صفحة جزء
[ عير ]

عير : العير : الحمار ، أيا كان أهليا أو وحشيا ، وقد غلب على الوحشي ، والأنثى عيرة . قال أبو عبيد : ومن أمثالهم في الرضا بالحاضر ونسيان الغائب قولهم : إن ذهب العير فعير في الرباط ؛ قال : ولأهل الشام في هذا مثل : عير بعير وزيادة عشرة . وكان خلفاء بني أمية كلما مات واحد منهم زاد الذي يخلفه في عطائهم عشرة فكانوا يقولون هذا عند ذلك . ومن أمثالهم : فلان أذل من العير ، فبعضهم يجعله الحمار الأهلي ، وبعضهم يجعله الوتد ؛ وقول شمر :


لو كنت عيرا كنت عير مذلة أو كنت عظما كنت كسر قبيح



أراد بالعير الحمار ، وبكسر القبيح طرف عظم المرفق الذي لا لحم عليه ؛ قال : ومنه قولهم فلان أذل من العير . وجمع العير أعيار وعيار [ ص: 349 ] وعيور وعيورة وعيارات ، ومعيوراء اسم للجمع . قال الأزهري : المعيورا الحمير - مقصور - وقد يقال المعيوراء ممدودة ، مثل المعلوجاء والمشيوخاء والمأتوناء ، يمد ذلك كله ويقصر . وفي الحديث : إذا أراد الله بعبد شرا أمسك عليه بذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة كأنه عير ؛ العير : الحمار الوحشي ، وقيل : أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عير ، شبه عظم ذنوبه به . وفي حديث علي : لأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أي : حمار وحش ؛ فأما قول الشاعر :


أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة     وفي الحرب أشباه النساء العوارك



فإنه لم يجعلهم أعيارا على الحقيقة لأنه إنما يخاطب قوما ، والقوم لا يكونون أعيارا إنما شبههم بها في الجفاء والغلظة ، ونصبه على معنى أتلونون وتنقلون مرة كذا ومرة كذا ؟ وأما قول سيبويه : لو مثلت الأعيار في البدل من اللفظ بالفعل لقلت : أتعيرون إذا أوضحت معناه ، فليس من كلام العرب ، إنما أراد أن يصوغ فعلا أي : بناء كيفية البدل من اللفظ بالفعل ، وقوله لأنك إنما تجريه مجرى ما له فعل من لفظه ، يدلك على أن قوله تعيرون ليس من كلام العرب . والعير : العظم الناتئ وسط الكف ، والجمع أعيار . وكتف معيرة ومعيرة على الأصل : ذات عير . وعير النصل : الناتئ في وسطه ؛ قال الراعي :


فصادف سهمه أحجار قف     كسرن العير منه والغرارا



وقيل : عير النصل وسطه . وقال أبو حنيفة : قال أبو عمرو : نصل معير فيه عير . والعير من أذن الإنسان والفرس : ما تحت الفرع من باطنه كعير السهم ، وقيل : العيران متنا أذني الفرس . وفي حديث أبي هريرة : إذا توضأت فأمر على عيار الأذنين الماء ؛ العيار جمع عير ، وهو الناتئ المرتفع من الأذن . وكل عظم ناتئ من البدن : عير . وعير القدم : الناتئ في ظهرها . وعير الورقة : الخط الناتئ في وسطها كأنه جدير . وعير الصخرة : حرف ناتئ فيها خلقة ، وقيل : كل ناتئ في وسط مستو عير . وعير الأذن : الوتد الذي في باطنها . والعير : ماقئ العين ؛ عن ثعلب ، وقيل : العير إنسان العين ، وقيل لحظها ؛ قال تأبط شرا :


ونار قد حضأت بعيد وهن     بدار ما أريد بها مقاما
سوى تحليل راحلة وعير     أكالئه مخافة أن يناما



وفي المثل : جاء قبل عير وما جرى أي : قبل لحظة العين . قال أبو طالب : العير المثال الذي في الحدقة يسمى اللعبة ؛ قال والذي جرى الطرف ، وجريه حركته ؛ والمعنى : قبل أن يطرف الإنسان ، وقيل : عير العين جفنها . قال الجوهري : يقال فعلت ذلك قبل عير وما جرى . قال أبو عبيدة : ولا يقال أفعل ؛ وقول الشماخ :


أعدو القبصى قبل عير وما جرى     ولم تدر ما خبري ولم أدر ما لها



فسره ثعلب فقال : معناه قبل أن أنظر إليك ، ولا يتكلم بشيء عن ذلك في النفي . والقبصى والقمصى : ضرب من العدو فيه نزو . وقال اللحياني : العير هنا الحمار الوحشي ، ومن قال : قبل عائر وما جرى ، عنى السهم . والعير : الوتد . والعير : الجبل ، وقد غلب على جبل بالمدينة . والعير : السيد والملك . وعير القوم : سيدهم ؛ وقوله :


زعموا أن كل من ضرب العي     ر موال لنا وأنا الولاء



قيل : معناه كل من ضرب بجفن على عير ، وقيل : يعني الوتد ، أي : من ضرب وتدا من أهل العمد ، وقيل : يعني إيادا لأنهم أصحاب حمير ، وقيل : يعني جبلا ، ومنهم من خص فقال : جبلا بالحجاز ، وأدخل عليه اللام كأنه جعله من أجبل كل واحد منها عير ، وجعل اللام زائدة على قوله :


ولقد نهيتك عن بنات الأوبر



إنما أراد بنات أوبر فقال : كل من ضربه أي ضرب فيه وتدا أو نزله ، وقيل : يعني المنذر بن ماء السماء لسيادته ، ويروى الولاء - بالكسر - حكى الأزهري عن أبي عمرو بن العلاء ، قال : مات من كان يحسن تفسير بيت الحارث بن حلزة : زعموا أن كل من ضرب العير ( البيت ) . قال أبو عمرو : العير هو الناتئ في بؤبؤ العين ، ومعناه أن كل من انتبه من نومه حتى يدور عيره جنى جناية فهو مولى لنا ؛ يقولونه ظلما وتجنيا ؛ قال : ومنه قولهم : أتيتك قبل عير وما جرى أي : قبل أن ينتبه نائم . وقال أحمد بن يحيى في قوله : وما جرى ، أرادوا وجريه ، أرادوا المصدر . ويقال : ما أدري أي من ضرب العير هو ، أي : أي الناس هو ؛ حكاه يعقوب . والعيران : المتنان يكتنفان جانبي الصلب . والعير : الطبل . وعار الفرس والكلب يعير عيارا : ذهب كأنه منفلت من صاحبه يتردد . ومن أمثالهم : كلب عائر خير من كلب رابض ؛ فالعائر المتردد ، وبه سمي العير لأنه يعير فيتردد في الفلاة . وعار الفرس إذا ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه . وعار الرجل في القوم يضربهم : مثل عاث . الأزهري : فرس عيار إذا عاث ، وهو الذي يكون نافرا ذاهبا في الأرض . وفرس عيار بأوصال أي : يعير هاهنا وهاهنا من نشاطه . وفرس عيار إذا نشط فركب جانبا ثم عدل إلى جانب آخر من نشاطه ؛ وأنشد أبو عبيد :


ولقد رأيت فوارسا من قومنا     غنظوك غنظ جرادة العيار



قال ابن الأعرابي في مثل العرب : غنظوه غنظ جرادة العيار ؛ قال : العيار رجل ، وجرادة فرس ؛ قال : وغيره يخالفه ويزعم أن جرادة العيار جرادة وضعت بين ضرسيه فأفلتت ، وقيل : أراد بجرادة العيار جرادة وضعها في فيه فأفلتت من فيه ، قال : وغنظه ووكظه يكظه وكظا ، وهي المواكظة والمواظبة ، كل ذلك إذا لازمه وغمه بشدة تقاض وخصومة ؛ وقال :


لو يوزنون عيارا أو مكايلة     مالوا بسلمى ولم يعدلهم أحد



وقصيدة عائرة : سائرة ، والفعل كالفعل ، والاسم العيارة . وفي الحديث : أنه كان يمر بالتمرة العائرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون من الصدقة ؛ العائرة : الساقطة لا يعرف لها مالك ، من عار [ ص: 350 ] الفرس إذا انطلق من مربطه مارا على وجهه ؛ ومنه الحديث : مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين أي : المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع . وفي حديث ابن عمر في الكلب الذي دخل حائطه : إنما هو عائر ؛ وحديثه الآخر : أن فرسا له عار أي : أفلت وذهب على وجهه . ورجل عيار : كثير المجيء والذهاب في الأرض ، وربما سمي الأسد بذلك لتردده ومجيئه وذهابه في طلب الصيد قال أوس بن حجر :


ليث عليه من البردي هبرية     كالمزبراني عيار بأوصال



أي : يذهب بها ويجيء ؛ قال ابن بري : من رواه ( عيار ) - بالراء - فمعناه أنه يذهب بأوصال الرجال إلى أجمته ، ومنه قولهم ما أدري أي الجراد عاره ، ويروى عيال ، وسنذكره في موضعه ؛ وأنشد الجوهري :


لما رأيت أبا عمرو رزمت له     مني كما رزم العيار في الغرف



جمع غريف وهو الغابة . قال : وحكى الفراء رجل عيار إذا كان كثير التطواف والحركة ذكيا ؛ وفرس عيار وعيال ؛ والعيرانة من الإبل : الناجية في نشاط ، من ذلك ، وقيل : شبهت بالعير في سرعتها ونشاطها ، وليس ذلك بقوي ؛ وفي قصيد كعب :


عيرانة قذفت بالنحض عن عرض



هي الناقة الصلبة تشبيها بعير الوحش ، والألف والنون زائدتان . ابن الأعرابي : العير الفرس النشيط . قال : والعرب تمدح بالعيار وتذم به ، يقال : غلام عيار نشيط في المعاصي ، وغلام عيار نشيط في طاعة الله - تعالى . قال الأزهري : والعير جمع عائر وهو النشيط ، وهو مدح وذم . عاور البعير عيرانا إذا كان في شول فتركها وانطلق نحو أخرى يريد القرع ، والعائرة التي تخرج من الإبل إلى أخرى ليضربها الفحل . وعار في الأرض يعير أي : ذهب ، وعار الرجل في القوم يضربهم بالسيف عيرانا : ذهب وجاء ؛ ولم يقيده الأزهري بضرب ولا بسيف بل قال : عار الرجل يعير عيرانا ، وهو تردده في ذهابه ومجيئه ؛ ومنه قيل : كلب عائر وعيار ، وهو من ذوات الياء ، وأعطاه من المال عائرة عينين أي : ما يذهب فيه البصر مرة هنا ومرة هنا ، وقد تقدم في ( عور ) أيضا . وعيران الجراد وعوائره : أوائله الذاهبة المفترقة في قلة . ويقال : ما أدري أي الجراد عاره أي : ذهب به وأتلفه ، لا آتي له في قول الأكثر ، وقيل : يعيره ويعوره ؛ وقول مالك بن زغبة :


إذا انتسئوا فوت الرماح أتتهم     عوائر نبل كالجراد نطيرها



عنى به الذاهبة المتفرقة ؛ وأصله في الجراد فاستعاره . قال المؤرج : ومن أمثالهم : عير عاره وتده ؛ عاره أي : أهلكه كما يقال لا أدري أي الجراد عاره . وعرت ثوبه : ذهبت به . وعير الدينار : وازن به آخر . وعير الميزان والمكيال وعاورهما وعايرهما وعاير بينهما معايرة وعيارا : قدرهما ونظر ما بينهما ؛ ذكر ذلك أبو الجراح في باب ما خالفت العامة فيه لغة العرب . ويقال : فلان يعاير فلانا ويكايله أي : يساميه ويفاخره . وقال أبو زيد : يقال هما يتعايبان ويتعايران ، فالتعاير التساب ، والتعايب دون التعاير إذا عاب بعضهم بعضا . والمعيار من المكاييل : ما عير . قال الليث : العيار ما عايرت به المكاييل ، فالعيار صحيح تام واف ، تقول : عايرت به أي : سويته ، وهو العيار والمعيار . يقال : عايروا ما بين مكاييلكم وموازينكم ، وهو فاعلوا من العيار ، ولا تقل : عيروا . وعيرت الدنانير : وهو أن تلقي دينارا دينارا فتوازن به دينارا دينارا ، وكذلك عيرت تعييرا إذا وزنت واحدا واحدا ، يقال هذا في الكيل والوزن . قال الأزهري : فرق الليث بين عايرت وعيرت ، فجعل عايرت في المكيال وعيرت في الميزان ؛ قال : والصواب ما ذكرناه في عايرت وعيرت فلا يكون عيرت إلا من العار والتعيير ؛ وأنشد الباهلي قول الراجز :


وإن أعارت حافرا معارا     وأبا حمت نسوره الأوقارا



وقال : ومعنى أعارت رفعت وحولت ، قال : ومنه إعارة الثياب والأدوات . واستعار فلان سهما من كنانته : رفعه وحوله منها إلى يده ؛ وأنشد قوله :


هتافة تخفض من يديرها     وفي اليد اليمنى لمستعيرها
شهباء تروي الريش من بصيرها



شهباء : معبلة ، والهاء في مستعيرها لها ، والبصيرة : طريقة الدم . والعير ، مؤنثة : القافلة ، وقيل : العير الإبل التي تحمل الميرة ، لا واحد لها من لفظها . وفي التنزيل : ولما فصلت العير وروى سلمة عن الفراء أنه أنشده قول ابن حلزة :


زعموا أن كل من ضرب العير



بكسر العين . قال : والعير الإبل ، أي : كل من ركب الإبل موال لنا أي : العرب كلهم موال لنا من أسفل لأنا أسرنا فيهم فلنا نعم عليهم ؛ قال ابن سيده : وهذا قول ثعلب ، والجمع عيرات ، قال سيبويه : جمعوه بالألف والتاء لمكان التأنيث وحركوا الياء لمكان الجمع بالتاء وكونه اسما فاجتمعوا على لغة هذيل لأنهم يقولون جوزات وبيضات . قال : وقد قال بعضهم عيرات - بالإسكان - ولم يكسر على البناء الذي يكسر عليه مثله ، جعلوا التاء عوضا من ذلك ، كما فعلوا ذلك في أشياء كثيرة لأنهم مما يستغنون بالألف والتاء عن التكسير ، وبعكس ذلك ، وقال أبو الهيثم في قوله : ولما فصلت العير كانت حمرا ، قال : وقول من قال العير الإبل خاصة باطل . العير : كل ما امتير عليه من الإبل والحمير والبغال ، فهو عير قال : وأنشدني نصير لأبي عمرو السعدي في صفة حمير سماها عيرا :


أهكذا لا ثلة ولا لبن     ولا يزكين إذا الدين اطمأن
مفلطحات الروث يأكلن     الدمن لا بد أن يخترن
مني بين أن يسقن     عيرا أو يبعن بالثمن



قال : وقال نصير الإبل لا تكون عيرا حتى يمتار عليها . وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي قال : العير من الإبل ما كان عليه حمله أو لم يكن . وفي حديث عثمان : أنه كان يشتري العير حكرة ، ثم [ ص: 351 ] يقول : من يربحني عقلها ؟ العير : الإبل بأحمالها فعل من عار يعير إذا سار ، وقيل : هي قافلة الحمير ، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة ، فكل قافلة عير كأنها جمع عير ، وكان قياسها أن يكون فعلا - بالضم - كسقف في سقف إلا أنه حوفظ على الياء بالكسرة نحو عين . وفي الحديث : أنهم كانوا يترصدون عيرات قريش ؛ هو جمع عير ، يريد إبلهم ودوابهم التي كانوا يتاجرون عليها . وفي حديث ابن عباس : أجاز لها العيرات ؛ هي جمع عير أيضا ؛ قال سيبويه : اجتمعوا فيها على لغة هذيل ، يعني تحريك الياء ، والقياس التسكين ؛ وقول أبي النجم :


وأتت النمل القرى بعيرها     من حسك التلع ومن خافورها



إنما استعاره للنمل ، وأصله فيما تقدم . وفلان عيير وحده إذا انفرد بأمره ، وهو في الذم ، كقولك : نسيج وحده ، في المدح . وقال ثعلب : عيير وحده أي : يأكل وحده . قال الأزهري : فلان عيير وحده وجحيش وحده ، وهما اللذان لا يشاوران الناس ولا يخالطانهم وفيهما مع ذلك مهانة وضعف . وقال الجوهري : فلان عيير وحده وهو المعجب برأيه ، وإن شئت كسرت أوله مثل شييخ وشييخ ، ولا تقل : عوير ولا شويخ . والعار : السبة والعيب ، وقيل : هو كل شيء يلزم به سبة أو عيب ، والجمع أعيار . ويقال : فلان ظاهر الأعيار أي : ظاهر العيوب ؛ قال الراعي :


ونبت شر بني تميم منصبا     دنس المروءة ظاهر الأعيار



كأنه مما يعير به ، والفعل منه التعيير ، ومن هذا قيل : هم يتعيرون من جيرانهم الماعون والأمتعة ؛ قال الأزهري : وكلام العرب يتعورون - بالواو - وقد عيره الأمر ؛ قال النابغة :


وعيرتني بنو ذبيان خشيته     وهل علي بأن أخشاك من عار



وتعاير القوم : عير بعضهم بعضا ، والعامة تقول : عيره بكذا . والمعاير : المعايب ؛ يقال : عاره إذا عابه ؛ قالت ليلى الأخيلية :


لعمرك ما بالموت عار على امرئ     إذا لم تصبه في الحياة المعاير



وتعاير القوم : تعايبوا . والعارية : المنيحة ، ذهب بعضهم إلى أنها من العار ، وهو قويل ضعيف ، وإنما غرهم منه قولهم يتعيرون العواري ، وليس على وضعه إنما هي معاقبة من الواو إلى الياء . وقال الليث : سميت العارية عارية لأنها عار على من طلبها . وفي الحديث : أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر بها فقطعت يدها ؛ الاستعارة من العارية ، وهي معروفة . قال ابن الأثير : وذهب عامة أهل العلم إلى أن المستعير إذا جحد العارية لا يقطع لأنه جاحد خائن ، وليس بسارق ، والخائن والجاحد لا قطع عليه نصا وإجماعا . وذهب إسحاق إلى القول بظاهر هذا الحديث ، وقال أحمد : لا أعلم شيئا يدفعه ؛ قال الخطابي : وهو حديث مختصر اللفظ والسياق وإنما قطعت المخزومية لأنها سرقت ، وذلك بين في رواية عائشة لهذا الحديث ؛ ورواه مسعود بن الأسود فذكر أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما ذكرت الاستعارة والجحد في هذه القصة تعريفا لها بخاص صفتها إذ كانت الاستعارة والجحد معروفة بها ومن عادتها ، كما عرفت بأنها مخزومية ، إلا أنها لما استمر بها هذا الصنيع ترقت إلى السرقة ، واجترأت عليها ، فأمر بها فقطعت . والمستعير : السمين من الخيل . والمعار : المسمن . يقال : أعرت الفرس أسمنته ؛ قال :


أعيروا خيلكم ثم اركضوها     أحق الخيل بالركض المعار



ومنهم من قال : المعار المنتوف الذنب ، وقال قوم : المعار المضمر المقدح ، وقيل : المضمر المعار لأن طريقة متنه نتأت فصار لها عير ناتئ ، وقال ابن الأعرابي وحده : هو من العارية ، وذكره ابن بري أيضا وقال : لأن المعار يهان بالابتذال ولا يشفق عليه شفقة صاحبه ؛ وقيل في قوله :


أعيروا خيلكم ثم اركبوها



إن معنى أعيروها أي : ضمروها بترديدها ، من عار يعير ، إذا ذهب وجاء . وقد روي المعار - بكسر الميم - والناس رووه المعار ؛ قال : والمعار الذي يحيد عن الطريق براكبه كما يقال حاد عن الطريق ؛ قال الأزهري : مفعل من عار يعير كأنه في الأصل معير ، فقيل معار . قال الجوهري : وعار الفرس أي : انفلت وذهب هاهنا وهاهنا من المرح ، وأعاره صاحبه ، فهو معار ؛ ومنه قول الطرماح :


وجدنا في كتاب بني تميم     أحق الخيل بالركض المعار



قال : والناس يرونه المعار من العارية ، وهو خطأ ؛ قال ابن بري : وهذا البيت يروى لبشر بن أبي خازم . وعير السراة : طائر كهيئة الحمامة قصير الرجلين مسرولهما أصفر الرجلين والمنقار أكحل العينين صافي اللون إلى الخضرة أصفر البطن وما تحت جناحيه وباطن ذنبه كأنه برد وشي ، ويجمع عيور السراة ، والسراة موضع بناحية الطائف ، ويزعمون أن هذا الطائر يأكل ثلاثمائة تينة من حيث تطلع من الورق صغارا وكذلك العنب . والعير : اسم رجل كان له واد مخصب ، وقيل : هو اسم موضع خصيب غيره الدهر فأقفر ، فكانت العرب تستوحشه وتضرب به المثل في البلد الوحش ، وقيل : هو اسم واد ؛ قال امرؤ القيس :


وواد كجوف العير قفر مضلة     قطعت بسام ساهم الوجه حسان


قال الأزهري : قوله كجوف العير ، أي : كوادي العير وكل واد عند العرب : جوف . ويقال للموضع الذي لا خير فيه : هو كجوف عير لأنه لا شيء في جوفه ينتفع به ؛ ويقال : أصله قولهم أخلى من جوف حمار . وفي حديث أبي سفيان : قال رجل : أغتال محمدا ثم آخذ في عير عدوي أي : أمضي فيه وأجعله طريقي وأهرب ؛ حكى ذلك ابن الأثير عن أبي موسى . وعير : اسم جبل ؛ قال الراعي :


بأعلام مركوز فعير فعزب     مغاني أم الوبر إذ هي ما هيا



وفي الحديث : أنه حرم ما بين عير إلى ثور ؛ هما جبلان ، وقال ابن الأثير : جبلان بالمدينة ، وقيل : ثور بمكة ؛ قال : ولعل الحديث ما بين [ ص: 352 ] عير إلى أحد ، وقيل : بمكة أيضا جبل يقال له عير . وابنة معير : الداهية . وبنات معير : الدواهي ؛ يقال : لقيت منه ابنة معير ؛ يريدون الداهية والشدة . وتعار - بكسر التاء : اسم جبل ؛ قال بشر يصف ظعنا ارتحلن من منازلهن فشبههن في هوادجهن بالظباء في أكنستها :


وليل ما أتين على أروم     وشابة عن شمائلها تعار
كأن ظباء أسنمة عليها     كوانس قالصا عنها المغار



المغار : أماكن الظباء ، وهي كنسها . وشابة وتعار : جبلان في بلاد قيس . وأروم وشابة : موضعان .

التالي السابق


الخدمات العلمية