صفحة جزء
[ عنا ]

عنا : قال الله تعالى : وعنت الوجوه للحي القيوم . قال الفراء : [ ص: 314 ] عنت الوجوه نصبت له وعملت له ، وذكر أيضا أنه وضع المسلم يديه وجبهته وركبتيه إذا سجد وركع ، وهو في معنى العربية أن تقول للرجل : عنوت لك خضعت لك وأطعتك ، وعنوت للحق عنوا : خضعت . قال ابن سيده : وقيل : كل خاضع لحق أو غيره عان ، والاسم من كل ذلك العنوة . والعنوة : القهر . وأخذته عنوة أي : قسرا وقهرا ، من باب أتيته عدوا . قال ابن سيده : ولا يطرد عند سيبويه ، وقيل : أخذه عنوة أي : عن طاعة وعن غير طاعة . وفتحت هذه البلدة عنوة أي : فتحت بالقتال ، قوتل أهلها حتى غلبوا عليها ، وفتحت البلدة الأخرى صلحا أي : لم يغلبوا ، ولكن صولحوا على خرج يؤدونه . وفي حديث الفتح : أنه دخل مكة عنوة أي : قهرا وغلبة . قال ابن الأثير : هو من عنا يعنو إذا ذل وخضع ، والعنوة المرة منه ، كأن المأخوذ بها يخضع ويذل . وأخذت البلاد عنوة بالقهر والإذلال . ابن الأعرابي : عنا يعنو إذا أخذ الشيء قهرا . وعنا يعنو عنوة فيهما إذا أخذ الشيء صلحا بإكرام ورفق . والعنوة أيضا : المودة . قال الأزهري : قولهم أخذت الشيء عنوة يكون غلبة ، ويكون عن تسليم وطاعة ممن يؤخذ منه الشيء ؛ وأنشد الفراء لكثير :


فما أخذوها عنوة عن مودة ولكن ضرب المشرفي استقالها

فهذا على معنى التسليم والطاعة بلا قتال . وقال الأخفش في قوله تعالى : وعنت الوجوه استأسرت . قال : والعاني الأسير . وقال أبو الهيثم : العاني الخاضع ، والعاني العبد ، والعاني السائل من ماء أو دم . يقال : عنت القربة تعنو إذا سال ماؤها ، وفي المحكم : عنت القربة بماء كثير تعنو ، لم تحفظه فظهر ؛ قالالمتنخل الهذلي :


تعنو بمخروت له ناضح     ذو ريق يغذو وذو شلشل

ويروى : قاطر ، بدل ناضح . قال شمر : تعنو تسيل بمخروت أي : من شق مخروت ، والخرت : الشق في الشنة ، والمخروت : المشقوق ، رواه ذو شلشل . قال الأزهري : معناه ذو قطران من الواشن ، وهو القاطر ، ويروى : ذو رونق . ودم عان : سائل ؛ قال :


لما رأت أمه بالباب مهرته     على يديها دم من رأسه عان

وعنوت فيهم وعنيت عنوا وعناء : صرت أسيرا .

وأعنيته : أسرته . وقال أبو الهيثم : العناء الحبس في شدة وذل . يقال : عنا الرجل يعنو عنوا وعناء إذا ذل لك واستأسر . قال : وعنيته أعنيه تعنية إذا أسرته وحبسته مضيقا عليه . وفي الحديث : اتقوا الله في النساء ؛ فإنهن عندكم عوان أي : أسرى أو كالأسرى ، واحدة العواني عانية ، وهي الأسيرة ؛ يقول : إنما هن عندكم بمنزلة الأسرى . قال ابن سيده : والعواني النساء ؛ لأنهن يظلمن فلا ينتصرن . وفي حديث المقدام : الخال وارث من لا وارث له يفك عانه أي : عانيه ، فحذف الياء ، وفي رواية : يفك عنيه ، بضم العين وتشديد الياء . يقال : عنا يعنو عنوا وعنيا ، ومعنى الأسر في هذا الحديث ما يلزمه ويتعلق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن يتحملها العاقلة ، هذا عند من يورث الخال ، ومن لا يورثه يكون معناه أنها طعمة يطعمها الخال لا أن يكون وارثا ، ورجل عان وقوم عناة ونسوة عوان ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : عودوا المرضى وفكوا العاني ، يعني الأسير . وفي حديث آخر : أطعموا الجائع وفكوا العاني ، قال : ولا أراه مأخوذا إلا من الذل والخضوع . وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا ، والاسم منه العنوة ؛ قال القطامي :


ونأت بحاجتنا وربت عنوة     لك من مواعدها التي لم تصدق

الليث : يقال للأسير عنا يعنو وعني يعنى ، قال : وإذا قلت أعنوه فمعناه أبقوه في الإسار . قال الجوهري : يقال عنى فيهم فلان أسيرا أي : أقام فيهم على إساره واحتبس . وعناه غيره تعنية : حبسه . والتعنية : الحبس ؛ قال أبو ذؤيب :


مشعشعة من أذرعات هوت بها     ركاب وعنتها الزقاق وقارها

وقال ساعدة بن جؤية :


فإن يك عتاب أصاب بسهمه     حشاه فعناه الجوى والمحارف

دعا عليه بالحبس والثقل من الجراح . وفي حديث علي كرم الله وجهه : أنه كان يحرض أصحابه يوم صفين ويقول : استشعروا الخشية وعنوا بالأصوات . أي : احبسوها وأخفوها ، من التعنية الحبس والأسر ، كأنه نهاهم عن اللغط ورفع الأصوات . والأعناء : الأخلاط من الناس خاصة ، وقيل : من الناس وغيرهم ، واحدها عنو . وعنى فيه الأكل يعنى ، شاذة : نجع ؛ لم يحكها غيرأبي عبيد . قال ابن سيده : حكمنا عليها أنها يائية ؛ لأن انقلاب الألف لاما عن الياء أكثر من انقلابها عن الواو . الفراء : ما يعنى فيه الأكل أي : ما ينجع ، عنى يعنى . الفراء : شرب اللبن شهرا فلم يعن فيه ، كقولك لم يغن عنه شيئا ، وقد عني يعنى عنيا بكسر النون من عني . ومن أمثالهم : عنيته تشفي الجرب ؛ يضرب مثلا للرجل إذا كان جيد الرأي ، وأصل العنية ، فيما روى أبو عبيد ، أبوال الإبل يؤخذ معها أخلاط فتخلط ثم تحبس زمانا في الشمس ثم تعالج بها الإبل الجربى ، سميت عنية من التعنية وهو الحبس . قال ابن سيده : والعنية على فعيلة . والتعنية : أخلاط من بعر وبول يحبس مدة ثم يطلى به البعير الجرب ؛ قال أوس بن حجر :


كأن كحيلا معقدا أو عنية     على رجع ذفراها من الليت واكف

وقيل : العنية أبوال الإبل تستبال في الربيع حين تجزأ عن الماء ، ثم تطبخ حتى تخثر ، ثم يلقى عليها من زهر ضروب العشب وحب المحلب فتعقد بذلك ثم تجعل في بساتيق صغار . وقيل : هو البول يؤخذ وأشياء معه فيخلط ويحبس زمنا ، وقيل : هو البول يوضع في الشمس حتى يخثر ، وقيل : العنية الهناء ما كان ، وكله من الخلط والحبس . وعنيت البعير تعنية : طليته بالعنية ؛ عن اللحياني أيضا . والعنية : أبوال يطبخ معها شيء من الشجر ثم يهنأ به البعير ، واحدها عنو . وفي حديث الشعبي : لأن أتعنى بعنية أحب إلي من أن أقول في [ ص: 315 ] مسألة برأيي ؛ العنية : بول فيه أخلاط تطلى به الإبل الجربى ، والتعني التطلي بها ، سميت عنية لطول الحبس ؛ قال الشاعر :


عندي دواء الأجرب المعبد     عنية من قطران معقد

وقال ذو الرمة :


كأن بذفراها عنية مجرب     لها وشل في قنفذ الليت ينتح

والقنفذ : ما يعرق خلف أذن البعير . وأعناء السماء : نواحيها ، الواحد عنو . وأعناء الوجه : جوانبه ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


فما برحت تقريه أعناء وجهها     وجبهتها حتى ثنته قرونها

ابن الأعرابي : الأعناء النواحي ، واحدها عنا ، وهي الأعنان أيضا ؛ قال ابن مقبل :


لا تحرز المرء أعناء البلاد ولا     تبنى له في السماوات السلاليم

ويروى : أحجاء .

وأورد الأزهري هنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم : أنه سئل عن الإبل فقال : أعنان الشياطين . أراد أنها مثلها ، كأنه أراد أنها من نواحي الشياطين . وقال اللحياني : يقال فيها أعناء من الناس وأعراء من الناس ، واحدهما عنو وعرو أي : جماعات . وقال أحمد بن يحيى : بها أعناء من الناس وأفناء أي : أخلاط ، الواحد عنو وفنو ، وهم قوم من قبائل شتى . وقال الأصمعي : أعناء الشيء جوانبه ، واحدها عنو ، بالكسر . وعنوت الشيء : أبديته . وعنوت به وعنوته : أخرجته وأظهرته ، وأعنى الغيث النبات كذلك ؛ قال عدي بن زيد :


ويأكلن ما أعنى الولي فلم يلت     كأن بحافات النهاء المزارعا

فلم يلت أي : فلم ينقص منه شيئا ؛ قال ابن سيده : هذه الكلمة واوية وبائية . وأعناه المطر : أنبته . ولم تعن بلادنا العام بشيء أي : لم تنبت شيئا ، والواو لغة . الأزهري : يقال للأرض لم تعن بشيء أي : لم تنبت شيئا ، ولم تعن بشيء ، والمعنى واحد كما يقال حثوت عليه التراب وحثيت . وقال الأصمعي : سألته فلم يعن لي بشيء . كقولك : لم يند لي بشيء ولم يبض لي بشيء . وما أعنت الأرض شيئا أي : ما أنبتت ؛ وقال ابن بري في قول عدي :


ويأكلن ما أعنى الولي

قال : حذف الضمير العائد على ما ، أي : ما أعناه الولي ، وهو فعل منقول بالهمز ، وقد يتعدى بالباء فيقال : عنت به في معنى أعنته ؛ وعليه قول ذي الرمة :


مما عنت به

وسنذكره عقبها . وعنت الأرض بالنبات تعنو عنوا وتعني أيضا وأعنته : أظهرته . وعنوت الشيء : أخرجته ؛ قال ذو الرمة :


ولم يبق بالخلصاء مما عنت به     من الرطب إلا يبسها وهجيرها

وأنشد بيت المتنخل الهذلي :


تعنو بمخروت له ناضح

وعنا النبت يعنو إذا ظهر ، وأعناه المطر إعناء . وعنا الماء إذا سال ، وأعنى الرجل إذا صادف أرضا قد أمشرت وكثر كلؤها . ويقال : خذ هذا وما عاناه أي : ما شاكله . وعنا الكلب للشيء يعنو : أتاه فشمه . ابن الأعرابي : هذا يعنو هذا أي : يأتيه فيشمه . والهموم تعاني فلانا أي : تأتيه ؛ وأنشد :


وإذا تعانيني الهموم قريتها     سرح اليدين تخالس الخطرانا

ابن الأعرابي : عنيت بأمره عناية وعنيا وعناني أمره سواء في المعنى ؛ ومنه قولهم :


إياك أعني واسمعي يا جاره

ويقال : عنيت وتعنيت ، كل يقال . ابن الأعرابي : عنا عليه الأمر أي : شق عليه ؛ وأنشد قول مزرد :


وشق على امرئ وعنا عليه     تكاليف الذي لن يستطيعا

ويقال : عني بالشيء ، فهو معني به وأعنيته وعنيته بمعنى واحد ؛ وأنشد :


ولم أخل في قفر ولم أوف مربأ     يفاعا ولم أعن المطي النواجيا

وعنيته : حبسته حبسا طويلا ، وكل حبس طويل تعنية ؛ ومنه قول الوليد بن عقبة :


قطعت الدهر كالسدم المعنى     تهدر في دمشق وما تريم

قال الجوهري : وقيل إن المعنى في هذا البيت فحل لئيم إذا هاج حبس في العنة ؛ لأنه يرغب عن فحلته ، ويقال : أصله معنن فأبدلت من إحدى النونات ياء . قال ابن سيده : والمعنى فحل مقرف يقمط إذا هاج ؛ لأنه يرغب عن فحلته . ويقال : لقيت من فلان عنية وعناء أي : تعبا . وعناه الأمر يعنيه عناية وعنيا : أهمه . وقوله تعالى : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وقرئ يعنيه ، فمن قرأ يعنيه بالعين المهملة فمعناه له شأن لا يهمه معه غيره ، وكذلك شأن يغنيه أي : لا يقدر مع الاهتمام به على الاهتمام بغيره . وقال أبو تراب : يقال ما أعنى شيئا وما أغنى شيئا بمعنى واحد . واعتنى هو بأمره : اهتم . وعني بالأمر عناية ، ولا يقال ما أعناني بالأمر ؛ لأن الصيغة موضوعة لما لم يسم فاعله ، وصيغة التعجب إنما هي لما سمي فاعله . وجلس أبو عثمان إلى أبي عبيدة فجاءه رجل فسأله فقال له : كيف تأمر من قولنا عنيت بحاجتك ؟ فقال له أبو عبيدة : أعن بحاجتي ، فأومأت إلى الرجل أن ليس كذلك ، فلما خلونا قلت له : إنما يقال لتعن بحاجتي ، قال : فقال ليأبو عبيدة لا تدخل إلي ، قلت : لم ؟ قال : لأنك كنت مع رجل دوري سرق مني عام أول قطيفة لي ، فقلت : لا والله ما الأمر كذلك ، ولكنك سمعتني أقول ما سمعت ، أو كلاما هذا معناه . وحكى ابن الأعرابي وحده : عنيت بأمره بصيغة الفاعل [ ص: 316 ] عناية وعنيا فأنا به عن ، وعنيت بأمرك فأنا معني ، وعنيت بأمرك فأنا عان . وقال الفراء : يقال هو معني بأمره وعان بأمره وعن بأمره بمعنى واحد . قال ابن بري : إذا قلت عنيت بحاجتك ، فعديته بالباء ، كان الفعل مضموم الأول ، فإذا عديته بفي فالوجه فتح العين فتقول عنيت ؛ قال الشاعر :


إذا لم تكن في حاجة المرء عانيا     نسيت ولم ينفعك عقد الرتائم

وقال بعض أهل اللغة : لا يقال عنيت بحاجتك إلا على معنى قصدتها ، من قولك عنيت الشيء أعنيه إذا كنت قاصدا له ، فأما من العناء ، وهو العناية ، فبالفتح نحو عنيت بكذا وعنيت في كذا . وقال البطليوسي : أجاز ابن الأعرابي عنيت بالشيء أعنى به ، فأنا عان ؛ وأنشد :


عان بأخراها طويل الشغل     له جفيران وأي نبل

وعنيت بحاجتك أعنى بها وأنا بها معني ، على مفعول . وفي الحديث : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . أي : لا يهمه . وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى أتاه جبريل فقال : بسم الله أرقيك من كل داء يعنيك ، من شر كل حاسد ومن شر كل عين .

قوله يعنيك أي : يشغلك . ويقال : هذا الأمر لا يعنيني أي : لا يشغلني ولا يهمني ؛ وأنشد :


عناني عنك والأنصاب حرب     كأن صلابها الأبطال هيم

أراد : شغلني ؛ وقال آخر :


لا تلمني على البكاء خليلي     إنه ما عناك قدما عناني

وقال آخر :


إن الفتى ليس يعنيه ويقمعه     إلا تكلفه ما ليس يعنيه

أي : لا يشغله ، وقيل : معنى قول جبريل عليه السلام : يعنيك أي : يقصدك . يقال : عنيت فلانا عنيا أي : قصدته . ومن تعني بقولك أي : من تقصد . وعناني أمرك أي : قصدني ؛ وقال أبو عمرو في قول الجعدي :


وأعضاد المطي عواني

أي : عوامل . وقال أبو سعيد : معنى قوله عواني أي : قواصد في السير . وفلان تتعناه الحمى أي : تتعهده ، ولا تقال هذه اللفظة في غير الحمى . ويقال : عنيت في الأمر أي : تعنيت فيه ، فأنا أعنى وأنا عن ، فإذا سألت قلت : كيف من تعنى بأمره ؟ مضموم ؛ لأن الأمر عناه ، ولا يقال كيف من تعنى بأمره . وعانى الشيء : قاساه . والمعاناة : المقاساة . يقال : عاناه وتعناه وتعنى هو ؛ وقال :


فقلت لها الحاجات يطرحن بالفتى     وهم تعناه معنى ركائبه

وروى أبو سعيد : المعاناة المداراة ؛ قال الأخطل :


فإن أك قد عانيت قومي وهبتهم     فهلهل وأول عن نعيم بن أخثما

هلهل : تأن وانتظر . وقال الأصمعي : المعاناة والمقاناة حسن السياسة . ويقال : ما يعانون مالهم ولا يقانونه أي : ما يقومون عليه . وفي حديث عقبة بن عامر في الرمي بالسهام : لولا كلام سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أعانه . معاناة الشيء : ملابسته ومباشرته . والقوم يعانون مالهم أي : يقومون عليه . وعنى الأمر يعني واعتنى : نزل ؛ قال رؤبة :


إني وقد تعني أمور تعتني     على طريق العذر إن عذرتني

وعنت به أمور : نزلت . وعنى عناء وتعنى : نصب .

وعنيته أنا تعنية وتعنيته أيضا فتعنى ، وتعنى العناء : تجشمه ، وعناه هو وأعناه ؛ قال أمية :


وإني بليلى والديار التي أرى     لكالمبتلى المعنى بشوق موكل

وقوله أنشده ابن الأعرابي :


عنسا تعنيها وعنسا ترحل

فسره فقال : تعنيها تحرثها وتسقطها .

والعنية : العناء . وعناء عان ومعن : كما يقال شعر شاعر وموت مائت ؛ قال تميم بن مقبل :


تحملن من جبان بعد إقامة     وبعد عناء من فؤادك عان

وقال الأعشى :


لعمرك ما طول هذا الزمن     على المرء إلا عناء معن

ومعنى كل شيء : محنته وحاله التي يصير إليها أمره . وروى الأزهري عن أحمد بن يحيى قال : المعنى والتفسير والتأويل واحد . وعنيت بالقول كذا : أردت . ومعنى كل كلام ومعناته ومعنيته : مقصده ، والاسم العناء . يقال : عرفت ذلك في معنى كلامه ومعناة كلامه وفي معني كلامه . ولا تعان أصحابك أي : لا تشاجرهم ؛ عن ثعلب . والعناء : الضر . وعنوان الكتاب : مشتق فيما ذكروا من المعنى ، وفيه لغات : عنونت وعنيت وعننت . وقال الأخفش : عنوت الكتاب واعنه ؛ وأنشد يونس :


فطن الكتاب إذا أردت جوابه     واعن الكتاب لكي يسر ويكتما

قال ابن سيده : العنوان والعنوان سمة الكتاب . وعنونه عنونة وعنوانا وعناه ، كلاهما : وسمه بالعنوان . وقال أيضا : والعنيان سمة الكتاب ، وقد عناه وأعناه ، وعنونت الكتاب وعلونته . قال يعقوب : وسمعت من يقول : أطن وأعن أي : عنونه واختمه . قال ابن سيده : وفي جبهته عنوان من كثرة السجود أي : أثر ؛ حكاه اللحياني ؛ وأنشد :


وأشمط عنوان به من سجوده     كركبة عنز من عنوز بني نصر

[ ص: 317 ] والمعنى : جمل كان أهل الجاهلية ينزعون سناسن فقرته ويعقرون سنامه لئلا يركب ولا ينتفع بظهره . قال الليث : كان أهل الجاهلية إذا بلغت إبل الرجل مائة عمدوا إلى البعير الذي أمأت به إبله فأغلقوا ظهره لئلا يركب ولا ينتفع بظهره ، ليعرف أن صاحبها ممئ ، وإغلاق ظهره أن ينزع منه سناسن من فقرته ويعقر سنامه ؛ قال ابن سيده : وهذا يجوز أن يكون من العناء الذي هو التعب ، فهو بذلك من المعتل بالياء ، ويجوز أن يكون من الحبس عن التصرف فهو على هذا من المعتل بالواو ؛ وقال في قول الفرزدق :


غلبتك بالمفقئ والمعني     وبيت المحتبي والخافقات

يقول : غلبتك بأربع قصائد منها المفقئ ، وهو بيته :


فلست ولو فقأت عينك واجدا     أبا لك إن عد المساعي كدارم

قال : وأراد بالمعني قوله تعنى في بيته :


تعنى يا جرير لغير شيء     وقد ذهب القصائد للرواة
فكيف ترد ما بعمان منها     وما بجبال مصر مشهرات

قال الجوهري : ومنها قوله :


فإنك إذ تسعى لتدرك دارما     لأنت المعنى يا جرير المكلف

وأراد بالمحتبي قوله :


بيتا زرارة محتب بفنائه     ومجاشع وأبو الفوارس نهشل
لا يحتبي بفناء بيتك مثلهم     أبدا إذا عد الفعال الأفضل

وأراد بالخافقات قوله :


وأين يقضي المالكان أمورها     بحق وأين الخافقات اللوامع
أخذنا بآفاق السماء عليكم     لنا قمراها والنجوم الطوالع



التالي السابق


الخدمات العلمية