صفحة جزء
[ غول ]

غول : غاله الشيء غولا واغتاله : أهلكه وأخذه من حيث لم يدر . والغول : المنية . واغتاله : قتله غيلة ، والأصل الواو . الأصمعي وغيره : قتل فلان فلانا غيلة أي في اغتيال وخفية ، وقيل : هو أن يخدع الإنسان حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله ؛ قال ذلك أبو عبيد . وقال ابن السكيت : يقال غاله يغوله إذا اغتاله ، وكل ما أهلك الإنسان فهو غول ، وقالوا : الغضب غول الحلم أي أنه يهلكه ويغتاله ويذهب به . ويقال : أية غول أغول من الغضب . وغالت فلانا غول أي هلكة ، وقيل : لم يدر أين صقع . ابن الأعرابي : وغال الشيء زيدا إذا ذهب به يغوله . والغول : كل شيء ذهب بالعقل . الليث : غاله الموت أي أهلكه ؛ وقول الشاعر أنشده أبو زيد :


غنينا وأغنانا غنانا وغالنا مآكل عما عندكم ومشارب



يقال : غالنا حبسنا . يقال : ما غالك عنا أي ما حبسك عنا . الأزهري : أبو عبيد الدواهي وهي الدغاول ، والغول الداهية . وأتى غولا غائلة أي أمرا منكرا داهيا . والغوائل : الدواهي . وغائلة الحوض : ما انخرق منه وانثقب فذهب بالماء ؛ قال الفرزدق :


يا قيس إنكم وجدتم حوضكم     غال القرى بمثلم مفجور

[ ص: 102 ] ذهبت غوائله بما أفرغتم برشاء ضيقة الفروع قصير

وتغول الأمر : تناكر وتشابه . والغول ، بالضم : السعلاة ، والجمع أغوال وغيلان . والتغول : التلون ، يقال : تغولت المرأة إذا تلونت ؛ قال ذو الرمة :


إذا ذات أهوال ثكول تغولت     بها الربد فوضى والنعام السوارح



وتغولت الغول : تخيلت وتلونت ؛ ؛ قال جرير :


فيوما يوافيني الهوى غير ماضي     ويوما ترى منهن غولا تغول



قال ابن سيده : هكذا أنشده سيبويه ، ويروى : فيوما يجاريني الهوى ، ويروى : يوافيني الهوى دون ماضي . وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول . وتغولتهم الغول : توهوا . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ، وإذا تغولت لكم الغيلان فبادروا بالأذان ولا تنزلوا على جواد الطريق ولا تصلوا عليها فإنها مأوى الحيات والسباع ، أي ادفعوا شرها بذكر الله ، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها ، وفي الحديث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : لا عدوى ولا هامة ولا صفر ولا غول ؛ كانت العرب تقول إن الغيلان في الفلوات تراءى للناس ، فتغول تغولا أي تلون تلونا فتضلهم عن الطريق وتهلكهم ، وقال : هي من مردة الجن والشياطين ، وذكرها في أشعارهم فاش فأبطل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ما قالوا ؛ قال الأزهري : والعرب تسمي الحيات أغوالا ؛ قال ابن الأثير : قوله لا غول ولا صفر ، قال : الغول أحد الغيلان وهي جنس من الشياطين والجن ، كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأبطله ؛ وقيل : قوله لا غول ليس نفيا لعين الغول ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعني بقوله لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحدا ، ويشهد له الحديث الآخر : لا غول ولكن السعالي ؛ السعالي : سحرة الجن أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل . وفي حديث أبي أيوب : كان لي تمر في سهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ . والغول : الحية ، والجمع أغوال ؛ قال امرؤ القيس :


ومسنونة زرق كأنياب أغوال



قال أبو حاتم : يريد أن يكبر بذلك ويعظم ؛ ومنه قوله تعالى : كأنه رءوس الشياطين وقريش لم تر رأس شيطان قط ، إنما أراد تعظيم ذلك في صدورهم ، وقيل : أراد امرؤ القيس بالأغوال الشياطين ، وقيل : أراد الحيات ، والذي هو أصح في تفسير قوله لا غول ما قال عمر ، رضي الله عنه : إن أحدا لا يستطيع أن يتحول عن صورته التي خلق عليها ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم ، فإذا أنتم رأيتم ذلك فأذنوا ؛ أراد أنها تخيل وذلك سحر منها . ابن شميل : الغول شيطان يأكل الناس . وقال غيره : كل ما اغتالك من جن أو شيطان أو سبع فهو غول ، وفي الصحاح : كل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول . وذكرت الغيلان عند عمر ، رضي الله عنه ، فقال : إذا رآها أحدكم فليؤذن فإنه لا يتحول عن خلقه الذي خلق له . ويقال : غالته غول إذا وقع في مهلكة . والغول : بعد المفازة لأنه يغتال من يمر به ؛ وقال :


به تمطت غول كل ميله     بنا حراجيج المهارى النفه



الميله : أرض توله الإنسان أي تحيره ، وقيل : لأنها تغتال سير القوم . وقال اللحياني : غول الأرض أن يسير فيها فلا تنقطع . وأرض غيلة : بعيدة الغول عنه أيضا . وفلاة تغول أي ليست بينة الطرق فهي تضلل أهلها ، وتغولها اشتباهها وتلونها . والغول : بعد الأرض ، وأغوالها أطرافها ، وإنما سمي غولا لأنها تغول السابلة أي تقذف بهم وتسقطهم وتبعدهم . ابن شميل : يقال ما أبعد غول هذه الأرض أي ما أبعد ذرعها ، وإنها لبعيدة الغول . وقد تغولت الأرض بفلان أي أهلكته وضللته . وقد غالتهم تلك الأرض إذا هلكوا فيها ؛ قال ذو الرمة :


ورب مفازة قذف جموح     تغول منحب القرب اغتيالا

وهذه أرض تغتال المشي أي لا يستبين فيها المشي من بعدها وسعتها ؛ قال العجاج :


وبلدة بعيدة النياط     مجهولة تغتال خطو الخاطي

ابن خالويه : أرض ذات غول بعيدة وإن كانت في مرأى العين قريبة . وامرأة ذات غول أي طويلة تغول الثياب فتقصر عنها . والغول : ما انهبط من الأرض ؛ وبه فسر قول لبيد :


عفت الديار محلها فمقامها     بمنى تأبد غولها فرجامها

وقيل : إن غولها ورجامها في هذا البيت موضعان . والغول : التراب الكثير ؛ ومنه قول لبيد يصف ثورا يحفر رملا في أصل أرطاة :


ويبري عصيا دونها متلئبة     يرى دونها غولا من الرمل غائلا

ويقال للصقر وغيره : لا يغتاله الشبع ، قال زهير يصف صقرا :


من مرقب في ذرى خلقاء راسية     حجن المخالب لا يغتاله الشبع

أي لا يذهب بقوته الشبع أراد صقرا حجنا مخالبه ثم أدخل عليه الألف واللام . والغول : الصداع ، وقيل السكر ؛ وبه فسر قوله تعالى : لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون أي ليس فيها غائلة الصداع ؛ لأنه تعالى قال في موضع آخر : لا يصدعون عنها ولا ينزفون . وقال أبو عبيدة : الغول أن تغتال عقولهم ؛ وأنشد :


وما زالت الخمر تغتالنا     وتذهب بالأول الأول

أي توصل إلينا شرا وتعدمنا عقولنا . التهذيب : معنى الغول يقول ليس فيها غيلة ، وغائلة وغول سواء . وقالمحمد بن سلام : لا تغول عقولهم ولا يسكرون . وقال أبو الهيثم : غالت الخمر فلانا إذا شربها فذهبت بعقله أو بصحة بدنه ، وسميت الغول التي تغول في الفلوات غولا بما توصله من الشر إلى الناس ، ويقال : سميت غولا [ ص: 103 ] لتلونها ، والله أعلم . وقوله في حديث عهدة المماليك : لا داء ولا خبثة ولا غائلة ؛ الغائلة فيه أن يكون مسروقا ، فإذا ظهر واستحقه مالكه غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه أي أتلفه وأهلكه . يقال : غاله يغوله واغتاله أي أذهبه وأهلكه ، ويروى بالراء ، وهو مذكور في موضعه . وفي حديث ابن ذي يزن : ويبغون له الغوائل أي المهالك ، جمع غائلة . والغول : المشقة . والغول : الخيانة . ويروى حديث عهدة المماليك : ولا تغييب قال ؛ ابن شميل : يكتب الرجل العهود فيقول أبيعك على أنه ليس لك تغييب ولا داء ولا غائلة ولا خبثة ؛ قال : والتغييب أن لا يبيعه ضالة ولا لقطة ولا مزعزعا ، قال : وباعني مغيبا من المال أي ما زال يخبؤه ويغيبه حتى رماني به أي باعنيه ؛ قال : والخبثة الضالة أو السرقة ، والغائلة المغيبة أو المسروقة ، وقال غيره : الداء العيب الباطن الذي لم يطلع البائع المشتري عليه ، والخبثة في الرقيق أن لا يكون طيب الأصل كأنه حر الأصل لا يحل ملكه لأمان سبق له أو حرية وجبت له ، والغائلة أن يكون مسروقا ، فإذا استحق غال مال مشتريه الذي أداه في ثمنه ؛ قال محمد بن المكرم : قوله الخبثة في الرقيق أن لا يكون طيب الأصل كأنه حر الأصل فيه تسمح في اللفظ ، وهو إذا كان حر الأصل كان طيب الأصل ، وكان له في الكلام متسع لو عدل عن هذا . والمغاولة : المبادرة في الشيء . والمغاولة : المبادأة ؛ قال جرير يذكر رجلا أغارت عليه الخيل :


عاينت مشعلة الرعال كأنها     طير تغاول في شمام وكورا

قال ابن بري : البيت للأخطل لا لجرير . ويقال : كنت أغاول حاجة لي أي أبادرها . وفي حديث عمار : أنه أوجز في الصلاة وقال : إني كنت أغاول حاجة لي . وقال أبو عمرو : المغاولة المبادرة في السير وغيره ، قال : وأصل هذا من الغول ، بالفتح ، وهو البعد . يقال : هون الله عليك غول هذا الطريق . والغول أيضا من الشيء يغولك : يذهب بك . وفي حديث الإفك : بعدما نزلوا مغاولين أي مبعدين في السير . وفي حديث قيس بن عاصم : كنت أغاولهم في الجاهلية أي أبادرهم بالغارة والشر ، من غاله إذا أهلكه ، ويروى بالراء وقد تقدم . وفي حديث طهفة : بأرض غائلة النطاة أي تغول ساكنها ببعدها ؛ وقول أمية بن أبي عائذ يصف حمارا وأتنا :


إذا غربة عمهن ارتفعن     أرضا ويغتالها باغتيال

قال السكري : يغتال جريها بجري من عنده . والمغول : حديدة تجعل في السوط فيكون لها غلافا ، وقيل : هو سيف دقيق له قفا يكون غمده كالسوط ؛ ومنه قول أبي كبير :


أخرجت منها سلعة مهزولة     عجفاء يبرق نابها كالمغول

أبو عبيد : المغول سوط في جوفه سيف ، وقال غيره : سمي مغولا لأن صاحبه يغتال به عدوه أي يهلكه من حيث لا يحتسبه ، وجمعه مغاول . وفي حديث أم سليم : رآها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبيدها مغول ، فقال : ما هذا ؟ قالت : أبعج به بطون الكفار ؛ المغول ، بالكسر : شبه سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه ، وقيل : هو حديدة دقيقة لها حد ماض وقفا ، وقيل : هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتك على وسطه ليغتال به الناس . وفي حديث خوات : انتزعت مغولا فوجأت به كبده . وفي حديث الفيل حين أتى مكة : فضربوه بالمغول على رأسه . والمغول : كالمشمل إلا أنه أطول منه وأدق . وقال أبو حنيفة : المغول نصل طويل قليل العرض غليظ المتن ، فوصف العرض الذي هو كمية بالقلة التي لا يوصف بها إلا الكيفية . والغول : جماعة الطلح لا يشاركه شيء . والغول : ساحرة الجن ، والجمع غيلان . وقال أبو الوفاء الأعرابي : الغول الذكر من الجن ، فسئل عن الأنثى فقال : هي السعلاة . والغولان ، بالفتح : ضرب من الحمض . قال أبو حنيفة : الغولان حمض كالأشنان شبيه بالعنظوان إلا أنه أدق منه وهو مرعى ؛ قال ذو الرمة :


حنين اللقاح الخور حرق ناره     بغولان حوضى فوق أكبادها العشر

والغول وغويل والغولان ، كلها : مواضع . ومغول : اسم رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية