صفحة جزء
[ فكك ]

فكك : الليث : يقال فككت الشيء فانفك بمنزلة الكتاب المختوم تفك خاتمه كما تفك الحنكين تفصل بينهما . وفككت الشيء : خلصته . وكل مشتبكين فصلتهما فقد فككتهما ، وكذلك التفكيك . ابن سيده : فك الشيء يفكه فكا فانفك فصله . وفك الرهن يفكه فكا وافتكه : بمعنى خلصه . وفكاك الرهن وفكاكه ، بالكسر : ما فك به . الأصمعي : الفك أن تفك الخلخال والرقبة . وفك يده فكا إذا أزال المفصل ، يقال : أصابه فكك ; قال رؤبة :


هاجك من أروى كمنهاض الفكك



وفك الرقبة : تخليصها من إسار الرق . وفك الرهن وفكاكه وفكاكه : تخليصه من غلق الرهن . ويقال : هلم فكاك فكاك رهنك . وكل شيء أطلقته فقد فككته . وفلان يسعى في فكاك رقبته ، وانفكت رقبته من الرق ، وفك الرقبة يفكها فكا : أعتقها ، وهو من ذلك لأنها فصلت من الرق . وفي الحديث : أعتق النسمة وفك الرقبة ، تفسيره في الحديث : أن عتق النسمة أن ينفرد بعتقها ، وفك الرقبة : أن يعين في عتقها وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض . وفك الأسير فكا وفكاكة : فصله من الأسر . والفكاك والفكاك : ما فك به . وفي الحديث : عودوا المريض وفكوا العاني أي أطلقوا الأسير ، ويجوز أن يريد به العتق . وفككت يده فكا ، وفك يده : فتحها عما فيها . والفك في اليد : دون الكسر . وسقط فلان فانفكت قدمه أو إصبعه إذا انفرجت وزالت . والفكك : انفساخ القدم ; وأنشد قول رؤبة : كمنهاض الفكك ; قال الأصمعي : إنما هو الفك من قولك فكه يفكه فكا ، فأظهر التضعيف ضرورة . وفي الحديث : أنه ركب فرسا فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدمه ; الانفكاك : ضرب من الوهن والخلع ، وهو أن ينفك بعض أجزائها عن بعض . والفكك ; وفي المحكم : والفك انفراج المنكب عن مفصله استرخاء وضعفا ; وأنشد الليث :


أبد يمشي مشية الأفك



ويقال : في فلان فكة أي استرخاء في رأيه ; قال أبو قيس بن الأسلت :


الحزم والقوة خير من ال     إشفاق والفكة والهاع



ورجل أفك المنكب وفيه فكة أي استرخاء وضعف في رأيه . والأفك : الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفا واسترخاء تقول منه : ما كنت أفك ولقد فككت تفك فككا . والفكة أيضا : الحمق مع استرخاء . ورجل فاك : أحمق بالغ الحمق ويتبع فيقال : فاك تاك ، والجمع فككة وفكاك ; عن ابن الأعرابي . وقد فككت وفككت وقد حمقت وفككت ، وبعضهم يقول فككت ، ويقال : ما كنت فاكا ولقد فككت ، بالكسر ، تفك فكة . وفلان يتفكك إذا لم يكن به تماسك من حمق . وقال النضر : الفاك المعيي هزالا . ناقة فاكة وجمل فاك ، والفاك : الهرم من الإبل والناس ، فك يفك فكا وفكوكا . وشيخ فاك إذا انفرج لحياه من الهرم . ويقال للشيخ الكبير : قد فك وفرج ; يريد فرج لحييه ، وذلك في الكبر إذا هرم . وفككت الصبي : جعلت الدواء في فيه . وحكى يعقوب : شيخ فاك وتاك ، جعله بدلا ولم يجعله إتباعا ; قال : وقال الحصيني : أحمق فاك وهاك ، وهو الذي يتكلم بما يدري وما لا يدري ، وخطؤه أكثر من صوابه ، وهو فكاك هكاك . والفك : اللحي . والفكان : اللحيان ، وقيل : مجتمع اللحيين عند الصدغ من أعلى وأسفل يكون من الإنسان والدابة . قال أكثم بن صيفي : مقتل الرجل بين فكيه ; يعني لسانه . وفي التهذيب : الفكان ملتقى الشدقين من الجانبين . والفك : مجتمع الخطم . والأفك : هو مجمع الخطم ، وهو مجمع الفكين على تقدير أفعل . وفي النوادر : أفك الظبي من الحبالة إذا وقع فيها ثم انفلت . ومثله : أفسح الظبي من الحبالة . والفكك : انكسار الفك أو زواله . ورجل أفك : مكسور الفك ، وانكسر أحد فكيه أي لحييه ; وأنشد :


كأن بين فكها والفك     فأرة مسك ذبحت في سك



والفكة : نجوم مستديرة بحيال بنات نعش خلف السماك الرامح تسميها الصبيان قصعة المساكين ، وسميت قصعة المساكين لأن في جانبها ثلمة ، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء . ويقال : ناقة متفككة إذا أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها ودنا نتاجها ، شبهت بالشيء يفك فيتفكك أي يتزايل وينفرج ، وكذلك ناقة مفكة قد أفكت ، وناقة مفكهة ومفكه بمعناها ، قال : وذهب بعضهم بتفكك الناقة إلى شدة ضبعتها ; وروى الأصمعي :


أرغثتهم ضرعها الدن     يا وقامت تتفكك


انفشاح الناب للسق     ب متى ما يدن تحشك



أبو عبيد : المتفككة من الخيل الوديق التي لا تمتنع عن الفحل . وما انفك فلان قائما أي ما زال قائما . وقوله عز وجل : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة قال الزجاج : المشركين في موضع نسق على أهل الكتاب ، المعنى لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين ، وقوله : منفكين حتى تأتيهم البينة أي لم يكونوا منفكين من كفرهم أي منتهين عن كفرهم ، وهو قول مجاهد ، وقال الأخفش : منفكين زائلين عن كفرهم ، وقال مجاهد : لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبين لهم الحق ، وقال أبو عبد الله نفطويه : معنى قوله : ( منفكين ) يقول لم يكونوا مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أبينت لهم في التوراة من صفة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ونبوته ; وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه الماضي ، وأكد ذلك فقال تعالى : وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ومعناه أن فرق أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا مقرين [ ص: 212 ] قبل مبعث محمد ، صلى الله عليه وسلم ، أنه مبعوث ، وكانوا مجتمعين على ذلك ، فلما بعث تفرقوا فرقتين كل فرقة تنكره ، وقيل : معنى وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم أنه لم يكن بينهم اختلاف في أمره ، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحرفوا وبدلوا ما في كتابهم من صفته ونبوته ; قال الفراء : قد يكون الانفكاك على جهة يزال ، ويكون على الانفكاك الذي نعرفه ، فإذا كان على جهة يزال فلا بد لها من فعل وأن يكون معناها جحدا ، فتقول ما انفككت أذكرك ، تريد ما زلت أذكرك ، وإذا كانت على غير جهة يزال قلت قد انفككت منك ، وانفك الشيء من الشيء فتكون بلا جحد وبلا فعل ; قال ذو الرمة :


قلائص لا تنفك إلا مناخة     على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا



فلم يدخل فيها إلا : إلا ، وهو ينوي به التمام ، وخلاف يزال لأنك لا تقول ما زلت إلا قائما . وأنشد الجوهري هذا البيت حراجيج ما تنفك ; وقال : يريد ما تنفك مناخة فزاد إلا ، قال ابن بري : الصواب أن يكون خبر تنفك قوله على الخسف ، وتكون إلا مناخة نصبا على الحال ، تقديره ما تنفك على الخسف والإهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح ; قال الأزهري : وقول الله تعالى : ( منفكين ) ليس من باب ما انفك وما زال ، إنما هو من انفكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه ، كما فسره ابن عرفة ، والله أعلم . وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال : فك فلان أي خلص وأريح من الشيء ، ومنه قوله تعالى : ( منفكين ) قال : معناه لم يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به .

التالي السابق


الخدمات العلمية