صفحة جزء
[ عوي ]

عوي : العوي : الذئب . عوى الكلب والذئب يعوي عيا وعواء وعوة وعوية ، كلاهما نادر : لوى خطمه ثم صوت ، وقيل : مد صوته ولم يفصح . واعتوى : كعوى ؛ قال جرير :


ألا إنما العكلي كلب فقل له إذا ما اعتوى إخسأ وألق له عرقا



وكذلك الأسد . الأزهري : عوت الكلاب والسباع تعوي عواء ، وهو صوت تمده وليس بنبح ، وقال أبو الجراح : الذئب يعوي ؛ وأنشدني أعرابي :


هذا أحق منزل بالترك     الذئب يعوي والغراب يبكي



وقال الجوهري : عوى الكلب والذئب وابن آوى يعوي عواء صاح . وهو يعاوي الكلاب أي : يصايحها . قال ابن بري : الأعلم العواء في الكلاب لا يكون إلا عند السفاد . يقال : عاوت الكلاب إذا استحرمت ، فإن لم يكن للسفاد فهو النباح لا غير ؛ قال وعلى ذلك قوله :


جزى ربه عني عدي بن حاتم     جزاء الكلاب العاويات وقد فعل



وفي حديث حارثة : كأني أسمع عواء أهل النار أي : صياحهم . قال ابن الأثير : العواء صوت السباع ، وكأنه بالذئب والكلب أخص . والعوة : الصوت ، نادر . والعواء - ممدود : الكلب يعوي كثيرا . وكلب عواء : كثير العواء . وفي الدعاء عليه : عليه العفاء والكلب العواء . والمعاوية : الكلبة المستحرمة تعوي إلى الكلاب إذا صرفت ويعوين ، وقد تعاوت الكلاب . وعاوت الكلاب الكلبة : نابحتها . ومعاوية : اسم ، وهو منه ، وتصغير معاوية معية ؛ هذا قول أهل البصرة ، لأن كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات أولاهن ياء التصغير حذفت واحدة منهن ، فإن لم تكن أولاهن ياء التصغير لم يحذف منه شيء ، تقول في تصغير مية ميية ، وأما أهل الكوفة فلا يحذفون منه شيئا يقولون في تصغير معاوية : معيية ، على قول من قال أسيد ، ومعيوة ، على قول من يقول أسيود ؛ قال ابن بري : تصغير معاوية - عند البصريين - معيوية على لغة من يقول في أسود أسيود ، ومعية على قول من يقول أسيد ، ومعيية على لغة من يقول في أحوى أحيي ، قال : وهو مذهب أبي عمرو بن العلاء ، قال : وقول الجوهري ومعيوة على قول من يقول أسيود غلط ، وصوابه كما قلنا ، ولا يجوز معيوة كما لا يجوز جريوة في تصغير جروة ، وإنما يجوز جرية .

وفي المثل : لو لك أعوي ما عويت ؛ وأصله أن الرجل كان إذا أمسى بالقفر عوى ليسمع الكلاب ، فإن كان قربه أنيس أجابته الكلاب فاستدل بعوائها ، فعوى هذا الرجل فجاءه الذئب فقال : لو لك أعوي ما عويت ، وحكاه الأزهري . ومن أمثالهم في المستغيث بمن لا يغيثه قولهم : لو لك عويت لم أعوه ؛ قال : وأصله الرجل يبيت بالبلد القفر فيستنبح الكلاب بعوائه ليستدل بنباحها على الحي ، وذلك أن رجلا بات بالقفر فاستنبح فأتاه ذئب فقال : لو لك عويت لم أعوه ، قال : ويقال للرجل إذا دعا قوما إلى الفتنة ، عوى قوما فاستعووا ، وروى الأزهري عن الفراء أنه قال : هو يستعوي القوم ويستغويهم أي : يستغيث بهم . ويقال : تعاوى بنو فلان على فلان وتغاووا عليه إذا تجمعوا عليه ، بالعين والغين . ويقال : استعوى فلان جماعة إذا نعق بهم إلى الفتنة . ويقال للرجل الحازم الجلد : ما ينهى ، ولا يعوى . وما له عاو ولا نابح أي : ما له غنم يعوي فيها الذئب وينبح دونها الكلب ، وربما سمي رغاء الفصيل عواء إذا ضعف ؛ قال :


بها الذئب محزونا كأن عواءه     عواء فصيل آخر الليل محثل



[ ص: 346 ] وعوى الشيء عيا واعتواه : عطفه ؛ قال :


فلما جرى أدركنه فاعتوينه     عن الغاية الكرمى وهن قعود



وعوى القوس : عطفها . وعوى رأس الناقة فانعوى : عاجه . وعوت الناقة البرة عيا إذا لوتها بخطمها ؛ قال رؤبة :


إذا مطونا نقضة أو نقضا     تعوي البرى مستوفضات وفضا



وعوى القوم صدور ركابهم وعووها إذا عطفوها . وفي الحديث : أن أنيفا سأله عن نحر الإبل فأمره أن يعوي رءوسها أي : يعطفها إلى أحد شقيها لتبرز اللبة ، وهي المنحر . والعي : اللي والعطف . قال الجوهري : وعويت الشعر والحبل عيا وعويته تعوية لويته ؛ قال الشاعر :


وكأنها لما عويت قرونها     أدماء ساوقها أغر نجيب



واستعويته أنا إذا طلبت منه ذلك . وكل ما عطف من حبل ونحوه فقد عواه عيا ، وقيل : العي أشد من اللي . الأزهري : عويت الحبل إذا لويته ، والمصدر العي . والعي في كل شيء : اللي . وعفت يده وعواها إذا لواها . وقال أبو العميثل : عويت الشيء عيا إذا أملته . وقال الفراء : عويت العمامة عية ولويتها لية . وعوى الرجل : بلغ الثلاثين فقويت يده فعوى يد غيره أي : لواها ليا شديدا . وفي حديث المسلم قاتل المشرك الذي سب النبي - صلى الله عليه وسلم : فتعاوى المشركون عليه حتى قتلوه أي : تعاونوا وتساعدوا ، ويروى بالغين المعجمة وهو بمعناه . الأزهري : العوا اسم نجم - مقصور - يكتب بالألف ، قال : وهي مؤنثة من أنواء البرد ؛ قال ساجع العرب : إذا طلعت العواء وجثم الشتاء طاب الصلاء ؛ وقال ابن كناسة : هي أربعة كواكب ثلاثة مثفاة متفرقة ، والرابع قريب منها كأنه من الناحية الشامية ، وبه سميت العواء كأنه يعوي إليها من عواء الذئب ، قال : وهو من قولك عويت الثوب إذا لويته كأنه يعوي لما انفرد . قال : والعواء في الحساب يمانية ، وجاءت مؤنثة عن العرب ، قال : ومنهم من يقول : أول اليمانية السماك الرامح ، ولا يجعل العواء يمانية للكوكب الفرد الذي في الناحية الشامية . وقال أبو زيد : العواء ممدودة ، والجوزاء ممدودة ، والشعرى مقصور . وقال شمر : العواء خمسة كواكب كأنها كتابة ألف أعلاها أخفاها ، ويقال : كأنها نون ، وتدعى وركي الأسد وعرقوب الأسد ، والعرب لا تكثر ذكر نوئها لأن السماك قد استغرقها ، وهو أشهر منها ، وطلوعها لاثنتين وعشرين ليلة من أيلول ، وسقوطها لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من أذار ؛ وقال الحصيني في قصيدته التي يذكر فيها المنازل :


وانتثرت عواؤه تناثر العقد انقطع



ومن سجعهم فيها : إذا طلعت العواء ضرب الخباء وطاب الهواء وكره العراء وشثن السقاء . قال الأزهري : من قصر العوا شبهها باست الكلب ، ومن مدها جعلها تعوي كما يعوي الكلب ، والقصر فيها أكثر . قال ابن سيده : العواء منزل من منازل القمر يمد ويقصر ، والألف في آخره للتأنيث بمنزلة ألف بشرى وحبلى ، وعينها ولامها واوان في اللفظ كما ترى ، ألا ترى أن الواو الآخرة التي هي لام بدل من ياء ، وأصلها عويا وهي فعلى من عويت ؟ قال ابن جني : قال لي أبو علي إنما قيل العوا لأنها كواكب ملتوية ، قال : وهي من عويت يده أي : لويتها ، فإن قيل : فإذا كان أصلها عويا وقد اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون ، وهذه حال توجب قلب الواو ياء وليست تقتضي قلب الياء واوا ، ألا تراهم قالوا طويت طيا وشويت شيا ، وأصلهما طويا وشويا ، فقلبت الواو ياء ، فهلا إذ كان أصل العوا عويا قالوا عيا فقلبوا الواو ياء كما قلبوها في طويت طيا وشويت شيا ؟ فالجواب أن فعلى إذا كانت اسما لا وصفا ، وكانت لامها ياء ، قلبت ياؤها واوا ، وذلك نحو التقوى أصلها وقيا ، لأنها فعلى من وقيت ، والثنوى وهي فعلى من ثنيت ، والبقوى وهي فعلى من بقيت ، والرعوى وهي فعلى من رعبت ، فكذلك العوى فعلى من عويت ، وهي مع ذلك اسم لا صفة بمنزلة البقوى والتقوى والفتوى ، فقلبت الياء التي هي لام واوا ، وقبلها العين التي هي واو ، فالتقت واوان الأولى ساكنة فأدغمت في الآخرة فصارت عوا كما ترى ، ولو كانت فعلى صفة لما قلبت ياؤها واوا ، ولبقيت بحالها نحو الخزيا والصديا ، ولو كانت قبل هذه الياء واو لقلبت الواو ياء كما يجب في الواو والياء إذا التقتا وسكن الأول منهما ، وذلك نحو قولهم امرأة طيا وريا ، وأصلهما طويا ورويا ، لأنهما من طويت ورويت ، فقلبت الواو منهما ياء وأدغمت في الياء بعدها فصارت طيا وريا ، ولو كانت ريا اسما لوجب أن يقال روى وحالها كحال العوا ، قال : وقد حكي عنهم العواء - بالمد - في هذا المنزل من منازل القمر ؛ قال ابن سيده : والقول عندي في ذلك أنه زاد للمد الفاصل ألف التأنيث التي في العواء ، فصار في التقدير مثال العوا ألفين ، كما ترى ، ساكنين ، فقلبت الآخرة التي هي علم التأنيث همزة لما تحركت لالتقاء الساكنين ، والقول فيها القول في حمراء وصحراء وصلفاء وخبراء ، فإن قيل : فلما نقلت من فعلى إلى فعلاء فزال القصر عنها هلا ردت إلى القياس فقلبت الواو ياء لزوال وزن فعلى المقصورة ، كما يقال رجل ألوى وامرأة لياء ، فهلا قالوا على هذا العياء ؟ فالجواب أنهم لم يبنوا الكلمة على أنها ممدودة البتة ، ولو أرادوا ذلك لقالوا : العياء فمدوا ، وأصله العوياء كما قالوا : امرأة لياء ، وأصلها لوياء ، ولكنهم إنما أرادوا القصر الذي في العوا ، ثم إنهم اضطروا إلى المد في بعض المواضع ضرورة ، فبقوا الكلمة بحالها الأولى من قلب الياء التي هي لام واوا ، وكان تركهم القلب بحاله أدل شيء على أنهم لم يعتزموا المد البتة ، وأنهم إنما اضطروا إليه فركبوه ، وهم حينئذ للقصر ناوون وبه معنيون ؛ قال الفرزدق :


فلو بلغت عوا السماك قبيلة     لزادت عليها نهشل وتعلت



ونسبه ابن بري إلى الحطيئة . الأزهري : والعواء الناب من الإبل ممدودة ، وقيل : هي في لغة هذيل الناب الكبيرة التي لا سنام لها ؛ وأنشد :

[ ص: 347 ]

وكانوا السنام اجتث أمس ، فقومهم     كعواء بعد الني غاب ربيعها



وعواه عن الشيء عيا : صرفه . وعوى عن الرجل : كذب عنه ورد على مغتابه . وأعواء : موضع ؛ قال عبد مناف بن ربع الهذلي :


ألا رب داع لا يجاب ومدع     بساحة أعواء وناج موائل



الجوهري : العواء سافلة الإنسان ، وقد تقصر . ابن سيده : العوا والعوى والعواء والعوة كله الدبر . والعوة : علم من حجارة ينصب على غلظ الأرض . والعوة : الضوة . وعوعى عوعاة : زجر الضأن . الليث : العوا والعوة لغتان وهي الدبر ؛ وأنشد :


قياما يوارون عواتهم     بشتمي وعواتهم أظهر



وقال الآخر في العوا بمعنى العوة :


فهلا شددت العقد أو بت طاويا     ولم تفرج العوا كما تفرج القلب



والعوة والضوة : الصوت والجلبة . يقال : سمعت عوة القوم وضوتهم أي : أصواتهم وجلبتهم ، والعو جمع عوة ، وهي أم سويد . وقال الليث : عا - مقصور - زجر للضئين ، وربما قالوا عو وعاء وعاي ، كل ذلك يقال ، والفعل منه عاعى يعاعي معاعاة وعاعاة . ويقال أيضا : عوعى يعوعي عوعاة وعيعى يعيعي عيعاة وعيعاء ؛ وأنشد :


وإن ثيابي من ثياب محرق     ولم أستعرها من معاع وناعق



التالي السابق


الخدمات العلمية