صفحة جزء
[ غبن ]

غبن : الغبن ، بالتسكين في البيع ، والغبن بالتحريك في الرأي . وغبنت رأيك أي نسيته وضيعته . غبن الشيء وغبن فيه غبنا وغبنا : نسيه وأغفله وجهله ؛ أنشد ابن الأعرابي :


غبنتم تتابع آلائنا وحسن ، الجوار وقرب النسب

والغبن : النسيان . غبنت كذا من حقي عند فلان أي نسيته وغلطت فيه . وغبن الرجل يغبنه غبنا : مر به وهو ماثل فلم يره ولم يفطن له . والغبن : ضعف الرأي ، يقال في رأيه غبن . وغبن رأيه بالكسر ، إذا نقصه ، فهو غبين أي ضعيف الرأي ، وفيه غبانة . وغبن رأيه ، بالكسر ، غبنا وغبانة : ضعف . وقالوا : غبن رأيه ، فنصبوه على معنى فعل ، وإن لم يلفظ به ، أو على معنى غبن في رأيه ، أو على التمييز النادر . قال الجوهري : قولهم سفه نفسه وغبن رأيه وبطر عيشه وألم بطنه ووفق أمره ورشد أمره كان الأصل سفهت نفس زيد ورشد أمره ، فلما حول الفعل إلى الرجل انتصب ما بعده بوقوع الفعل عليه ؛ لأنه صار في معنى سفه نفسه ، بالتشديد ؛ هذا قول البصريين والكسائي ، ويجوز عندهم تقديم هذا المنصوب كما يجوز غلامه ضرب زيد ؛ وقال الفراء : لما حول الفعل من النفس إلى صاحبها خرج ما بعده مفسرا ليدل على أن السفه فيه ، وكان حكمه أن يكون سفه زيد نفسا لأن المفسر لا يكون إلا نكرة ، ولكنه ترك على إضافته ونصب كنصب النكرة تشبيها بها ، ولا يجوز عنده تقديمه لأن المفسر لا يتقدم ؛ ومنه قولهم : ضقت به ذرعا وطبت به نفسا ، والمعنى ضاق ذرعي به وطابت نفسي به . ورجل غبين ومغبون في الرأي والعقل والدين . والغبن في البيع والشراء : الوكس ، غبنه يغبنه غبنا هذا الأكثر أي خدعه ، وقد غبن فهو مغبون ، وقد حكي بفتح الباء . وغبنت في البيع غبنا إذا غفلت عنه ، بيعا كان أو شراء . وغبيت الرجل أغباه أشد الغباء ، وهو مثل الغبن . ابن بزرج : غبن الرجل غبنانا شديدا وغبن أشد الغبنان ، ولا يقولون في الربح إلا ربح أشد الربح والرباحة والرباح ؛ وقوله :


قد كان ، في أكل الكريص الموضون [ ص: 12 ]     وأكلك التمر بخبز مسمون
لحضن في ذاك عيش مغبون

قوله : مغبون أي أن غيرهم فيه وهم يجدونه كأنه يقول هم يقدرون عليه إلا أنهم لا يعيشونه ، وقيل : غبنوا الناس إذا لم ينله غيرهم . وحضن هنا : حي . والغبينة من الغبن : كالشتيمة من الشتم . ويقال : أرى هذا الأمر عليك غبنا ؛ وأنشد :


أجول في الدار لا أراك ، وفي ال     دار أناس جوارهم غبن

والمغبن : الإبط والرفغ وما أطاف به . وفي الحديث : كان إذا اطلى بدأ بمغابنه ؛ المغابن : الأرفاع ؛ وهي بواطن الأفخاذ عند الحوالب ، جمع مغبن من غبن الثوب إذا ثناه وعطفه ، وهي معاطف الجلد أيضا . وفي حديث عكرمة : من مس مغابنه فليتوضأ ؛ أمره بذلك استظهارا واحتياطا ، فإن الغالب على من يلمس ذلك الموضع أن تقع يده على ذكره ، وقيل : المغابن الأرفاع والآباط ، واحدها مغبن . وقال ثعلب : كل ما ثنيت عليه فخذك فهو مغبن . وغبنت الشيء إذا خبأته في المغبن . وغبنت الثوب والطعام : مثل خبنت . والغابن : الفاتر عن العمل . والتغابن : أن يغبن القوم بعضهم بعضا . ويوم التغابن : يوم البعث ، من ذلك ، وقيل : سمي بذلك لأن أهل الجنة يغبن فيه أهل النار بما يصير إليه أهل الجنة من النعيم ويلقى فيه أهل النار من عذاب الجحيم ، ويغبن من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون منزلته ، وضرب الله ذلك مثلا للشراء والبيع كما قال تعالى : هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وسئل الحسن عن قوله تعالى : ذلك يوم التغابن فقال : غبن أهل الجنة أهل النار أي استنقصوا عقولهم باختيارهم الكفر على الإيمان . ونظر الحسن إلى رجل غبن آخر في بيع فقال : إن هذا يغبن عقلك أي ينقصه . وغبن الثوب يغبنه غبنا : كفه ، وفي التهذيب : طال فثناه ، وكذلك كبنه ، وما قطع من أطراف الثوب فأسقط غبن ؛ وقال الأعشى :


يساقطها كسقاط الغبن

والغبن : ثني الشيء من دلو أو ثوب لينقص من طوله . ابن شميل : يقال هذه الناقة ما شئت من ناقة ظهرا وكرما غير أنها مغبونة لا يعلم ذلك منها ، وقد غبنوا خبرها وغبنوها أي لم يعلموا علمها .

غبا : غبي الشيء وغبي عنه غبا وغباوة : لم يفطن له ؛ قال الشاعر :


في بلدة يغبى بها الخريت

أي يخفى ؛ وقال ابن الرقاع :


ألا رب لهو آنس ولذاذة     من العيش ، يغبيه الخباء المستر

وغبي الأمر عني : خفي فلم أعرفه . وفي حديث الصوم : فإن غبي عليكم أي خفي ، ورواه بعضهم غبي ، بضم الغين وتشديد الباء المكسورة لما لم يسم فاعله ، وهما من الغباء شبه الغبرة في السماء . التهذيب : ابن الأنباري الغبا يكتب بالألف لأنه من الواو . يقال : غبيت عن الأمر غباوة . الليث : يقال غبي عن الأمر غباوة ، فهو غبي إذا لم يفطن للخب ونحوه . يقال : غبي علي ذلك الأمر إذا كان لا يفطن له ولا يعرفه ، والغباوة المصدر . ويقال : فلان ذو غباوة أي تخفى عليه الأمور . ويقال : غبيت عن ذلك الأمر إذا كان لا يفطن له . ويقال : ادخل في الناس فهو أغبى لك أي أخفى لك . ويقال : دفن فلان لي مغباة ثم حملني عليها ، وذلك إذا ألقاك في مكر أخفاه . ويقال : غب شعرك أي استأصله ، وقد غبى شعره تغبية ، وغبيت الشيء أغباه ، وقد غبي علي مثله إذا لم تعرفه ؛ وقول قيس بن ذريح :


وكيف يصلي من إذا غبيت له     دماء ذوي الذمات والعهد طلت

لم يفسر ثعلب غبيت له . وتغابى عنه : تغافل . وفيه غبوة وغباوة أي غفلة . والغبي ، على فعيل : الغافل القليل الفطنة ، وهو من الواو ، وأما أبوعلي فاشتق الغبي من قولهم شجرة غبياء كأن جهله غطى عنه ما وضح لغيره . وغبي الرجل غباوة وغبا وحكى غيره غباء بالمد . وفي الحديث : إلا الشياطين وأغبياء بني آدم ؛ الأغبياء : جمع غبي كغني وأغنياء ، ويجوز أن يكون أغباء كأيتام ، ومثله كمي وأكماء . وفي الحديث : قليل الفقه خير من كثير الغباوة . وفي حديث علي : تغاب عن كل ما لا يصح لك أي تغافل وتباله . وحكى ابن خالويه : أن الغباء الغبار ، وقد يضم ويقصر فيقال الغبى . والغباء : شبيه بالغبرة تكون في السماء . والغبية : الدفعة من المطر ؛ وقال امرؤ القيس :


وغبية شؤبوب من الشد ملهب

وهي الدفعة من الحضر شبهها بدفعة المطر . قال ابن سيده : الغبية الدفعة الشديدة من المطر ، وقيل : هي المطرة ليست بالكثيرة وهي فوق البغشة ؛ قال :


فصوبته ، كأنه صوب غبية     على الأمعز الضاحي إذا سيط أحضرا

ويقال : أغبت السماء إغباء ، فهي مغبية ؛ قال الراجز :


وغبيات بينهن وبل

قال : وربما شبه بها الجري الذي يجيء بعد الجري الأول . وقال أبو عبيد : الغبية كالوثبة في السير ، والغبية صب كثير من ماء ومن سياط ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


إن دواء الطامحات السجل     السوط والرشاء ثم الحبل
وغبيات بينهن هطل

قال ابن سيده : وأنا أرى ذلك على التشبيه بغبيات المطر . وجاء على غبية الشمس أي غيبتها ؛ قال : أراه على القلب . وشجرة غبياء : ملتفة وغصن أغبى كذلك . وغبية التراب : ما سطع منه ؛ قال الأعشى :

[ ص: 13 ]

إذا حال من دونها غبية     من الترب فانجال سربالها

وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أنه قال : الحمى في أصول النخل ، وشر الغبيات غبية التبل ، وشر النساء السويداء الممراض ، وشر منها الحميراء المحياض . وغبى شعره : قصر منه ، لغة لعبد القيس ، وقد تكلم بها غيرهم ؛ قال ابن سيده : وإنما قضينا بأن ألفها ياء لأنها ياء واللام ياء أكثر منها واوا . وغبى الشيء : ستره ؛ قال ابن أحمر :


فما كلفتك القدر المغبى     ولا الطير الذي لا تعبرينا

الكسائي : غبيت البئر إذا غطيت رأسها ثم جعلت فوقها ترابا ؛ قال أبو سعيد : وذلك التراب هو الغباء . والغابياء : بعض جحرة اليربوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية