صفحة جزء
[ عور ]

عور : العور : ذهاب حس إحدى العينين ، وقد عور عورا وعار يعار واعور ، وهو أعور ، صحت العين في عور لأنه في معنى ما لا بد من صحته ، وهو أعور بين العور ، والجمع عور وعوران ؛ وأعور الله عين فلان وعورها ، وربما قالوا : عرت عينه . وعورت عينه واعورت إذا ذهب بصرها ؛ قال الجوهري : إنما صحت الواو في عورت عينه لصحتها في أصله ، وهو اعورت ، لسكون ما قبلها ثم حذفت الزوائد الألف والتشديد فبقي عور ، يدل على أن ذلك أصله مجيء أخواته [ ص: 331 ] على هذا : اسود يسود واحمر يحمر ، ولا يقال في الألوان غيره ؛ قال : وكذلك قياسه في العيوب اعرج واعمي في عرج وعمي ، وإن لم يسمع ، والعرب تصغر الأعور عويرا ، ومنه قولهم : كسير وعوير وكل غير خير . قالالجوهري : ويقال في الخصلتين المكروهتين : كسير وعوير وكل غير خير ، وهو تصغير أعور مرخما . قال الأزهري : عارت عينه تعار وعورت تعور واعورت تعور واعوارت تعوار بمعنى واحد . ويقال : عار عينه يعورها إذا عورها ؛ ومنه قول الشاعر :


فجاء إليها كاسرا جفن عينه فقلت له من عار عينك عنتره



يقول : من أصابها بعوار ؟ ويقال : عرت عينه أعورها وأعارها من العائر . قال ابن بزرج : يقال عار الدمع يعير عيرانا إذا سال ؛ وأنشد :


وربت سائل عني حفي     أعارت عينه أم لم تعارا



أي : أدمعت عينه ؟ قال الجوهري : وقد عارت عينه تعار ، وأورد هذا البيت :


وسائلة بظهر الغيب عني     أعارت عينه أم لم تعارا



قال : أراد تعارن ، فوقف بالألف ؛ قال ابن بري : أورد هذا البيت على عارت أي : عورت ، قال : والبيت لعمرو بن أحمر الباهلي ؛ قال : والألف في آخر تعارا بدل من النون الخفيفة ، أبدل منها ألفا لما وقف عليها ، ولهذا سلمت الألف التي بعد العين إذ لو لم يكن بعدها نون التوكيد لانحذفت ، وكنت تقول لم تعر كما تقول لم تخف ، وإذا ألحقت النون ثبتت الألف فقلت : لم تخافن لأن الفعل مع نون التوكيد مبني فلا يلحقه جزم . وقولهم : بدل أعور ؛ مثل يضرب للمذموم يخلف بعد الرجل المحمود . وفي حديث أم زرع : فاستبدلت بعده وكل بدل أعور ؛ هو من ذلك ، قال عبد الله بن همام السلولي لقتيبة بن مسلم ، وولي خراسان بعد يزيد بن المهلب :


أقتيب قد قلنا غداة أتيتنا     بدل لعمرك من يزيد أعور



وربما قالوا : خلف أعور ؛ قال أبو ذؤيب :


فأصبحت أمشي في ديار كأنها     خلاف ديار الكاملية عور



كأنه جمع خلفا على خلاف مثل جبل وجبال . قال : والاسم العورة . وعوران قيس : خمسة شعراء عور ، وهم الأعور الشني والشماخ ، وتميم بن أبي بن مقبل وابن أحمر و حميد بن ثور الهلالي . وبنو الأعور : قبيلة ، سموا بذلك لعور أبيهم ؛ فأما قوله : في بلاد الأعورينا ؛ فعلى الإضافة كالأعجمين وليس بجمع أعور لأن مثل هذا لا يسلم عند سيبويه . وعاره وأعوره وعوره : صيره كذلك ؛ فأما قول جبلة :


وبعت لها العين الصحيحة بالعور



فإنه أراد العوراء فوضع المصدر موضع الصفة ، ولو أراد العور الذي هو العرض لقابل الصحيحة وهي جوهر بالعور ، وهو عرض ، وهذا قبيح في الصنعة وقد يجوز أن يريد العين الصحيحة بذات العور فحذف ، وكل هذا ليقابل الجوهر بالجوهر لأن مقابلة الشيء بنظيره أذهب في الصنع والأشرف في الوضع ؛ فأما قول أبي ذؤيب :


فالعين بعدهم كأن حداقها     سملت بشوك فهي عور تدمع



فعلى أنه جعل كل جزء من الحدقة أعور أو كل قطعة منها عوراء ، وهذه ضرورة ، وإنما آثر أبو ذؤيب هذا لأنه لو قال : فهي عورا تدمع ، لقصر الممدود فرأى ما عمله أسهل عليه وأخف . وقد يكون العور في غير الإنسان ؛ قال سيبويه : حدثنا بعض العرب أن رجلا من بني أسد قال يوم جبلة : واستقبله بعير أعور فتطير ، فقال : يا بني أعور وذا ناب ، فاستعمل الأعور للبعير ، ووجه نصبه أنه لم يرد أن يسترشدهم ليخبروه عن عوره وصحته ، ولكنه نبههم كأنه قال : أتستقبلون أعور وذا ناب ؟ فالاستقبال في حال تنبيهه إياهم كان واقعا كما كان التلون والتنقل عندك ثابتين في الحال الأول ، وأراد أن يثبت الأعور ليحذروه ، فأما قول سيبويه في تمثيل النصب أتعورون فليس من كلام العرب ، إنما أراد أن يرينا البدل من اللفظ به بالفعل فصاغ فعلا ليس من كلام العرب ؛ ونظير ذلك قوله في الأعيار من قول الشاعر :


أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة     وفي الحرب أشباه النساء العوارك



أتعيرون ، وكل ذلك إنما هو ليصوغ الفعل مما لا يجري على الفعل أو مما يقل جريه عليه . والأعور : الغراب ، على التشاؤم به ، لأن الأعور عندهم مشئوم ، وقيل : لخلاف حاله لأنهم يقولون أبصر من غراب ، قالوا : وإنما سمي الغراب أعور لحدة بصره ، كما يقال للأعمى أبو بصير وللحبشي أبو البيضاء ، ويقال للأعمى بصير وللأعور الأحول . قال الأزهري : رأيت في البادية امرأة عوراء يقال لها حولاء ؛ قال : والعرب تقول للأحول العين أعور ، وللمرأة الحولاء هي عوراء ، ويسمى الغراب عويرا على ترخيم التصغير ؛ قال : سمي الغراب أعور ويصاح به فيقال عوير عوير ؛ وأنشد :


وصحاح العيون يدعون عورا



وقوله أنشده ثعلب :


ومنهل أعور إحدى العينين     بصير أخرى وأصم الأذنين



فسره فقال : معنى أعور إحدى العينين أي : فيه بئران فذهبت واحدة فذلك معنى قوله أعور إحدى العينين ، وبقيت واحدة فذلك معنى قوله بصير أخرى ، وقوله أصم الأذنين أي : ليس يسمع فيه صدى . قال شمر : عورت عيون المياه إذا دفنتها وسددتها ، وعورت الركية إذا كبستها بالتراب حتى تنسد عيونها . وفلاة عوراء : لا ماء بها . وعور عين الركية : أفسدها حتى نضب الماء . وفي حديث عمر وذكر امرأ القيس فقال : افتقر عن معان عور ؛ العور جمع أعور وعوراء وأراد به المعاني الغامضة الدقيقة ، وهو من عورت الركية وأعرتها وعرتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء . وفي حديث علي : أمره أن يعور آبار بدر أي : يدفنها ويطمها ؛ وقد عارت الركية تعور . وقال ابن الأعرابي : العوار البئر التي لا يستقى منها . قال : وعورت الرجل [ ص: 332 ] إذا استسقاك فلم تسقه . قال الجوهري : ويقال للمستجيز الذي يطلب الماء إذا لم تسقه : قد عورت شربه ؛ قال الفرزدق :


متى ما ترد يوما سفار تجد به     أديهم يرمي المستجيز المعورا



سفار : اسم ماء . والمستجيز : الذي يطلب الماء . ويقال : عورته عن الماء تعويرا أي : حلأته . وقال أبو عبيدة : التعوير الرد . عورته عن حاجته : رددته عنها . وطريق أعور : لا علم فيه كأن ذلك العلم عينه ، وهو مثل . والعائر : كل ما أعل العين فعقر ، سمي بذلك لأن العين تغمض له ولا يتمكن صاحبها من النظر لأن العين كأنها تعور . وما رأيت عائر عين أي : أحدا يطرف العين فيعورها . وعائر العين : ما يملؤها من المال حتى يكاد يعورها . وعليه من المال عائرة عينين وعيرة عينين ؛ كلاهما عن اللحياني ، أي : ما يكاد من كثرته يفقأ عينيه ، وقال مرة : يريد الكثرة كأنه يملأ بصره . قال أبو عبيد : يقال للرجل إذا كثر ماله : ترد على فلان عائرة عين وعائرة عينين أي : ترد عليه إبل كثيرة كأنها من كثرتها تملأ العينين حتى تكاد تعورهما أي : تفقؤهما . وقال أبو العباس : معناه أنه من كثرتها تعير فيها العين ؛ قال الأصمعي : أصل ذلك أن الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا بلغ إبله ألفا عار عين بعير منها ، فأرادوا بعائرة العين ألفا من الإبل تعور عين واحد منها . قال الجوهري : وعنده من المال عائرة عين أي : يحار فيه البصر من كثرته كأنه يملأ العين فيعورها . والعائر كالطعن أو القذى في العين : اسم كالكاهل والغارب ، وقيل : العائر الرمد ، وقيل : العائر بثر يكون في جفن العين الأسفل ، وهو اسم لا مصدر بمنزلة النالج والناعر والباطل ، وليس اسم فاعل ولا جاريا على معتل ، وهو كما تراه معتل . وقال الليث : العائر غمصة تمض العين كأنما وقع فيها قذى ، وهو العوار . قال : وعين عائرة ذات عوار ؛ قال : ولا يقال في هذا المعنى عارت ، إنما يقال عارت إذا عورت ، والعوار - بالتشديد - كالعائر ، والجمع عواوير : القذى في العين ؛ يقال : بعينه عوار أي : قذى ؛ فأما قوله :


وكحل العينين بالعواور



فإنما حذف الياء للضرورة ، ولذلك لم يهمز لأن الياء في نية الثبات ، فكما كان لا يهمزها والياء ثابتة كذلك لم يهمزها والياء في نية الثبات . وروى الأزهري عن اليزيدي : بعينه ساهك وعائر ، وهما من الرمد . والعوار : الرمد . والعوار : الرمص الذي في الحدقة . والعوار : اللحم الذي ينزع من العين بعدما يذر عليه الذرور ، وهو من ذلك . والعوراء : الكلمة القبيحة أو الفعلة القبيحة ، وهو من هذا لأن الكلمة أو الفعلة كأنها تعور العين فيمنعها ذلك من الطموح وحدة النظر ، ثم حولوها إلى الكلمة والفعلة على المثل ، وإنما يريدون في الحقيقة صاحبها ؛ قال ابن عنقاء الفزاري يمدح ابن عمه عميلة وكان عميلة هذا قد جبره من فقر :


إذا قيلت العوراء أغضى كأنه     ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر



وقال آخر :


حملت منه على عوراء طائشة     لم أسه عنها ولم أكسر لها فزعا



قال أبو الهيثم : يقال للكلمة القبيحة عوراء ، وللكلمة الحسناء : عيناء ؛ وأنشد قول الشاعر :


وعوراء جاءت من أخ فرددتها     بسالمة العينين طالبة عذرا



أي : بكلمة حسنة لم تكن عوراء . وقال الليث : العوراء الكلمة التي تهوي في غير عقل ولا رشد . قال الجوهري : الكلمة العوراء القبيحة ، وهي السقطة قال حاتم طيء :


وأغفر عوراء الكريم ادخاره     وأعرض عن شتم اللئيم تكرما



أي : لادخاره . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من العوراء يقولها ؟ ! أي : الكلمة القبيحة الزائغة عن الرشد . وعوران الكلام : ما تنفيه الأذن ، وهو منه ، الواحدة عوراء ؛ عن أبي زيد ، وأنشد :


وعوراء قد قيلت فلم أستمع لها     وما الكلم العوران لي بقتول



وصف الكلم بالعوران لأنه جمع وأخبر عنه بالقتول ، وهو واحد لأن الكلم يذكر ويؤنث ، وكذلك كل جمع لا يفارق واحده إلا بالهاء ولك فيه كل ذلك . والعور : شين وقبح . والأعور : الرديء من كل شيء . وفي الحديث : لما اعترض أبو لهب على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إظهار الدعوة قال له أبو طالب : يا أعور ما أنت وهذا ؟ لم يكن أبو لهب أعور ولكن العرب تقول الذي ليس له أخ من أمه وأبيه أعور ، وقيل : إنهم يقولون للرديء من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور ، وللمؤنث منه عوراء . والأعور : الضعيف الجبان البليد الذي لا يدل ولا يندل ولا خير فيه ؛ عن ابن الأعرابي ، وأنشد للراعي :


إذا هاب جثمانه الأعور



يعني بالجثمان سواد الليل ومنتصفه ، وقيل : هو الدليل السيء الدلالة . والعوار أيضا : الضعيف الجبان السريع الفرار كالأعور ، وجمعه عواوير ؛ قال الأعشى :


غير ميل ولا عواوير في الهي     جا ولا عزل ولا أكفال



قال سيبويه : لم يكتف فيه بالواو والنون لأنهم قلما يصفون به المؤنث فصار كمفعال ومفعيل ولم يصر كفعال ، وأجروه مجرى الصفة فجمعوه بالواو والنون كما فعلوا ذلك في حسان وكرام . والعوار أيضا : الذين حاجاتهم في أدبارهم ؛ عن كراع . قال الجوهري : جمع العوار الجبان العواوير ، قال : وإن شئت لم تعوض في الشعر فقلت العواور ؛ وأنشد عجز بيت للبيد يخاطب عمه ويعاتبه :


وفي كل يوم ذي حفاظ بلوتني     فقمت مقاما لم تقمه العواور



[ ص: 333 ] وقال أبو علي النحوي : إنما صحت فيه الواو مع قربها من الطرف لأن الياء المحذوفة للضرورة مرادة فهي في حكم ما في اللفظ ، فلما بعدت في الحكم من الطرف لم تقلب همزة . ومن أمثال العرب السائرة : أعور عينك والحجر . والإعوار : الريبة . ورجل معور : قبيح السريرة . ومكان معور : مخوف . وهذا مكان معور أي : يخاف فيه القطع . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه : قال مسعود بن هنيدة : رأيته وقد طلع في طريق معورة أي : ذات عورة يخاف فيها الضلال والانقطاع . وكل عيب وخلل في شيء ، فهو عورة . وشيء معور وعور : لا حافظ له . والعوار والعوار - بفتح العين وضمها : خرق أو شق في الثوب ، وقيل : هو عيب فيه فلم يعين ذلك ؛ قال ذو الرمة :


تبين نسبة المرئي لؤما     كما بينت في الأدم العوارا



وفي حديث الزكاة : لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ؛ قال ابن الأثير : العوار - بالفتح - العيب ، وقد يضم . والعورة : الخلل في الثغر وغيره ، وقد يوصف به منكورا فيكون للواحد ، والجمع بلفظ واحد . وفي التنزيل العزيز : إن بيوتنا عورة فأفرد الوصف والموصوف جمع ، وأجمع القراء على تسكين الواو من ( عورة ) ، ولكن في شواذ القراءات ( عورة ) على فعلة ، وإنما أرادوا : إن بيوتنا عورة أي : ممكنة للسراق لخلوها من الرجال فأكذبهم الله - عز وجل - فقال : وما هي بعورة ولكن يريدون الفرار ؛ وقيل معناه : إن بيوتنا عورة أي : معورة أي : بيوتنا مما يلي العدو ونحن نسرق منها فأعلم الله أن قصدهم الهرب . قال : ومن قرأها ( عورة ) فمعناها ذات عورة . إن يريدون إلا فرارا المعنى : ما يريدون تحرزا من سرق ولكن يريدون الفرار عن نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قيل : إن بيوتنا عورة أي : ليست بحريزة ، ومن قرأ ( عورة ) ذكر وأنث ، ومن قرأ ( عورة ) قال في التذكير والتأنيث ، والجمع عورة كالمصدر . قال الأزهري : العورة في الثغور وفي الحروب خلل يتخوف منه القتل . وقال الجوهري : العورة كل خلل يتخوف منه من ثغر أو حرب . والعورة : كل مكمن للستر . وعورة الرجل والمرأة : سوأتهما ، والجمع عورات - بالتسكين - والنساء عورة ؛ قال الجوهري : إنما يحرك الثاني من فعلة في جمع الأسماء إذا لم يكن ياء أو واوا ، وقرأ بعضهم : ( على عورات النساء ) بالتحريك . والعورة : الساعة التي هي قمن من ظهور العورة فيها ، وهي ثلاث ساعات : ساعة قبل صلاة الفجر ، وساعة عند نصف النهار ، وساعة بعد العشاء الآخرة . وفي التنزيل : ثلاث عورات لكم أمر الله - تعالى - الولدان والخدم أن لا يدخلوا في هذه الساعات إلا بتسليم منهم واستئذان . وكل أمر يستحيا منه : عورة . وفي الحديث : يا رسول الله ، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ العورات : جمع عورة ، وهي كل ما يستحيا منه إذا ظهر ، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة ، ومن المرأة الحرة جميع جسدها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين ، وفي أخمصها خلاف ، ومن الأمة مثل الرجل ، وما يبدو منها في حال الخدمة كالرأس والرقبة والساعد فليس بعورة . وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب ، وفيه عند الخلوة خلاف . وفي الحديث : المرأة عورة ؛ جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت . والمعور : الممكن البين الواضح . وأعور لك الصيد أي : أمكنك . وأعور الشيء : ظهر وأمكن ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد لكثير :


كذاك أذود النفس يا عز عنكم     وقد أعورت أسرار من لا يذودها



أعورت : أمكنت ، أي : من لم يذد نفسه عن هواها فحش إعوارها وفشت أسرارها . وما يعور له شيء إلا أخذه أي : يظهر . والعرب تقول : أعور منزلك إذا بدت منه عورة ، وأعور الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضرب ؛ وقال الشاعر يصف الأسد :


له الشدة الأولى إذا القرن أعورا



وفي حديث علي - رضي الله عنه : لا تجهزوا على جريح ولا تصيبوا معورا ؛ هو من أعور الفارس إذا بدا فيه موضع خلل للضرب . وعاره يعوره أي : أخذه وذهب به . وما أدري أي : الجراد عاره أي : أي الناس أخذه ؛ لا يستعمل إلا في الجحد ، وقيل : معناه وما أدري أي الناس ذهب به ، ولا مستقبل له . قال يعقوب : وقال بعضهم يعوره ، وقال أبو شبل : يعيره ، وسيذكر في الياء أيضا . وحكى اللحياني : أراك عرته وعرته أي : ذهبت به . قال ابن جني : كأنهم إنما لم يكادوا يستعملون مضارع هذا الفعل لما كان مثلا جاريا في الأمر المنقضي الفائت ، وإذا كان كذلك فلا وجه لذكر المضارع هاهنا لأنه ليس بمنقض ولا ينطقون فيه بيفعل ، ويقال : معنى عاره أي : أهلكه . ابن الأعرابي : تعور الكتاب إذا درس . وكتاب أعور : دارس . قال : والأعور الدليل السيء الدلالة لا يحسن أن يدل ولا يندل ؛ وأنشد :


ما لك يا أعور لا تندل     وكيف يندل امرؤ عتول



ويقال : جاءه سهم عائر فقتله ، وهو الذي لا يدرى من رماه ؛ وأنشد أبو عبيد :


أخشى على وجهك يا أمير     عوائرا من جندل تعير



وفي الحديث : أن رجلا أصابه سهم عائر فقتله ؛ أي : لا يدرى من رماه . والعائر من السهام والحجارة : الذي لا يدرى من رماه ؛ وفي ترجمة نسأ : وأنشد لمالك بن زغبة الباهلي :


إذا انتسؤوا فوت الرماح أتتهم     عوائر نبل كالجراد نطيرها



قال ابن بري : عوائر نبل أي : جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أين أتت . وعاور المكاييل وعورها : قدرها ، وسيذكر في الياء لغة في عايرها . والعوار : ضرب من الخطاطيف أسود طويل الجناحين ، وعم الجوهري فقال : العوار - بالضم والتشديد - الخطاف ؛ وينشد :


كما انقض تحت الصيق عوار



الصيق : الغبار . والعوارى : شجرة يؤخذ جراؤها فتشدخ ثم تيبس ثم تذرى ثم تحمل في الأوعية إلى مكة فتباع ويتخذ منها مخانق . قال ابن سيده : والعوار شجرة تنبت نبتة الشرية ولا تشب ، وهي [ ص: 334 ] خضراء ، ولا تنبت إلا في أجواف الشجر الكبار . ورجلة العوراء : بالعراق بميسان . والعارية والعارة : ما تداولوه بينهم ؛ وقد أعاره الشيء وأعاره منه وعاوره إياه . والمعاورة والتعاور : شبه المداولة والتداول في الشيء يكون بين اثنين ؛ ومنه قول ذي الرمة :


وسقط كعين الديك عاورت صاحبي     أباها وهيأنا لموقعها وكرا



يعني الزند وما يسقط من نارها ؛ وأنشد ابن المظفر :


إذا رد المعاور ما استعارا

وفي حديث صفوان بن أمية : عارية مضمونة مؤداة ، العارية يجب ردها إجماعا مهما كانت عينها باقية ، فإن تلفت وجب ضمان قيمتها عند الشافعي ، ولا ضمان فيها عند أبي حنيفة . وتعور واستعار : طلب العارية . واستعاره الشيء واستعاره منه : طلب منه أن يعيره إياه ؛ هذه عن اللحياني . وفي حديث ابن عباس وقصة العجل : من حلي تعوره بنو إسرائيل أي : استعاروه . يقال : تعور واستعار نحو تعجب واستعجب . وحكى اللحياني : أرى ذا الدهر يستعيرني ثيابي ، قال : يقوله الرجل إذا كبر وخشي الموت . واعتوروا الشيء وتعوروه وتعاوروه : تداولوه فيما بينهم ؛ قال أبو كبير :


وإذا الكماة تعاوروا طعن الكلى     نذر البكارة في الجزاء المضعف



قال الجوهري : إنما ظهرت الواو في اعتوروا لأنه في معنى تعاوروا فبني عليه كما ذكرنا في تجاوروا . وفي الحديث : يتعاورون على منبري أي : يختلفون ويتناوبون كلما مضى واحد خلفه آخر . يقال : تعاور القوم فلانا إذا تعاونوا عليه بالضرب واحدا بعد واحد . قال الأزهري : وأما العارية والإعارة والاستعارة فإن قول العرب فيها : هم يتعاورون العواري ويتعورونها - بالواو - كأنهم أرادوا تفرقة بين ما يتردد من ذات نفسه وبين ما يردد . قال : والعارية منسوبة إلى العارة ، وهو اسم من الإعارة . تقول : أعرته الشيء أعيره إعارة وعارة ، كما قالوا : أطعته إطاعة وطاعة وأجبته إجابة وجابة ؛ قال : وهذا كثير في ذوات الثلاثة ، منها العارة والدارة والطاقة وما أشبهها . ويقال : استعرت منه عارية فأعارنيها ؛ قال الجوهري : العارية - بالتشديد - كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب ؛ وينشد :


إنما أنفسنا عارية     والعواري قصار أن ترد



العارة : مثل العارية ؛ قال ابن مقبل :


فأخلف وأتلف إنما المال عارة     وكله مع الدهر الذي هو آكله



واستعاره ثوبا فأعاره إياه ؛ ومنه قولهم : كير مستعار ؛ وقال بشر بن أبي خازم :


كأن حفيف منخره إذا ما     كتمن الربو كير مستعار



قيل : في قوله ( مستعار ) قولان : أحدهما أنه استعير فأسرع العمل به مبادرة لارتجاع صاحبه إياه ، والثاني أن تجعله من التعاور . يقال : استعرنا الشيء واعتورناه وتعاورناه بمعنى واحد ، وقيل : مستعار بمعنى متعاور أي : متداول . ويقال : تعاور القوم فلانا واعتوروه ضربا إذا تعاونوا عليه فكلما أمسك واحد ضرب واحد ، والتعاور عام في كل شيء . وتعاورت الرياح رسم الدار حتى عفته أي : تواظبت عليه ؛ قال ذلك الليث ؛ قال الأزهري : وهذا غلط ، ومعنى تعاورت الرياح رسم الدار أي : تداولته ، فمرة تهب جنوبا ومرة شمالا ومرة قبولا ومرة دبورا ؛ ومنه قول الأعشى :


دمنة قفرة تعاورها الصي     ف بريحين من صبا وشمال



قال أبو زيد : تعاورنا العواري تعاورا إذا أعار بعضكم بعضا ، وتعورنا تعورا إذا كنت أنت المستعير ، وتعاورنا فلانا ضربا إذا ضربته مرة ثم صاحبك ثم الآخر . وقال ابن الأعرابي : التعاور والاعتوار أن يكون هذا مكان هذا ، وهذا مكان هذا . يقال : اعتوراه وابتداه هذا مرة وهذا مرة ، ولا يقال ابتد زيد عمرا ولا اعتور زيد عمرا . أبو زيد : عورت عن فلان ما قيل له تعويرا وعويت عنه تعوية أي : كذبت عنه ما قيل له تكذيبا ورددت . وعورته عن الأمر : صرفته عنه . والأعور : الذي قد عور ولم تقض حاجته ولم يصب ما طلب وليس من عور العين ؛ وأنشد للعجاج :


وعور الرحمن من ولى العور



ويقال : معناه أفسد من ولاه وجعله وليا للعور ، وهو قبح الأمر وفساده . تقول : عورت عليه أمره تعويرا أي : قبحته عليه . والعور : ترك الحق . ويقال : عاوره الشيء أي : فعل به مثل ما فعل صاحبه به . وعورات الجبال : شقوقها ؛ وقول الشاعر :


تجاوب بومها في عورتيها     إذا الحرباء أوفى للتناجي

قال ابن الأعرابي : أراد عورتي الشمس وهما مشرقها ومغربها . وإنها لعوراء القر : يعنون سنة أو غداة أو ليلة ؛ حكي ذلك عن ثعلب . وعوائر من الجراد : جماعات متفرقة . والعوار : العيب ؛ يقال : سلعة ذات عوار - بفتح العين وقد تضم . وعوير والعوير : اسم رجل ؛ قال امرؤ القيس :


عوير ومن مثل العوير ورهطه     وأسعد في ليل البلابل صفوان



وعوير : اسم موضع . والعوير : موضع على قبلة الأعورية ، هي قرية بني محجن المالكيين ؛ قال القطامي :


حتى وردن ركيات العوير وقد     كاد الملاء من الكتان يشتعل



وابنا عوار : جبلان ؛ قال الراعي :


بل ما تذكر من هند إذا احتجبت     يا ابني عوار وأمسى دونها بلع



وقال أبو عبيدة : ابنا عوار نقوا رمل . وتعار : جبل بنجد ؛ قال كثير :


وما هبت الأرواح تجري وما ثوى     مقيما بنجد عوفها وتعارها



قال ابن سيده : وهذه الكلمة يحتمل أن تكون في الثلاثي الصحيح والثلاثي المعتل .

[ ص: 335 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية