صفحة جزء
[ عند ]

عند : قال الله تعالى : ألقيا في جهنم كل كفار عنيد . قال قتادة : العنيد المعرض عن طاعة الله تعالى . وقال تعالى : وخاب كل جبار عنيد . عند الرجل يعند عندا وعنودا وعندا : عتا وطغا وجاوز قدره . ورجل عنيد : عاند ، وهو من التجبر . وفي خطبة أبي بكر رضي الله عنه : وسترون بعدي ملكا عضوضا وملكا عنودا ؛ العنود والعنيد بمعنى وهما فعيل وفعول بمعنى فاعل أو مفاعل . وفي حديث الدعاء : فأقص الأدنين على عنودهم عنك . أي : ميلهم وجورهم . وعند عن الحق وعن الطريق يعند ويعند : مال . والمعاندة والعناد : أن يعرف الرجل الشيء فيأباه ويميل عنه ؛ وكان كفر أبي طالب معاندة ؛ لأنه عرف وأقر وأنف أن يقال : تبع ابن أخيه ، فصار بذلك كافرا . وعاند معاندة أي : خالف ورد الحق وهو يعرفه ، فهو عنيد وعاند . وفي الحديث : إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا ؛ العنيد : الجائر عن القصد الباغي الذي يرد الحق مع العلم به . وتعاند الخصمان : تجادلا . وعند عن الشيء والطريق يعند ويعند عنودا ، فهو عنود ، وعند عندا : تباعد وعدل . وناقة عنود : لا تخالط الإبل تباعد عن الإبل فترعى ناحية أبدا ، والجمع عند وعاند وعاندة ، وجمعهما جميعا عواند وعند ؛ قال :

إذا رحلت فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العندا جمع بين الطاء والدال ، وهو إكفاء .

ويقال : هو يمشي وسطا لا عندا . وفي حديث عمر يذكر سيرته يصف نفسه بالسياسة فقال : إني أنهر اللفوت وأضم العنود وألحق القطوف وأزجر العروض .

قال : العنود هو من الإبل الذي لا يخالطها ولا يزال منفردا عنها ، وأراد : من خرج عن الجماعة أعدته إليها وعطفته عليها ؛ وقيل : العنود التي تباعد عن الإبل تطلب خيار المرتع تتأنف ، وبعض الإبل يرتع ما وجد .

قال ابن الأعرابي ، وأبو نصر : هي التي تكون في طائفة الإبل أي : في ناحيتها . وقال القيسي : العنود من الإبل التي تعاند الإبل فتعارضها ، قال : فإذا قادتهن قدما أمامهن فتلك السلوف . والعاند : البعير الذي يجوز عن الطريق ويعدل عن القصد . ورجل عنود : يحل عنده ولا يخالط الناس ؛ قال :

ومولى عنود ألحقته جريرة وقد تلحق المولى العنود الجرائر الكسائي : عندت الطعنة تعند وتعند إذا سال دمها بعيدا من صاحبها ؛ وهي طعنة عاندة . وعند الدم يعند إذا سال في جانب . والعنود من الدواب : المتقدمة في السير ، وكذلك هي من حمر الوحش . وناقة عنود : تنكب الطريق من نشاطها وقوتها ، والجمع عند وعند . قال ابن سيده : وعندي أن عندا ليس جمع عنود ؛ لأن فعولا لا يكسر على فعل ، وإنما هي جمع عاند ، وهي مماتة . وعاندة الطريق : ما عدل عنه فعند ؛ أنشد ابن الأعرابي :

فإنك والبكا بعد ابن عمرو لكالساري بعاندة الطريق يقول : رزئت عظيما فبكاؤك على هالك بعده ضلال أي : لا ينبغي لك أن تبكي على أحد بعده . ويقال : عاند فلان فلانا عنادا : فعل مثل فعله . يقال : فلان يعاند فلانا أي : يفعل مثل فعله ، وهو يعارضه ويباريه . قال : والعامة يفسرونه يعانده يفعل خلاف فعله ؛ قال الأزهري : ولا أعرف ذلك ، ولا أثبته . والعند : الاعتراض ؛ وقوله :


يا قوم ما لي لا أحب عنجده وكل إنسان يحب ولده     حب الحبارى ويزف عنده

ويروى يدق أي : معارضة الولد ؛ قال الأزهري : يعارضه شفقة عليه . وقيل : العند هنا الجانب ؛ قال ثعلب : هو الاعتراض . قال : يعلمه الطيران كما يعلم العصفور ولده ، وأنشده ثعلب : وكل خنزير . قال الأزهري : والمعاند هو المعارض بالخلاف لا بالوفاق ، وهذا الذي تعرفه العوام ، وقد يكون العناد معارضة لغير الخلاف ، كما قال الأصمعي واستخرجه من عند الحبارى ، جعله اسما من عاند الحبارى فرخه إذا عارضه في الطيران أول ما ينهض كأنه يعلمه الطيران شفقة عليه . وأعند الرجل : عارض بالخلاف . وأعند : عارض بالاتفاق . وعاند البعير خطامه : عارضه . وعانده معاندة وعنادا : عارضه ؛ قال أبو ذؤيب :

فافتنهن من السواء وماؤه بثر وعانده طريق مهيع افتنهن من الفن ، وهو الطرد ، أي : طرد الحمار أتنه من السواء ، وهو موضع ، وكذلك بثر . والمهيع : الواسع . وعقبة عنود : صعبة المرتقى . وعند العرق وعند وعند وأعند : سال فلم يكد يرقأ ، وهو عرق عاند ؛ قال عمرو بن ملقط :

بطعنة يجري لها عاند كالماء من غائلة الجابيه وفسر ابن الأعرابي العاند هنا بالمائل ، وعسى أن يكون السائل فصحفه الناقل عنه . وأعند أنفه : كثر سيلان الدم منه . وأعند القيء وأعند فيه إعنادا : تابعه . وسئل ابن عباس عن المستحاضة فقال : إنه عرق عاند أو ركضة من الشيطان ؛ قال أبو عبيد : العرق العاند الذي [ ص: 298 ] عند وبغى كالإنسان يعاند ، فهذا العرق في كثرة ما يخرج منه بمنزلته ، شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته ؛ وقيل : العاند الذي لا يرقأ ؛ قال الراعي :

ونحن تركنا بالفعالي طعنة لها عاند فوق الذراعين مسبل وأصله من عنود الإنسان إذا بغى وعند عن القصد ؛ وأنشد :


وبخ كل عاند نعور

والعند بالتحريك : الجانب . وعاند فلان فلانا إذا جانبه .

ودم عاند : يسيل جانبا . وقال ابن شميل : عند الرجل من أصحابه يعند عنودا إذا ما تركهم واجتاز عليهم . وعند عنهم إذا ما تركهم في سفر وأخذ في غير طريقهم أو تخلف عنهم . والعنود : كأنه الخلاف والتباعد والترك ؛ لو رأيت رجلا بالبصرة من أهل الحجاز لقلت : شد ما عندت عن قومك أي : تباعدت عنهم . وسحابة عنود : كثيرة المطر ، وجمعه عند ؛ وقال الراعي :


دعصا أرذ عليه فرق عند

وقدح عنود : هو الذي يخرج فائزا على غير جهة سائر القداح . ويقال : استعندني فلان من بين القوم أي : قصدني . وأما عند : فحضور الشيء ودنوه وفيها ثلاث لغات : عند وعند وعند ، وهي ظرف في المكان والزمان ، تقول : عند الليل وعند الحائط إلا أنها ظرف غير متمكن ، لا تقول : عندك واسع بالرفع ؛ وقد أدخلوا عليه من حروف الجر من وحدها كما أدخلوها على لدن . قال تعالى : رحمة من عندنا . وقال تعالى : من لدنا . ولا يقال : مضيت إلى عندك ولا إلى لدنك ؛ وقد يغرى بها فيقال : عندك زيدا أي : خذه ؛ قال الأزهري : وهي بلغاتها الثلاث أقصى نهايات القرب ولذلك لم تصغر ، وهو ظرف مبهم ولذلك لم يتمكن إلا في موضع واحد ، وهو أن يقول القائل لشيء بلا علم : هذا عندي كذا وكذا ، فيقال : ولك عند . زعموا أنه في هذا الموضع يراد به القلب وما فيه معقول من اللب ، وهذا غير قوي .

وقال الليث : عند حرف صفة يكون موضعا لغيره ولفظه نصب ؛ لأنه ظرف لغيره ، وهو في التقريب شبه اللزق ، ولا يكاد يجيء في الكلام إلا منصوبا ؛ لأنه لا يكون إلا صفة معمولا فيها أو مضمرا فيها فعل إلا في قولهم : ولك عند ، كما تقدم ؛ قال سيبويه : وقالوا عندك تحذره شيئا بين يديه أو تأمره أن يتقدم ، وهو من أسماء الفعل لا يتعدى ؛ وقالوا : أنت عندي ذاهب أي : في ظني ؛ حكاها ثعلب عن الفراء . الفراء : العرب تأمر من الصفات بعليك وعندك ودونك وإليك ، يقولون : إليك إليك عني ، كما يقولون : وراءك وراءك ، فهذه الحروف كثيرة ؛ وزعم الكسائي أنه سمع : بينكما البعير فخذاه ، فنصب البعير وأجاز ذلك في كل الصفات التي تفرد ولم يجزه في اللام ولا الباء ولا الكاف ؛ وسمع الكسائي العرب تقول : كما أنت وزيدا ومكانك وزيدا ؛ قال الأزهري : وسمعت بعض بني سليم يقول : كما أنتني ، يقول : انتظرني في مكانك . وما لي عنه عندد وعندد أي بد ؛ قال :

لقد ظعن الحي الجميع فأصعدوا نعم ليس عما يفعل الله عندد وإنما لم يقض عليها أنها فنعل ؛ لأن التكرير إذا وقع وجب القضاء بالزيادة إلا أن يجيء ثبت ، وإنما قضى على النون هاهنا أنها أصل ؛ لأنها ثانية والنون لا تزاد ثانية إلا بثبت . وما لي عنه معلندد أيضا وما وجدت إلى كذا معلنددا أي : سبيلا . وقال اللحياني : ما لي عن ذاك عندد وعندد أي : محيص . وقال مرة : ما وجدت إلى ذلك عنددا وعنددا أي : سبيلا ولا ثبت هنا . أبو زيد : يقال إن تحت طريقتك لعندأوة ، والطريقة : اللين والسكون ، والعندأوة : الجفوة والمكر ؛ قال الأصمعي : معناه إن تحت سكونك لنزوة وطماحا ؛ وقال غيره : العندأوة الالتواء والعسر ، وقال : هو من العداء ، وهمزه بعضهم فجعل النون والهمزة زائدتين على بناء فنعلوة ، وقال غيره : عنداوة فعللوة . وعاندان : واديان معروفان ؛ قال :


شبت بأعلى عاندين من إضم

وعاندين وعاندون : اسم واد أيضا . وفي النصب والخفض عاندين ؛ حكاه كراع ومثله بقاصرين وخانقين وماردين وماكسين وناعتين ، وكل هذه أسماء مواضع ؛ وقول سالم بن قحفان :

يتبعن ورقاء كلون العوهق لاحقة الرجل عنود المرفق يعني بعيدة المرفق من الزور . والعوهق : الخطاف الجبلي ، وقيل : الغراب الأسود ، وقيل : الثور الأسود ، وقيل : اللازورد . وطعن عند بالكسر إذا كان يمنة ويسرة . قال أبو عمرو : أخف الطعن الولق ، والعاند مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية