صفحة جزء
[ فلت ]

فلت : أفلتني الشيء ، وتفلت مني ، وانفلت ، وأفلت فلان فلانا : خلصه . وأفلت الشيء وتفلت وانفلت ، بمعنى ; وأفلته غيره . وفي الحديث : تدارسوا القرآن ، فلهو أشد تفلتا من الإبل من عقلها . التفلت والإفلات والانفلات : التخلص من الشيء فجأة ، من غير تمكث ; ومنه الحديث : أن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة أي تعرض لي في صلاتي فجأة . وفي الحديث : أن رجلا شرب خمرا فسكر ، فانطلق به إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فلما حاذى دار العباس ، انفلت فدخل عليه ، فذكر ذلك له فضحك ، وقال : أفعلها ؟ ولم يأمر فيه بشيء . ومنه الحديث : فأنا آخذ بحجزكم ، وأنتم تفلتون من يدي أي تتفلتون ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا . ويقال : أفلت فلان بجريعة الذقن ; يضرب مثلا للرجل يشرف على هلكة ، ثم يفلت كأنه جرع الموت جرعا ، ثم أفلت منه . والإفلات : يكون بمعنى الانفلات ، لازما ، وقد يكون واقعا . يقال : أفلته من الهلكة أي خلصته ; وأنشد ابن السكيت :


وأفلتني منها حماري وجبتي جزى الله خيرا جبتي وحماريا



أبو زيد ، من أمثالهم في إفلات الجبان : أفلتني جريعة الذقن ; إذا كان قريبا كقرب الجرعة من الذقن ، ثم أفلته . قال أبو منصور : معنى أفلتني أي انفلت مني . ابن شميل : يقال ليس لك من هذا الأمر فلت أي لا تنفلت منه . وقد أفلت فلان من فلان ، وانفلت ومر بنا بعير ، منفلت ولا يقال : مفلت . وفي الحديث عن أبي موسى : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة . قوله : لم يفلته أي لم [ ص: 214 ] ينفلت منه ويكون معنى لم يفلته ، لم يفلته أحد أي لم يخلصه شيء . وتفلت إلى الشيء وأفلت : نازع . والفلتان : المتفلت إلى الشر ، وقيل : الكثير اللحم . والفلتان السريع ، والجمع فلتان ، عن كراع . وفرس فلتان أي نشيط ، حديد الفؤاد ، مثل الصلتان . التهذيب : الفلتان والصلتان من التفلت والانفلات ، يقال ذلك للرجل الشديد الصلب . ورجل فلتان : نشيط ، حديد الفؤاد . ورجل فلتان أي جريء ، وامرأة فلتانة . وافتلت الشيء : أخذه في سرعة ، قال قيس بن ذريح :


إذا افتلتت منك النوى ذا مودة     حبيبا بتصداع من البين ذي شعب


أذاقتك مر العيش أو مت حسرة     كما مات مسقي الضياح على الألب



وكان ذلك فلتة أي فجأة . يقال : كان ذلك الأمر فلتة أي فجأة ، إذا لم يكن عن تدبر ولا تردد . والفلتة : الأمر يقع من غير إحكام . وفي حديث عمر : أن بيعة أبي بكر كانت فلتة ; وقى الله شرها . قال ابن سيده : قال أبو عبيد : أراد فجأة ، وكانت كذلك لأنها لم ينتظر بها العوام ، إنما ابتدرها أكابر أصحاب سيدنا محمد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من المهاجرين وعامة الأنصار ، إلا تلك الطيرة التي كانت من بعضهم ثم أصفق الكل له بمعرفتهم أن ليس لأبي بكر ، رضي الله عنه ، منازع ولا شريك في الفضل ، ولم يكن يحتاج في أمره إلى نظر ولا مشاورة ; وقال الأزهري : إنما معنى فلتة البغتة ، قال : وإنما عوجل بها مبادرة لانتشار الأمر حتى لا يطمع فيها من ليس لها بموضع ; وقال حصيب الهذلي :


كانوا خبيئة نفسي فافتلتهم     وكل زاد خبيء قصره النفد



قال : افتلتهم أخذوا مني فلتة . زاد خبيء : يضن به . وقال ابن الأثير في تفسير حديث عمر ، رضي الله عنه ، قال : أراد بالفلتة الفجأة ، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيجة للشر والفتنة ، فعصم الله تعالى من ذلك ووقى . قال : والفلتة كل شيء فعل من غير روية ، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر ; وقيل : أراد بالفلتة الخلسة أي أن الإمامة يوم السقيفة مالت الأنفس إلى توليها ولذلك كثر فيها التشاجر ، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا ، وقيل : الفلتة هنا مشتقة من الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم ، فيختلفون فيها أمن الحل هي أم من الحرم ؟ فيسارع الموتور إلى درك الثأر فيكثر الفساد وتسفك الدماء ; فشبه أيام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بالأشهر الحرم ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر ، من ارتداد العرب ، وتوقف الأنصار عن الطاعة ، ومنع من منع الزكاة ، والجري على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها . والفلتة : آخر ليلة من الشهر . وفي الصحاح : آخر ليلة من كل شهر ; وقيل : الفلتة آخر يوم من الشهر الذي بعده الشهر الحرام ، كآخر يوم من جمادى الآخرة ، وذلك أن يرى فيه الرجل ثأره فربما توانى فيه فإذا كان الغد دخل الشهر الحرام ففاته . قال أبو الهيثم : كان للعرب في الجاهلية ساعة يقال لها : الفلتة ، يغيرون فيها ، وهي آخر ساعة من آخر يوم من أيام جمادى الآخرة ، يغيرون تلك الساعة ، وإن كان هلال رجب قد طلع تلك الساعة لأن تلك الساعة من آخر جمادى الآخرة ما لم تغب الشمس ; وأنشد :


والخيل ساهمة الوجوه     كأنما يقمصن ملحا
صادفن منصل ألة     في فلتة فحوين سرحا



وقيل : ليلة فلتة ، هي التي ينقص بها الشهر ويتم ، فربما رأى قوم الهلال ولم يبصره آخرون ، فيغير هؤلاء على أولئك ، وهم غارون ، وذلك في الشهر ; وسميت فلتة لأنها كالشيء المنفلت بعد وثاق ; أنشد ابن الأعرابي :


وغارة بين اليوم والليل فلتة     تداركتها ركضا بسيد عمرد



شبه فرسه بالذئب ; وقال الكميت :


بفلتة بين إظلام وإسفار



والجمع فلتات ، لا يتجاوز بها جمع السلامة . وفي حديث صفة مجلس النبي ، صلى الله عليه وسلم : ولا تنثى فلتاته أي زلاته الفلتات : الزلات ; والمعنى أنه لم يكن في مجلسه فلتات أي زلات فتنثى أي تذكر أو تحفظ وتحكى ، لأن مجلسه كان مصونا عن السقطات واللغو ، وإنما كان مجلس ذكر حسن وحكم بالغة وكلام لا فضول فيه . وافتلتت نفسه : مات فلتة . ابن الأعرابي : يقال للموت الفجأة الموت الأبيض ، والجارف ، واللافت ، والفاتل . يقال : لفته الموت وفتله ، وافتلته ; وهو الموت الفوات والفوات : وهو أخذة الأسف ، وهو الوحي ; والموت الأحمر : القتل بالسيف . والموت الأسود : هو الغرق والشرق . وافتلت فلان ، على ما لم يسم فاعله أي مات فجأة . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : أن رجلا أتاه فقال : يا رسول الله ، إن أمي افتلتت نفسها فماتت ، ولم توص ، أفأتصدق عنها ؟ فقال : نعم ; قال أبو عبيد : افتلتت نفسها ; يعني ماتت فجأة ، ولم تمرض فتوصي ، ولكنها أخذت نفسها فلتة . يقال : افتلته إذا استلبه . وافتلت فلان بكذا أي فوجئ به قبل أن يستعد له . ويروى بنصب النفس ورفعها ; فمعنى النصب افتلتها الله نفسها ، يتعدى إلى مفعولين ، كما تقول اختلسه الشيء واستلبه إياه ، ثم بني الفعل لما لم يسم فاعله ، فتحول المفعول الأول مضمرا ، وبقي الثاني منصوبا ، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأم أي افتلتت هي نفسها ; وأما الرفع فيكون متعديا إلى مفعول واحد أقامه مقام الفاعل ، وتكون التاء للنفس أي أخذت نفسها فلتة ، وكل أمر فعل على غير تلبث وتمكث ، فقد افتلت والاسم الفلتة . وكساء فلوت : لا ينضم طرفاه على لابسه من صغره . وثوب فلوت : لا ينضم طرفاه في اليد ; وقول متمم في أخيه مالك :


عليه الشملة الفلوت



يعني التي لا تنضم بين المزادتين . وفي حديث ابن عمر : أنه شهد فتح مكة ، ومعه جمل جزور وبردة فلوت . قال أبو عبيد : أراد أنها [ ص: 215 ] صغيرة ، لا ينضم طرفاها ، فهي تفلت من يده إذا اشتمل بها . ابن الأعرابي : الفلوت الثوب الذي لا يثبت على صاحبه ، للينه أو خشونته . وفي الحديث : وهو في بردة له فلتة أي ضيقة صغيرة لا ينضم طرفاها ، فهي تفلت من يده إذا اشتمل بها ، فسماها بالمرة من الانفلات ; يقال : برد فلتة وفلوت . وافتلت الكلام واقترحه إذا ارتجله ، وافتلت عليه : قضى الأمر دونه . والفلتان : طائر زعموا أنه يصيد القردة . وأفلت وفليت : اسمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية