صفحة جزء
[ عنن ]

عنن : عن الشيء يعن ويعن عننا وعنونا : ظهر أمامك ؛ وعن يعن ويعن عنا وعنونا واعتن : اعترض وعرض ؛ ومنه قول امرئ القيس :


فعن لنا سرب كأن نعاجه

والاسم العنن والعنان ؛ قال ابن حلزة :


عننا باطلا وظلما كما تع     تر عن حجرة الربيض الظباء

وأنشد ثعلب :


وما بدل من أم عثمان سلفع     من السود ورهاء العنان عروب

معنى قوله ( ورهاء العنان ) أنها تعتن في كل كلام أي : تعترض . ولا أفعله ما عن في السماء نجم أي : عرض من ذلك . والعنة والعنة : الاعتراض بالفضول . والاعتنان : الاعتراض . والعنن : المعترضون بالفضول ، الواحد عان وعنون ، قال : والعنن جمع العنين وجمع المعنون . يقال : عن الرجل وعنن وعنن وأعنن ، فهو عنين معنون معن معنن ، وأعننت بعنة ما أدري ما هي . أي : تعرضت لشيء لا أعرفه . وفي المثل : معرض لعنن لم يعنه . والعنن : اعتراض الموت ؛ وفي حديث سطيح :


أم فاز فازلم به شأو العنن

ورجل معن : يعرض في شيء ويدخل فيما لا يعنيه ، والأنثى بالهاء . ويقال : امرأة معنة إذا كانت مجدولة جدل العنان غير مسترخية البطن . ورجل معن إذا كان عريضا متيحا . وامرأة معنة : تعتن وتعترض في كل شيء ؛ قال الراجز :


إن لنا لكنه     معنة مفنه
كالريح حول القنه

مفنة : تفتن عن الشيء ، وقيل : تعتن وتفتن في كل شيء . والمعن : الخطيب . وفي حديث طهفة : برئنا إليك من الوثن والعنن .

الوثن : الصنم ، والعنن : الاعتراض ، من عن الشيء أي : اعترض كأنه قال : برئنا إليك من الشرك والظلم ، وقيل : أراد به الخلاف والباطل ؛ ومنه حديث سطيح :


أم فاز فازلم به شأو العنن

يريد اعتراض الموت وسبقه . وفي حديث علي رضوان الله عليه : دهمته المنية في عنن جماحه .

هو ما ليس بقصد .

ومنه حديثه أيضا يذم الدنيا : ألا وهي المتصدية العنون . أي : التي تتعرض للناس ، وفعول للمبالغة .

ويقال : عن الرجل يعن عنا وعننا إذا اعترض لك من أحد جانبيك من عن يمينك أو من عن شمالك بمكروه . والعن : المصدر ، والعنن : الاسم ، وهو الموضع الذي يعن فيه العان ؛ ومنه سمي العنان من اللجام عنانا ؛ لأنه يعترضه من ناحيتيه لا يدخل فمه منه شيء .

ولقيه عين عنة أي : اعتراضا في الساعة من غير أن يطلبه . وأعطاه ذلك عين عنة أي : خاصة من بين أصحابه ، وهو من ذلك . والعنان : المعانة . والمعانة : المعارضة . وعناناك أن تفعل ذاك ، على وزن قصاراك أي : جهدك وغايتك كأنه من المعانة ، وذلك أن تريد أمرا فيعرض دونه عارض يمنعك منه ويحبسك عنه ؛ قال ابن بري : قال الأخفش هو غناماك ، وأنكر على أبي عبيد عناناك . وقال النجيرمي : الصواب قول أبي عبيد . وقال علي بن حمزة : الصواب قول الأخفش ؛ والشاهد عليه بيت ربيعة بن مقروم الضبي :


وخصم يركب العوصاء طاط     عن المثلى غناماه القذاع

وهو بمعنى الغنيمة : والقذاع : المقاذعة . ويقال : هو لك بين الأوب والعنن إما أن يئوب إليك ، وإما أن يعرض عليك ؛ قال ابن مقبل :


تبدي صدودا وتخفي بيننا لطفا     يأتي محارم بين الأوب والعنن

وقيل : معناه بين الطاعة والعصيان . والعان من السحاب : الذي يعترض في الأفق ؛ قال الأزهري : وأما قوله :


جرى في عنان الشعريين الأماعز

فمعناه جرى في عراضهما سراب الأماعز حين يشتد الحر بالسراب ؛ وقال الهذلي :


كأن ملاءتي على هزف     يعن مع العشية للرئال

يعن : يعرض ، وهما لغتان : يعن ويعن . والتعنين : الحبس ، وقيل : الحبس في المطبق الطويل . ويقال للمجنون : معنون ومهروع ومخفوع ومعتوه وممتوه وممته إذا كان مجنونا . وفلان عنان عن الخير وخناس وكزام أي : بطيء عنه . والعنين : الذي لا يأتي النساء ولا يريدهن بين العنانة والعنينة والعنينية . وعنن عن امرأته إذا حكم القاضي عليه بذلك أو منع عنها بالسحر ، والاسم منه العنة ، وهو مما تقدم كأنه اعترضه ما يحبسه عن النساء ، وامرأة عنينة كذلك ، لا تريد الرجال ولا تشتهيهم ، وهو فعيل بمعنى مفعول مثل خريج ؛ قال : [ ص: 311 ] وسمي عنينا ؛ لأنه يعن ذكره لقبل المرأة من عن يمينه وشماله فلا يقصده . ويقال : تعنن الرجل إذا ترك النساء من غير أن يكون عنينا لثأر يطلبه ؛ ومنه قول ورقاء بن زهير بن جذيمة قاله في خالد بن جعفر بن كلاب :


تعننت للموت الذي هو واقع     وأدركت ثأري في نمير وعامر

ويقال للرجل الشريف العظيم السودد : إنه لطويل العنان . ويقال : إنه ليأخذ في كل فن وعن وسن بمعنى واحد . وعنان اللجام : السير الذي تمسك به الدابة ، والجمع أعنة ، وعنن نادر ، فأما سيبويه فقال : لم يكسر على غير أعنة ؛ لأنهم إن كسروه على بناء الأكثر لزمهم التضعيف وكانوا في هذا أحرى ؛ يريد إذ كانوا قد يقتصرون على أبنية أدنى العدد في غير المعتل ، يعني بالمعتل المدغم ، ولو كسروه على فعل فلزمهم التضعيف لأدغموا ، كما حكى هو أن من العرب من يقول في جمع ذباب ذب . وفرس قصير العنان إذا ذم بقصر عنقه ، فإذا قالوا قصير العذار فهو مدح ؛ لأنه وصف حينئذ بسعة جحفلته . وأعن اللجام : جعل له عنانا ، والتعنين مثله . وعنن الفرس وأعنه : حبسه بعنانه . وفي التهذيب : أعن الفارس إذا مد عنان دابته ليثنيه عن السير ، فهو معن . وعن دابته عنا : جعل له عنانا ، وسمي عنان اللجام عنانا لاعتراض سيريه على صفحتي عنق الدابة من عن يمينه وشماله . ويقال : ملأ فلان عنان دابته إذا أعداه وحمله على الحضر الشديد ؛ وأنشد ابن السكيت :


حرف بعيد من الحادي إذا ملأت     شمس النهار عنان الأبرق الصخب

قال : أراد بالأبرق الصخب الجندب ، وعنانه جهده . يقول : يرمض فيستغيث بالطيران فتقع رجلاه في جناحيه فتسمع لهما صوتا وليس صوته من فيه ؛ ولذلك يقال صر الجندب . وللعرب في العنان أمثال سائرة : يقال ذل عنان فلان إذا انقاد ؛ وفلان أبي العنان إذا كان ممتنعا ؛ ويقال : أرخ من عنانه أي : رفه عنه ؛ وهما يجريان في عنان إذا استويا في فضل أو غيره ؛ وقال الطرماح :


سيعلم كلهم أني مسن إذا     رفعوا عنانا عن عنان

المعنى : سيعلم الشعراء أني قارح . وجرى الفرس عنانا إذا جرى شوطا ؛ وقول الطرماح :


إذا رفعوا عنانا عن عنان

أي : شوطا بعد شوط . ويقال : اثن علي عنانه أي : رده علي . وثنيت على الفرس عنانه إذا ألجمته ؛ قال ابن مقبل يذكر فرسا :


وحاوطني حتى ثنيت عنانه     على مدبر العلباء ريان كاهله

حاوطني أي : داورني وعالجني ، ومدبر علبائه : عنقه ، أراد أنه طويل العنق في علبائه إدبار . ابن الأعرابي : رب جواد قد عثر في استنانه وكبا في عنانه وقصر في ميدانه .

وقال : الفرس يجري بعتقه وعرقه ، فإذا وضع في المقوس جرى بجد صاحبه ؛ كبا أي : عثر ، وهي الكبوة . يقال : لكل جواد كبوة ، ولكل عالم هفوة ، ولكل صارم نبوة ؛ كبا في عنانه أي : عثر في شوطه . والعنان : الحبل ؛ قالرؤبة :


إلى عناني ضامر لطيف

عنى بالعنانين هنا المتنين ، والضامر هنا المتن . وعنانا المتن : حبلاه . والعنان والعان : من صفة الحبال التي تعتن من صوبك وتقطع عليك طريقك . يقال : بموضع كذا وكذا عان يستن السابلة . ويقال للرجل : إنه طرف العنان إذا كان خفيفا . وعننت المرأة شعرها : شكلت بعضه ببعض . وشركة عنان وشرك عنان : شركة في شيء خاص دون سائر أموالهما كأنه عن لهما شيء أي : عرض فاشترياه واشتركا فيه ؛ قال النابغة الجعدي :


وشاركنا قريشا في تقاها     وفي أحسابها شرك العنان
بما ولدت نساء بني هلال     وما ولدت نساء بني أبان

وقيل : هو إذا اشتركا في مال مخصوص ، وبان كل واحد منهما بسائر ماله دون صاحبه . قال أبو منصور : الشركة شركتان : شركة العنان ، وشركة المفاوضة ، فأما شركة العنان فهو أن يخرج كل واحد من الشريكين دنانير أو دراهم مثل ما يخرج صاحبه ويخلطاها ، ويأذن كل واحد منهما لصاحبه بأن يتجر فيه ، ولم تختلف الفقهاء في جوازه وأنهما إن ربحا في المالين فبينهما ، وإن وضعا فعلى رأس مال كل واحد منهما ، وأما شركة المفاوضة فأن يشتركا في كل شيء في أيديهما أو يستفيداه من بعد ، وهذه الشركة عند الشافعي باطلة ، وعند النعمان وصاحبيه جائزة ، وقيل : هو أن يعارض الرجل الرجل عند الشراء فيقول له : أشركني معك ، وذلك قبل أن يستوجب العلق ، وقيل : شركة العنان أن يكونا سواء في الغلق وأن يتساوى الشريكان فيما أخرجاه من عين أو ورق ، مأخوذ من عنان الدابة ؛ لأن عنان الدابة طاقتان متساويتان ؛ قال الجعدي يمدح قومه ويفتخر :


وشاركنا قريشا في تقاها

. . . . . ( البيتان ) أي : ساويناهم ، ولو كان من الاعتراض لكان هجاء ، وسميت هذه الشركة شركة عنان لمعارضة كل واحد منهما صاحبه بمال مثل ماله ، وعمله فيه مثل عمله بيعا وشراء . يقال : عانه عنانا ومعانة ، كما يقال : عارضه يعارضه معارضة وعراضا . وفلان قصير العنان : قليل الخير ، على المثل . والعنة : الحظيرة من الخشب أو الشجر تجعل للإبل والغنم تحبس فيها ، وقيد في الصحاح فقال : لتتدرأ بها من برد الشمال .

قال ثعلب : العنة الحظيرة تكون على باب الرجل فيكون فيها إبله وغنمه . ومن كلامهم : لا يجتمع اثنان في عنة ، وجمعها عنن ؛ قال الأعشى :


ترى اللحم من ذابل قد ذوى     ورطب يرفع فوق العنن



وعنان أيضا : مثل قبة وقباب .

وقال البشتي : العنن في بيت الأعشى حبال تشد ويلقى عليها القديد . قال أبو منصور : الصواب في العنة [ ص: 312 ] والعنن ما قاله الخليل وهو الحظيرة وقال : ورأيت حظرات الإبل في البادية يسمونها عننا لاعتنانها في مهب الشمال معترضة لتقيها برد الشمال ، قال : ورأيتهم يشرون اللحم المقدد فوقها إذا أرادوا تجفيفه ؛ قال : ولست أدري عمن أخذ البشتي ما قال في العنة إنه الحبل الذي يمد ، ومد الحبل من فعل الحاضرة ، قال : وأرى قائله رأى فقراء الحرم يمدون الحبال بمنى فيلقون عليها لحوم الأضاحي والهدي التي يعطونها ، ففسر قول الأعشى بما رأى ، ولو شاهد العرب في باديتها لعلم أن العنة هي الحظار من الشجر . وفي المثل : كالمهدر في العنة ؛ يضرب مثلا لمن يتهدد ولا ينفذ . قال ابن بري : والعنة بالضم أيضا خيمة تجعل من ثمام أو أغصان شجر يستظل بها . والعنة : ما يجمعه الرجل من قصب ونبت ليعلفه غنمه . يقال : جاء بعنة عظيمة . والعنة بفتح العين : العطفة ؛ قال الشاعر :


إذا انصرفت من عنة بعد عنة     وجرس على آثارها كالمؤلب

والعنة : ما تنصب عليه القدر . وعنة القدر : الدقدان ؛ قال :


عفت غير أنآء ومنصب عنة     وأورق من تحت الخصاصة هامد

والعنون من الدواب : التي تباري في سيرها الدواب فتقدمها ، وذلك من حمر الوحش ؛ قال النابغة :


كأن الرحل شد به خنوف     من الجونات هادية عنون

ويروى : خذوف ، وهي السمينة من بقر الوحش . ويقال : فلان عنان على آنف القوم إذا كان سباقا لهم .

وفي حديث طهفة : وذو العنان الركوب . يريد الفرس الذلول ، نسبه إلى العنان والركوب ؛ لأنه يلجم ويركب . والعنان : سير اللجام . وفي حديث عبد الله بن مسعود : كان رجل في أرض له إذ مرت به عنانة ترهيأ .

العانة والعنانة : السحابة ، وجمعها عنان . وفي الحديث : لو بلغت خطيئته عنان السماء .

العنان بالفتح : السحاب ، ورواه بعضهم أعنان بالألف فإن كان المحفوظ أعنان فهي النواحي ؛ قاله أبو عبيد ؛ قال يونس بن حبيب : أعنان كل شيء نواحيه ، فأما الذي نحكيه نحن فأعناء السماء نواحيها ؛ قاله أبو عمرو وغيره . وفي الحديث : مرت به سحابة فقال : هل تدرون ما اسم هذه ؟ قالوا : هذه السحاب ، قال : والمزن ، قالوا : والمزن ، قال : والعنان ، قالوا : والعنان .

وقيل : العنان التي تمسك الماء ، وأعنان السماء نواحيها ، واحدها عنن وعن . وأعنان السماء : صفائحها وما اعترض من أقطارها كأنه جمع عنن . قال يونس : ليس لمنقوص البيان بهاء ولو حك بيافوخه أعنان السماء ، والعامة تقول : عنان السماء ، وقيل : عنان السماء ما عن لك منها إذا نظرت إليها أي : ما بدا لك منها . وأعنان الشجر : أطرافه ونواحيه . وعنان الدار : جانبها الذي يعن لك أي : يعرض . وأما ما جاء في الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الإبل فقال : أعنان الشياطين لا تقبل إلا مولية ، ولا تدبر إلا مولية .

فإنه أراد أنها على أخلاق الشياطين ، وحقيقة الأعنان النواحي ؛ قال ابن الأثير : كأنه قال كأنها لكثرة آفاتها من نواحي الشياطين في أخلاقها وطبائعها . وفي حديث آخر : لا تصلوا في أعطان الإبل ؛ لأنها خلقت من أعنان الشياطين . وعننت الكتاب وأعننته لكذا أي : عرضته له وصرفته إليه . وعن الكتاب يعنه عنا وعننه : كعنونه ، وعنونته وعلونته بمعنى واحد ، مشتق من المعنى . وقال اللحياني : عننت الكتاب تعنينا وعنيته تعنية إذا عنونته ، أبدلوا من إحدى النونات ياء ، وسمي عنوانا ؛ لأنه يعن الكتاب من ناحيتيه ، وأصله عنان ، فلما كثرت النونات قلبت إحداها واوا ، ومن قال علوان الكتاب جعل النون لاما ؛ لأنه أخف وأظهر من النون . ويقال للرجل الذي يعرض ، ولا يصرح : قد جعل كذا وكذا عنوانا لحاجته ؛ وأنشد :


وتعرف في عنوانها بعض لحنها     وفي جوفها صمعاء تحكي الدواهيا

قال ابن بري : والعنوان الأثر ؛ قال سوار بن المضرب :


وحاجة دون أخرى قد سنحت     بها جعلتها للتي أخفيت عنوانا

قال : وكلما استدللت بشيء تظهره على غيره فهو عنوان له كما قال حسان بن ثابت يرثي عثمان رضي الله تعالى عنه :


ضحوا بأشمط عنوان السجود به     يقطع الليل تسبيحا وقرآنا

قال الليث : العلوان لغة في العنوان غير جيدة ، والعنوان بالضم هي اللغة الفصيحة ؛ وقال أبو دواد الرواسي :


لمن طلل كعنوان الكتاب     ببطن أواق أو قرن الذهاب

قال ابن بري : ومثله لأبي الأسود الدؤلي :


نظرت إلى عنوانه فنبذته     كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا

وقد يكسر فيقال : عنوان وعنيان . واعتن ما عند القوم أي : أعلم خبرهم . وعنعنة تميم : إبدالهم العين من الهمزة كقولهم عن ، يريدون أن ؛ وأنشد يعقوب :


فلا تلهك الدنيا عن الدين واعتمل     لآخرة لا بد عن ستصيرها

وقال ذو الرمة :


أعن ترسمت من خرقاء منزلة     ماء الصبابة من عينيك مسجوم

أراد أأن ترسمت ؛ وقال جران العود :


فما أبن حتى قلن يا ليت عننا     تراب وعن الأرض بالناس تخسف

قال الفراء : لغة قريش ومن جاورهم أن ، وتميم وقيس وأسد ومن جاورهم يجعلون ألف أن إذا كانت مفتوحة عينا ، يقولون : أشهد عنك رسول الله ، فإذا كسروا رجعوا إلى الألف ؛ وفي حديث قيلة : تحسب عني نائمة .

أي : تحسب أني نائمة ؛ ومنه حديث حصين بن [ ص: 313 ] مشمت : أخبرنا فلان عن فلانا حدثه . أي : أن فلانا ؛ قال ابن الأثير : كأنهم يفعلونه لبحح في أصواتهم ، والعرب تقول : لأنك ولعنك ، تقول ذاك بمعنى لعلك . ابن الأعرابي : لعنك لبني تميم ، وبنو تيم الله بن ثعلبة يقولون : رعنك ، يريدون لعلك . ومن العرب من يقول : رعنك ولغنك بالغين المعجمة بمعنى لعلك والعرب تقول : كنا في عنة من الكلإ وفنة وثنة وعانكة من الكلإ واحد أي : كنا في كلاء كثير وخصب .

وعن : معناها ما عدا الشيء ، تقول : رميت عن القوس ؛ لأنه بها قذف سهمه عنها وعداها ، وأطعمته عن جوع ، جعل الجوع منصرفا به تاركا له وقد جاوزه ، وتقع من موقعها ، وهي تكون حرفا واسما بدليل قولهم من عنه ؛ قال القطامي :


فقلت للركب لما أن علا بهم     من عن يمين الحبيا نظرة قبل

قال : وإنما بنيت لمضارعتها للحرف ؛ وقد توضع عن موضع بعد كما قال الحارث بن عباد :


قربا مربط النعامة مني     لقحت حرب وائل عن حيال

أي : بعد حيال ؛ وقال امرؤ القيس :


وتضحي فتيت المسك فوق فراشها     نئوم الضحى لم تنتطق عن تفضل

وربما وضعت موضع على كما قال ذو الإصبع العدواني :


لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب     عني ولا أنت دياني فتخزوني

قال النحويون : عن ساكنة النون حرف وضع لمعنى ما عداك وتراخى عنك . يقال : انصرف عني وتنح عني . وقال أبو زيد : العرب تزيد عنك ، يقال : خذ ذا عنك ، والمعنى : خذ ذا ، وعنك زيادة ؛ قال النابغة الجعدي يخاطب ليلى الأخيلية :


دعي عنك تشتام الرجال وأقبلي     على أذلعي يملأ استك فيشلا

أراد يملأ استك فيشله فخرج نصبا على التفسير ، ويجوز حذف النون من عن للشاعر كما يجوز له حذف نون من ، وكأن حذفه إنما هو لالتقاء الساكنين ، إلا أن حذف نون من في الشعر أكثر من حذف نون عن ؛ لأن دخول من في الكلام أكثر من دخول عن . وعني : بمعنى علي أي : لعلي قال القلاخ :


يا صاحبي عرجا قليلا     عنا نحيي الطلل المحيلا

وقال الأزهري في ترجمة عنا ، قال : قال المبرد : من وإلى ورب وفي والكاف الزائدة والباء الزائدة واللام الزائدة هي حروف الإضافة التي يضاف بها الأسماء والأفعال إلى ما بعدها ، قال : فأما ما وضعه النحويون نحو على وعن وقبل وبعد وبين وما كان مثل ذلك فإنما هي أسماء ؛ يقال : جئت من عنده ، ومن عليه ، ومن عن يساره ، ومن عن يمينه ؛ وأنشد بيت القطامي :


من عن يمين الحبيا نظرة قبل

قال : ومما يقع الفرق فيه بين من وعن أن من يضاف بها ما قرب من الأسماء ، وعن يوصل بها ما تراخى ، كقولك : سمعت من فلان حديثا ، وحدثنا عن فلان حديثا . وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده أي : من عباده . الأصمعي : حدثني فلان من فلان ، يريد عنه . ولهيت من فلان وعنه ، وقال الكسائي : لهيت عنه لا غير ، وقال : اله منه وعنه ، وقال : عنك جاء هذا ، يريد منك ؛ وقال ساعدة بن جؤية :


أفعنك لا برق كأن وميضه     غاب تسنمه ضرام موقد

قال : يريد أمنك برق ، ولا صلة ؛ روى جميع ذلك أبو عبيد عنهم ، قال : وقال ابن السكيت تكون عن بمعنى على ؛ وأنشد بيت ذي الإصبع العدواني :


لا أفضلت في حسب عني

قال : عني في معنى علي أي : لم تفضل في حسب علي ، قال : وقد جاء عن بمعنى بعد ؛ وأنشد :


ولقد شبت الحروب فما غم     مرت فيها إذ قلصت عن حيال

أي : قلصت بعد حيالها ؛ وقال في قول لبيد :


لورد تقلص الغيطان عنه     يبك مسافة الخمس الكمال

قال : قوله عنه أي : من أجله . والعرب تقول : سر عنك وانفذ عنك أي : امض وجز ، لا معنى لعنك . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أنه طاف بالبيت مع يعلى بن أمية ، فلما انتهى إلى الركن الغربي الذي يلي الأسود قال له : ألا تستلم ؟ فقال له : انفذ عنك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلمه ؛ وفي الحديث : تفسيره أي : دعه . ويقال : جاءنا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فتخفض النون . ويقال : جاءنا من الخير ما أوجب الشكر فتفتح النون ؛ لأن عن كانت في الأصل عني ومن أصلها منا ، فدلت الفتحة على سقوط الألف كما دلت الكسرة في عن على سقوط الياء ؛ وأنشد بعضهم :


منا أن ذر قرن الشمس حتى     أغاث شريدهم ملث الظلام

وقال الزجاج : في إعراب من الوقف إلا أنها فتحت مع الأسماء التي تدخلها الألف واللام لالتقاء الساكنين كقولك من الناس ، النون من من ساكنة والنون من الناس ساكنة ، وكان في الأصل أن تكسر لالتقاء الساكنين ، ولكنها فتحت لثقل اجتماع كسرتين لو كان من الناس لثقل ذلك ، وأما إعراب عن الناس فلا يجوز فيه إلا الكسر ؛ لأن أول عن مفتوح ، قال : والقول ما قال الزجاج في الفرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية