صفحة جزء
[ ص: 131 ] [ بكر ]

بكر : البكرة : الغدوة . قال سيبويه : من العرب من يقول أتيتك بكرة ، نكرة منون ، وهو يريد في يومه أو غده . وفي التنزيل العزيز : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا . التهذيب : والبكرة من الغد ، ويجمع بكرا وأبكارا ، وقوله تعالى : ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ; بكرة وغدوة إذا كانتا نكرتين نونتا وصرفتا ، وإذا أرادوا بهما بكرة يومك وغداة يومك لم تصرفها ، فبكرة ههنا نكرة . والبكور والتبكير : الخروج في ذلك الوقت . والإبكار : الدخول في ذلك الوقت . الجوهري : وسيرا على فرسك بكرة وبكرا كما تقول سحرا . والبكر : البكرة . وقال سيبويه : لا يستعمل إلا ظرفا . والإبكار : اسم البكرة كالإصباح ، هذا قول أهل اللغة ، وعندي أنه مصدر أبكر . وبكر على الشيء وإليه يبكر بكورا وبكر تبكيرا وابتكر وأبكر وباكره : أتاه بكرة ، كله بمعنى . ويقال : باكرت الشيء إذا بكرت له ، قال لبيد :


باكرت حاجتها الدجاج بسحرة .



معناه بادرت صقيع الديك سحرا إلى حاجتي . ويقال : أتيته باكرا ، فمن جعل الباكر نعتا قال للأنثى باكرة ، ولا يقال بكر وبكر إذا بكر ، ويقال : أتيته بكرة ، بالضم ، أي باكرا ، فإن أردت به بكرة يوم بعينه قلت : أتيته بكرة ، غير مصروف ، وهي من الظروف التي لا تتمكن . وكل من بادر إلى شيء ، فقد أبكر عليه وبكر أي وقت كان . يقال : بكروا بصلاة المغرب أي صلوها عند سقوط القرص . وقوله تعالى : بالعشي والإبكار ; جعل الإبكار وهو فعل يدل على الوقت وهو البكرة ، كما قال تعالى : بالغدو والآصال ; جعل الغدو وهو مصدر يدل على الغداة . ورجل بكر في حاجته وبكر ، مثل حذر وحذر ، وبكير ; صاحب بكور قوي على ذلك ، وبكر وبكير : كلاهما على النسب إذ لا فعل له ثلاثيا بسيطا . وبكر الرجل : بكر . وحكى اللحياني عن الكسائي : جيرانك باكر ; وأنشد :


يا عمرو ! جيرانكم باكر     فالقلب لا لاه ولا صابر .



قال ابن سيده : وأراهم يذهبون في ذلك إلى معنى القوم والجمع ; لأن لفظ الجمع واحد ، إلا أن هذا إنما يستعمل إذا كان الموصوف معرفة لا يقولون جيران باكر ، هذا قول أهل اللغة ، قال : وعندي أنه لا يمتنع جيران باكر كما لا يمتنع جيرانكم باكر . وأبكر الورد والغداء إبكارا : عاجلهما . وبكرت على الحاجة بكورا وغدوت عليها غدوا مثل البكور ، وأبكرت غيري وأبكرت الرجل على صاحبه إبكارا حتى بكر إليه بكورا . أبو زيد : أبكرت على الورد إبكارا ، وكذلك أبكرت الغداء . وأبكر الرجل : وردت إبله بكرة . ابن سيده : وبكره على أصحابه وأبكره عليهم جعله يبكر عليهم . وبكر : عجل . وبكر وتبكر وأبكر : تقدم . والمبكر والباكور جميعا ، من المطر : ما جاء في أول الوسمي . والباكور من كل شيء : المعجل المجيء والإدراك ، والأنثى باكورة ، وباكورة الثمرة منه . والباكورة : أول الفاكهة . وقد ابتكرت الشيء إذا استوليت على باكورته . وابتكر الرجل : أكل باكورة الفاكهة . وفي حديث الجمعة : من بكر يوم الجمعة وابتكر فله كذا وكذا ، قالوا : بكر أسرع وخرج إلى المسجد باكرا وأتى الصلاة في أول وقتها ، وكل من أسرع إلى شيء ، فقد بكر إليه . وابتكر : أدرك الخطبة من أولها ، وهو من الباكورة . وأول كل شيء : باكورته . وقال أبو سعيد في تفسير حديث الجمعة : معناه من بكر إلى الجمعة قبل الأذان ، وإن لم يأتها باكرا ، فقد بكر وأما ابتكارها فأن يدرك أول وقتها ، وأصله من ابتكار الجارية وهو أخذ عذرتها ، وقيل : معنى اللفظين واحد مثل فعل وافتعل ، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد كما قالوا : جاد مجد . قال : وقوله غسل واغتسل ، غسل أي غسل مواضع الوضوء ، كقوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم ; واغتسل أي غسل البدن . والباكور من كل شيء : هو المبكر السريع الإدراك ، والأنثى باكورة . وغيث بكور : وهو المبكر في أول الوسمي ، ويقال أيضا : هو الساري في آخر الليل وأول النهار ; وأنشد :


جرر السيل بها عثنونه     وتهادتها مداليج بكر .



وسحابة مدلاج بكور . وأما قول الفرزدق : أو أبكار كرم تقطف ; قال : واحدها بكر وهو الكرم الذي حمل أول حمله . وعسل أبكار : تعسله أبكار النحل أي أفتاؤها ، ويقال : بل أبكار الجواري تلينه . وكتب الحجاج إلى عامل له : ابعث إلي بعسل خلار ، من النحل الأبكار ، من الدستفشار ، الذي لم تمسه النار ، يريد بالأبكار أفراخ النحل ; لأن عسلها أطيب وأصفى ، وخلار : موضع بفارس ، و الدستفشار : كلمة فارسية معناها ما عصرته الأيدي ، وقال الأعشى :


تنحلها ، من بكار القطاف     أزيرق آمن إكسادها .



بكار القطاف : جمع باكر كما يقال : صاحب وصحاب ، وهو أول ما يدرك . الأصمعي : نار بكر لم تقبس من نار ، وحاجة بكر طلبت حديثا . وأنا آتيك العشية فأبكر أي أعجل ذلك ; قال :


بكرت تلومك ، بعد وهن في الندى     بسل عليك ملامتي وعتابي .



فجعل البكور بعد وهن ، وقيل : إنما عنى أول الليل فشبهه بالبكور في أول النهار . وقال ابن جني : أصل " ب ك ر " إنما هو التقدم أي وقت كان من ليل أو نهار ، فأما قول الشاعر : " بكرت تلومك بعد وهن " فوجهه أنه اضطر فاستعمل ذلك على أصل وضعه الأول في اللغة ، وترك ما ورد به الاستعمال الآن من الاقتصار به على أول النهار دون آخره ، وإنما يفعل الشاعر ذلك تعمدا له أو اتفاقا وبديهة تهجم على طبعه . وفي الحديث : " لا يزال الناس بخير ما بكروا بصلاة المغرب " ، معناه ما صلوها في أول وقتها ، وفي رواية : " ما تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب " ، وفي حديث آخر : " بكروا بالصلاة في يوم الغيم ; فإنه من ترك العصر حبط عمله " ، أي حافظوا عليها وقدموها . والبكيرة والباكورة والبكور من النخل ، مثل البكيرة : التي تدرك [ ص: 132 ] في أول النخل ، وجمع البكور بكر ، قال المتنخل الهذلي :


ذلك ما دينك ، إذ جنبت     أحمالها كالبكر المبتل .



وصف الجمع بالواحد كأنه أراد المبتلة فحذف لأن البناء قد انتهى ، ويجوز أن يكون المبتل جمع مبتلة ، وإن قل نظيره ، ولا يجوز أن يعني بالبكر ههنا الواحدة ; لأنه إنما نعت حدوجا كثيرة فشبهها بنخيل كثيرة ، وهي المبكار ، وأرض مبكار : سريعة الإنبات ، وسحابة مبكار وبكور : مدلاج من آخر الليل ، وقوله :


إذا ولدت قرائب أم نبل     فذاك اللؤم واللقح البكور .



أي إنما عجلت بجمع اللؤم كما تعجل النخلة والسحابة . وبكر كل شيء : أوله ، وكل فعلة لم يتقدمها مثلها ، بكر . والبكر : أول ولد الرجل ، غلاما كان أو جارية . وهذا بكر أبويه أي أول ولد يولد لهما ، وكذلك الجارية بغير هاء ، وجمعهما جميعا أبكار . وكبرة ولد أبويه : أكبرهم . وفي الحديث : " لا تعلموا أبكار أولادكم كتب النصارى " ، يعني أحداثكم . وبكر الرجل ، بالكسر : أول ولده ، وقد يكون البكر من الأولاد في غير الناس كقولهم : بكر الحية . وقالوا : أشد الناس بكر ابن بكرين ، وفي المحكم : بكر بكرين ; قال :


يا بكر بكرين ، ويا خلب الكبد     أصبحت مني كذراع من عضد .



والبكر : الجارية التي لم تفتض ، وجمعها أبكار . والبكر من النساء : التي لم يقربها رجل ، ومن الرجال : الذي لم يقرب امرأة بعد ، والجمع أبكار . ومرة بكر : حملت بطنا واحدا . والبكر : العذراء ، والمصدر البكارة ، بالفتح . والبكر : المرأة التي ولدت بطنا واحدا ، وبكرها ولدها ، والذكر والأنثى فيه سواء ، وكذلك البكر من الإبل . أبو الهيثم : والعرب تسمي التي ولدت بطنا واحدا بكرا بولدها الذي تبتكر به ، ويقال لها أيضا بكر ما لم تلد ، ونحو ذلك قال الأصمعي : إذا كان أول ولد ولدته الناقة فهي بكر . وبقرة بكر : فتية لم تحمل .

ويقال : ما هذا الأمر منك بكرا ولا ثنيا ، على معنى ما هو بأول ولا ثان ، قال ذو الرمة :


وقوفا لدى الأبواب ، طلاب حاجة     عوان من الحاجات ، أو حاجة بكرا .



أبو البيداء : ابتكرت الحامل إذا ولدت بكرها ، وأثنت في الثاني وثلثت في الثالث ، وربعت وخمست وعشرت . وقال بعضهم : أسبعت وأعشرت وأثمنت في الثامن والسابع والعاشر . وفي نوادر الأعراب : ابتكرت المرأة ولدا إذا كان أول ولدها ذكرا ، واثتنيت جاءت بولد ثني ، واثتلثت ولدها الثالث ، وابتكرت أنا واثتنيت واثتلثت . والبكر : الناقة التي ولدت بطنا واحدا ، والجمع أبكار ، قال أبو ذؤيب الهذلي :


وإن حديثا منك لو تبذلينه     جنى النحل في ألبان عود مطافل
مطافيل أبكار حديث نتاجها     تشاب بماء مثل ماء المفاصل .



وبكرها أيضا : ولدها ، والجمع أبكار وبكار . وبقرة بكر : لم تحمل ، وقيل : هي الفتية . وفي التنزيل : لا فارض ولا بكر ; أي ليست بكبيرة ولا صغيرة ، ومعنى ذلك : بين البكر والفارض ، وقول الفرزدق :


إذا هن ساقطن الحديث ، كأنه     جنى النحل أو أبكار كرم تقطف .



عنى الكرم البكر الذي لم يحمل قبل ذلك ، وكذلك عمل أبكار ، وهو الذي عملته أبكار النحل . وسحابة بكر : غزيرة بمنزلة البكر من النساء ، قال ثعلب : لأن دمها أكثر من دم الثيب ، وربما قيل : سحاب بكر ، أنشد ثعلب :


ولقد نظرت إلى أغر مشهر     بكر توسن في الخميلة عونا .



وقول أبي ذؤيب :


وبكر كلما مست أصاتت     ترنم نغم ذي الشرع العتيق .



إنما عنى قوسا أول ما يرمى عنها ، شبه ترنمها بنغم ذي الشرع وهو العود الذي عليه أوتار . والبكر : الفتي من الإبل ، وقيل : هو الثني إلى أن يجذع ، وقيل : هو ابن المخاض إلى أن يثني ، وقيل : هو ابن اللبون ، والحق والجذع ، فإذا أثنى فهو جمل وهي ناقة ، وهو بعير حتى يبزل ، وليس بعد البازل سن يسمى ، ولا قبل الثني سن يسمى قال الأزهري : هذا قول ابن الأعرابي وهو صحيح ; قال : وعليه شاهدت كلام العرب ، وقيل : هو ما لم يبزل ، والأنثى بكرة ، فإذا بزلا فجمل وناقة ، وقيل : البكر ولد الناقة فلم يحد ولا وقت ، وقيل : البكر من الإبل بمنزلة الفتي من الناس ، والبكرة بمنزلة الفتاة ، والقلوص بمنزلة الجارية ، والبعير بمنزلة الإنسان ، والجمل بمنزلة الرجل ، والناقة بمنزلة المرأة ، ويجمع في القلة على أبكر ، قال الجوهري : وقد صغره الراجز وجمعه بالياء والنون فقال :


قد شربت إلا الدهيدهينا     قليصات وأبيكرينا .



وقيل في الأنثى أيضا : بكر بلا هاء . وفي الحديث : استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل بكرا ، البكر ، بالفتح : الفتي من الإبل بمنزلة الغلام من الناس ، والأنثى بكرة ، وقد يستعار للناس ، ومنه حديث المتعة : " كأنها بكرة عيطاء " أي شابة طويلة العنق في اعتدال . وفي حديث طهفة : وسقط الأملوج من البكارة ، البكارة ، بالكسر : جمع البكر ، بالفتح ، يريد أن السمن الذي قد علا بكارة الإبل بما رعت من هذا الشجر قد سقط عنها فسماه باسم المرعى ; إذ كان سببا له ، وروى بيت عمرو بن كلثوم :


ذراعي عيطل أدماء بكر     غذاها الخفض لم تحمل جنينا .



قال ابن سيده : وأصح الروايتين بكر ، بالكسر ، والجمع القليل من كل ذلك أبكار ، قال الجوهري : وجمع البكر بكار مثل فرخ وفراخ [ ص: 133 ] وبكارة أيضا مثل فحل وفحالة ، وقال سيبويه في قول الراجز :


قليصات وأبيكرينا .



جمع الأبكر كما تجمع الجزر والطرق ، فتقول : طرقات وجزرات ، ولكنه أدخل الياء والنون كما أدخلهما في الدهيدهين ، والجمع الكثير بكران وبكار وبكارة ، والأنثى بكرة والجمع بكار ، بغير هاء ، كعيلة وعيال . وقال ابن الأعرابي : البكارة للذكورة خاصة ، والبكار ، بغير هاء للإناث . وبكرة البئر : ما يستقى عليها ، وجمعها بكر بالتحريك ، وهو من شواذ الجمع لأن فعلة لا تجمع على فعل إلا أحرفا مثل حلقة وحلق وحمأة وحمأ وبكرة وبكر وبكرات أيضا ، قال الراجز :


والبكرات شرهن الصائمه .



يعني التي لا تدور . ابن سيده : والبكرة والبكرة لغتان للتي يستقى عليها وهي خشبة مستديرة في وسطها محز للحبل وفي جوفها محور تدور عليه ، وقيل : هي المحالة السريعة . والبكرات أيضا : الحلق التي في حلية السيف شبيهة بفتخ النساء . وجاءوا على بكرة أبيهم إذا جاءوا جميعا على آخرهم ، وقال الأصمعي : جاءوا على طريقة واحدة ، وقال أبو عمرو : جاءوا بأجمعهم ، وفي الحديث : جاءت هوازن على بكرة أبيها ، هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفير العدد وأنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد . وقال أبو عبيدة : معناه جاءوا بعضهم في إثر بعض وليس هناك بكرة في الحقيقة ، وهي التي يستقى عليها الماء العذب ، فاستعيرت في هذا الموضع وإنما هي مثل . قال ابن بري : قال ابن جني : عندي أن قولهم جاءوا على بكرة أبيهم بمعنى جاءوا بأجمعهم ، هو من قولهم بكرت في كذا أي تقدمت فيه ، ومعناه جاءوا على أوليتهم أي لم يبق منهم أحد بل جاءوا من أولهم إلى آخرهم . وضربة بكر ، بالكسر ، أي قاطعة لا تثنى . وفي الحديث : كانت ضربات علي - عليه السلام - أبكارا إذا اعتلى قد وإذا اعترض قط ، وفي رواية : كانت ضربات علي - عليه السلام - مبتكرات لا عونا أي أن ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا ، والعون : جمع عوان هي في الأصل الكهلة من النساء ويريد بها ههنا المثناة .

و بكر : اسم ، وحكى سيبويه في جمعه أبكر وبكور . و بكير و بكار و مبكر : أسماء . و بنو بكر : حي منهم ، وقوله :


إن الذئاب قد اخضرت براثنها     والناس كلهم بكر إذا شبعوا .



أراد إذا شبعوا تعادوا وتغاوروا ; لأن بكرا كذا فعلها ، التهذيب : و بنو بكر في العرب قبيلتان : إحداهما بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة ، والأخرى بكر بن وائل بن قاسط ، وإذا نسب إليهما قالوا : بكري . وأما بنو بكر بن كلاب فالنسبة إليهم بكراويون . قال الجوهري : وإذا نسبت إلى أبي بكر قلت : بكري . تحذف منه الاسم الأول ، وكذلك في كل كنية .

التالي السابق


الخدمات العلمية