صفحة جزء
[ غضب ]

غضب : الغضب : نقيض الرضا . وقد غضب عليه غضبا [ ص: 55 ] ومغضبة ، وأغضبته أنا فتغضب . وغضب له : غضب على غيره من أجله ، وذلك إذا كان حيا ، فإن كان ميتا قلت : غضب به ؛ قال دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله :


فإن تعقب الأيام والدهر فاعلموا بني قارب أنا غضاب بمعبد


وإن كان عبد الله خلى مكانه     فما كان طياشا ولا رعش اليد

قوله معبد يعني عبد الله ، فاضطر . ومعبد : مشتق من العبد ، فقال : بمعبد ، وإنما هو عبد الله بن الصمة أخوه . وقوله تعالى : غير المغضوب عليهم ؛ يعني اليهود .

قال ابن عرفة : الغضب من المخلوقين : شيء يداخل قلوبهم ؛ ومنه محمود ومذموم ، فالمذموم ما كان في غير الحق ، والمحمود ما كان في جانب الدين والحق ؛ وأما غضب الله فهو إنكاره على من عصاه ، فيعاقبه . وقال غيره : المفاعيل ، إذا وليتها الصفات ، فإنك تذكر الصفات وتجمعها وتؤنثها ، وتترك المفاعيل على أحوالها ، يقال : هو مغضوب عليه ، وهي مغضوب عليها . وقد تكرر الغضب في الحديث من الله ومن الناس ، وهو من الله سخطه على من عصاه ، وإعراضه عنه ، ومعاقبته له . ورجل غضب ، وغضوب ، وغضب ، بغير هاء ، وغضبة وغضبة ، بفتح الغين وضمها وتشديد الباء ، وغضبان : يغضب سريعا ، وقيل : شديد الغضب . والأنثى غضبى وغضوب ؛ قال الشاعر :


هجرت غضوب وحب من يتجنب

والجمع : غضاب وغضابى ، عن ثعلب ؛ وغضابى مثل سكرى وسكارى ؛ قال :


فإن كنت لم أذكرك والقوم بعضهم     غضابى على بعض فما لي وذائم

وقال اللحياني : فلان غضبان إذا أردت الحال ، وما هو بغاضب عليك أن تشتمه . قال : وكذلك يقال في هذه الحروف ، وما أشبهها ، إذا أردت افعل ذاك ، إن كنت تريد أن تفعل . ولغة بني أسد : امرأة غضبانة وملآنة ، وأشباهها . وقد أغضبه ، وغاضبت الرجل أغضبته ، وأغضبني ، وغاضبه : راغمه . وفي التنزيل العزيز : وذا النون إذ ذهب مغاضبا قيل : مغاضبا لربه ، وقيل : مغاضبا لقومه . قال ابن سيده : والأول أصح ؛ لأن العقوبة لم تحل به إلا لمغاضبته ربه ؛ وقيل : ذهب مراغما لقومه . وامرأة غضوب ، أي : عبوس . وقولهم : غضب الخيل على اللجم ؛ كنوا بغضبها ، عن عضها على اللجم ، كأنها إنما تعضها لذلك ؛ وقوله أنشده ثعلب :


تغضب أحيانا على اللجام     كغضب النار على الضرام

فسره فقال : تعض على اللجام من مرحها ، فكأنها تغضب ، وجعل للنار غضبا ، على الاستعارة ، أيضا ، وإنما عنى شدة التهابها ، كقوله تعالى : سمعوا لها تغيظا وزفيرا ، أي : صوتا كصوت المتغيظ ، واستعاره الراعي للقدر ، فقال :


إذا أحمشوها بالوقود تغضبت     على اللحم حتى تترك العظم باديا

، وإنما يريد : أنها يشتد غليانها ، وتغطمط فينضج ما فيها حتى ينفصل اللحم من العظم . وناقة غضوب : عبوس ، وكذلك غضبى ؛ قال عنترة :


ينباع من ذفرى غضوب جسرة     زيافة مثل الفنيق المقرم

وقال أيضا :


هر جنيب كلما عطفت له     غضبى اتقاها باليدين وبالفم

والغضوب : الحية الخبيثة . والغضاب : الجدري ، وقيل : هو داء آخر يخرج وليس بالجدري . وقد غضب جلده غضبا ، وغضب ؛ كلاهما عن اللحياني ؛ قال : وغضب - بصيغة فعل المفعول - أكثر . وإنه لمغضوب البصر أي الجلد ، عنه . وأصبح جلده غضبة واحدة ، وحكى اللحياني : غضبة واحدة وغضبة واحدة ، أي : ألبسه الجدري . الكسائي : إذا ألبس الجدري جلد المجدور ، قيل : أصبح جلده غضبة واحدة ؛ قال شمر : روى أبو عبيد هذا الحرف غضنة ، بالنون ، والصحيح غضبة ، بالباء وجزم الضاد ؛ وقال ابن الأعرابي : المغضوب الذي قد ركبه الجدري . وغضب بصر فلان إذا انتفخ من داء يصيبه ، يقال له : الغضاب والغضاب . والغضبة بخصة تكون في الجفن الأعلى خلقة . وغضبت عينه وغضبت : ورم ما حولها . الفراء : الغضابي الكدر في معاشرته ومخالقته ، مأخوذ من الغضاب ، وهو القذى في العينين . والغضبة : الصخرة الصلبة المركبة في الجبل ، المخالفة له ؛ قال :


أو غضبة في هضبة ما أرفعا

وقيل : الغضب والغضبة صخرة رقيقة ؛ والغضبة : الأكمة ؛ والغضبة : قطعة من جلد البعير ، يطوى بعضها إلى بعض ، وتجعل شبيها بالدرقة . التهذيب : الغضبة جنة تتخذ من جلود الإبل ، تلبس للقتال . والغضبة : جلد المسن من الوعول ، حين يسلخ ؛ وقال البريق الهذلي :


فلعمر عرفك ذي الصماح كما     غضب الشفار بغضبة اللهم

ورجل غضاب : غليظ الجلد . والغضب : الثور . والغضب : الأحمر الشديد الحمرة . وأحمر غضب : شديد الحمرة ؛ وقيل هو الأحمر في غلظ ؛ ويقويه ما أنشده ثعلب :


أحمر غضب لا يبالي ما استقى     لا يسمع الدلو إذا الورد التقى

قال : لا يسمع الدلو : لا يضيق فيها حتى تخف ؛ لأنه قوي على حملها . وقيل : الغضب الأحمر من كل شيء . وغضوب والغضوب : اسم امرأة ؛ وأنشد بيت ساعدة بن جؤية :


هجرت غضوب وحب من يتجنب     وعدت عواد دون وليك تشعب

[ ص: 56 ] وقال :


شاب الغراب ولا فؤادك تارك     ذكر الغضوب ولا عتابك يعتب

فمن قال غضوب ، فعلى قول من قال حارث وعباس ، ومن قال الغضوب فعلى من قال الحارث والعباس . ابن سيده : وغضبى اسم للمائة من الإبل ، حكاه الزجاجي في نوادره ، وهي معرفة لا تنون ، ولا يدخلها الألف واللام ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


ومستخلف من بعد غضبى صريمة     فأحر به لطول فقر وأحريا

وقال : أراد النون الخفيفة فوقف . ووجدت في بعض النسخ حاشية : هذه الكلمة تصحيف من الجوهري ومن جماعة ، وأنها غضيا ، بالياء المثناة من تحتها مقصورة ، كأنها شبهت في كثرتها بمنبت ، ونسب هذا التشبيه ليعقوب . وعن أبي عمرو : الغضيا واستشهد بالبيت أيضا . والغضاب : مكان بمكة ؛ قال ربيعة بن الحجدر الهذلي :


ألا عاد هذا القلب ما هو عائده     وراث بأطراف الغضاب عوائده

التالي السابق


الخدمات العلمية