صفحة جزء
[ غدر ]

غدر : ابن سيده : الغدر ضد الوفاء بالعهد . وقال غيره : الغدر ترك الوفاء ؛ غدره وغدر به يغدر غدرا . تقول : غدر إذا نقض العهد ، ورجل غادر وغدار وغدير وغدور ، وكذلك الأنثى بغير هاء ، وغدر وأكثر ما يستعمل هذا في النداء في الشتم يقال : يا غدر ! وفي الحديث : يا غدر ! ألست أسعى في غدرتك ؟ ويقال في الجمع : يال غدر . وفي حديث الحديبية : قال عروة بن مسعود للمغيرة : يا غدر ، وهل غسلت غدرتك إلا بالأمس ؟ قال ابن الأثير : غدر معدول عن غادر للمبالغة ، ويقال للذكر غدر والأنثى غدار كقطام ، وهما مختصان بالنداء في الغالب ؛ ومنه حديث عائشة : قالت للقاسم : اجلس غدر أي يا غدر فحذفت حرف النداء ؛ ومنه حديث عاتكة : يا لغدر يا لفجر ! قال ابن سيده : قال بعضهم يقال للرجل يا غدر ويا مغدر ويا مغدر ويا ابن مغدر ومغدر ، والأنثى يا غدار لا يستعمل إلا في النداء ؛ وامرأة غدار وغدارة . قال : ولا تقول العرب هذا رجل غدر لأن الغدر في حال المعرفة عندهم . وقال شمر : رجل غدر أي غادر ، ورجل نصر أي ناصر ، ورجل لكع أي لئيم ؛ قال الأزهري : نونها كلها خلاف ما قال الليث وهو الصواب ، إنما يترك صرف باب فعل إذا كان اسما معرفة مثل عمر وزفر . وفي الحديث : بين يدي الساعة سنون غدارة يكثر المطر ويقل النبات ؛ هي فعالة من الغدر أي تطمعهم في الخصب بالمطر ثم تخلف فجعل ذلك غدرا منها . وفي الحديث : أنه مر بأرض يقال لها غدرة فسماها خضرة كأنها كانت لا تسمح بالنبات ، أو تنبت ثم تسرع إليه الآفة ، فشبهت بالغادر لأنه لا يفي ؛ وقد تكرر ذلك الغدر على اختلاف تصرفه في الحديث . وغدر الرجل غدرا وغدرانا ؛ عن اللحياني ؛ قال ابن سيده : ولست منه على ثقة . وقالوا : الذئب غادر أي لا عهد له ، كما قالوا : الذئب فاجر . والمغادرة : الترك . وأغدر الشيء : تركه وبقاه . حكى اللحياني : أعانني فلان فأغدر له ذلك في قلبي مودة أي أبقاها . والغدرة : ما أغدر من شيء ، وهي الغدارة ؛ قال الأفوه :


في مضر الحمراء لم يترك غدارة ، غير النساء الجلوس

وعلى بني فلان غدرة من الصدقة وغدر أي بقية . وألقت الناقة غدرها أي ما أغدرته رحمها من الدم والأذى . ابن السكيت : وألقت الشاة غدورها وهي بقايا وأقذاء تبقى في الرحم تلقيها بعد الولادة . وقال أبو منصور : واحدة الغدر غدرة ويجمع غدرا وغدرات ؛ وروى بيت الأعشى :


لها غدرات واللواحق تلحق     وبه غادر من مرض وغابر

أي بقية . وغادر الشيء مغادرة وغدارا وأغدره : تركه . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ليتني غودرت مع أصحاب نحص الجبل ؛ قال أبو عبيد : معناه يا ليتني استشهدت معهم ، النحص : أصل الجبل وسفحه ، وأراد بأصحاب النحص قتلى أحد وغيرهم من الشهداء . وفي حديث بدر : فخرج رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في أصحابه حتى بلغ قرقرة الكدر فأغدروه أي تركوه وخلفوه ، وهو موضع . وفي حديث عمر وذكر حسن سياسته فقال : ولولا ذلك لأغدرت بعض ما أسوق أي خلفت ؛ شبه نفسه بالراعي ورعيته بالسرح ، وروي : لغدرت أي لألقيت الناس في الغدر ، وهو مكان كثير الحجارة . وفي التنزيل العزيز : لا يغادر صغيرة ولا كبيرة أي لا يترك . وغادر وأغدر بمعنى واحد . والغدير : القطعة من الماء يغادرها السيل أي يتركها ؛ قال ابن سيده : هذا قول أبي عبيد فهو إذا فعيل في معنى مفعول على اطراح الزائد ، وقد قيل : إنه من الغدر لأنه يخون وراده فينضب عنهم ويغدر بأهله فينقطع عند شدة الحاجة إليه ؛ ويقوي ذلك قول الكميت :


ومن غدره نبز الأولون     بأن لقبوه ، الغدير ، الغديرا

أراد : من غدره نبز الأولون الغدير بأن لقبوه الغدير ، فالغدير الأول مفعول نبز ، والثاني مفعول لقبوه . وقال اللحياني : الغدير اسم ولا يقال هذا ماء غدير ، والجمع غدر وغدران . واستغدرت ثم غدر : صارت هناك غدران . وفي الحديث :أن قادما قدم على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن خصب البلاد فحدث أن سحابة وقعت فاخضرت لها الأرض ، وفيها غدر تناخس والصيد قد ضوى إليها ؛ قال شمر : قوله غدر تناخس أي يصب بعضها في إثر بعض . الليث : الغدير مستنقع الماء ماء المطر ، صغيرا كان أو كبيرا ، غير أنه لا يبقى إلى القيظ إلا ما يتخذه الناس من عد أو وجد أو وقط أو صهريج أو حائر . قال أبو منصور : العد الماء الدائم الذي لا انقطاع له ، ولا يسمى الماء الذي يجمع في غدير أو صهريج أو صنع عدا ؛ لأن العد ما يدوم مثل ماء العين والركية . المؤرج : غدر الرجل يغدر غدرا إذا شرب من ماء الغدير ؛ قال الأزهري : والقياس غدر يغدر بهذا المعنى لا غدر مثل كرع إذا شرب الكرع . والغدير : السيف ، على التشبيه ، كما يقال له اللج . والغدير : القطعة من النبات ، على التشبيه أيضا ، والجمع غدران لا غير . وغدر فلان بعد إخوته أي ماتوا وبقي هو . وغدر عن أصحابه : تخلف . وغدرت الناقة عن الإبل والشاة عن الغنم غدرا : تخلفت عنها ، فإن تركها الراعي ، فهي غديرة ، وقد أغدرها ؛ قال الراجز :


فقلما طارد حتى أغدرا     وسط الغبار ، خربا مجورا

وقال اللحياني : ناقة غدرة غبرة غمرة إذا كانت تخلف عن الإبل في السوق . والغدور من الدواب وغيرها : المتخلف الذي لم يلحق . وأغدر فلان المائة : خلفها وجاوزها . وليلة غدرة بينة الغدر ، ومغدرة : شديدة الظلمة تحبس الناس في منازلهم وكنهم فيغدرون أي يتخلفون . وروي عنه ، عليه الصلاة والسلام ، أنه قال : المشي في [ ص: 17 ] الليلة المظلمة المغدرة إلى المسجد يوجب كذا وكذا . وغدرت الليلة ، بالكسر تغدر غدرا وأغدرت ، وهي مغدرة ، كل ذلك : أظلمت . وفي الحديث : من صلى العشاء في جماعة في الليلة المغدرة فقد أوجب ؛ المغدرة : الشديدة الظلمة التي تغدر الناس في بيوتهم أي تتركهم ، وقيل : إنما سميت مغدرة لطرحها من يخرج فيها في الغدر ، وهي الجرفة . وفي حديث كعب : لو أن امرأة من الحور العين اطلعت إلى الأرض في ليلة ظلماء مغدرة لأضاءت ما على الأرض . وفي النهر غدر ، وهو أن ينضب الماء ويبقى الوحل ، فقالوا : الغدراء الظلمة . يقال : خرجنا في الغدراء . وغدرت الغنم غدرا : شبعت في المرج في أول نبته ولم يسل عن أحظها ؛ لأن النبت قد ارتفع أن يذكر فيه الغنم . أبو زيد : الغدر والجرل والنقل كل هذه الحجارة مع الشجر . والغدر : الموضع الظلف الكثير الحجارة . والغدر : الحجارة والشجر . وكل ما واراك وسد بصرك : غدر . والغدر : الأرض الرخوة ذات الجحرة والجرفة واللخاقيق المتعادية . وقال اللحياني : الغدر الجحرة والجرفة في الأرض والأخاقيق والجراثيم في الأرض ، والجمع أغدار . وغدرت الأرض غدرا : كثر غدرها . وكل موضع صعب لا تكاد الدابة تنفذ فيه : غدر . ويقال : ما أثبت غدره أي ما أثبته في الغدر ، ويقال ذلك للفرس والرجل إذا كان لسانه يثبت في موضع الزلل والخصومة ؛ قال العجاج :


سنابك الخيل يصدعن الأير     من الصفا القاسي ويدعسن الغدر

ورجل ثبت الغدر : يثبت في مواضع القتال والجدل والكلام ، وهو من ذلك ويقال أيضا : إنه لثبت الغدر إذا كان ثبتا في جميع ما يأخذ فيه . وقال اللحياني : معناه ما أثبت حجته وأقل ضرر الزلق والعثار عليه . قال : وقال الكسائي : ما أثبت غدر فلان أي ما بقي من عقله ، قال ابن سيده : ولا يعجبني . قال الأصمعي : الجحرة والجرفة والأخاقيق في الأرض ؛ فتقول : ما أثبت حجته وأقل زلقه وعثاره . وقال ابن بزرج : إنه لثبت الغدر إذا كان ناطق الرجال ونازعهم كان قويا . وفرس ثبت الغدر : يثبت في موضع الزلل . والغدائر : الذوائب ، واحدتها غديرة . قال الليث : كل عقيصة غديرة ، والغديرتان : الذؤابتان اللتان تسقطان على الصدر ، وقيل : الغدائر للنساء ، وهي المضفورة والضفائر للرجال . وفي صفته ، صلى الله عليه وسلم : قدم مكة وله أربع غدائر ؛ هي الذوائب ، واحدتها غديرة . وفي حديث ضمام : كان رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين . الفراء : الغديرة والرغيدة واحدة . وقد اغتدر القوم إذا جعلوا الدقيق في إناء وصبوا عليه اللبن ثم رضفوه بالرضاف . ابن الأعرابي : المغدرة البئر تحفر في آخر الزرع لتسقي مذانبه . والغيدرة : الشر ؛ عن كراع . ورجل غيدار : سيئ الظن يظن فيصيب . والغدير : اسم رجل . وآل غدران : بطن .

التالي السابق


الخدمات العلمية