صفحة جزء
[ فرط ]

فرط : الفارط : المتقدم السابق ، فرط يفرط فروطا . قال أعرابي للحسن : يا أبا سعيد ، علمني دينا وسوطا ، لا ذاهبا فروطا ، ولا ساقطا سقوطا أي دينا متوسطا لا متقدما بالغلو ولا متأخرا بالتلو قال له الحسن : أحسنت يا أعرابي ! خير الأمور أوساطها . وفرط غيره ; أنشد ثعلب :


يفرطها عن كبة الخيل مصدق كريم وشد ليس فيه تخاذل



أي يقدمها . وفرط إليه رسوله : قدمه وأرسله . وفرطه في الخصومة : جرأه . وفرط القوم يفرطهم فرطا وفراطة : تقدمهم إلى الورد لإصلاح الأرشية والدلاء ومدر الحياض والسقي فيها . وفرطت القوم أفرطهم فرطا أي سبقتهم إلى الماء ، فأنا فارط وهم الفراط ; قال القطامي :


فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا     كما تقدم فراط لوراد



وفي الحديث : أنه قال بطريق مكة : من يسبقنا إلى الأثاية فيمدر حوضها ويفرط فيه فيملؤه حتى نأتيه أي يكثر من صب الماء فيه . وفي حديثسراقة : الذي يفرط في حوضه أي يملؤه ; ومنه قصيد كعب :


تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه



أي ملأه ، وقيل : أفرطه هاهنا بمعنى تركه . والفارط والفرط ، بالتحريك : المتقدم إلى الماء يتقدم الواردة فيهيئ لهم الأرسان والدلاء ويملأ الحياض ويستقي لهم ، وهو فعل بمعنى فاعل مثل تبع بمعنى تابع ; ومنه قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنا فرطكم على الحوض أي أنا متقدمكم إليه ; رجل فرط وقوم فرط ورجل فارط وقوم فراط ; قال :


فأثار فارطهم غطاطا جثما     أصواتها كتراطن الفرس



ويقال : فرطت القوم وأنا أفرطهم فروطا إذا تقدمتهم ، وفرطت غيري : قدمته ، والفرط : اسم للجمع . وفي الحديث : أنا والنبيون فراط لقاصفين ، جمع فارط أي متقدمون إلى الشفاعة ، وقيل : إلى الحوض ، والقاصفون : المزدحمون . وفي حديث ابن عباس قال لعائشة ، رضي الله عنهم : تقدمين على فرط صدق ; يعني رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر ، رضي الله عنه ، وأضافهما إلى صدق وصفا لهما ومدحا ; وقوله :


إن لها فوارسا وفرطا



يجوز أن يكون من الفرط الذي يقع على الواحد والجمع ، وأن يكون من الفرط الذي هو اسم لجمع فارط ، وهذا أحسن لأن قبله فوارسا فمقابلة الجمع باسم الجمع أولى لأنه في قوة الجمع . والفرط : الماء المتقدم لغيره من الأمواه . والفراطة : الماء يكون شرعا بين عدة أحياء من سبق إليه فهو له ، وبئر فراطة كذلك . ابن الأعرابي : الماء بينهم فراطة أي مسابقة . وهذا ماء فراطة بين بني فلان وبني فلان ، ومعناه أيهم سبق إليه سقى ولم يزاحمه الآخرون . الصحاح : الماء الفراط الذي يكون لمن سبق إليه من الأحياء . وفراط القطا : متقدماتها إلى الوادي والماء ; قال نقادة الأسدي :


ومنهل وردته التقاطا     لم أر إذ وردته فراطا
إلا الحمام الورق والغطاطا



وفرطت البئر إذا تركتها حتى يثوب ماؤها ; قال ذلك شمر ; وأنشد في صفة بئر :


وهي إذا ما فرطت عقد الوذم     ذات عقاب همش وذات طم



يقول : إذا أجمت هذه البئر قدر ما يعقد وذم الدلو ثابت بماء كثير . والعقاب : ما يثوب لها من الماء ، جمع عقب ; وأما قول عمرو بن معديكرب :


أطلت فراطهم حتى إذا ما     قتلت سراتهم كانت قطاط



أي أطلت إمهالهم والتأني بهم إلى أن قتلتهم . والفرط : ما تقدمك من أجر وعمل . وفرط الولد : صغاره ما لم يدركوا ، وجمعه أفراط ، وقيل : الفرط يكون واحدا وجمعا . وفي الدعاء للطفل الميت : اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا حتى نرد عليه . وفرط فلان ولدا وافترطهم : ماتوا صغارا . وافترط الولد : عجل موته ; عن ثعلب . وأفرطت المرأة أولادا : قدمتهم . قال شمر : سمعت أعرابية فصيحة تقول : افترطت ابنين . وافترط فلان فرطا له أي أولادا لم يبلغوا الحلم . وأفرط فلان ولدا إذا مات له ولد صغير قبل أن يبلغ الحلم . وافترط فلان أولادا أي قدمهم . والإفراط : أن تبعث رسولا مجردا خاصا في حوائجك . وفارطت القوم مفارطة وفراطا أي سابقتهم وهم يتفارطون ; قال بشر :


إذا خرجت أوائلهن شعثا     مجلحة نواصيها قتام
ينازعن الأعنة مصغيات     كما يتفارط الثمد الحمام



ويروى : الحيام . وفلان لا يفترط إحسانه وبره أي لا يفترص ولا يخاف فوته ; وقول أبي ذؤيب :


وقد أرسلوا فراطهم فتأثلوا     قليبا سفاها كالإماء القواعد



يعني بالفراط المتقدمين لحفر القبر ، وكله من التقدم والسبق . وفرط إليه مني كلام وقول : سبق ; وفي الدعاء : على ما فرط مني أي سبق وتقدم . وتكلم فلان فراطا أي سبقت منه كلمة . وفرطته : تركته وتقدمته ; وقول ساعدة بن جؤية :

[ ص: 163 ]

معه سقاء لا يفرط حمله     صفن وأخراص يلحن ومسأب



أي لا يترك حمله ولا يفارقه . وفرط عليه في القول يفرط : أسرف وتقدم . وفي التنزيل العزيز : إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى والفرط : الظلم والاعتداء . قال الله تعالى : وكان أمره فرطا وأمره فرط أي متروكا . وقوله تعالى : وكان أمره فرطا أي متروكا ترك فيه الطاعة وغفل عنها ، ويقال : إياك والفرط في الأمر ; وفي حديث سطيح :

إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم

أي تركهم وزال عنهم . وقال أبو الهيثم : أمر فرط أي متهاون به مضيع ; وقال الزجاج : وكان أمره فرطا أي كان أمره التفريط وهو تقديم العجز ، وقال غيره : وكان أمره فرطا أي ندما ، ويقال سرفا . وفي حديث علي ، رضوان الله عليه : لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا ; هو بالتخفيف المسرف في العمل ، وبالتشديد المقصر فيه ; ومنه الحديث : أنه نام عن العشاء حتى تفرطت أي فات وقتها قبل أدائها . وفي حديث توبة كعب : حتى أسرعوا وتفارط الغزو أي فات وقته . وأمر فرط أي مجاوز فيه الحد ; ومنه قوله تعالى : وكان أمره فرطا . وفرط في الأمر يفرط فرطا أي قصر فيه وضيعه حتى فات ، وكذلك التفريط . والفرط : الفرس السريعة التي تتفرط الخيل أي تتقدمها . وفرس فرط : سريعة سابقة ; قال لبيد :


ولقد حميت الحي تحمل شكتي     فرط وشاحي إذ غدوت لجامها



وافترط إليه في هذا الأمر : تقدم وسبق . والفرطة ، بالضم : اسم للخروج والتقدم ، والفرطة ، بالفتح : المرة الواحدة منه مثل غرفة وغرفة وحسوة وحسوة ; ومنه قول أم سلمة لعائشة : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نهاك عن الفرطة في البلاد . غيره : وفي حديث أم سلمة قالت لعائشة ، رضي الله عنهما : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، نهاك عن الفرطة في الدين ; يعني السبق والتقدم ومجاوزة الحد . وفلان مفترط السجال إلى العلا أي له فيه قدمة ; وأنشد :


ما زلت مفترط السجال إلى العلا     في حوض أبلج تمدر الترنوقا



ومفارط البلد : أطرافه ; وقال أبو زبيد :


وسموا بالمطي والذبل الصم     لعمياء في مفارط بيد



وفلان ذو فرطة في البلاد إذا كان صاحب أسفار كثيرة . ابن الأعرابي : يقال ألقاه وصادفه وفارطه وفالطه ولاقطه كله بمعنى واحد . وقال بعض الأعراب : فلان لا يفترط إحسانه وبره أي لا يفترص ولا يخاف فوته . والفارطان : كوكبان متباينان أمام سرير بنات نعش يتقدمانها . وأفراط الصباح : أول تباشيره لتقدمها وإنذارها بالصبح ، واحدها فرط ; وأنشد لرؤبة :


باكرته قبل الغطاط اللغط     وقبل أفراط الصباح الفرط



والإفراط : الإعجال والتقدم . وأفرط في الأمر : أسرف وتقدم . والفرط : الأمر يفرط فيه ، وقيل : هو الإعجال ، وقيل : الندم . وفرط عليه يفرط : عجل عليه وعدا وآذاه . وفرط : توانى ونسي . والفرط : العجلة . وقال الفراء في قوله تعالى : إننا نخاف أن يفرط علينا قال : يعجل إلى عقوبتنا . والعرب تقول : فرط منه أي بدر وسبق . والإفراط : إعجال الشيء في الأمر قبل التثبت . يقال : أفرط فلان في أمره أي عجل فيه ، وأفرطه أي أعجله وأفرطت السقاء ملأته ، والسحابة تفرط الماء في أول الوسمي أي تعجله وتقدمه . وأفرطت السحابة بالوسمي : عجلت به ، قال سيبويه : وقالوا فرطت إذا كنت تحذره من بين يديه شيئا أو تأمره أن يتقدم ، وهي من أسماء الفعل الذي لا يتعدى . وفرط الشهوة والحزن : غلبتهما . وأفرط عليه : حمله فوق ما يطيق . وكل شيء جاوز قدره ، فهو مفرط . يقال : طول مفرط وقصر مفرط . والإفراط : الزيادة على ما أمرت . وأفرطت المزادة : ملأتها . ويقال : غدير مفرط أي ملآن ; وأنشد ابن بري :


يرجع بين خرم مفرطات     صواف لم يكدرها الدلاء



وأفرط الحوض والإناء : ملأه حتى فاض ; قال ساعدة بن جؤية :


فأزال ناصحها بأبيض مفرط     من ماء ألهاب بهن التألب



أي مزجها بماء غدير مملوء ; وقول أبي وجزة :


لاع يكاد خفي الزجر يفرطه     مسترفع لسرى الموماة هياج



يفرطه : يملؤه روعا حتى يذهب به .

والفرط ، بفتح الفاء : الجبل الصغير ، وجمعه فرط ; عن كراع . الجوهري : والفرط واحد الأفراط ، وهي آكام شبيهات بالجبال . يقال : البوم تنوح على الأفراط ; عن أبي نصر ; وقال وعلة الجرمي :


سائل مجاور جرم هل جنيت لهم     حربا تفرق بين الجيرة الخلط ؟
وهل سموت بجرار له لجب     جم الصواهل بين السهل والفرط



والفرط : سفح الجبال وهو الجر ; عن اليزيدي ; قال حسان :


ضاق عنا الشعب إذ نجزعه     وملأنا الفرط منكم والرجل



وجمعه أفراط ; قال امرؤ القيس :


وقد ألبست أفراطها ثني غيهب



والفرط : العلم المستقيم يهتدى به . والفرط : رأس الأكمة وشخصها ، وجمعه أفراط وأفرط ; قال ابن براقة :


إذا الليل أدجى واكفهرت نجومه     وصاح من الأفراط بوم جواثم



وقيل : الأفراط هاهنا تباشير الصبح لأن الهام تزقو عند ذلك ، قال : والأول أولى ، ونسب ابن بري هذا البيت للأجدع الهمداني وقال : أراد كأن الهام لما أحست بالصباح صرخت . وأفرطت في القول أي أكثرت . وفرط في الشيء وفرطه : ضيعه وقدم العجز فيه . وفي التنزيل العزيز : أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله أي [ ص: 164 ] مخافة أن تصيروا إلى حال الندامة للتفريط في أمر الله ، والطريق الذي هو طريق الله الذي دعا إليه ، وهو توحيد الله والإقرار بنبوة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، قال صخر الغي :


ذلك بزي فلن أفرطه     أخاف أن ينجزوا الذي وعدوا



يقول : لا أخلفه فأتقدم عنه ; وقال ابن سيده : يقول لا أضيعه ، وقيل : معناه لا أقدمه وأتخلف عنه . والفرط : الأمر الذي يفرط فيه صاحبه أي يضيع . وفرط في جنب الله : ضيع ما عنده فلم يعمل له . وتفارطت الصلاة عن وقتها : تأخرت . وفرط الله عنه ما يكره أي نحاه ، وقلما يستعمل إلا في الشعر ; قال مرقش :


يا صاحبي تلبثا لا تعجلا     وقفا بربع الدار كيما تسألا
فلعل بطأكما يفرط سيئا     أو يسبق الإسراع خيرا مقبلا



والفرط : الحين . يقال : إنما آتيه الفرط وفي الفرط ، وأتيته فرط أشهر أي بعدها ; قال لبيد :


هل النفس إلا متعة مستعارة     تعار فتأتي ربها فرط أشهر



وقيل : الفرط أن تأتيه في الأيام ولا تكون أقل من ثلاثة ولا أكثر من خمس عشرة ليلة . ابن السكيت : الفرط أن يقال آتيك فرط يوم أو يومين . والفرط : اليوم بين اليومين . أبو عبيد : الفرط أن تلقى الرجل بعد أيام . يقال : إنما تلقاه في الفرط ، ويقال : لقيته في الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين . وفي حديث ضباعة : كان الناس إنما يذهبون فرط يوم أو يومين فيبعرون كما تبعر الإبل أي بعد يومين . وقال بعض العرب : مضيت فرط ساعة ولم أومن أن أنفلت ، فقيل له : ما فرط ساعة ؟ فقال : كمذ أخذت في الحديث ، فأدخل الكاف على مذ ، وقوله ولم أومن أي لم أثق ولم أصدق أني أنفلت . وتفارطته الهموم : أتته في الفرط ، وقيل : تسابقت إليه . وفرط : كف عنه وأمهله . وفرطت الرجل إذا أمهلته . والفراط : الترك . وما أفرط منهم أحدا أي ما ترك . وما أفرطت من القوم أحدا أي ما تركت . وأفرط الشيء : نسيه . وفي التنزيل : وأنهم مفرطون قال الفراء : معناه منسيون في النار ، وقيل : منسيون مضيعون متروكون ، قال : والعرب تقول أفرطت منهم ناسا أي خلفتهم ونسيتهم ، قال : ويقرأ ( مفرطون ) ، يقال : كانوا مفرطين على أنفسهم في الذنوب ، ويروى مفرطون كقوله تعالى : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله يقول : فيما تركت وضيعت .

التالي السابق


الخدمات العلمية