صفحة جزء
[ فتح ]

فتح : الفتح : نقيض الإغلاق ؛ فتحه يفتحه فتحا وافتتحه وفتحه فانفتح وتفتح . الجوهري : فتحت الأبواب ، شدد للكثرة ، فتفتحت هي ؛ وقوله تعالى : لا تفتح لهم أبواب السماء قرئت بالتخفيف والتشديد وبالياء والتاء أي لا تصعد أرواحهم ولا أعمالهم ، لأن أعمال المؤمنين وأرواحهم تصعد إلى السماء ؛ قال الله تعالى : إن كتاب الأبرار لفي عليين وقال جل ثناؤه : إليه يصعد الكلم الطيب وقال بعضهم : أبواب السماء أبواب الجنة ، لأن الجنة في السماء ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ولا يدخلون الجنة فكأنه قال : لا تفتح لهم أبواب الجنة . وقوله تعالى : مفتحة لهم الأبواب قال أبو علي مرة : معناه مفتحة لهم الأبواب منها ؛ وقال مرة : إنما هو مرفوع على البدل من الضمير الذي في ( مفتحة ) . وقال : العرب تقول فتحت الجنان ؛ تريد فتحت أبواب الجنان ؛ قال تعالى : وفتحت السماء فكانت أبوابا والله أعلم . وقوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده قال الزجاج : معناه ما يأتيهم به الله من مطر أو رزق فلا يقدر أحد أن [ ص: 120 ] يمسكه ، وما يمسك من ذلك فلا يقدر أحد أن يرسله . والمفتح ، بكسر الميم ، والمفتاح : مفتاح الباب وكل ما فتح به الشيء قال الجوهري : وكل مستغلق ؛ قال سيبويه : هذا الضرب مما يعتمل مكسور الأول ، كانت فيه الهاء أو لم تكن ، والجمع مفاتيح ومفاتح أيضا ؛ قال الأخفش : هو مثل قولهم أماني وأماني ، يخفف ويشدد ؛ وقوله تعالى : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو قال الزجاج : جاء في التفسير أنه عنى قوله : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت قال : فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه الخمس فقد كفر بالقرآن لأنه قد خالفه ؛ وفي الحديث : أوتيت مفاتيح الكلم ، وفي رواية : مفاتح ؛ هما جمع مفتاح ومفتح ، وهما في الأصل مما يتوصل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها ، فأخبر أنه أوتي مفاتيح الكلام ، وهو ما يسر الله له من البلاغة والفصاحة ، والوصول إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات ، والألفاظ التي أغلقت على غيره وتعذرت عليه ، ومن كان في يده مفاتيح شيء مخزون سهل عليه الوصول إليه . وباب فتح أي واسع مفتح ؛ وفي حديث أبي الدرداء : ومن يأت بابا مغلقا يجد إلى جنبه بابا فتحا أي واسعا ، ولم يرد المفتوح ، وأراد بالباب الفتح : الطلب إلى الله والمسألة . وقارورة فتح : واسعة الرأس بلا صمام ولا غلاف ، لأنها تكون حينئذ مفتوحة ، وهو فعل بمعنى مفعول . والفتح : الماء المفتح إلى الأرض ليسقى به . والفتح : الماء الجاري على وجه الأرض ؛ عن أبي حنيفة . الأزهري : والفتح النهر . وجاء في الحديث : ما سقي فتحا وما سقي بالفتح ففيه العشر ؛ المعنى ما فتح إليه ماء النهر فتحا من الزروع والنخيل ففيه العشر . والفتح : الماء يجري من عين أو غيرها . والمفتح والمفتح : قناة الماء . وكل ما انكشف عن شيء فقد انفتح عنه وتفتح . وتفتح الأكمة عن النور : تشققها . والفتح : افتتاح دار الحرب ، وجمعه فتوح . والفتح : النصر . وفي حديثالحديبية : أهو فتح ؟ أي نصر . واستفتحت الشيء وافتتحته ؛ والاستفتاح : الاستنصار . وفي الحديث : أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بهم ؛ ومنه قوله تعالى : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح . واستفتح الفتح : سأله . وقال الفراء : قال أبو جهل يوم بدر : اللهم انصر أفضل الدينين وأحقه بالنصر ، فقال الله عز وجل : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح قال أبو إسحاق : معناه إن تستنصروا فقد جاءكم النصر ، قال : ويجوز أن يكون معناه : إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء ، وقد جاء التفسير بالمعنيين جميعا . وروي أن أبا جهل قال يومئذ : اللهم أقطعنا للرحم وأفسدنا للجماعة فأحنه اليوم ! فسأل الله أن يحكم بحين من كان كذلك ، فنصر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وناله هو الحين وأصحابه ، وقال الله عز وجل : إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح أراد إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء ، وقيل إنه قال : اللهم انصر أحب الفئتين إليك ؛ فهذا يدل أن معناه إن تستنصروا ، وكلا القولين جيد . وقوله تعالى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الزجاج : جاء في التفسير قضينا لك قضاء مبينا أي حكمنا لك بإظهار دين الإسلام وبالنصر على عدوك ؛ قال الأزهري : قال قتادة : أي قضينا لك قضاء فيما اختار الله لك من مهادنة أهل مكة وموادعتهم عام الحديبية ؛ ابن سيده قال : وأكثر ما جاء في التفسير أنه فتح الحديبية ، وكانت فيه آية عظيمة من آيات النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وكان هذا الفتح عن غير قتال شديد ؛ وقيل : إنه كان عن تراض بين القوم ، وكانت هذه البئر استقي جميع ما فيها من الماء حتى نزحت ولم يبق فيها ماء ، فتمضمض رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ثم مجه فيها فدرت البئر بالماء حتى شرب جميع من كان معه . وقوله تعالى : إذا جاء نصر الله والفتح قيل عنى فتح مكة ، وجاء في التفسير أنه نعيت إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نفسه في هذه السورة ، فأعلم أنه إذا جاء فتح مكة ودخل الناس في الإسلام أفواجا فقد قرب أجله ، فكان يقول : إنه قد نعيت إلي نفسي في هذه السورة ؛ فأمر الله أن يكثر التسبيح والاستغفار . الأزهري : وقول الله تعالى : ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون قال مجاهد : يوم الفتح هاهنا يوم القيامة ، وكذلك قال قتادة و الكلبي ؛ وقال قتادة : كان أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقولون : إن لنا يوما أوشك أن نستريح فيه وننعم ، فقال الكفار : متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ؟ وقال الفراء : يوم الفتح عنى به فتح مكة ؛ قال الأزهري : والتفسير جاء بخلاف ما قال ، وقد نفع الكفار من أهل مكة إيمانهم يوم الفتح ؛ وقال الزجاج : جاء أيضا في قوله تعالى : ويقولون متى هذا الفتح متى هذا الحكم والقضاء فأعلم الله أن يوم ذلك الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ، أي ما داموا في الدنيا فالتوبة معرضة ولا توبة في الآخرة . وقوله تعالى : ففتحنا أبواب السماء أي فأجبنا الدعاء . واستفتح الله على فلان : سأله النصر عليه ونحو ذلك . والفتاحة : النصرة . الجوهري : الفتاحة ، بالضم ، الحكم . والفتاحة والفتاحة : أن تحكم بين خصمين ؛ وقيل : الفتاحة الحكومة ؛ قال الأشعر الجعفي :


ألا من مبلغ عمرا رسولا فإني عن فتاحتكم غني

؟

الأزهري : الفتح أن تحكم بين قوم يختصمون إليك ، كما قال سبحانه مخبرا عن شعيب : ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين . الأزهري : والفتاح الحكومة . ويقال للقاضي : الفتاح لأنه يفتح مواضع الحق ؛ وقوله تعالى : ربنا افتح بيننا أي اقض بيننا . وفي حديث الصلاة : لا يفتح على الإمام ؛ أراد إذا أرتج عليه في القراءة وهو في الصلاة لا يفتح له المأموم ما أرتج عليه أي لا يلقنه ، يقال : أراد بالإمام السلطان ، وبالفتح ، الحكم أي إذا حكم بشيء فلا يحكم بخلافه . والفتاح : الحاكم الأزهري : الفتاح في صفة الله تعالى الحاكم ؛ قال : وأهل اليمن يقولون للقاضي الفتاح ، ويقول أحدهم لصاحبه : تعال حتى أفاتحك إلى الفتاح ، ويقول : افتح بيننا أي احكم ؛ وفي التنزيل : وهو الفتاح العليم . وفاتحه مفاتحة وفتاحا : حاكمه . وفي حديث ابن عباس : ما كنت أدري ما قوله عز وجل : [ ص: 121 ] ربنا افتح بيننا وبين قومنا حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها : تعال أفاتحك أي أحاكمك ؛ ومنه : لا تفاتحوا أهل القدر أي لا تحاكموهم ؛ وقيل : لا تبدءوهم بالمجادلة والمناظرة . وفي أسماء الله تعالى الحسنى : الفتاح ؛ قال ابن الأثير : هو الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ؛ وقيل : معناه الحاكم بينهم ؛ يقال : فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما . والفاتح : الحاكم . والفتاح من أبنية المبالغة . وتفتح بما عنده من مال أو أدب : تطاول به ، وهي الفتحة ؛ تقول : ما هذه الفتحة التي أظهرتها وتفتحت بها علينا ؟ قال ابن دريد : ولا أحسبه عربيا . وفاتح الرجل : ساومه ولم يعطه شيئا ، فإن أعطاه ، قيل : فاتكه ؛ حكاه ابن الأعرابي . الأزهري عن ابن بزرج : الفتحى الريح ؛ وأنشد :


أكلهم لا بارك الله فيهم !     إذا ذكرت فتحى من البيع عاجب

؟

فتحى على فعلى . وفاتحة الشيء : أوله . وافتتاح الصلاة : التكبيرة الأولى . وفواتح القرآن : أوائل السور ، الواحدة فاتحة . وأم الكتاب يقال لها : فاتحة القرآن . والفتح : أن تفتح على من يستقرئك . والمفتح : الخزانة ؛ الأزهري : وكل خزانة كانت لصنف من الأشياء ، فهي مفتح ، والمفتح : الكنز ؛ وقوله تعالى : ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة قيل : هي الكنوز والخزائن ؛ قال الزجاج : روي أن مفاتحه خزائنه . الأزهري : والمعنى ما إن مفاتحه لتنيء العصبة أي تميلهم من ثقلها . وروي عن أبي صالح : ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة قال : ما في الخزائن من مال تنوء به العصبة ؛ الأزهري : والأشبه في التفسير أن مفاتحه خزائن ماله ، والله أعلم بما أراد . وقال : قال الليث : جمع المفتاح الذي يفتح به المغلاق مفاتيح ، وجمع المفتح الخزانة المفاتح ؛ وجاء في التفسير أيضا أن مفاتحه كانت من جلود على مقدار الإصبع ، وكانت تحمل على سبعين بغلا أو ستين ، قال : وهذا ليس بقوي . وروى الأزهري عن أبي رزين قال : مفاتحه خزائنه إن كان لكافيا مفتاح واحد خزائن الكوفة إنما مفاتحه المال ؛ وفي الحديث : أوتيت مفاتيح خزائن الأرض ؛ أراد ما سهل الله له ولأمته من افتتاح البلاد المتعذرات واستخراج الكنوز الممتنعات . والفتوح من الإبل : الناقة الواسعة الأحاليل ، وقد فتحت وأفتحت بمعنى . والنزور : مثل الفتوح . وفي حديث أبي ذر : قدر حلب شاة فتوح ، أي واسعة الأحاليل . والفتح : أول مطر الوسمي ؛ وقيل : أول المطر ، وجمعه ، فتوح ، بفتح الفاء ؛ قال :


كأن تحتي مخلفا قروحا     رعى غيوث العهد والفتوحا

ويروى جميم العهد ، وهو الفتحة أيضا . والفتح : الماء الجاري في الأنهار . وناقة مفاتيح وأينق مفاتيحات : سمان ، حكاها السيرافي . والفتح : مركب النصل في السهم ، وجمعه فتوح . والفتح : جنى النبع ، وهو كأنه الحبة الخضراء إلا أنه أحمر حلو مدحرج يأكله الناس . الأزهري : فاتح الرجل امرأته إذا جامعها . وتفاتح الرجلان إذا تفاتحا كلاما بينهما وتخافتا دون الناس . والفتحة : الفرجة في الشيء . والفتاحة : طويرة ممشقة بحمرة . والفتاح : طائر أسود يكثر تحريك ذنبه أبيض أصل الذنب من تحته ومنها أحمر ، والجمع فتاتيح ، ولا يجمع بالألف والتاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية