صفحة جزء
[ غور ]

غور : غور كل شيء : قعره . يقال : فلان بعيد الغور . في الحديث : أنه سمع ناسا يذكرون القدر فقال : إنكم قد أخذتم في شعبين بعيدي الغور ؛ غور كل شيء : عمقه وبعده ، أي يبعد أن تدركوا حقيقة علمه كالماء الغائر الذي لا يقدر عليه . ومنه حديث الدعاء : ومن أبعد غورا في الباطل مني . وغور تهامة : ما بين ذات عرق والبحر وهو الغور ، وقيل : الغور تهامة وما يلي اليمن . قال الأصمعي : ما بين ذات عرق إلى البحر غور وتهامة . وقال الباهلي : كل ما انحدر مسيله ، فهو غور . وغار القوم غورا وغئورا وأغاروا وغوروا وتغوروا : أتوا الغور ؛ قال جرير :


يا أم حزرة ما رأينا مثلكم في المنجدين ولا بغور الغائر

وقال الأعشى :


نبي يرى ما لا ترون وذكره     أغار لعمري في البلاد وأنجدا



وقيل : غاروا وأغاروا أخذوا نحو الغور . وقال الفراء : أغار لغة بمعنى غار ، واحتج ببيت الأعشى . قال محمد بن المكرم : وقد روي بيت الأعشى محروم النصف :


غار لعمري في البلاد وأنجدا



وقال الجوهري : غار يغور غورا أي : أتى الغور ، فهو غائر . قال : ولا يقال أغار ؛ وقد اختلف في معنى قوله :


أغار لعمري في البلاد وأنجدا



فقال الأصمعي : أغار بمعنى أسرع وأنجد أي ارتفع ولم يرد أتى الغور ولا نجدا ؛ قال : وليس عنده في إتيان الغور إلا غار ؛ وزعم الفراء أنها لغة واحتج بهذا البيت ، قال : وناس يقولون أغار وأنجد ، فإذا أفردوا قالوا : غار ، كما قالوا : هنأني الطعام ومرأني ، فإذا أفردوا قالوا : أمرأني . ابن الأعرابي : تقول ما أدري أغار فلان أم مار ؛ أغار : أتى الغور ، ومار : أتى نجدا . وفي الحديث : أنه أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية جلسيها وغوريها ؛ قال ابن الأثير : الغور ما انخفض من الأرض ، والجلس ما ارتفع منها . يقال : غار إذا أتى الغور ، وأغار أيضا ، وهي لغة قليلة ؛ وقال جميل :


وأنت امرؤ من أهل نجد وأهلنا     تهام وما النجدي والمتغور ؟



والتغوير : إتيان الغور . يقال : غورنا وغرنا بمعنى . الأصمعي : غار الرجل يغور إذا سار في بلاد الغور ؛ هكذا قال الكسائي ؛ وأنشد بيت جرير أيضا :


في المنجدين ولا بغور الغائر



وغار في الشيء غورا وغئورا وغيارا ، عن سيبويه : دخل . ويقال : إنك غرت في غير مغار ؛ معناه طلبت في غير مطلب . ورجل بعيد الغور أي قعير الرأي جيده . وأغار عينه وغارت عينه تغور غورا وغئورا وغورت : دخلت في الرأس ، وغارت تغار لغة فيه ؛ وقال الأحمر :


وسائلة بظهر الغيب عني     أغارت عينه أم لم تغارا ؟



ويروى :


وربت سائل عني خفي     أغارت عينه أم لم تغارا ؟



[ ص: 98 ] وغار الماء غورا وغئورا وغور : ذهب في الأرض وسفل فيها . وقال اللحياني : غار الماء وغور ذهب في العيون . وماء غور : غائر ، وصف بالمصدر . وفي التنزيل العزيز : قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا سمي بالمصدر ، كما يقال : ماء سكب وأذن حشر ودرهم ضرب أي ضرب ضربا . وغارت الشمس تغور غيارا وغئورا وغورت : غربت ، وكذلك القمر والنجوم ؛ قال أبو ذؤيب :


هل الدهر إلا ليلة ونهارها     وإلا طلوع الشمس ثم غيارها ؟



والغار : مغارة في الجبل كالسرب ، وقيل : الغار كالكهف في الجبل ، والجمع الغيران ؛ وقال اللحياني : هو شبه البيت فيه ، وقال ثعلب : هو المنخفض في الجبل . وكل مطمئن من الأرض : غار ؛ قال :


تؤم سنانا وكم دونه     من الأرض محدودبا غارها !



والغور : المطمئن من الأرض . والغار : الجحر الذي يأوي إليه الوحشي ، والجمع من كل ذلك ، القليل : أغوار ؛ عن ابن جني ، والكثير : غيران ؛ والغور : كالغار في الجبل ؛ والمغار والمغارة : كالغار ؛ وفي التنزيل العزيز : لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا وربما سموا مكانس الظباء مغارا ؛ قال بشر :


كأن ظباء أسنمة عليها     كوانس قالصا عنها المغار



وتصغير الغار غوير . وغار في الأرض يغور غورا وغئورا : دخل . والغار : ما خلف الفراشة من أعلى الفم ، وقيل : هو الأخدود الذي بين اللحيين ، وقيل : هو داخل الفم ، وقيل : غار الفم نطعاه في الحنكين . ابن سيده : الغاران العظمان اللذان فيهما العينان ، والغاران فم الإنسان وفرجه ، وقيل : هما البطن والفرج ؛ ومنه قيل : المرء يسعى لغاريه ؛ وقال :


ألم تر أن الدهر يوم وليلة     وأن الفتى يسعى لغاريه دائبا ؟



والغار : الجماعة من الناس . ابن سيده : الغار الجمع الكثير من الناس ، وقيل : الجيش الكثير ؛ يقال : التقى الغاران أي الجيشان ؛ ومنه قول الأحنف في انصراف الزبير عن وقعة الجمل : وما أصنع به إن كان جمع بين غارين من الناس ثم تركهم وذهب ؟ والغار : ورق الكرم ؛ وبه فسر بعضهم قول الأخطل :


آلت إلى النصف من كلفاء أترعها     علج ولثمها بالجفن والغار



والغار : ضرب من الشجر ، وقيل : شجر عظام له ورق طوال أطول من ورق الخلاف وحمل أصغر من البندق ، أسود يقشر له لب يقع في الدواء ، ورقه طيب الريح يقع في العطر ، يقال لثمره الدهمشت ، واحدته غارة ، ومنه دهن الغار ؛ قال عدي بن زيد :


رب نار بت أرمقها     تقضم الهندي والغارا



الليث : الغار نبات طيب الريح على الوقود ، ومنه السوس . والغار : الغبار ؛ عن كراع ؛ وأغار الرجل : عجل في الشيء وغيره . وأغار في الأرض : ذهب ، والاسم الغارة . وعدا الرجل غارة الثعلب أي مثل عدوه فهو مصدر كالصماء ، من قولهم اشتمل الصماء ؛ قال بشر بن أبي خازم :


فعد طلابها وتعد عنها     بحرف قد تغير إذا تبوع



والاسم الغوير ؛ قال ساعدة بن جؤية :


بساق إذا أولى العدي تبددوا     يخفض ريعان السعاة غويرها



والغار : الخيل المغيرة ؛ قال الكميت بن معروف :


ونحن صبحنا آل نجران غارة     تميم بن مر والرماح النوادسا



يقول : سقيناهم خيلا مغيرة ، ونصب ( تميم بن مر ) على أنه بدل من غارة ؛ قال ابن بري : ولا يصح أن يكون بدلا من آل نجران لفساد المعنى ، إذ المعنى أنهم صبحوا أهل نجران بتميم بن مر وبرماح أصحابه ، فأهل نجران هم المطعونون بالرماح ، والطاعن لهم تميم وأصحابه ، فلو جعلته بدلا من آل نجران لانقلب المعنى فثبت أنها بدل من غارة . وأغار على القوم إغارة وغارة : دفع عليهم الخيل ، وقيل : الإغارة المصدر والغارة الاسم من الإغارة على العدو ؛ قال ابن سيده : وهو الصحيح . وتغاور القوم : أغار بعضهم على بعض . وغاورهم مغاورة ، وأغار على العدو يغير إغارة ومغارا . وفي الحديث : من دخل إلى طعام لم يدع إليه دخل سارقا وخرج مغيرا ؛ المغير اسم فاعل من أغار يغير إذا نهب ، شبه دخوله عليهم بدخول السارق وخروجه بمن أغار على قوم ونهبهم . وفي حديث قيس بن عاصم : كنت أغاورهم في الجاهلية أي أغير عليهم ويغيرون علي ، والمغاورة مفاعلة ؛ وفي قول عمرو بن مرة :


وبيض تلالا في أكف المغاور



المغاور ، بفتح الميم : جمع مغاور بالضم ، أو جمع مغوار بحذف الألف أو حذف الياء من المغاوير . والمغوار : المبالغ في الغارة . وفي حديث سهل ، رضي الله عنه : بعثنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في غزاة ، فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي ، قال ابن الأثير : المغار ، بالضم ، موضع الغارة كالمقام موضع الإقامة ، وهي الإغارة نفسها أيضا . وفي حديث علي : قال يوم الجمل : ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين ؟ أي الجيشين ؛ قال ابن الأثير : هكذا أخرجه أبو موسى في الغين والواو ؛ وذكره الهروي في الغين والياء ، وذكر حديث الأحنف وقوله في الزبير ، رضي الله عنه ، قال : و الجوهري ذكره في الواو ، قال : والواو والياء متقاربان في الانقلاب ؛ ومنه حديث فتنة الأزد : ليجمعا بين هذين الغارين . والغارة : الجماعة من الخيل إذا أغارت . ورجل مغوار بين الغوار : مقاتل كثير الغارات على أعدائه ، ومغاور كذلك ؛ وقوم مغاوير وخيل مغيرة . وفرس مغوار : سريع ؛ وقال اللحياني : فرس مغوار شديد العدو ؛ قال طفيل :


عناجيج من آل الوجيه ، ولاحق     مغاوير فيها للأريب معقب



الليث : فرس مغار شديد المفاصل . قال الأزهري : معناه شدة [ ص: 99 ] الأسر كأنه فتل فتلا . الجوهري : أغار أي شد العدو وأسرع . وأغار الفرس إغارة وغارة : اشتد عدوه وأسرع في الغارة وغيرها ، والمغيرة والمغيرة : الخيل التي تغير . وقالوا في حديث الحج : أشرق ثبير كيما نغير أي ننفر ونسرع للنحر وندفع للحجارة ؛ وقال يعقوب : الإغارة هنا الدفع أي ندفع للنفر ، وقيل : أراد نغير على لحوم الأضاحي ، من الإغارة : النهب ، وقيل : ندخل في الغور ، وهو المنخفض من الأرض على لغة من قال أغار إذا أتى الغور ؛ ومنه قولهم : أغار إغارة الثعلب إذا أسرع ودفع في عدوه . ويقال للخيل المغيرة : غارة . وكانت العرب تقول للخيل إذا شنت على حي نازلين : فيحي فياح أي اتسعي وتفرقي أيتها الخيل بالحي ، ثم قيل للنهب غارة ، وأصلها الخيل المغيرة ؛ وقال امرؤ القيس :


وغارة سرحان وتقريب تتفل



والسرحان : الذئب ، وغارته : شدة عدوه . وفي التنزيل العزيز : فالمغيرات صبحا . وغارني الرجل يغيرني ويغورني إذا أعطاه الدية ؛ رواه ابن السكيت في باب الواو والياء . وأغار فلان بني فلان : جاءهم لينصروه ، وقد تعدى بإلى . وغاره بخير يغوره ويغيره أي : نفعه . ويقال : اللهم غرنا منك بغيث وبخير أي أغثنا به . وغارهم الله بخير يغورهم ويغيرهم : أصابهم بخصب ومطر وسقاهم . وغارهم يغورهم غورا ويغيرهم : مارهم . واستغور الله : سأله الغيرة ؛ أنشد ثعلب :


فلا تعجلا واستغورا الله إنه     إذا الله سنى عقد شيء تيسرا



ثم فسره فقال : استغورا من الميرة ؛ قال ابن سيده : وعندي أن معناه اسألوه الخصب إذ هو مير الله خلقه ، والاسم الغيرة ، وهو مذكور بالياء أيضا لأن غار هذه يائية وواوية . وغار النهار أي : اشتد حره . والتغوير : القيلولة . يقال : غوروا أي : انزلوا للقائلة . والغائرة : نصف النهار . والغائرة : القائلة . وغور القوم تغويرا : دخلوا في القائلة . وقالوا : وغوروا نزلوا في القائلة ؛ قال امرؤ القيس يصف الكلاب والثور :


وغورن في ظل الغضا وتركنه     كقرم الهجان الفادر المتشمس



وغوروا : ساروا في القائلة . والتغوير : نوم ذلك الوقت . ويقال : غوروا بنا فقد أرمضتمونا أي : انزلوا وقت الهاجرة حتى تبرد ثم تروحوا . وقال ابن شميل : التغوير أن يسير الراكب إلى الزوال ثم ينزل . ابن الأعرابي : المغور النازل نصف النهار هنيهة ثم يرحل . ابن بزرج : غور النهار إذا زالت الشمس . وفي حديث السائب : لما ورد على عمر ، رضي الله عنه ، بفتح نهاوند قال : ويحك ! ما وراءك ؟ فوالله ما بت هذه الليلة إلا تغويرا ؛ يريد النومة القليلة التي تكون عند القائلة . يقال : غور القوم إذا قالوا ، ومن رواه تغريرا جعله من الغرار ، وهو النوم القليل . ومنه حديث الإفك : فأتينا الجيش مغورين ؛ قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، أي وقد نزلوا للقائلة . وقال الليث : التغوير يكون نزولا للقائلة ويكون سيرا في ذلك الوقت ؛ والحجة للنزول قول الراعي :


ونحن إلى دفوف مغورات     يقسن على الحصى نطفا لقينا



وقال ذو الرمة في التغوير فجعله سيرا :


براهن تغويري إذا الآل أرفلت     به الشمس أزر الحزورات العوانك



ورواه أبو عمرو : أرقلت ، ومعناه حركت . وأرفلت : بلغت به الشمس أوساط الحزورات ؛ وقول ذي الرمة :


نزلنا وقد غار النهار وأوقدت     علينا حصى المعزاء شمس تنالها



أي من قربها كأنك تنالها . ابن الأعرابي : الغورة هي الشمس . وقالت امرأة من العرب لبنت لها : هي تشفيني من الصورة ، وتسترني من الغورة ؛ والصورة : الحكة . الليث : يقال غارت الشمس غيارا ؛ وأنشد :


فلما أجن الشمس عني غيارها



والإغارة : شدة الفتل . وحبل مغار : محكم الفتل ، وشديد الغارة أي شديد الفتل . وأغرت الحبل أي فتلته ، فهو مغار ؛ وما أشد غارته ! والإغارة مصدر حقيقي ، والغارة اسم يقوم مقام المصدر ؛ ومثله أغرت الشيء إغارة وغارة وأطعت الله إطاعة وطاعة . وفرس مغار : شديد المفاصل . واستغار فيه الشحم : استطار وسمن . واستغارت الجرحة والقرحة : تورمت ؛ وأنشد للراعي :


رعته أشهرا وحلا عليها     فطار الني فيها واستغارا



ويروى : فسار الني فيها أي ارتفع ، واستغار أي هبط ؛ وهذا كما يقال :

تصوب الحسن عليها وارتقى

قال الأزهري : معنى استغار في بيت الراعي هذا أي اشتد وصلب ، يعني شحم الناقة ولحمها إذا اكتنز ، كما يستغير الحبل إذا أغير أي شد فتله . وقال بعضهم : استغار شحم البعير إذا دخل جوفه ، قال : والقول الأول . الجوهري : استغار أي : سمن ودخل فيه الشحم . ومغيرة : اسم . وقول بعضهم : مغيرة ، فليس اتباعه لأجل حرف الحلق كشعير وبعير ؛ إنما هو من باب منتن ، ومن قولهم : أنا أخئوك وابنئوك والقرفصاء والسلطان وهو منحدر من الجبل . والمغيرية : صنف من السبائية نسبوا إلى مغيرة بن سعيد مولى بجيلة . والغار : لغة في الغيرة ؛ وقال أبو ذؤيب يشبه غليان القدور بصخب الضرائر :


لهن نشيج بالنشيل كأنها     ضرائر حرمي تفاحش غارها



قوله : لهن ، هو ضمير قدور قد تقدم ذكرها . ونشيج غليان أي تنشج باللحم . وحرمي : يعني من أهل الحرم ؛ شبه غليان القدور وارتفاع صوتها باصطخاب الضرائر ، وإنما نسبهن إلى الحرم لأن أهل الحرم أول من اتخذ الضرائر . وأغار فلان أهله أي تزوج عليها ؛ حكاه أبو عبيد عن الأصمعي . ويقال : فلان شديد الغار على أهله ، من الغيرة . ويقال : أغار الحبل إغارة وغارة إذا شد فتله . والغار موضع بالشام ، والغورة والغوير : ماء لكلب في ناحية السماوة معروف ؛ وقال ثعلب : أتي عمر بمنبوذ ؛ فقال :

عسى الغوير أبؤسا

[ ص: 100 ] أي عسى الريبة من قبلك ، قال : وهذا لا يوافق مذهب سيبويه . قال الأزهري : وذلك أن عمر اتهمه أن يكون صاحب المنبوذ حتى أثنى على الرجل عريفه خيرا ، فقال عمر حينئذ : هو حر وولاؤه لك . وقال أبو عبيد : كأنه أراد عسى الغوير أن يحدث أبؤسا وأن يأتي بأبؤس ؛ قال الكميت :


قالوا أساء بنو كرز فقلت لهم     عسى الغوير بإبآس وإغوار



وقيل : إن الغوير تصغير غار . وفي المثل : عسى الغوير أبؤسا ؛ قال الأصمعي : وأصله أنه كان غار فيه ناس فانهار عليهم أو أتاهم فيه عدو فقتلوهم فيه ، فصار مثلا لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر ، ثم صغر الغار فقيل غوير ؛ قال أبو عبيد : وأخبرني الكلبي بغير هذا ، زعم أن الغوير ماء لكلب معروف بناحية السماوة ، وهذا المثل إنما تكلمت به الزباء لما وجهت قصيرا اللخمي بالعير إلى العراق ليحمل لها من بزه ، وكان قصير يطلبها بثأر جذيمة الأبرش ، فحمل الأجمال صناديق فيها الرجال والسلاح ، ثم عدل عن الجادة المألوفة وتنكب بالأجمال الطريق المنهج ، وأخذ على الغوير فأحست الشر وقالت : عسى الغوير أبؤسا ، جمع بأس ، أي عساه أن يأتي بالبأس والشر ، ومعنى عسى هاهنا مذكور في موضعه . وقال ابن الأثير في المنبوذ الذي قال له عمر : عسى الغوير أبؤسا ، قال : هذا مثل قديم يقال عند التهمة ، والغوير تصغير غار ، ومعنى المثل : ربما جاء الشر من معدن الخير ، وأراد عمر بالمثل : لعلك زنيت بأمه وادعيته لقيطا ، فشهد له جماعة بالستر فتركه . وفي حديث يحيى بن زكريا ، عليهما السلام : فساح ولزم أطراف الأرض وغيران الشعاب ؛ الغيران جمع غار وهو الكهف ، وانقلبت الواو ياء لكسرة الغين . وأما ما ورد في حديث عمر ، رضي الله عنه : أهاهنا غرت ، فمعناه إلى هذا ذهبت ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية