صفحة جزء
[ غوى ]

غوى : الغي : الضلال والخيبة . غوى ، بالفتح ، غيا وغوي غواية ؛ الأخيرة عن أبي عبيد : ضل . ورجل غاو وغو وغوي وغيان : ضال ، وأغواه هو ؛ وأنشد للمرقش :


فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما



وقال دريد بن الصمة :


وهل أنا إلا من غزية إن غوت     غويت وإن ترشد غزية أرشد ؟



ابن الأعرابي : الغي الفساد ، قال ابن بري : غو هو اسم الفاعل من غوي لا من غوى ، وكذلك غوي ، ونظيره رشد فهو راشد ورشد فهو رشيد . وفي الحديث : من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى ؛ وفي حديث الإسراء : لو أخذت الخمر غوت أمتك أي ضلت ؛ وفي الحديث : سيكون عليكم أئمة إن أطعتموهم غويتم أي إن أطاعوهم فيما يأمرونهم به من الظلم والمعاصي غووا أي ضلوا . وفي حديث موسى وآدم ، عليهما السلام : أغويت الناس أي خيبتهم ؛ يقال : غوى الرجل خاب وأغواه غيره ، وقوله عز وجل : وعصى آدم ربه فغوى أي فسد عليه عيشه ، قال : والغوة والغية واحد . وقيل : غوى أي ترك النهي وأكل من الشجرة فعوقب بأن أخرج من الجنة . وقال الليث : مصدر غوى ، الغي قال : والغواية الانهماك في الغي . ويقال : أغواه الله إذا أضله . وقال تعالى : فأغويناكم إنا كنا غاوين وحكى المؤرج عن بعض العرب غواه بمعنى أغواه ؛ وأنشد :


وكائن ترى من جاهل بعد علمه     غواه الهوى جهلا عن الحق فانغوى

[ ص: 104 ] قال الأزهري : لو كان عواه الهوى بمعنى لواه وصرفه فانعوى كان أشبه بكلام العرب وأقرب إلى الصواب . وقوله تعالى : قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم قيل فيه قولان ، قال بعضهم : فبما أضللتني ، وقال بعضهم : فبما دعوتني إلى شيء غويت به أي غويت من أجل آدم ، لأقعدن لهم صراطك أي على صراطك ، ومثله قوله : ضرب زيد الظهر والبطن المعنى على الظهر والبطن . وقوله تعالى : والشعراء يتبعهم الغاوون قيل في تفسيره : الغاوون الشياطين ، وقيل أيضا : الغاوون من الناس ، قال الزجاج : والمعنى أن الشاعر إذا هجا بما لا يجوز هوي ذلك قوم وأحبوه فهم الغاوون ، وكذلك إن مدح ممدوحا بما ليس فيه وأحب ذلك قوم وتابعوه فهم الغاوون . وأرض مغواة : مضلة . والأغوية : المهلكة : والمغويات ، بفتح الواو مشددة ، جمع المغواة : وهي حفرة كالزبية تحتفر للأسد ؛ وأنشد ابن بري لمغلس بن لقيط :


وإن رأياني قد نجوت تبغيا     لرجلي مغواة هياما ترابها

وفي مثل للعرب : من حفر مغواة أوشك أن يقع فيها . ووقع الناس في أغوية أي في داهية . وروي عن عمر ، رضي الله عنه ، أنه قال : إن قريشا تريد أن تكون مغويات لمال الله ؛ قال أبو عبيد : هكذا روي بالتخفيف وكسر الواو ، قال : وأما الذي تكلمت به العرب فالمغويات ، بالتشديد وفتح الواو ، واحدتها مغواة ، وهي حفرة كالزبية تحتفر للذئب ويجعل فيها جدي إذا نظر الذئب إليه سقط عليه يريده فيصاد ، ومن هذا قيل لكل مهلكة مغواة ؛ وقال رؤبة :


إلى مغواة الفتى بالمرصاد



يريد إلى مهلكته ومنيته ، شبهها بتلك المغواة ، قال : وإنما أراد عمر ، رضي الله عنه ، أن قريشا تريد أن تكون مهلكة لمال الله كإهلاك تلك المغواة لما سقط فيها ، أي تكون مصايد للمال ومهالك كتلك المغويات . قال أبو عمرو : وكل بئر مغواة ، والمغواة في بيت رؤبة : القبر . وتغاووا عليه أي تعاونوا عليه فقتلوه . وتغاووا عليه : جاءوه من هنا وهنا وإن لم يقتلوه . والتغاوي : التجمع والتعاون على الشر ، وأصله من الغواية أو الغي ؛ يبين ذلك شعر لأخت المنذر بن عمرو الأنصاري قالته في أخيها حين قتله الكفار :


تغاوت عليه ذئاب الحجاز     بنو بهثة وبنو جعفر



وفي حديث عثمان ، رضي الله عنه ، وقتلته قال : فتغاووا والله عليه حتى قتلوه أي تجمعوا . والتغاوي : التعاون في الشر ، ويقال بالعين المهملة ، ومنه حديث المسلم قاتل المشرك الذي كان يسب النبي ، صلى الله عليه وسلم : فتغاوى المشركون عليه حتى قتلوه ويروى بالعين المهملة ، قال : والهروي ذكر مقتل عثمان في المعجمة وهذا في المهملة . أبو زيد : وقع فلان في أغوية وفي وامئة أي في داهية . الأصمعي : إذا كانت الطير تحوم على الشيء قيل هي تغايا عليه وهي تسوم عليه ، وقال شمر : تغايا وتغاوى بمعنى واحد ؛ قال العجاج :

وإن تغاوى باهلا أو انعكر تغاوي العقبان يمزقن الجزر

قال : والتغاوي الارتقاء والانحدار كأنه شيء بعضه فوق بعض ، والعقبان : جمع العقاب ، والجزر : اللحم . وغوي الفصيل والسخلة يغوى غوى فهو غو : بشم من اللبن وفسد جوفه ، وقيل : هو أن يمنع من الرضاع فلا يروى حتى يهزل ويضر به الجوع وتسوء حاله ويموت هزالا أو يكاد يهلك ؛ قال يصف قوسا :


معطفة الأثناء ليس فصيلها     برازئها درا ولا ميت غوى

وهو مصدر ؛ يعني القوس وسهما رمى به عنها ، وهذا من اللغز . والغوى : البشم ، ويقال : العطش ، ويقال : هو الدقى ؛ وقال الليث : غوي الفصيل يغوى غوى إذا لم يصب ريا من اللبن حتى كاد يهلك ، قال أبو عبيد : يقال غويت أغوى وليست بمعروفة ، وقال ابن شميل : غوي الصبي والفصيل إذا لم يجد من اللبن إلا علقة ، فلا يروى وتراه محثلا ، قال شمر : وهذا هو الصحيح عند أصحابنا . الجوهري : والغوى مصدر قولك : غوي الفصيل والسخلة ، بالكسر ، يغوى غوى ، قال ابن السكيت : هو أن لا يروى من لبأ أمه ولا يروى من اللبن حتى يموت هزالا . قال ابن بري : الظاهر في هذا البيت قول ابن السكيت والجمهور على أن الغوى البشم من اللبن . وفي نوادر الأعراب يقال : بت مغوى وغوى وغويا وقاويا وقوى وقويا ومقويا إذا بت مخليا موحشا . ويقال : رأيته غويا من الجوع وقويا وضويا وطويا إذا كان جائعا ؛ وقول أبي وجزة :


حتى إذا جن أغواء الظلام له     من فور نجم من الجوزاء ملتهب

أغواء الظلام : ما سترك بسواده ، وهو لغية ولغية أي لزنية ، وهو نقيض قولك لرشدة . قال اللحياني : الكسر في غية قليل . والغاوي : الجراد . تقول العرب : إذا أخصب الزمان جاء الغاوي والهاوي ؛ الهاوي : الذئب . والغوغاء : الجراد إذا احمر وانسلخ من الألوان كلها وبدت أجنحته بعد الدبى . أبو عبيد : الجراد أول ما يكون سروة ، فإذا تحرك فهو دبى قبل أن تنبت أجنحته ، ثم يكون غوغاء ، وبه سمي الغوغاء . والغاغة من الناس : وهم الكثير المختلطون ، وقيل : هو الجراد إذا صارت له أجنحة وكاد يطير قبل أن يستقل فيطير ، يذكر ويؤنث ويصرف ولا يصرف ، واحدته غوغاءة وغوغاة ، وبه سمي الناس . والغوغاء : سفلة الناس ، وهو من ذلك . والغوغاء : شيء يشبه البعوض ولا يعض ولا يؤذي وهو ضعيف ، فمن صرفه وذكره جعله بمنزلة قمقام ، والهمزة بدل من واو ، ومن لم يصرفه جعله بمنزلة عوراء . والغوغاء : الصوت والجلبة ؛ قال الحارث بن حلزة اليشكري :


أجمعوا أمرهم بليل فلما     أصبحوا أصبحت لهم غوغاء

ويروى : ضوضاء . وحكى أبو علي عن قطرب في نوادر له : أن مذكر الغوغاء أغوغ ، وهذا نادر غير معروف . وحكي أيضا : تغاغى عليه الغوغاء إذا ركبوه بالشر . أبو العباس : إذا سميت رجلا بغوغاء فهو على وجهين : إن نويت به ميزان حمراء لم تصرفه ، وإن نويت به ميزان قعقاع صرفته . وغوي وغوية وغوية : أسماء . وبنو غيان : [ ص: 105 ] حي هم الذين وفدوا على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : من أنتم ؟ فقالوا : بنو غيان ، قال لهم : بنو رشدان ، فبناه على فعلان علما منه أن غيان فعلان ، وأن فعلان في كلامهم مما في آخره الألف والنون أكثر من فعال مما في آخره الألف والنون ، وتعليل رشدان مذكور في موضعه . وقوله تعالى : فسوف يلقون غيا قيل : غي واد في جهنم ، وقيل : نهر ، وهذا جدير أن يكون نهرا أعده الله للغاوين سماه غيا ، وقيل : معناه فسوف يلقون مجازاة غيهم ، كقوله تعالى : ومن يفعل ذلك يلق أثاما أي مجازاة الأثام . وغاوة : اسم جبل ؛ قال المتلمس يخاطب عمرو بن هند :


فإذا حللت ودون بيتي غاوة     فابرق بأرضك ما بدا لك وارعد

التالي السابق


الخدمات العلمية