صفحة جزء
[ بغا ]

بغا : بغى الشيء بغوا : نظر إليه كيف هو . والبغو : ما يخرج من زهرة القتاد الأعظم الحجازي ، وكذلك ما يخرج من زهرة العرفط والسلم . والبغوة : الطلعة حين تنشق فتخرج بيضاء رطبة . والبغوة : الثمرة قبل أن تنضج ، وفي التهذيب : قبل أن يستحكم يبسها ، والجمع بغو ، وخص أبو حنيفة بالبغو مرة البسر إذا كبر شيئا ، وقيل : البغوة التمرة التي اسود جوفها وهي مرطبة . والبغوة : ثمرة العضاه ، وكذلك البرمة . قال ابن بري : البغو والبغوة كل شجر غض ثمره أخضر صغير لم يبلغ . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه مر برجل يقطع سمرا بالبادية فقال : رعيت بغوتها وبرمتها وحبلتها وبلتها وفتلتها ثم تقطعها ، قال ابن الأثير : قال القتيبي يرويه أصحاب الحديث معوتها ، قال : وذلك غلط لأن المعوة البسرة التي جرى فيها الإرطاب ، قال : والصواب بغوتها ، وهي ثمرة السمر أول ما تخرج ، ثم تصير بعد ذلك برمة ثم بلة ثم فتلة . والبغة : ما بين الربع والهبع ، وقال قطرب : هو البعة ، بالعين المشددة ، وغلطوه في ذلك . وبغى الشيء ما كان خيرا أو شرا يبغيه بغاء وبغى ، الأخيرة عن اللحياني والأولى أعرف : طلبه ، وأنشد غيره :


فلا أحبسنكم عن بغى الخير ، إنني سقطت على ضرغامة ، وهو آكلي .



وبغى ضالته - وكذلك كل طلبة - بغاء ، بالضم والمد ; وأنشد الجوهري :


لا يمنعنك من بغا [ ص: 121 ]     ء الخير تعقاد التمائم .



وبغاية أيضا . يقال : فرقوا لهذه الإبل بغيانا يضبون لها أي يتفرقون في طلبها . وفي حديث سراقة والهجرة : انطلقوا بغيانا أي ناشدين وطالبين ، جمع باغ كراع ورعيان . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - وفي الهجرة : لقيهما رجل بكراع الغميم فقال : من أنتم ؟ فقال أبو بكر : باغ وهاد ، عرض ببغاء الإبل وهداية الطريق ، وهو يريد طلب الدين والهداية من الضلالة . وابتغاه وتبغاه واستبغاه ، كل ذلك : طلبه ، قال ساعدة بن جؤية الهذلي :


ولكنما أهلي بواد ، أنيسه     سباع تبغى الناس مثنى وموحدا .



وقال :


ألا من بين الأخوي     ن ، أمهما هي الثكلى
تسائل من رأى ابنيها     وتستبغي فما تبغى .



جاء بهما بعد حرف اللين المعوض مما حذف ، وبين بمعنى تبين ، والاسم البغية والبغية . وقال ثعلب : بغى الخير بغية وبغية ، فجعلهما مصدرين . ويقال : بغيت المال من مبغاته كما تقول أتيت الأمر من مأتاته ، يريد المأتى والمبغى . وفلان ذو بغاية للكسب إذا كان يبغي ذلك . وارتدت على فلان بغيته أي طلبته ، وذلك إذا لم يجد ما طلب . وقال اللحياني : بغى الرجل الخير والشر وكل ما يطلبه بغاء وبغية وبغى ، مقصور . وقال بعضهم : بغية وبغى . والبغية : الحاجة . الأصمعي : بغى الرجل حاجته أو ضالته يبغيها بغاء وبغية وبغاية إذا طلبها ، قال أبو ذؤيب :


بغاية إنما تبغي الصحاب من ال     فتيان في مثله الشم الأناجيج .



والبغية : الطلبة ، وكذلك البغية . يقال : بغيتي عندك وبغيتي عندك . ويقال : أبغني شيئا أي أعطني وأبغ لي شيئا . ويقال : استبغيت القوم فبغوا لي وبغوني أي طلبوا لي . والبغية والبغية والبغية : ما ابتغي . والبغية : الضالة المبغية . والباغي : الذي يطلب الشيء الضال ، وجمعه بغاة وبغيان ، قال ابن أحمر :


أو باغيان لبعران لنا رقصت     كي لا تحسون من بعراننا أثرا .



قالوا : أراد كيف لا تحسون . والبغية والبغية : الحاجة المبغية ، بالكسر والضم ، يقال : ما لي في بني فلان بغية وبغية أي حاجة ، فالبغية مثل الجلسة التي تبغيها ، والبغية الحاجة نفسها ، عن الأصمعي . وأبغاه الشيء : طلبه له أو أعانه على طلبه ، وقيل : بغاه الشيء طلبه له ، وأبغاه إياه أعانه عليه . وقالاللحياني : استبغى القوم فبغوه وبغوا له أي طلبوا له . والباغي : الطالب ، والجمع بغاة وبغيان . وبغيتك الشيء : طلبته لك ، ومنه قول الشاعر :


وكم آمل من ذي غنى وقرابة     لتبغيه خيرا ، وليس بفاعل .



وأبغيتك الشيء : جعلتك له طالبا . وقولهم : ينبغي لك أن تفعل كذا فهو من أفعال المطاوعة ، تقول : بغيته فانبغى ، كما تقول : كسرته فانكسر . وفي التنزيل العزيز : يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم ; أي يبغون لكم ، محذوف اللام ، وقال كعب بن زهير :


إذا ما نتجنا أربعا عام كفأة     بغاها خناسيرا فأهلك أربعا .



أي بغى لها خناسير ، وهي الدواهي ، ومعنى بغى هاهنا طلب . الأصمعي : ويقال : ابغني كذا وكذا ، أي اطلبه لي ، ومعنى ابغني وابغ لي سواء ، وإذا قال : أبغني كذا وكذا ، فمعناه أعني على بغائه واطلبه معي . وفي الحديث : ابغني أحجارا أستطب بها . يقال : ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي . وأبغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب . ومنه الحديث : ابغوني حديدة أستطب بها ، بهمز الوصل والقطع ، وهو من بغى يبغي بغاء إذا طلب . وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - : أنه خرج في بغاء إبل ، جعلوا البغاء على زنة الأدواء كالعطاس والزكام تشبيها لشغل قلب الطالب بالداء . الكسائي : أبغيتك الشيء إذا أردت أنك أعنته على طلبه ، فإذا أردت أنك فعلت ذلك له قلت قد بغيتك ، وكذلك أعكمتك أو أحملتك . وعكمتك العكم أي فعلته لك . وقوله : ويبغونها عوجا ; أي يبغون للسبيل عوجا ، فالمفعول الأول منصوب بإسقاط الخافض ، ومثله قول الأعشى :


حتى إذا ذر قرن الشمس صبحها     ذؤال نبهان ، يبغي صحبه المتعا .



أي يبغي لصحبه الزاد ، وقال واقد بن الغطريف :


لئن لبن المعزى بماء مويسل     بغاني داء ، إنني لسقيم .



وقال الساجع : أرسل العراضات أثرا يبغينك معمرا أي يبغين لك معمرا . يقال : بغيت الشيء طلبته ، وأبغيتك فرسا أجنبتك إياه ، وأبغيتك خيرا أعنتك عليه . الزجاج : يقال انبغى لفلان أن يفعل كذا أي صلح له أن يفعل كذا ، وكأنه قال طلب فعل كذا فانطلب له أي طاوعه ، ولكنهم اجتزئوا بقولهم انبغى . وانبغى الشيء : تيسر وتسهل . وقوله تعالى : وما علمناه الشعر وما ينبغي له ; أي ما يتسهل له ذلك لأنا لم نعلمه الشعر . وقال ابن الأعرابي : وما ينبغي له وما يصلح له . وإنه لذو بغاية أي كسوب . والبغية في الولد : نقيض الرشدة . وبغت الأمة تبغي بغيا وباغت مباغاة وبغاء ، بالكسر والمد ، وهي بغي وبغو : عهرت وزنت ، وقيل : البغي الأمة ، فاجرة كانت أو غير فاجرة ، وقيل : البغي أيضا الفاجرة ، حرة كانت أو أمة . وفي التنزيل العزيز : وما كانت أمك بغيا ; أي ما كانت فاجرة مثل قولهم ملحفة جديد ، عن الأخفش ، وأم مريم حرة لا محالة ، ولذلك عم ثعلب بالبغاء فقال : بغت المرأة ، فلم يخص أمة ولا حرة . وقال أبو عبيد : البغايا الإماء لأنهن كن يفجرن . يقال : قامت على رءوسهم البغايا ، يعني الإماء ، الواحدة بغي ، والجمع بغايا . وقال ابن خالويه : [ ص: 122 ] البغاء مصدر بغت المرأة بغاء زنت ، والبغاء مصدر باغت بغاء إذا زنت ، والبغاء جمع بغي ولا يقال بغية ، قال الأعشى :


يهب الجلة الجراجر ، كالبس     تان ، تحنو لدردق أطفال
والبغايا يركضن أكسية الإض     ريج والشرعبي ذا الأذيال .



أراد : ويهب البغايا لأن الحرة لا توهب ، ثم كثر في كلامهم حتى عموا به الفواجر إماء كن أو حرائر . وخرجت المرأة تباغي أي تزاني . وباغت المرأة تباغي بغاء : إذا فجرت . وبغت المرأة تبغي بغاء : إذا فجرت . وفي التنزيل العزيز : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ; والبغاء : الفجور ; قال : ولا يراد به الشتم ، وإن سمين بذلك في الأصل لفجورهن . قال اللحياني : ولا يقال رجل بغي . وفي الحديث : امرأة بغي دخلت الجنة في كلب ، أي فاجرة ، ويقال للأمة بغي وإن لم يرد به الذم ، وإن كان في الأصل ذما ، وجعلوا البغاء على زنة العيوب كالحران والشراد ; لأن الزنا عيب . والبغية : نقيض الرشدة في الولد ، يقال : هو ابن بغية ; وأنشد :


لدى رشدة من أمه أو بغية     فيغلبها فحل ، على النسل ، منجب .



قال الأزهري : وكلام العرب هو ابن غية وابن زنية وابن رشدة ، وقد قيل : زنية ورشدة ، والفتح أفصح اللغتين ، وأما غية فلا يجوز فيه غير الفتح . قال : وأما ابن بغية فلم أجده لغير الليث ; قال : ولا أبعده عن الصواب . والبغية : الطليعة التي تكون قبل ورود الجيش ، قال طفيل :


فألوت بغاياهم بنا ، وتباشرت     إلى عرض جيش ، غير أن لم يكتب .



ألوت أي أشارت . يقول : ظنوا أنا عير فتباشروا فلم يشعروا إلا بالغارة ، وقيل : إن هذا البيت على الإماء أدل منه على الطلائع ، وقال النابغة في البغايا الطلائع :


على إثر الأدلة والبغايا     وخفق الناجيات من الشآم .



ويقال : جاءت بغية القوم وشيفتهم أي طليعتهم . والبغي : التعدي . وبغى الرجل علينا بغيا : عدل عن الحق واستطال . الفراء في قوله تعالى : قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق ; قال : البغي الاستطالة على الناس ، وقال الأزهري : معناه الكبر ، والبغي الظلم والفساد ، والبغي معظم الأمر . الأزهري : وقوله : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ; قيل : فيه ثلاثة أوجه : قال بعضهم : فمن اضطر جائعا غير باغ أكلها تلذذا ولا عاد ولا مجاوز ما يدفع به عن نفسه الجوع فلا إثم عليه ، وقيل : غير باغ غير طالب مجاوزة قدر حاجته وغير مقصر عما يقيم حاله ، وقيل : غير باغ على الإمام وغير متعد على أمته . قال : ومعنى البغي قصد الفساد . ويقال : فلان يبغي على الناس إذا ظلمهم وطلب أذاهم . والفئة الباغية : هي الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام العادل . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمار : " ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية ! " وفي التنزيل : فلا تبغوا عليهن سبيلا ; أي إن أطعنكم لا يبقى لكم عليهن طريق إلا أن يكون بغيا وجورا ، وأصل البغي مجاوزة الحد . وفي حديث ابن عمر : قال لرجل : أنا أبغضك ، قال لم ؟ قال : لأنك تبغي في أذانك ، أراد التطريب فيه ، والتمديد من تجاوز الحد . وبغى عليه يبغي بغيا : علا عليه وظلمه . وفي التنزيل العزيز : بغى بعضنا على بعض . وحكى اللحياني عن الكسائي : ما لي وللبغ بعضكم على بعض ، أرد وللبغي ولم يعلله ; قال : وعندي أنه استثقل كسرة الإعراب على الياء فحذفها وألقى حركتها على الساكن قبلها . وقوم بغاء وتباغوا : بغى بعضهم على بعض ، عن ثعلب . وبغى الوالي : ظلم . وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد الشيء بغي . وقال اللحياني : بغى على أخيه بغيا حسده . وفي التنزيل العزيز : ثم بغي عليه لينصرنه الله ; وفيه : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون . والبغي : أصله الحسد ، ثم سمي الظلم بغيا ; لأن الحاسد يظلم المحسود جهده إراغة زوال نعمة الله عليه عنه . وبغى بغيا : كذب . وقوله تعالى : ياأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ; يجوز أن يكون ما نبتغي أي ما نطلب ، فما على هذا استفهام ، ويجوز أن يكون ما نكذب ولا نظلم فما على هذا جحد . وبغى في مشيته بغيا : اختال وأسرع . الجوهري : والبغي اختيال ومرح في الفرس . غيره : والبغي في عدو الفرس اختيال ومرح . بغى بغيا : مرح واختال ، وإنه ليبغي في عدوه . قال الخليل : ولا يقال فرس باغ . والبغي : الكثير من المطر . وبغت السماء : اشتد مطرها ، حكاه أبو عبيد . وقال اللحياني : دفعنا بغي السماء عنا أي شدتها ومعظم مطرها ، وفي التهذيب : دفعنا بغي السماء خلفنا . وبغى الجرح يبغي بغيا : فسد وأمد وورم وترامى إلى فساد . وبرئ جرحه على بغي إذا برئ وفيه شيء من نغل . وفي حديث أبي سلمة : أقام شهرا يداوي جرحه فدمل على بغي ولا يدري به أي على فساد . وجمل باغ : لا يلقح ، عن كراع . وبغى الشيء بغيا : نظر إليه كيف هو . وبغاه بغيا : رقبه وانتظره ، عنه أيضا . وما ينبغي لك أن تفعل وما يبتغي أي لا نولك . وحكى اللحياني : ما انبغى لك أن تفعل هذا وما ابتغى أي ما ينبغي .

وقالوا : إنك لعالم ولا تباغ أي لا تصب بالعين ، وأنتما عالمان ولا تباغيا وأنتم علماء ولا تباغوا . ويقال للمرأة الجميلة : إنك لجميلة ولا تباغي ، وللنساء : ولا تباغين . وقال : والله ما نبالي أن تباغي أي ما نبالي أن تصيبك العين . وقال أبو زيد : العرب تقول إنه لكريم ولا يباغه ، وإنهما لكريمان ولا يباغيا ، وإنهم لكرام ولا يباغوا ، ومعناه الدعاء له أي لا يبغى عليه ; قال : وبعضهم لا يجعله على الدعاء فيقول : لا يباغى ولا يباغيان ولا يباغون ، أي ليس يباغيه أحد ; قال : وبعضهم يقول لا يباغ ولا يباغان ولا يباغون . قال الأزهري : وهذا من البوغ ، والأول من البغي ، وكأنه جاء مقلوبا ، وحكى الكسائي : إنك لعالم ولا تبغ ; قال : وقال بعض الأعراب من هذا المبوغ عليه ؟ [ ص: 123 ] وقال آخر : من هذا المبيغ عليه ؟ قال : ومعناه لا يحسد . ويقال : إنه لكريم ولا يباغ ، قال الشاعر :


إما تكرم إن أصبت كريمة     فلقد أراك ، ولا تباغ ، لئيما .



وفي التثنية : لا يباغان ، ولا يباغون ، والقياس أن يقال في الواحد على الدعاء : ولا يبغ ، ولكنهم أبوا إلا أن يقولوا : ولا يباغ . وفي حديث النخعي : أن إبراهيم بن المهاجر جعل على بيت الورق ، فقال النخعي : ما بغي له أي ما خير له .

التالي السابق


الخدمات العلمية