبتهم في الزوجية والعشرة . والبعل والتبعل : حسن العشرة من الزوجين .

والبعال : حديث العروسين . والتباعل والبعال : ملاعبة المرء أهله ، وقيل : البعال النكاح ، ومنه الحديث في أيام التشريق : " إنها أيام أكل وشرب وبعال " . والمباعلة : المباشرة : ويروى عن ابن عباس - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى يوم الجمعة قال : " يا عائشة ، اليوم يوم تبعل وقران " ، يعني بالقران التزويج . ويقال للمرأة : هي تباعل زوجها بعالا ومباعلة أي تلاعبه ، وقال الحطيئة :


وكم من حصان ذات بعل تركتها     إذا الليل أدجى ، لم تجد من تباعله .



أراد أنك قتلت زوجها أو أسرته . ويقال للرجل : هو بعل المرأة ، ويقال للمرأة : هي بعله وبعلته . وباعلت المرأة : اتخذت بعلا . وباعل القوم قوما آخرين مباعلة وبعالا : تزوج بعضهم إلى بعض . وبعل الشيء : ربه ومالكه . وفي حديث الإيمان : " وأن تلد الأمة بعلها " المراد بالبعل هاهنا المالك يعني كثرة السبي والتسري ، فإذا استولد المسلم جارية كان ولدها بمنزلة ربها . وبعل والبعل جميعا : صنم ; سمي بذلك لعبادتهم إياه كأنه ربهم . وقوله - عز وجل - : أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين قيل : معناه أتدعون ربا ، وقيل : هو صنم . يقال : أنا بعل هذا الشيء أي ربه ومالكه ، كأنه قال : أتدعون ربا سوى الله . وروي عن ابن عباس : أن ضالة أنشدت فجاء صاحبها فقال : أنا بعلها ، يريد ربها ، فقال ابن عباس : هو من قوله أتدعون بعلا أي ربا . وورد أن ابن عباس مر برجلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول : أنا والله بعلها أي مالكها وربها . وقولهم : من بعل هذه الناقة ؟ أي من ربها وصاحبها . والبعل : اسم ملك . والبعل : الصنم معموما به ، عن الزجاجي ، وقال كراع : هو صنم كان لقوم يونس - صلى الله على نبينا وعليه - وفي الصحاح : البعل صنم كان لقوم إلياس - عليه السلام - وقال الأزهري : قيل إن بعلا كان صنما من ذهب يعبدونه .

ابن الأعرابي : البعل الضجر والتبرم بالشيء ; وأنشد :


بعلت ، ابن غزوان ، بعلت بصاحب     به قبلك الإخوان لم تك تبعل .



وبعل بأمره بعلا ، فهو بعل : برم فلم يدر كيف يصنع فيه . والبعل : الدهش عند الروع . وبعل بعلا : فرق ودهش ، وامرأة بعلة . وفي حديث الأحنف لما نزل به الهياطلة وهم قوم من الهند : بعل بالأمر ، أي دهش ، وهو بكسر العين . وامرأة بعلة : لا تحسن لبس الثياب . وباعله : جالسه . وهو بعل على أهله أي ثقل عليهم . وفي الحديث : أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أبايعك على الجهاد ، فقال : " هل لك من بعل " ، البعل : الكل ، يقال : صار فلان بعلا على قومه أي ثقلا وعيالا ، وقيل : أراد هل بقي لك من تجب عليك طاعته كالوالدين . وبعل على الرجل : أبى عليه . وفي حديث الشورى : فقال عمر : قوموا فتشاوروا ، فمن بعل عليكم أمركم فاقتلوه أي من أبى وخالف ، وفي حديث آخر : من تأمر عليكم من غير مشورة أو بعل عليكم أمرا . وفي حديث آخر : فإن بعل أحد على المسلمين . يريد شتت أمرهم فقدموه فاضربوا عنقه . وبعلبك : موضع ، تقول : هذا بعلبك ودخلت بعلبك ومررت ببعلبك ، ولا تصرف ، ومنهم من يضيف الأول إلى الثاني ويجري الأول بوجوه الإعراب ، قال الجوهري : القول في بعلبك كالقول في سام أبرص ، قال ابن بري : سام أبرص اسم مضاف غير مركب عند النحويين .

التالي السابق


الخدمات العلمية