صفحة جزء
[ غبر ]

غبر : غبر الشيء يغبر غبورا : مكث وذهب . وغبر الشيء يغبر أي بقي . والغابر : الباقي . والغابر : الماضي ، وهو من الأضداد ؛ قال الليث : وقد يجيء الغابر في النعت كالماضي . ورجل غابر وقوم غبر : غابرون . والغابر من الليل : ما بقي منه . وغبر كل شيء : بقيته ، والجمع أغبار ، وهو الغبر أيضا ، وقد غلب ذلك على بقية اللبن في الضرع وعلى بقية دم الحيض ؛ قال ابن حلزة :


لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج

ويقال : بها غبر من لبن أي بالناقة . وغبر الحيض : بقاياه ؛ قال أبو كبير الهذلي واسمه عامر بن الحليس :


ومبرأ من كل غبر حيضة     وفساد مرضعة ، وداء مغيل

قوله : ومبرأ معطوف على قوله :


ولقد سريت على الظلام بمغشم

وغبر المرض : بقاياه ، وكذلك غبر الليل . وغبر الليل : آخره . وغبر الليل : بقاياه ، واحدها غبر . وفي حديث معاوية : بفنائه أعنز درهن غبر أي قليل . وغبر اللبن : بقيته وما غبر منه . وقوله في الحديث : إنه كان يحدر فيما غبر من السورة ؛ أي يسرع في قراءتها ؛ قال الأزهري : [ ص: 7 ] يحتمل الغابر هنا الوجهين ؛ يعني الماضي والباقي ، فإنه من الأضداد ، قال : والمعروف الكثير أن الغابر الباقي . قال : وقال غير واحد من الأئمة إنه يكون بمعنى الماضي ؛ ومنه الحديث : أنه اعتكف العشر الغوابر من شهر رمضان أي البواقي ، جمع غابر . وفي حديث ابن عمر : سئل عن جنب اغترف بكوز من حب فأصابت يده الماء ، فقال : غابره نجس أي باقيه . وفي الحديث : فلم يبق إلا غبرات من أهل الكتاب ، وفي رواية : غبر أهل الكتاب ؛ الغبر جمع غابر ، والغبرات جمع غبر . وفي حديث عمرو بن العاص : ما تأبطتني الإماء ولا حملتني البغايا في غبرات المآلي ؛ أراد أنه لم تتول الإماء تربيته ، والمآلي : خرق الحيض أي في بقاياها ؛ وتغبرت من المرأة ولدا . وتزوج رجل من العرب امرأة قد أسنت فقيل له في ذلك فقال : لعلي أتغبر منها ولدا ، فولدت له غبر مثال عمر ، وهو غبر بن غنم بن يشكر بن بكر بن وائل . وناقة مغبار : تغزر بعد ما تغزر اللواتي ينتجن معها . ونعت أعرابي ناقة فقال : إنها معشار مشكار مغبار ، فالمغبار ما ذكرناه آنفا ، والمشكار الغزيرة على قلة الحظ من المرعى ، والمعشار تقدم ذكره . ابن الأنباري : الغابر الباقي في الأشهر عندهم ، قال : وقد يقال للماضي غابر ؛ قال الأعشى في الغابر بمعنى الماضي :


عض بما أبقى المواسي له     من أمه ، في الزمن الغابر

أراد الماضي . قال الأزهري : والمعروف في كلام العرب أن الغابر الباقي . قال أبو عبيد : الغبرات البقايا ، واحدها غابر ، ثم يجمع غبرا ، ثم غبرات جمع الجمع . وقال غير واحد من أئمة اللغة : إن الغابر يكون بمعنى الماضي . وداهية الغبر ، بالتحريك : داهية عظيمة لا يهتدى لمثلها ؛ قال الحرمازي يمدح المنذر بن الجارود :


أنت لها منذر ، من بين البشر     داهية الدهر وصماء الغبر

يريد يا منذر . وقيل : داهية الغبر الذي يعاندك ثم يرجع إلى قولك . وحكى أبو زيد : ما غبرت إلا لطلب المراء . قال أبو عبيد : من أمثالهم في الدهاء والإرب : إنه لداهية الغبر ومعنى شعر المنذر يقول : إن ذكرت يقولون لا تسمعوها فإنها عظيمة ؛ وأنشد :


قد أزمت إن لم تغبر بغبر

قال : هو من قولهم جرح غبر . وداهية الغبر : بلية لا تكاد تذهب ، وقول الشاعر :


وعاصما سلمه من الغدر     من بعد إرهان بصماء الغبر

قال أبو الهيثم : يقول أنجاه من الهلاك بعد إشراف عليه . وإرهان الشيء : إثباته وإدامته . والغبر : البقاء . والغبر ، بغير هاء : التراب ؛ عن كراع . والغبرة والغبار : الرهج ، وقيل : الغبرة تردد الرهج فإذا ثار سمي غبارا . والغبرة : الغبار أيضا ؛ أنشد ابن الأعرابي :


بعيني لم تستأنسا يوم غبرة     ولم تردا أرض العراق فترمدا

وقوله أنشده ثعلب :


فرجت هاتيك الغبر     عنا ، وقد صابت بقر

قال ابن سيده : لم يفسره ، قال : وعندي أنه عنى غبر الجدب لأن الأرض تغبر إذا أجدبت ؛ قال : وعندي أن غبر هاهنا موضع . وفي الحديث : لو تعلمون ما يكون في هذه الأمة من الجوع الأغبر والموت الأحمر ؛ قال ابن الأثير : هذا من أحسن الاستعارات لأن الجوع أبدا يكون في السنين المجدبة ، وسنو الجدب تسمى غبرا لاغبرار آفاقها من قلة الأمطار وأرضيها من عدم النبات والاخضرار ، والموت الأحمر الشديد كأنه موت بالقتل وإراقة الدماء ؛ ومنه حديث عبد الله بن الصامت : يخرب البصرة الجوع الأغبر والموت الأحمر ؛ هو من ذلك . واغبر اليوم : اشتد غباره ؛ عن أبي علي . وأغبرت : أثرت الغبار ، وكذلك غبرت تغبيرا . وطلب فلانا فما شق غباره أي لم يدركه . وغبر الشيء : لطخه بالغبار . وتغبر : تلطخ به . واغبر الشيء : علاه الغبار . والغبرة : لطخ الغبار . والغبرة : لون الغبار ؛ وقد غبر واغبر اغبرارا ، وهو أغبر . والغبرة : اغبرار اللون يغبر للهم ونحوه . وقوله عز وجل : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة ؛ ) قال : وقول العامة غبرة خطأ ، والغبرة لون الأغبر ، وهو شبيه بالغبار . والأغبر : الذئب للونه ؛ التهذيب : والمغبرة قوم يغبرون بذكر الله تعالى بدعاء وتضرع ، كما قال :


عبادك المغبره     رش علينا المغفره

قال الأزهري : وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله تغبيرا كأنهم إذا تناشدوه بالألحان طربوا فرقصوا وأرهجوا فسموا مغبرة لهذا المعنى . قال الأزهري : وروينا عن الشافعي ، رضي الله عنه ، ، أنه قال : أرى الزنادقة وضعوا هذا التغبير ليصدوا عن ذكر الله وقراءة القرآن . وقال الزجاج : سموا مغبرين لتزهيدهم الناس في الفانية ، وهي الدنيا ، وترغيبهم في الآخرة الباقية ، والمغبار من النخل : التي يعلوها الغبار عن أبي حنيفة . والغبراء : الأرض لغبرة لونها أو لما فيها من الغبار . وفي حديث أبي هريرة : بينا رجل في مفازة غبراء ؛ هي التي لا يهتدى للخروج منها . وجاء على غبراء الظهر وغبيراء الظهر ؛ يعني الأرض . وتركه على غبيراء الظهر أي ليس له شيء . التهذيب : يقال جاء فلان على غبيراء الظهر ، ورجع عوده على بدئه ، ورجع على أدراجه ورجع درجه الأول ، ونكص على عقبيه ، كل ذلك إذا رجع ولم يصب شيئا . وقال ابن أحمر : إذا رجع ولم يقدر على حاجته قيل : جاء على غبيراء الظهر كأنه رجع وعلى ظهره غبار الأرض . وقال زيد بن كثوة : يقال تركته على غبيراء الظهر إذا خاصمت رجلا فخصمته في كل شيء وغلبته على ما في يديه . والوطأة الغبراء : الجديدة وقيل : الدارسة وهو مثل الوطأة السوداء . والغبراء : الأرض في قوله ، صلى الله عليه وسلم : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر ؛ قال ابن الأثير : الخضراء السماء ، والغبراء الأرض ؛ أراد أنه متناه في الصدق إلى الغاية فجاء به على اتساع الكلام والمجاز . وعز أغبر : ذاهب دارس ؛ قال المخبل السعدي :


فأنزلهم دار الضياع ، فأصبحوا     على مقعد من موطن العز أغبرا

وسنة غبراء : جدبة ، وبنو غبراء : الفقراء ، وقيل : الغرباء ، وقيل : [ ص: 8 ] الصعاليك ، وقيل : هم القوم يجتمعون للشراب من غير تعارف ، قال طرفة :


رأيت بني غبراء لا ينكرونني     ولا أهل هذاك الطراف الممدد

وقيل : هم الذين يتناهدون في الأسفار . الجوهري : وبنو غبراء الذين في شعر طرفة المحاويج ، ولم يذكر الجوهري البيت ، وذكره ابن بري وغيره وهو :


رأيت بني غبراء لا ينكرونني

قال ابن بري : وإنما سمي الفقراء بني غبراء للصوقهم بالتراب ، كما قيل لهم المدقعون للصوقهم بالدقعاء ، وهي الأرض كأنهم لا حائل بينهم وبينها . وقوله : ولا أهل مرفوع بالعطف على الفاعل المضمر في ينكرونني ، ولم يحتج إلى تأكيد لطول الكلام بلا النافية ؛ ومثله قوله سبحانه وتعالى : ما أشركنا ولا آباؤنا . والطراف : خباء من أدم تتخذه الأغنياء ؛ يقول : إن الفقراء يعرفونني بإعطائي وبري ، والأغنياء يعرفونني بفضلي وجلالة قدري . وفي حديث أويس : أكون في غبر الناس أحب إلي ، وفي رواية : في غبراء الناس ، بالمد ، فالأول في غبر الناس أي أكون مع المتأخرين لا المتقدمين المشهورين ، وهو من الغابر الباقي ، والثاني في غبراء الناس بالمد أي في فقرائهم ؛ ومنه قيل للمحاويج بنو غبراء كأنهم نسبوا إلى الأرض والتراب ؛ وقال الشاعر :


وبنو غبراء فيها     يتعاطون الصحافا

يعني الشرب . والغبراء : اسم فرس قيس بن زهير العبسي . والغبراء : أنثى الحجل . والغبراء والغبيراء : نبات سهلي ، وقيل : الغبراء شجرته والغبيراء ثمرته ، وهي فاكهة ، وقيل : الغبيراء شجرته والغبراء ثمرته بقلب ذلك ، الواحد ، والجمع فيه سواء وأما هذا الثمر الذي يقال له الغبيراء فدخيل في كلام العرب ؛ قال أبو حنيفة : الغبيراء شجرة معروفة ، سميت غبيراء للون ورقها وثمرتها إذا بدت ثم تحمر حمرة شديدة ، قال : وليس هذا الاشتقاق بمعروف ، قال : ويقال لثمرتها الغبيراء ، قال : ولا تذكر إلا مصغرة . والغبيراء : السكركة ، وهو شراب يعمل من الذرة يتخذه الحبش وهو يسكر . وفي الحديث : إياكم والغبيراء فإنها خمر العالم . وقال ثعلب : هي خمر تعمل من الغبيراء هذا الثمر المعروف أي هي مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فضل بينهما في التحريم . والغبراء من الأرض : الخمر . والغبراء والغبرة : أرض كثيرة الشجر . والغبر : الحقد كالغمر . وغبر العرق غبرا ، فهو غبر : انتقض ويقال : أصابه غبر في عرقه أي لا يكاد يبرأ ؛ قال الشاعر :


فهو لا يبرأ ما في صدره     مثل ما لا يبرأ العرق الغبر

بكسر الباء . وغبر الجرح ، بالكسر ، يغبر غبرا إذا اندمل على فساد ثم انتقض بعد البرء ؛ ومنه سمي العرق الغبر لأنه لا يزال ينتقض ، والناسور بالعربية هو العرق الغبر . قال : والغبر أن يبرأ ظاهر الجرح وباطنه دو ؛ وقال الأصمعي في قوله :


وقلبي منسمك المغبرا

قال : الغبر داء في باطن خف البعير . وقال المفضل : هو من الغبرة ، وقيل : الغبر فساد الجرح أنى كان ؛ أنشد ثعلب :


أعيا على الآسي بعيدا غبره

قال : معناه بعيدا فساده ؛ يعني أن فساده إنما هو في قعره وما غمض من جوانبه فهو لذلك بعيد لا قريب . وأغبر في طلب الشيء : انكمش وجد في طلبه . وأغبر الرجل في طلب الحاجة إذا جد في طلبها ؛ عن ابن السكيت . وفي حديث مجاشع : فخرجوا مغبرين هم ودوابهم ؛ المغبر : الطالب للشيء المنكمش فيه كأنه لحرصه وسرعته يثير الغبار ؛ ومنه حديث الحارث بن أبي مصعب : قدم رجل من أهل المدينة فرأيته مغبرا في جهازه . وأغبرت علينا السماء : جد وقع مطرها واشتد . والغبران : بسرتان أو ثلاث في قمع واحد ، ولا جمع للغبران من لفظه . أبو عبيد : الغبران رطبتان في قمع واحد مثل الصنوان نخلتان في أصل واحد قال : والجمع غبارين . وقال أبو حنيفة : الغبرانة ، بالهاء بلحات يخرجن في قمع واحد . ويقال : لهجوا ضيفكم وغبروه بمعنى واحد . والغبير : ضرب من التمر . والغبرور : عصيفير أغبر . والمغبور ، بضم الميم ؛ عن كراع : لغة في المغثور ، والثاء أعلى .

التالي السابق


الخدمات العلمية