صفحة جزء
[ فصد ]

فصد : الفصد : شق العرق ; فصده يفصده فصدا وفصادا ، فهو مفصود وفصيد . وفصد الناقة : شق عرقها ليستخرج دمه فيشربه . وقال الليث : الفصد قطع العروق . وافتصد فلان إذا قطع عرقه ففصد ، وقد فصدت وافتصدت . ومن أمثالهم في الذي يقضى له بعض حاجته دون تمامها : لم يحرم من فصد له ، بإسكان الصاد ، مأخوذ من الفصيد الذي كان يصنع في الجاهلية ويؤكل ، يقول : كما يتبلغ المضطر بالفصيد فاقنع أنت بما ارتفع من قضاء حاجتك وإن لم تقض كلها . ابن سيده : وفي المثل : لم يحرم من فصد له ، ويروى : لم يحرم من فزد له أي فصد له البعير ، ثم سكنت الصاد تخفيفا ، كما قالوا في ضرب : ضرب ، وفي قتل : قتل ; كقول أبي النجم :


لو عصر منه البان والمسك انعصر



فلما سكنت الصاد وضعفت ضارعوا بها الدال التي بعدها بأن قلبوها إلى أشبه الحروف بالدال من مخرج الصاد ، وهو الزاي لأنها مجهورة كما أن الدال مجهورة ، فقالوا : فزد ، فإن تحركت الصاد هنا لم يجز البدل فيها ، وذلك نحو صدر وصدف لا تقول فيه زدر ولا زدف ، وذلك أن الحركة قوت الحرف وحصنته فأبعدته من الانقلاب ، بل قد يجوز فيها إذا تحركت إشمامها رائحة الزاي ، فأما أن تخلص زايا وهي متحركة كما تخلص وهي ساكنة فلا ، وإنما تقلب الصاد زايا وتشم رائحتها إذا وقعت قبل الدال ، فإن وقعت قبل غيرها لم يجز ذلك فيها ، وكل صاد وقعت قبل الدال فإنه يجوز أن تشمها رائحة الزاي إذا تحركت ، وأن تقلبها زايا محضا إذا سكنت ، وبعضهم يقول : قصد له ، بالقاف أي من أعطي قصدا أي قليلا ، وكلام العرب بالفاء ، قال يعقوب : والمعنى لم يحرم من أصاب بعض حاجته ، وإن لم ينلها كلها ، وتأويل هذا أن الرجل كان يضيف الرجل في شدة الزمان فلا [ ص: 187 ] يكون عنده ما يقريه ، ويشح أن ينحر راحلته فيفصدها فإذا خرج الدم سخنه للضيف إلى أن يجمد ويقوى فيطعمه إياه فجرى المثل في هذا فقيل : لم يحرم من فزد له أي لم يحرم القرى من فصدت له الراحلة فحظي بدمها ، يستعمل ذلك فيمن طلب أمرا فنال بعضه . والفصيد : دم كان يوضع في الجاهلية في معى من فصد عرق البعير ويشوى ، وكان أهل الجاهلية يأكلونه ويطعمونه الضيف في الأزمة . ابن كثوة : الفصيدة تمر يعجن ويشاب بشيء من دم وهو دواء يداوى به الصبيان ، قاله في تفسير قولهم : ما حرم من فصد له . وفي حديث أبي رجاء العطاردي أنه قال : لما بلغنا أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أخذ في القتل هربنا فاستثرنا شلو أرنب دفينا وفصدنا عليها فلا أنسى تلك الأكلة ; قوله : فصدنا عليها ; يعني الإبل وكانوا يفصدونها ويعالجون ذلك الدم ويأكلونه عند الضرورة أي فصدنا على شلو الأرنب بعيرا ، وأسلنا عليه دمه وطبخناه وأكلنا . وأفصد الشجر وانفصد : انشقت عيون ورقه وبدت أطرافه . والمنفصد : السائل وكذلك المتفصد . يقال : تفصد جبينه عرقا ، إنما يريدون تفصد عرق جبينه ، وكذلك هذا الضرب من التمييز إنما هو في نية الفاعل . وانفصد الشيء وتفصد : سال . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان إذا نزل عليه الوحي تفصد عرقا . يقال : هو يتفصد عرقا ويتبضع عرقا أي يسيل عرقا . معناه أي سال عرقه تشبيها في كثرته بالفصاد ، وعرقا منصوب على التمييز . وقال ابن شميل : رأيت في الأرض تفصيدا من السيل أي تشققا وتخددا . وقال أبو الدقيش : التفصيد أن ينقع بشيء من ماء قليل . ويقال : فصد له عطاء أي قطع له وأمضاه يفصده فصدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية