صفحة جزء
[ فحل ]

فحل : الفحل معروف : الذكر من كل حيوان ، وجمعه أفحل وفحول وفحولة وفحال وفحالة ، مثل الجمالة ; قال الشاعر :


فحالة تطرد عن أشوالها



قال سيبويه : ألحقوا الهاء فيهما لتأنيث الجمع . ورجل فحيل : فحل ، وإنه لبين الفحولة والفحالة والفحلة . وفحل إبله فحلا كريما : اختار لها ، وافتحل لدوابه فحلا كذلك . الجوهري : فحلت إبلي إذا أرسلت فيها فحلا ; قال أبو محمد الفقعسي :


نفحلها البيض القليلات الطبع     من كل عراص إذا هز اهتزع



أي نعرقبها بالسيوف ، وهو مثل . الأزهري : والفحلة افتحال الإنسان فحلا لدوابه ; وأنشد :


نحن افتحلنا فحلنا لم نأثله



قال : ومن قال استفحلنا فحلا لدوابنا فقد أخطأ ، وإنما الاستفحال ما يفعله علوج أهل كابل ، وجهالهم ، وسيأتي . والفحيل : فحل الإبل إذا كان كريما منجبا . وأفحل : اتخذ فحلا ; قال الأعشى :


وكل أناس وإن أفحلوا     إذا عاينوا فحلكم بصبصوا



وبعير ذو فحلة : يصلح للافتحال . وفحل فحيل : كريم منجب في ضرابه ; قال الراعي :


كانت نجائب منذر ومحرق     أماتهن وطرقهن فحيلا



قال الأزهري : أي وكان طرقهن فحلا منجبا ، والطرق : الفحل [ ص: 136 ] هاهنا ; قال ابن بري : صواب إنشاد البيت : نجائب منذر ، بالنصب ، والتقدير كانت أماتهن نجائب منذر ، وكان طرقهن فحلا . وقيل : الفحيل كالفحل ; عن كراع . وأفحله فحلا : أعاره إياه يضرب في إبله . وقال اللحياني : فحل فلانا بعيرا وأفحله إياه وافتحله أي أعطاه . والاستفحال : شيء يفعله أعلاج كابل ، إذا رأوا رجلا جسيما من العرب خلوا بينه وبين نسائهم رجاء أن يولد فيهم مثله ، وهو من ذلك . وكبش فحيل : يشبه الفحل من الإبل في عظمه ونبله . وفي حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما : أنه بعث رجلا يشتري له أضحية فقال : اشتره فحلا فحيلا ; أراد بالفحل غير خصي ، وبالفحيل ما ذكرناه ، وروي عن الأصمعي في قوله فحيلا : هو الذي يشبه الفحولة في عظم خلقه ونبله ، وقيل : هو المنجب في ضرابه ; وأنشد بيت الراعي ، قال : وقال أبو عبيد : والذي يراد من الحديث أنه اختار الفحل على الخصي والنعجة وطلب جماله ونبله . وفي الحديث : لم يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، يريد فحل الإبل إذا علا ناقة دونه أو فوقه في الكرم والنجابة فإنهم يضربونه على ذلك ويمنعونه منه . وفي حديث عمر : لما قدم الشام تفحل له أمراء الشام أي أنهم تلقوه متبذلين غير متزينين ; مأخوذ من الفحل ضد الأنثى لأن التزين والتصنع في الزي من شأن الإناث والمتأنثين والفحول لا يتزينون . وفي الحديث : إن لبن الفحل حرم يريد بالفحل الرجل تكون له امرأة ولدت منه ولدا ولها لبن ، فكل من أرضعته من الأطفال بهذا فهو محرم على الزوج وإخوته وأولاده منها ومن غيرها ، لأن اللبن للزوج حيث هو سببه ، وهذا مذهب الجماعة ، وقال ابن المسيب والنخعي : لا يحرم ، وسنذكره في حرف النون . الأزهري : استفحل أمر العدو إذا قوي واشتد ، فهو مستفحل ، والعرب تسمي سهيلا الفحل تشبيها له بفحل الإبل وذلك لاعتزاله عن النجوم وعظمه ، وقال غيره : وذلك لأن الفحل إذا قرع الإبل اعتزلها ; ولذلك قال ذو الرمة :


وقد لاح للساري سهيل كأنه     قريع هجان دس منه المساعر



الليث : يقال للنخل الذكر الذي يلقح به حوائل النخل فحال ، الواحدة فحالة ; قال ابن سيده : الفحل والفحال ذكر النخل ، وهو ما كان من ذكوره فحلا لإناثه ; وقال :


يطفن بفحال كأن ضبابه     بطون الموالي يوم عيد تغدت



قال : ولا يقال لغير الذكر من النخل فحال ; وقال أبو حنيفة عن أبي عمرو : لا يقال فحل إلا في ذي الروح ، وكذلك قال أبو نصر قال أبو حنيفة : والناس على خلاف هذا . واستفحلت النخل : صارت فحالا . ونخلة مستفحلة : لا تحمل ; عن اللحياني ، الأزهري عن أبي زيد : ويجمع فحال النخل فحاحيل ، ويقال للفحال فحل ، وجمعه فحول ، قال أحيحة ابن الجلاح :


تأبري يا خيرة الفسيل     تأبري من حنذ فشول



إذ ضن أهل النخل بالفحول

، الجوهري : ولا يقال فحال إلا في النخل . والفحل : حصير تنسج من فحال النخل ، والجمع فحول . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، دخل على رجل من الأنصار وفي ناحية البيت فحل من تلك الفحول ، فأمر بناحية منه فكنس ورش ثم صلى عليه ; قال الأزهري : قال شمر : قيل للحصير فحل لأنه يسوى من سعف الفحل من النخيل ، فتكلم به على التجوز كما قالوا : فلان يلبس القطن والصوف وإنما هي ثياب تغزل وتتخذ منهما ; قال المرار :


والوحش سارية كأن متونها     قطن تباع شديدة الصقل



أراد كأن متونها ثياب قطن لشدة بياضها ، وسمي الحصير فحلا مجازا . وفي حديث عثمان : أنه قال لا شفعة في بئر ولا فحل والأرف تقطع كل شفعة ; فإنه أراد بالفحل فحل النخل ، وذلك أنه ربما يكون بين جماعة منهم فحل نخل يأخذ كل واحد من الشركاء فيه ، زمن تأبير النخل ، ما يحتاج إليه من الحرق لتأبير النخل ، فإذا باع واحد من الشركاء نصيبه من الفحل بعض الشركاء فيه لم يكن للباقين من الشركاء شفعة في المبيع ، والذي اشتراه أحق به لأنه لا ينقسم والشفعة إنما تجب فيما ينقسم ، وهذا مذهب أهل المدينة وإليه يذهب الشافعي ومالك ، وهو موافق لحديث جابر : إنما جعل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الشفعة فيما لم يقسم فإذا حدت الحدود فلا شفعة ; لأن قوله ، عليه السلام ، فيما لم يقسم دليل على أنه جعل الشفعة فيما ينقسم ، فأما ما لا ينقسم مثل البئر وفحل النخل يباع منهما الشقص بأصله من الأرض فلا شفعة فيه ، لأنه لا ينقسم ; قال : وكان أبو عبيد فسر حديث عثمان تفسيرا لم يرتضه أهل المعرفة فلذلك تركته ولم أحكه بعينه ، قال : وتفسيره على ما بينته ولا يقال له إلا فحال . وفحول الشعراء : هم الذين غلبوا بالهجاء من هاجاهم مثل جرير والفرزدق وأشباههما وكذلك كل من عارض شاعرا فغلب عليه ، مثل علقمة بن عبدة وكان يسمى فحلا ، لأنه عارض امرأ القيس في قصيدته التي يقول في أولها :


خليلي مرا بي على أم جندب



بقوله في قصيدته :


ذهبت من الهجران في غير مذهب



وكل واحد منهما يعارض صاحبه في نعت فرسه ففضل علقمة عليه ولقب الفحل ، وقيل : سمي علقمة الشاعر الفحل لأنه تزوج بأم جندب حين طلقها امرؤ القيس لما غلبته عليه في الشعر . والفحول : الرواة الواحد فحل . وتفحل أي تشبه بالفحل . واستفحل الأمر أي تفاقم . وامرأة فحلة : سليطة . وفحل والفحلاء : موضعان . وفحلان : جبلان صغيران ; قال الراعي :


هل تونسون بأعلى عاسم ظعنا     وركن فحلين واستقبلن ذا بقر ؟



وفي الحديث ذكر فحل ، بكسر الفاء وسكون الحاء ، موضع بالشام كانت به وقعة المسلمين مع الروم ; ومنه يوم فحل ، وفيه ذكر فحلين ، [ ص: 137 ] على التثنية ، موضع في جبل أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية