صفحة جزء
[ عمق ]

عمق : العمق والعمق : البعد إلى أسفل ، وقيل : هو قعر البئر والفج والوادي ، قال ابن بري ومنه قول الشماخ :


وأفيح من روض الرباب عميق

أي : بعيد .

وتعميق البئر وإعماقها : جعلها عميقة . وتقول العرب : بئر عميقة ومعيقة بعيدة القعر ، وقد عمقت ومعقت وأعمقتها ، وإنها لبعيدة العمق والمعق . قال الله تعالى : وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق قال الفراء : لغة أهل الحجاز عميق ، وبنو تميم يقولون : معيق . قال مجاهد في قوله : من كل فج عميق من كل طريق بعيد ، وقال الليث في قوله : من كل فج عميق ويقال معيق ، قال : والعميق أكثر من المعيق في الطريق . وأعماق الأرض : نواحيها . ويقال لي في هذه الدار عمق أي : حق ، وما لي فيها عمق أي : حق . والعمق : البسر الموضوع في الشمس لينضج ؛ عن أبي حنيفة ، قال : وأنا فيه شاك . ورجل عمقي الكلام : لكلامه غور . والعمقى : نبت . وبعير عامق وإبل عامقة : تأكل العمقى ؛ قال الجوهري : العمقى بكسر العين شجر بالحجاز وتهامة ، قال ابن بري : ويقال العمقى أمر من الحنظل ؛ قال الشاعر :


فأقسم أن العيش حلو إذا دنت     وهو إن نأت عني أمر من العمقى

والعمقى : موضع ؛ قال أبو ذؤيب :


لما ذكرت أخا العمقى تأوبني     هم وأفرد ظهري الأغلب الشيح

والعمق بضم العين وفتح الميم : موضع بمكة ؛ وقول ساعدة بن جؤية :


لما رأى عمقا ورجع عرضه هدرا     كما هدر الفنيق المصعب

أراد العمق فغير ، وقد يكون عمق بلدا بعينه غير هذا . قال الأزهري : العمق موضع على جادة طريق مكة بين معدن بني سليم وذات عرق ، قال : والعامة تقول العمق ، وهو خطأ . قال : وعمق موضع آخر . وفي الحديث ذكر العمق .

قال ابن الأثير : العمق بضم العين وفتح الميم منزل عند النقرة لحاج العراق ، فأما بفتح العين وسكون الميم فواد من أودية الطائف نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حاصرها . وعماق : موضع . وعمق : أرض لمزينة .

وما في النحي عمقة : كقولك ما به عيقة ؛ عن اللحياني ، أي : لطخ ولا وضر ولا لعوق من رب ولا سمن .

وعمق النظر في الأمور تعميقا وتعمق في كلامه أي : تنطع . وتعمق في الأمر : تنوق فيه ، فهو متعمق . وفي الحديث : لو تمادى الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم . المتعمق : المبالغ في الأمر المتشدد فيه الذي يطلب أقصى غايته .

والعمق والعمق : ما بعد من أطراف المفاوز . والأعماق : أطراف المفاوز البعيدة ، وقيل الأطراف ولم تقيد ؛ ومنه قول رؤبة :


وقاتم الأعماق خاوي المخترق     مشتبه الأعلام لماع الخفق

ويقال الأعماق . . . المطمئن ، ويجوز أن تكون بعيدة الغور . وأعامق : موضع ؛ قال الشاعر :


وقد كان منا منزلا نستلذه     أعامق برقاواته فأجاوله

[ عمل ]

عمل : قال الله عز وجل في آية الصدقات : والعاملين عليها هم السعاة الذين يأخذون الصدقات من أربابها ، واحدهم عامل وساع .

وفي الحديث : ما تركت بعد نفقة عيالي ومئونة عاملي صدقة .

أراد بعياله زوجاته ، وبعامله الخليفة بعده ، وإنما خص أزواجه ؛ لأنه لا يجوز نكاحهن فجرت لهن النفقة فإنهن كالمعتدات .

والعامل : هو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله ، ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة : عامل . والعمل : المهنة والفعل ، والجمع أعمال ، عمل عملا ، وأعمله غيره واستعمله ، واعتمل الرجل : عمل بنفسه ؛ أنشد سيبويه :


إن الكريم وأبيك يعتمل     إن لم يجد يوما على من يتكل
فيكتسي من بعدها ويكتحل

أراد من يتكل عليه ، فحذف عليه هذه وزاد على متقدمة ، ألا ترى أنه يعتمل إن لم يجد من يتكل عليه ؟ وقيل : العمل لغيره والاعتمال لنفسه ؛ قال الأزهري : هذا كما يقال اختدم إذا خدم نفسه ، واقترأ إذا قرأ السلام على نفسه . واستعمل فلان غيره إذا سأله أن يعمل له ، واستعمله : طلب إليه العمل . واعتمل : اضطرب في العمل . واستعمل فلان إذا ولي عملا من أعمال السلطان .

وفي حديث خيبر : دفع إليهم أرضهم على أن يعتملوها من أموالهم .

الاعتمال : افتعال من العمل أي : أنهم يقومون بما يحتاج إليه من عمارة وزراعة وتلقيح وحراسة ونحو ذلك . وأعمل فلان ذهنه في كذا وكذا إذا دبره بفهمه . وأعمل رأيه وآلته ولسانه واستعمله : عمل به . قال الأزهري : عمل فلان العمل يعمله عملا ، فهو عامل ، قال : ولم يجئ فعلت أفعل فعلا متعديا إلا في هذا الحرف ، وفي قولهم : هبلته أمه هبلا ، وإلا فسائر الكلام يجيء على فعل ساكن العين كقولك [ ص: 284 ] سرطت اللقمة سرطا ، وبلعته بلعا وما أشبهه . ورجل عمول إذا كان كسوبا . ورجل عمل : ذو عمل ؛ حكاه سيبويه ؛ وأنشد لساعدة بن جؤية :


حتى شآها كليل موهنا عمل     باتت طرابا وبات الليل لم ينم

نصب سيبويه موهنا بعمل ، ودفعه غيره من النحويين فقال : إنما هو ظرف ، وهذا حسن منه ؛ لأنه إنما يحمل الشيء على إعمال فعل إذا لم يوجد من إعماله بد .

ورجل عمول : بمعنى رجل عمل أي : مطبوع على العمل . وتعمل فلان لكذا ، والتعميل : تولية العمل . يقال : عملت فلانا على البصرة ؛ قال ابن الأثير : قد يكون عملته بمعنى وليته وجعلته عاملا ؛ وأما ما أنشده الفراء للبيد :


أو مسحل عمل عضادة سمحج     بسراتها ندب له وكلوم

فقال : أوقع ( عمل ) على ( عضادة سمحج ) ، قال : ولو كانت ( عامل ) لكان أبين في العربية ، قال الأزهري : العضادة في بيت لبيد جمع العضد ، وإنما وصف عيرا وأتانه فجعل " ( عمل ) بمعنى معمل أو عامل ، ثم جعله عملا ، والله أعلم .

واستعمل فلان اللبن إذا ما بنى به بناء .

والعملة : العمل ، إذا أدخلوا الهاء كسروا الميم . والعملة والعملة : ما عمل .

والعملة : حالة العمل . ورجل خبيث العملة إذا كان خبيث الكسب . وعملة الرجل : باطنته في الشر خاصة ، وكله من العمل . وقالت امرأة من العرب : ما كان لي عملة إلا فسادكم أي : ما كان لي عمل . والعملة والعملة والعمالة والعمالة والعمالة ؛ الأخيرة عن اللحياني ، كله : أجر ما عمل . ويقال : عملت القوم عمالتهم إذا أعطيتهم إياها . وفي حديث عمر رضي الله عنه : قال لابن السعدي : خذ ما أعطيت فإني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني . أي : أعطاني عمالتي وأجرة عملي ، يقال منه : أعملته وعملته .

قال الأزهري : العمالة بالضم رزق العامل الذي جعل له على ما قلد من العمل . وعاملت الرجل أعامله معاملة ، والمعاملة في كلام أهل العراق : هي المساقاة في كلام الحجازيين . والعملة : القوم يعملون بأيديهم ضروبا من العمل في طين أو حفر أو غيره . وعامله : سامه بعمل . والعامل في العربية : ما عمل عملا ما فرفع أو نصب أو جر ، كالفعل والناصب والجازم وكالأسماء التي من شأنها أن تعمل أيضا وكأسماء الفعل ، وقد عمل الشيء في الشيء أحدث فيه نوعا من الإعراب . وعمل به العملين : بالغ في أذاه وعمله به .

وحكى ابن الأعرابي : عمل به العملين ، بكسر العين وسكون الميم ؛ وقال ثعلب : إنما هو العملين ، بكسر العين وفتح الميم وتخفيفها . ويقال : لا تتعمل في أمر كذا كقولك لا تتعن . وقد تعملت لك أي : تعنيت من أجلك ؛ قال مزاحم العقيلي :


تكاد مغانيها تقول من البلى     لسائلها عن أهلها لا تعمل

أي : لا تتعن فليس لك فرج في سؤالك . وقال أبو سعيد : سوف أتعمل في حاجتك أي : أتعنى ؛ وقول الجعدي يصف فرسا :


وترقبه بعاملة قذوف     سريع طرفها قلق قذاها

أي : ترقبه بعين بعيدة النظر . واليعملة من الإبل : النجيبة المعتملة المطبوعة على العمل ، ولا يقال ذلك إلا للأنثى ؛ هذا قول أهل اللغة ، وقد حكى أبو علي يعمل ويعملة . واليعمل عند سيبويه : اسم ؛ لأنه لا يقال جمل يعمل ، ولا ناقة يعملة ، إنما يقال يعمل ويعملة ، فيعلم أنه يعنى بهما البعير والناقة ؛ ولذلك قال : لا نعلم يفعلا جاء وصفا ، وقال في باب ما لا ينصرف : إن سميته بيعمل جمع يعملة فحجر بلفظ الجمع أن يكون صفة للواحد المذكر ، وبعضهم يرد هذا ويجعل اليعمل وصفا . وقال كراع : اليعملة الناقة السريعة اشتق لها اسم من العمل ، والجمع يعملات ؛ وأنشد ابن بري للراجز :


يا زيد زيد اليعملات الذبل     تطاول الليل عليك فانزل

قال : وذكر النحاس في الطبقات أن هذين البيتين لعبد الله بن رواحة . وناقة عملة بينة العمالة : فارهة مثل اليعملة ، وقد عملت ؛ قال القطامي :


نعم الفتى عملت إليه مطيتي     لا نشتكي جهد السفار كلانا

وحبل مستعمل : قد عمل به ومهن . ويقال : أعملت الناقة فعملت .

وفي الحديث : لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد . أي : لا تحث ولا تساق ؛ ومنه حديث الإسراء والبراق : فعملت بأذنيها . أي : أسرعت ؛ لأنها إذا أسرعت حركت أذنيها لشدة السير . وفي حديث لقمان : يعمل الناقة والساق .

أخبر أنه قوي على السير راكبا وماشيا ، فهو يجمع بين الأمرين ، وأنه حاذق بالركوب والمشي . وعمل البرق عملا ، فهو عمل : دام ؛ قال ساعدة بن جؤية وأنشد :


حتى شآها كليل موهنا عمل

وعمل فلان على القوم : أمر . والعوامل : الأرجل ؛ قال الأزهري : عوامل الدابة قوائمه ، واحدتها عاملة . والعوامل : بقر الحرث والدياسة . وفي حديث الزكاة : ليس في العوامل شيء . العوامل من البقر : جمع عاملة ، وهي التي يستقى عليها ويحرث وتستعمل في الأشغال ، وهذا الحكم مطرد في الإبل . وعامل الرمح وعاملته : صدره دون السنان ويجمع عوامل ، وقيل : عامل الرمح ما يلي السنان ، وهو دون الثعلب . وطريق معمل أي : لحب مسلوك .

وحكى اللحياني : لم أر النفقة تعمل كما تعمل بمكة ، ولم يفسره إلا أنه أتبعه بقوله : وكما تنفق بمكة ، فعسى أن يكون الأول في هذا المعنى . وعمل : اسم رجل ؛ قالت امرأة ترقص ولدها :

أشبه أبا أمك أو أشبه عمل

وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل

قال ابن بري : قال أبو زيد : الذي رقصه هو أبوه ، وهو قيس بن عاصم ، واسم الولد حكيم ، واسم أمه منفوسة بنت زيد الخيل ؛ وأما الذي قالته أمه فيه فهو : [ ص: 285 ]

أشبه أخي أو أشبهن أباكا     أما أبي فلن تنال ذاكا
تقصر أن تناله يداكا

قال الأزهري : والمسافرون إذا مشوا على أرجلهم يسمون بني العمل ؛ وأنشد الأصمعي :


فذكر الله وسمى ونزل     بمنزل ينزله بنو عمل
لا ضفف يشغله ولا ثقل

وبنو عاملة وبنو عميلة : حيان من العرب .

قال الأزهري : عاملة قبيلة إليها ينسب عدي بن الرقاع العاملي ، وعاملة حي من اليمن ، وهو عاملة بن سبإ ، وتزعم نساب مضر أنهم من ولد قاسط ؛ قال الأعشى :


أعامل حتى متى تذهبين     إلى غير والدك الأكرم
ووالدكم قاسط فارجعوا     إلى النسب الأتلد الأقدم

وعملى : موضع . وفي الحديث : سئل عن أولاد المشركين فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين ؛ روى ابن الأثير عن الخطابي قال : ظاهر هذا الكلام يوهم أنه لم يفت السائل عنهم وأنه رد الأمر في ذلك إلى علم الله عز وجل ، وإنما معناه أنهم ملحقون في الكفر بآبائهم ؛ لأن الله تعالى قد علم أنهم لو بقوا أحياء حتى يكبروا لعملوا عمل الكفار ، ويدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها : قلت فذراري المشركين ؟ قال : هم من آبائهم ، قلت : بلا عمل ، قال : الله أعلم بما كانوا عاملين . وقال ابن المبارك فيه : إن كل مولود إنما يولد على فطرته التي ولد عليها من السعادة والشقاوة وعلى ما قدر له من كفر وإيمان ، فكل منهم عامل في الدنيا بالعمل المشاكل لفطرته وصائر في العاقبة إلى ما فطر عليه ، فمن علامات الشقاوة للطفل أن يولد بين مشركين فيحملانه على اعتقاد دينهما ويعلمانه إياه ، أو يموت قبل أن يعقل ويصف الدين فيحكم له بحكم والديه إذ هو في حكم الشريعة تبع لهما ، وهذا فيه نظر ؛ لأنا رأينا وعلمنا أن ثم من ولد بين مشركين وحملاه على اعتقاد دينهما وعلماه ، ثم جاءت له خاتمة من إسلامه ودينه تعده من جملة المسلمين الصالحين ، وأما الذي في حديث الشعبي : أنه أتي بشراب معمول ، فقيل : هو الذي فيه اللبن والعسل والثلج .

التالي السابق


الخدمات العلمية