صفحة جزء
[ غرر ]

غرر : غره يغره غرا وغرورا وغرة ؛ الأخيرة عن اللحياني ، فهو مغرور وغرير : خدعه وأطمعه بالباطل ؛ قال :


إن امرأ غره منكن واحدة بعدي وبعدك في الدنيا ، لمغرور

أراد لمغرور جدا أو لمغرور جد مغرور وحق مغرور ، ولولا ذلك لم يكن في الكلام فائدة لأنه قد علم أن كل من غر فهو مغرور ، فأي فائدة في قوله لمغرور ، إنما هو على ما فسر . واغتر هو : قبل الغرور . وأنا غرر منك ، أي مغرور وأنا غريرك من هذا أي أنا الذي غرك منه أي لم يكن الأمر على ما تحب . وفي الحديث : المؤمن غر كريم ؛ أي ليس بذي نكر ، فهو ينخدع لانقياده ولينه ، وهو ضد الخب . يقال : فتى غر ، وفتاة غر ، وقد غررت تغر غرارة ؛ يريد أن المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه ، وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق ؛ ومنه حديث الجنة : يدخلني غرة الناس ؛ أي البله الذين لم يجربوا الأمور فهم قليلو الشر منقادون ، فإن من آثر الخمول وإصلاح نفسه والتزود لمعاده ونبذ أمور الدنيا فليس غرا فيما قصد له ولا مذموما بنوع من الذم ؛ وقول طرفة :


أبا منذر ، كانت غرورا صحيفتي     ولم أعطكم ، في الطوع ، مالي ولا عرضي

إنما أراد : ذات غرور لا تكون إلا على ذلك . قاله ابن سيده قال : لأن الغرور عرض والصحيفة جوهر والجوهر لا يكون عرضا . والغرور : ما غرك من إنسان وشيطان وغيرهما ؛ وخص يعقوب به الشيطان . وقوله تعالى : ولا يغرنكم بالله الغرور قيل : الغرور الشيطان ، قال الزجاج : ويجوز الغرور بضم الغين ، وقال في تفسيره : الغرور الأباطيل ، ويجوز أن يكون الغرور جمع غار مثل شاهد وشهود وقاعد وقعود ، والغرور ، بالضم : ما اغتر به من متاع الدنيا . وفي التنزيل العزيز : فلا تغرنكم الحياة الدنيا يقول : لا تغرنكم الدنيا فإن كان لكم حظ فيها ينقص من دينكم فلا تؤثروا ذلك الحظ ولا يغرنكم بالله الغرور . والغرور : الشيطان يغر الناس بالوعد الكاذب والتمنية . وقال الأصمعي : الغرور الذي يغرك . والغرور ، بالضم : الأباطيل ، كأنها جمع غر مصدر غررته غرا ، قال : وهو أحسن من أن يجعل غررت غرورا لأن المتعدي من الأفعال لا تكاد تقع مصادرها على فعول إلا شاذا ، وقد قال الفراء : غررته غرورا ، قال : وقوله : ولا يغرنكم بالله الغرور يريد به زينة الأشياء في الدنيا . والغرور : الدنيا ، صفة غالبة . أبو إسحاق في قوله تعالى : ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم أي ما خدعك وسول لك حتى أضعت ما وجب عليك ؛ وقال غيره : ما غرك أي ما خدعك بربك وحملك على معصيته والأمن من عقابه فزين لك المعاصي والأماني الكاذبة فارتكبت الكبائر ، ولم تخفه وأمنت عذابه ، وهذا توبيخ وتبكيت للعبد الذي يأمن مكر الله ولا يخافه ؛ وقال الأصمعي : ما غرك بفلان أي كيف اجترأت عليه . ومن غرك من فلان ومن غرك بفلان ؛ أي من أوطاك منه عشوة في أمر فلان ؛ وأنشد أبو الهيثم :


أغر هشاما ، من أخيه ابن أمه     قوادم ضأن يسرت وربيع

[ ص: 30 ] قال : يريد أجسره على فراق أخيه لأمه كثرة غنمه وألبانها ، قال : والقوادم والأواخر في الأخلاف لا تكون في ضروع الضأن لأن للضأن والمعز خلفين متحاذيين وماله أربعة أخلاف غيرهما ، والقادمان : الخلفان اللذان يليان البطن والآخران اللذان يليان الذنب فصيره مثلا للضأن ، ثم قال : أغر هشاما لضأن له يسرت وظن أنه قد استغنى عن أخيه . وقال أبو عبيد : الغرير المغرور . وفي حديث سارق أبي بكر ، رضي الله عنه ، : عجبت من غرته بالله عز وجل ؛ أي اغتراره . والغرارة من الغر ، والغرة من الغار ، والتغرة من التغرير ، والغار : الغافل . التهذيب : وفي حديث عمر ، رضي الله عنه ، : أيما رجل بايع آخر على مشورة فإنه لا يؤمر واحد منهما تغرة أن يقتلا ؛ التغرة مصدر غررته إذا ألقيته في الغرر وهو من التغرير كالتعلة من التعليل ؛ قال ابن الأثير : وفي الكلام مضاف محذوف تقديره خوف تغرة في أن يقتلا ؛ أي خوف وقوعهما في القتل فحذف المضاف الذي هو الخوف وأقام المضاف إليه الذي هو تغرة مقامه ، وانتصب على أنه مفعول له ، ويجوز أن يكون قوله أن يقتلا بدلا من تغرة ، ويكون المضاف محذوفا كالأول ، ومن أضاف تغرة إلى أن يقتلا فمعناه خوف تغرة قتلهما ؛ ومعنى الحديث : أن البيعة حقها أن تقع صادرة عن المشورة والاتفاق ، فإذا استبد رجلان دون الجماعة فبايع أحدهما الآخر ، فذلك تظاهر منهما بشق العصا واطراح الجماعة ، فإن عقد لأحد بيعة فلا يكون المعقود له واحدا منهما ، وليكونا معزولين من الطائفة التي تتفق على تمييز الإمام منها ؛ لأنه لو عقد لواحد منهما وقد ارتكبا تلك الفعلة الشنيعة التي أحفظت الجماعة من التهاون بهم والاستغناء عن رأيهم ، لم يؤمن أن يقتلا ؛ هذا قول ابن الأثير ، وهو مختصر قول الأزهري ، فإنه يقول : لا يبايع الرجل إلا بعد مشاورة الملإ من أشراف الناس واتفاقهم ، ثم قال : ومن بايع رجلا عن غير اتفاق من الملإ لم يؤمر واحد منهما تغرة بمكر المؤمر منهما ، لئلا يقتلا أو أحدهما ، ونصب تغرة لأنه مفعول له وإن شئت مفعول من أجله ؛ وقوله : أن يقتلا أي حذار أن يقتلا وكراهة أن يقتلا ؛ قال الأزهري : وما علمت أحدا فسر من حديث عمر ، رضي الله عنه ، ما فسرته ، فافهمه . والغرير : الكفيل . وأنا غرير فلان أي كفيله . وأنا غريرك من فلان ؛ أي أحذركه ، وقال أبو نصر في كتاب الأجناس : أي لن يأتيك منه ما تغتر به ، كأنه قال : أنا القيم لك بذلك . قال أبو منصور : كأنه قال أنا الكفيل لك بذلك ؛ وأنشد الأصمعي في الغرير الكفيل رواه ثعلب عن أبي نصر عنه قال :


أنت لخير أمة مجيرها     وأنت مما ساءها غريرها

أبو زيد في كتاب الأمثال قال : ومن أمثالهم في الخبرة والعلم : أنا غريرك من هذا الأمر أي اغترني فسلني منه على غرة أي أني عالم به ، فمتى سألتني عنه أخبرتك به من غير استعداد لذلك ولا روية فيه . وقال الأصمعي في هذا المثل : معناه أنك لست بمغرور مني لكني أنا المغرور ، وذلك أنه بلغني خبر كان باطلا فأخبرتك به ، ولم يكن على ما قلت لك وإنما أديت ما سمعت . وقال أبو زيد : سمعت أعرابيا يقول لآخر : أنا غريرك من تقول ذلك ، يقول من أن تقول ذلك ، قال : ومعناه اغترني فسلني عن خبره فإني عالم به أخبرك عن أمره على الحق والصدق . قال : الغرور الباطل ؛ وما اغتررت به من شيء ، فهو غرور . وغرر بنفسه وماله تغريرا وتغرة : عرضهما للهلكة من غير أن يعرف ، والاسم الغرر ، والغرر الخطر . ونهى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن بيع الغرر وهو مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء . والتغرير : حمل النفس على الغرر ، وقد غرر بنفسه تغريرا وتغرة كما يقال حلل تحليلا وتحلة وعلل تعليلا وتعلة ، وقيل : بيع الغرر المنهي عنه ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول ، يقال : إياك ؛ وبيع الغرر قال : بيع الغرر أن يكون على غير عهدة ولا ثقة . قال الأزهري : ويدخل في بيع الغرر البيوع المجهولة التي لا يحيط بكنهها المتبايعان حتى تكون معلومة . وفي حديث مطرف : إن لي نفسا واحدة وإني أكره أن أغرر بها ؛ أي أحملها على غير ثقة ، قال : وبه سمي الشيطان غرورا لأنه يحمل الإنسان على محابه ووراء ذلك ما يسوء ، كفانا الله فتنته . وفي حديث الدعاء : وتعاطي ما نهيت عنه تغريرا أي مخاطرة وغفلة عن عاقبة أمره . وفي الحديث : لأن أغتر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أغتر بهذه الآية ؛ يريد قوله تعالى : فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله وقوله : ومن يقتل مؤمنا متعمدا المعنى أن أخاطر بتركي مقتضى الأمر بالأولى أحب إلي من أن أخاطر بالدخول تحت الآية الأخرى . والغرة ، بالضم : بياض في الجبهة ، وفي الصحاح : في جبهة الفرس ؛ فرس أغر وغراء ، وقيل : الأغر من الخيل الذي غرته أكبر من الدرهم ، قد وسطت جبهته ولم تصب واحدة من العينين ولم تمل على واحد من الخدين ولم تسل سفلا ، وهي أفشى من القرحة والقرحة قدر الدرهم فما دونه ؛ وقال بعضهم : بل يقال للأغر أغر أقرح لأنك إذا قلت أغر فلا بد من أن تصف الغرة بالطول والعرض والصغر والعظم والدقة ، وكلهن غرر ، فالغرة جامعة لهن لأنه يقال أغر أقرح ، وأغر مشمرخ الغرة ، وأغر شادخ الغرة ، فالأغر ليس بضرب واحد بل هو جنس جامع لأنواع من قرحة وشمراخ ونحوهما . وغرة الفرس : البياض الذي يكون في وجهه ، فإن كانت مدورة فهي وتيرة ، وإن كانت طويلة فهي شادخة . قال ابن سيده : وعندي أن الغرة نفس القدر الذي يشغله البياض من الوجه لا أنه البياض . والغرغرة ، بالضم : غرة الفرس . ورجل غرغرة أيضا : شريف . ويقال بم غرر فرسك ؟ فيقول صاحبه : بشادخة أو بوتيرة أو بيعسوب . ابن الأعرابي : فرس أغر ، وبه غرر ، وقد غر يغر غررا ، وجمل أغر وفيه غرر وغرور . والأغر : الأبيض من كل شيء . وقد غر وجهه يغر ، بالفتح ، غررا وغرة وغرارة : صار ذا غرة أو ابيض ؛ عن ابن الأعرابي وفك مرة الإدغام ليري أن غر فعل فقال غررت غرة ، فأنت أغر . قال ابن سيده : وعندي أن غرة ليس بمصدر كما ذهب إليه ابن الأعرابي هاهنا ، إنما هو اسم وإنما كان حكمه أن يقول غررت غررا ، قال : على أني لا أشاح ابن الأعرابي في مثل هذا . وفي حديث ، علي كرم الله [ ص: 31 ] تعالى وجهه : اقتلوا الكلب الأسود ذا الغرتين ؛ الغرتان : النكتتان البيضاوان فوق عينيه . ورجل أغر : كريم الأفعال واضحها ، وهو على المثل . ورجل أغر الوجه إذا كان أبيض الوجه من قوم غر وغران ؛ قال امرؤ القيس يمدح قوما :


ثياب بني عوف طهارى نقية     وأوجههم بيض المسافر غران

وقال أيضا :


أولئك قومي بهاليل غر

قال ابن بري : المشهور في بيت امرئ القيس :


وأوجههم عند المشاهد غران

أي إذا اجتمعوا لغرم حمالة أو لإدارة حرب وجدت وجوههم مستبشرة غير منكرة ؛ لأن اللئيم يحمر وجهه عندما يسائله السائل ، والكريم لا يتغير وجهه عن لونه . قال : وهذا المعنى هو الذي أراده من روى : بيض المسافر . وقوله : ثياب بني عوف طهارى يريد بثيابهم قلوبهم ؛ ومنه قوله تعالى : وثيابك فطهر . وفي الحديث : غر محجلون من آثار الوضوء ؛ الغر : جمع الأغر من الغرة بياض الوجه ، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة ؛ وقول أم خالد الخثعمية :


ليشرب منه جحوش ويشيمه     بعيني قطامي أغر شآمي

يجوز أن تعني قطاميا أبيض ، وإن كان القطامي قلما يوصف بالأغر ، وقد يجوز أن تعني عنقه فيكون كالأغر بين الرجال والأغر من الرجال : الذي أخذت اللحية جميع وجهه إلا قليلا كأنه غرة ؛ قال عبيد بن الأبرص :


ولقد تزان بك المجا     لس لا أغر ولا علاكز

وغرة الشيء : أوله وأكرمه . وفي الحديث : ما أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا إلا غنما وردت فرمي أولها فنفر آخرها ؛ وغرة الإسلام : أوله . وغرة كل شيء : أوله . والغرر : ثلاث ليال من أول كل شهر . وغرة الشهر : ليلة استهلال القمر لبياض أولها ، وقيل : غرة الهلال طلعته ، وكل ذلك من البياض . يقال : كتبت غرة شهر كذا . ويقال لثلاث ليال من الشهر : الغرر والغر ، وكل ذلك لبياضها وطلوع القمر في أولها ، وقد يقال ذلك للأيام . قال أبو عبيد : قال غير واحد ولا اثنين : يقال لثلاث ليال من أول الشهر : ثلاث غرر ، والواحدة غرة ، وقال أبو الهيثم : سمين غررا واحدتها غرة تشبيها بغرة الفرس في جبهته لأن البياض فيه أول شيء فيه وكذلك ، بياض الهلال في هذه الليالي أول شيء فيها . وفي الحديث : في صوم الأيام الغر ؛ أي البيض الليالي بالقمر . قال الأزهري : وأما الليالي الغر التي أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بصومها فهي ليلة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ، ويقال لها البيض ، وأمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بصومها لأنه خصها بالفضل ؛ وفي قولالأزهري : الليالي الغر التي أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بصومها نقد وكان حقه أن يقول بصوم أيامها فإن الصيام إنما هو للأيام لا لليالي ، ويوم أغر : شديد الحر ؛ ومنه قولهم : هاجرة غراء ووديقة غراء ؛ ومنه قول الشاعر :


أغر كلون الملح ضاحي ترابه     إذا استودقت حزانه وضياهبه

قال ؛ وأنشد أبو بكر :


من سموم كأنها لفح نار     شعشعتها ظهيرة غراء

ويقال : وديقة غراء شديدة الحر ؛ قال :


وهاجرة غراء قاسيت حرها     إليك وجفن العين بالماء سابح

الأصمعي : ظهيرة غراء ؛ أي هي بيضاء من شدة حر الشمس كما يقال هاجرة شهباء . وغرة الأسنان : بياضها وغرر الغلام : طلع أول أسنانه كأنه أظهر غرة أسنانه أي بياضها . وقيل : هو إذا طلعت أولى أسنانه ورأيت غرتها وهي أولى أسنانه . ويقال : غررت ثنيتا الغلام إذا طلعتا أول ما يطلع لظهور بياضهما ، والأغر : الأبيض وقوم غران . وتقول : هذا غرة من غرر المتاع ، وغرة المتاع خياره ورأسه ، وفلان غرة من غرر قومه أي شريف من أشرافهم . ورجل أغر : شريف ، والجمع غر وغران ؛ وأنشد بيت امرئ القيس :


وأوجههم عند المشاهد غران

وهو غرة قومه أي سيدهم ، وهم غرر قومهم . وغرة النبات : رأسه ، وتسرع الكرم إلى بسوقه : غرته ؛ وغرة الكرم : سرعة بسوقه . وغرة الرجل : وجهه ، وقيل : طلعته ووجهه . وكل شيء بدا لك من ضوء أو صبح فقد بدت لك غرته . ووجه غرير : حسن ؛ وجمعه غران ؛ والغر والغرير : الشاب الذي لا تجربة له ، والجمع أغراء وأغرة والأنثى غر وغرة وغريرة ؛ وقد غررت غرارة ، ورجل غر ، بالكسر ، وغرير أي غير مجرب ؛ وقد غر يغر ، بالكسر ، غرارة ، والاسم الغرة . الليث : الغر كالغمر والمصدر الغرارة ، وجارية غرة . وفي الحديث : المؤمن غر كريم والكافر خب لئيم ؛ معناه أنه ليس بذي نكراء فالغر الذي لا يفطن للشر ويغفل عنه ، والخب ضد الغر ، وهو الخداع المفسد ، ويجمع الغر أغرار ، وجمع الغرير أغراء . وفي حديث ظبيان : إن ملوك حمير ملكوا معاقل الأرض وقرارها ورءوس الملوك وغرارها . الغرار والأغرار جمع الغر . وفي حديث ابن عمر : إنك ما أخذتها بيضاء غريرة ؛ هي الشابة الحديثة التي لم تجرب الأمور . أبو عبيد : الغرة الجارية الحديثة السن التي لم تجرب الأمور ولم تكن تعلم ما يعلم النساء من الحب ، وهي أيضا غر بغير هاء ؛ قال الشاعر :


إن الفتاة صغيرة     غر ، فلا يسرى بها

الكسائي : رجل غر وامرأة غر بينة الغرارة ، بالفتح ، من قوم أغراء ؛ قال : ويقال من الإنسان الغر : غررت يا رجل تغر غرارة ، ومن الغار وهو الغافل : اغتررت . ابن الأعرابي : يقال غررت بعدي تغر غرارة فأنت غر ، والجارية غر إذا تصابى . أبو عبيد : الغرير المغرور والغرارة من الغرة ، والغرة من الغار ، والغرارة والغرة واحد ؛ الغار : الغافل والغرة الغفلة ، وقد اغتر والاسم منهما الغرة . وفي المثل : الغرة [ ص: 32 ] تجلب الدرة أي الغفلة تجلب الرزق ، حكاه ابن الأعرابي . ويقال : كان ذلك في غرارتي وحداثتي أي في غرتي . واغتره أي أتاه على غرة منه . واغتر بالشيء : خدع به . وعيش غرير : أبله لا يفزع أهله . والغرير الخلق : الحسن . يقال للرجل إذا شاخ : أدبر غريره وأقبل هريره ؛ أي قد ساء خلقه . والغرار : حد الرمح والسيف والسهم . وقال أبو حنيفة : الغراران ناحيتا المعبلة خاصة . غيره : والغراران شفرتا السيف وكل شيء له حد ، فحده غراره ، والجمع أغرة ، وغر السيف حده ؛ ومنه قول هجرس بن كليب حين رأى قاتل أبيه : أما وسيفي وغريه ؛ أي وحديه . ولبث فلان غرار شهر أي مكث مقدار شهر . ويقال : لبث اليوم غرار شهر أي مثال شهر أي طول شهر ، والغرار : النوم القليل ، وقيل : هو القليل من النوم وغيره . وروى الأوزاعي عن الزهري أنه قال : كانوا لا يرون بغرار النوم بأسا حتى لا ينقض الوضوء أي لا ينقض قليل النوم الوضوء . قال الأصمعي : غرار النوم قلته ؛ قال الفرزدق في مرثية الحجاج :


إن الرزية من ثقيف هالك     ترك العيون ، فنومهن غرار

أي قليل . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : لا غرار في صلاة ولا تسليم أي لا نقصان . قال أبو عبيد : الغرار في الصلاة النقصان في ركوعها وسجودها وطهورها وهو أن لا يتم ركوعها وسجودها . قال أبو عبيد : فمعنى الحديث لا غرار في صلاة أي لا ينقص من ركوعها ولا من سجودها ولا أركانها ، كقول سلمان : الصلاة مكيال فمن وفى وفي له ، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله في المطففين ؛ قال : وأما الغرار في التسليم فنراه أن يقول له : السلام عليكم فيرد عليه الآخر : وعليكم ولا يقول وعليكم السلام ؛ هذا من التهذيب . قال ابن سيده : وأما الغرار في التسليم فنراه أن يقول سلام عليك أو يرد فيقول وعليك ولا يقول وعليكم وقيل : لا غرار في الصلاة ولا تسليم فيها أي لا قليل من النوم في الصلاة ولا تسليم أي لا يسلم المصلي ولا يسلم عليه ؛ قال ابن الأثير : ويروى ، بالنصب ، والجر ، فمن جره كان معطوفا على الصلاة ومن نصبه كان معطوفا على الغرار ، ويكون المعنى : لا نقص ولا تسليم في صلاة لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز ؛ وفي حديث آخر : لا تغار التحية أي لا ينقص السلام . وأتانا على غرار أي على عجلة . ولقيته غرارا أي على عجلة ، وأصله القلة في الروية للعجلة . وما أقمت عنده إلا غرارا أي قليلا . التهذيب : ويقال اغتررته واستغررته أي أتيته على غرة أي على غفلة ، والغرار : نقصان لبن الناقة ، وفي لبنها غرار ؛ ومنه غرار النوم : قلته . قال أبو بكر في قولهم : غر فلان فلانا : قال بعضهم عرضه للهلكة والبوار ، من قولهم : ناقة مغار إذا ذهب لبنها لحدث أو لعلة . ويقال : غر فلان فلانا معناه نقصه ، من الغرار وهو النقصان . ويقال : معنى قولهم غر فلان فلانا فعل به ما يشبه القتل والذبح بغرار الشفرة ، وغارت الناقة بلبنها ؛ تغار غرارا وهي مغار : قل لبنها ومنهم من قال ذلك عند كراهيتها للولد وإنكارها الحالب . الأزهري : غرار الناقة أن تمرى فتدر فإن لم يبادر درها رفعت درها ثم لم تدر حتى تفيق . الأصمعي : من أمثالهم في تعجل الشيء قبل أوانه قولهم : سبق درته غراره ، ومثله سبق سيله مطره . ابن السكيت : غارت الناقة غرارا إذا درت ، ثم نفرت فرجعت ؛ الدرة يقال : ناقة مغار ، بالضم ، ونوق مغار يا هذا ، بفتح الميم ، غير مصروف . ويقال في التحية : لا تغار أي لا تنقص ولكن قل كما يقال لك أو رد وهو أن تمر بجماعة فتخص واحدا . ولسوقنا غرار إذا لم يكن لمتاعها نفاق ؛ كله على المثل . وغارت السوق تغار غرارا : كسدت ودرت درة : نفقت ، وقول أبي خراش :


فغاررت شيئا والدريس كأنما     يزعزعه وعك من الموم مردم

قيل : معنى غاررت تلبثت وقيل : تنبهت وولدت ثلاثة على غرار واحد أي بعضهم في إثر بعض ليس بينهم جارية . الأصمعي : الغرار الطريقة . يقال : رميت ثلاثة أسهم على غرار واحد أي على مجرى واحد . وبنى القوم بيوتهم على غرار واحد . والغرار : المثال الذي يضرب عليه النصال لتصلح . يقال : ضرب نصاله على غرار واحد ؛ قال الهذلي يصف نصلا :


سديد العير لم يدحض عليه ال     غرار فقدحه زعل دروج

قوله سديد ، بالسين أي مستقيم . قال ابن بري : البيت لعمرو بن الداخل ، وقوله سديد العير أي قاصد . والعير : الناتئ في وسط النصل . ولم يدحض أي لم يزلق عليه الغرار ، وهو المثال الذي يضرب عليه النصل فجاء مثل المثال . وزعل : نشيط . ودروج : ذاهب في الأرض . والغرارة : الجوالق ، واحدة الغرائر ؛ قال الشاعر :


كأنه غرارة ملأى حثى

الجوهري : الغرارة واحدة الغرائر التي للتبن ، قال : وأظنه معربا . الأصمعي : الغرار أيضا غرار الحمام فرخه إذا زقه ، وقد غرته تغره غرا وغرارا . قال : وغار القمري أنثاه غرارا إذا زقها . وغر الطائر فرخه يغره غرارا أي زقه . وفي حديث معاوية قال : كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يغر عليا بالعلم أي يلقمه إياه . يقال : غر الطائر فرخه أي زقه . وفي حديث علي ، عليه السلام : من يطع الله يغره كما يغر الغراب بجه أي فرخه . وفي حديث ابن عمر وذكر الحسن والحسين ، رضوان الله عليهم أجمعين ، فقال : إنما كانا يغران العلم غرا والغر : اسم ما زقته به ، وجمعه غرور ؛ قال عوف بن ذروة فاستعمله في سير الإبل :


إذا احتسى ، يوم هجير هائف     غرور عيدياتها الخوانف

يعني أنه أجهدها فكأنه احتسى تلك الغرور . ويقال : غر فلان من العلم ما لم يغر غيره أي زق وعلم . وغر عليه الماء وقر عليه الماء أي صب عليه . وغر في حوضك أي صب فيه . وغرر السقاء إذا ملأه ؛ قال حميد :


وغرره حتى استدار كأنه     على الفرو ، علفوف من الترك راقد

يريد مسك شاة بسط تحت الوطب . التهذيب : وغررت الأساقي [ ص: 33 ] ملأتها ؛ قال الراجز :


فظلت تسقي الماء في قلات     في قصب يغر في وأبات
غرك في المرار معصمات

القصب : الأمعاء . والوأبات : الواسعات . قال الأزهري : سمعت أعرابيا يقول لآخر : غر في سقائك وذلك إذا وضعه في الماء وملأه بيده يدفع الماء في فيه دفعا بكفه ولا يستفيق حتى يملأه . الأزهري : الغر طير سود بيض الرءوس من طير الماء ، الواحدة غراء ، ذكرا كان أو أنثى . قال ابن سيده : الغر ضرب من طير الماء ، ووصفه كما وصفناه . والغرة : العبد أو الأمة كأنه عبر عن الجسم كله بالغرة ؛ وقال الراجز :


كل قتيل في كليب غره     حتى ينال القتل آل مره

يقول : كلهم ليسوا بكفء لكليب إنما هم بمنزلة العبيد والإماء إن قتلتهم حتى أقتل آل مرة فإنهم الأكفاء حينئذ . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنه قضى في ولد المغرور بغرة ؛ وهو الرجل يتزوج امرأة على أنها حرة فتظهر مملوكة فيغرم الزوج لمولى الأمة ، غرة عبدا أو أمة ، ويرجع بها على من غره ويكون ولده حرا . وقال أبو سعيد : الغرة عند العرب أنفس شيء يملك وأفضله ، والفرس غرة مال الرجل ، والعبد غرة ماله ، والبعير النجيب غرة ماله ، والأمة الفارهة من غرة المال . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أن حمل بن مالك قال له : إني كنت بين جاريتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا وماتت ، فقضى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بدية المقتولة على عاقلة القاتلة وجعل في الجنين غرة ، عبدا أو أمة . وأصل الغرة البياض الذي يكون في وجه الفرس وكأنه عبر عن الجسم كله بالغرة . قال أبو منصور : ولم يقصد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في جعله في الجنين غرة إلا جنسا واحدا من أجناس الحيوان بعينه فقال : عبدا أو أمة . وغرة المال : أفضله . وغرة القوم : سيدهم . وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال في تفسير الغرة الجنين ، قال : الغرة عبد أبيض أو أمة بيضاء . وفي التهذيب : لا تكون إلا بيض الرقيق . قال ابن الأثير : ولا يقبل في الدية عبد أسود ولا جارية سوداء . قال : وليس ذلك شرطا عند الفقهاء ، وإنما الغرة عندهم ما بلغ ثمنها عشر الدية من العبيد والإماء . التهذيب وتفسير الفقهاء : إن الغرة من العبيد الذي يكون ثمنه عشر الدية . قال : وإنما تجب الغرة في الجنين إذا سقط ميتا ، فإن سقط حيا ثم مات ففيه الدية كاملة . وقد جاء في بعض روايات الحديث : بغرة عبد أو أمة أو فرس أو بغل ، وقيل : إن الفرس والبغل غلط من الراوي . وفي حديث ذي الجوشن : ما كنت لأقضيه اليوم بغرة ؛ سمي الفرس في هذا الحديث غرة ؛ وأكثر ما يطلق على العبد والأمة ، ويجوز أن يكون أراد بالغرة النفيس من كل شيء ، فيكون التقدير ما كنت لأقضيه بالشيء النفيس المرغوب فيه . وفي الحديث : إياكم ومشارة الناس فإنها تدفن الغرة وتظهر العرة ؛ الغرة هاهنا : الحسن والعمل الصالح ، شبهه بغرة الفرس . وكل شيء ترفع قيمته فهو غرة . وقوله في الحديث : عليكم بالأبكار فإنهن أغر غرة ، يحتمل أن يكون من غرة البياض وصفاء اللون ، ويحتمل أن يكون من حسن الخلق والعشرة ؛ ويؤيده الحديث الآخر : عليكم بالأبكار فإنهن أغر أخلاقا أي إنهن أبعد من فطنة الشر ومعرفته من الغرة الغفلة . وكل كسر متثن في ثوب أو جلد : غر ؛ قال :


قد رجع الملك لمستقره     ولان جلد الأرض بعد غره

وجمعه غرور ؛ قال أبو النجم :


حتى إذا ما طال من خبيرها     عن جدد صفر وعن غرورها الواحد غر

بالفتح ومنه قولهم : طويت الثوب على غره أي على كسره الأول . قال الأصمعي : حدثني رجل عن رؤبة أنه عرض عليه ثوب فنظر إليه وقلبه ثم قال : اطوه على غره . والغرور في الفخذين : كالأخاديد بين الخصائل . وغرور القدم : خطوط ما تثنى منها . وغر الظهر : ثني المتن ؛ قال :


كأن غر متنه ، إذ تجنبه     سير صناع في خرير تكلبه

قال الليث : الغر الكسر في الجلد من السمن والغر تكسر الجلد وجمعه غرور وكذلك غضون الجلد غرور . الأصمعي : الغرور مكاسر الجلد . وفي حديث عائشة تصف أباها ، رضي الله عنهما ، فقالت : رد نشر الإسلام على غره أي طيه وكسره . يقال : اطو الثوب على غره الأول كما كان مطويا ؛ أرادت تدبيره أمر الردة ومقابلة دائها بدوائها . وغرور الذراعين : الأثناء التي بين حبالهما . والغر : الشق في الأرض . والغر : نهر دقيق في الأرض ، وقال ابن الأعرابي : هو النهر ولم يعين الدقيق ولا غيره ؛ وأنشد :


سقية غر في الحجال دموج

هكذا في المحكم ؛ وأورده الأزهري ، قال : وأنشدني ابن الأعرابي في صفة جارية :


سقية غر في الحجال دموج

وقال : ؛ يعني أنها تخدم ولا تخدم . ابن الأعرابي : الغر النهر الصغير ، وجمعه غرور ، والغرور : شرك الطريق ، كل طرقة منها غر ؛ ومن هذا قيل : اطو الكتاب والثوب على غره وخنثه أي على كسره ؛ وقال ابن السكيت في تفسير قوله :


كأن غر متنه إذ تجنبه

غر المتن : طريقه . يقول دكين : طريقته تبرق كأنها سير في خريز ، والكلب : أن يبقى السير في القربة وهي تخرز فتدخل الجارية يدها وتجعل معها عقبة أو شعرة فتدخلها من تحت السير ثم تخرق خرقا بالإشفى فتخرج رأس الشعرة منه ، فإذا خرج رأسها جذبتها فاستخرجت السير . وقال أبو حنيفة : الغران خطان يكونان في أصل العير من جانبيه ؛ قال ابن مقروم وذكر صائدا :


فأرسل نافذ الغرين حشرا     فخيبه من الوتر انقطاع

والغراء : نبت لا ينبت إلا في الأجارع وسهولة الأرض وورقها تافه وعودها كذلك يشبه عود القضب إلا أنه أطيلس ، وهي شجرة صدق [ ص: 34 ] وزهرتها شديدة البياض طيبة الريح ؛ قال أبو حنيفة : يحبها المال كله وتطيب عليها ألبانها . قال : والغريراء كالغراء ، قال ابن سيده : وإنما ذكرنا الغريراء لأن العرب تستعمله مصغرا كثيرا . والغرغر : من عشب الربيع ، وهو محمود ، ولا ينبت إلا في الجبل له ورق نحو ورق الخزامى وزهرته خضراء ؛ قال الراعي :


كأن القتود على قارح     أطاع الربيع له الغرغر

أراد : أطاع زمن الربيع ، واحدته غرغرة . والغرغر ، بالكسر : دجاج الحبشة وتكون مصلة لاغتذائها بالعذرة والأقذار ، أو الدجاج البري ، والواحدة غرغرة ؛ وأنشد أبو عمرو :


ألفهم بالسيف من كل جانب     كما لفت العقبان حجلى وغرغرا

حجلى : جمع الحجل ، وذكر الأزهري قوما أبادهم الله فجعل عنبهم الأراك ورمانهم المظ ودجاجهم الغرغر . والغرغرة والتغرغر بالماء في الحلق : أن يتردد فيه ولا يسيغه . والغرور : ما يتغرغر به من الأدوية ، مثل قولهم لعوق ولدود وسعوط . وغرغر فلان بالدواء وتغرغر غرغرة وتغرغرا . وتغرغرت عيناه : تردد فيهما الدمع . وغر وغرغر : جاد بنفسه عند الموت . والغرغرة : تردد الروح في الحلق . والغرغرة : صوت معه بحح . وغرغر اللحم على النار إذا صليته فسمعت له نشيشا ؛ قال الكميت :


ومرضوفة لم تؤن في الطبخ طاهيا     عجلت إلى محورها حين غرغرا

والغرغرة : صوت القدر إذا غلت ، وقد غرغرت ؛ قال عنترة :


إذ لا تزال لكم مغرغرة     تغلي ، وأعلى لونها صهر

أي حار فوضع المصدر موضع الاسم ، وكأنه قال : أعلى لونها لون صهر . والغرغرة : كسر قصبة الأنف وكسر رأس القارورة ؛ وأنشد :


وخضراء في وكرين غرغرت رأسها     لأبلي إن فارقت في صاحبي عذرا

والغرغرة : الحوصلة ؛ وحكاها كراع بالفتح ؛ أبو زيد : هي الحوصلة والغرغرة والغراوي والزاورة . وملأت غراغرك أي جوفك . وغرغره بالسكين : ذبحه . وغرغره بالسنان : طعنه في حلقه . والغرغرة : حكاية صوت الراعي ونحوه . يقال : الراعي يغرغر بصوته أي يردده في حلقه ؛ ويتغرغر صوته في حلقه أي يتردد . وغر : موضع ؛ قال هميان بن قحافة :


أقبلت أمشي وبغر كوري     وكان غر منزل الغرور

والغر : موضع بالبادية ؛ قال :


فالغر ترعاه فجنبي جفره

والغراء : فرس طريف بن تميم ، صفة غالبة . والأغر : فرس ضبيعة بن الحرث . والغراء : فرس بعينها . والغراء : موضع ؛ قال معن بن أوس :


سرت من قرى الغراء حتى اهتدت لنا     ودوني خراتي الطوي فيثقب

وفي حبال الرمل المعترض في طريق مكة حبلان يقال لهما : الأغران ؛ قال الراجز :


وقد قطعنا الرمل غير حبلين     حبلي زرود ونقا الأغرين

والغرير : فحل من الإبل ، وهو ترخيم تصغير أغر . كقولك في أحمد حميد والإبل الغريرية منسوبة إليه ؛ قال ذو الرمة :


حراجيج مما ذمرت في نتاجها     بناحية الشحر الغرير وشدقم

يعني أنها من نتاج هذين الفحلين ، وجعل الغرير وشدقما اسمين للقبيلتين ؛ وقول الفرزدق يصف نساء :


عفت بعد أتراب الخليط ، وقد نرى     بها بدنا حورا حسان المدامع
إذا ما أتاهن الحبيب رشفنه     رشيف الغريريات ماء الوقائع

والوقائع : المناقع ، وهي الأماكن التي يستنقع فيها الماء ، وقيل في رشف الغريريات إنها نوق منسوبات إلى فحل ؛ قال الكميت :


غريرية الأنساب أو شدقمية     يصلن إلى البيد الفدافد فدفدا

وفي الحديث : أنه قاتل محارب خصفة فرأوا من المسلمين غرة فصلى صلاة الخوف ؛ الغرة : الغفلة أي كانوا غافلين عن حفظ مقامهم وما هم فيه من مقابلة العدو ؛ ومنه الحديث : أنه أغار على بني المصطلق وهم غارون أي غافلون . وفي حديث عمر : كتب إلى أبي عبيدة ، رضي الله عنهما . أن لا يمضي أمر الله تعالى إلا بعيد الغرة حصيف العقدة أي من بعد حفظه لغفلة المسلمين . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : لا تطرقوا النساء ولا تغتروهن أي لا تدخلوا إليهن على غرة . يقال : اغتررت الرجل إذا طلبت غرته أي غفلته . ابن الأثير : وفي حديث حاطب : كنت غريرا فيهم أي ملصقا ملازما لهم ؛ قال : قال بعض المتأخرين هكذا الرواية والصواب : كنت غريا أي ملصقا . يقال : غري فلان بالشيء إذا لزمه ؛ ومنه الغراء الذي يلصق به . قال : وذكره الهروي في العين المهملة : كنت عريرا ، قال : وهذا تصحيف منه ؛ قال ابن الأثير : أما الهروي فلم يصحف ولا شرح إلا الصحيح ، فإن الأزهري والجوهري والخطابي والزمخشري ذكروا هذه اللفظة بالعين المهملة في تصانيفهم وشرحوها بالغريب ، وكفاك بواحد منهم حجة للهروي فيما روى وشرح والله تعالى أعلم . وغرغرت رأس القارورة إذا استخرجت صمامها ، وقد تقدم في العين المهملة .

التالي السابق


الخدمات العلمية